تركته لأجلك! – الحلقة 6

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

لم تستطع ناديا السيطرة على انفعالها أمام لوحة نور الثانية والتي كانت على وشك الانتهاء منها مع نهاية دوام ذلك اليوم، وبدا أن اهتمام ناديا قد تحول فجأة لينصب على نور وحدها وكأنها لم تعد ترى غيرها في ذلك المعهد:
– رائع .. مدهش، لقد امسكت زمام الفن السريالي باحتراف يا نور، لا شك أن لديك خيال خصب جدا!! ثم أنه لا يوجد سوى قلة ممن يستطيعون اظهار تفاصيل دقيقة كهذه في الظلام!
أما سوسن فقد جفلت و شعرت بدوامة تكاد تفقدها الوعي للمرة الثالثة في هذا اليوم، وقد هزها مشهد اليد التي رسمتها نور وهي تنازع للخروج من بين ظلمة الأمواج المتلاطمة وسط ليل حالك تلفه الغيوم..
– ما هذا يا إلهي!! أتراها قد اطلعت على كابوس نومي فأتت لتجسده أمامي في كل لحظة!!
ظلام في ظــــلام في ظـــــــــــــلام
ولم يخف على نور ذلك الاثر الذي انطبع على وجه سوسن الجالسة قربها وقد بدأت تدرك جانبا مما يدور بخلدها، فربتت على كتفها هامسة:
– لم انتهي من لوحتي بعد يا عزيزتي، اطمئني فستكون أكثر تفاؤلا بعد قليل إن شاء الله
فنظرت اليها سوسن متسائلة:
– أهذه تجسيد لآية أخرى يا نور؟؟
فأومأت نور برأسها ايجابا:
– ” ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها!”
و كأروع لمسة ريشة من يد أعظم فنان، بزغ نور باهر من وسط تلك الظلمات، ليحيل جو اللوحة إلى معنى آخر وضحته نور بقولها:
– ” ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور!”
ولأول مرة تلاحظ سوسن وجود أيهم قبل أن يفاجئها كعادته وقد تسمرت عيناه على لوحة نور باهتمام خاص، غير أنه سرعان ما تجاهل ذلك كمن يقاوم الاستسلام لأجواء تلك اللوحة خشية أن تفسد عليه أجواءه الخاصة، فطبع قبلة على رأس سوسن هاتفا بمرح:
– هيا يا ملاكي لقد مللت الانتظار..
فما كان من نور إلا أن انسحبت من قربهما بهدوء وأدب خاصة وأن وقت الدوام قد انتهى، ولم يبق في المعهد سواها هي وفتاتين على الأكثر إضافة لسوسن وخطيبها، غير أن ايهم انتبه لها فرمقها بنظرات غريبة وهو يخاطب سوسن بصوت خفيض:
– من هذه الفتاة الغريبة؟؟ لم أتوقع أن معهدكم يستقبل أمثال هذه الأشكال!!
لم يرق لسوسن تلك اللهجة التي تحدث بها أيهم عن نور، فبدا ذلك جليا على وجهها وهي ترد عليه بقولها:
– إنها من أفضل الموجودين هنا بل وقد أصبحت أعز صديقاتي أيضا..
فحملق فيها أيهم بدهشة:
– سوسن ماذا أصابك!! هل حقا ما تقولينه!! هل هذه .. صديقتك!!
فأجابته سوسن بحدة:
– ولم لا!!
فابتسم أيهم محاولا تدارك خطأه الذي أحرجه مع خطيبته، قائلا:
– حسنا يا حبيبتي لا داعي لكل ذلك الانفعال، كنت أمزح فقط فلا تفسدي لحظات لقاءنا هذه..
وأخرج من جيبه بطاقتي دعوة قائلا:
– لقد دعينا لحضور افتتاح المتحف الوطني عصر هذا اليوم..
فنظرت اليه سوسن متسائلة؛ وقد بدأ التعب يلوح أمامها مذكرا فيما إن فكرت ببذل مجهود اضافي هذا اليوم:
– هل يتوجب علينا الحضور؟
فأجابها أيهم:
– انها فرصة لا تفوت يا عزيزتي فسيحضر كبار الشخصيات وحتى الوجهاء و الوزراء، وكما تعلمين فإدارة المتحف يهمها استقطاب كافة المشاهير والنجوم في حدث كهذا، فهذا مما يشجع الجميع على ارتياده، لا سيما وأنهم تكلفوا مبالغ باهظة من أجل انجازه..
فتنهدت سوسن موافقة:
– حسنا، ولكن ألن نذهب لتناول الغداء أولا؟؟ لقد أعدت لك بهجة طبقك المفضل.. كما أن والداي بانتظارك ..
وبحركة مفاجأة، ثبت أيهم يديه حول خاصرتيها و حملها وهو يدور بها بمرح:
– طبعا يا ملاكي..
في حين أخذت تتوسل إليه:
– كفى يا أيهم انزلني أرجوك
ولم تستطع سوسن رفع عينيها عن الأرض من شدة الحرج في حين تأبط أيهم ذراعها باسما:
– هيا بنا يا حبيبتي للمنزل، فما زال أمامنا متسع من الوقت حتى موعد الافتاح..
كانت اللحظات التي تقضيها سوسن مع خطيبها عندما يزورها في منزلها من أجمل لحظات حياتها، فلا أحد هناك ينغص عليهما جلستهما بنظرات حادة أو متلصصة، وكان أيهم يدرك ذلك جيدا غير أن طبيعة نجوميته وشهرته جعلته يعتاد البقاء تحت الأضواء دائما، مما جعله يستوحش البعد عنها..
وعلى أريكة مريحة استرخى أيهم مغمضا عينيه نصف إغماضة بعد وجبة شهية تناولها مع عائلة سوسن، فيما جلست هي قبالته تتأمل قسمات وجهه بمحبة، حتى إذا ما فتح عينيه فجأة صرفت بصرها للجانب الآخر، مما جعله يبتسم قائلا:
– أنت تحبينني يا سوسن، أليس كذلك؟؟
فاحمرت وجنتيها قبل أن تقول بلا مبالاة مصطنعة:
– وما الغريب في ذلك فأنت خطيبي!
وهمت بأن تقول شيئا بدت مترددة فيه ثم آثرت الصمت إذ لم يبد لها الجو مناسبا لذلك، فشجعها أيهم على البوح بما لديها وهو يتناول يديها ويخبؤهما بين كفيه قائلا:
– أخبريني يا سوسن، ما الذي كنت تريدين قوله.. اظنه الشيء الذي كان يزعجك في الصباح، أليس كذلك يا حبيبتي؟
تسارعت نبضات قلب سوسن بشدة، وزاد احمرار وجنتيها، فلأيهم سحر لم تستطع الفكاك من أسره حتى هذه اللحظات، لذا كلما ظنت بأنها تمتلك من القوة ما يمكنها من مواجته بما يزعجها منه، خابت ظنونها أمام سحره الآسر فتخونها الكلمات بل ولا تعد تشعر بأن لها معنى.. إنها تحبه.. بل وتعشقه بجنون.. وتتمنى لو.. لو أنها فقط.. لا تدري كيف تقولها أو تواجهه بها.. فهي لا تريد أن تفكر باقل احتمال قد يجني عليها خسارتها له..
وكم كان يسعد أيهم ذلك منها، فيقينه من حبها له وهيامها وتعلقها الشديد به كان يشعره بنشوة لا حدود لها، كيف لا وقد امتلك قلبا يتمنى الجميع أن يحظى بعطف منه!
مرت لحظات صمت قبل أن يقول أيهم وهو يحاول فك رموز الصراع المرتسم على صفحة وجهها:
– أكل ذلك يا سوسن من أجل ما أعبر به عن حبي لك أمام الآخرين؟؟ أمن أجل تلك الفتاة التي أصبحت صديقتك مؤخرا تجهمت اليوم وأنا أحملك يا حبيبتي؟
فهزت سوسن رأسها نفيا:
– لا علاقة لصديقتي تلك بالأمر، فقد قلت لك مرارا قبلها أنه لا داعي لذلك الاستعراض أمام الجميع!!
فرمقها أيهم معاتبا:
– ذلك ليس استعراضا!! أنه حبي الكبير لك وأريد من العالم كله أن يعرف ذلك..
فاستدركت سوسن معتذرة عن كلمتها قائلة:
– لم اقصد ذلك يا أيهم.. ثم إن ذلك لم يعد يهمني الآن.. انني..
وصمتت قبل أن تقول بتنهيدة بثتها آهاتها كمن يحاول ازاحة جبل ثقيل عجز عن مجرد زحزحته:
– أنت تدرك تماما مقدار حبي لك..انني يا ايهم .. انني أتعذب بحبك.. وأريد التأكد فقط..
و لم تستطع اكمال جملتها وقد أخذت تجهش بالبكاء، فنهض أيهم من مكانه وجلس إلى جانبها وهو يحيطها بذراعه:
– سوسن أخبريني.. مم تريدين التأكد يا حبيبتي، اقسم لك أنني أحبك ولن أحب أحدا سواك وسأظل أحبك حتى آخر رمق في حياتي.. فهل صدر مني ما يجعلك تشكين في ذلك؟؟
ورويد رويدا بدأت سوسن تهدأ وهي تحاول التقاط انفاسها المتلاحقة، وصورة ذلك الحفل تلوح في مخيلتها، كيف لها أن تخبره!! لقد كانت نظرات الرجال تلتهم كل جزء من جسدها دون حياء.. بل وأمام ناظري خطيبها دون أن يبدي امتعاضه من ذلك.. بل انها.. قد هيئ لها أنه مسرور بذلك أيضا فما باله لم يعترض عندما طلب أحدهم مراقصتها، لولا أنها رفضت ذلك يشدة!! كانت تريد التأكد فقط من أنها كانت واهمة وأنه ما كان ليرضى بأن يشاركه أحد في حبيبته.. ألا يغار عليها من تلك العيون النهمة!! ألا يسوؤه نظراتهم الجشعة اليها!! أليس هذا هو الحب الذي تعرفه!! لقد كانت تود التأكد فقط.. لو أنه يحبها حقا لذاتها هي، وليس لكونها مجرد دمية جميلة يتباهى بامتلاكها أمام الآخرين.. لكن.. كيف تصارحه بهذا الكلام!! وكيف تعبر له عن ما تشعر به من أسى جراء ذلك دون أن يسئ فهمها!!
وأمام الحاحه الشديد عليها نطقت أخيرا وهي تنتقي كلماتها انتقاء لتعد جملة حاولت جاهدة اخراجها بشكل طبيعي:
– لقد ساءتني نظرات الرجال كثيرا في تلك الحفلة..
وصمتت فنظر اليها ايهم متسائلا بتعجب:
– أهذا كل ما في الأمر!! إن هذا أمر طبيعي فقد كنت الأجمل والأروع بل و ملكة الحفلة كلها دون منازع!!
فقالت سوسن وهي تحاول وصف مشاعرها:
– لكنها لم تكن نظرات عادية.. شعرت بأنهم يلتهمونني التهاما رغم أن منهم من كان في عمر والدي.. وهذا لا يحتمل!!
فرد عليها ببرود:
– إن الموضوع لا يستحق كل هذا الانزعاج منك، تجاهليهم فقط و لا تلقي لهم بالا..
ورغم خيبة رجاء سوسن بذلك الرد الباهت، إلا أنها قالت بتردد:
– ألا يزعجك هذا يا أيهم!! ألا.. ألا تغار علي!!!
بوغت أيهم بذلك الكلام، فرمقها بنظرة حادة قائلا:
– لا شك أن لتلك الفتاة المعقدة يد فيما أصابك، لقد أثرت على تفكيرك بشكل لا يصدق، وإن يقيت على علاقة معها فلا أدري إلى ما ستؤول إليه الأمور بيننا!!
ونهض من مكانه تعبيرا عن احتجاجه، فأسرعت سوسن تتشبث به بتوسل:
– أيهم أرجوك لا تسئ فهمي، فلا دخل لنور بما حدثتك عنه، إنها مشاعري أنا ولا دخل لأحد بها، فلا تجعل هذا الكلام يؤثر على علاقتنا، ألست أنت من أصر على معرفة ما يضايقني؟؟
فالتفت إليها أيهم ونظر اليها بنظرة عميقة نفذت إلى مجامع قلبها لتترك أثرها المعهود فيه، ثم ضمها إلى صدره قائلا:
– دعك من هذه السخافات يا حبيبتي.. فأنا أحبك وكفى..
لم تدري سوسن كيف مرت اللحظات بعدها غير أنها ازدادت اقتناعا بصعوبة فتح موضوع كهذا مع أيهم، وآثرت التحاشي عن كل ما قد يزعجه منها، خاصة و أن هناك ألف فتاة غيرها مستعدة للتضحية بنفسها من أجله!
 
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

تركته لأجلك! – الحلقة 5

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

… ما أن وقعت عينا سوسن على لوحة نور؛ حتى اقشعر جسدها ودارت بها الدنيا وكأنها تدخل عوالم غريبة تراها للمرة الأولى، فبحثت عن شيء تستند اليه خشية السقوط حتى ارتكزت على نور الواقفة إلى جوارها مرددة:
– مستحيل.. أهذه مجرد لوحة طبيعية عادية!! هذا سحر بلا شك!!!
واغرورقت عيناها بالدموع دون أن تعرف السبب الحقيقي لذلك:
– بالله عليك ما هذا يا نور!!
فربتت نور على كتفها:
– و ما الذي ترينه أنت يا سوسن؟
فاعتدلت سوسن في وقفتها وهي تحاول الحفاظ على توازنها قائلة:
– أشجار عارية متحطبة ومحطمة تلفها أمواج وبحور أو ربما.. ضباب وغيوم ومطر بل إنني أكاد أسمع صوت الرعود.. وهناك نور تنقشع من حوله ركام الغيوم و بقعة مضيئة تزهو بأشجار باسقة مورقة وألوان زاهية…..
وصمتت سوسن متنهدة تحاول التأكد من أن هذا هو ما تراه حقا، أم أنه ما استطاعت النطق به فقط! فعلقت نور:
– كأنك شاعرة!! إن لك روحا شفافة ونفسا مرهفة الاحساس جدا يا سوسن ما شاء الله..
فابتسمت سوسن:
– ليس إلى هذه الدرجة ولكن يبدو أن لوحتك تفجر القرائح!
فضحكت نور:
– تعادلنا إذن..
ثم سألتها بجدية أكبر:
– ما هو الشعور الذي راودك وأنت تنظرين إلى اللوحة؟
فصمتت سوسن قليلا قبل أن تقول:
– لا أعرف.. لا استطيع تحديد ما أشعر به تماما.. فقد لا يكون كذلك.. انه الفرق بين الظلمات والنور.. الموت والحياة.. اليأس والأمل..
وبدا أن سوسن اندمجت تماما في جو اللوحة وهي تقول بتأثر شديد:
– يا إلهي انني أشعر برغبة شديدة بالبكاء…
يـــــــــارب..
فهتفت نور برضا:
– الحمد لله لقد وصلت الرسالة اذن..
فالتفتت اليها سوسن بعيون متسائلة:
– ما الذي تقصدينه يا نور انني لا أفهم شيئا!!
فأشارت إليها نور أن تجلس ، وهي تسترخي على مقعدها قائلة:
– سأخبرك يا سوسن ولكن استريحي أولا فإنني أخشى على قدميك من التورم إن بقيت واقفة هكذا..
وبعد أن جلست الاثنتان قالت نور:
– إنها رسالتي يا سوسن وهدفي في هذه الحياة..
ثم ابتسمت نور وهي تتابع نظرات سوسن قائلة:
– لن أطيل عليك الحديث فأمامك عمل عليك انجازه..
فقاطعتها سوسن بلهفة:
– لا بأس يمكنني فعل ذلك لاحقا لا تقلقي، المهم أكملي بعد اذنك، أود أن أعرف كل شيء عن هذه اللوحة، فقد لمست أوتارا حساسة في نفسي..
فابتسمت نور:
– حسنا.. هل سمعت عن قوة النية التي بدأ الناس يتحدثون بها مؤخرا؟
فأومأت سوسن برأسها:
– أظن أنني سمعت شيئا عن هذا القبيل وإن كنت لا أدري ما هو تحديدا، فليست هذه المواضيع من اهتماماتي..
فتابعت نور:
– المهم انك سمعت عن ذلك، وهذا هو بيت القصيد، لقد بدأ العلماء في كل مكان يتحدثون عن النية كعلم بحد ذاته كما كثر الحديث في الاونة الأخيرة عن مواضيع تنمية الذات كطريق للنجاح و ما إلى ذلك، ورغم انني مثلك لم اتابع كل ما يقولونه بهذا الصدد ولكنني ازددت يقينا بأهمية تمسكنا بديننا لنضمن النجاح والسعادة في الدنيا قبل الآخرة، و لكفانا هذا مؤنة متابعة ما يكتشفه العلماء في الخارج لنأخذ التطبيق عنهم، فمثلا في موضوع النية؛ بين لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن الأعمال بالنيات وأن لكل امرء ما نوى، وهذا ينعكس فعلا في أعمالنا، افلا تلاحظين الفرق مثلا بين معلم يوبخ تلاميذه وهو يتمنى لهم الخير من أعماق قلبه وبين معلم يوبخهم ليثبت ذاته أمامهم!! النية هي الأساس دوما ولها أثرها على ثمرات الأعمال وان بدت متشابهة في الظاهر..
ولسبب ما شعرت سوسن بمثال آخر يتراقص امام ذهنها ” الفرق بين رجل يعامل خطيبته بلطف وهويحبها بصدق وآخر…”، لكنها أوقفت تفكيرها عند هذا الحد بسرعة، في حين التقطت نور نفسا عميقا قبل أن تتابع:
– لطالما كنت أتمنى تقديم شيء أخدم به أمتي بل والانسانية جمعاء، ثم وجدت نفسي اتأثر كثيرا لحال من أضاع الدرب وغرق في الظلمات فعاش حياته في بؤس وشقاء، ولطالما تمنيت أن يستعملني الله و أكون سببا لنشر النور في هذا العالم و إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولأنني كنت أهوى الرسم ولي موهبة خاصة فيها فقد علمت أن هذه هي ثغرتي التي اختارني الله لها، فقرأت كثيرا عن اثر الفن في الناس حتى استطعت تكوين نظرياتي الخاصة بهذا الصدد.. انني احب الطبيعة وأشعر انها تناديني لتزيدني قربا من خالقي، فلا تمر علي آية في كتاب الله ورد فيها دعوة للتفكر والتدبر او تشبيها مقتبسا من ايات الله في كونه إلا وهتف قلبي ” ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك..” وأنا اراها لوحة مجسدة أمامي، ثم خطر لي أن أنقل مشاعري هذه لجميع الخلق لعلها تترك أثرا حسنا في قلب أحدهم فأساهم في إنارة دربه بإذن الله، وترسم البسمة والأمل على شفاهه من جديد..
وصمتت نور في حين أخذت سوسن تعيد النظر بتأمل أعمق في اللوحة الغريبة، قبل أن تسألها:
– ولكن كيف تفعلين ذلك! ما زلت لا أفهم!!
فأجابتها نور:
– انها “قوة النية”، كلما كانت نياتنا أصدق كلما أعطت تأثيرا أقوى بعون الله، ما عليك إلا أن تجعلي الفكرة في رأسك ومن ثم أخرجيها على الواقع مستعينة بالله..
وأشارك إلى لوحتها متابعة:
– ما هذه اللوحة مثلا الا انعكاسا لما شعرت به تجاه الاية (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)! فبعد أن تركت تأثيرا قويا في نفسي، وددت لو أتمكن من نقل هذا التأثير عبر لوحة معبرة، وأرجو أنني نجحت في ذلك..
بدت سوسن مأخوذة تماما بما تسمعه للمرة الأولى، فمرت لحظات صمت حاولت فيها أن تستوعب ما قيل قبل أن تطلب من نور إعادة تلاوة الاية على مسامعها، متفكرة فيها كما لم تتفكر في آية من قبل!!
(أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)
وأخذت مشاهد ذلك الكابوس تتجسد أمامها مجددا.. ظلام في ظــــلام في ظـــــــــــلام..
فرددت نفسها التي شعرت بقسوة الظلام الذي يلفها كما لم تشعر به من قبل:
– يارب أخرجني من الظلمات إلى النور..
امتلأ المعهد بالفتيات اللاتي أبدين انطباعات مختلفة أمام لوحة نور، ما بين متأملات منبهرات، إلى مسترقات للنظر إليها خشية أن تظن بأنهن مهتمات بها!! ولم تستطع الآنسة ناديا إخفاء إعجابها الشديد بما تراه، غير أنها علقت بقولها:
– لا تستطيعين تصنيف هذه اللوحة ضمن المناظر الطبيعية، انها أقرب للفن السريالي!
فأومأت نور برأسها موافقة:
– ربما، فأنا لم أدرس الفن من قبل ولا أعرف كثيرا بالمسميات.. كل ما امتلكه هو الموهبة وحب التأمل في الطبيعة ثم تصويرها كما أراها والحمد لله، لذا اتيت هنا لأصقل موهبتي بالرسم..
فابتسمت ناديا لأول مرة:
– يسرنا أن نكون عونا لك في هذا الأمر، فسيكون لك شأن في مجال الفن مستقبلا بلا شك..
فبادلتها نور ابتسامتها مرددة:
– إن شاء الله..
ثم استدركت ناديا فجأة:
– أهذه هي اللوحة التي بدأتها بالأمس فقط!!
فهزت نور رأسها بالايجاب موضحة:
– أجل ولكن تصوري عنها كان منطبعا في ذهني سابقا..
فتمتمت ناديا:
– أنت موهوبة بالفعل!!!
وبصورة مفاجئة أخرى ودون سابق انذار قالت:
– أتستطيعين انجاز تسع لوحات أخرى خلال هذا الأسبوع يا نور؟
فنظرت اليها نور بدهشة:
– تسع لوحات!! هذا كثيرا!!
لكن ناديا شجعتها بقولها:
– لو أخذنا بعين الاعتبار معدل انجازك لهذه اللوحة الرائعة، لما كان ذلك مستحيلا بحق تسع لوحات أخرى خلال أسبوع..
وبتردد سألتها نور:
– ولكن لماذا خلال أسبوع فقط!!
فأجابتها ناديا باسمة:
– لتشاركي في المعرض العالمي بالطبع!!
كانت هذه فرصة ذهبية أمام نور، تستطيع من خلالها تحقيق أهدافها التي تسعى إليها، فرواد ذلك المعرض سيفوق عددهم الآلاف، وهي فرصة نادرة بلا شك، لعل الله أن يكتب لها أجر كل من شاهد لوحاتها لتترك أثرا ايجابيا في نفسه..
فقالت أخيرا:
– سأحاول فعل ذلك وسأبذل جهدي إن شاء الله..
فشجعتها سوسن بقولها:
– ستنجحين بلا شك يا نور..
وغمزتها باسمة:
– انها فرصتك لتحقيق هدفك..
و أكدت ناديا كلامها بحماسة:
– انني واثقة من هذا النجاح يا نور كما تقول سوسن، فابذلي جهدك يا عزيزتي وسأكون إلى جانبك حتما..
ولم يخف على أحد من الحاضرين معرفة سر حماسة ناديا لمشاركة نور، فكلما زادت مشاركات المعهد ارتفعت مكانته وذاع صيته بشكل أكبر، وبالتأكيد لن تفوت ناديا فرصة كهذه بكل ما اوتيت من قوة، فحسها الفني أخبرها بأن للوحات نور مستقبل ناحج ولا بد أن يكون للمعهد نصيبا منه!
ورغم بعض النظرات الحاسدة التي سُددت نحو نور بحدة، اثر ذلك الاطراء الذي انهمر عليها بعد اقل من يومين من التحاقها بالمعهد، إلا أن الكثيرات بدأن ينظرن إليها باكبار شديد، حتى أن بعضهن أخذن يحاولن التقرب منها، بعد أن كسرن ذلك الحاجز الذي بنينه بأوهامهن بينهن وبينها، وقد تأكدن من أن مظهر نور الخارجي، ليس بذلك السوء الذي تصورنه في البداية، أما سورا التي لم يعرف أحد سر تجهم وجهها الشديد هذا اليوم بالذات، فقد آثرت الصمت متجنبة خوض أي حديث مع كائنا من كان، وهي غارقة تماما مع نفسها بعد أن نسجت شرنقة محكمة حولها ليتسنى لها دراسة أفضل الوسائل والطرق الممكنة لحياكة خطتها الجديدة التي عزمت على تنفيذها، بعد أن كادت تموت حنقا وكمدا وهي تشاهد أيهم يحتضن سوسن أمام المعهد ويحادثها بحب أعماه عن رؤية من سواها، لقد تحملت الكثير من تجاهله لها ولا بد أن تتدارك الأمر قبل فوات الأوان..
 
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

تركته لأجلك! – الحلقة 4

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

اسندت سوسن الجانب الأيمن من رأسها إلى نافذة السيارة، سارحة بنظرها للشوارع التي تقطعها سيارتها باتجاه المعهد، ومئات الأفكار والخواطر تجول في ذهنها وتصول.. موضوع مشاركتها في معرض الفنون الذي سيقام لأول مرة في المدينة بعد اسبوعين، انها فرصتها الذهبية لسطوع نجمها في عالم المحترفين كما أخبرتها الآنسة ناديا، لكنها لن تتمكن من المشاركة فيه إن لم تنجز عشر لوحات على الأقل، فهذا معرض عالمي، وسيشارك فيه عشرات الفنانين المشهورين، ولن تقبل فيه مشاركات المبتدئين إلا إن اعتمدت من اللجنة العليا للتقيم.. وتنهدت بعمق:
– هل تراني أنجح في هذه التجربة!!
لكن كلمات الآنسة ناديا المشجعة طمأنتها بعض الشيء، فانتقل فكرها لموضوع آخر.. حفلة الأمس التي قضتها برفقة أيهم.. وما أن طرق اسمه مخيلتها حتى ارتبكت واحمرت وجنتيها و خفق قلبها بشدة، ألهذه الدرجة تحبه!! حتى أن ذكر اسمه يترك اثره العميق في نفسها .. وتأوهت بألم وهي تحاول مدافعة بعض الهواجس التي تعكر مزاجها بين الفينة والأخرى، كم تتمنى أن تشعر بالراحة والاطمئنان، أليس الحب هو مفتاح السعادة!! فما بالها لا تشعر إلا بالقلق والعذاب كلما تذكرت ذلك الحب!! أهذه حقا هي آثار الحب وأشجانه التي طالما سمعت عن آهاتها بين المحبين!! ألا يوجد حب أكثر راحة وطمأنينة!!!
وعندما وصلت إلى هذه النقطة بالذات لفت انتباهها مشاهد بعض الأزواج أو ربما الأصدقاء، وهم يتمشون في أحد المنتزهات في طريقها، وشعرت برغبة عارمة لتسألهم إن ما كانوا يشعرون بما تشعر به، أم أن هذه هي مشاعرها وحدها!! حاولت سوسن أن تجد تفسيرا لما يحدث معها، لماذا كل ذلك القلق، لقد بات يرهقها التفكير في هذا الأمر كثيرا، وكلما هدأت نفسها تجاهه، جاء ما يجدد لها أرقها ويشتت فكرها، ولكن ما الذي جدد ألمها هذه المرة! حفلة الأمس.. أتراها السبب الذي أرق فكرها من جديد!! لقد كان أيهم فخورا بها كثيرا، وأسمعها أندى كلمات الهيام والغزل فلماذا تراودها الهواجس بعد هذا كله!! أليست مطمئنة لحبه لها وهيامه بها، وتنهدت بعمق أكبر هذه المرة:
– اتراه يحبني حقا بقدر ما أحبه!! تصرفاته تشير إلى ذلك، ومن الواضح أنه لا يهتم لأمر أحد غيري- حتى هذه اللحظة على الأقل- ولكن….
غير أن صوت مرزوق، حال بينها وبين الاسترسال في خواطرها، وهو يلتفت إليها متسائلا بتعجب:
– هل تأمرينني بشيء يا آنسة سوسن ؟؟ لقد وصلنا منذ فترة، افلا تودين النزول إلى المعهد ؟؟
انتبهت سوسن لنفسها فاعتذرت بقولها:
– شكرا لك، يبدو أنني شردت قليلا..
ولم تكد تنزل من السيارة حتى اصطدمت بشخص وقف أمامها، لتفاجأ بأيهم يستقبلها بابتسامته المحببة:
– تبدين شاردة الذهن يا فاتنتي، فأين سرح فكرك يا ترى؟؟
ربما لو كانت في حالة أخرى لأخذت الأمور ببساطة أكثر مكتفية برد خجول، لكن هول المفاجأة هذه المرة لا سيما بعد تلك الخواطر التي أنستها طول الطريق، أشعرها بدوار أفقدها توازنها حتى كاد أن يغمى عليها، فلم تتوقع أن تجد أيهم أمامها بهذه السرعة، غير أنه سرعان ما أسندها إلى صدره هاتفا:
– سوسن.. هل أنت بخير!!
وبعد أن استعادت سيطرتها على نفسها، نظرت إليه متظاهرة بالعتب:
– لقد أفزعتني!
فابتسم أيهم وهو يطبع قبلة على جبينها غير آبه بكونهما يقفان على رصيف شارع عام:
– رغم انني متأكد من انني لست السبب.. ولكنني أعتذر!
فهمست سوسن كمن تحادث نفسها:
– بل أنت السبب دائما..
و تنهدت بعمق غاص إلى أعماق نفسها وهي تحادثها:
– آه لو يدري أيهم بم كنت تفكرين طوال الوقت يا سوسن!!
فثبت أيهم عينيه في عينيها القلقتين، محاولا الولوج إلى تلك الأعماق وهو يسألها برقة:
– هل أنت غاضبة مني يا حبيبتي!
وأمام صمتها تابع قائلا بتودد:
– لقد كنت ملكة الحفل ليلة أمس يا سوسن بلا منازع، إنك أروع فاتنة في هذه الدنيا بأسرها..
و بدلا من أن تُدخل تلك الكلمات البهجة إلى قلبها؛ شعرت بغصة في حلقها حالت بينها وبين البوح بما كانت تود اخباره به!! فآثرت الصمت من جديد مما أزعج أيهم الذي يأس من معرفة ما يدور بخلدها، فزفر قائلا:
– أرجوك يا سوسن، إنك تعذبينني بصمتك هكذا! بالله عليك أخبريني، هل أزعجتك بشيء!!
فابتسمت سوسن أخيرا:
– لا عليك يا أيهم، يبدو أنني مرهقة بعض الشيء، فلم آخذ كفايتي من النوم البارحة!
فانفرجت أسارير أيهم وه يحاول اقناع نفسه بصدقها:
– إن كان الأمر هكذا فلا بأس، سآتي للإطمئنان عليك نهاية الدوام، وساصطحبك بنفسي للمنزل، فإنني أرغب بتناول الغداء معك لتحدثيني بكل ما يشغلك.. اتفقنا!
فأجابته سوسن بابتسامة مشرقة:
– اذن سأهاتف بهجة لتعد لك طبقك المفضل..
ولم يقاوم أيهم نفسه من طبع قبلة جديدة على وجنتي سوسن قائلا:
– لن اطيق الابتعاد عنك حتى ذلك الوقت، ولكن ما باليد حيلة فلدي بعض الأعمال علي انجازها مع أحد المسؤولين في وسط المدينة..
ومن حسن حظ سوسن أن الشارع كان لا يزال خاليا في مثل هذا الوقت، إذ يبدو ان ملاحظاتها المتتالية لأيهم حول مراعاة المكان العام لم يثبت عدم جدواه وحسب؛ بل و فشله التام أيضا! فاستسلمت له وهو يحيطها بذراعيه قبل أن يودعها قائلا:
– سأنتظرك بشوق يا حبيبتي فاعتني بنفسك جيدا..
وبعد أن غاب أيهم عن ناظريها وهو ينطلق بسيارته مخترقا الشارع العام، دلفت سوسن عبر بوابة المعهد لتجد نفسها قد وصلت باكرا كعادتها على خلاف ما توقعت، إذ لم تأت الفتيات بعد! حتى الانسة ديانا لم تصل أيضا، وحدها المسؤولة عن التسجيل والاعمال الادارية كانت هناك، فألقت عليها التحية واتجهت نحو مكانها محدثة نفسها:
– يبدو أنني لم أكن انتبه على تأخر الجميع من قبل، فقد كنت أصل في وقت أبكر من ذلك بكثير..على كل حال هذا أفضل، فمن حسن الحظ أنهن لم يكن هنا هذا الصباح..
وابتسمت وهي تستذكر كلمات الآنسة ناديا ” أنت تنسين نفسك تماما وأنت ترسمين يا سوسن”:
– لقد كانت محقة فعلا!
ولم تكد تصل إلى مكانها المعتاد وقد افتقدت أدواتها، حتى تذكرت أمر نور التي انضمت إليهم البارحة فضربت جبهتها بيدها:
– كيف نسيت انني نقلت أدواتي إلى جانبها، يبدو أن سهري ليلة أمس و الارهاق الشديد الذي أشعر به قد أثر علي أكثر مما ينبغي..
قالت ذلك لنفسها بصوت عال متجاهلة ذكر أثر أيهم عليها حتى لا يتشتت تفكيرها من جديد، وما أن التفتت نحو ذلك المكان حتى انتبهت لوجود نور أيضا، وقد بدت غارقة تماما في لوحتها حتى النخاع، فاتجهت نحوها باسمة:
– صباح الخير
وكمن يستيقظ من نوم عميق فجأة، ردت عليها نور ابتسامتها:
– اعذريني لم انتبه لدخولك إلا الآن!
فضحكت سوسن:
– لا بأس فيبدو أننا متشابهتان في هذه النقطة بالذات، هل أنهيت لوحتك التجريبية؟
فأجابتها نور وهي تحاول اخفاء اللوحة عنها بمرح:
– انتظري قليلا فلم يبق سوى الرتوش الأخيرة وستكون جاهزة إن شاء الله..
فأخذت سوسن مكانها إلى جانب نور قائلة بحماسة:
– حسنا سأعد أدواتي وأرى ما لديك فلا يمكنني الانتظار أكثر لرؤية اولى أعمالك هنا!
وأخيرا قالت نور:
– يمكنك رؤيتها الآن..
وما أن وقعت عينا سوسن عليها حتى اقشعر جسدها ودارت بها الدنيا وكأنها تدخل عوالم غريبة تراها للمرة الأولى، فبحثت عن شيء تستند اليه خشية السقوط حتى ارتكزت على نور الواقفة إلى جوارها مرددة:
– مستحيل.. أهذه مجرد لوحة طبيعية عادية!! هذا سحر بلا شك!!!
واغرورقت عيناها بالدموع دون أن تعرف السبب الحقيقي لذلك:
– بالله عليك ما هذا يا نور!!
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

تركته لأجلك! – الحلقة 3

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

ظلام…ظــــــــلام….ظـــــــــــــــــلام…
أخذت سوسن تجري وقد تقطعت انفاسها وخارت قواها هربا من تلك الايادي التي تحاول الامساك بها، كانت تجري وتجري وسط الظلام التام ولكن الى اين!! فكل ما حولها هو الظلام وحسب، حاولت أن تصرخ.. أن تستغيث.. دون جدوى فقد ضاع صوتها في حلقها قبل أن يخرج.. ظلام في كل مكان هذا كل ما تراه.. أو أنها لم تكن ترى شيئا أصلا…أرادت أن تهتف باسم فارسها ايهم لعله يأخذ بيدها ويطير بها على صهوة جواده الأبيض، لكنها لم تفلح.. لقد ضاع كل شيء ولم تعد تشعر بأي شيء…
وبصعوبة شديدة استطاعت فتح عينيها أمام نور بسق فجأة أمامها ، فغطت وجهها بيديها لتتمكن من الابصار، فإذا بشمس الصباح المتسللة من بين طيات الستارة تداعب وجهها دون استئذان وهي تنشر الدفء في المكان، حتى أدركت سوسن أخيرا أنها لا تزال فوق سريرها بعد أن ارتمت عليه بتهالك اثر عودتها من الحفلة، فالتقطت انفاسها اللاهثة:
– لقد كان كابوسا مزعجا!
ثم نهضت من فراشها بسرعة وهي تحدث نفسها:
– أرجو أن لا أكون قد تأخرت على المعهد، فعلي انجاز لوحتين على الأقل قبل نهاية الاسبوع!
وبسرعة نادت الخادمة متسائلة:
– هل أعد مرزوق السيارة؟
فأجابتها الخادمة بتلعثم وهي تحاول ايجاد مبرر لتصرفها:
– لقد ظننتك تنوين البقاء في المنزل هذا اليوم يا سيدتي، فقد عدت في ساعة متأخرة.. و كنت مرهقة جدا ليلة الامس.. لذلك قلت لمرزوق عندما سألني….
لم تستطع سوسن الانتظار كعادتها لسماع كلام الخادمة كله فاستعجلتها بقولها:
– حسنا حسنا لا بأس، سآخذ سيارة أجرة
فاستوقفتها الخادمة بقلق:
– لا تستطيعين ذلك يا سيدتي سيغضب سيدي إن خرجت بمفردك!
فتنهدت سوسن وهي تستذكر تعليمات الحماية الصارمة الموجة لها خصيصا، كونها الابنة الوحيدة لرجل الأعمال الكبير كارم، فالأعداء كما يقول والدها يتربصون بأصحاب النجاح دائما ولا بد من أخذ الحيطة والحذر، رغم أنها شخصيا لا تؤمن بذلك أبدا ولا يمكنها تخيل عدو أخطر من سورا ومن شابهها عليها، لكنها استسلمت لرغبة والدها وهي توجه حديثها للخادمة:
– اذن اطلبي منه أن يعد السيارة في أسرع وقت ممكن، فسأذهب إلى المعهد..
لم تكن سوسن ممن يعير اهتماما كبيرا للأحلام، لذا لم تكن الكوابيس لتترك أثرا يُذكر في حياتها، غير أن هذا الكابوس بالذات جعلها عازمة على مكاشفة أيهم بموضوع كان يؤرقها من فترة طويلة وقد آن أوان التخفف من عبئه.. حتى أنها همت بارسال رسالة نصية له تخبره عن رغبتها في الحديث معه بأمر مهم لكنها سرعان ما عدلت عن ذلك، فما زال النهار في أوله وستقابله في المعهد على أية حال..

***

( يتبع ان شاء الله)
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تركته لأجلك! – الحلقة 2

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

لم تكن سوسن تدرك حجم ذلك التغيير الذي سيحدث في حياتها، عندما التحقت نور بالمعهد أول مرة لافتة أنظار الجميع لحجابها الساتر، إذ لم يعتد أحدهم رؤية فتاة بذلك الشكل تلج هذا المكان بالذات، خاصة وهي تدخل بثقة وشموخ لتتجه مباشرة نحو المسؤولة مسلمة عليها قائلة:
– أود الالتحاق بهذا المعهد لمدة شهر ان شاء الله من أجل صقل موهبتي في الرسم..
ثم أضافت بعد أن أدارت وجهها في المكان وقد بدا عليها التوجس من بعض اللوحات:
– أريد رسم لوحات الطبيعة وحسب!
فرمفتها المسؤولة باستياء معلقة:
– اسمعيني يا هذه، لا مجال للتعقيد هنا، فإذا كنت ترغبين بمناقشة الحلال والحرام فهذا ليس مكانه!!
فتداركت نور قائلة بأدب:
– عفوا، نا لم أقل شيئا من هذا القبيل، كل ما قصدته هو أنني أرغب برسم لوحات الطبيعة وحسب، فلدي الموهبة بفضل الله ولكنني أريد صقلها، وقد علمت أن هذا هو المعهد الوحيد الذي أجد فيه مشرفات من النساء
لم يرق كلام نور للمسؤولة كثيرا، وهمت بأن توضح لها بأن هذا المكان لم يتعمد احضار المشرفات من أجل وجهة نظرها تلك وكأنها تدفع تهمة عنه، غير أنها اكتفت بقولها:
– التكلفة باهظة هنا!
فأخرجت نور محفظتها ووضعت النقود على الطاولة مردفة:
– تفضلي، لقد اطلعت على أسعاركم وهي معقولة نسبيا..
وما أن وضعت نور النقود على المنضدة حتى تغيرت ملامح وجه المسؤولة، في حين أخرجت نور مبلغا اضافيا قائلة:
– إن كان يتوجب علي دفع مبلغ اضافي مقابل تحديد الفرع الذي أنوي رسمه فلا مانع لدي..
لم يتطلب الأمر أكثر من بضع لحظات أخرى حتى استلمت نور أدواتها متجهة نحو الزاوية التي حددتها لها الآنسة ناديا لتبدأ أولى أعمالها في المعهد، ورغم أن نور ألقت التحية على الفتيات بابتسامة محببة إلا أن النظرات المحدقة بها لم تخلو من استهجان لمظهرها مع بضع همسات من هنا و هناك، غير أن نور لم تبد اكتراثا بذلك كله بل أخذت مكانها بينهم بثقة. وحدها سوسن نهضت من مكانها وبادرت بالترحيب بها وهي تمد يدها مصافحة:
– أهلا بك بيننا، اسمي سوسن..
فشدت نور على يدها بحرارة:
– تشرفت بمعرفتك، وانا اسمي نور..
و سرعان ما انسجمت الفتاتان مع بعضهما و كأنهما على معرفة سابقة رغم تناقض مظهرهما الخارجي الشديد، حتى أن سوسن استأذنت الآنسة ناديا بنقل حاجياتها إلى جوار نور، فأذنت لها بنبرة محذرة:
– ولكنك ستكملين اللوحة التي بدأتها يا سوسن قبل أن تفكري برسم لوحة طبيعية!
فابتسمت سوسن مطمئنة:
– بالتأكيد.. فلم يخطر هذا ببالي يا آنسة!
ولأول مرة من مدة طويلة شعرت سوسن براحة تغمر خلايا قلبها القلقة فاستعادت حيوتها التي فارقتها من أسابيع، وغدا لرسمها إلى جوار نور طعم آخر لم تتذوقه من قبل، بل انها شعرت بانجذاب غريب نحو نور لم تعرف كنهه وكأنها الملاك الذي كانت تنتظره ليخلصها من همومها ويجد لها حلا لجميع مشكلاتها، وما أن استقرت هذه الخاطرة في رأسها حتى تملكتها رغبة عارمة لمعرفة تفاصيل حياة هذه المنقذة، ولم تتردد نور لحظة واحدة بالاجابة عن اسألتها التي اقتصدت فيها سوسن وهي تحاول من خلالها أن تستشف أخبار نور دون أن تبدو فضولية..
قالت نور:
– لطالما حلمت بتجسيد ما أراه من مناظر طبيعية خلابة أمامي على لوحات تتجلى فيها عظمة الخالق وبديع صنعه.. إنني أهوى الطبيعة والتأمل فيها.. بل انني اعشقها.. إنها تعني لي الكثير..
و تابعت باسمة:
– وبما أنني أنوى اخراج لوحات على مستوى عال، فقد اقترح علي زوجي بعد انتقالنا لهذه المدينة الالتحاق بهذا المعهد لا سيما وأن لدي وقت فراغ كبير أثناء انشغاله بعمله..
علت الدهشة وجه سوسن بداية لكنها سرعان ما ابتسمت قائلة:
– لا شك أنك عروس جديدة اذن!
فبادلتها نور ابتسامتها:
– أجل فلم يمض على زواجنا أكثر من شهرين..
وقبل أن تضيف أي منهما كلمة أخرى رن هاتف نور، فاعتذرت وهي تنهض قائلة:
– لم أنتبه لمرور الوقت لقد جاء زوجي..
و بعد أن صافحت سوسن بمودة، اتجهت نحو الآنسة ناديا:
– سأكمل اللوحة في الغد إن شاء الله فلن أستطيع التأخر أكثر هذا اليوم..
و لم تكد نور تغادر القاعة حتى أسرعت الفتيات – اللاتي كن يتستمعن الى حديثها باهتمام شديد- إلى النافذة وهن يتابعن خطاها المتجهة نحو سيارة فارهة ، حتى قالت إحداهن وأكثرهن فضولا:
– كما توقعت.. معقد مثلها!!
ولأول مرة وجدت سوسن في نفسها رغبة لمشاركتهن الحديث وهي تعلق باسمة:
– لا أدري كيف استطعتن رؤية ملامحه من هذه المسافة!
وتمتمت أخرى بصوت مسموع وهي تستمع الى الوصف الدقيق الذي وصفت به زميلتها ذلك الشاب الملتحي:
– غريبة! ارستقراطيون ومعقدون!!!
فقالت سوسن:
– وما الغريب في ذلك!! اليست هذه حرية شخصيـ…
و بترت عبارتها اثر شعورها بيدين تطوقان خاصرتها من الخلف، فالتفتت بسرعة لتجد ايهم ينظر اليها بحب مكملا جملتها، قبل أن يتيح لها فرصة الاعتراض على تصرفه المفاجئ:
– حرية شخصية يا عزيزتي، اليس كذلك!!
لم تستطع سوسن الرد بكلمة واحدة وهي تحاول التواري عن الانظار المحيطة بها وفي عينيها ابلغ كلام:
– لماذا يا أيهم! إلى متى تحرجني بهذه التصرفات!!
غير أن أيهم سرعان ما قدم لها هديته قائلا:
– لقد انتقيت هذا الثوب خصيصا لك يا فاتنتي الجميلة، سأمر عليك هذه الليلة لأصطحبك إلى حفل خاص، فلن يروق لي أي مكان في هذا العالم دونك..
فتساءلت سوسن باستغراب:
– ألم تخبرني بأن الحفل سيقام الشهر القادم؟
فابتسم أيهم بعذوبة:
– أجل ذلك حفل النجوم، ولكن حفلة الليلة خاصة جدا، إنها على شرف كبار المسؤولين وقد دعيت اليها كواحد منهم..
 
***
( يتبع ان شاء الله)
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

تركته لأجلك! – الحلقة 23

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

كانت سوسن تهم بغسل يديها ووجهها أمام المرآة في دورة المياه الخاصة بالسيدات، عندما فوجئت برؤية تلك الزوجة تبكي بحرقة وقد تورمت عيناها، وقبل أن تختار الكلمات المناسبة لتعبر فيها عن تعاطفها معها واسفها من أجلها دون أن تؤذي مشاعرها، فوجئت بنظرات السيدة نحوها وهي ترمقها بحدة، قبل أن تقول لها بقسوة:
– كل ذلك بسببك يا صائدة الرجال!!
وقفت سوسن برهة تحملق بالزوجة وهي تحاول تكذيب ما سمعته!!
غير أن الزوجة أحبت تأكيد ما قالته، فأعادت كلماتها على مسامع سوسن لعلها تشفي غليلها منها:
– أجل يا صائدة الرجال، كل ذلك كان بسببك أنت ولا تتظاهري بالبراءة..
لم تستطع سوسن الصمود أكثر وشعرت بشلل في قدميها، بل وفي جسدها كله..
ماهذا الكلام ياربي!! أهذا كلام يُوجّه إلي أنا!!!!! مستحيل…
وبصعوبة حاولت الدفاع عن نفسها:
– ماهذا الهراء! أنت تسيئين الفهم بلا شك..
ولم يكن ينقصها في تلك اللحظة إلا دخول سعاد- تلك السيدة المحجبة التي رأتها مع سامر في الصباح- وكأنها جاءت خصيصا لتنتقم منها شر انتقام، وقد سمعت جزءا من الحديث، فأضافت بتشفي:
– هذا صحيح ولولا سفورك هذا، وميوعتك يا صائدة الرجال…
قالتها سعاد وهي تضغط على حروفها كمن أعجبها الوصف، قبل أن تتابع:
– لولا ذلك كله لما وصلتِ إلى هذا المكان أبدا..
وجدت سوسن نفسها في دوامة كادت أن تفقدها وعيها تماما، فقد كانت وحدها في حلبة لم تختار المجيء اليها، لتجد اثنين من عتاولة المصارعة بانتظارها.. هذا ما خُيّل اليها في تلك اللحظة، وتذكرت كلام سامر.. انه الحسد.. فكوني قوية ولا تضعفي بسهولة أمام كلام الاخرين..
وكأن صمت سوسن وذهولها لم يعجب السيدتين، فقالت سعاد بغيظ:
– لا تتظاهري بالسذاجة، الم تري كيف ملأت صورك اعلانات المعرض في طول المدينة وعرضها!! ليتها كانت صور لوحاتك على الأقل، بل صورك أنتِ، أم تدّعين أنك لم تلاحظي ذلك ايتها الماكرة!!
ومع كلمتها تلك رمت نحوها بصحيفة، تصدرت فيها صورة سوسن الصفحة الأولى، في دعوة عامة لزيارة المعرض..
وبحركة تلقائية انحنت سوسن لتتناول الصحيفة التي وقعت عند قدميها، وحملقت في صورتها لوهلة والدموع تغمر عينيها، إذ لم تعد قادرة على الصمود أكثر، ومن دون أن تضيف كلمة واحدة، خرجت تجري مسرعة باتجاه مكتب رئيس المعرض، وهي تنشج بشدة، حتى أنها لم تتبين وقع خطواتها تماما، إذ شعرت بأنها ستنهار في أي لحظة إن لم تصل إلى هناك بسرعة..
وقبل أن تقطع نصف المسافة اصطدمت بأحدهم، فرفعت رأسها لتفاجأ بسامر ينظر اليها بحنان بالغ، وهو يمسكها من كتفيها.. عندها تمنت من أعماق قلبها لو أنه أيهم، إذاً لرمت نفسها بين ذراعيه لتبكي بشدة، غير أنها سرعان ما اعتدلت في وقفتها وابتعدت خطوة للوراء معتذرة بأدب، وهي تمسح دموعها بيدها اليسرى:
– أرجوك استاذ سامر، لا أريد أن استمر أكثر، انني أكره أن أجد نفسي في مكان لا استحقه..
فنظر اليها سامر بتعجب:
– ومن قال بأنك أخذتِ موقعا لا تستحقينه!! ألم أقل لك…
غير أن سوسن رفعت الصحيفة امامه لتريه الصفحة الاولى وهي تجاهد لتقول:
– لماذا صورتي أنا!! وليست صور لوحاتي على الأقل؟؟
قالت جملتها بصوت متهدج ينم عن انكسار واضح، فيما انهمرت الدموع من عينيها انهارا، مما أشعر سامر بشفقة كبيرة نحوها، حتى أنه هم بأن يحضنها، لكنه تدارك نفسه مكتفيا بوضع يده على كتفها مهدئا:
– لا شك أنها سعاد، لقد قلتِ لك انه الحسد يا…
وهم بأن يقول كلمة سرعان ما ازدردها في جوفه وقد احمر وجهه، دون أن تلحظ سوسن ذلك منه، إذ انتبهت لمجيء ايهم في تلك اللحظة، فأسرعت نحوه سامحة لنفسها بأن ترتمي على صدره ملقية بهمومها التي عجزت عن حملها عنده، فما كان منه إلا أن احاطها بذراعيه، طابعا قبلة على رأسها وهو يسألها بعذوبة:
– خيرا يا حبيبتي، ماذا حدث؟
ورفع رأسه لتلتقي عيناه بعينا سامر للحظات قبل أن يشيح الأخير بوجهه دون أن يقول شيئا، فسألها ايهم باهتمام:
– هل آذاك ذلك الشخص يا سوسن؟
فرفعت سوسن رأسها عن صدره وقد هدأت قليلا:
– كلا، بل على العكس كان لطيفا جدا معي.. انه الاستاذ سامر الذي حدثتك عنه..
لم تستطع سوسن معرفة وقع جملتها تلك على ايهم تماما، لكنها سمعته وهو يخاطب سامر الذي أرخى عينيه وقد بدا عاجزا تماما عن الحركة:
– شكرا لك استاذ سامر، ارجو أن لا نكون قد اثقلنا عليك، فخطيبتي حساسة جدا ولا شك أنها سمعت ما يؤذيها من الفتيات كالعادة..
فابتسم سامر ابتسامة باهتة، وقد التقت عيناه بعيني ايهم من جديد:
– لا بأس..
وابتعد ليُخلي الجو لهما، وهو يشعر بألم لا حد له، وكأن المعرض لم يعد فيه إلا ثلاثتهم فقط..
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

تركته لأجلك! – الحلقة 16

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

كان فكر سوسن مشغولا وهي تقوم بالاشراف على تغليف لوحاتها من قبل عاملات المعهد.. ترى.. ما الذي رآه سامر في تلك اللوحات و أثاره بذلك الشكل!!
غير أنها جفلت فجأة ليدين تطوقان خصرها، لتشعر بعدها بقبلة على خدها قبل أن ترى أيهم- الذي أدارها قبالته- ينظر إليها بحب وهو يحتضنها بين ذراعيه مقربا وجهه من وجهها:
– سعيد برؤيتك سالمة يا حبيبتي.. كيف كان يومك؟
خفق قلب سوسن كمن يقع في الحب لأول مرة، وقد أنستها حركته تلك أي شيء آخر سواه، فاحمرت وجنتيها لتثيرا تعجب عقلها.. إلى متى يا سوسن ستظلين مرتبكة أمامه هكذا!! وبلطف شديد حررت نفسها منه قائلة بعتب ودود:
– متى ستكف عن هذه الحركات يا أيهم!
فانحنى أيهم قبالتها راكعا على إحدى ركبتيه وتناول يدها ليطبع قبلة عليها، على طريقة فرسان القرون الوسطى:
– أرجو أن تعذريني يا أميرة قلبي ومالكته، وتقبلي مني هديتي اللتي ما وُجدت إلا لأجلك..
وناولها صندوقا بغلاف الورد الأحمر وقد فاح من بين طياته عبير الجوري:
– إنها اسطوانتي االلتي تحوي مقطوعتي الجديدة التي أسميتها باسمك .. يا أروع حسناء على وجه الأرض..
لم تجد سوسن الكلمات المناسبة التي يمكنها التفوه بها في مثل هذا المقام؛ وقد احمرت وجنتيها حتى بدتا كوردتين جوريتين احتقنتا دما:
– لا أعرف ماذا أقول يا أيهم.. أنت تحرجني..
فنهض أيهم باسما:
– لا تقولي شيئا يا حبيبتي.. تكفيني ابتسامتك العذبة..
واستطرد متسائلا بعد أن انتبه أخيرا للعاملات اللاتي لم يمنعهن انشغالهن في تغليف اللوحات، من اختلاس النظر للحبيبين:
– أليست هذه لوحاتك يا سوسن؟
فأومأت برأسها بابتسامة رقيقة:
– أجل.. لقد اختارتني لجنة التقييم الفنية للمشاركة في المعرض العالمي..
فتهلل وجهه طربا ولم يقاوم حملها من وسطها ليدور بها بفرح وهو يهتف بسعادة:
– لقد فعلتِها أخيرا يا سوسن.. ستحققين حلمك يا عزيزتي.. أنت تستحقين ذلك يا حبيبتي.. كم أنا فخور بك يا زهرة فؤادي…
و كالعادة لم تجد سوسن مفرا من الاستسلام له بعد أن لم تعد ترى سواه في ذلك المكان، وبحماسة متقدة قال أيهم:
– هيا سأوصلك بنفسي لمنزلك هذا اليوم، بعد أن نحتفل معا بهذا الانجاز العظيم..
فنظرت إليه سوسن بتساؤل:
– ألم تقل بأن لديك اجتماعات مهمة في مثل هذا الوقت؟؟
فغمزها بعينه:
– كل المواعيد تؤجل من أجلك يا أميرتي، فلن أفوت فرصة كهذه معك.. وستكونين أول من يستمع إلى معزوفتي وأنا قربك..
وفي إحدى المطاعم الفاخرة التي لا يرتادها سوى الأثرياء ذووا الدخل العالي والمكانة المرموقة في المجتمع، جلست سوسن قبالة أيهم، الذي أخذ يتغنى بحسنها على ألحان معزوفته قرب نافورة ماء فضية، تحيط بهما نباتات الزينة الخضراء والوردود الحمراء لتضيف ايحاء حالما بأنهما في جنة النعيم!!!..غير أنه لا نعيم دائم في الدنيا، فلم يشعرا بمرور الوقت عليهما حتى انتبهت سوسن لصوت جدال محتد بين اثنتين كاد أن يصل بهما إلى الشجار، ففزعت لذلك ونهضت من مكانها بقلق:
– ماذا هناك!!
غير أن أيهم طمأنها وهو يمسك بيدها مهدئا:
– الفتيات هكذا دائما.. يختلقن المشكلات من دون سبب..
وأطلق ضحكة خافتة:
– اطمئني يا عزيزتي، قد يكون مجرد شجار حول شاب أحبّتاه كلتاهما.. هذا يحصل عادة..
لم يتوقع أيهم حجم التأثير الذي ستتركه كلماته تلك على سوسن، وهي تشعر بمرارة عميقة وقد تعاطفت معهما ورثت لحالهما، خلافا لردة فعله وابتسامته الهازئة.. واسودت الدنيا في عينيها مع ذكرى تلك الحفلة.. ما الذي تعرفه يا أيهم عن الحب!! كان من الممكن أن أكون مكانهما..!! يا إلهي.. ما هذه الحياة..!! أهكذا يفعل الحب بأصحابه!!!
وتهاوت على مقعدها بإعياء مفاجئ حتى أن أيهم نهض من مكانه نحوها بوجل:
– سوسن!! ماذا حدث!! هل أنت بخير؟؟
وبصعوبة أجابته وهي مطرقة برأسها:
– أشعر بالدوار قليلا.. دعنا نخرج من هنا..
غير أن كبير المشرفين على المطعم كان قد أقبل نحوهما بنفسه معتذرا، خشية أن تؤثر تلك الحادثة على سمعة المطعم فيخسر أهم زبائنه:
– أرجو المعذرة سيدي، وأتمنى أن لا يكون ما حدث قد عكر صفوّكما.. لقد تم تهدئة الوضع.. أنت تعلم رواد مطعمنا .. إنهم من الطبقة الراقية ومع ذلك لا أحد يتوقع ما يمكن أن يحدث.. أرجو أن لا تنزعجا بما حدث…
فابتسم له أيهم وقد تشبّع من سيل الاعتذارات المتلاحقة من فمه:
– لا بأس ، لم يكن خطؤكم على أية حال..
فبادله المشرف الابتسام كمن انزاح عبء ثقيل عن كاهله:
– فتاتان تقتتلان من أجل رجل!! أو رجلان من أجل امرأة.. أنت تعرف.. يحدث هذا أحيانا بين الشباب..
علت ابتسامة استخفاف شفتي أيهم وهو يؤكد كلامه:
– أجل .. توقعت هذا..
فتابع المشرف كلامه بامتنان كبير:
– يسعدني تفهمك هذا يا سيدي، لا أعرف كيف أشكرك.. فيكفينا فخرا أن يحوز مطعمنا شرف افتتاح اسطوانتكم الجديدة..
فأجابه أيهم وهو يرمق سوسن بنظرات حب:
– هذا من أجلها ..
فابتسم المشرف وهو يهز رأسه موافقا:
– أجل إنها تستحق ذلك منك بلا شك.. وشرف لنا أن تختار مطعمنا لهذه المناسبة السعيدة..
أما سوسن التي شعرت بدوامة جديدة تكتسحها؛ رثت فيها نفسها وجميع المحبين، فقد كانت بمعزل عن سماع ذلك كله..
ولم يخف على أيهم ملاحظة ذلك منها، فما أن انصرف المشرف حتى أسرع يمسك يديها بحنان:
– سوسن.. لا تزعجي نفسك أرجوك.. أنت رقيقة جدا ولكن حاولي أن لا تجعلي ذلك يفسد فرحتنا معا..
فارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها وهي تحاول النهوض بوهن:
– أعذرني يا أيهم ولكنني أرغب بالعودة إلى المنزل.. لقد قضينا وقتا طويلا هنا على أية حال..شكرا لك..
فهز أيهم رأسه مستسلما:
– إذا كانت هذه رغبتك فلا مانع لدي..
وسار معها بصمت وهما يشبكان بين أيديهما، قبل أن تقف سوسن لتسأله فجأة:
– أيهم.. هل يمكن للرجل المرموق أن يخرج عن طوره إن رأى من ينافسه في حبيبته!
ابتسم أيهم وقد أدرك مغزى سؤالها، فأجابها بنبرة رقيقة:
– ربما من أجلك فقط.. لفعلت أكثر من ذلك يا حُبّي الأوحد…
ورغم ارتعاش جسدها لسماع ذلك منه برجفة تخفي في طياتها نوعا من السعادة، إلا أن ما كانت تراه منه اشعرها بشيء من عدم الثقة في كلامه، وتذكرت حديثها معه ذلك اليوم.. هل يختلف ذاك عن هذا!! ألم يُعدّ وقتها ذلك تعقيدا..!! ووقفت مع نفسها هنيهة.. لو افترضت حدوث ذلك حقا.. هل ستكون سعيدة بنشوب شجار بسببها!! كلا..ليس هذا ما تريده أبدا.. بل شيء لم تحسن التعبير عنه!! وتمنت لو كان بامكانها مكاشفته بمكنونات صدرها بصراحة، غير أنها عدلت عن ذلك بسؤال آخر :
– ولماذا يحدث ذلك؟؟ أليس بإمكاننا تلافي مشكلات كهذه يا أيهم!!
فنظر إليها بشك:
– ما الذي تقصدينه يا سوسن!!
فلمعت عيناها بنظرات استجداء:
– ألا تفهمني يا أيهم!!
فأطرق برأسه دون أن ينبس ببنت شفة؛ قبل أن يستأنفا سيرهما نحو السيارة بصمت..
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

تركته لأجلك! – الحلقة 1

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

شهقت الآنسة ناديا – المسؤولة عن تقييم اللوحات في معهد الفنون الراقي- عندما وقعت عيناها على لوحة سوسن:
– أنت مدهشة فعلا يا سوسن، لا تزالين في المقدمة كعادتك!
فابتسمت سوسن بتواضع:
– هذا جزء لا يذكر أمام ابداعك يا آنسة ناديا..
وأسرعت الفتيات بالتحلق حول اللوحة التي تناسقت ألوانها لتنسجم مع خلفيتها بذوق رفيع، مصورة شابا وسيما ممتطيا حصانا أبيض في أجواء حالمة، علقت عليها سوسن موضحة:
– سأهديها لخطيبي في عيد ميلاده
ولم تستطع معظم الفتيات إخفاء غبطتهن الشديدة أو ربما حسدهن لسوسن، تلك الفتاة الثرية الأنيقة و الجميلة والتي تحصل على كل شيء تريده، ولم تملك اثنتين منهن أن تتهامسا بهذا الشأن:
– إنها تخطف الأضواء دائما
– فتاة محظوظة بلا شك، حتى عطرها الفريد الذي تستعمله، أظنه صنع خصيصا لأجلها فقط!
ورغم جميع تلك النعم المحيطة بسوسن إلا أنها كانت لا تساوي شيئا عندها إذا ما فكرت بخطيبها أيهم، ذلك الشاب الذي يجاريها مكانة وثراء، بل إنه الشخص الوحيد الذي كانت على ثقة تامة بأنه لم يتقدم لخطبتها من أجل مالها أو مكانة والدها فهو لا ينقصه شيء من هذا ولا ذاك وقد سطع نجمه وغدا الأشهر في هذه المدينة، غير أن القلق بدأ يساور قلبها في الآونة الأخيرة خاصة بعد انتقال أيهم إلى مبنى المعهد نفسه ..
كان المعهد يتكون من طابقين بنيا على أحدث طراز يندر أن يرتاده أحد من الطبقة المتدنية ولا حتى المتوسطة، خصص الطابق الثاني فيه للفنون الجميلة، في حين انتقلت فرقة أيهم الموسيقية للطابق الأول.. أيهم، ذلك العازف المحترف الموهوب ساحر الفتيات والذي ما أن ذاع نبأ خطبته حتى أغمي على الكثيرات اللاتي بنين أحلامهن الوردية معه، لا سيما وقد تصدرت صور سوسن أغلفة الصحف والمجلات بصفتها خطيبة هذا النجم اللامع، فقطعن الأمل تماما بلفت أنظاره إليهن إذ لم يكن يجارين خطيبته جمالا ولا مكانة ولا جاذبية..
لم تكد سوسن تنهي حديثها عن تلك اللوحة حتى دخل أيهم ليلقي التحية على الجميع بشكل عام قبل أن يحيي خطيبته بشكل خاص، وسط النظرات الحاسدة:
– كيف كان نهارك يا ملاكي؟ لقد أنهيت الاشراف على الفرقة هذا اليوم، هل أصطحبك إلى المنزل؟
وقبل أن تتمكن سوسن من مداراة لوحتها عنه خشية أن تفسد المفاجأة، انتبه لها أيهم فأطلق صافرة إعجاب شديدة:
– إنها صورتي!! ما هذا الفن الراقي الذي تتميز به أناملك الرقيقة يا فاتنتي!!
فاحمرت وجنتا سوسن قائلة:
– إنها المفاجأة التي وعدتك بها..
فحضنها أيهم هاتفا:
– آه يا حبيبتي، كيف أشكرك!! إنها أغلى هدية رأيتها!
وعلى خلاف ظن معظم الفتيات اللاتي كن يتابعن المشهد دون تحفظ، لم تكن سوسن من النوع الذي يحب افصاح المشاعر بهذا الشكل السافر أمام الآخرين، بل كان يضايقها ذلك لأسباب كثيرة، ورغم أنها حدثت أيهم بهذا من قبل إلا أن كلامها بدا لا يعبر أذنه الأولى حتى يطير من الأذن الثانية..
كم كانت تؤلمها تلك النظرات المسددة نحوهما كالسهام الحارقة، لماذا لا يراعي مشاعرهن على الأقل!! هذا عوضا عن الفتيات اللاتي بدأن يحكن الخطط للفت أنظار أيهم اليهن وكأنهن في معركة تحدي سافرة، يراهن فيها على كونهن يستطعن كسب وده رغم انفها، خاصة تلك الفتاة المتعجرفة سورا التي ما أحبت سوسن قط وقد احترقت غيظا بمجرد أن علمت بخطبة أيهم لها، لا سيما وقد كانت تمني نفسها منذ وقت طويل بأن تكون العروس المرتقبة له ولم تستسلم بعد!
كانت سوسن تحلم بحياة سعيدة هادئة مع زوج محب على غرار قصص الأبطال الخيالية “وتزوجا وعاشا بأمان ونبات وأنجبا البنين والبنات”، غير أن تصرفات أيهم لا تبشر بذلك الاستقرار الذي ترنو إليه نفسها، وقد تكون هذه هي مشكلة النجوم والمشاهير بشكل عام غير أنها تركت أثرها العميق في نفس سوسن و هي ترى العداوات تظهر أمامها سفاحا يوما بعد يوم، حتى تجرأت احداهن أن تتهامس مع زميلاتها متعمدة اسماعها ما تقوله عنها:
– هل تعلمن أن والد سوسن هو من دفع بابنته لأيهم؟؟
غير أن احداهن تصدت لها بقولها:
– ولم يفعل ذلك!! أنت تعرفين أنه ما من شاب في المدينة إلا وتمنى سوسن زوجة له، يكفي أنها على مالها وجماله ذات خلق نبيل؟؟
فترد عليها الأخرى:
– أكل هذا الدفاع عن سوسن من أجل ما قدمته لك ذلك اليوم! انها تشتري الناس بأموالها…
فقاطعتها بحدة:
– بل بأخلاقها ونبلها وطيبتها ثم إنني لست بحاجة لمن يشتريني بفضلات ماله إن كنت تفهمين!!!
كل ذلك وسوسن تتظاهر بأنها لا تسمع شيئا وهي غارقة في رسم لوحتها والألم يعتصر قلبها حتى كاد يمزقه!
حتى جاء ذلك اليوم الذي غير مجرى حياتها للأبد، فاتحا لها أبواب جديدة على مصراعيها ونوافذ مغلقة لم تكن تدرك أنها موجودة حاجبة عنها النور..
***
( يتبع ان شاء الله)
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تركته لأجلك

تركته لأجلك!

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين