مشاركة سعاد- فئة المؤلفين
اقتبس من زينب جلال في 2023-09-23, 4:28 م
بسم الله الرحمن الرحيم.
والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
مشاركة المؤلفة سعاد:
(قصة تتكون من خمس حلقات، سيتم نشر كل حلقة في رد على هذا الموضوع إن شاء الله)رابط المشاركة الاصلية:
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1870658433310563&set=gm.590934686321999&idorvanity=270706131678191
وهنا نقل المشاركة:
(مدرسة الفروسية) في ضيافة (الحلقة الأخيرة)
(1)لم تختفِ الدهشة من وجه (علاء) حين ألفى نفسه جالسًا على أريكة غريبة الطراز، في غرفة واسعة، حوت دولابين كبيرين، استطاع أن يرى من خلال أبوابهما الزجاجية الكتب الكثيرة في جوفهما، ومذكرات ودفاتر وأوراق قديمة كانت في أعلى الرفوف، وعن يمينه نافذتين ذات تصميم لم يألفه؛ بل أن تصميم الغرفة برمتها وما فيها من مروحة سقف ومصباح وعلاقة ملابس لم يعتده على الأطلاق، شعاع الشمس المائل للغروب أتاح له تفحص تفاصيلها..
ما هذا المكان؟ وكيف جاء إليه؟
-أهلًا وسهلًا بك في القرن الحادي والعشرين.
استيقظ علاء من دهشته وتساؤلاته على صوت هادئ، فإذا بصاحبه رجل ثلاثيني، أسمر البشرة، معتدل القامة والبنية، ذو شارب ولحية قصيرة، كان جالسًا على كرسي مكتبي وهو يرتدي عمامة وسترة وفوطة (الزي التقليدي اليمني) وأمام طاولةٍ استقر عليها حاسوبه الذي كانت شاشته مضاءة، ازدادت دهشة علاء وتحولت نظراته للفزع، إلا أن الرجل وقف بسرعة وهو يقول مطمئنًا:
-أرجوك، أهدأ، أنا من أحضرك إلى هنا، وسأشرح لك كل شيء.
-كيف؟ ولماذا؟ من أنت؟ وماذا تريد مني؟ وما هذا المكان؟
هبَّ علاء من مكانة متحفزًا وهو يهتف بلهجة جمعت بين الوجل والتهديد، وتحسس موضع سيفه ليكون على الاستعداد للهجوم عند أي خطر، فإذا به أعزل دون سلاح، تملكه الخوف؛ لكنه أضمره، واستعاد رباطة جأشه وهو ينظر للرجل الذي تابع بنفس نبرته الهادئة:
-اسمي (عاصم عبد الرؤوف) وأنت الآن في بيتي، أعتذر لإحضاري إياك بهذه الطريقة، لقد نقلتك من زمنك ومدرستك (مدرسة الفروسية) إلى عام 1440هجرية عبر هذا.
وأشار عاصم لحاسوبه، إلى أن علاء مال برأسه في عدم اقتناع وهو يقول في حدة:
-ما هذا الذي تقوله؟ انتقلتُ إلى المستقبل! كيف؟ هل هذا الصندوق المضيء سينقلني من زمني إلى زمنك؟!
صمت عاصم لبرهة وهو يفكر، ثم قال:
-أعتذر أن الأمر قد يكون عسير الفهم عليك، إلا أن هذا الصندوق هو أداتي الحالية في الكتابة.
-الصندوق.. أداة كتابة؟! أنت بلا شك تريدني أن أصاب بالجنون.
هتف علاء بذهول، بينما هز عاصم رأسه وقال:
-أهدأ واصبر حتى أوضح لك كل شيء، أنا كاتب ومؤلف وقارئ للكثير من الروايات وكتب التاريخ، وهذا الصندوق يساعدني في ذلك، ولما قرأتُ قصتك أعجبتُ بها وأعجبتُ بك وبمثابرتك رغم صغر سنك؛ لهذا قررتُ دعوتك على الإفطار في منزلي ولأعرفك على زمني.
زادت دهشة علاء أكثر، وشعر بالحرج لانفعاله وخوفه من شخص لا يحمل أي سلاحٍ أيضًا؛ لكن المناظر الغريبة لا زالت تثير ريبته وحيرته، هدأ قليلًا ثم قال وهو يبتسم ابتسامة صغيرة:
-وأنا أعتذر لانفعالي؛ لكن هل توجه الدعوة للضيف أولًا أم يجب إحضاره بالقوة لأنك معجبٌ به؟
ضحك عاصم ملأ فيه، ثم قال:
-أعتذر لهذه المفاجأة ولا ألومك على إنفعالك؛ لأنك على حق، كنتُ أخشى إن انتقلتُ لزمنك، أن يطول مكوثي دون أن أحصل على موافقتك، كما حدث لي مع (يورك).
-من هو (يورك)؟
-إنها قصة طويلة سأحكيها لك بعد صلاة التروايح -إن شاء الله- لتعرف كيف أحضرتك إليَّ، على كل حال، أنت في ضيافتي، هيا لنذهب للصالة فسفرة الإفطار مُعدَّة ولم يبقَ الكثير على موعد أذان المغرب.
يتبع..
بسم الله الرحمن الرحيم.
والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
مشاركة المؤلفة سعاد:
(قصة تتكون من خمس حلقات، سيتم نشر كل حلقة في رد على هذا الموضوع إن شاء الله)
رابط المشاركة الاصلية:
وهنا نقل المشاركة:
(مدرسة الفروسية) في ضيافة (الحلقة الأخيرة)
(1)
لم تختفِ الدهشة من وجه (علاء) حين ألفى نفسه جالسًا على أريكة غريبة الطراز، في غرفة واسعة، حوت دولابين كبيرين، استطاع أن يرى من خلال أبوابهما الزجاجية الكتب الكثيرة في جوفهما، ومذكرات ودفاتر وأوراق قديمة كانت في أعلى الرفوف، وعن يمينه نافذتين ذات تصميم لم يألفه؛ بل أن تصميم الغرفة برمتها وما فيها من مروحة سقف ومصباح وعلاقة ملابس لم يعتده على الأطلاق، شعاع الشمس المائل للغروب أتاح له تفحص تفاصيلها..
ما هذا المكان؟ وكيف جاء إليه؟
-أهلًا وسهلًا بك في القرن الحادي والعشرين.
استيقظ علاء من دهشته وتساؤلاته على صوت هادئ، فإذا بصاحبه رجل ثلاثيني، أسمر البشرة، معتدل القامة والبنية، ذو شارب ولحية قصيرة، كان جالسًا على كرسي مكتبي وهو يرتدي عمامة وسترة وفوطة (الزي التقليدي اليمني) وأمام طاولةٍ استقر عليها حاسوبه الذي كانت شاشته مضاءة، ازدادت دهشة علاء وتحولت نظراته للفزع، إلا أن الرجل وقف بسرعة وهو يقول مطمئنًا:
-أرجوك، أهدأ، أنا من أحضرك إلى هنا، وسأشرح لك كل شيء.
-كيف؟ ولماذا؟ من أنت؟ وماذا تريد مني؟ وما هذا المكان؟
هبَّ علاء من مكانة متحفزًا وهو يهتف بلهجة جمعت بين الوجل والتهديد، وتحسس موضع سيفه ليكون على الاستعداد للهجوم عند أي خطر، فإذا به أعزل دون سلاح، تملكه الخوف؛ لكنه أضمره، واستعاد رباطة جأشه وهو ينظر للرجل الذي تابع بنفس نبرته الهادئة:
-اسمي (عاصم عبد الرؤوف) وأنت الآن في بيتي، أعتذر لإحضاري إياك بهذه الطريقة، لقد نقلتك من زمنك ومدرستك (مدرسة الفروسية) إلى عام 1440هجرية عبر هذا.
وأشار عاصم لحاسوبه، إلى أن علاء مال برأسه في عدم اقتناع وهو يقول في حدة:
-ما هذا الذي تقوله؟ انتقلتُ إلى المستقبل! كيف؟ هل هذا الصندوق المضيء سينقلني من زمني إلى زمنك؟!
صمت عاصم لبرهة وهو يفكر، ثم قال:
-أعتذر أن الأمر قد يكون عسير الفهم عليك، إلا أن هذا الصندوق هو أداتي الحالية في الكتابة.
-الصندوق.. أداة كتابة؟! أنت بلا شك تريدني أن أصاب بالجنون.
هتف علاء بذهول، بينما هز عاصم رأسه وقال:
-أهدأ واصبر حتى أوضح لك كل شيء، أنا كاتب ومؤلف وقارئ للكثير من الروايات وكتب التاريخ، وهذا الصندوق يساعدني في ذلك، ولما قرأتُ قصتك أعجبتُ بها وأعجبتُ بك وبمثابرتك رغم صغر سنك؛ لهذا قررتُ دعوتك على الإفطار في منزلي ولأعرفك على زمني.
زادت دهشة علاء أكثر، وشعر بالحرج لانفعاله وخوفه من شخص لا يحمل أي سلاحٍ أيضًا؛ لكن المناظر الغريبة لا زالت تثير ريبته وحيرته، هدأ قليلًا ثم قال وهو يبتسم ابتسامة صغيرة:
-وأنا أعتذر لانفعالي؛ لكن هل توجه الدعوة للضيف أولًا أم يجب إحضاره بالقوة لأنك معجبٌ به؟
ضحك عاصم ملأ فيه، ثم قال:
-أعتذر لهذه المفاجأة ولا ألومك على إنفعالك؛ لأنك على حق، كنتُ أخشى إن انتقلتُ لزمنك، أن يطول مكوثي دون أن أحصل على موافقتك، كما حدث لي مع (يورك).
-من هو (يورك)؟
-إنها قصة طويلة سأحكيها لك بعد صلاة التروايح -إن شاء الله- لتعرف كيف أحضرتك إليَّ، على كل حال، أنت في ضيافتي، هيا لنذهب للصالة فسفرة الإفطار مُعدَّة ولم يبقَ الكثير على موعد أذان المغرب.
يتبع..
اقتبس من زينب جلال في 2023-09-23, 5:50 م
(مدرسة الفروسية) في ضيافة (الحلقة الأخيرة)
(2)
بعد التسليم من ركعة الوتر، وتلاوة أذكار ما بعد الصلاة، خرج علاء وعاصم من المسجد، والدهشة لم تنقطع أبدًا عن وجه علاء من مناظر البيوت والعمائر، الشوارع وإناراتها وسياراتها وزينة رمضان بها، وزحام المارة وأزيائهم، والمحلات ومرتاديها وأسماء المأكولات والبضائع، وحكايات العصر الجديد وما فيه من اختلافات عن زمنه، والتي رواها له عاصم الذي أعطاه زيًا تقليديًا حتى لا يبدو مختلفًا عن أهل البلد، ورغم الدهشة والتوجس وعدم اقتناعه بالطريقة التي أُحضر بها، إلا أن سرورًا كان يدغدغ أعماقه لهذه المغامرة الفريدة التي لم يحسب لها حسابًا، أن يتميز عن أقرانه باستشكاف زمنٍ في المستقبل دون أن يتقدم به العمر، تلك الفكرة وحدها كانت تدفعه لسؤال عاصم عن كل شيء يثير حيرته، وعاصم يجيبه برحابة صدر وفرح؛ لأن الحديث سيقربهما أكثر وسيكسر حاجز الرهبة داخل نفس علاء، وبينما هما كذلك، إذ اقترب منهما رجل سلّم عليهما وعلى وجهه سماحة وبشاشة، ثم صافح عاصم بحرارة وهو يقول:
-تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال يا صديقي.
رد عاصم:
-آمين وإياكم، كيف حالك مع العطلة الصيفية يا شكري؟
-بالطبع في أفضل حال مع بعض النقاهة من عناء التدريس؛ لكني متأكد أنك لن تستمتع بالنقاهة مثلي؛ وستستغلها في عملٍ روائي جديد.
رد عاصم بثقة:
-تعلم أني أستغل أي فرصة تلوح أمامي وليست الإجازة وحدها.
-وفقك الله وسدد خطاك، أتطلع لقراءة جديد قلمك، بالمناسبة.. من هذا الفتى؟
وأشار شكري لعلاء، فقال عاصم:
-إنه ابن أحد معارفي.
صافح شكري علاء وحياه ثم انصرف، وتابع الاثنان طريقهما، فسأله علاء:
-ماذا كنت تعني بأنك تستغل أي فرصة أمامك؟
-مهنة الكتابة ليست سهلة على الإطلاق، إنها تحتاج الكثير من الصبر في ظل تحديات جمّة، ودعني أجيبك عن سؤالك أولًا، ما كنتُ أعنيه أنه بمجرد أن تتبلور فكرة ببالي عن أي قصة، في أي وقت، وفي أي مقام، أهرع لكتابتها على الهاتف أو في ورقة قبل أن تتبخر، وحين أتفرغ، أعود لما دونته؛ لأبدأ بتحويل الفكرة لمشاهد وقصة طويلة، وسأشرح لك الكثير عن عملي لاحقًا.
-رائع، لكن.. أتجد الوقت مناسبًا في رمضان؟ إنه شهر العبادة ويجب أن نركز عليها.
-رمضان شهر العبادة والعمل والكفاح، ومهامنا في دروب العلم - وإن اختلفت- تُعدُّ جهادًا، إياك أن تنسى يا فتى الدروس التي تلقيتها من معلميك بخصوص هذا الشهر، وإن أعظم انتصارات المسلمين كانت فيه.
شعر علاء بتأنيب الضمير لنسيانه بعض كلمات أساتذته، فقال:
-معك حق، ربما نسيتُ لارتباكي من الزمن الذي أنا فيه لا أكثر.
ابتسم عاصم وقال:
-لا عليك، لستُ أعاتبك، أعرف شغفك للعلم وإخلاصك لمعلميك، أنت قدوة لمن هم في سنك، وسأحرص على أن يكون ابني (مهند) مثلك، فأنا لن أحضر إلى بيتي فتى كسولًا، لا يحترم معلميه، وينسى دروسه بمجرد أن ينهي المعلم كلامه، ولا يذاكر ما تعلمه.
ابتسم علاء لقوله، ومضيا في طريقهما، ولما اقتربا من العمارة التي يسكن عاصم في أحد شققها، استوقفهما صوت رجلٍ يهتف بصوتٍ عالٍ:
-ألم تصبح غنيًا بعد من مؤلفاتك يا سيد عاصم؟
تحولت أنظارهما إلى رجلٍ ستيني معتدل القامة، نحيف البنية، يرتدي فنيلة بيضاء وفوطة ذات لون أسود بهت لونها قليلًا، كان جالسًا على كرسي أمام بقالة، وعلى وجهه علامات الضيق وإن نطق عبارته بلهجة ساخرة، عقد عاصم حاجبيه وقال لعلاء:
-اسبقني إلى العمارة وسألحق بك.
شعر علاء أن هناك أمرًا خاصًا بينه وبين العجوز، فامتثل لأمره وهمَّ بالإبتعاد، إلى أن العجوز نهض ليستوقف علاء وهو يقول لعاصم بغضب:
-لماذا تبعده؟ دعه يعرف حقيقتك أيها الجار المستغل، وليكن شاهدًا على ما سأقوله.
صاح عاصم بحدة:
-ما بيني وبينك أمرٌ يجب ألا نُقحم الآخرين فيه، لقد وعدتك بإنهائه قريبًا.
-قريبًا!! لا يبدو لي ذلك، نفد صبري منك، ويجب أن نحله الآن، لن أنتظر أكثر من هذا، وإن اعترضت، سأرفع أمرك للقضاء غدًا.
نظر علاء لعاصم في انتظار أمره، فأشار له عاصم بالبقاء، ثم التفت لصاحب البقالة وقال بحزم:
-وهل حقوق الجوار توجب عليك أن تعاملني أمام الآخرين هكذا؟
-لا تتحدث عن حقوق الجوار وأنت أول المقصرين، أنا رجلٌ كل رزق عائلتي من هذه البقالة، إلى متى سأنتظر منك سداد ديونك؟ لقد مرت خمسة أشهر ولم تدفع الكثير.
-تعلم بأني لم أكن لأثقل عليك لولا تأخر الدولة في صرف أجور المعلمين لثلاثة أشهر، إضافة...
-إضافة للغلاء وتدني العملة المحلية بسبب الحرب، أهذا ما تريد قوله؟! كثيرون يستدينون مني؛ لكنهم يبذلون جهدهم بدفع ما عليهم بالعمل في أكثر من مهنة، وسد الخلل الذي أحدثته الحرب، بينما أنت معتكف في بيتك لتؤلف القصص والروايات، أخبرني.. ماذا جنيت من قصصك؟ اللقاءات.. المعجبون.. الشهرة! هل سدت تلك الساعات التي..
قاطعه عاصم وهو يقول بحدة:
-لا تقحم كتاباتي في نقاشنا.
عقد العجوز ذراعيه إلى صدره وقال بلهجة تهديد:
-إذن، غدًا تدفع ما عليك، ولن أقبل بأي عذر أو تقسيط للمبلغ، وإلا سيكون بيني وبينك القضاء، اشهد على هذا يا فتى.
امتقع وجه عاصم، وعلقت بحلقه غصة خنقته.. من أين يجب أن يتدبر المال وفي هذا الوقت الضيق؟ لا يزال أمامه ثلاثة أسابيع على موعد استلام راتبه، والمبلغ لوحده سيقتص معظمه، كيف سيتدبر أمور عائلته وإيجار الشقة وأمور حياته؟
صمت حائرًا، بينما تعلق بصر علاء به وتأمل الحيرة والألم في عينيه، أشفق في أعماقه عليه، أن يقع إنسان مثقف وواعٍ مثله في موقف محرجٍ كهذا، كيف لمجتمعه ألا يدرك أهمية ما يمكن أن يقدمه القلم من خدمات جليلة توازي الكثير من المهن؟ أين الخلل حتى يتهم عاصم بالتهرب من السداد لمجرد أنه يحب الكتابة والتأليف؟
ثم نظر للعجوز، فرأى الحزم والغضب على وجهه، إنه لم يطالب إلا بما هو حقٌ له، ولا شك بأن الحاجة دفعته لهذه المعاملة، لا بد من حلٍ وسطٍ يرضيهما، قرر علاء في نفسه التدخل، فتقدم وقال للعجوز:
-بما أنك طلبت أن أكون شاهدًا يا سيدي، فأرجو منك أن تستمع لرأيي في المشكلة التي بينكما.
يتبع...رابط المشاركة الاصلي:
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1871359689907104&set=gm.591521446263323&idorvanity=270706131678191
(2)
بعد التسليم من ركعة الوتر، وتلاوة أذكار ما بعد الصلاة، خرج علاء وعاصم من المسجد، والدهشة لم تنقطع أبدًا عن وجه علاء من مناظر البيوت والعمائر، الشوارع وإناراتها وسياراتها وزينة رمضان بها، وزحام المارة وأزيائهم، والمحلات ومرتاديها وأسماء المأكولات والبضائع، وحكايات العصر الجديد وما فيه من اختلافات عن زمنه، والتي رواها له عاصم الذي أعطاه زيًا تقليديًا حتى لا يبدو مختلفًا عن أهل البلد، ورغم الدهشة والتوجس وعدم اقتناعه بالطريقة التي أُحضر بها، إلا أن سرورًا كان يدغدغ أعماقه لهذه المغامرة الفريدة التي لم يحسب لها حسابًا، أن يتميز عن أقرانه باستشكاف زمنٍ في المستقبل دون أن يتقدم به العمر، تلك الفكرة وحدها كانت تدفعه لسؤال عاصم عن كل شيء يثير حيرته، وعاصم يجيبه برحابة صدر وفرح؛ لأن الحديث سيقربهما أكثر وسيكسر حاجز الرهبة داخل نفس علاء، وبينما هما كذلك، إذ اقترب منهما رجل سلّم عليهما وعلى وجهه سماحة وبشاشة، ثم صافح عاصم بحرارة وهو يقول:
-تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال يا صديقي.
رد عاصم:
-آمين وإياكم، كيف حالك مع العطلة الصيفية يا شكري؟
-بالطبع في أفضل حال مع بعض النقاهة من عناء التدريس؛ لكني متأكد أنك لن تستمتع بالنقاهة مثلي؛ وستستغلها في عملٍ روائي جديد.
رد عاصم بثقة:
-تعلم أني أستغل أي فرصة تلوح أمامي وليست الإجازة وحدها.
-وفقك الله وسدد خطاك، أتطلع لقراءة جديد قلمك، بالمناسبة.. من هذا الفتى؟
وأشار شكري لعلاء، فقال عاصم:
-إنه ابن أحد معارفي.
صافح شكري علاء وحياه ثم انصرف، وتابع الاثنان طريقهما، فسأله علاء:
-ماذا كنت تعني بأنك تستغل أي فرصة أمامك؟
-مهنة الكتابة ليست سهلة على الإطلاق، إنها تحتاج الكثير من الصبر في ظل تحديات جمّة، ودعني أجيبك عن سؤالك أولًا، ما كنتُ أعنيه أنه بمجرد أن تتبلور فكرة ببالي عن أي قصة، في أي وقت، وفي أي مقام، أهرع لكتابتها على الهاتف أو في ورقة قبل أن تتبخر، وحين أتفرغ، أعود لما دونته؛ لأبدأ بتحويل الفكرة لمشاهد وقصة طويلة، وسأشرح لك الكثير عن عملي لاحقًا.
-رائع، لكن.. أتجد الوقت مناسبًا في رمضان؟ إنه شهر العبادة ويجب أن نركز عليها.
-رمضان شهر العبادة والعمل والكفاح، ومهامنا في دروب العلم - وإن اختلفت- تُعدُّ جهادًا، إياك أن تنسى يا فتى الدروس التي تلقيتها من معلميك بخصوص هذا الشهر، وإن أعظم انتصارات المسلمين كانت فيه.
شعر علاء بتأنيب الضمير لنسيانه بعض كلمات أساتذته، فقال:
-معك حق، ربما نسيتُ لارتباكي من الزمن الذي أنا فيه لا أكثر.
ابتسم عاصم وقال:
-لا عليك، لستُ أعاتبك، أعرف شغفك للعلم وإخلاصك لمعلميك، أنت قدوة لمن هم في سنك، وسأحرص على أن يكون ابني (مهند) مثلك، فأنا لن أحضر إلى بيتي فتى كسولًا، لا يحترم معلميه، وينسى دروسه بمجرد أن ينهي المعلم كلامه، ولا يذاكر ما تعلمه.
ابتسم علاء لقوله، ومضيا في طريقهما، ولما اقتربا من العمارة التي يسكن عاصم في أحد شققها، استوقفهما صوت رجلٍ يهتف بصوتٍ عالٍ:
-ألم تصبح غنيًا بعد من مؤلفاتك يا سيد عاصم؟
تحولت أنظارهما إلى رجلٍ ستيني معتدل القامة، نحيف البنية، يرتدي فنيلة بيضاء وفوطة ذات لون أسود بهت لونها قليلًا، كان جالسًا على كرسي أمام بقالة، وعلى وجهه علامات الضيق وإن نطق عبارته بلهجة ساخرة، عقد عاصم حاجبيه وقال لعلاء:
-اسبقني إلى العمارة وسألحق بك.
شعر علاء أن هناك أمرًا خاصًا بينه وبين العجوز، فامتثل لأمره وهمَّ بالإبتعاد، إلى أن العجوز نهض ليستوقف علاء وهو يقول لعاصم بغضب:
-لماذا تبعده؟ دعه يعرف حقيقتك أيها الجار المستغل، وليكن شاهدًا على ما سأقوله.
صاح عاصم بحدة:
-ما بيني وبينك أمرٌ يجب ألا نُقحم الآخرين فيه، لقد وعدتك بإنهائه قريبًا.
-قريبًا!! لا يبدو لي ذلك، نفد صبري منك، ويجب أن نحله الآن، لن أنتظر أكثر من هذا، وإن اعترضت، سأرفع أمرك للقضاء غدًا.
نظر علاء لعاصم في انتظار أمره، فأشار له عاصم بالبقاء، ثم التفت لصاحب البقالة وقال بحزم:
-وهل حقوق الجوار توجب عليك أن تعاملني أمام الآخرين هكذا؟
-لا تتحدث عن حقوق الجوار وأنت أول المقصرين، أنا رجلٌ كل رزق عائلتي من هذه البقالة، إلى متى سأنتظر منك سداد ديونك؟ لقد مرت خمسة أشهر ولم تدفع الكثير.
-تعلم بأني لم أكن لأثقل عليك لولا تأخر الدولة في صرف أجور المعلمين لثلاثة أشهر، إضافة...
-إضافة للغلاء وتدني العملة المحلية بسبب الحرب، أهذا ما تريد قوله؟! كثيرون يستدينون مني؛ لكنهم يبذلون جهدهم بدفع ما عليهم بالعمل في أكثر من مهنة، وسد الخلل الذي أحدثته الحرب، بينما أنت معتكف في بيتك لتؤلف القصص والروايات، أخبرني.. ماذا جنيت من قصصك؟ اللقاءات.. المعجبون.. الشهرة! هل سدت تلك الساعات التي..
قاطعه عاصم وهو يقول بحدة:
-لا تقحم كتاباتي في نقاشنا.
عقد العجوز ذراعيه إلى صدره وقال بلهجة تهديد:
-إذن، غدًا تدفع ما عليك، ولن أقبل بأي عذر أو تقسيط للمبلغ، وإلا سيكون بيني وبينك القضاء، اشهد على هذا يا فتى.
امتقع وجه عاصم، وعلقت بحلقه غصة خنقته.. من أين يجب أن يتدبر المال وفي هذا الوقت الضيق؟ لا يزال أمامه ثلاثة أسابيع على موعد استلام راتبه، والمبلغ لوحده سيقتص معظمه، كيف سيتدبر أمور عائلته وإيجار الشقة وأمور حياته؟
صمت حائرًا، بينما تعلق بصر علاء به وتأمل الحيرة والألم في عينيه، أشفق في أعماقه عليه، أن يقع إنسان مثقف وواعٍ مثله في موقف محرجٍ كهذا، كيف لمجتمعه ألا يدرك أهمية ما يمكن أن يقدمه القلم من خدمات جليلة توازي الكثير من المهن؟ أين الخلل حتى يتهم عاصم بالتهرب من السداد لمجرد أنه يحب الكتابة والتأليف؟
ثم نظر للعجوز، فرأى الحزم والغضب على وجهه، إنه لم يطالب إلا بما هو حقٌ له، ولا شك بأن الحاجة دفعته لهذه المعاملة، لا بد من حلٍ وسطٍ يرضيهما، قرر علاء في نفسه التدخل، فتقدم وقال للعجوز:
-بما أنك طلبت أن أكون شاهدًا يا سيدي، فأرجو منك أن تستمع لرأيي في المشكلة التي بينكما.
يتبع...
اقتبس من زينب جلال في 2023-09-23, 5:56 م(مدرسة الفروسية) في ضيافة (الحلقة الأخيرة)(3)رد العجوز بعصبية:-لم أطلب رأيك يا فتى، يكفي أن تكون شاهدًا.رد علاء بحزم:-إن كنت تعتبرني صغيرًا فشهادة القاصر لا تُقبل؛ لكنك هنا طلبت شهادتي، أي أنك أقررت بأني أدرك ما عليّ من حقوق وواجبات اتجاه ديني ومجتمعي.ذُهل العجوز، وألجم لسانه رصانة كلمات علاء وحزمه الذي فاق سنه، ثم قال بهدوء:-حسنًا، قل ما عندك.-أشكرك، واسمح لي أن أسألك أولًا، هل أساء لك السيد عاصم يومًا؟-لا.-هل استدان منك قبل هذه المرة؟-نعم؛ لكنه كان يسدد ما عليه في وقته.-إذن، تعرف أن ما حدث معه هذه المرة هو أمرٌ خارج عن إرادته؟-وما ذنبي لأتحمل مصائبه؟ لدي التزامات اتجاه عائلتي، ظروفي صعبة أيضًا.-بالطبع لا ذنب لك؛ لكننا في شهر رمضان، شهر الصبر والتعاون والتسامح، قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وأرى ما دام السيد عاصم عاجزًا عن السداد، أن توكل إليه أمرًا يستطيع به تعويضك ولو مؤقتًا عما استدانه منك، كلاكما يعاني من أضرار الحرب، والحرب حين تطأ أرضًا لا تترك فيها خيرًا، فلا تدعها تجتثُ الرحمة من أرضك وقلبك، كلاكما في حاجة للمساعدة، ولا بد أن تتعاونا في الضراء كما كنتما في السراء.رفع العجوز حاجبيه في دهشة، أن يفكر هذا الصغير بصفاء قلب ورجاحة عقل، تأمل وجهه الوضاء طويلًا، ماذا واجه في حياته حتى تُثقل كلماته قلب من يستمع إليه؟ من علّمه ليتفوق اتقاد فكره على مدرسة الحياة التي تخرج منها؟ أيكون حافظًا لكتاب الله حتى تقوده نقاء الهداية وبراءة الطفولة إلى آفاقٍ للخير لم يفطن لها؟ بينما أشرق وجه عاصم بابتسامة سرور وإعجاب، ثم سأل العجوز علاء:-هل هو قريبك لتدافع عنه؟-وهل القرابة هي ما تحتم عليَّ مساعدة الآخرين؟!...ارتبك العجوز على نحوٍ واضح، ما كان عليه أن يلقي بسؤالٍ كهذا لفتى التمس رجاحة عقله وصفاء قلبه اللتان لم تلوثهما بعد أنانية الكبار ومفاضلتهم للآخرين بناء على المال أو الرتبة أو القرابة، بينما تابع علاء حديثه الحازم:-كلنا من آدم، وكلنا أخوة في الله والدين، ولا بد أن نساعد بعضنا ظالمًا أو مظلومًا، ولكني أراكما مظلومين وفي حاجة لتعينا بعضكما.تنهد العجوز وصمت حائرًا، مفكرًا في حل المشكلة بعد ما سمع من كلماتٍ هدت الكثير من صوامع غضبه، قال عاصم لينتشله من حيرته:-يا جاري العزيز، أنا أعمل منذ شهرين بإحدى دور النشر في التدقيق اللغوي، واستقبل كتبهم عبر البريد الإلكتروني، لهذا جُلَّ عملي في البيت، ويُفترض أن أستلم مستحقاتي بعد يومين، سأسلمها لك مباشرة وسيغطي نصف ديني، وإن لم ترد الانتظار، فأنا جاهزٌ لأي أمر ترغب في أن أنفذه لك.نظر العجوز لهما مليًا، ظلا صامتين في انتظار قراره، فقال:-لأجل الفتى، سأنتظر ليومين، أما بقية المبلغ، سأطلب إليك سداده بالعمل في بقالتي بدلًا عني كل مساء، أم أنك ترى في هذا تقليلًا لشأنك ككاتبٍ مشهور؟-سامحك الله، ليس في العمل الشريف تقليل لشأن أحد، وأنا على استعداد للعمل معك دون مقابل.بُهت العجوز، بينما تابع عاصم:-أعرف أنك أبٌ لابنتين في سن الزواج، وليس لديك ولدٌ ليساعدك؛ لذا سأساعدك قدر استطاعتي إلى أن تقرر الاستغناء عني وليس لحين سداد الدين، أعتذر كثيرًا لتأخري في سداده ولما سببه ذلك من ضرر لك.أغرورقت عينا العجوز بالدموع، ثم قال بألم:-نِعم الجار أنت يا بني، آسف لفظاظتي، لم أكن أرغب في مطالبتك لولا...اقترب عاصم منه وقبّل رأسه وقال:-الجار للجار ولو جار، أرجوك لا تحزن، نسأل الله صلاح الحال، وأن تنقشع هذه الغمامة السوداء عن وطننا.مسح العجوز دموعه، وأمَّن على كلامه، وقال لعلاء:-افحمتني وأدهشتني بكلماتك يا فتى، ما اسمك؟ وابن من أنت؟ابتسم علاء وقال:-اسمي علاء، ابن المعلم نور...قطع علاء عبارته حين جذبه عاصم من يده بقوة على نحو مباغت، وهو يقول في سرعة:-سآتيك غدًا لأبدأ العمل إن شاء الله، السلام عليكم.وابتعدا وسط دهشة العجوز، ثم قال عاصم بعتب:-نسيت أنك لست في زمنك؟رد علاء في ارتباك:-أعتذر أعتذر، حقًا نسيت.لكن عاصم توقف وابتسم له ثم ربت على كتفيه، وقال بسرور:-أنت حقًا فخر لوالديك وللأمة، ما قلته للعجوز مذهل ومدهش، بارك الله فيك وفي عمرك.-لم أقل إلا حقًا؛ لكن هناك أمر حيرني.-ما هو؟-شعرتُ أن العجوز لا يدرك أهمية مؤلفاتك ويقلل من شأنها رغم أنه يقول أنك كاتبٌ مشهور، لماذا؟ ألم يقرأ لك، أم أنها لحظة غضب؟-آه آه.. فتى بمثل ذكائك لن ترضيه إجابة مختصرة، دعنا نعد للبيت وسأجيبك إن شاء الله.يتبع...***
رابط المشاركة الاصلي:
https://www.facebook.com/groups/nebrasmangaka/posts/591882402893894/
اقتبس من زينب جلال في 2023-09-23, 5:59 م(مدرسة الفروسية) في ضيافة (الحلقة الأخيرة)
(4)"سأجيبك عما سألت عنه الآن"
قال عاصم ذلك حين كان جالسًًا على أريكة (المجلس العربي) بالصالة مع علاء، وأمامهما كوبين من الشاي وبعض الحلوى، قال علاء في ارتباك :
-لقد أكرمتني كثيرًا، وأخشى أن أكون قد أثقلتُ عليك بأسئلتي الكثيرة.
-أنت في ضيافتي، ولك الحق في فعل ما تريد، والسؤال عن كل شيء ترغب في معرفته، وكنتُ على استعداد لذلك قبل أن أحضرك، أسئلتك وردة فعلك طبيعيتان جدًا، طالما أنك في زمن غير زمنك.
ابتسم علاء وشكره، ثم قال عاصم:
-كما أخبرتك، مهنة الكتابة ليست سهلة في ظل تحديات جمَّة، وصراحة هي معاناة، بدءًا من أن الدولة لا تمنح صاحبها وظيفة مرتبطة بها؛ ليعترف أفراد المجتمع بأهميتها، إضافة لقلة الأنشطة الأدبية بسبب قلة الاهتمام والرعاية بها.
-وما هو سبب قلة الاهتمام؟
زفر عاصم ثم قال:
-حقيقة، لم أجد أي سبب مقنع بعد؛ لكني أعتقد أنهم ينظرون لمجالنا بأنه أقل المجالات إدرارًا للمال.
-بناء العقول أكثر أهمية من جمع المال، لماذا يفكرون هكذا؟
-في هذا الزمن، طغى على البشر الجشع وحب المال.
-لكن سيقل الأثر الكبير للكتَّاب ومؤلفاتهم في ظل هذا الوضع.
-وهذا ما حدث ويحدث بالضبط، وبكل أسف، لا أستطيع القول أنه مهملٌ تمامًا؛ لكنه ضعيف جدًا، ثم ازداد الوضع سوءًا في سنوات الحرب، فانصب اهتمام الناس على متطلبات الحياة، مع أن لكل كتاب قيمته ورسالته في الحث على القراءة والتوعية اللتان ينهض بهما المجتمع، ومن هنا تفاقم الجهل بأهمية الكتابة والأدباء، واعتبرت القصص والروايات مجرد كتبٍ للتسلية لا يمكن أن تفيد قارئها، وصاحبها إنسان مترف، يملك فائضًا من الوقت والمال، فاقتصرت الأنشطة والنتاجات الأدبية على المهتمين وبجهود معظمها شخصية.
-كم هذا مؤسف، فهمتُ الآن ردة فعل العجوز.
-وأمثاله كثيرون؛ لكنك رأيت (شكري) الذي التقيناه فور خروجنا من المسجد، إنه صديقي وزميلي في مهنة التدريس، وهو واحدٌ من المهتمين رغم أنه ليس كاتبًا؛ بل قارئٌ نهم، ووالده الدكتور (عارف) أستاذ النقد الأدبي أسس جمعيته الخاصة لترسيخ أهمية الأدب، كم افتخر بهذا المناضل العملاق الذي لم ينتظر تشجيعًا أو دعمًا من أحد؛ بل كان مؤمنًا برسالته وبمن دعاهم للانضمام لكيانه الصغير.
ابتسم علاء وقال:
-رائع، واثقٌ أنكم ستنجحون -بإذن الله، ما دام هذا الكفاح الكبير منكم، حقًا إنكم مناضلون.
-قد يصيبنا اليأس أحيانًا ويؤلمنا ازدراء الآخرين لما نفعله؛ لكننا لن نستسلم وسيظل الصبر والكفاح شعارنا.
قال علاء في حماسة:
-إياك أن تيأس، كم أنا فخور بالتعرف عليك وعلى شغفك بالكتابة يا سيد عاصم، وأثق بأن أهلك فخورون بك أيضًا وهم يشهدون على كل خطوات كفاحك.
زفرة ألمٍ حارة أطلقها عاصم من جوفه ردًا على علاء، ثم نهض بصمت وهو يحمل أطباق الطعام ليأخذها للمطبخ، تحيّر علاء من ردة فعله، ثم انتبه أنه لم يرَ فردًا واحدًا من أهله مع أنه ذكر أن له ابنًا، شعر بالألم في أعماقه، هل هناك أمرٌ مزعج قاله دون قصد؟ قلَّب الكلمات في عقله فلم يكتشف شيئًا، ولما عاد عاصم أسرع يقول:
-أعتذر إن قلتُ شيئًا أزعجك.
-لم تفعل بني، كنتُ أتمنى أن يكون أهلي فخورين بي؛ لكن زوجتي (حنان) ترى عملي أيضًا في الكتابة مضيعة للوقت، وتنزعج لأني لم أجد عملًا غيره إلى جانب عملي كمدرس، وإخوتي لهم نفس النظرة أيضًا.. ليس كل ما يتمناه الإنسان يتحقق له، وعدم استشعار الأهل بأهمية عملنا لا يعني أبدًا ألا نثق بأنفسنا وبما نفعله ما دام في مرضاة الله.
-أين هم أهلك؟
-زوجتي وابني مهند مدعوان على الإفطار في منزل صهري، أما أخوتي فلكلٍ منهم بيته وحياته الخاصة.
-لا بأس عليك سيدي، أنت رجلٌ صبور، وأثقٌ _بإذن الله_ أنك ستحقق ما تصبو إليه طالما أن كتبك تحظى باهتمام القراء، وأثق بأن أهلك سيتفهمون ما تفعله، المهم قربهم منك وألا تفرقكم الحرب، كل الصعاب تهون إلا الفراق.
غلب الحزن على وجه علاء وهو يحاول جاهدًا إخفاءه فلم يستطع، نكس رأسه وكادت أن تغلبه دموعه، لولا أن دنا عاصم منه وأمسك برأسه في رفق، ونظر في عينيه وقال بنبرة قوية حين فطن لما جال بخاطره:
-ستجتمع بأهلك _بإذن الله، وسيكونون فخورين بك وبالحلم الكبير الذي تحمله في قلبك الصغير. لأجل هذه الأمة، سنتحدى وسنثابر وسنصبر وسنتحمل كل آلامنا؛ لأننا مأجورون على كل ألم نشعر به في طريق كفاحنا الطويل.
ابتسما معًا، شعرا أن بينهما شبهًا كبيرًا وإن اختلفا عمرًا وزمنًا وكفاحًا، ثم قال علاء:
-بإذن الله، أرجوك سيدي إئذن لي في الانصراف، أريد العودة لزمني، لقد تأخرت.
نظر عاصم لساعة الحائط فوجدها تقترب من الثانية عشرة، فقال:
-اطمئن، لم تمر إلا ساعة واحدة في زمنك، لقد انتقلت فكرًا وليس جسدًا.
-ماذا تعني؟
-عندما تصل لزمنك ستفهم ما أعنيه، كم كنتُ أرغب في أن تقضي معي وقتًا أطول.
ابتسم علاء وقال:
-ما دمتَ تعرف الطريقة، لا مانع لدي في أن تحضرني رغمًا عني مجددًا.
ضحك عاصم، ثم قاده إلى مكتبه، وهناك فتح حاسوبه وأشار لعلاء بالجلوس على الأريكة ففعل، وبعد لحظات من العمل، فتح موقعًا إلكترونيًا تظهر فيه رواية (مدرسة الفروسية)، ثم تحولت الشاشة للبياض ليتوهج منه شعاع، التفت عاصم لعلاء، وقال:
-حانت اللحظة، أستودعك الله، وأرجو أن تظل كما عهدتك.
قال علاء: أستودعك الله، وأرجو أن تكون كذلك سيدي، شكرًا جزيلًا لك على هذه الرحلة الممتعة.
ثم غمر وهج الشعاع الأبيض الغرفة حتى أغمضا عيونهما، وحين خفت، فتح عاصم عينيه ووجد علاء قد اختفى، ابتسم وهو يقول:
-سيتحقق ما نحلم به جميعًا، سيتحقق بإذن الله.
أما علاء، فلم يفتح عينيه إلا على صوت المدرب عادل وهو يقول بقلق:
-علاء، أرجوك استيقظ.
انتبه علاء ليجد نفسه في غرفة خاصة في مدرسته، والمدرب وكل زملائه حوله، لقد عاد لزمنه، فنهض وهو يقول:
-لا تقلقوا، أنا بخير.
قال ياسر: كيف لا نقلق وقد وقعت عن جوادك فجأة، وغبت عن الوعي، وبقيت بلا حراك لساعة كاملة، ولا نعرف ماذا حل بك، عجز الأطباء عن إيقاظك أو حتى اكتشاف علتك.
فطن علاء لما قال له عاصم، فابتسم ثم قال:
-لماذا تحاولون إيقاظي من حلم جميل؟ لا تفسدوا أحلام أحد.
نظر الجميع لبعضهم مندهشين، بينما طمأنهم علاء مجددًا وعلى وجهه ابتسامة كبيرة وهو يتذكر تفاصيل المغامرة التي لم يخوضوها مثله.تمت
رابط المشاركة الأصلي:
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1872416173134789&set=gm.592372039511597&idorvanity=270706131678191
(مدرسة الفروسية) في ضيافة (الحلقة الأخيرة)
(4)
"سأجيبك عما سألت عنه الآن"
قال عاصم ذلك حين كان جالسًًا على أريكة (المجلس العربي) بالصالة مع علاء، وأمامهما كوبين من الشاي وبعض الحلوى، قال علاء في ارتباك :
-لقد أكرمتني كثيرًا، وأخشى أن أكون قد أثقلتُ عليك بأسئلتي الكثيرة.
-أنت في ضيافتي، ولك الحق في فعل ما تريد، والسؤال عن كل شيء ترغب في معرفته، وكنتُ على استعداد لذلك قبل أن أحضرك، أسئلتك وردة فعلك طبيعيتان جدًا، طالما أنك في زمن غير زمنك.
ابتسم علاء وشكره، ثم قال عاصم:
-كما أخبرتك، مهنة الكتابة ليست سهلة في ظل تحديات جمَّة، وصراحة هي معاناة، بدءًا من أن الدولة لا تمنح صاحبها وظيفة مرتبطة بها؛ ليعترف أفراد المجتمع بأهميتها، إضافة لقلة الأنشطة الأدبية بسبب قلة الاهتمام والرعاية بها.
-وما هو سبب قلة الاهتمام؟
زفر عاصم ثم قال:
-حقيقة، لم أجد أي سبب مقنع بعد؛ لكني أعتقد أنهم ينظرون لمجالنا بأنه أقل المجالات إدرارًا للمال.
-بناء العقول أكثر أهمية من جمع المال، لماذا يفكرون هكذا؟
-في هذا الزمن، طغى على البشر الجشع وحب المال.
-لكن سيقل الأثر الكبير للكتَّاب ومؤلفاتهم في ظل هذا الوضع.
-وهذا ما حدث ويحدث بالضبط، وبكل أسف، لا أستطيع القول أنه مهملٌ تمامًا؛ لكنه ضعيف جدًا، ثم ازداد الوضع سوءًا في سنوات الحرب، فانصب اهتمام الناس على متطلبات الحياة، مع أن لكل كتاب قيمته ورسالته في الحث على القراءة والتوعية اللتان ينهض بهما المجتمع، ومن هنا تفاقم الجهل بأهمية الكتابة والأدباء، واعتبرت القصص والروايات مجرد كتبٍ للتسلية لا يمكن أن تفيد قارئها، وصاحبها إنسان مترف، يملك فائضًا من الوقت والمال، فاقتصرت الأنشطة والنتاجات الأدبية على المهتمين وبجهود معظمها شخصية.
-كم هذا مؤسف، فهمتُ الآن ردة فعل العجوز.
-وأمثاله كثيرون؛ لكنك رأيت (شكري) الذي التقيناه فور خروجنا من المسجد، إنه صديقي وزميلي في مهنة التدريس، وهو واحدٌ من المهتمين رغم أنه ليس كاتبًا؛ بل قارئٌ نهم، ووالده الدكتور (عارف) أستاذ النقد الأدبي أسس جمعيته الخاصة لترسيخ أهمية الأدب، كم افتخر بهذا المناضل العملاق الذي لم ينتظر تشجيعًا أو دعمًا من أحد؛ بل كان مؤمنًا برسالته وبمن دعاهم للانضمام لكيانه الصغير.
ابتسم علاء وقال:
-رائع، واثقٌ أنكم ستنجحون -بإذن الله، ما دام هذا الكفاح الكبير منكم، حقًا إنكم مناضلون.
-قد يصيبنا اليأس أحيانًا ويؤلمنا ازدراء الآخرين لما نفعله؛ لكننا لن نستسلم وسيظل الصبر والكفاح شعارنا.
قال علاء في حماسة:
-إياك أن تيأس، كم أنا فخور بالتعرف عليك وعلى شغفك بالكتابة يا سيد عاصم، وأثق بأن أهلك فخورون بك أيضًا وهم يشهدون على كل خطوات كفاحك.
زفرة ألمٍ حارة أطلقها عاصم من جوفه ردًا على علاء، ثم نهض بصمت وهو يحمل أطباق الطعام ليأخذها للمطبخ، تحيّر علاء من ردة فعله، ثم انتبه أنه لم يرَ فردًا واحدًا من أهله مع أنه ذكر أن له ابنًا، شعر بالألم في أعماقه، هل هناك أمرٌ مزعج قاله دون قصد؟ قلَّب الكلمات في عقله فلم يكتشف شيئًا، ولما عاد عاصم أسرع يقول:
-أعتذر إن قلتُ شيئًا أزعجك.
-لم تفعل بني، كنتُ أتمنى أن يكون أهلي فخورين بي؛ لكن زوجتي (حنان) ترى عملي أيضًا في الكتابة مضيعة للوقت، وتنزعج لأني لم أجد عملًا غيره إلى جانب عملي كمدرس، وإخوتي لهم نفس النظرة أيضًا.. ليس كل ما يتمناه الإنسان يتحقق له، وعدم استشعار الأهل بأهمية عملنا لا يعني أبدًا ألا نثق بأنفسنا وبما نفعله ما دام في مرضاة الله.
-أين هم أهلك؟
-زوجتي وابني مهند مدعوان على الإفطار في منزل صهري، أما أخوتي فلكلٍ منهم بيته وحياته الخاصة.
-لا بأس عليك سيدي، أنت رجلٌ صبور، وأثقٌ _بإذن الله_ أنك ستحقق ما تصبو إليه طالما أن كتبك تحظى باهتمام القراء، وأثق بأن أهلك سيتفهمون ما تفعله، المهم قربهم منك وألا تفرقكم الحرب، كل الصعاب تهون إلا الفراق.
غلب الحزن على وجه علاء وهو يحاول جاهدًا إخفاءه فلم يستطع، نكس رأسه وكادت أن تغلبه دموعه، لولا أن دنا عاصم منه وأمسك برأسه في رفق، ونظر في عينيه وقال بنبرة قوية حين فطن لما جال بخاطره:
-ستجتمع بأهلك _بإذن الله، وسيكونون فخورين بك وبالحلم الكبير الذي تحمله في قلبك الصغير. لأجل هذه الأمة، سنتحدى وسنثابر وسنصبر وسنتحمل كل آلامنا؛ لأننا مأجورون على كل ألم نشعر به في طريق كفاحنا الطويل.
ابتسما معًا، شعرا أن بينهما شبهًا كبيرًا وإن اختلفا عمرًا وزمنًا وكفاحًا، ثم قال علاء:
-بإذن الله، أرجوك سيدي إئذن لي في الانصراف، أريد العودة لزمني، لقد تأخرت.
نظر عاصم لساعة الحائط فوجدها تقترب من الثانية عشرة، فقال:
-اطمئن، لم تمر إلا ساعة واحدة في زمنك، لقد انتقلت فكرًا وليس جسدًا.
-ماذا تعني؟
-عندما تصل لزمنك ستفهم ما أعنيه، كم كنتُ أرغب في أن تقضي معي وقتًا أطول.
ابتسم علاء وقال:
-ما دمتَ تعرف الطريقة، لا مانع لدي في أن تحضرني رغمًا عني مجددًا.
ضحك عاصم، ثم قاده إلى مكتبه، وهناك فتح حاسوبه وأشار لعلاء بالجلوس على الأريكة ففعل، وبعد لحظات من العمل، فتح موقعًا إلكترونيًا تظهر فيه رواية (مدرسة الفروسية)، ثم تحولت الشاشة للبياض ليتوهج منه شعاع، التفت عاصم لعلاء، وقال:
-حانت اللحظة، أستودعك الله، وأرجو أن تظل كما عهدتك.
قال علاء: أستودعك الله، وأرجو أن تكون كذلك سيدي، شكرًا جزيلًا لك على هذه الرحلة الممتعة.
ثم غمر وهج الشعاع الأبيض الغرفة حتى أغمضا عيونهما، وحين خفت، فتح عاصم عينيه ووجد علاء قد اختفى، ابتسم وهو يقول:
-سيتحقق ما نحلم به جميعًا، سيتحقق بإذن الله.
أما علاء، فلم يفتح عينيه إلا على صوت المدرب عادل وهو يقول بقلق:
-علاء، أرجوك استيقظ.
انتبه علاء ليجد نفسه في غرفة خاصة في مدرسته، والمدرب وكل زملائه حوله، لقد عاد لزمنه، فنهض وهو يقول:
-لا تقلقوا، أنا بخير.
قال ياسر: كيف لا نقلق وقد وقعت عن جوادك فجأة، وغبت عن الوعي، وبقيت بلا حراك لساعة كاملة، ولا نعرف ماذا حل بك، عجز الأطباء عن إيقاظك أو حتى اكتشاف علتك.
فطن علاء لما قال له عاصم، فابتسم ثم قال:
-لماذا تحاولون إيقاظي من حلم جميل؟ لا تفسدوا أحلام أحد.
نظر الجميع لبعضهم مندهشين، بينما طمأنهم علاء مجددًا وعلى وجهه ابتسامة كبيرة وهو يتذكر تفاصيل المغامرة التي لم يخوضوها مثله.
تمت
رابط المشاركة الأصلي:
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1872416173134789&set=gm.592372039511597&idorvanity=270706131678191
اقتبس من زينب جلال في 2023-09-23, 6:10 م
بمجرد اختفاء (علاء)، أغلق (عاصم) موقع رواية (مدرسة الفروسية)؛ لتظهر شاشة سطح المكتب وعليها ملف (وورد) بعنوان (واصبر نفسك)، فتحه ووجد كل ما دار بينه وبين علاء قد دوَّن بكل تفاصيله، بدا على وجه عاصم شيء من الضيق وهو يتأمل الكلمات، تمتم لنفسه:-إني أحفر في صخرٍ صلبٍ جدًا، إلى متى؟ثم فتح نافذة الماسنجر ليصل لحساب (الطبيبة الأديبة سعاد عمر)، وأرسل الملف دون أن يضيف أي كلمة، وكاد يغلق حاسوبه لولا أن اتصلت به سعاد، عقد حاجبيه وهو يقول بضجر:-ماذا تريد بعد؟؟بمجرد أن فتح الخط، هتفت به في سرور:-أحسنت، أحسنت يا عاصم، أسلوبك مدهش، واختياري لك كان موفقًا؛ لتكتب القصة بدلًا عني وبطريقتي، ولكني طلبتُ منك أن...قاطعها وهو يرد في ضيق:-أن أسلمها لكِ وجهًا لوجه، أن أقابل علاء بدلًا عنكِ، كل شيء بدلًا عنكِ؟! أحلامكِ وصعوباتكِ وبيئتكِ؟! لماذا أنا؟ لماذا لم تختاري شخصية غيري لتُلبِسي نفسكِ فيها؟دُهشت سعاد مستغربة رده، إلا أنها أجابته مُهدئة:-أنت الأسرع في كتابة أي قصة بدخولك لعالمها، كما تفعل في روايتك (عودة الفايكنغ).-بل الأكثر معاناة بين شخصياتكِ، لقد مللتُ هذا الدور ولم تنشري روايتي (الحلقة الأخيرة) حتى تنتهي رحلتي وتكملي رحلتكِ بطريقتكِ مع أي شخصية أخرى غيري، إلى متى سأظل في مرحلة التحرير؟-لأن لدي خطة نشر مختلفة، وسأجعل روايتك هي الأفضل من بين رواياتي إن شاء الله، لا تتعجل واصبر، ألم تحث علاء على الصبر طوال حديثكما؟ هذا هو كفاحي وأنت تعرفه جيدًا.-وأنا أشبهك في هذا، رجاءً لا تلقي عليَّ بمحاضرات في الصبر وأنا انتظر دوري منذ خمس سنوات، ونشرتِ روايات جديدة قبلي، يجب أن تحددي الليلة موعد صدور روايتي.فاجأ انفعال عاصم سعاد كثيرًا، قلّبت حال روايته بعقلها والردود التي يمكن تجيبها به، الرواية لا زالت تحتاج للكثير من العمل، هتف بها عاصم بسرعة:-أعرف أنكِ تستطيعين قراءة أفكار شخصياتكِ إن قابلتها مباشرة، مثلي تمامًا، لهذا اتصلتُ بكِ حتى لا تكشفي نيتي في وضع حدٍ لهذا الانتظار، يجب أن تحددي الموعد الآن، وإلا ستكملينها معي.صُدمت وهتفت به:-مستحيل، أنا كاتبة روايتك، لن أكون...وقبل أن تكمل عبارتها، فوجئت بشاشة حاسوبها تومض؛ لتظهر رواية (عودة الفايكنغ)، صرخت؛ لكن الوميض أجبرها على إغلاق عينيها، وصرختها ترددت في الأرجاء بقوة، استغربت الصدى، ففتحت عينيها ووجدت نفسها واقفة وسط غابة كثيفة الأشجار، وأمامها عاصم بوجهه الحازم وهو يقول:-سنكمل الرواية معًا، والآن هيا بنا لنقابل يورك.تمترابط المشاركة الاصلي:
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1874287529614320&set=gm.594011356014332&idorvanity=270706131678191