بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


رحلة النجيب في العالم العجيب: تجربة العمل في فريق صناعة مانجا

منذ انطلاقة رحلة مشروع “مدرسة الفروسية،” مروراً بعملنا في مانجا “اغتيال التاريخ،” والتي كانت سبباً في إرساء قواعد تأسيس “نقابة المانجاكا العرب؛” مررنا بالكثير من المواقف والصعوبات والعقبات، فتارة تكون السماء صافية مشرقة، وتارة تهب عواصف مزمجرة توشك أن تغرق سفينتنا وسط أمواج متلاطمة، لا طاقة لنا بها، لولا لطف الله.

كان علينا اتخاذ الكثير من القرارات المصيرية الحاسمة، وخوض مواجهات دامية، كادت أن تضع حداً لرحلتنا، ونهاية لآمالنا، ولكن الله سلّم! ولولا إيماننا العميق بأنه لا حول ولا قوة لنا بغير عون الله وتوفيقه؛ لما استطعنا المضيّ قدما بعزيمة وثبات، بفضل الله!

وإذا كان إعلان مشروع العمل على مانجا اغتيال التاريخ، قد تم في السابع عشر من رمضان لعام 1441هـ/ 2022 – تيمنا بذكرى غزة بدر الكبرى- فإننا وبعد سنتين من العمل الجاد الدؤوب، يسعدنا نشهرها على “نبراس المانجا” بوصفها مانجا متميزة، والذي نعمل على إشهاره في السابع عشر من رمضان 1443هـ/ 2022!

وها نحن وخلال استراحتنا في أحد المرافئ الهادئة، يسعدنا أن نضع بين أيديكم بعضاً من تجارب رحلتنا، من خلال جلسة حوارية، طرحت أسئلتها “زينب جلال،” وأجابها “محمد نجيب،” ودوّنها “أحمد صقر (ضياء،)” ورسم سفينتها “بدر الدين العمراني،” آملين أن تجدوا فيها الخير والفائدة.


السؤال الأول: بوجهة نظرك ما هي أهم أخلاقيات التعامل ضمن الفريق، والنصائح الموجهة للمؤلفين عند الانضمام لفريق تأليف؟

أخلاقيات التعامل مع المؤلفين, هي نفسها أخلاقيات التعامل مع أي شخص، سواء مؤلف أو غير ذلك.

أما في إطار العمل فواضح أنه احترام الأفكار وعدم السخرية من أفكار الغير وعدم محاولة كتم أفكار وتفكير الغير. لا تُقاطع، احترم وجهة نظر زميلك، عدم سرقة الأفكار من بعضنا البعض والحفاظ على العلاقة الطيبة, والتعامل بكلمات بنفس مستوى المؤلفين، وليس كلمات من الشارع.

النصائح الموجهة للمؤلفين عند الانضمام لفريق تأليف:

حاول أن تكون عادل في طرح أفكارك وفي تقبل أفكار الغير، فلا تكابر لأن المكابرة ستعيق العمل، فإن كان لديك وجهة نظر وأفصح زميلك عن وجهة نظر أخرى، ورأيت أن وجهة نظره صحيحة، فلا تعترض وتظهر العكس، فهذا خطأ، عليك أن تعترف عندما يعطي زميلك فكرة تدحض فكرتك أو أفضل من وجهة نظرك، وهذا كله للمحافظة على سير سفينة العمل للأمام.

فإن تمسك كل شخص بوجهة نظره، ولم يترك البقية يعبرون، فهذا سيعيق العمل، ويبطئ عمل الفريق

و بطريقة ابسط : إن رأيت أن أفكارك أو وجهة نظرك لم يتم استعمالها أو أخذها بعين الاعتبار، أو ربما هناك شخص أخر أعطى فكرة أو وجهة نظر أفضل أقنعت الغير، فهذا لا يعني أنك لا تقدم أي دور، وتشعر بأنك لا تساعد الفريق، فبمجرد انك خضت نقاشاً مع هذا الشخص وفتحتم نقاشاً حول وجهة نظره، وجعلته يحاول يثبت وجهة نظره بطريقة أو بأخرى، فهذا قد ساعد الفريق لكي يفهم وجهة نظره أفضل ويحاول إن يحسن منها، وهكذا تكون قد ساعدت الفريق ولم تكن عبئاً عليه وكان لك دور مهم.


السؤال الثاني: برأيك ما هي أفضل طريقة للتعامل مع الرسامين؟

أفضل طريقة للتعامل مع الرسامين أعتقد أنها اعتبار الرسام، كرسام فقط، سيكون أفضل من اعتباره كعضو في التأليف, فالرسام سيكون هو المخرج وأنت كاتب السيناريو.

فاعتقد لو نظرنا للرسام بنظرة المخرج، سيكون أفضل من أن نقحمه في نقاشات التأليف، وهذه وجهة نظري كعضو في فريق سابق.

اعتقد أن علينا التعامل مع الرسام باحترام واحتراف، بنفس الطريقة التي نتعامل بها مع المؤلفين أو مع أي شخص في هذا العالم.

الآن إن كان الرسام لديه وجهات نظر حول القصة بحد ذاتها وليس الإخراج، فهنا سيكون نقاش آخر.

هنا عليك الاستماع لوجهة نظره, ومحاولة إقناعه، وإن كنت ترى أن وجهة نظره ستخل بالقصة وما إلى ذلك، فحاول أقناعه بحجج وطريقة هادئة، واحترام وجهة نظره، وفي النهاية بكل أدب وصراحة تواجهه بأن فكرته غير قابلة للإدخال في القصة، أما إذا كانت فكرته أفضل وأصح وكنت تتظاهر بعكس ذلك، فعليك التخلي عن المكابرة هنا، وبطريقة سلسة حاول إدخال الفكرة لقصتك وبلورتها.

بالإضافة للجانب العملي مع الرسام, عليك أن تضعه في أحسن الظروف وتسهل له العمل، ففي مجال المانجا هنا، لو استطعت على الأقل أن ترسم له “ستوري بورد” فسيكون جيد، فرسم “الستوري بورد” لا يعني أنها النسخة النهائية، بل يعني انك تسهل له فهم وجهة نظرك، وكيف تنوي أن تخرج السيناريو الذي لديك. وهو بطريقته وبأسلوبه سيحاول أن يحسنه ويضع لمساته، فمن الضروري طبعا أن يضع الرسام لمسته الأخيرة.

المهم انك تسهل وتبسط له العمل، بل وأكثر من ذلك، فإن سألك الرسام مليون سؤال، عليك أن تجيب على كل سؤال بكل فرح وسرور، لأنه لن يدخل لعقلك ويفكر كما تفكر، فعليك أن تضعه في الصورة بكل جوانبها، فإن سأل فأجبه بكل بساطة وسرور.


السؤال الثالث: لو أردت العمل مع رسام، فما هي أول الأمور التي يجب أن تأخذها بعين الاعتبار؟

عليك أن تأخذ باعتبارك بأن الرسام شريكك في العمل، والشراكة بالعمل تعني أننا سنتقاسم نفس التعب والمجهودات، وعليك أن تتحلى بالصبر في عملك مع الرسام وتأخذ باعتبارك أيضاً أنّ هذا الرسام ربما ليس من نفس ثقافتك، فعليك أن تكون سلساً في التعامل معه.

وعليك أيضا الآخذ بالحسبان بأن هذا عمل احترافي وليس عمل هاوِ، وفي العمل الاحترافي قد نواجه صدمات ونصطدم بتصورات خاطئة ربما عن ما لدينا من أفكار. وكما قلت سابقا، عليك التخلي عن المكابرة, اعتقد انه عندما تعلم ماهو العمل الاحترافي, سيكون من السهل عليك أن تتعامل مع الرسام أو أي شخص آخر في الفريق.


السؤال الرابع: عند اختلاف الرأي بين المؤلفين، بماذا تنصح؟

في حالات كهذه، نحن اعتمدنا أسلوب التصويت، فمثلا لو كنا 4 مؤلفين، وكانت هناك فكرة أو اثنتين نناقشها كلها، وإن كان هناك من يعترض عليها، فسنضعها للتصويت، والفكرة التي تفوز بالأغلبية هي التي نستعملها.

ربما سيكون أسلوب الإقناع جيداً، لكنه قد يصطدم بالمكابرة، وهنا سنفشل في استعمال أي فكرة من الأفكار، وسنحاول البحث عن فكرة ثالثة، وهذا ما سيضعنا في دوامة إرضاء الغير، فنحاول إرضاء طرف مع عدم إغضاب طرف آخر، وأنا أعتبر هذا خارج نطاق الاحتراف.

أنا من اقترح فكرة التصويت في فريق العمل، واعتقد أنها من الأمور التي جعلتنا نمضي للأمام.

لكن هذا لا ينفي أنّه في بعض الأحيان، محاولة ابتكار أفكار جديدة يكون مفيداً للقصة، خصوصاً إذا كانت الفكرة الجديدة غير تسليكية من باب إرضاء الطرفين فقط.

فأحيانا الخروج بفكرة جديدة جعلنا نفتح أفاق جديدة في عقولنا وتفكيرنا، وأيضا في العمل الاحترافي في فريق العمل، إن كان احدهم قد أعطى فكرة واضح أنها لن تفيد القصة ولم تكن بقدر التطلع، فالاحترام واستعمال الكلمات السليمة واجب، لكن عليك مواجهته بالصراحة بطريقة جميلة ومهذبة، فالصراحة جميلة في العمل.


السؤال الخامس: كيف تختلف كتابة القصة العادية عن كتابة قصة لمانجا؟

إن كنا نتكلم عن قصة فليس هناك اختلاف أبدا

فكل القصص مانجا أو غيرها، لديها نسخ روائية، وأنا اعتقد أن هناك العديد من المانجات مقتبسة من روايات أيضا، واعتقد أن كتابة القصة العادية لا تختلف عن كتابة القصة لمانجا، وإن كنا سنتكلم عن تحويل القصة العادية لمانجا، فهنا واضح أنه سيكون هناك اختلاف، كالاختلاف في عرض المشاهد وكثير من الأمور، لكن إن كنا نتكلم عن قصة، فالقصة هي قصة بكل بساطة، سواء مانجا آو أي شيء آخر

السؤال السادس: عندما يتعاون مؤلف ورسام في إنتاج عمل، وتكون لدى الرسام نظرة محددة من ناحية التقسيم والإخراج وممكن حتى لبعض مشاهد القصة، كيف للمؤلف أن يتعامل مع ذلك؟

كما قلت سابقاً، التعامل معه بسلاسة وإقناعه إن كانت فكرته لا تفيد، والصراحة أيضاً واجبة لكن بطريقة مهذبة، والإخراج بالنهاية يعود للرسام فهو الأجدر بذلك والأفهم بهذه الأمور، فهو الذي يرسم.

لكن كما قلت، أن تشرح وتبين له أفكارك سيكون مفيد لك، وإن كانت فكرته أفضل من فكرتك وقد اقتنعت بذلك، فلا تكابر، ولتمضي للأمام.


السؤال السابع: ما هو الفرق بين التأليف الفردي، والتأليف ضمن فريق، وما هي مميزات وسلبيات كل منهم؟

التأليف ضمن فريق، سيكون عمل عدة عقول على قصة واحدة، بينما التأليف وحدك سيكون عمل عقلك وحدك.

عندما تعمل العديد من العقول على قصة واحدة، فهذا سيجعل القصة أوسع وأكثر وضوح وأكثر إقناعاً، ومن جميع النواحي ستكون أفضل من لو انك عملت لوحدك، لأنك ربما في تفكيرك قد غابت عنك بعض الأمور، فسيساعدك زميلك في إيجادها وإظهارها، لذا جودت عمل شخص واحد ليست كجودة عمل فريق. هذا إن كان الفريق منسجماً.

وهنا سندخل في السلبيات، فإن العمل ضمن فريق سيجعل عملية الانسجام صعبة جدا، وهنا ستبدأ المشاكل.

وأيضا من مميزات العمل كشخص واحد على قصتك، سيكون أسرع من عمل الفريق، فعمل الفريق سيدخل ضمن نقاش واجتماعات وغيرها من الأمور

لكن دعنا نشبهها بالأرنب والسلحفاة, فعندما تعمل وحدك ستكون كالأرنب وتصل مباشرة لهدفك بسرعة، أما عندما تعمل في فريق فستكون كالسلحفاة، وسيطول عليك الطريق, لكن في النهاية أعتقد أن النتيجة ستكون أكثر جودة عندما تعمل ضمن فريق منها عندما تعمل لوحدك

أما الفروق الأخرى التي لم أذكرها فهي واضحة.


السؤال الثامن: ما هي أكثر الصعوبات والعقبات التي قد تواجه فريق عمل مانجا، وكيف يمكن التعامل معها؟

الصعوبات والعقبات هي كثرة الانشغالات، فربما أنت اليوم تملك وقتاً العمل بينما زميلك لا يمتلك الوقت، ومن الممكن أن يكون فريق التأليف متقدماً عن الرسام، وربما لأنّ الرسام يعمل وحده، فليس لديه نفس الوقت الذي تمتلكه أنت وزملائك في فريق التأليف.

فهذه العقبة الأولى المتمثلة بالتوقيت والتزامن، والوقت عموماً.

أيضا من العقبات الموجودة في عمل مانجا هي كما قلنا في النقاشات، وهي اكبر العقبات، فإيجاد الانسجام والتوافق سيكون هو الأكثر صعوبة، أما الوقت وغيره فإن كنت ترى أن العمل يسير بسلاسة حتى وإن كان يطول الوقت وتسليم الرسام للصفحات، فأنت سترتاح لأن الفريق منسجم.

كيف يمكن التعامل مع الصعوبات التي تواجهها في فريق عمل المانجا؟!

كنا قد اجبنا على جزء من التعامل مع الصعوبات في الأسئلة السابقة، أما جزء التوقيت والانسجام، فكما قلت إن كان العمل يسير بسلاسة والفريق متفاهم، فلن يضر إن طال تسليم الرسام للصفحات، مادام أن الكل متفق ومتوافق والعمل يسير بسلاسة، وهذا الحمد لله ما يحدث معنا في فريق مانجا “اغتيال التاريخ،” لكن وبعدما تغير التوجّه واصبحنا نعمل على مجلتنا الخاصة وليس فقط مانجتنا الخاصة؛ اصبح الالتزام بالجدول الزمني قاعدة أولى، فاضطررنا للتضحية بنسبة من الجودة مقابل الانتهاء في الوقت المحدد.

من الصعوبات التي قد تواجهها أيضا، ربما انسحاب عضو من الأعضاء أو تعذر إكماله للعمل، وهنا ستكون مشكلة، لكن كيف تواجهها؟

الأمر عادي، ففي الحياة هناك صعوبات تواجهنا في كل المجالات، فعلينا التمسك بالله والدعوة له والاستغفار، ونواصل العمل مجددا، فلا مشكلة مادمنا منسجمين.


السؤال التاسع: إذا كانت هناك روايات انمي يابانية ومانجات قرأتها وأعجبت بها، فاذكر نبذة عنها وسبب إعجابك بها، وكيف يمكن الاستفادة من ذلك؟

هجوم العمالقة (Attack on Titan) هي المانجا الأولى التي جاءت لذهني، فهي الأكثر تكاملاً من كل النواحي، وهذا سبب إعجابي بها، فهجوم العمالقة فيها الغموض وفيها الدراما والأكشن والكوميديا و التراجيديا.

قصة خيالية تحكي عن عمالقة والعديد من الأمور الخيالية، لكن في إطار واقعي جدا، فتعامل الشخصيات واقعي، والمشاعر واقعية والظروف واقعية، فعندما تكون الظروف على نحو أن فرقة الاستطلاع أمام العمالقة، فمن الواضح أن الأفضلية للعمالقة، وإن حدثت معركة وكان هناك نقص عددي لفرقة الاستطلاع، فهي ستخسر في النهاية ويموت الأشخاص، وهذا هو الجانب الذي أحبه وهو الواقعية، لا يوجد هناك تضخيم لأبطال القصة أو “Over power” كما يقال بالانكليزية, بالإضافة للعديد من الأمور الجميلة في القصة.

ومانجا أخرى لدينا القناص (Hunter X Hunter،) وهي أكثر مانجا أراها معقدة ومشوقة جدا، فهي تحمسك وتشوقك وأنت تقرأ مانجا فقط، وهناك ون بيس (One Piece،) فكاتبها كتب أموراً في بداياته للقصة، (منذ 1997 كما أظن) وإلى غاية اليوم لا زال يشرحها. لديه ترابط كبير بقصته، وهذا ما يبعد احتمال الفشل عن القصة ويعجبني في “ون بيس.”

ومما أعجبني أيضا مانجا “ون بانش مان” (One Punch Man) لأن رسمها رهيب، وهو ما لفتني وليس القصة، فالرسم جميل وتعابير الوجه جميلة أيضا، وهذا ما يسري أيضا على مانجات مثل “فاغابوند” (Vagabond) و “بيرسيرك” (Berserk.)

الآن لو كنا سنستفيد منهم، كيف؟!!

نأخذ من هجوم العمالقة، أنها مانجا شاملة لكل الأمور، وتحوي كل شيء، أهمها الواقعية الكبيرة في أسلوب الإطار الخيالي, ويمكننا أن نأخذ من “ون بيس” الترابط، حتى وان طالت القصة، ونأخذ من “القناص” التشويق، ومن البقية الرسم.


السؤال العاشر: برأيك ما هي أكثر الأشياء التي يجب أن يفكر فيها المؤلف قبل أن يبدأ بصناعة قصته، كيف يبدأ وكيف ينتهي؟

وما هي أهم نصيحة تقدمها للمؤلفين بشكل عام، ومن ثم بشكل خاص؟ في حال كانوا سيعملون وحدهم أو ضمن فريق؟ و إذا أراد مؤلف أن يكون فريق عمل للتأليف والرسم، فما هي الاعتبارات التي يجب أن يأخذها بعين الاعتبار أولا؟

قبل أن يبدأ المؤلف صناعة قصته، عليه أن يراجع نفسه، ويفكر بالأمور التي يريد أن يوصلها للقراء، وما هدفه في هذه الحياة، وما هو الدور الذي يريد أن يناله في هذه الحياة.

فإن أردت أن أكون شخص مؤثر على من يقرأ قصتي، فعلي أن أراعي مدى تأثيري على من سيقرأ قصتي وعلى من سيشتريها، وسيكون التأثير أولا في إطار ديننا الإسلامي، فلا يجب أن أروّج لأفكار لا توافق ديننا، أيضاً في إطار سليم بعيداً عن اللاأخلاقيات.

أن أراعي الفئة العمرية التي استهدفها، فعليّ أن أكتب بما يناسب الفئة العمرية المستهدفة، وعلي التفكير بكيف ابدأ بصناعة قصتي وما هي الأفكار التي يجب أن تحتويها، أفضل حل استعمله شخصياً عند كتابة قصة.

هو أني أطرح سؤال وأجيب على هذا السؤال بقصة.

مثلاً “ماذا لو؟!”

فسؤال ماذا لو، دوما استعمله عندما تغيب عني الأفكار، مثلا ماذا لو أصبح هذا العالم خالياً من الماء؟! ماذا لو لا يوجد لدينا أباء وأمهات؟! ماذا لو لا يوجد أطفال، وهكذا…

أطرح سؤالاً وانطلق من الإجابة عليه بقصة, وبعد فرضية الـ (ماذا لو؟!)، سأنتقل لكيف!؟, كيف أوظف إجابتي على السؤال هذا في قصة؟

وبعد الكيف “ماذ؟!” ماذا سأوصل عبر هذه القصة، ولما طرحت هذا السؤال ولم أجبت عليه. هذا كله في إطار العمل الفردي.

الآن ماذا لو كنا فريق، فكيف سنبدأ!؟

في حال الفريق, فسيكون لكل منا أسلوبه وطريقته في بلورة قصة أو إيجادها, المهم أنه ستكون لدينا فكرة.

أحدهم سيطرح فكرة، وقد تعجبنا، وبعدها سنبدأ بكتابة هذه الفكرة كقصة أهم شيء هو الشخصيات، ومنطقية القصة، كما قلت الواقعية والمنطقية أمر جميل.

عندما نكتب شخصية، فلنحاول أن نتحاور مع هذه الشخصية ولنحاول جعلها تتكلم، بل وكأنها عضو في الفريق, فكنت أحيانا أكتب للفريق حوار مع إحدى شخصيات القصة في إطار كوميدي هزلي وكأنها تجلس معنا في ندوة صحفية، ونحن نسأل وهي تجيب والعكس أيضا، وهذا سيساعدنا على توقع تصرفات الشخصية في كل المواقف والظروف.


السؤال الحادي عشر: أنت ماهر في كتابة الحوارات، ما شاء الله، كيف يمكن أن تفيد الآخرين؟

في كتابة الحوارات كما قلت لكم، أتخيل أن الشخصيات مجسدة، تجلس وتتكلم معنا، فحاول أن تكلمها كأشخاص وتتخيلها تتكلم معك، وليس فقط في قصتك بل في أي شيء آخر ، كنقاشاتك مع المؤلفين، حاول أن تضع الشخصيات التي تخيلتها في حوارات معك

فإن كنت قد كتبت شخصية وفي صفاتها أنها سريعة الغضب والانفعال، فحاول أن تضعها معك في نقاشاتك في حياتك اليومية وهنا ستجد أن أمر كتابة حوارات هذه الشخصية سهل جدا، وهذا أحد أساليبي في كتابة الحوارات.

أيضا من أساليبي المفضلة لكتابة الحوارات، هو استعمال كلمات سهلة بسيطة، وإن كان لدي ربما رصيد لغوي لا بأس به، لكنني أفضل استعمال الكلمات السهلة والبسيطة، لأن أي قارئ يمكن أن يقرأها على تفاوت دراجات إدراكه الثقافي.

وهنا أنا لا أتكلم عن التعقيد و العمق في الحوار، فعمق الحوار من الأمور المحببة لدي، لكن بكلمات سهلة وبسيطة، فتخيل أن تكتب حواراً عميقاً يحتاج تفكير، وتزيد عليه كلمات ثقيلة الفهم للبعض، هنا سيمر بعض القراء على الحوار مرور الكرام دون تركيز عليه، أما إن كتبته بكلمات سهلة وبسيطة, فهنا ربما سيقرؤه القارئ وسيحاول فهم المعنى من الحوار.


السؤال الثاني عشر: علّمنا كيف نختصر!؟

الاختصار هو أسلوبي، فعندما نكون في اجتماعات، ربما يكتبون سيناريو أو حوار معين، ويكون طويلاً جدا ولا يمكن أن نضعه في صفحة أو صفحتين، وسيأخذ مساحة كبيرة, فدوماً ما كانوا يطلبون مني الاختصار لأنني أجيد الاختصار.

أما كيف اختصر؟ فهو سؤال صعب و على ما أعتقد هو أمر فطري، فليس لدي طريقة محددة سوى أنني أسهل إيصال الفكرة بكلمات بسيطة، فربما تكون جملة طويلة وبهدف واحد، فسأحاول أن أقلص حجمها مع المحافظة على الفكرة، وهو ما يُعرف لدى الجميع بالتلخيص، وأظن الأمر موهبة فطرية.


السؤال الثالث عشر: إذا أراد المؤلف أن يكون فريق عمل للتأليف والرسم، فما هي الاعتبارات التي يجب أن يأخذها بعين الاعتبار؟

ربما تكلمنا عن هذا سابقا لكن بالمجمل، اختلاف الثقافات، اختلاف المستوى التعليمي، فربما كل منكم درس شيء مختلف كأن تكون درست مجال علمي والآخر مجال أدبي، واختلاف المجال سيؤدي لاختلاف في منهجية العمل ربما.

وعليك أن تحترم آراء الآخرين ولا تكابر إن شعرت بصحة آرائهم، وأن تكون سلساً ومهذباً في التعامل معهم، و أحسن في اختيار كلماتك وأسلوبك في الحوار.

فحتى لو كنت مقنعاً في أفكارك وهي أفضل من أفكار البقية وكنت لا تجيد فن الحوار ولا تجيد احترام الآخرين وتحسين ألفاظك وطريقة كلامك، فهذا سيجعل كل أفكارك من الصعب قبولها، بكل صراحة.

وأنا شخص صارم جدا في هذه الأمور، ولا أحب أن يقلل أحدهم من احترامي أو احترام الفريق.


وبهذا نصل لنهاية الجلسة، مكتفين بذلك القدر، وإلا فللحديث شجون، وما هذا إلا غيض من فيض.


“رحلة النجيب في العالم العجيب،” رحلة عشناها- ولا نزال نعيشها- بحلوها ومرها، وقد لا يعي معانيها ومغزى رسائلها سوى العقل اللبيب.”


مررنا بالصعاب على الصعاب *** ورب الحق يهدي للصواب
ويشرح صدرنا وينير دربا *** ويرسل عونه عبر الصحاب

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا لما يحب ويرضى، ويأخذ بنواصينا للبر والتقوى، ويعيننا على إكمال مسيرتنا بأفضل وجه يرضيه عنا، ويجعل أعمالنا صالحة ولوجهه خالصة ويتقبلها منا بقبول حسن.


سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك نأتوب إليك. وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


قد يهمّك أيضاً: الجودة أم الالتزام بالجدول الزمني؟

4 Responses

اترك رداً على عائشة إلغاء الرد

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني *الحقول المشار لها بنجمة هي حقول إلزامية