تركته لأجلك! – الحلقة 39

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

أشرق وجه سوسن بابتسامة عريضة، وهي تزهو بحجابها الأنيق الذي أخفى شعرها وستر جسدها، قائلة بمرح:
– ما رأيك بهذه المفاجأة؟؟ أردتك أن تكون أول من يطلع عليها يا أيهم..
غير أن تجهم وجهه الشديد أربكها، فقالت بتردد:
– ألم يعجبك لباسي؟
فما كان من أيهم إلا أن أشاح بوجهه بعيدا عنها، قبل أن يتنهد بنبرة لا تخلو من حسرة:
– لقد خيبتِ أملي يا سوسن!
شعرت سوسن بغصة حاولت تجاهلها:
– لماذا يا أيهم!! أريد أن أكون لك وحدك..
إلا أنه لم يُعِر جملتها اهتماما يُذكر، وهو يرد عليها بقوله:
– لم أتوقع منك الاستسلام بسهولة لكلام أولئك الحاسدات.. ظننتك أقوى من ذلك بكثير!
فأسرعت سوسن تدافع عن نفسها قائلة:
– كلا يا أيهم، ليس الامر كما تظن.. إنها قناعة مني، ثم إن هذا أمر من الله….
فقاطعها أيهم:
– سوسن.. لا تتحدثي كالمعقدين أرجوك.. فالله غفور رحيم ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وهذا ليس من وسعنا أبدا ولا يناسبنا، أنت تعرفين ذلك يا عزيزتي..
ورغم تفاجؤ سوسن بمنطق أيهم، لا سيما وأنها المرة الاولى التي تسمع فيها استدلاله بآية من القرآن، إلا أنها أجابته بقولها:
– ولماذا لا يناسبنا!! حتى لو لم يكن هذا أمر من الله، إنني أجد فيه راحة نفسية لي..
عندها بدأ كلام أيهم يسلك مسارا أكثر رقة وهو يقول لها:
– أتفهم موقفك يا سوسن، ولكن هذا لا يناسب مهنتي أبدا، وما لا يناسبني لا يناسبك، ألسنا واحدا!!
وأمام صمت سوسن، تابع أيهم بتودد:
– المهم هو سلامة القلب يا حبيبتي، انظري إلى أخلاق المحجبات السيئة، فهل يسرك أن تكوني مثل سعاد مثلا!!
فردت عليه سوسن بتعحب:
– ولماذا أكون مثلها هي بالذات، أنا لم أقل أنني أريد ذلك، ثم إنه لا دخل للحجاب بتلك الأخلاق التي تتحدث عنها..
وأمسكت لسانها قبل أن يفلت بذكر اسم “نور”، بعد أن همت أن تضربها مثلا لحسن الأخلاق، وقد تذكرت ما يسببه اسمها من حساسية عند أيهم، في حين تابع الأخير كلامه:
– سوسن.. دعيك من التفكير بتلك الطريقة الآن فهي لن تفيدنا بشيء، لا سيما وأن أمامنا حفل النجوم الشهير الذي يتوجب علينا التفكير جديا بالإعداد له.. لذا ركزي على ما حققتيه من نجاح…..
فقاطعته سوسن بنبرة أليمة:
– أنت بقولك هذا تؤكد قول من يقول بأنني لم أكن لأصل إلى ما وصلت إليه لولا مظهري الذي بدأتُ أكرهه لهذا السبب.. لا أريد نجاحا زائفا لا أستحقه يا أيهم، لقد سئمت من هذا كله..
وفاضت عيناها بالدموع وهي تتابع بألم:
– أنت لا تفهمني يا أيهم.. ولا تريد أن تفهمني على ما يبدو!!
ورغم تعاطف أيهم معها بداية، إلا أن جملتها الأخيرة تلك أثارت حفيظته بشدة، فأجابها بعصبية واضحة:
– إذا لم ترغبي بالارتباط بي، فلم لا تقوليها صراحة إذن!!
كانت جملته تلك أشبه بالصاعقة الحارقة على قلبها، فنظرت اليه بدهشة غير مصدقة لما تسمعه، فيما أمعن أيهم النظر اليها بإصرار:
– أجيبيني يا سوسن!! أليست هذه كلها مؤشرات تلمحين من خلالها لرغبتك بالإنفصال عني؟؟ أنت تعلمين بأنه من الاستحالة لي القبول بحجابك بأي شكل من الأشكال.. أم هل تراه ذلك الطبيب حفيد العجوز!!
عندها أسقط في يد سوسن تماما، وشعرت بدوار لم تستطع معه حفظ توازنها، فكادت أن تهوي على الأرض دون حراك، لولا أن أيهم أسرع بإسنادها إلى صدره، وهي في حالة أشبه ما تكون بغياب الوعي..
ألهذا الحد وصلت أفكار أيهم!!
إنها أبعد من أي مدى قد تتصوره أو يخطر لها ببال، ولم تجد كلمة واحدة تعبر فيها عن صدمتها العميقة تلك، وحتى لو وجدت حرفا، لما تمكنت شفتاها من النطق به، فانسكبت دموعها غزيرة، فيما حاول أيهم تدارك خطأه وهو يشعر بندم على تفوهه بتلك الكلمات الجارحة، فضمها إلى صدره بشدة مربتا على رأسها بحب عميق:
– سامحيني أرجوك، لم أكن أقصد ذلك يا حبيبتي، لقد أخذتني الغيرة فحسب..
وترقرقت دمعات في عينيه أثارتها ذكرى قديمة لم يشأ تذكرها أبدا:
– أنت لا تعرفين شيئا يا سوسن، لو كان الأمر بقدرتي لما عارضت رغبتك أبدا، لكنه أكبر من ذلك بكثير.. والتفكير بأن أمرا ما قد يفرق بيننا لهو أشد إيلاما لي من ذلك كله..
لم يسبق لسوسن أن رأت دمعة واحدة في عين أدهم، مما جعلها ترق له بسرعة، وفي عقلها آلاف الأسئلة عن هذا الخطيب الذي تحبه ولا تعرف عنه سوى القليل على ما يبدو!!
فما كان منها إلا أن مسحت بيدها دمعاته برقة، مرددة:
– ولماذا تفكر بأن أمرا قد يفرق بيننا يا أيهم.. إن هذا يؤلمني أيضا، وأنت تدرك هذا جيدا..
وخفضت عينيها، لتبعدهما عن عينيه قبل أن تتابع:
– ربما يمكنني تفهمك يا أيهم؛ فلماذا لا تصارحني بالذي يزعجك من حجابي؟؟ ألستُ خطيبتك التي تشاركك هموم الحياة!!
فأطلق أيهم تنهيدة طويلة بثّتها زفرات صدره:
– لو كنت سأحدث بذلك أحدا، لما بحتُ به لغيرك، ولكنه أمر لا أرغب بتذكره أبدا، فهلا تناسيته أنت أيضا يا حبيبتي.. من أجلي..
لم تستطع سوسن مناقشته أكثر من ذلك، فقد كان الأمر مؤلما جدا بالنسبة له، ولم تكن بالتي تحتمل رؤيته وهو على ذلك الحال، فلم تجد بدا من الخضوع عند رغبته، وتناسي ما طلب منها نسيانه..
– لك ما تريد يا أيهم..
وحاول أيهم جاهدا نفض تلك الذكرى من رأسه بابتسامة ودودة:
– هذه طبيعة الحياة يا عزيزتي لا تخلو من مشكلات، لكننا بتفاهمنا وقوة حبنا سنجتازها معا بالتأكيد..
فبادلته سوسن ابتسامته بابتسامة مشابهة، فيما احتضنها هو بين ذراعيه مجددا:
– سوسن.. إنني أحبك حبا لا أعرف كيف أتصرف به معك.. ولا أعرف كم هي عدد المرات التي سأكررها بهذا القول لعلها تفي بجزء مما يختلج في صدري نحوك..
ولم تكد ترفع عينيها نحو عينيه لتحرك شفتيها بكلمة، حتى عاجلها بقبلة عميقة، انتفضت لها كل خلية في جسدها، وتسارعت لها نبضات قلبها للتتناغم مع دقات قلبه، حتى غديا كقلب واحد ينبض بانسجام..
واستسلمت سوسن أخيرا ليده التي امتدت نحو حجابها، لتزيله عن رأسها برفق، تاركا إياه يتهاوى على الأرض، مع دمعات نفرت من قلبها قبل عينيها لم تستطع لها حبسا، وقد بدأت آمالها المعلقة على الحجاب تنحسر تدريجيا، كسحابة صيف عابرة..

***

شعرت نور ببعض القلق وهي تعاود الاتصال المرة تلو الأخرى بسوسن دون رد منها، خاصة بعد أن تركت لها رسالة وتوقعت منها أن تسرع في الاتصال بها على إثرها، وها قد مرت عدة ساعات دون أي إجابة!!
غير أن صوت عامر، نبهها إلى ضرورة الإسراع في حزم حقائبها:
– ستقلع الطائرة بعد سبع ساعات فقط، وعلينا تسليم مفاتيح الشقة، ومن ثم المرور على والديّ ووالديك خلال هذه الفترة ، هيا أسرعي..
فطمأنته نور بقولها:
– لم يبق أمامي إلا القليل، فقد أنهيت كل شيء تقريبا..
ثم استدركت متسائلة:
– كم ساعة سنلبث في العاصمة بحد علمك؟
فأجابها وهو يقوم بإلصاق بطاقات الأسماء على الحقائب:
– هذا يعتمد على التزام شركة الطيران بمواعيدها، فقد نضطر للمبيت في فندق مطار العاصمة قبل أن يحين موعد إقلاع الطائرة التالية للاسف..
فهتفت نور بسعادة:
– الحمد لله.. هذا رائع!
ثم انتبهت لنفسها، مع نظرات عامر المتعجبة نحوها:
– ما الرائع في الموضوع!! تبدين سعيدة لهذه المماطلة!!
فابتسمت نور:
– دعاء السفر مستجاب، وستكون فرصة لنا لتكثيف الدعوات..
فرمقها عامر بابتسامة ذات معنى:
– يا لك من مراوغة، لم لا تقولين بأن السبب يكمن في شبكة الاتصالات التي تشغلك من الصباح!!
فاحمرت وجنتا نور:
– أريد السلام على صديقاتي قبل السفر إلى الخارج، خاصة وأن السفر بهذه السرعة كان مفاجئا، إذ لم أتوقع أننا سنغادر الليلة!!
فابتسم عامر:
– وكأننا لا نزال في العصر الحجري، أو أننا سننتقل للعيش في غابات الأمازون!! يمكنك استحداث شريحة جديدة عندما نصل إن شاء الله، ومن ثم تتواصلين معهن..
فضحكت نور معلقة:
– إذن عليك أن تستعد لدفع الفواتير أيها الطبيب المحترم..
فعلق عامر بقوله:
– في هذه الحالة.. أصبحت أرى أنه من الرائع فعلا أن تطول فترة انتظارنا في العاصمة حتى تنهي جميع اتصالاتك المهمة أيتها الحكيمة..
وضحك الاثنان بمرح، ورددت جدران الشقة صدى تلك الضحكات، لتخزّن في أعماقها ذكرى زوجين تركا أثرا لا يُمحى؛ حتى وهما يتعاونان في تنظيف الغرف من بقايا آثارهما فيها، بعد أن تم إفراغها من الأثاث الذي بيع جزء كبير منه، فيما تركت نور بعض ما قد تحتاج إليه عند عودتها في مخزن لدى والديها..
وقبل أن تخطو نور آخر خطوة لها خارج شقتها التي لم يمضِ على اسئجارهم لها أكثر من عام واحد، ألقت عليها نظرات مودعة، مر خلالها شريط ذكرياتها فيها كلمح البصر..
ما أقصر هذه الحياة..

***

وقفت سوسن أمام المرآة تتأمل نفسها بذلك الثوب الذي أحضره لها أيهم لتحضر به حفل الليلة.. “حفل النجوم”.. الذي طال انتظاره!
الأكمام لا وجود لها، منطقة الظهر مكشوفة، ومنطقة الصدر لا يسترها سوى غشاء رقيق شفاف، إذ لا يصح إطلاق اسم القماش عليه!
حتى طقم الحلي المرصع بالألماس والعطر الخاص، والحذاء الأنيق ذو الكعب الدقيق.. لم ينس إرفاقهم مع الثوب..
وتنهدت تنهيدة طويلة اختلطت فيها مشاعر الحب والحسرة في آن واحد، وهي تستعيد تلك اللحظات التي بدت لها كحلم قصير استيقظت منه بأسرع مما تتوقع!! فمنذ فترة طويلة لم يخفق قلبها بتلك المشاعر القوية نحو أيهم، والذي شعرت بشفافيته معها للمرة الأولى، وفي الوقت نفسه.. ها هي وبعد أول ارتداء لها للحجاب، تعود لترتدي ثوبا من طرازٍ ظنت أنها لن تعود إليه أبدا؛ منذ أن بدأت بارتداء الثياب المحتشمة..
لقد حسبت أنها تقدمت خطوة، فإذا بها تعود خطوات.. وخطوات كثيرة!
ودمعت عيناها بألم.. ماذا فعلتِ بنفسك يا سوسن!! وإلى أين تتجهين!!
غير أن طرقات الخادمة على الباب نبهتها إلى ضرورة الاستعجال:
– السيد أيهم بانتظارك منذ فترة يا آنسة..
فأجابتها سوسن وهي تكمل تصفيف شعرها المنساب على كتفيها بعذوبة:
– من فضلك، أخبريه بأنني لن أتأخر أكثر..
غير أن الخادمة وقفت لبرهة تتأملها باندهاش شديد:
– ماهذا الجمال الساحر!!! أنت فاتنة جدا يا آنسة!!

***

لم يستطع أيهم انزال ناظريه عن سوسن، وقد نسي ما كان يود إخبارها به من روعة طلّتها، وهي تنزل عن الدرج متجهة نحو الباب حيث وقف بانتظارها، وما أن اقتربت منه حتى تناول يدها اليمنى بيده طابعا قبلة عليها، في حين أحاط خاصرتها بذراعه اليسرى، ليضمها نحوه بقوة:
– أي رجل محظوظ أنا!!
فابتسمت سوسن برقة متجاهلة آلامها:
– من الجيد أنك لم تستقبلني بلوم على التأخير!
فخلل أيهم شعرها المنسدل بأصابعه، ليعاجلها بقبلة ندية:
– وهل يحق لنا لوم الجمال!! أنت الجمال بعينه يا حبيبتي، بل الجمال في حقك قليل!!
عندها همت أن تبوح له برغبتها في عدم الذهاب إلى الحفل، غير أنها عدلت عن ذلك، لترافقه نحو السيارة بهدوء، وهي تُمنّي نفسها بأن تمر الليلة على خير في مسايرتها له، حتى تتمكن بعد ذلك من إيجاد طريقة تفتح فيها النقاش معه حول هذا الموضوع من جديد..

***

مرت الدقائق ببطء شديد، حتى عقرب الثواني.. أصابه الشلل؛ فلم يعد يقفز كعادته! وبدا الليل وكأنه لا يريد أن ينتهي، فما أن تنتهي فقرة، حتى تليها فقرة.. الأجواء صاخبة، والعيون ملتهبة، والرغبات ثائرة..
هذا هو انطباعها عما تراه، وإن تحدث الناس بغير ذلك..! ولا تظن أن هناك مكان قد يُبهج “إبليس” أكثر من هذا المكان!!
تُجامل هذا، وتبتسم لذاك، وتحاول اقتضاب الجمل قدر المستطاع في ردها على عبارات الاطراء والاعجاب المنهمرة عليها من كل جانب، وهي تبذل جهدا كبيرا للحفاظ على مسافة معقولة بينها وبين عشرات الراغبين بقربها.. وملاصقتها!!
أما أيهم.. نجم الحفل الذي سطع بلا منافس… فهل يحق لها أن تغضب من حشد المعجبات حوله!!
نساء كاسيا عاريات، مائلات مُميلات..
جملة أليمة لوصف المشهد، بل هي أكثر ما يؤلمها في هذا المكان، وهل يمكنها لومهن وهي تبدو كواحدة منهن!!
أغمضت سوسن عينيها للحظات، لعلها تهرب بروحها على الأقل من هذه الأجواء القاتلة، وقد نسيت لوهلة أن الحذر واجب في هذا المكان.. فما لبثت أن شعرت بيدٍ غليظة تحط على كتفها، اقشعر لها جسدها فانتفضت من مكانها ملتاعة كمن لدغتها أفعى، لتجد أمامها رجلا أشيبا يغمزها بعينه باسما:
– ما رأيك.. بمائة مليون (من العملة الصعبة)..؟؟
وأمام صمتها “المذهول”، تابع مؤكدا كلامه وهو يتناول دفترا من جيبه:
– إنني جاد تمام.. مائة مليون أو.. أكثر، إذا شئت..
والتقط نفسا عميقا قبل أن يشير بعينه إلى أحد الجهات:
– هناك غرفة فارغة..
لم تكد سوسن تدرك معنى ما يرمي إليه، حتى كادت أن تفقدها صوابها، فأفلتت منها صرخة مكتومة، ضاعت وسط صخب الضحك والغناء، همت بأن تشتمه فيها بأقذع الشتائم التي لا تعرفها، وتفجّر فيه مشاعرها الغاضبة المتراكمة في صدرها المكبوت كمرجل يغلي ولا يجد له متنفسا، لولا خشيتها من إثارة مشكلة لا يكون باستطاعتها ولا باستطاعة أيهم تحمل عقباها خاصة في هذا المكان، فجاهدت لتقول له جملة واحدة:
– إنني خطيبة أيهم..
وأدارت وجهها لتبتعد من أمامه بسرعة، باحثة بعينيها عن أيهم؛ كالغريق الباحث عن خشبة يتعلق بها وسط بحر هائج!
ولم تكد تعثر عليه وهو يحتسي كوبا من الشراب مع إحدى الممثلات الشهيرات، حتى طرق سمعها صوت مقدم الحفل، وهو يعلن عن المفاجأة الختامية لحفل الليلة.. فهدأت الأصوات، وامتلأت النفوس بالفضول مع تقديمه المثير:
” هل سبق وأن شاهدتم قطعة موسيقية تتحرك أمام أعينكم؟؟ أقول شاهدتم.. فركزوا أيها السادة على كلمة شاهدتم وليس (سمعتم)؟؟”
فعلت الهمهمات بين الحضور، في حين تابع المقدم كلامه بحماسة:
“استعدوا لمشاهدة اسطورة العصر، النجمة الواعدة.. التي لم تشهد العصور مثيلا لها في رشاقة الحركات، وتناغم الرقصات، لتروا بأعينكم أشهر معزوفة موسيقية أبدعها نجمنا الكبير.. أيهــــم……”
ومع ذكر اسم “أيهم” غاص قلب سوسن في صدرها، فلم تستمع لبقية الكلام… ألم ينتهي من تقديم فقراته بعد!! لقد كانت تحسب له المعزوفة تلو الأخرى كما أخبرها من قبل، غير أنه لم يأتِ على ذكر شيء من هذا القبيل!.. نجمة وأسطورة!!!
وبينما تعلقت العيون على المنصة، بارتقاب هذه الأسطورة، أشار المضيف لأيهم بالتقدم.. عندها التقت عينيه بعيني سوسن للحظات معدودة؛ أفهمها من خلالها أن الموضوع مفاجئا له هو الآخر!! إذ لا علم له عن وجود “نجمة” بهذه الأوصاف من قبل!!
وبدأ الفريق عزف الموسيقى، أمام لهفة الجميع، لتظهر آخر فتاة ترغب سوسن برؤيتها في هذا المكان بالذات..
لم تصدق عينيها بداية.. فأغلقتهما وفتحتهما عدة مرات لتستوثق من هوية الفتاة الواقفة أمامها.. وأمام أدهم، بجسدها الذي أبرزت مفاتنه بشكل لم تشهد له مثيلا من قبل، والذي لم يستره سوى ثوب- إذا صح إطلاق اسم الثوب عليه- فُصّل خصيصا ليُظهر أكثر مما يُخفي وهو ساكن، فكيف إذا اهتز!!
والأدهى من هذا كله.. أن أيهم بدا هو الآخر متفاجئا من رؤيتها.. بل.. ومبهورا بذلك أيضا!! هذا ما شعرت به عينا سوسن المثبتتين على أدهم بإحكام!!!! ولم تكن لتحتاج لشهادة عينيها وحسب، فقد كان عزفه خير دليل على ذلك، قبل أن يعود إلى طبيعته، وبنسجم الاثنان..
أيهم بعزفه.. وسورا برقصها، في قالب واحد!!!

………
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
Tags: No tags

إضافة تعليق

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني *الحقول المشار لها بنجمة هي حقول إلزامية