مدرسة الفروسية – الفصل الخامس (حدود)
عن السلسلة
في عصر الانقسامات والحروب، تناضل مدرسة الفروسية لإنشاء جيل من القادة الأكفّاء. ينضم علاء للمدرسة بعد مأساة دامية مر بها، ونعيش معه طريقه لاستعادة مجد أمته الضائع.
تأليف: زينب جلال و محمد نجيب
رسم: رشا عبد الفتّاح و مصطفى كيوبي
التصنيف: تاريخي، درامي، فانتازيا.
قد يهمّك: “مدرسة الفروسية – مشروع حياة”
ثورة الأطفال – الفصل الرابع
عن السلسلة
عندما يغيب البالغون ويملك الأطفال زمام الأمور في المدينة، تختلط الرغبات الطفولية مع حس المسؤولية وتصبح المدينة مسرحاً لحرب عصابات الأطفال.
تأليف: محمد نجيب
رسم: أكيرا عبد الرحمن
تلوين: توتا كوكو
التصنيف : مغامرات، غموض، درامي.
اغتيال التاريخ -الفصل الثالث (دورك لتعرفي التاريخ الصحيح)
عن سلسلة “اغتيال التاريخ”
ترى هدى حلماً سريالياً يتبعه بعض الومضات الغريبة في الواقع، بينما يتعرض التاريخ العالمي للتشويه ويتأثر الوعي البشري بذلك التغيير، فيصبح العالم مختلفاً.
تقف هدى في صف الرافضين لهذه الأحداث.
هل لذلك الحلم علاقة بالأمر؟ كيف يتغير العالم بتغير التاريخ وما تداعيات ذلك؟ وكيف ستتصرف هدى؟!
تأليف: زينب جلال، محمد نجيب، محمد قمر
رسم: وائل سراج الدين
تلوين وتصميم: نور عمر
تصنيف القصة: خيال علمي، أكشن، درامي، غموض.
قد يهمّك: “نافذة إلى كواليس اغتيال التاريخ: رحلة النجيب في العالم العجيب.”
المؤمن القوي – ون شوت (على ثغرة)
عن السلسلة
“محمد” مدربٌ شاب، يفتتح مركزا للفنون القتالية، اطلق عليه اسم “المؤمن القوي”، ليكون أشبه بمدرسة تربوية مرشدة للفتية والناشئين، نحو السبيل القويم..
ومن هنا جاء اسم السلسلة؛ والتي ترافقون فيها بطلنا في مسيرته، من خلال قصص متنوعة، يواجه فيها مواقف مختلفة، افتتحناها بون شوت:”اليتيم”!
تأليف: زينب جلال
رسم: أكيرا عبد الرحمن
الشعار: نور عمر
تصميم الغلاف: ضياء ساما
التصنيف: دراما، مغامرات، أكشن
*ملاحظة: أول ظهور لشخصية البطل “محمد” كان في قصة “الرجل العظيم”
يمكنكم قرائتها عبر الرابط التالي:
https://nebrasmangaka.com/2023/06/the-great-man
المؤمن القوي – ون شوت (يتيم)
عن السلسلة
“محمد” مدربٌ شاب، يفتتح مركزا للفنون القتالية، اطلق عليه اسم “المؤمن القوي”، ليكون أشبه بمدرسة تربوية مرشدة للفتية والناشئين، نحو السبيل القويم..
ومن هنا جاء اسم السلسلة؛ والتي ترافقون فيها بطلنا في مسيرته، من خلال قصص متنوعة، يواجه فيها مواقف مختلفة، افتتحناها بون شوت:”اليتيم”!
تأليف: زينب جلال
رسم: أكيرا عبد الرحمن
تحبير وإخراج: أحمد الهمالي
رسم الغلاف والشعار: نور عمر
التصنيف: دراما، مغامرات، أكشن
*ملاحظة: أول ظهور لشخصية البطل “محمد” كان في قصة “الرجل العظيم”
يمكنكم قرائتها عبر الرابط التالي:
https://nebrasmangaka.com/2023/06/the-great-man
مدرسة الفروسية – الفصل الرابع (الفراق)
عن السلسلة
في عصر الانقسامات والحروب، تناضل مدرسة الفروسية لإنشاء جيل من القادة الأكفّاء. ينضم علاء للمدرسة بعد مأساة دامية مر بها، ونعيش معه طريقه لاستعادة مجد أمته الضائع.
تأليف: زينب جلال و محمد نجيب
رسم: رشا عبد الفتّاح و مصطفى كيوبي
التصنيف: تاريخي، درامي، فانتازيا.
قد يهمّك: “مدرسة الفروسية – مشروع حياة”
تركته لأجلك! – الحلقة 42
لم يخفَ على سوسن، أثناء مرافقتها لبهجة نحو المنزل، ملاحظة الألم الكبير المرتسم على وجهها، والمتناغم مع صوتها، مما أشعرها بضرورة مواساتها بدلا من انتظار المواساة لحالتها هي! فقالت لها بلطف:
– أرجوك عزيزتي، إنني بخير ولا داعي لهذا كله!!
غير أن بهجة التي لم تستطع حبس دمعات نفرت من عينيها:
– لا أستطيع مسامحة نفسي أبدا، فقد كان عليّ إخبارك منذ البداية بتحصين نفسك جيدا، لا شك أنها عين حاسدة أصابتك..
فنظرت إليها سوسن بابتسامة رقيقة، ولم تقل شيئا، فيما تنهدت في أعماق نفسها بألم:
– يا لطيبتك يا بهجة!! أبعد كل ذلك السفور الذي لا يُرضي الله حتما، تقولين أنها “عين”!! حتى لو كانت عين؛ كنت سأستحقها وبجدارة!!
وأمام صمتها تابعت بهجة:
– ربما في طبقتكم الراقية، لا تؤمنون بهذا الكلام، ولكن العين حق! وقد ورد هذا عن الرسول صلى الله عليه وسلم..
فأجابتها سوسن:
– أنا لم أنكر ذلك، ولكن العين لا تصيب إلا بأمر الله، وقد كنتُ أستحقها بلا أدنى شك، فلا تجامليني أرجوك.. لقد حاولتُ الخروج إلى الحفلة دون أن تريني، حتى لا تنصدمي بمظهري بعد حديثنا ذاك.. لقد انتقم الله مني حتما..
واختنقت الحروف في حلقها، فانفجرت باكية بنشيج أليم، فما كان من بهجة إلا أن ضمتها إليها وهي تربت على كتفها بحنان:
– إن الله يحبك يا عزيزتي، ويريد لك الخير بالتأكيد..
وصمتت قبل أن تتابع:
– العين حق وكل ذي نعمة محسود، لذا عليك بتحصين نفسك دائما..
ولم تشأ سوسن الدخول في جدل معها أكثر، إذ كانت متيقنة تماما من أنها الشخص الوحيد الملوم في هذا كله، بل كانت ترى أن من العيب في حقها؛ إلصاق ما أصابها على “العين”!!
أما بهجة فقد تابعت كلامها موضحة:
– أذكار الصباح والمساء هامة جدا، على الأقل داومي على الفاتحة وآية الكرسي، وسورة الاخلاص والمعوذتين، ولا تنسي قراءة خواتيم سورة البقرة (آمن الرسول..) كل ليلة، فهي ستكفيك من كل شيء بإذن الله، وإن دخلتِ مكانا فقولي (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق)، و(بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم)..
وانتبهت بهجة لنفسها فجأة قبل أن تقول مستدركة:
– المعذرة.. لقد أخذتني الحماسة وأنا أسرد عليك كل ذلك دفعة واحدة!!
فأجابتها سوسن وقد بدا أنها هدأت تماما:
– جزاك الله خيرا، فسأحفظها بالتأكيد إن شاء الله، بل إنني قد بدأت بحفظ بعض الآيات فعلا..
غير أن بهجة أخذت تبحث في جيوبها قائلة:
– أظن أنني أحمل بطاقة أذكار في جيبي.. انتظري لحظة، سأرى إن تركتها في المطبخ..
ما هي إلا لحظة أو لحظتين حتى عادت بهجة وفي يدها البطاقة:
– احتفظي بها، وحاولي الحفاظ على الأذكار دائما فهي حصن منيع بإذن الله يا ابنتي، حفظك الله..
فتناولتها منها سوسن شاكرة:
– جزاك الله خيرا…
واستدركت فجأة:
– كيف حال ابنتك؟
فتنهدت بهجة:
– آمل أن تكون بخير بعد أن تركت ذلك العمل، رغم انها أصبحت تعاني من اكتئاب واضح في الفترة الأخيرة… إنها فتاة مراهقة وعنيدة بالفعل.. لقد أفهمتها مرارا وتكرارا أن ذلك الشخص ما كان ليناسبها أو يسعدها أبدا، غير أنها لا تريد أن تفهم!! ولا زالت تفكر فيه!!! هداها الله.. لساني لا ينفك عن الدعاء لها ليلا ونهارا..
فزفرت سوسن بأسى:
– إنه الحب…
وإذ ذاك تذكرت كلمات نور:
” الحب جندي من جنود الله .. والله لا يحاسبنا على مشاعر لا حيلة لنا بها، وإنما يؤاخذنا على تصرفاتنا وردود أفعالنا التي منحنا فيها حرية الاختيار..”
***
أسرعت نور نحو مقبس الكهرباء لتشحن بطارية هاتفها، فور دخولها غرفة فندق المطار، والتي ستقضي فيها هي وعامر ليلتهما تلك، بعد أن أعلنت شركة الطيران تأجيل الرحلة إلى صباح اليوم التالي..
وبعد أن وضع عامر حقيبة يده الطبية قرب السرير؛ التفت إليها قائلا:
– ما رأيك بعشاء فاخر في مطعم الفندق؟ إنهم يقدمون مأكولات بحرية بطريقة مميزة حسبما قرأت..
غير أن نور- التي انشغل فكرها تماما بأمر سوسن- أجابته بعفوية، وهي تقوم بإعادة تشغيل هاتفها:
– يمكنك الذهاب وحدك إن أردت، فلستُ جائعــ….
لكنها بترت عبارتها مستدركة، وهي تضع الهاتف من يدها:
– شكرا لك.. يبدو عرضا مغريا..
فرمقها عامر بنظرات متفحصة، قبل أن يقول:
– ترغبين بمتابعة حديثك مع صديقتك.. أليس كذلك؟
شعرت نور برجفة خفيفة في جسدها إثر ملاحظته تلك، إذ ليس من الحكمة أن تُظهر ذلك لزوجها، وبكل ذلك الوضوح! فله عليها حق أيضا، ولا شك أنه كان يرغب بمرافقتها، ولم يكن يقصد الطعام بحد ذاته! ولكن ماذا عساها أن تفعل مع قلقها ذاك على سوسن!!
وقبل أن تفكر بطريقة مناسبة لإجابة عامر، بادرها بقوله:
– على كل حال لم يكن صوتك خافتا بما فيه الكفاية، وقد سمعتك تتحدثين عن الحب! فهل أنت واثقة من حسن تعاملك معه؟؟
فاحمرت وجنتا نور حياء- إنه اتهام صريح، فلا شك أنها برأيه آخر من يحق له الكلام في موضوع كهذا!!- فقالت مبررة لموقفها:
– لقد قلت لك إنها فكرة رائعة، فالعرض مغري فعلا!
فابتسم عامر:
– حسنا.. لا داعي لكل هذه المجاملات، فأنت تعرفين أنني لستُ جائعا أيضا، وكل ما في الأمر أنني ظننتها فكرة جميلة لنخرج معا، ولكن بما أنك ترغبين بالحديث مع صديقتك قبل أن نسافر إلى كوكب آخر…
فقاطعته نور بانفعال واضح:
– هذا يكفي أرجوك، فأنت تشعرني بالذنب بكلامك هذا، وسأرافقك إلى أي مكان تريده شئتَ أم أبيتَ…
فأفلتت ضحكة صغيرة من عامر قبل أن يقول:
– هل تقولين هذا من أعماق قلبك، أم لتبرئة ذمتك وحسب؟!!!
وقبل أن يفسح المجال لنور، تابع بلهجة أكثر جدية:
– لا عليك يا عزيزتي فقد أعفيتك، ولكن أخبري صديقتك أن الحب الحقيقي الدائم لا يمكن استمراره بغير “التقوى”.. فالخلة أعلى مراتب المحبة، ومع ذلك إن لم يتحلى الأخلاء بالتقوى، فسينقلب هذا إلى عداوة بلا شك، آجلا أم عاجلا، كما بين الله سبحانه وتعالى في قوله: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)
وأضاف وهو يرمقها بنظرات ذات معنى:
– لذا.. في ظل شريعتنا، عندما يبحث الرجل الصالح التقي عن الزوجة الصالحة التقية، لا يبحث عنها لتكون شريكته في دنياه حتى مماته وحسب، بل ولتكون شريكته في الجنة إلى الأبد بإذن الله.. هذا هو الحب الحقيقي كما أفهمه..
سرت قشعريرة في جسد نور لسماع ذلك، فرددت بتأثر:
– اللهم اجعلنا من المتقين..
وإذ ذاك فاجأها عامر بقوله:
– من هذا المنطلق يا زوجتي العزيزة، قررتُ التنازل عن الوقت الذي كنت أنوي قضاءه معك، احتسابا لله، لعل كلامك مع صديقتك يكون سببا في…
وصمت قليلا قبل أن يتابع بابتسامة مرحة:
– زيادة حبك لي..
فتوردت وجنتا نور، وهي ترد عليه بابتسامة مماثلة:
– في هذه الحالة لن أنسى معروفك هذا أبدا، وسأعوضك عنه حتما..
فنظر إليها عامر:
– أهذا هو ردك! تعوضينني فقط!! بماذا؟؟؟
فأجابته نور:
– بالخروج في وقت آخر طبعا!
فضحك عامر بملء فيه معلقا:
– وكأنك لستِ من أصرّ قبل قليل على الخروج معي الآن شئتُ أم أبيت!!
عندها ردت عليه نور بانفعالها المعهود:
– كنت أظنك جادا في كلامك عن التنازل أيها الطبيب المحترم!!
غير أن عامر أجابها بلهجة لا تخلو من جدية:
– بالطبع جاد تماما، لكنني أحببت ممازحتك قليلا!! ثم إن طبيعة مهنتي تحتم عليّ مراعاة ظروف الآخرين، وسلامتهم النفسية، ولا شك أن صديقتك بحاجة للحديث معك الآن، فلا تتأخري عليها أكثر..
واستطرد بابتسامة مُحبة:
– أما التعويض.. فيكفيني أن تتذكري أمر اللوحة..
همّت نور بسؤاله عن أي لوحة يتحدث؛ لكنها أمسكت لسانها في اللحظة الأخيرة، وقد تذكرت موضوعها الذي يُفترض أن لا تنساه أبدا!! فاكتفت بابتسامة واثقة:
– بالتأكيد.. إن شاء الله..
فأردف عامر وهو يهم بالخروج من الغرفة:
– سأقوم ببعض الأبحاث على الشبكة، في قاعة الحاسبات…
وغمزها متابعا:
– يمكنك التحدث على راحتك الآن.. وفقك الله..
فابتسمت له نور بامتنان شديد:
– جزاك الله خيرا، وبالتوفيق لك أيضا..
وما أن خرج عامر حتى أصدر هاتفها نغمة استلام رسالة:
” اعذريني يا صديقتي العزيزة، فرغم أنني قرأت رسائلك بخصوص سفرك المفاجيء، ولا شك أنك مشغولة الآن، لكنني بحاجة ماسة لاستوضاح بعض الأمور منك، أرجو أن تتمكني من مهاتفتي قبل إقلاع طائرتك إلى خارج البلاد وجزاك الله خيرا”
وفورا.. ضغطت نور زر الاتصال، سائلة اهلن أن يلهمها الصواب، ويوفقها هي وصديقتها لما يحب ويرضى..
***
أخذت الخادمات في منزل سوسن يرقصن طربا، ويغنين فرحا بكلمات تعبر عن مقدار نشوتهن، إثر رؤية ذلك الخبر الذي انتظره جميع من في المنزل بفارغ الصبر..
حتى بهجة، أصبح اسمها عنوانا لوجهها تلك الليلة؛ رغم ما حل بها أوله!!
وأسرعت إحدى الخادمات لغرفة سوسن؛ لتزف إليها البشرى، غير أن بهجة استوقفتها بقولها:
– لقد دخلت الآنسة غرفتها للتو، ولا تريد إزعاجا الآن، خاصة وأنها تجري اتصالا هاما..
فارتسمت علامات خيبة أمل على وجه الخادمة بوضوح:
– ولكنه خبر هام أيضا! فهو يؤكد تلك المقولات حول ازدياد شعبية والدها في الجولة الانتخابية!! لقد حصد أكثر من نصف أصوات الناخبين في الفرز الأوّليّ، ولم يتبق لنا سوى انتظار إعلان النتيجة النهائية رسميا!!
وتابعت وهي تكاد تطير من الفرحة:
– هل تتخيلين معنى هذا يا كبيرة الخدم!! سنصبح مستخدمات لرئيس الوزراء مباشرة، يا لحظنا السعيد!!
فأومأت بهجة برأسها متفهمة:
– بالتأكيد أفهم هذا يا عزيزتي.. ولكن علينا احترام رغبة الآنسة سوسن، وسيكون بإمكانك اخبارها هذا في وقت لاحق..
وغمزتها باسمة:
– اطمئني.. سأحرص على أن تبلغيها هذه البشارة بنفسك!!
فهتفت الخادمة وهي تقفز بسعادة:
– شكرا لك.. لن أنسى لك هذا المعروف أبدا..
فيما تمتمت بهجة برضا:
– الحمد لله.. فالسيد كارم رجل طيب وكريم، ويستحق كل الخير فعلا..
***
في تلك اللحظة، و في مكان ما، في إحدى زوايا غرفة معتمة، تسلل ضوء القمر من شق النافذة، ليرسم ظلالا مخيفة لشخص غامض، بعد أن أغلق التلفاز الذي كان مصدر النور الوحيد في غرفته!
وبعصبية ظاهرة.. رمى من يده جهاز التحكم بالتلفاز، ليرتطم بطاولة صغيرة، كادت أن تبعثره إلى أجزاء متهشمة..
وبكل ما يعتمل في صدره من حقد وغضب، أطلق ضحكة ساخرة، رددت صداها أرجاء تلك الغرفة الشاحبة:
رئيس وزراء إذن!!!!!!!!!!
أنت تحلم أيها الوغد!!!
سأجعلك تذوق طعم الانتقام، بل وتتجرع مرارته بيدي هاتين، حتى تتمنى الموت ولا تجده!!!!
بل سأجعلك تمقت الساعة التي ولدتك فيها أمك!!!
وستجثو على ركبتيك أمامي، دون أن أرحم توسلاتك الذليلة أيها الحقير..
إضحك كما بدا لك الآن يا كارم.. فقد اقتربت لحظة الانتقام…
………
يتبع ان شاء الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
تركته لأجلك! – الحلقة 41
تركته لأجلك! – الحلقة 40
– خير إن شاء الله..
مسترجعة آخر حديث دار بينها وبين سوسن قبل يومين، عندما سألتها عن بعض الأمور الفقهية في الطهارة والصلاة، بعد أن أنهت قراءة كتيب في الفقه الميسر نصحتها به سابقا، كما حدثتها عن إنهائها لكتاب الشيخ علي الطنطاوي “تعريف عام بدين الاسلام” ومدى تأثرها به وإعجابها بأسلوبه، أخبرتها بالكثير مما قرأته وتخطط لقراءته..
فابتسمت في سرها مستبشرة:
– إن سوسن تتقدم باستمرار ما شاء الله، لن أتعجب إن فاجأتني بخبر حجابها قريبا..
غير أنها سرعان ما تذكرت الظروف المحيطة بها، فرددت من أعماقها:
– يارب.. ثبتها على الحق والدين، واهدها الصراط المستقيم، ووفقها لما تحب وترضى يا كريم وطمئن قلبي عليها يا أرحم الراحمين..
***
لم تشعر سوسن بعذاب كالذي شعرته في ذلك الوقت.. كانت تقنع نفسها جاهدة بأن الأمور لن تتجاوز ذلك الحد- الأليم بحد ذاته! فهذا وضع طبيعي في عالم “الفن!!”.. عازف يشارك مغنية.. أو ممثلة وحتى… راقصة!! كلهن سيان… متجاهلة معرفتها المسبقة بنوايا سورا الواضحة تجاه أيهم، والتي تمكنت بصعوبة من تجاوز قلقها بشأنها في الفترة الأخيرة.. لكنها هاهي تصر على إثارة مخاوفها وقلقها من جديد..
حتى ذلك التجاهل لم يعد يجدي نفعا أمام ما تراه الآن أمام عينيها، وتشهد عليه بنفسها..
لقد باتت الأمور واضحة لها الآن ولا شك في ذلك..
لم تكن سورا لتغيب عن الساحة مؤخرا إلا لهدف.. وها هي قد أحكمت قبضتها، وربحت الجولة!!!
وكأن تلك الحركات المتعمدة لاستمالة أيهم لم تكن كافية لطعن سوسن في صميم قلبها، فما زالت على قيد الحياة وما زال بإمكانها احتمال المزيد على ما يبدو، إذ راعها انضمام أيهم فجأة لمراقصة سورا بإيحاء منها، في حركة أثارت انبهار الحضور، فتعالت صيحات الاعجاب والتصفيق الحار، أمام تجاوبه معها بتلقائية، كمن يتبع إشارات (مايسترو) محترف، فينفذها تماما كما يريد ومن دون نقاش!!
تمنت سوسن لو انهى قضت نحبها قبل أن تسُقها قدماها لحضور مشهد كهذا! ولم يعد بإمكانها استحداث حجج واهية أخرى تهدئ بها نفسها من أن أيهم ما فعل ذلك إلا مجاملة لها، وأنه لم يكن ليرفض طلبها أمام تصفيق الجموع وتشجيعهم، بل بدا لها مغيبا تماما وهو يغرق في عالم سورا وحدها!!
لم يلتفت نحوها وهي خطيبته الحبيبة كما يقول ولا حتى مرة واحدة منذ أن صعدت سورا المنصة، ولم يبد أنه قد شعر بوجودها في المكان وهو يشارك سورا رقصتها.. بل لقد بدا كمن نسي أن لها وجودا في هذا العالم كله!
كيف لم تنتبه لهذا من قبل!! إنها معزوفة أيهم التي أخبرها ذات مرة، أنها ما كانت لترى النور لولاها! وما حركات سورا الراقصة التي تراها، وانضمام أيهم لها بعد ذلك إلا تجسيدا لمقاطعها، وها هي سورا على وشك تجسيد الفقرة الأخيرة فيها.. “القبلة الأزلية”!!!
كلا.. لا يمكنها مشاهدة المزيد!! ولا يمكنها احتمال البقاء في المكان أكثر، إذ لم يعد في قلبها خلية سليمة يمكن لسهم جديد اختراقها، لقد انفجر المرجل أخيرا..
فجرت خارج القاعة، وهي تجهش ببكاء لم تتمكن من كتم نحيبه، أخذت تجري دون أن تعرف وجهة محددة تذهب إليها، وسياط اللوم تكويها من جهة..
– لماذا لا تتعلمين من أخطائك!! ألم تمري بحالة مشابهة في حفلة سابقة!! إلى متى ستحتملين هذا العذاب ثم تنهارين هكذا فجأة وعلى الملأ!! كان عليك أن تحسبي حساب هذا من قبل!!
وسياط القهر تكويها من جهة أخرى..
– لماذا يا أيهم.. لماذا تطعنني في قلبي وأمام عيني!! لماذا لا تفكر بمشاعري ولو للحظة!! ألم أفعل كل شيء لأرضيك!! حتى حجابي.. تركته من أجلك… كل هذا.. لأنني أحبك.. أفهكذا تدوس على قلبي حتى تسحقه!! أهذا هو الحب العميق الذي سنجتاز به عقبات الحياة!!!
تمنت لو تنشق الأرض وتريحها من هذا العالم، لو أن أمها ما ولدتها، لو أنها…..
ولم تشعر بنفسها إلا وهي بين ذراعين تلقتاها بحنان بالغ، لتضماها بشدة، فيما انخرطت هي ببكاء شديد لم تستطع إيقافه..
ولم تدر كم مر عليها من الوقت وهي على تلك الحال، قبل أن تنتبه لنفسها مرددة:
– أيهم؟؟!!
غير أن صوتا آخر مألوفا لديها أجابها:
– هل أنت بخير يا سوسن؟
فرفعت رأسها نحوه، لتهتف بدهشة:
– الاستاذ سامر!!!
وبسرعة.. انتزعت نفسها منه بصعوبة، وهي تبذل جهدا كبيرا حتى لا تفقد وعيها وهي بين ذراعيه، وتراجعت خطوتين إلى الوراء.. لتقول له دون تفكير:
– لماذا أنت هنا.. أستاذ سامر؟
ورغم سحابة الحزن التي خيمت على وجهه إلا أنه أجابها بابتسامة حانية:
– لأراك.. وأقف إلى جانبك..
غير أن الهتاف الذي علت نبرته من داخل القاعة، أبى إلا أن يذكرها بمأساتها، فالتفتت نحو المنصة البادية من الشرفة، لتراع بما تفضل (لو تُقتل ألف مرة) على رؤيته!! ولم يخفَ على سامر فهم ما بها وهو يرى آخر مشاهد “القبلة الأزلية”، حيث شخصت عينا سوسن، فأسرع يسندها قبل أن تسقط مغشيا عليها من الكرب الشديد، الذي سرى في أنحاء جسدها دون أن يترك فيه شيئا لم يتضرر.. قدماها لم تعودا تقويان على الحراك، ذراعاها ارتختا، وحتى دموعها.. جفت من مآقيها!!
أخذ سامر يهزها من كتفيها برفق وهو يسندها على كرسي أجلسها عليه:
– إنه لا يستحققك أبدا؛ فلماذا تهمّين نفسك من أجله!! أرجوك يا سوسن.. لا تدمري نفسك من أجله، فهناك من يحبك بصدق ومستعد للتضحية بحياته من أجلك… إنني أنا يا سوسن.. أنا سامر الذي لم يستطع العيش لحظة واحدة منذ أن رآك دون التفكير بك.. لقد أتيت هنا لعلي أراك، ولم يكن لي هم سوى ذلك.. أقسم بأنني سأعمل على إسعادك وتحقيق كل ما تريدين.. أرجوك.. فكري بقلب يتعذب في اليوم ألف مرة ببعده عنك.. تماسكي أرجوك.. من أجلي…
لم تكن سوسن تعي ما يقوله سامر، فقد كانت ذاهلة تماما عما يدور أمامها، وقد بدأت تغرق في الظلام الملتف حولها، وهو يمد بأذرعه الأخطبوطية ليخنقها..
ظلام في ظــــــلام في ظـــــــــــــــــــــــــــلام في ظـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
ألا من بصيص نور ينقذها!!!!!
***
لم تكد نور تفتح هاتفها بلهفة بمجرد هبوط الطائرة، حتى سرّها استقبالها لتنبيه حول اتصالين من سوسن، وقبل أن تضغط على زر إعادة الاتصال بها، أتاها الاتصال الثالث منها فردت عليها بلهفة:
– الحمد لله أنني تمكنت من سماع صوتك قبل أن نغادر البلاد….
فما راعها إلا صوتٌ ذكوري يجيبها:
– عفوا.. أرجو المعذرة يا سيدة نور لاتصالي المفاجئ بك، معك الاستاذ سامر وقد اتصلت للضرورة بناء على رغبة سوسن..
ألجمت الدهشة فم نور، وعقدت لسانها بشدة، وغاص قلبها أسفل قدميها..
الاستاذ سامر؟؟ ما الذي يجري .. ماذا أصاب سوسن، هل هي بخير؟؟؟؟؟ لطفك يارب..
فيما تابع سامر كلامه أمام صمتها:
– إنها في غرفة العناية، إثر صدمة نفسية عنيفة أفقدتها وعيها، لكنها أفاقت قبل قليل وطلبت الحديث معك فورا، لذا أرجو منك أن لا تثقلي عليها بالحديث من فضلك..
أخذ قلب نور يدق بشدة، وآلاف التساؤلات تزدحم في رأسها من جديد حتى كاد أن ينفجر بها..
لماذا سامر هو من يدير لها الاتصال؟ وما هي طبيعة العلاقة التي تربطه بسوسن ليحدثها بهذه الطريقة!! أين أيهم عنها؟؟ هل حدث مكروه؟؟ هل وهل….
وأخيرا جاءها صوت سوسن الواهن بجملة واحدة فاجأتها:
– ما هو الحب يا نور؟
































































































