بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

المانجاكا ديانا العبادي في ضيافة “نبراس المانجاكا”

فن المانجا هو عبارة عن صهارة دمجت فيها الكثير من المواهب والمهارات، فبغض النظر عن مهارة الرسم أو التأليف، المكون النادر والأهم هو مهارة الصبر والتضحية لملاحقة الأحلام التي ينشدها المانجاكا…

مجموعة شباب عربي مولوعون بفن المانجا، يلاحقون حلمهم بإيصال المانجا العربية للعالمية، وإنارة الطريق للمانجاكا العرب بمختلف مستوياتهم، وهذا عبر إصدار مجلتهم العربية الخالصة “نبراس المانجاكا”

ولأن إنارة الطريق وحدها لا تكفي للوصول إلى الهدف؛ كان من الضروري أن نستضيف المرشد الذي عبر الطريق بنجاح، وكان المكون النادر بحوزته ولا زال يحتفظ به…

الفنانة العالمية حفظها الله “ديانا العبادي” المانجاكا العربية المحترفة والغنية عن كل تعريف، صاحبة الأعمال المبهرة – وأشهرها “Grey is” –  التي نصبتها بجدارة كأول مانجاكا عربي يصل للعالمية.

1/ السؤال الأهم هو هل النجاح يغذي الصبر على المواصلة أم أن الصبر هو من يغذي النجاح؟

الصبر والمثابرة دائماً وأبدأ.

النجاح غالباً ما يؤخر عملية التطور برأيي. النجاح مهم وهو من اكبر عوامل التحفيز والشعور بالتقدير، إلا أن الكثيرين يلاحقون النجاح بمسميات كالشهرة والربح المادي والألقاب، ناسين أن في كل هؤلاء بذرة تعرقل المسيرة كالإعجاب بالنفس أو ازدياد المهام التي تأتي مع كبر العمل، ولا ننسى المسؤولية المحتمة على وجود الشخص تحت الضوء ومحط أنظار من وثقوا بعمله، مما قد يجعل الطريق متعباً أو مشتت الهدف.

النجاح مهم جداً عندما يكون نتيجة لا هدف.

2/ الكثير من مشاريع لمجلات أو أعمال مانجا عربية في السنوات الماضية ظهرت واختفت أو اختفت قبل أن تظهر أساساً… منها من حارب ليستمر لكنها لم تحظى بالنجاح الكبير، ما هو السبب برأيك وماذا ينقصنا لتحقيق نجاح يضاهي النجاح الياباني؟

بنظري المحدود الجواب للسؤال في صيغة السؤال نفسه. السعي وراء النجاح ليس هو الدافع الذي صنع من اليابان مركزاً لقصص المانجا الناجحة. جالست الكثيرين من مدراء ومحررين ورسامين ومخرجين يابانيين ولم يذكر احدهم أن فن المانجا هو مرآة للمؤلف وخاصته أو أن رئيس التحرير هو سبب نجاح القصة أو أن المجلة هي النجم والسبب الرئيسي وما إلى ذلك.

أفراداً كنا أو شركات، لا ينقصنا شيء إلا أن الهدف  حب الشيء لذاته واحتراماً للفن نفسه ولمتعاطيه، لا استعماله كوسيلة للنجاح المادي أو للفوز بلقب معين كالأول أو الأكثر إبداعاً أو الأذكى.

من مراقبتي في اليابان، وجدت أن الشركة الواحدة كخلية نحل؛ مجتمع صغير لكلٍ عمله الذي يعمله بإتقان لإخراج أفضل قصة تحترم القارئ وتحقق هدفها الرئيسي، إن كان إيصال فكرة، تغيير مجتمع أو ترفيهياً بحتاً.

هناك أيضاً أسباب بعيدة عن المنتجين إلا أنها تؤثر على مثابرتهم وبقائهم في … “صراع البقاء” سأسميه ????

الساحة الفنية فيها قطبين متضادين قد تستهلك كل ما في الفنان أو الداعم من حب لهذا الفن.

قطب لا يعلم أدنى أخلاقيات العمل لإنتاج، صناعة أو استهلاك القصص والتعامل مع الأشخاص من وإلى. وقطب يعظّم كل عمل ويضعه في قائمة الإبداع بغض النظر عن جودة العمل، وهذا قد يجعل الرؤيا ضبابية عندما يكتفي الشخص بهذا القدر من الإعجاب والدعم الجمهوري لمجرد وصوله لأول درجة في السلم.

3/ شرف لنا أن تكون أول مقابلة مع صدور أول عدد من مجلة نبراس المانجاكا هي مع فنانة بحجمك، ما هي الرسالة التي يمكنك أن توجهيها للرسامين، المؤلفين والمانجاكا في مجلتنا؟

الصبر والمثابرة والصدق في العمل.

ابتعدوا عن المقارنة فلكل منا قصة.

ابتعدوا عن مواقع التواصل الاجتماعي لوقت محدد يومياً وتدربوا على الرسم بعيداً عن أعمال الغير لتطوير الذاكرة والعقل واليد.

جربوا أنواع مختلفة من الفنون ولا تخافوا التخلي عن حلم افترضوا انه حلم حياتكم فقد يكون السبيل لحلمكم على قارعة طريق فرعي لا الطريق الرئيسي.

اربطوا حلمكم بهدف بسيط وسامي لا بمسمى أو بجائزة أو بلقاء، الخ.

الثقة بالنفس وعدم بيع جهدكم بالقليل مقابل كلمات دعم صغيرة ووعود حالمة.

احترموا من جاء قبلكم، من يأتي بعدكم ومن يقرأ قصصكم فالعلاقات الإنسانية هي العملة الحقيقية.

ونهايةً، ليس كل فن وجد ليكون مهنة. قد لا يكون الأمر سهلاً وقد يظل العمل أمراً جانبياً (لوجود عمل مكتبي أو عائلة أو دراسة) لمدة طويلة، فلا تفقدوا الأمل وثابروا واصبروا مهما قل الإنتاج.

4/ كمانجاكا لديها الكثير من الأعمال والالتزامات؛ هل تجدين الفرصة لقراءة مانجات أخرى ومشاهدة انيمي ما؟ ممكن تطلعينا على الأعمال التي تتابعينها؟

هاها، آخر انمي تابعته كان في 2012 وآخر مانجا كانت “هايكيوو” إلى جانب “هنتر هنتر” عندما ينزل أي تحديث جديد. بصراحة وبرغم رغبتي أحياناً بمتابعة قصص جديدة، لا وقت لدي واغلب ما أتابعه يكون باللغة الانجليزية لأرسم في نفس الوقت الذي “اسمع” فيه المسلسل.

من المهم أن يغذي الكاتب عقله بأفكار وكتابات كُتّاب غيره ولهذا أريد أن أجد وقتا لذلك، إلا أن وقتي مقسم في حياتي اليومية بين عائلتي وعملي.

5/ بالنسبة لك ما هو الأصعب: كتابة قصة عن أمير له قوى خارقة يطمح لأخذ عرش مملكة السحرة أم قصة عن طالب في الثانوية يريد الحصول على الشهادة؟

الأكثر تحدياً من ناحية الكتابة والرسم، لكثر التفاصيل والمجهود العقلي الذي سأحتاجه هي قصة الأمير طبعاً.

القصة الثانية أصعب من ناحية واحدة وهي المسؤولية التي سأجدها في أفكاري، رغماً عني، عندما اجلس لأكتب وانشر قصة واقعية لهذه الفئة العمرية.

6/ في مجلة نبراس المانجاكا أغلب الأعمال التي ننشرها هي نتيجة تعاون بين فريق تأليف وفريق رسم، ما هي نصيحتك لنا في هذه الحالة؟

من المهم الاحترام المتبادل بين الطرفين ومعرفة أن القصة حمل موزع بالتساوي بين شخصين إن ترك احدهما طرفه سقطت. قد يحصل الرسام على قدر المدح أكثر من الكاتب أحياناً وقد يحس الكاتب انه حجر الأساس لاستمرار هذه القصة، وغير ذلك من الأمور التي قد تحدث بين الطرفين مما قد يسبب تعكر في العلاقة، إلا أن أي علاقة تحتاج صراحة وشفافية في الاستمرار.

سمعت مرة من صاحبيّ استديو الأفلام المتحركة الناجح عالمياً في أمريكا “تونكو هاوس Tonko House” أن الصديقين ذهبا معاً إلى جلسات مناقشة صريحة مع طبيب نفسي وصرحا أيضاً أن هنالك أمور يعرفها كل منها عن طفولة الآخر، أمور لم يصرح بها أي منهما لزوجته.

من المهم عند وجود حب لقصة وشغف لإيصالها، أن يكون الطرفين على تواصل كامل وود واحترام.

7/  إن كان بالامكان أن تعطينا رأيك في غلاف مجلتنا ومحتواها
https://nebrasmangaka.com

أحب الغلاف الذي له خلفية ليل أكثر من السماء الزرقاء والشمس وكما أنني أرى الجهد الذي كُرّس في أجزاءه من لوغو وشخصيات وتصميم.

اعتقد انه قد يساعد المُشاهد أكثر أن يتميز كل أبطال قصة بستايلهم أو بزاوية وقوفهم أو اتجاه نظرهم ليتبين أنهم شخصيات من قصص مختلفة.

أتمنى لكم كل التوفيق فيه وان شاء الله السماع عن المزيد من الأغلفة والأعداد في المستقبل.

8/ هل تحضّرين لأعمال مستقبلية؟ وهل ممكن نشاهد لك عمل انيمي مقتبس من قصصك؟

حالياً كل تركيزي في (Grey is) وكل ما يحتاج من حولها من أعمال مكتبية وإدارية.

اعمل على مجموعة من الكتابات النثرية والخواطر المرسومة كصور فنية حرفياً. لا ادري إن كانت هذه المجموعة ستطبع أو تنتشر، إلا أن لها من يومي وقت التزام، فهي أقرب لمجالسة صديق أو طبيب نفسي يساعدني في تحسين ذاتي وتعاملي مع بعض المحن التي أواجه مؤخراً في حياتي الشخصية.

9/ لديك مانجاكا عربي يفتقر للدعم، تعب من الرسم ويشعر أنه لن يكمل، بماذا ستحفزينه؟

فليرسم ويشارك رسمه ولا يخشى الفشل. نحن في زمن يمكن أن يشاهد عملك أي شخص من شتى أنحاء العالم والحقيقة هي أن الجاد ذو المثابرة والإبداع الداخلي، والهدف الأكبر من شهرة أو ربح مادي لا يحتاج تحفيز بل يكون كالماء، يتسع في أي محيط وينتقل بمختلف السرعات، حتى التبخر للانتقال من مكان لأخر ثم الهطول من جديد، ليس عنه ببعيد.

قد يكون الرسم هدفا وجهد جانبي لإيصال فكرة وليس الهدف الوحيد للرسم هو العمل به.

من المهم مشاهدة أمثلة من رسامين في دول أخرى، استرقوا الوقت من أسابيعهم المكتظة بعملهم في شركات، بدراستهم أو بواجباتهم العائلية. مثل هؤلاء الأشخاص ابقوا فنهم نابعاً من حب، عملا صغيرا قي آخر النهار أو في منتصف الليل وشاركوه لمجرد الحاجة للتواصل مع الغير عن طريق الفن. ومع الوقت وجدوا جمهورا ودعما متدرجاً إلى أن استطاع الفنان في هذه الأمثلة أن يستقيل من عمله ويكرس نفسه للعمل الذي يحب.

هنالك أيضاً المثال الآخر. بسبب أوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية في أغلب دول المنطقة، يقفز الناس دوماً إلى فكرة “كيف يمكنني قلب هذا إلى عمل يدر مالاً؟” عندما يرون أي هواية أو إبداع.

العمل بما تحب والعيش من خلال فنك من أجمل الفرص التي قد يحصل عليها الشخص، إلا أن الأمر فيه تحديات كبيرة فأتمنى أن يحاول الرسامون أقصى جهودهم للتمسك بفنهم إن كان هذا ما يريدونه ونشره وتطويره بأي شكل يجدونه وفي أي وقت يسمح لهم بعيدا عن طلب المستحيل من أنفسهم.

الفن طريق لا وجهة.

10/ كلمة لمشروع نبراس المانجاكا

أتمنى لكم التوفيق والازدهار. جهد كبير ورؤية واضحة مع هدف بيّن. أقدر كل ما رأيت وأدعو لكم بالنجاح.

الطرق لهدف واحد كثيرة فلا يكن إغلاق باب في طريق مثبط للعزيمة. وأرجو من مدراء المشروع الاهتمام بالرسامين من جميع النواحي.

وبالطبع لكم جزيل الشكر لهذه المقابلة والكلام المشجع.

11/ كلمة لجمهورك ومتابعيك

شكراً لكل الدعم والثقة والمتابعة وأتمنى البقاء عند حسن ظنكم وأقدّر كل التفهم وحسن الظن. اعتذر عن ما قد يبدر مني من أي تقصير أو لعدم قدرتي على التواصل مع من يراسلني.

* * * * *

نشكر المانجاكا ديانا العبادي لما أفادتنا به من نصائح وتوجيهات، ونرجو أن يكون فيها الخير والفائدة للجميع وكل عام وانتم بخير.

  إعداد/ محمد نجيب
نبراس المانجاكا – نقابة المانجاكا العرب