
شجرة الاحلام المتحققة!

اقتبس من زينب جلال في 2023-07-24, 11:35 صبسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعينشجرة الأحلام المتحققة!
(انتم هنا لن تقرؤوا قصة عادية، فلا هي بالقصة الحقيقية ولا الوهمية، بل هي مزيج بين هذا وذاك، في عالم لا يضع حدا بين الواقع والخيال!)
*****هذه القصة بالاساس عبارة عن هدية "عيدية" لمجموعة "نقابة المانجاكا العرب" - والتي تم تغيير اسمها مؤخرا لمجموعة "نبراس المانجاكا" بما يتوافق مع جوهر المشروع وطبيعته في المرحلة الجديدة ^^- وقد تم نشرها بالمجموعة عبر المنشورات المتتالية؛ بمناسبة استقبالها لأول عيد بعد تأسيسها، عيد الفطر السعيد 1443هـ، أعاده الله علينا وعلى أحبتنا بالخير واليمن والبركة، وقد تم بفضل الله في يوم السابع من شوال 1443هـ (8/ 5/ 2022م) الانتهاء من إعدادها على عجل، لذا أرجو المعذرة إن كان بها أي خلل!
ولكل من يحب الانضمام لمجموعتنا، فأهلا وسهلا بكم ^^
https://www.facebook.com/groups/arabmangaka.guildوأخيرا... هنا تنويه هام:
بعض حوارات هذه القصة مقتبسة حرفيا من كلام الشخصيات الحقيقية، وبعضها تمت إعادة صياغتها مع الحفاظ على المعنى العام، والبعض من تأليفي الخالص، لذلك ولأجل التوازن بين الحبكة القصصية وأمانة النقل؛ وجب التنويه، لا سيما وأنه سيكون من الصعوبة التمييز بين النصوص المنقولة أو المبتكرة!والآن... أترككم مع القصة على بركة الله...
******
تمهيد: الفن التاسع
كان سراج يتابع سيره في البلاد، بحثا عن ضالته المنشودة، وهو يحمل عصا ترحاله على كتفه الايمن، فيما حمل مجموعة من لوحاته بيده اليسرى، حيث كان يستريح بين الحين والآخر- كلما سنحت له الفرصة- للتعريف بتلك القضية التي نذر نفسه لها!
وبينما كان مستندا إلى جذع شجرة على قارعة الطريق، لالتقاط انفاسه، فاجأته حلزونة ضخمة تزحف بعزيمة واصرار، وكأنها متجهة نحو هدف محدد، لا تحيد عنه!
أغمض سراج عينيه وفتحهما أكثر من مرة، ثم فركهما بشدة، محدثا نفسه:
- هل يعقل أن هوس "الفن التاسع" أثّر عليّ إلى هذا الحد! لا بد أنني بدأت أتخيل الاشياء!!
اغمض عينيه لفترة اطول، ثم فتحهما فجأة، وكأنه يريد مباغتة خياله، الذي بدأ يتجاوز حدوده، بافتراض وجود حلزونات بحجم الفيلة!
غير أن الحلزونة العملاقة كانت تتابع طريقها بهدوء، غير آبهة بوجوده، وكأنها في عالمها الطبيعي، مما جعله يشك في نفسه، وهو يتأمل ذراعيه وجسده، ليتأكد من أن حجمه طبيعي:
- هل يعقل أنني اصبحت قزما فجأة! ليتني أعرف فقط من هو منا غير الطبيعي، أنا أم هذه الحلزونة!
وتلفت حوله لعله يجد مرجعا يعتمد عليه في المقارنة، حتى تذكر الشجرة التي كان يستند عليها، فالتفت نحوها بسرعة ليتأكد من أن حجمها طبيعي بالنسبة له؛ فإذا بالمفاجأة تذهله!!
لم تكن هناك أي شجرة خلفه، وكأن الارض انشقت وابتلعتها على حين غرة!
امسك سراج رأسه بكلتا يديه، وهو يردد بذهول:
- الفن التاسع!!
غير أنه سرعان ما استعاد رباطة جأشه، وهو يقول بحزم:
- مهما كان اهتمامي بالفن التاسع كبيرا، لكنني لن اسمح له بالسيطرة عليّ ، واغراقي في دواماته إلى هذا الحد! يجب أن أجد من يشاركني هذا الاهتمام، حتى لا أغرق في الأوهام!!
ثم فتح ذراعيه وهتف بصوت عال:
- سأبحث عنكم أيها المانجاكا العرب، وسأجدكم يوما ما بلا شك.. يجب أن نتواصل بأي ثمن، وإلا فلن يشرق هذا النوع من الفن، وثالوث النجاح ورمزه الروحي الذي يفتقر له الكثيرون هو التعارف والتآزر والتضحية!
وما أن نطق سراج بكلماته تلك التي خرجت من أعماق قلبه، حتى تردد صداها في الآفاق، بتناغم عجيب جدا، لم يسمع له مثيلا من قبل، لتنفتح بعدها بوابة اسطورية مهيبة، ظهرت أمامه فجأة، وكأنها انبثقت من الفراغ!
وبدون تردد.. أغمض سراج عينيه، وقفز نحو البوابة فاتحا ذراعيه، ليحلق في فضاء شاسع فسيح، امتزجت فيه الحقائق مع الأحلام، والواقع بالخيال، إلى أن لاحت أمامه شجرة عملاقة باسقة، تحيط بها حديقة غناء، وكأنها ناطحة سحاب، فروعها تعانق السماء، شعر نحوها بانجذاب غريب، فما كان منه إلا أن امسك بإحدى فروعها المتشعبة، ليجد نفسه مباشرة في العالم الذي طالما آمن بوجوده!
لقد عثر أخيرا على ضالته المنشودة، التي كان يبحث عنها منذ سنين!***
نهاية التمهيد ويتبع الفصل الأول إن شاء الله..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
شجرة الأحلام المتحققة!
(انتم هنا لن تقرؤوا قصة عادية، فلا هي بالقصة الحقيقية ولا الوهمية، بل هي مزيج بين هذا وذاك، في عالم لا يضع حدا بين الواقع والخيال!)
*****
هذه القصة بالاساس عبارة عن هدية "عيدية" لمجموعة "نقابة المانجاكا العرب" - والتي تم تغيير اسمها مؤخرا لمجموعة "نبراس المانجاكا" بما يتوافق مع جوهر المشروع وطبيعته في المرحلة الجديدة ^^- وقد تم نشرها بالمجموعة عبر المنشورات المتتالية؛ بمناسبة استقبالها لأول عيد بعد تأسيسها، عيد الفطر السعيد 1443هـ، أعاده الله علينا وعلى أحبتنا بالخير واليمن والبركة، وقد تم بفضل الله في يوم السابع من شوال 1443هـ (8/ 5/ 2022م) الانتهاء من إعدادها على عجل، لذا أرجو المعذرة إن كان بها أي خلل!
ولكل من يحب الانضمام لمجموعتنا، فأهلا وسهلا بكم ^^
https://www.facebook.com/groups/arabmangaka.guild
وأخيرا... هنا تنويه هام:
بعض حوارات هذه القصة مقتبسة حرفيا من كلام الشخصيات الحقيقية، وبعضها تمت إعادة صياغتها مع الحفاظ على المعنى العام، والبعض من تأليفي الخالص، لذلك ولأجل التوازن بين الحبكة القصصية وأمانة النقل؛ وجب التنويه، لا سيما وأنه سيكون من الصعوبة التمييز بين النصوص المنقولة أو المبتكرة!
والآن... أترككم مع القصة على بركة الله...
******
تمهيد: الفن التاسع
كان سراج يتابع سيره في البلاد، بحثا عن ضالته المنشودة، وهو يحمل عصا ترحاله على كتفه الايمن، فيما حمل مجموعة من لوحاته بيده اليسرى، حيث كان يستريح بين الحين والآخر- كلما سنحت له الفرصة- للتعريف بتلك القضية التي نذر نفسه لها!
وبينما كان مستندا إلى جذع شجرة على قارعة الطريق، لالتقاط انفاسه، فاجأته حلزونة ضخمة تزحف بعزيمة واصرار، وكأنها متجهة نحو هدف محدد، لا تحيد عنه!
أغمض سراج عينيه وفتحهما أكثر من مرة، ثم فركهما بشدة، محدثا نفسه:
- هل يعقل أن هوس "الفن التاسع" أثّر عليّ إلى هذا الحد! لا بد أنني بدأت أتخيل الاشياء!!
اغمض عينيه لفترة اطول، ثم فتحهما فجأة، وكأنه يريد مباغتة خياله، الذي بدأ يتجاوز حدوده، بافتراض وجود حلزونات بحجم الفيلة!
غير أن الحلزونة العملاقة كانت تتابع طريقها بهدوء، غير آبهة بوجوده، وكأنها في عالمها الطبيعي، مما جعله يشك في نفسه، وهو يتأمل ذراعيه وجسده، ليتأكد من أن حجمه طبيعي:
- هل يعقل أنني اصبحت قزما فجأة! ليتني أعرف فقط من هو منا غير الطبيعي، أنا أم هذه الحلزونة!
وتلفت حوله لعله يجد مرجعا يعتمد عليه في المقارنة، حتى تذكر الشجرة التي كان يستند عليها، فالتفت نحوها بسرعة ليتأكد من أن حجمها طبيعي بالنسبة له؛ فإذا بالمفاجأة تذهله!!
لم تكن هناك أي شجرة خلفه، وكأن الارض انشقت وابتلعتها على حين غرة!
امسك سراج رأسه بكلتا يديه، وهو يردد بذهول:
- الفن التاسع!!
غير أنه سرعان ما استعاد رباطة جأشه، وهو يقول بحزم:
- مهما كان اهتمامي بالفن التاسع كبيرا، لكنني لن اسمح له بالسيطرة عليّ ، واغراقي في دواماته إلى هذا الحد! يجب أن أجد من يشاركني هذا الاهتمام، حتى لا أغرق في الأوهام!!
ثم فتح ذراعيه وهتف بصوت عال:
- سأبحث عنكم أيها المانجاكا العرب، وسأجدكم يوما ما بلا شك.. يجب أن نتواصل بأي ثمن، وإلا فلن يشرق هذا النوع من الفن، وثالوث النجاح ورمزه الروحي الذي يفتقر له الكثيرون هو التعارف والتآزر والتضحية!
وما أن نطق سراج بكلماته تلك التي خرجت من أعماق قلبه، حتى تردد صداها في الآفاق، بتناغم عجيب جدا، لم يسمع له مثيلا من قبل، لتنفتح بعدها بوابة اسطورية مهيبة، ظهرت أمامه فجأة، وكأنها انبثقت من الفراغ!
وبدون تردد.. أغمض سراج عينيه، وقفز نحو البوابة فاتحا ذراعيه، ليحلق في فضاء شاسع فسيح، امتزجت فيه الحقائق مع الأحلام، والواقع بالخيال، إلى أن لاحت أمامه شجرة عملاقة باسقة، تحيط بها حديقة غناء، وكأنها ناطحة سحاب، فروعها تعانق السماء، شعر نحوها بانجذاب غريب، فما كان منه إلا أن امسك بإحدى فروعها المتشعبة، ليجد نفسه مباشرة في العالم الذي طالما آمن بوجوده!
لقد عثر أخيرا على ضالته المنشودة، التي كان يبحث عنها منذ سنين!
***
نهاية التمهيد ويتبع الفصل الأول إن شاء الله..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اقتبس من زينب جلال في 2023-07-24, 11:35 صالفصل الأول: الخروج من الدوامة
كانت الاستاذة مسترخية على مقعدها الخشبي في مكتبها العريق، القابع فوق أحد فروع الشجرة العملاقة العليا، وهي غارقة بالتفكير، عندما استأذن عليها محمد نجيب، قائلا بعجل:
- أريد المخطوطة لو سمحت...
غير أن الاستاذة سرعان ما تهلل وجهها لاغتنام فرصة حضوره، فبادرته بقولها:
- جئت في وقتك تماما، إنني أبحث عن عنوان للقصة، اقترح لي واحدا من فضلك..
- لن استطيع اعطائك عنوانا دون أن اقرأ القصة! أو على الاقل ثلثها! أو معرفة الحقل الدلالي لها!
فتنهدت الاستاذة وهي تقلب أوراق مسودتها بين يديها:
- لم اكتبها بشكل جيد بعد..
ورفعت اوراق المسودة أمامه قائلة:
- هل يمكنك قراءة خطي هكذǿ في جميع الأحوال يجب أن تعتاد على ذلك...
فضحك محمد نجيب:
- مستحيل أن اتمكن من فهم هذه الطلاسم!
وبدل أن تسمح الاستاذة للاحباط بالسيطرة عليهǺ استدركت فجأة، وهي تنهض من مكتبها تجاه أحد الارفف، قائلة بحماسة:
- بالمناسبة.. أعددت عدة تقارير وملفات، وبانتظار ملاحظاتك عليها، كما أنه خطرت ببالي فكرة مدهشة أرغب بتنفيذها حول مشروع جديد، ستجد تفاصيله هنا، فهل بإمكانك الاطلاع عليه الآن؟
غير أن محمد نجيب اعتذر منها، بقوله:
- من الأفضل تأجيل ذلك لوقت لاحق، فيجب أن ننهي ما بدأناه أولا! واعذريني فلدي الكثير من المشاغل يجب انجازها الان، لذلك اعدك بأنني ساذكر ملاحظاتي على كل هذه الملفات لاحقا، إن شاء الله، أما الآن.. فأرجو ان تعطيني المخطوطة لوسمحت...
انتبهت الاستاذة أنها بالغت بحماستها وطلباتها الكثيرة كالعادة، فاتجهت صوب الدرج الخاص، لتخرج منه المخطوطة الاثرية، وقدمتها لمحمد نجيب، الذي تناولها بحرص شديد، قبل أن يخرج مسرعا، لولا أن الاستاذة استوقفته قائلة:
- بما أنك لم تساعدني بالعنوان، فعلى الأقل أعطني تشجيعا!
فقال لها:
- شينزو سساغيو
- لحظة لا أدري لماذا تخيلت "بين" وهو يهاجم كونوها، لذلك ترجمها لو سمحت..
فاكتفى محمد نجيب، بقوله:
- ايروين سميث
ثم خرج..
أما الاستاذة فقد شعرت بلهيب حماسة يسري في عروقها، فرفعت ذراعها بقوة، وهي تقول:
- حسنا أيها القائد.. سأكرس قلبي..
وعادت بها الذكريات إلى ذلك اليوم، اليوم الذي خرجت فيه من تلك الدوامة، والتي خيّل إليها أنها لن تفلت منها أبدا!
**
كانت الرياح عاتية، والأمواج متلاطمة، والأعاصير تكاد تقتلع الأخضر واليابس، عندما أعلنت الاستاذة بأنها لن تستسلم مهما كان الثمن، وأنها ستمضي في دربها حتى النهاية! حاول عدد من الاشخاص أن يثنوها عن خوض تلك المغامرة الخطرة، فيما كان الآخرون ينظرون نحوها بترقب! بعضهم كان قلقا، والبعض متشككا، والبعض كان متشوقا لمعرفة النتائج، غير أن عدد كبير لم يعطوا الأمر أدنى اهتمام!
لم يكن الفريق الذي قرر المخاطرة مع الاستاذة كبيرا، ومع ذلك لم يستطع الصمود منهم إلا أقل من الربع!
كان من المستحيل عليهم إكمال المهمة التي خرجوا لأجلها وحدهم، عندها قال محمد نجيب وقد نفد صبره:
- الأمر اصبح واضحا! لا يمكننا الاكمال بحسب الخطة السابقة! يجب ان ندفع من جيوبنا...
غير أن الاستاذة قاطعته بسرعة:
- مستحيل! لقد قلتها سابقا وسأعيدها.. نحن خرجنا في هذه المهمة بشكل تطوعي، بجهودنا فقط، ولا يمكن تغيير هذا، وإلا اختلف جوهر المهمة!
فرد عليها محمد نجيب:
- ولكن يا أستاذة نحن بحاجة لمن يساعدنا، ولن يقوم أحد بذلك بشكل تطوعي من أجلنا! إذا كنا جادين حقا ونرغب بانجاز المهمة، فيجب أن ندفع من أموالنا أيضا! جهودنا وحدها لا تكفي، وأنا مستعد لتحمل هذه التكاليف وحدي، يمكنني فعلها..
فردت عليه الاستاذة بشكل قطعي:
- قلت لا يعني لا!
- ولكننا لن ننتهي ابدا على هذه الشاكلة، سنخسر بهذه الطريقة..
- لا تتسرع بالحكم على الاشياء، هناك أمور أهم، وعليك أن تنسى موضوع دفع المال نهائيا، فهذا مرفوض قطعا!
كانت براكين الغضب تغلي من الطرفين بوضوح، فيما حاول محمد قمر- الذي كان يراقبهما بتوجس- تهدئة الاوضاع، وهو يخاطب الاستاذة:
- لا أدري لماذا لا تسمحين لمحمد نجيب أن يدفع من ماله إذا كان هو مستعد لذلك؟ ما الذي سنخسره يا استاذة؟ قد يكون هذا هو أملنا الأخير!
غير أن الاستاذة بدت صارمة في موقفها، ولم يكن أحد يعلم أبدا حقيقة ما كانت تفكر فيه!
كانت غارقة في دوامة عميقة جدا، وكان عليها تحديد هدفها من تلك المهمة بدقة! موافقتها على اقتراح محمد نجيب؛ يعني أن هدف مهمتها الاصلي قد أثبت فشله!
كان عليها إعادة دراسة الاولويات من جديد!
هل الأولوية لانجاز المهمة، أم لطريقة انجاز المهمة؟
والأهم من ذلك.. كيف ستكون طبيعة هذه "المهمة" بالضبط؟
إلى أي مدى يمكنها أن تمنح الثقة لمحمد نجيب ،الذي لم تكن تعرفه منذ وقت طويل، وفي الوقت نفسه تشعر أنها تعرفه منذ الأزل!
صحيح انها كانت تؤمن في قرارة نفسها، أنه قد يكون "المنقذ"، فهو اشبه بفتى النبوءة الذي طال انتظاره، ومع ذلك.. لم تكن من النوع الذي يمنح حدسها زمام الأمور، فقد كانت تفضل التأكد من كل شيء بشكل عملي، قبل أن تصدر حكمها النهائي، والتجربة خير برهان!
وهكذا اصبح تحت مجهر عدستها المكبرة، تراقبه باهتمام أكبر، وفي الوقت نفسه كانت لا تزال متمسكة بتحقيق ذلك الهدف الذي خرجت من أجله، ولأجل هذا لم تستسلم بسهولة أمام رهان محمد نجيب حول ضرورة اللجوء لدفع المال!
يجب أن تحاول بكل الطرق، قبل أن تتخلى عن ذلك الهدف وهي قريرة النفس مرتاحة البال!
وبالفعل استطاعت أن تجد حلا جديدا، انضم على أثره مساعدون جدد لفريقها، دون الحاجة لتنفيذ فكرة محمد نجيب، وبدا أن كل شيء يسير وفق خطتها الأصلية بيسر وسهولة؛ غير أن عقبة جديدة ظهرت أمامهم في الطريق! ورغم ذلك.. كانت الاستاذة لا تزال تحاول التمسك بآخر أمل لانقاذ خطتها الاصلية، غير أن محمد نجيب جزم المسألة بقوله:
- لا اريد تحديكم لكن رايي البسيط هو انك لو وفرت لمن يساعدنا مقابلا كي يضحي بوقته وصحته ومشاغله فسيفعل وسيبذل جهده لتقديم العمل في الوقت المناسب
فرد عليه محمد قمر وهو يحاول تقريب وجهات النظر:
- اعتقد أن المال سوف يفقد العمل روحه، يجب أن يكون هذا نابعا من الحب!
وأومأت الاستاذة برأسها تأكيدا لكلامه، غير أن محمد نجيب قال:
- الحب فشل ثلاث مرات معنا، نحتاج للتوازن بين الحب والمال ان اردنا التقدم!
فضحكت الاستاذة:
- ذكرتني بقصة: الحب لا يطعم خبزا!
فهز محمد نجيب راسه بثقة:
- نعم وبالطبع وأكيد
ورغم أن الاستاذة بدأت تقتنع بضرورة تغيير طريقة التنفيС حتى ولو كان على حساب جوهر المهمة الاصلية؛ إلا أنها كافحت حتى النهاية لعلها تجد حلا يجنبها الخوض في مسألة "المال"! وبالفعل تحقق مرادها في اللحظة الأخيرة، وعثرت على حل تأمّل الجميع فيه خيرا، وبدا أن كل شيء سيسير على ما يرام هذه المرة! ولكن فجأة، ودون سابق انذار؛ صدموا بعقبة كبيرة أكبر من أي شيء قد يخطر ببالهم، انهارت أمامها كل التوقعات العظيمة، وتحطمت على اعتابها آخر بارقة أمل توحي بأن بإمكانهم المتابعة وفق الخطة الأصلية للأستاذة!
عندها قال محمد قمر:
- لقد بات الأمر واضحا دون أي شك! لن نستطيع المتابعة أكثر دون دفع المال!
أما محمد نجيب فقد آثر الصمت هذه المرة، وهو ينتظر من الاستاذة الاعتراف بذلك!
لم تكن الاستاذة عنيدة كما يتخيل البعض، وإنما كانت تريد أن تكون واثقة تماما مما هي مقدمة عليه، حتى لا تندم أو تشعر بتأنيب الضمير، لما سيترتب على ذلك من تغييرات جوهرية كثيرة في طبيعة "المهمة"!وبالفعل.. جاءت تلك اللحظة التي تمكنت فيها الاستاذة الافلات من الدوامة، وهي تعلن بكل وضوح ان ذلك الطريق يجب تغييره:
- من الآن فصاعدا سيحدث تغييرا جذريا على الخطة الاصلية، من الواضح أنه لا مناص من اللجوء لدفع المال!
فبادرها محمد نجيب بسرعة:
- يجب أن نتفق على طريقة الدفع إذن!
غير أن الاستاذة قالت:
- من حسن حظنا أنني عثرت على "كنز" يمكن استخدامه لهذه المهمة...
فتأثر محمد قمر بشدة:
- أستاذة أنت في النهاية سوف تحصلين على كل قرش تدفعينه من اي عائد مادي يعود على العمل، وبعد ذلك سوف تحصلين على حقك في العمل ونسبتك منه بعيد عما دفعتيه إن شاء الله، إن كان هناك عائد...
فردد محمد نجيب جملته الأخيرة بقلق:
- إن كان هناك عائد! هذه هي الجملة المخيفة..
فطمأنتهم الاستاذة:
- اطمئنوا.. انا لن أخسر شيئا بإذن الله، فالمضي في هذا الدرب هو من اولويات حياتي، سواء كنتم معي أم كنت وحدي، فأنا سأمضي فيه بإذن الله...
غير أن محمد نجيب- الذي كان يحاول السيطرة على غضبه- بقي صامتا بانتظار اللحظة المناسبة، ليتحدث فيها مع الاستاذة على انفراد بمنتهى الصرامة والجدية:
- يجب أن نتكلم بخصوص التكاليف..
- الم نتكلم بهذا بالفعل؟ لقد ذكرت انني سأتكفل بها..
- انا الذي كنت الام على القرارات المتفردة!
عندها انتبهت الاستاذة لنفسها، وقد شعرت بتأنيب الضمير:
- لحظة.. لم اقصد أن اتخذ قرارا متفردا! كل ما في الأمر أنني اعرف أنك ستحمّل نفسك فوق طاقتها، خاصة وأنني أعرف التزاماتك الأخرى الكثيرة، لذا ارجو المعذرة!
- ما اقصده يا استاذة أنني من اقترح ضرورة الدفع من جيوبنا أول مرة، وأنا اتحمل مسؤولية ذلك!
**
انتبهت الاستاذة من ذكرياتها تلك على صوت جلبة في الخارج، فأطلت من النافذة لتشاهد ضياء يتحدث مع أحدهم، وقد علا الجدل بينهما!
حاولت أن تلتقط ما يدور بينهما من حديث، دون أن تتدخل، فهي بالعادة تحب مراقبة ما يجري من منظور خارجي، وبسرعة.. قفزت من النافذة مستعينة بأفرع الشجرة، لتصل إلى أقرب مستوى يمكنها من خلاله الاستماع بوضوح، ملتحفة بأوراق الشجرة الوارفة، دون أن يراها أحد...
وكما توقعت تماما!
كان هناك سوء فهم كالعادة!***
نهاية الفصل الأول ويتبع الفصل الثاني إن شاء الله..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الفصل الأول: الخروج من الدوامة
كانت الاستاذة مسترخية على مقعدها الخشبي في مكتبها العريق، القابع فوق أحد فروع الشجرة العملاقة العليا، وهي غارقة بالتفكير، عندما استأذن عليها محمد نجيب، قائلا بعجل:
- أريد المخطوطة لو سمحت...
غير أن الاستاذة سرعان ما تهلل وجهها لاغتنام فرصة حضوره، فبادرته بقولها:
- جئت في وقتك تماما، إنني أبحث عن عنوان للقصة، اقترح لي واحدا من فضلك..
- لن استطيع اعطائك عنوانا دون أن اقرأ القصة! أو على الاقل ثلثها! أو معرفة الحقل الدلالي لها!
فتنهدت الاستاذة وهي تقلب أوراق مسودتها بين يديها:
- لم اكتبها بشكل جيد بعد..
ورفعت اوراق المسودة أمامه قائلة:
- هل يمكنك قراءة خطي هكذǿ في جميع الأحوال يجب أن تعتاد على ذلك...
فضحك محمد نجيب:
- مستحيل أن اتمكن من فهم هذه الطلاسم!
وبدل أن تسمح الاستاذة للاحباط بالسيطرة عليهǺ استدركت فجأة، وهي تنهض من مكتبها تجاه أحد الارفف، قائلة بحماسة:
- بالمناسبة.. أعددت عدة تقارير وملفات، وبانتظار ملاحظاتك عليها، كما أنه خطرت ببالي فكرة مدهشة أرغب بتنفيذها حول مشروع جديد، ستجد تفاصيله هنا، فهل بإمكانك الاطلاع عليه الآن؟
غير أن محمد نجيب اعتذر منها، بقوله:
- من الأفضل تأجيل ذلك لوقت لاحق، فيجب أن ننهي ما بدأناه أولا! واعذريني فلدي الكثير من المشاغل يجب انجازها الان، لذلك اعدك بأنني ساذكر ملاحظاتي على كل هذه الملفات لاحقا، إن شاء الله، أما الآن.. فأرجو ان تعطيني المخطوطة لوسمحت...
انتبهت الاستاذة أنها بالغت بحماستها وطلباتها الكثيرة كالعادة، فاتجهت صوب الدرج الخاص، لتخرج منه المخطوطة الاثرية، وقدمتها لمحمد نجيب، الذي تناولها بحرص شديد، قبل أن يخرج مسرعا، لولا أن الاستاذة استوقفته قائلة:
- بما أنك لم تساعدني بالعنوان، فعلى الأقل أعطني تشجيعا!
فقال لها:
- شينزو سساغيو
- لحظة لا أدري لماذا تخيلت "بين" وهو يهاجم كونوها، لذلك ترجمها لو سمحت..
فاكتفى محمد نجيب، بقوله:
- ايروين سميث
ثم خرج..
أما الاستاذة فقد شعرت بلهيب حماسة يسري في عروقها، فرفعت ذراعها بقوة، وهي تقول:
- حسنا أيها القائد.. سأكرس قلبي..
وعادت بها الذكريات إلى ذلك اليوم، اليوم الذي خرجت فيه من تلك الدوامة، والتي خيّل إليها أنها لن تفلت منها أبدا!
**
كانت الرياح عاتية، والأمواج متلاطمة، والأعاصير تكاد تقتلع الأخضر واليابس، عندما أعلنت الاستاذة بأنها لن تستسلم مهما كان الثمن، وأنها ستمضي في دربها حتى النهاية! حاول عدد من الاشخاص أن يثنوها عن خوض تلك المغامرة الخطرة، فيما كان الآخرون ينظرون نحوها بترقب! بعضهم كان قلقا، والبعض متشككا، والبعض كان متشوقا لمعرفة النتائج، غير أن عدد كبير لم يعطوا الأمر أدنى اهتمام!
لم يكن الفريق الذي قرر المخاطرة مع الاستاذة كبيرا، ومع ذلك لم يستطع الصمود منهم إلا أقل من الربع!
كان من المستحيل عليهم إكمال المهمة التي خرجوا لأجلها وحدهم، عندها قال محمد نجيب وقد نفد صبره:
- الأمر اصبح واضحا! لا يمكننا الاكمال بحسب الخطة السابقة! يجب ان ندفع من جيوبنا...
غير أن الاستاذة قاطعته بسرعة:
- مستحيل! لقد قلتها سابقا وسأعيدها.. نحن خرجنا في هذه المهمة بشكل تطوعي، بجهودنا فقط، ولا يمكن تغيير هذا، وإلا اختلف جوهر المهمة!
فرد عليها محمد نجيب:
- ولكن يا أستاذة نحن بحاجة لمن يساعدنا، ولن يقوم أحد بذلك بشكل تطوعي من أجلنا! إذا كنا جادين حقا ونرغب بانجاز المهمة، فيجب أن ندفع من أموالنا أيضا! جهودنا وحدها لا تكفي، وأنا مستعد لتحمل هذه التكاليف وحدي، يمكنني فعلها..
فردت عليه الاستاذة بشكل قطعي:
- قلت لا يعني لا!
- ولكننا لن ننتهي ابدا على هذه الشاكلة، سنخسر بهذه الطريقة..
- لا تتسرع بالحكم على الاشياء، هناك أمور أهم، وعليك أن تنسى موضوع دفع المال نهائيا، فهذا مرفوض قطعا!
كانت براكين الغضب تغلي من الطرفين بوضوح، فيما حاول محمد قمر- الذي كان يراقبهما بتوجس- تهدئة الاوضاع، وهو يخاطب الاستاذة:
- لا أدري لماذا لا تسمحين لمحمد نجيب أن يدفع من ماله إذا كان هو مستعد لذلك؟ ما الذي سنخسره يا استاذة؟ قد يكون هذا هو أملنا الأخير!
غير أن الاستاذة بدت صارمة في موقفها، ولم يكن أحد يعلم أبدا حقيقة ما كانت تفكر فيه!
كانت غارقة في دوامة عميقة جدا، وكان عليها تحديد هدفها من تلك المهمة بدقة! موافقتها على اقتراح محمد نجيب؛ يعني أن هدف مهمتها الاصلي قد أثبت فشله!
كان عليها إعادة دراسة الاولويات من جديد!
هل الأولوية لانجاز المهمة، أم لطريقة انجاز المهمة؟
والأهم من ذلك.. كيف ستكون طبيعة هذه "المهمة" بالضبط؟
إلى أي مدى يمكنها أن تمنح الثقة لمحمد نجيب ،الذي لم تكن تعرفه منذ وقت طويل، وفي الوقت نفسه تشعر أنها تعرفه منذ الأزل!
صحيح انها كانت تؤمن في قرارة نفسها، أنه قد يكون "المنقذ"، فهو اشبه بفتى النبوءة الذي طال انتظاره، ومع ذلك.. لم تكن من النوع الذي يمنح حدسها زمام الأمور، فقد كانت تفضل التأكد من كل شيء بشكل عملي، قبل أن تصدر حكمها النهائي، والتجربة خير برهان!
وهكذا اصبح تحت مجهر عدستها المكبرة، تراقبه باهتمام أكبر، وفي الوقت نفسه كانت لا تزال متمسكة بتحقيق ذلك الهدف الذي خرجت من أجله، ولأجل هذا لم تستسلم بسهولة أمام رهان محمد نجيب حول ضرورة اللجوء لدفع المال!
يجب أن تحاول بكل الطرق، قبل أن تتخلى عن ذلك الهدف وهي قريرة النفس مرتاحة البال!
وبالفعل استطاعت أن تجد حلا جديدا، انضم على أثره مساعدون جدد لفريقها، دون الحاجة لتنفيذ فكرة محمد نجيب، وبدا أن كل شيء يسير وفق خطتها الأصلية بيسر وسهولة؛ غير أن عقبة جديدة ظهرت أمامهم في الطريق! ورغم ذلك.. كانت الاستاذة لا تزال تحاول التمسك بآخر أمل لانقاذ خطتها الاصلية، غير أن محمد نجيب جزم المسألة بقوله:
- لا اريد تحديكم لكن رايي البسيط هو انك لو وفرت لمن يساعدنا مقابلا كي يضحي بوقته وصحته ومشاغله فسيفعل وسيبذل جهده لتقديم العمل في الوقت المناسب
فرد عليه محمد قمر وهو يحاول تقريب وجهات النظر:
- اعتقد أن المال سوف يفقد العمل روحه، يجب أن يكون هذا نابعا من الحب!
وأومأت الاستاذة برأسها تأكيدا لكلامه، غير أن محمد نجيب قال:
- الحب فشل ثلاث مرات معنا، نحتاج للتوازن بين الحب والمال ان اردنا التقدم!
فضحكت الاستاذة:
- ذكرتني بقصة: الحب لا يطعم خبزا!
فهز محمد نجيب راسه بثقة:
- نعم وبالطبع وأكيد
ورغم أن الاستاذة بدأت تقتنع بضرورة تغيير طريقة التنفيС حتى ولو كان على حساب جوهر المهمة الاصلية؛ إلا أنها كافحت حتى النهاية لعلها تجد حلا يجنبها الخوض في مسألة "المال"! وبالفعل تحقق مرادها في اللحظة الأخيرة، وعثرت على حل تأمّل الجميع فيه خيرا، وبدا أن كل شيء سيسير على ما يرام هذه المرة! ولكن فجأة، ودون سابق انذار؛ صدموا بعقبة كبيرة أكبر من أي شيء قد يخطر ببالهم، انهارت أمامها كل التوقعات العظيمة، وتحطمت على اعتابها آخر بارقة أمل توحي بأن بإمكانهم المتابعة وفق الخطة الأصلية للأستاذة!
عندها قال محمد قمر:
- لقد بات الأمر واضحا دون أي شك! لن نستطيع المتابعة أكثر دون دفع المال!
أما محمد نجيب فقد آثر الصمت هذه المرة، وهو ينتظر من الاستاذة الاعتراف بذلك!
لم تكن الاستاذة عنيدة كما يتخيل البعض، وإنما كانت تريد أن تكون واثقة تماما مما هي مقدمة عليه، حتى لا تندم أو تشعر بتأنيب الضمير، لما سيترتب على ذلك من تغييرات جوهرية كثيرة في طبيعة "المهمة"!
وبالفعل.. جاءت تلك اللحظة التي تمكنت فيها الاستاذة الافلات من الدوامة، وهي تعلن بكل وضوح ان ذلك الطريق يجب تغييره:
- من الآن فصاعدا سيحدث تغييرا جذريا على الخطة الاصلية، من الواضح أنه لا مناص من اللجوء لدفع المال!
فبادرها محمد نجيب بسرعة:
- يجب أن نتفق على طريقة الدفع إذن!
غير أن الاستاذة قالت:
- من حسن حظنا أنني عثرت على "كنز" يمكن استخدامه لهذه المهمة...
فتأثر محمد قمر بشدة:
- أستاذة أنت في النهاية سوف تحصلين على كل قرش تدفعينه من اي عائد مادي يعود على العمل، وبعد ذلك سوف تحصلين على حقك في العمل ونسبتك منه بعيد عما دفعتيه إن شاء الله، إن كان هناك عائد...
فردد محمد نجيب جملته الأخيرة بقلق:
- إن كان هناك عائد! هذه هي الجملة المخيفة..
فطمأنتهم الاستاذة:
- اطمئنوا.. انا لن أخسر شيئا بإذن الله، فالمضي في هذا الدرب هو من اولويات حياتي، سواء كنتم معي أم كنت وحدي، فأنا سأمضي فيه بإذن الله...
غير أن محمد نجيب- الذي كان يحاول السيطرة على غضبه- بقي صامتا بانتظار اللحظة المناسبة، ليتحدث فيها مع الاستاذة على انفراد بمنتهى الصرامة والجدية:
- يجب أن نتكلم بخصوص التكاليف..
- الم نتكلم بهذا بالفعل؟ لقد ذكرت انني سأتكفل بها..
- انا الذي كنت الام على القرارات المتفردة!
عندها انتبهت الاستاذة لنفسها، وقد شعرت بتأنيب الضمير:
- لحظة.. لم اقصد أن اتخذ قرارا متفردا! كل ما في الأمر أنني اعرف أنك ستحمّل نفسك فوق طاقتها، خاصة وأنني أعرف التزاماتك الأخرى الكثيرة، لذا ارجو المعذرة!
- ما اقصده يا استاذة أنني من اقترح ضرورة الدفع من جيوبنا أول مرة، وأنا اتحمل مسؤولية ذلك!
**
انتبهت الاستاذة من ذكرياتها تلك على صوت جلبة في الخارج، فأطلت من النافذة لتشاهد ضياء يتحدث مع أحدهم، وقد علا الجدل بينهما!
حاولت أن تلتقط ما يدور بينهما من حديث، دون أن تتدخل، فهي بالعادة تحب مراقبة ما يجري من منظور خارجي، وبسرعة.. قفزت من النافذة مستعينة بأفرع الشجرة، لتصل إلى أقرب مستوى يمكنها من خلاله الاستماع بوضوح، ملتحفة بأوراق الشجرة الوارفة، دون أن يراها أحد...
وكما توقعت تماما!
كان هناك سوء فهم كالعادة!
***
نهاية الفصل الأول ويتبع الفصل الثاني إن شاء الله..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اقتبس من زينب جلال في 2023-07-24, 11:36 صالفصل الثاني: مانجاكا متشرد
كان سراج يحاول اثبات حسن نيته أمام ضياء، الذي لم يستطع احتمال أسلوبه في الكلام أكثر:
- حاول أن تفسر كلامي وتعيد التفكير فيه من منظور المصلحة العامة..
غير أن ضياء كان يشعر أن من واجبه وضع حد لهذا:
- أشعر مرارا أنك تتحدث بقصد النقد لا غير..
- حتى أنا أشعر أنك ترد لانتقادي، كل ما في الامر انني اخاف من زجر المسؤول وطردي خارج الدار فأصبح مانجاكا متشرد!
لم تكد تلك الجملة تطرق سمع الاستاذة؛ حتى كادت أن تقع من فوق غصن الشجرة من شدة الضحك، غير أنها بذلت جهدا مضاعفا للسيطرة على نفسها، حتى لا ينكشف أمرها، فما كان منها إلا أن اسرعت بالعودة إلى مكتبها، متعلقة بين فروع الاشجار حتى وصلته بسلام، وهناك حيث لا يمكن لأحد سماعها، ضحكت بملئ شدقيها حتى كاد أن يغمى عليها، وهي تحاول أن تمسك قلمها لخط بها بضع كلمات على ورقة أمامها:
"المانجاكا المتشرد"!!
يا له من عنوان مثير!
وضحكت في سرها وهي تتذكر ذلك الحوار الذي دار بين المحمدين ذات مرة (قمر ونجيب) :
- انتبه.. الاستاذة قد تلتقط أي كلمات نتفوه بها لتحبك منها قصة! قد تفضحنا!!
قال جملته تلك وهو لا يكاد يتمالك نفسه من شدة الضحك، فطمأنه محمد نجيب:
- هي ليست بهذا الشر
وبتر جملته ضاحكا كمن يشك في كلامه..
فابتسم محمد قمر:
- أنا امزح فقط، لا تقلق أنا اعلم ذلك جيدا!
كانت الاستاذة تحاول السيطرة على موجة الضحك التي انتابتها، وهي تتخيل شعورهما لو وجدا أنفسهما بالفعل في إحدى قصصها:
- آمل أن لا أخيب ظنهما يوما ما!
**
لم يكن ضياء من النوع القاسي أو المتشدد، بقدر ما كان يهتم كثيرا بمشاعر الآخرين لدرجة مفرطة، حتى أنه كان مستعدا لارتداء ملابس القسوة أمام أي أحد يشعر أنه قد يؤذي مشاعر شخص آخر!! ولذلك ورغم إعجابه بالأعمال الابداعية لذلك القادم الجديد، إلا أنه لم يستطع احتمال ما كان يتفوّه به من كلمات يراها مؤذية لمشاعر الآخرين!
- نحن يجب ان نتحمل مسؤولية توفير بيئة آمنة لمشاعر الجميع، والويل لمن يفكر بإيذاء مشاعر أحد، حتى ولو كانت نملة!
كان ضياء يحدث نفسه بهذا وهو يتجول في الارجاء، عندما راعه مشهد ليلين وهي تقاوم جاذبية ثقب اسود، يحاول ابتلاعها؛ فما كان منه إلا أن قفز نحوها بسرعة لينقذها من هذا الشيء، الذي لا يدري من أين ظهر أمامهم فجأة! وبدل أن ينجح ضياء في انقاذها؛ ابتلعه الثقب في لمح البصر قبل أن يدرك ما حدث!
كان الظلام كثيفا جدا، لدرجة أن ضياء بالكاد استطاع اضاءة ما حوله، ليتفاجأ برؤية آخر شخص يتمنى مقابلته في ذلك الوقت! ولم يكن شعور ذلك الشخص مختلفا عنه، إذ سرعان ما تبادل الاثنان نظرات حادة أضاءت شراراتها المكان حولهما، وهما يهتفان بصوت واحد:
- أهذا أنت!!!!
وبغيظ شديد قال ضياء:
- لا شك أنك السبب في وجودنا هنا!
فيما أجابه سراج بنبرة مماثلة:
- هذا ما كنت أفكر فيه للتو! لم استبعد أن يصل بك الحد إلى حبسي في هذا البعد المجهول!
همّ ضياء بالرد عليه، لكنه سرعان ما تذكر السبب الرئيسي الذي جاء من أجله! يجب أن يطمئن على ليلين وينقذها بسرعة قبل أن يصيبها مكروه، فهذا هو واجبه تجاه الآخرين الذي نذر حياته لأجله! ولذلك قرر تجاهل خلافه مع سراج ليسأله:
- هل رأيت فتاة كانت...
فأجابه سراج بسرعة قبل أن يتم جملته:
- تقصد ليلين؟ في الحقيقة كنت قد رأيت وحشا يحوم حولها ويحاول التهامها، وعندما هممت بانقاذها منه وجدت نفسي هنا!
علت الدهشة وجه ضياء:
- غريب جدا! هل أنت متأكد من ذلك؟ ما رأيته أنا كان أشبه بثقب اسود يحاول ابتلاعها!!
ورغم محاولات ضياء وسراج الجاهدة تفسير ما حدث؛ لم يستطع أي منهما الوصول لأي نتيجة!
زفر ضياء بضيق:
- كم أكره هذا العجز عن فعل اي شيء!!
وضحك بسخرية:
- وكأن الكهرباء مقطوعة عن هذا العالم!!! يبدو أن هذه المشكلة تصر على ملاحقتي في كل مكان!
أما سراج، فقد كان يحاول استحضار جميع مهاراته، لعلها تفيدهم في هذا المأزق، قائلا:
- كل ما احتاجه هو استخدام ذلك الحبر السحري الذي يجسّد كل ما يرسم به! عندها سأتمكن من رسم شيء مفيد بلا شك!
أغمض ضياء عينيه بتركيز، وهو يتذكر ما حدث مع سالي وأمجد ومايا، مرددا:
- لا شك أن هناك طريقة ما! لطالما استطعت إيجاد الحلول لأبطال قصصي، حتى وهم في أشد حالات اليأس! يجب أن استحضر ما حدث خلال "العودة إلى الارض"!
وبينما كان ضياء غارقا في تفكيره، تفاجأ بصوت انثوي طفولي، يهتف باسمه:
- لا تستسلم يا ضياء.. لطالما حاولت بث الأمل في نفسي رغم كل شيء! أنا مدينة لك حقا!
تلفت ضياء حوله بلهفة بحثا عن مصدر الصوت وعيناه مترقرقة بالدموع:
- حنين!! هل هذا أنت حقا؟؟
غير أن صوت ذكوري آخر، ردد بحماسة:
- البرق الخاطف وهزيم الرعد.. اتذكر هذا يا ضياء؟
لم تكد تلك النبرة تلامس أذن ضياء، حتى تحشرجت الكلمات في حلقه :
- وسيم!! هل هذا حقا أنت يا أخي؟
ولم يستطع ضياء الصمود أكثر، وكأن المشاعر المكبوتة قررت أن تنفجر داخله دفعة واحدة، فجثا على ركبتيه وأجهش بالبكاء أمام دهشة سراج الذي لم يفهم ما يجري! وبمشاعر مختلطة، ربت سراج على كتف ضياء مهدئا:
- خير إن شاء الله؟ هل ذاك هو أخوك حقا، أم أنه إحدى شخصياتك؟
وبصعوبة تمكن ضياء من إجابته:
- بل هو أخي وشقيقي الذي كان يشاركني أحلامي...
والتقط ضياء نفسا عميقا، وهو يحاول استعادة رباطة جأشه:
- يسعدني سماع صوت أخي رحمه الله، فقد اشتقت له حقا، ولكنني أخشى أننا اصبحنا في عالم الأموات، في حين أن أمامنا الكثير من المهام التي لم ننجزها بعد!
لامست كلمات ضياء شغاف قلب سراج، فمد يده نحوه ليساعده على النهوض، وهو يحاول حبس دموعه:
- معك الحق يا أخي، يجب أن نتعاون لانقاذ ليلين والخروج من هنا بسلام!
لم يكد ضياء يضع يده بيد سراج؛ حتى ومض بريق ساطع، أضاء المكان حولهما، رافقه صوت رخيم اقشعرت له اجسادهما:
- لن يستطيع أي واحد منكما أن يكون الآخر، ولكنكما معا تمثلان "ضياء السراج" الذي يحافظ على توازن هذا العالم!
لم يستطع أي واحد منهما تحديد مصدر الصوت ولا معرفه كنهه، لكن فرحتهما كانت كبيرة برؤية ليلين أخيرا، والتي بدت لهما عالقة في الفرغ!
وبسرعة اتجه الاثنان نحوها:
- هل أنت بخير؟
بصعوبة استطاعت ليلين سماع صوتهما الذي بدا لها وكأنه قادم من مكان بعيد، ففتحت عينيها أخيرا:
- أين أنا؟ وما الذي يجري هنا؟ آخر ما أذكره أنني كنت أسلم على الشخصيات، ثم خطرت ببالي أمنية أن يكون المستقبل خاليا من وجودي ليكون أفضل! ولا أدري ما الذي حدث بعدها!
هم سراج بتوبيخها بشدة، لاستهانتها بنفسها وأهمية وجودها، غير أن ضياء سبقه بقوله:
- ما كان عليك أن تفكري بنفسك هكذا! انت دائما تشجعين الآخرين، وهذا بحد ذاته دور عظيم لا يستهان به!
فأطرقت ليلين برأسها:
- لا اعرف.. ولكن..
فقاطعها سراج بقوله:
- يجب أن تثقي بنفسك أكثر، فبلا شك وجودك في الحياة ليس عبثا! اجعلي لك هدفا عظيما نصب عينيك، تسعين نحوه بجد، بدلا من التفكير بتلك السخافات...
فرمقه ضياء بنظرة غاضبة:
- لا يمكنك أن تحدث الآخرين بهذه الطريقة، ليلين فتاة طيبة وهي بالفعل تقوم بدور هام في تشجيع الآخرين، وبث روح السعادة لديهم..
حاولت ليلين تهدئة الوضع، وهي تشعر بتأنيب الضمير لما سببته لهما:
- أرجو المعذرة حقا، لم اقصد ان اسبب هذا الخلاف...
فطمأنها ضياء بسرعة:
- لا داعي للاعتذار، فأنت لم ترتكبي أي خطأ، هو من عليه فقط أن يراجع اسلوبه في الكلام..
ورغم محاولة سراج السيطرة على نفسه، لكنه رد بغضب:
- إذا كان هناك شخص عليه الاعتذار هنا فهو أنت! دائما تسيء تفسير كلماتي، رغم أنني لم أقصد منها إلا كل خير، هل من المنطق أن تترك أحدهم يتمنى مستقبلا خال من وجوده، دون أن تمنحه صفعة تعيد له رشده وترده إلى صوابه؟
فأجابه ضياء وهي يغلي من شدة الغضب:
- وهل تظن أن هذه الصفعات ستجعله أفضل؟
- وهل عندما يغرق الانسان في الظلام، ستفيده كلمات المجاملة؟
- أنت فعلا أشبه بمانجاكا متشرد لا يعرف الأصول...
- لا تظن أنك أفضل حالا..
شعرت ليليلن أنها على وشك البكاء، ولم تعد تدري ما الذي عليها فعله لإيقاف ذلك الشجار، حتى سمعت صوتا رقيقا يناديها:
- إذا أردت سعادة الجميع فعليك أن تكوني قوية..
التفتت ليلين حولها، وهو تهتف بسعادة:
- هيناتا؟؟ هل هذا انت؟ لطالما حلمت بمقابلتك؟ أريد أن اعرف أكثر عما حدث معك، وكيف استطعت تجاوز ضعفك! فما شاهدته من حلقات لم يكن كافيا لي لأسير على دربك!
- مهما كنت ضعيفة، مهما شعرت أنه لا فائدة من وجودك، مهما بدا لك أنه لا أمل لك بالتقدم نحو الأمام؛ لا تستسلمي وحسب.. هذا ما تعلمته من ناروتو!
عندها توهجت "ماسة زرقاء" في قلادة ليلين، فقبضت عليها بعزيمة:
- أجل.. لن أقف مكتوفة اليدين، ومن الآن فصاعدا سأركز على دوري العظيم في هذا العالم!
وبدون تردد خاطبت ضياء وسراج بقوة قائلة:
- أنا أقدر ما قدمتماه من أجلي، ولكن يجب أن تتوقفا عن هذا الخلاف! كلاكما يبذل جهده لأجل الآخرين، ولكن بطريقته الخاصة! انتما وجهان لعملة واحدة!
بوغت ضياء وسراج بما سمعاه من ليلين، وهما يرددان بنبرة شك:
- وجهان لعملة واحدة!!! مستحيل!
غير أن ليلين تابعت كلامها بحزم:
- بل أنتما كذلك، وأنا واثقة من أن مشاكل عالمنا ستحل إذا تقبل كل منكما الآخر! إذا اردنا النجاة، فيجب أن نتعاون جميعا الآن للخروج من هنا!
عندها تذكر الاثنان ما سمعاه سابقا، وهما يتبادلان النظرات:
- أنتما معا تمثلان "ضياء السراج" الذي يحفظ التوازن لهذا العالم!
فابتسمت ليلين وهي تشير لهما بيديها:
- هيا تصافحا بسرعة، فلا وقت لدينا لإضاعته!
وفي اللحظة التي تلامست فيها ايديهما، سطع شعاع وهاج، لم يستطيعوا الصمود أمامه، فأغمضوا أعينهم فيما بدأت اجسادهم بالتلاشي..***
نهاية الفصل الثاني ويتبع الفصل الثالث إن شاء الله..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الفصل الثاني: مانجاكا متشرد
كان سراج يحاول اثبات حسن نيته أمام ضياء، الذي لم يستطع احتمال أسلوبه في الكلام أكثر:
- حاول أن تفسر كلامي وتعيد التفكير فيه من منظور المصلحة العامة..
غير أن ضياء كان يشعر أن من واجبه وضع حد لهذا:
- أشعر مرارا أنك تتحدث بقصد النقد لا غير..
- حتى أنا أشعر أنك ترد لانتقادي، كل ما في الامر انني اخاف من زجر المسؤول وطردي خارج الدار فأصبح مانجاكا متشرد!
لم تكد تلك الجملة تطرق سمع الاستاذة؛ حتى كادت أن تقع من فوق غصن الشجرة من شدة الضحك، غير أنها بذلت جهدا مضاعفا للسيطرة على نفسها، حتى لا ينكشف أمرها، فما كان منها إلا أن اسرعت بالعودة إلى مكتبها، متعلقة بين فروع الاشجار حتى وصلته بسلام، وهناك حيث لا يمكن لأحد سماعها، ضحكت بملئ شدقيها حتى كاد أن يغمى عليها، وهي تحاول أن تمسك قلمها لخط بها بضع كلمات على ورقة أمامها:
"المانجاكا المتشرد"!!
يا له من عنوان مثير!
وضحكت في سرها وهي تتذكر ذلك الحوار الذي دار بين المحمدين ذات مرة (قمر ونجيب) :
- انتبه.. الاستاذة قد تلتقط أي كلمات نتفوه بها لتحبك منها قصة! قد تفضحنا!!
قال جملته تلك وهو لا يكاد يتمالك نفسه من شدة الضحك، فطمأنه محمد نجيب:
- هي ليست بهذا الشر
وبتر جملته ضاحكا كمن يشك في كلامه..
فابتسم محمد قمر:
- أنا امزح فقط، لا تقلق أنا اعلم ذلك جيدا!
كانت الاستاذة تحاول السيطرة على موجة الضحك التي انتابتها، وهي تتخيل شعورهما لو وجدا أنفسهما بالفعل في إحدى قصصها:
- آمل أن لا أخيب ظنهما يوما ما!
**
لم يكن ضياء من النوع القاسي أو المتشدد، بقدر ما كان يهتم كثيرا بمشاعر الآخرين لدرجة مفرطة، حتى أنه كان مستعدا لارتداء ملابس القسوة أمام أي أحد يشعر أنه قد يؤذي مشاعر شخص آخر!! ولذلك ورغم إعجابه بالأعمال الابداعية لذلك القادم الجديد، إلا أنه لم يستطع احتمال ما كان يتفوّه به من كلمات يراها مؤذية لمشاعر الآخرين!
- نحن يجب ان نتحمل مسؤولية توفير بيئة آمنة لمشاعر الجميع، والويل لمن يفكر بإيذاء مشاعر أحد، حتى ولو كانت نملة!
كان ضياء يحدث نفسه بهذا وهو يتجول في الارجاء، عندما راعه مشهد ليلين وهي تقاوم جاذبية ثقب اسود، يحاول ابتلاعها؛ فما كان منه إلا أن قفز نحوها بسرعة لينقذها من هذا الشيء، الذي لا يدري من أين ظهر أمامهم فجأة! وبدل أن ينجح ضياء في انقاذها؛ ابتلعه الثقب في لمح البصر قبل أن يدرك ما حدث!
كان الظلام كثيفا جدا، لدرجة أن ضياء بالكاد استطاع اضاءة ما حوله، ليتفاجأ برؤية آخر شخص يتمنى مقابلته في ذلك الوقت! ولم يكن شعور ذلك الشخص مختلفا عنه، إذ سرعان ما تبادل الاثنان نظرات حادة أضاءت شراراتها المكان حولهما، وهما يهتفان بصوت واحد:
- أهذا أنت!!!!
وبغيظ شديد قال ضياء:
- لا شك أنك السبب في وجودنا هنا!
فيما أجابه سراج بنبرة مماثلة:
- هذا ما كنت أفكر فيه للتو! لم استبعد أن يصل بك الحد إلى حبسي في هذا البعد المجهول!
همّ ضياء بالرد عليه، لكنه سرعان ما تذكر السبب الرئيسي الذي جاء من أجله! يجب أن يطمئن على ليلين وينقذها بسرعة قبل أن يصيبها مكروه، فهذا هو واجبه تجاه الآخرين الذي نذر حياته لأجله! ولذلك قرر تجاهل خلافه مع سراج ليسأله:
- هل رأيت فتاة كانت...
فأجابه سراج بسرعة قبل أن يتم جملته:
- تقصد ليلين؟ في الحقيقة كنت قد رأيت وحشا يحوم حولها ويحاول التهامها، وعندما هممت بانقاذها منه وجدت نفسي هنا!
علت الدهشة وجه ضياء:
- غريب جدا! هل أنت متأكد من ذلك؟ ما رأيته أنا كان أشبه بثقب اسود يحاول ابتلاعها!!
ورغم محاولات ضياء وسراج الجاهدة تفسير ما حدث؛ لم يستطع أي منهما الوصول لأي نتيجة!
زفر ضياء بضيق:
- كم أكره هذا العجز عن فعل اي شيء!!
وضحك بسخرية:
- وكأن الكهرباء مقطوعة عن هذا العالم!!! يبدو أن هذه المشكلة تصر على ملاحقتي في كل مكان!
أما سراج، فقد كان يحاول استحضار جميع مهاراته، لعلها تفيدهم في هذا المأزق، قائلا:
- كل ما احتاجه هو استخدام ذلك الحبر السحري الذي يجسّد كل ما يرسم به! عندها سأتمكن من رسم شيء مفيد بلا شك!
أغمض ضياء عينيه بتركيز، وهو يتذكر ما حدث مع سالي وأمجد ومايا، مرددا:
- لا شك أن هناك طريقة ما! لطالما استطعت إيجاد الحلول لأبطال قصصي، حتى وهم في أشد حالات اليأس! يجب أن استحضر ما حدث خلال "العودة إلى الارض"!
وبينما كان ضياء غارقا في تفكيره، تفاجأ بصوت انثوي طفولي، يهتف باسمه:
- لا تستسلم يا ضياء.. لطالما حاولت بث الأمل في نفسي رغم كل شيء! أنا مدينة لك حقا!
تلفت ضياء حوله بلهفة بحثا عن مصدر الصوت وعيناه مترقرقة بالدموع:
- حنين!! هل هذا أنت حقا؟؟
غير أن صوت ذكوري آخر، ردد بحماسة:
- البرق الخاطف وهزيم الرعد.. اتذكر هذا يا ضياء؟
لم تكد تلك النبرة تلامس أذن ضياء، حتى تحشرجت الكلمات في حلقه :
- وسيم!! هل هذا حقا أنت يا أخي؟
ولم يستطع ضياء الصمود أكثر، وكأن المشاعر المكبوتة قررت أن تنفجر داخله دفعة واحدة، فجثا على ركبتيه وأجهش بالبكاء أمام دهشة سراج الذي لم يفهم ما يجري! وبمشاعر مختلطة، ربت سراج على كتف ضياء مهدئا:
- خير إن شاء الله؟ هل ذاك هو أخوك حقا، أم أنه إحدى شخصياتك؟
وبصعوبة تمكن ضياء من إجابته:
- بل هو أخي وشقيقي الذي كان يشاركني أحلامي...
والتقط ضياء نفسا عميقا، وهو يحاول استعادة رباطة جأشه:
- يسعدني سماع صوت أخي رحمه الله، فقد اشتقت له حقا، ولكنني أخشى أننا اصبحنا في عالم الأموات، في حين أن أمامنا الكثير من المهام التي لم ننجزها بعد!
لامست كلمات ضياء شغاف قلب سراج، فمد يده نحوه ليساعده على النهوض، وهو يحاول حبس دموعه:
- معك الحق يا أخي، يجب أن نتعاون لانقاذ ليلين والخروج من هنا بسلام!
لم يكد ضياء يضع يده بيد سراج؛ حتى ومض بريق ساطع، أضاء المكان حولهما، رافقه صوت رخيم اقشعرت له اجسادهما:
- لن يستطيع أي واحد منكما أن يكون الآخر، ولكنكما معا تمثلان "ضياء السراج" الذي يحافظ على توازن هذا العالم!
لم يستطع أي واحد منهما تحديد مصدر الصوت ولا معرفه كنهه، لكن فرحتهما كانت كبيرة برؤية ليلين أخيرا، والتي بدت لهما عالقة في الفرغ!
وبسرعة اتجه الاثنان نحوها:
- هل أنت بخير؟
بصعوبة استطاعت ليلين سماع صوتهما الذي بدا لها وكأنه قادم من مكان بعيد، ففتحت عينيها أخيرا:
- أين أنا؟ وما الذي يجري هنا؟ آخر ما أذكره أنني كنت أسلم على الشخصيات، ثم خطرت ببالي أمنية أن يكون المستقبل خاليا من وجودي ليكون أفضل! ولا أدري ما الذي حدث بعدها!
هم سراج بتوبيخها بشدة، لاستهانتها بنفسها وأهمية وجودها، غير أن ضياء سبقه بقوله:
- ما كان عليك أن تفكري بنفسك هكذا! انت دائما تشجعين الآخرين، وهذا بحد ذاته دور عظيم لا يستهان به!
فأطرقت ليلين برأسها:
- لا اعرف.. ولكن..
فقاطعها سراج بقوله:
- يجب أن تثقي بنفسك أكثر، فبلا شك وجودك في الحياة ليس عبثا! اجعلي لك هدفا عظيما نصب عينيك، تسعين نحوه بجد، بدلا من التفكير بتلك السخافات...
فرمقه ضياء بنظرة غاضبة:
- لا يمكنك أن تحدث الآخرين بهذه الطريقة، ليلين فتاة طيبة وهي بالفعل تقوم بدور هام في تشجيع الآخرين، وبث روح السعادة لديهم..
حاولت ليلين تهدئة الوضع، وهي تشعر بتأنيب الضمير لما سببته لهما:
- أرجو المعذرة حقا، لم اقصد ان اسبب هذا الخلاف...
فطمأنها ضياء بسرعة:
- لا داعي للاعتذار، فأنت لم ترتكبي أي خطأ، هو من عليه فقط أن يراجع اسلوبه في الكلام..
ورغم محاولة سراج السيطرة على نفسه، لكنه رد بغضب:
- إذا كان هناك شخص عليه الاعتذار هنا فهو أنت! دائما تسيء تفسير كلماتي، رغم أنني لم أقصد منها إلا كل خير، هل من المنطق أن تترك أحدهم يتمنى مستقبلا خال من وجوده، دون أن تمنحه صفعة تعيد له رشده وترده إلى صوابه؟
فأجابه ضياء وهي يغلي من شدة الغضب:
- وهل تظن أن هذه الصفعات ستجعله أفضل؟
- وهل عندما يغرق الانسان في الظلام، ستفيده كلمات المجاملة؟
- أنت فعلا أشبه بمانجاكا متشرد لا يعرف الأصول...
- لا تظن أنك أفضل حالا..
شعرت ليليلن أنها على وشك البكاء، ولم تعد تدري ما الذي عليها فعله لإيقاف ذلك الشجار، حتى سمعت صوتا رقيقا يناديها:
- إذا أردت سعادة الجميع فعليك أن تكوني قوية..
التفتت ليلين حولها، وهو تهتف بسعادة:
- هيناتا؟؟ هل هذا انت؟ لطالما حلمت بمقابلتك؟ أريد أن اعرف أكثر عما حدث معك، وكيف استطعت تجاوز ضعفك! فما شاهدته من حلقات لم يكن كافيا لي لأسير على دربك!
- مهما كنت ضعيفة، مهما شعرت أنه لا فائدة من وجودك، مهما بدا لك أنه لا أمل لك بالتقدم نحو الأمام؛ لا تستسلمي وحسب.. هذا ما تعلمته من ناروتو!
عندها توهجت "ماسة زرقاء" في قلادة ليلين، فقبضت عليها بعزيمة:
- أجل.. لن أقف مكتوفة اليدين، ومن الآن فصاعدا سأركز على دوري العظيم في هذا العالم!
وبدون تردد خاطبت ضياء وسراج بقوة قائلة:
- أنا أقدر ما قدمتماه من أجلي، ولكن يجب أن تتوقفا عن هذا الخلاف! كلاكما يبذل جهده لأجل الآخرين، ولكن بطريقته الخاصة! انتما وجهان لعملة واحدة!
بوغت ضياء وسراج بما سمعاه من ليلين، وهما يرددان بنبرة شك:
- وجهان لعملة واحدة!!! مستحيل!
غير أن ليلين تابعت كلامها بحزم:
- بل أنتما كذلك، وأنا واثقة من أن مشاكل عالمنا ستحل إذا تقبل كل منكما الآخر! إذا اردنا النجاة، فيجب أن نتعاون جميعا الآن للخروج من هنا!
عندها تذكر الاثنان ما سمعاه سابقا، وهما يتبادلان النظرات:
- أنتما معا تمثلان "ضياء السراج" الذي يحفظ التوازن لهذا العالم!
فابتسمت ليلين وهي تشير لهما بيديها:
- هيا تصافحا بسرعة، فلا وقت لدينا لإضاعته!
وفي اللحظة التي تلامست فيها ايديهما، سطع شعاع وهاج، لم يستطيعوا الصمود أمامه، فأغمضوا أعينهم فيما بدأت اجسادهم بالتلاشي..
***
نهاية الفصل الثاني ويتبع الفصل الثالث إن شاء الله..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اقتبس من زينب جلال في 2023-07-24, 11:37 صالفصل الثالث: الحلزونة العملاقة
كانت سعاد تناقش الأستاذة في وجهة نظرها حول المستجدات الأخيرة:
- ربما التقييم لن يصمد أمامه إلا الأعمال القوية جدا، ولكن هناك الكثير من المؤلفين المبتدئين الذين قد يتحطمون بسهولة، يجب تقدير الفئة التي حملت ابداعا وإن لم يكن كاملا! إنني أحاول تشجيعهم!
فأومأت الاستاذة رأسها بتفهم:
- نحن بحاجة لتوازن حقيقي بالفعل!
وقبل أن تضيف أي واحدة منهما كلمة أخرى؛ سطع وهج برّاق تسلل من النافذة، ليغمر المكان بضيائه، حتى أنهما لم تستطيعا فتح أعينهما للحظة، فيما نهضت الاستاذة على أثرها من مكتبها بسرعة، تجاه النافذة، وهي تحاول حماية عينيها بكفيها، ريثما خفت الوهج، لتفاجأ بسقوط ضياء وسراج وليلين من السماء، فصرخت بأعلى صوتها:
- يا الهي!!! يجب ان ينقذهم أحد قبل ان تتحطم اضلاعهم!
قالت جملتها تلك وقفزت من النافذة تجاه أحد فروع الشجرة الضخمة، وهي تنادي على سعاد قائلة:
- لقد قمت بتفعيل تقنية تباطؤ الزمن المعروفة بالقصص لتأخير سقوط الأبطال، لذلك سيحتاجون وقتا ريثما يصلون الأرض، خلال ذلك يجب أن ننتهي من إعداد شبكة لالتقاطهم، وتخفيف وطأة الاصطدام!
كانت سعاد بالفعل تتابع حياكة شبكة عملاقة، بسنارتها الخارقة وبمهارة فائقة، فيما كانت الاستاذة تحاول السيطرة بصعوبة على تقنية تباطؤ الزمن، وهي تناشدها بالاسراع:
- قوانين الجاذبية تضغط علي بشدة الآن، لا اظنني استطيع الصمود أكثر!
فقالت لها سعاد، دون أن تشيح بصرها عن الشبكة التي كانت تتابع حياكتها بإخلاص:
- إنني أبذل قصارى جهدي، بقي القليل فقط! ولكن هل لديك فكرة كيف سنستخدمها في الانقاذ؟
فأجابتها الاستاذة وهي تضغط على اصابعها بشدة:
- يكفي أن نلقي الشبكة في الهواء نحوهم وهي ستتكفل بالباقي، ألم تضيفي لها اللمسات الخارقة؟
بوغتت سعاد بما سمعته من الاستاذة، فتوقفت عن عملها لوهلة:
- اللمسة الخارقة لن تمنحها هذه القدرة التي تتخيلينها يا استاذة! ظننتك تملكين فكرة أفضل عن طريقة تثبيت الشبكة في الهواء!
كانت جملتها تلك كفيلة بافقاد الاستاذة توازنها فوق فرع الشجرة، مما جعلها تفقد السيطرة على تقنية تباطؤ الزمن، لتسمع سعاد أثر ذلك صوت ارتطام حاد، فهرعت لخارج المكتب وهي تحمل حقيبتها الطبية، واستقلت المصعد الخشبي الذي انزلها بسرعة لأسفل جذع الشجرة، فيما كانت تدعو في سرها أن يكون الجميع بخير!
وما أن خرجت من البوابة الرئيسية أسفل الجذع؛ حتى فوجئت برؤية حلزونة عملاقة، استقر على ظهرها الثلاثة:
"ضياء وسراج وليلين"
كانوا يبدون بخير، مما جعل سعاد تشعر بالارتياح، غير أنها تذكرت الاستاذة التي فقدت توازنها من فوق الشجرة، فالتفتت حولها بقلق؛ حتى سمعت صوتها يناديها:
- الحمد لله.. من لطف الله بنا أن شيخة هنا، يبدو أنها استطاعت التقاطهم بسلام!
فضحكت سعاد، وهي تشاهد الاستاذة المتعلقة بأحد الفروع المتأرجحة:
- أرجو أن تستعيدي توازنك بسرعة يا استاذة، فنحن لا ينقصنا إرعابا أكثر
كان سراج مذهولا برؤية تلك الحلزونة العملاقة مرة أخرى، فنزل عن ظهرها متزحلقا وهو يحاول اكتشاف هويتها أكثر:
- إنها هي نفسها الحلزونة التي قابلتها سابقا! لم أكن واهما إذن!!
ولدهشته الشديدة، فوجئ بخروج شابة من داخل القوقعة، وهي تحمل في يديها مجموعة أوراق، قدمتها للاستاذة التي تمكنت من النزول للارض بسلام هي الأخرى:
- لقد انتهيت!
فابتسمت الاستاذة وهي تتأمل الأوراق:
- كما قال محمد قمر ومحمد نجيب، أنت بالفعل من أفضل من يستطيع انجاز الأعمال في أوقاتها بدقة ما شاء الله!
غير أن شيخة قالت:
- لا اظنني سوى حلزونة عابرة..
وهنا تدخل سراج قائلا:
- إذا كنت مجرد حلزونة عابرة على حد قولك؛ فأنت على الأقل أعظم نفعا من حلزونة تسونادي الطبية! شكرا لك على انقاذنا!
وأردفت ليلين وقد تعلمت الدرس جيدا:
- لكل منا دور لا يمكن الاستهانة به نهائيا، ونحن مدينون لك يا شيخة
وأكد ضياء ذلك بقوله:
- شيخة من الشخصيات القليلة التي تعمل بصمت واجتهاد، لذلك لا يعرفها الكثيرون! ولكنها فعليا من أكثر الأشخاص عملا وانتاجا في هذا العالم ما شاء الله!
فاكتفت شيخة بابتسامة مقتضبة، شكرت من خلالها الجميع، ثم عادت لحلزونتها بهدوء، فيما كانت الطبية الاديبة سعاد تطمئن على صحة الثلاثة، وهي تجري لهم الفحوصات، وهي تحلل ما سمعته من قصتهم العجيبة، وتفكر بأفضل طريقة يمكنها من خلالها معرفة ما جرى معهم بالبط من خلال فحص خلايا جسدهم بدقة، فما كان من الاستاذة التي انتبهت لها، إلا أن همست لها مازحة:
- أرجو أن لا تغرقي في عالمك الخاص في الطب الشرعي، وتتذكري أنك أمام اشخاص على قيد الحياة وليس جثث!!
فضحكت سعاد:
- لا تقلقي. إنني أجيد التعامل مع الاحياء أيضا، رغم أنني افضل التعامل مع الجثث أكثر..
لم تكد كلمة "جثث" ترتطم بأسماع البقية، حتى هب ضياء وسراج وليلين وهم يصرخون بصوت واحد:
- شكرا للفحوصات واطمئنانكم علينا، ولكن لا زال أمامنا الكثير لنفعله قبل أن نصبح جثثا..
ولم ينتظروا سماع أي رد؛ إذ سرعان ما اختفوا عن الانظار تماما!***
نهاية الفصل الثالث ويتبع الفصل الرابع إن شاء الله..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الفصل الثالث: الحلزونة العملاقة
كانت سعاد تناقش الأستاذة في وجهة نظرها حول المستجدات الأخيرة:
- ربما التقييم لن يصمد أمامه إلا الأعمال القوية جدا، ولكن هناك الكثير من المؤلفين المبتدئين الذين قد يتحطمون بسهولة، يجب تقدير الفئة التي حملت ابداعا وإن لم يكن كاملا! إنني أحاول تشجيعهم!
فأومأت الاستاذة رأسها بتفهم:
- نحن بحاجة لتوازن حقيقي بالفعل!
وقبل أن تضيف أي واحدة منهما كلمة أخرى؛ سطع وهج برّاق تسلل من النافذة، ليغمر المكان بضيائه، حتى أنهما لم تستطيعا فتح أعينهما للحظة، فيما نهضت الاستاذة على أثرها من مكتبها بسرعة، تجاه النافذة، وهي تحاول حماية عينيها بكفيها، ريثما خفت الوهج، لتفاجأ بسقوط ضياء وسراج وليلين من السماء، فصرخت بأعلى صوتها:
- يا الهي!!! يجب ان ينقذهم أحد قبل ان تتحطم اضلاعهم!
قالت جملتها تلك وقفزت من النافذة تجاه أحد فروع الشجرة الضخمة، وهي تنادي على سعاد قائلة:
- لقد قمت بتفعيل تقنية تباطؤ الزمن المعروفة بالقصص لتأخير سقوط الأبطال، لذلك سيحتاجون وقتا ريثما يصلون الأرض، خلال ذلك يجب أن ننتهي من إعداد شبكة لالتقاطهم، وتخفيف وطأة الاصطدام!
كانت سعاد بالفعل تتابع حياكة شبكة عملاقة، بسنارتها الخارقة وبمهارة فائقة، فيما كانت الاستاذة تحاول السيطرة بصعوبة على تقنية تباطؤ الزمن، وهي تناشدها بالاسراع:
- قوانين الجاذبية تضغط علي بشدة الآن، لا اظنني استطيع الصمود أكثر!
فقالت لها سعاد، دون أن تشيح بصرها عن الشبكة التي كانت تتابع حياكتها بإخلاص:
- إنني أبذل قصارى جهدي، بقي القليل فقط! ولكن هل لديك فكرة كيف سنستخدمها في الانقاذ؟
فأجابتها الاستاذة وهي تضغط على اصابعها بشدة:
- يكفي أن نلقي الشبكة في الهواء نحوهم وهي ستتكفل بالباقي، ألم تضيفي لها اللمسات الخارقة؟
بوغتت سعاد بما سمعته من الاستاذة، فتوقفت عن عملها لوهلة:
- اللمسة الخارقة لن تمنحها هذه القدرة التي تتخيلينها يا استاذة! ظننتك تملكين فكرة أفضل عن طريقة تثبيت الشبكة في الهواء!
كانت جملتها تلك كفيلة بافقاد الاستاذة توازنها فوق فرع الشجرة، مما جعلها تفقد السيطرة على تقنية تباطؤ الزمن، لتسمع سعاد أثر ذلك صوت ارتطام حاد، فهرعت لخارج المكتب وهي تحمل حقيبتها الطبية، واستقلت المصعد الخشبي الذي انزلها بسرعة لأسفل جذع الشجرة، فيما كانت تدعو في سرها أن يكون الجميع بخير!
وما أن خرجت من البوابة الرئيسية أسفل الجذع؛ حتى فوجئت برؤية حلزونة عملاقة، استقر على ظهرها الثلاثة:
"ضياء وسراج وليلين"
كانوا يبدون بخير، مما جعل سعاد تشعر بالارتياح، غير أنها تذكرت الاستاذة التي فقدت توازنها من فوق الشجرة، فالتفتت حولها بقلق؛ حتى سمعت صوتها يناديها:
- الحمد لله.. من لطف الله بنا أن شيخة هنا، يبدو أنها استطاعت التقاطهم بسلام!
فضحكت سعاد، وهي تشاهد الاستاذة المتعلقة بأحد الفروع المتأرجحة:
- أرجو أن تستعيدي توازنك بسرعة يا استاذة، فنحن لا ينقصنا إرعابا أكثر
كان سراج مذهولا برؤية تلك الحلزونة العملاقة مرة أخرى، فنزل عن ظهرها متزحلقا وهو يحاول اكتشاف هويتها أكثر:
- إنها هي نفسها الحلزونة التي قابلتها سابقا! لم أكن واهما إذن!!
ولدهشته الشديدة، فوجئ بخروج شابة من داخل القوقعة، وهي تحمل في يديها مجموعة أوراق، قدمتها للاستاذة التي تمكنت من النزول للارض بسلام هي الأخرى:
- لقد انتهيت!
فابتسمت الاستاذة وهي تتأمل الأوراق:
- كما قال محمد قمر ومحمد نجيب، أنت بالفعل من أفضل من يستطيع انجاز الأعمال في أوقاتها بدقة ما شاء الله!
غير أن شيخة قالت:
- لا اظنني سوى حلزونة عابرة..
وهنا تدخل سراج قائلا:
- إذا كنت مجرد حلزونة عابرة على حد قولك؛ فأنت على الأقل أعظم نفعا من حلزونة تسونادي الطبية! شكرا لك على انقاذنا!
وأردفت ليلين وقد تعلمت الدرس جيدا:
- لكل منا دور لا يمكن الاستهانة به نهائيا، ونحن مدينون لك يا شيخة
وأكد ضياء ذلك بقوله:
- شيخة من الشخصيات القليلة التي تعمل بصمت واجتهاد، لذلك لا يعرفها الكثيرون! ولكنها فعليا من أكثر الأشخاص عملا وانتاجا في هذا العالم ما شاء الله!
فاكتفت شيخة بابتسامة مقتضبة، شكرت من خلالها الجميع، ثم عادت لحلزونتها بهدوء، فيما كانت الطبية الاديبة سعاد تطمئن على صحة الثلاثة، وهي تجري لهم الفحوصات، وهي تحلل ما سمعته من قصتهم العجيبة، وتفكر بأفضل طريقة يمكنها من خلالها معرفة ما جرى معهم بالبط من خلال فحص خلايا جسدهم بدقة، فما كان من الاستاذة التي انتبهت لها، إلا أن همست لها مازحة:
- أرجو أن لا تغرقي في عالمك الخاص في الطب الشرعي، وتتذكري أنك أمام اشخاص على قيد الحياة وليس جثث!!
فضحكت سعاد:
- لا تقلقي. إنني أجيد التعامل مع الاحياء أيضا، رغم أنني افضل التعامل مع الجثث أكثر..
لم تكد كلمة "جثث" ترتطم بأسماع البقية، حتى هب ضياء وسراج وليلين وهم يصرخون بصوت واحد:
- شكرا للفحوصات واطمئنانكم علينا، ولكن لا زال أمامنا الكثير لنفعله قبل أن نصبح جثثا..
ولم ينتظروا سماع أي رد؛ إذ سرعان ما اختفوا عن الانظار تماما!
***
نهاية الفصل الثالث ويتبع الفصل الرابع إن شاء الله..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اقتبس من زينب جلال في 2023-07-24, 11:38 صالفصل الرابع: تحت ظلال الشجرة!
كانت ايفا تتبادل الحديث مع وائل ويحيى وهم يحتسون الشاي مع الحلوى تحت ظلال الشجرة الوارفة، بينما كانوا منهمكين بالعمل على الرسومات، فوق مكاتبهم التي فضلوا ان تكون في تلك البقعة المعزولة..
- نحن بالتأكيد غير راضين عن الأوضاع المأساوية التي وصلت لها بلادنا، ولكن ما باليد حيلة!
فقال يحيى:
- أعظم الانتصارات تأتي دون معارك، ونحن نمتلك السبيل من خلال هذه النعمة التي وهبنا الله إياها!
فوافقه وائل:
- هذا صحيح، فنحن فنانون ونسعى لأن نكون محترفين، ومن خلال هذا يمكننا نشر أفكار تساهم في التغيير للأفضل بإذن الله، أليس هذا ما نسعى إليه جميعا هنا؟ وهو سبب تواجدنا في هذا العالم؟ انظري حولك.. ستجدين أن لكل واحد فينا دور يتوجب عليه القيام به!فرفعت ايفا راسها نحو الشجرة العالية، لترى من بعيد الاستاذة وهي مستندة فوق فرع مورق، خارج مكتبها، تلوح بقلمها بانتظار فريسة لاصطيادها كالعادة، كما تمكنت من رؤية محمد نجيب وهو يراجع مع محمد قمر بعض الأوراق، وذلك من خلال إحدى النوافذ المطلة على فروع الشجرة المتشعبة. ومن نافذة أخرى رأت حسام الدين مشغولا بتنقيح إحدى قصص سلسلة "توأم المختار"، فيما ظهر ضياء من نافذة أخرى، وهو يتابع أرشفة الملفات وإعداد البطاقات والتصاميم، أما أحمد الهمالي فقد بدا منهمكا تماما في التدقيق وملاحظة الأخطاء بعدسته المكبرة، التي لا يمكن أن ترى بالعين المجردة!
عندها ابتسمت ايفا بثقة، قائلة:
- أنا سعيدة بتواجدي في هذا المكان! أخيرا وصلت، وسوف أتابع مسيرتي من هنا بإذن الله..
في تلك اللحظة، سمعت صوت صهيل، فالتفتت نحو مصدره لتشاهد حصانا بني اللون، يمتطيه شاب في مقتبل العمر، ركبت خلفه شابة حسناء، سمعتها وهي تخاطب الشاب:
- شكرا لك يا قبس.. انزلني هنا لو سمحت..
فما كان من الشاب إلا أن جذب اللجام وأوقف الحصان، ثم قفز من فوق ظهره، ليساعد الشابة على النزول، مادا يده نحوها:
- ناوليني يدك يا سيدتي.. وانتبهي فالسقوط من فوق الحصان قد يكون خطيرا أحيانا..
فابتسمت الشابة:
- لا أعرف كيف اشكرك يا قبس، أنا حقا سعيدة بتواجدي معك، شكرا جزيلا لك..
فأجابها قبس:
- بل أنا من عليه شكرك يا سيدتي الكريمة، فلولا ما منحتيني إياه من ميزات، لما جئت لهذا العالم!
كانت ايفا تراقبهم بفضول، وهي تتساءل عمن يكونان، ولم تتركها السيدة الشابة لحيرتها كثيرا، إذ سرعان سلمت عليها معرفة بنفسها:
- أنا شام ساري، ربما لا يعرفني سوى الأعضاء القدامى، لكنني سررت بلقائكم حقا، فقد سمعت جزءا من حديثكم، وأرجو أننا معا سنساهم في تغيير العالم للأفضل بإذن الله..
فنهض وائل ويحيى للترحيب بها، فيما شدت ايفا على يدها بشدة:
- يشرفنا التعرف إليك سيدة شام..
واستدركت شام، وهي تشير إلى قبس الذي كان ينتظرها على صهوة جواده، قائلة:
- اعرفكم بقبس، بطل مانجتي "رايات السلام"، وأرجو أن أنجز مانجا ممتازة، بطابع وأبطال عرب، تكون مفيدة لشخص ما يوما ما، بإذن الله..
فهتفت ايفا بحماسة:
- هذا رائع! من الجميل أنك استطعت استدعاء شخصيتك إلى هذا العالم، لو كان بإمكاني ذلك، لاستدعيت سيرين، وعندا ستتكفل بإخراج الاشياء التي اريدها من الخيال!
ولم تكد ايفا تكمل جملتها؛ حتى فوجئت بسيرين تحوم حولها قائلة بمرح:
- شبيك لبيك، سيرين بين يديك..
لم تصدق ايفا عينيها بداية، ولكنها سرعان ما اغتنمت الفرصة، وهي تملي على سيرين قائمة بطلباتها التي ترغب بتحقيقها، ولكن بدلا من أن تبدأ سيرين بتحقيق الطلبات؛ انشغلت بالتهام قطعة الحلوى على مكتب ايفا، مما جعل الأخيرة تتميز غيظا، وهي تسرع نحوها لتوقفها:
- كيف تجرئين على التهام حلوى سيدتك ايتها المزعجة؟
غير أن سيرين ردت عليها، وفمها منشغل بالمضغ:
- هذا ليس ذنبي، فأنتِ من منحني صفة الشراهة في القصة!
لم يتمالك وائل نفسه من الضحك عليهما، غير أنه فوجئ بمازن يعاتبه:
- متى ستكمل قصتي يا سيد وائل؟ على الأقل امنحني مشهدا كاملا أتباهى به أمام الشخصيات الأخرى!
فرمقه وائل بنظرة مؤنبة:
- ما دمت تفكر بهذه الطريقة، فهذا يعني أنك بحاجة لتاديب، ومن حسن الحظ أنني لست متفرغ لك!
غير أن مازن تمسك به متوسلا:
- أرجوك.. امنحني قليلا من اهتمامك، وبعضا من أفكارك لا اكثر!
فتنهد وائل:
- صحيح أن الأفكار مهمة جداً في كل عمل، ولكن ما هي إلا مواد أولية لمنتج معقد يحتاج مهارة وخبرة بالغين!
لكن مازن بدا مصرا على موقفه:
- ما دمت رساما، فلا توجد أي مشكلة بالتأليف، معاناة المؤلفين الحقيقية تكمن في عدم استطاعتهم رسم شخصياتهم، أما أنت فقد تجاوزت هذه المضلة..
فرد عليه وائل:
- لا تستهن بالتأليف يا مازن، فالمؤلفون بحاجة ماسة للقراءة ثم القراءة ثم القراءة، حتى يتقنوا تحويل الأفكار إلى قصصص ذات حبكة محكمة ورسالة، ويتعلموا ترتيبها ودمجها وربطها مع بعضها، ولا تنس أن عليهم التخطيط لكل شيء منذ أول حرف يكتب!
غير أن مازن لم يبد عليه الاهتمام كثيرا بكلام وائل، بل فرد ذراعيه وهو يتأمل ملابسه قائلا:
- أرجو أن تصبغ لي هذه الملابس بألوان مناسبة، تليق بفخامتي..
وقبل أن يرد عليه وائل بشيء، سمع أحدهم يقول:
- عذرا للتدخل المفاجئ، ولكن كما يقول سيدي؛ لن تتعلم شيئا من الحياة إذا كنت تعتقد انك دائما على حق!
فالتفت وائل ومازن ليجدا أمامهما شخصية جديدة لم يلتقيها أحد سابقا، عرف بنفسه قائلا:
- اسمي جين، وقد لفت نظري حواركما!
فرمقه مازن بنظرة فاحصة، فيما أبدى وائل اهتماما كبيرا به:
- لقد قلت قبل قليل حكمة جميلة على لسان سيدك، فمن هو هذا السيد الحكيم؟
فأشار جين إلى حيث كان يحيى جالسا يتأمل ما حوله بهدوء:
- ذاك هو سيدي.. قد يبدو لكم صغيرا في السن، ولكنه مختلف عن أقرانه، فهو صاحب فلسفة عميقة في الحياة، كما أنه يكره الصخب.. مشكلته الوحيدة تكمن في اعتقاده بأنه لا يوجد أحد قد يفهم هدفه، لأنه غير منطقي!! ليتكم تغيرون رأيه من هذه الناحية!!
فضحك مازن:
- يبدو أنني لست الشخص الوحيد الذي يعاني مع سيده هنا..
في تلك اللحظة؛ انتبه الجميع لصوت جلبة مثيرة للاهتمام، حيث كان عثمان يحاول الافلات بصعوبة من قبضة شاب تمسكا به، فيما كان يحاول اقناعهما بضرورة الصبر:
- إذا أردتم أن تكونوا ابطالا بحق، فعليكم أن تتحلوا بالصبر! هل سمعتم أن هناك ابطالا حلّت مشاكلهم كلها من الفصول الأولى؟!
فأخذت الفتاة تبكي بتوسل:
- الا يمكنك أن تجعلنا استثناء؟ لقد تعب أخي سيف كثيرا، وبالكاد هو يستطيع التوفيق بين عمله ودراسته!
بدا سيف متأثرا من كلام أخته، فقال لعثمان:
- لم اعد استطيع توفير النقود لأختي نازلي المسكينة، ألا يمكنك تخفيض اسعار الخضار في السوق، أو تمنحنا دراهم أكثر على الأقل؟
وأكدت نازلي على كلامه وهي تمسح دموعها:
- من غير المعقول أن يصل ثمن الطماطم إلى خمسة عشر درهما!!
وأردف سيف:
- لماذا انتم المؤلفون عديمي الرحمة؟
فهز عثمان رأسه بأسف:
- يبدو أنك لم تستفد من حكمة العم اسماعيل يا سيق! ستفرج من عنده! تفاءل فالتفاؤل يفتح لك أبوابا كنت تظن أنها لا تفتح أبدا!
فزفر سيف بضيق:
- لا ادري لماذا تحب تعقيد الأمور، رغم أن بإمكانك انهاء معاناتنا بجرة قلم! على كل حال، ألا يمكنك أن تخبرنا على الأقل لماذا اسميت قصتنا بالأجنحة الفضية؟
ابتسم عثمان:
- يا لكم من شخصيات عديمة الصبر! رغم أنني لا أحب القوى الخارقة، ولكنني سأمنحكم فرصة خاصة، تتعرفون من خلالها على طبيعة الحياة؛ مقابل أن تلتزموا الهدوء بعد ذلك، وتتابعوا شريحة حياتكم الخاصة برضا، اتفقنا؟
بدت نازلي متحمسة لهذه الفرصة الخاصة، فهزت رأسها موافقة، ووافقها سيف في ذلك، فما كان من عثمان إلا أن فتح ذراعيه مرفرفا بهما ليكسوهما تدريجيا بأجنحة فضية، أمام انبهار الجميع بذلك المشهد الساحر، ثم أشار لسيف ونازلي أن يتمسكا به، ليحلق بهما في السماء عاليا، بينما كانت الانظار تتطلع لهم بإعجاب وذهول، فيما قال يحى بتأمل:
- الحياة أمل، فمن فقد الامل فقد الحياة!
وكأن جملته تلك لامس صداها إذن الاستاذة- التي كانت لا تزال تلوح بقلمها باسترخاء فوق جذع الشجرة- فانتفض جسدها وهي تردد:
- أمل!! يا الهي.. مر الوقت كلمح البصر!! لقد تأخرت في ارسال المخطوطة لأمل!!!
وبسرعة قفزت عبر النافذة لتعود لمكتبها، وتشرع بالعمل على تلك المخطوطة القديمة، التي برز عنوانها بأحرف زاهية، لم تفقد رونقها رغم مرور السنوات:
"الأحلام المتحققة"***
نهاية الفصل الرابع ويتبع الفصل الخامس إن شاء الله..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الفصل الرابع: تحت ظلال الشجرة!
كانت ايفا تتبادل الحديث مع وائل ويحيى وهم يحتسون الشاي مع الحلوى تحت ظلال الشجرة الوارفة، بينما كانوا منهمكين بالعمل على الرسومات، فوق مكاتبهم التي فضلوا ان تكون في تلك البقعة المعزولة..
- نحن بالتأكيد غير راضين عن الأوضاع المأساوية التي وصلت لها بلادنا، ولكن ما باليد حيلة!
فقال يحيى:
- أعظم الانتصارات تأتي دون معارك، ونحن نمتلك السبيل من خلال هذه النعمة التي وهبنا الله إياها!
فوافقه وائل:
- هذا صحيح، فنحن فنانون ونسعى لأن نكون محترفين، ومن خلال هذا يمكننا نشر أفكار تساهم في التغيير للأفضل بإذن الله، أليس هذا ما نسعى إليه جميعا هنا؟ وهو سبب تواجدنا في هذا العالم؟ انظري حولك.. ستجدين أن لكل واحد فينا دور يتوجب عليه القيام به!
فرفعت ايفا راسها نحو الشجرة العالية، لترى من بعيد الاستاذة وهي مستندة فوق فرع مورق، خارج مكتبها، تلوح بقلمها بانتظار فريسة لاصطيادها كالعادة، كما تمكنت من رؤية محمد نجيب وهو يراجع مع محمد قمر بعض الأوراق، وذلك من خلال إحدى النوافذ المطلة على فروع الشجرة المتشعبة. ومن نافذة أخرى رأت حسام الدين مشغولا بتنقيح إحدى قصص سلسلة "توأم المختار"، فيما ظهر ضياء من نافذة أخرى، وهو يتابع أرشفة الملفات وإعداد البطاقات والتصاميم، أما أحمد الهمالي فقد بدا منهمكا تماما في التدقيق وملاحظة الأخطاء بعدسته المكبرة، التي لا يمكن أن ترى بالعين المجردة!
عندها ابتسمت ايفا بثقة، قائلة:
- أنا سعيدة بتواجدي في هذا المكان! أخيرا وصلت، وسوف أتابع مسيرتي من هنا بإذن الله..
في تلك اللحظة، سمعت صوت صهيل، فالتفتت نحو مصدره لتشاهد حصانا بني اللون، يمتطيه شاب في مقتبل العمر، ركبت خلفه شابة حسناء، سمعتها وهي تخاطب الشاب:
- شكرا لك يا قبس.. انزلني هنا لو سمحت..
فما كان من الشاب إلا أن جذب اللجام وأوقف الحصان، ثم قفز من فوق ظهره، ليساعد الشابة على النزول، مادا يده نحوها:
- ناوليني يدك يا سيدتي.. وانتبهي فالسقوط من فوق الحصان قد يكون خطيرا أحيانا..
فابتسمت الشابة:
- لا أعرف كيف اشكرك يا قبس، أنا حقا سعيدة بتواجدي معك، شكرا جزيلا لك..
فأجابها قبس:
- بل أنا من عليه شكرك يا سيدتي الكريمة، فلولا ما منحتيني إياه من ميزات، لما جئت لهذا العالم!
كانت ايفا تراقبهم بفضول، وهي تتساءل عمن يكونان، ولم تتركها السيدة الشابة لحيرتها كثيرا، إذ سرعان سلمت عليها معرفة بنفسها:
- أنا شام ساري، ربما لا يعرفني سوى الأعضاء القدامى، لكنني سررت بلقائكم حقا، فقد سمعت جزءا من حديثكم، وأرجو أننا معا سنساهم في تغيير العالم للأفضل بإذن الله..
فنهض وائل ويحيى للترحيب بها، فيما شدت ايفا على يدها بشدة:
- يشرفنا التعرف إليك سيدة شام..
واستدركت شام، وهي تشير إلى قبس الذي كان ينتظرها على صهوة جواده، قائلة:
- اعرفكم بقبس، بطل مانجتي "رايات السلام"، وأرجو أن أنجز مانجا ممتازة، بطابع وأبطال عرب، تكون مفيدة لشخص ما يوما ما، بإذن الله..
فهتفت ايفا بحماسة:
- هذا رائع! من الجميل أنك استطعت استدعاء شخصيتك إلى هذا العالم، لو كان بإمكاني ذلك، لاستدعيت سيرين، وعندا ستتكفل بإخراج الاشياء التي اريدها من الخيال!
ولم تكد ايفا تكمل جملتها؛ حتى فوجئت بسيرين تحوم حولها قائلة بمرح:
- شبيك لبيك، سيرين بين يديك..
لم تصدق ايفا عينيها بداية، ولكنها سرعان ما اغتنمت الفرصة، وهي تملي على سيرين قائمة بطلباتها التي ترغب بتحقيقها، ولكن بدلا من أن تبدأ سيرين بتحقيق الطلبات؛ انشغلت بالتهام قطعة الحلوى على مكتب ايفا، مما جعل الأخيرة تتميز غيظا، وهي تسرع نحوها لتوقفها:
- كيف تجرئين على التهام حلوى سيدتك ايتها المزعجة؟
غير أن سيرين ردت عليها، وفمها منشغل بالمضغ:
- هذا ليس ذنبي، فأنتِ من منحني صفة الشراهة في القصة!
لم يتمالك وائل نفسه من الضحك عليهما، غير أنه فوجئ بمازن يعاتبه:
- متى ستكمل قصتي يا سيد وائل؟ على الأقل امنحني مشهدا كاملا أتباهى به أمام الشخصيات الأخرى!
فرمقه وائل بنظرة مؤنبة:
- ما دمت تفكر بهذه الطريقة، فهذا يعني أنك بحاجة لتاديب، ومن حسن الحظ أنني لست متفرغ لك!
غير أن مازن تمسك به متوسلا:
- أرجوك.. امنحني قليلا من اهتمامك، وبعضا من أفكارك لا اكثر!
فتنهد وائل:
- صحيح أن الأفكار مهمة جداً في كل عمل، ولكن ما هي إلا مواد أولية لمنتج معقد يحتاج مهارة وخبرة بالغين!
لكن مازن بدا مصرا على موقفه:
- ما دمت رساما، فلا توجد أي مشكلة بالتأليف، معاناة المؤلفين الحقيقية تكمن في عدم استطاعتهم رسم شخصياتهم، أما أنت فقد تجاوزت هذه المضلة..
فرد عليه وائل:
- لا تستهن بالتأليف يا مازن، فالمؤلفون بحاجة ماسة للقراءة ثم القراءة ثم القراءة، حتى يتقنوا تحويل الأفكار إلى قصصص ذات حبكة محكمة ورسالة، ويتعلموا ترتيبها ودمجها وربطها مع بعضها، ولا تنس أن عليهم التخطيط لكل شيء منذ أول حرف يكتب!
غير أن مازن لم يبد عليه الاهتمام كثيرا بكلام وائل، بل فرد ذراعيه وهو يتأمل ملابسه قائلا:
- أرجو أن تصبغ لي هذه الملابس بألوان مناسبة، تليق بفخامتي..
وقبل أن يرد عليه وائل بشيء، سمع أحدهم يقول:
- عذرا للتدخل المفاجئ، ولكن كما يقول سيدي؛ لن تتعلم شيئا من الحياة إذا كنت تعتقد انك دائما على حق!
فالتفت وائل ومازن ليجدا أمامهما شخصية جديدة لم يلتقيها أحد سابقا، عرف بنفسه قائلا:
- اسمي جين، وقد لفت نظري حواركما!
فرمقه مازن بنظرة فاحصة، فيما أبدى وائل اهتماما كبيرا به:
- لقد قلت قبل قليل حكمة جميلة على لسان سيدك، فمن هو هذا السيد الحكيم؟
فأشار جين إلى حيث كان يحيى جالسا يتأمل ما حوله بهدوء:
- ذاك هو سيدي.. قد يبدو لكم صغيرا في السن، ولكنه مختلف عن أقرانه، فهو صاحب فلسفة عميقة في الحياة، كما أنه يكره الصخب.. مشكلته الوحيدة تكمن في اعتقاده بأنه لا يوجد أحد قد يفهم هدفه، لأنه غير منطقي!! ليتكم تغيرون رأيه من هذه الناحية!!
فضحك مازن:
- يبدو أنني لست الشخص الوحيد الذي يعاني مع سيده هنا..
في تلك اللحظة؛ انتبه الجميع لصوت جلبة مثيرة للاهتمام، حيث كان عثمان يحاول الافلات بصعوبة من قبضة شاب تمسكا به، فيما كان يحاول اقناعهما بضرورة الصبر:
- إذا أردتم أن تكونوا ابطالا بحق، فعليكم أن تتحلوا بالصبر! هل سمعتم أن هناك ابطالا حلّت مشاكلهم كلها من الفصول الأولى؟!
فأخذت الفتاة تبكي بتوسل:
- الا يمكنك أن تجعلنا استثناء؟ لقد تعب أخي سيف كثيرا، وبالكاد هو يستطيع التوفيق بين عمله ودراسته!
بدا سيف متأثرا من كلام أخته، فقال لعثمان:
- لم اعد استطيع توفير النقود لأختي نازلي المسكينة، ألا يمكنك تخفيض اسعار الخضار في السوق، أو تمنحنا دراهم أكثر على الأقل؟
وأكدت نازلي على كلامه وهي تمسح دموعها:
- من غير المعقول أن يصل ثمن الطماطم إلى خمسة عشر درهما!!
وأردف سيف:
- لماذا انتم المؤلفون عديمي الرحمة؟
فهز عثمان رأسه بأسف:
- يبدو أنك لم تستفد من حكمة العم اسماعيل يا سيق! ستفرج من عنده! تفاءل فالتفاؤل يفتح لك أبوابا كنت تظن أنها لا تفتح أبدا!
فزفر سيف بضيق:
- لا ادري لماذا تحب تعقيد الأمور، رغم أن بإمكانك انهاء معاناتنا بجرة قلم! على كل حال، ألا يمكنك أن تخبرنا على الأقل لماذا اسميت قصتنا بالأجنحة الفضية؟
ابتسم عثمان:
- يا لكم من شخصيات عديمة الصبر! رغم أنني لا أحب القوى الخارقة، ولكنني سأمنحكم فرصة خاصة، تتعرفون من خلالها على طبيعة الحياة؛ مقابل أن تلتزموا الهدوء بعد ذلك، وتتابعوا شريحة حياتكم الخاصة برضا، اتفقنا؟
بدت نازلي متحمسة لهذه الفرصة الخاصة، فهزت رأسها موافقة، ووافقها سيف في ذلك، فما كان من عثمان إلا أن فتح ذراعيه مرفرفا بهما ليكسوهما تدريجيا بأجنحة فضية، أمام انبهار الجميع بذلك المشهد الساحر، ثم أشار لسيف ونازلي أن يتمسكا به، ليحلق بهما في السماء عاليا، بينما كانت الانظار تتطلع لهم بإعجاب وذهول، فيما قال يحى بتأمل:
- الحياة أمل، فمن فقد الامل فقد الحياة!
وكأن جملته تلك لامس صداها إذن الاستاذة- التي كانت لا تزال تلوح بقلمها باسترخاء فوق جذع الشجرة- فانتفض جسدها وهي تردد:
- أمل!! يا الهي.. مر الوقت كلمح البصر!! لقد تأخرت في ارسال المخطوطة لأمل!!!
وبسرعة قفزت عبر النافذة لتعود لمكتبها، وتشرع بالعمل على تلك المخطوطة القديمة، التي برز عنوانها بأحرف زاهية، لم تفقد رونقها رغم مرور السنوات:
"الأحلام المتحققة"
***
نهاية الفصل الرابع ويتبع الفصل الخامس إن شاء الله..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اقتبس من زينب جلال في 2023-07-24, 11:38 صالفصل الخامس: الكلمة الطيبة
كان بدر الدين مشغولا بقص شعر نبراس ومحاولة ترتيبه، عندما أقبل عليه محمد نجيب ليطمئن على الأوضاع والترتيبات قبل الحفل الكبير، فأشار بدر الدين إلى ملابس نبراس التي انتهى من تصميمها قائلا:
- حاولت ان يكون الزي خلط من أغلب المناطق العربية البرنص المغاربي العمامة المصرية القميص الحجازي
فأبدى محمد نجيب اعجابه الكبير بذلك الزي:
- جميل جدا ما شاء الله!
غير أن بدر الدين ساله بحيرة:
- هل ترى أن هذه التسريحة مناسبة؟
فضحك محمد نجيب، وهو يتذكر تشدد الاستاذة بخصوص تسريحة الشعر:
- اجعله اصلع، ولاحقا نمشط شعره
لم يتمالك بدر الدين نفسه، وهو يتخيل شكل نبراس الأصلع، فعلق ضاحكا:
- نلبسه باروكة احسن..
وضحك الاثنان حتى سمعا صوت نبراس يخاطبهم:
- أعرف أنني وليد أفكاركم، ولكن ألا يمكنني أن آخذ قراراتي بنفسي؟
خيم صمت مفاجئ لوهلة، إثر كلمات نبراس الصادمة، غير أن محمد نجيب سرعان ما تدارك الأمر بقوله:
- اتفهم شعورك يا نبراس، لا تقلق.. عندما تكبر أكثر مع توالي الأعداد بإذ الله، سيكون لك دور كبير في تعليمنا أمور كثيرة تخص المانجا، وقد تساعدنا بالاعلانات..
فهتف نبراس بابتهاج:
- المانجا شيء يفوق الخيال، هل بإمكاني فعلها بنفسي؟
فأومأ محمد نجيب برأسه مشجعا:
- بالتأكيد.. أنت لها يا نبراس..
ثم التفت نحو بدر الدين مستأذنا:
- سأتركك الآن لتنهي ترتيباتك مع نبراس، فلا تزال لدينا الكثير من التحضيرات، دعواتك لنا بالتوفيق وكان الله في عونك..
**أخذ اندرو يبث روح التفاؤل في نفوس الآخرين، وهو يعرض الاعلان الدعائي لمانجا "تراب جهنم" مشجعا:
- مبروك مقدما ولكل اعضاء الفريق، حتي نلتقي جميعا بمؤتمر خاص للإحتفال بصدور العدد ال 100 مبروك للجميع..
والتفت نحو أعضاء الادارة الذين كانوا منشغلين حتى النخاع، قائلا:
- والله يعينكم علي معارك وتحدي النشر
كانت امنية تتحدث مع الاستاذة حول بعض المشاكل المتعلقة بالموقع، وتطمئنها في الوقت نفسها بأن خطوة الاطلاق الأولى قد تمت بنجاح، حيث تولى احمد الهمالي وضياء مسؤولية التعديلات، فيما تطوع نور كريم باذلا جهده لإجراء الاصلاحات اللازمة، قبل موعد الافتتاح!
فالتفت محمد نجيب نحو الاستاذة، كمن انتبه لشيء فجأة، وهو يراجع القائمة:
- ما قصة الرسامات؟ معظمهن اسمهن نور؟ نور حسين، نور بورنو، نور زيدان، نور عمر!! حتى الأخ الذي رفض ان يعلن عن اسمه الحقيقي، اختار اسم "نور" كاسم رمزي له "نور كريم"!
فضحكت الاستاذة:
- الله ينوّر علينا يا أخي.. نور على نور!
ثم استطردت وهي تشاهد "نبراس" الذي جمع أبطال القصص ليأخذ معهم صورة "سلفي" جماعية، بناء على اقتراح محمد نجيب :
- ألا تلاحظ أن نبراس أصبح يشبه علاء من مدرسة الفروسية؟ صحيح أن شخصياتهم مختلفة، ولكن تشابه شكلهم الخارجي يسعدني، فهو يبشر بالخير فعلا والحمد لله!
وأغمضت عينيها وهي تسترجع سجلا حافلا يربو على عشرين عاما، قضتها بالعمل على مشروع "مدرسة الفروسية" حتى أصبح معها فريق رسمي، بفضل الله، فرددت في سرها بامتنان شديد:
- اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا، ولا حول ولا قوة لنا إلا بك..**
بدأت الاستعدادات النهائية للحفل البهيج أخيرا، والذي لم يكن سوى بداية لمرحلة جديدة..
كان الجميع منشغلا بالترتيبات، وابداء الملاحظات والمشاركة في النقاشات، حيث تولى وائل توضيح ما أشكل على الجميع، من أهمية اجراء التصويت أحيانا في اتخاذ بعض القرارات، قائلا:
- حتى وإن لم يبد هذا عادلا، لكنه سيفيد بشكل أو بآخر، التصويت عادة يهتم بإختيار الجمهور او غالبية جمهور المصوتين وهذا الأمر يتم عادة عندما تكون الجهة المنظمة له تقدم خدمة لهذا الجمهور المعين ويهمها أن تعرف ما يفضله جمهورها وهذا لا يعني بالتحديد أن الأفضل يتعلق فقط بالجودة وإنما بمعايير كثيرة أجد أهمها مدى إرتباطهم بنوعية العمل المشارك وإنتمائهم له عاطفياً فمثلاً قد تقرأ مانجا ذو رسم رائع وقصة جذابة ولكنها لا تخلف فيك أثراً او إرتباطاً نفسياً لأنها لا تتماثل مع الأشياء التي تفضلها وترتبط بك على مستوى عميق داخلياً ونفس الشيء قد تقرأ أخرى بنفس المستوى ولكن تؤثر بك وترتبط بك عاطفياً على نحو مختلف تماماً وهذا دائما ما تهتم به الشركات التي تقدم اي نوع من المنتجات او الخدمات ولذلك تجد كثيراً استطلاعات للرأي عن هذه المنتجات او الخدمات لتعرف ذوق الغالبية من روادها وعملائها. والتصويت يعمل بنفس الشكل على تحديد هذه العوامل..هز يحيى رأسه مؤيدا، ثم تابع ترتيب المقاعد مع عثمان في صفوف منتظمة، وهو ينادي على جين ليساعدهم، والذي كان منشعلا بالحديث مع سيف ونازلي، فيما أخذت ايفا تساعد ليلين على تعليق حبال الزينة، وهي تخاطب سيرين:
- سيحضر الكثير من الزوار، لذلك ارجو أن تتصرفي بأدب هذه المرة، ولا داعي للشراهة الزائدة أمامهم!
فأجابتها سيرين، وهي تتابع التهام شطيرة كبيرة:
- هل أفهم منك أن هذا أمر؟
فأجابتها ايفا بنفاد صبر:
- اعتبريه ما تشائين، المهم لا تفضحينا أمام الضيوف..
واستدركت قائلة:
- ولا تنسي استخراج الهدايا الجميلة لهم من الخيال، ستكون هذه فرصة ممتازة لمفاجأة الجميع بقدراتك المذهلة، عندها ستصبحين الأكثر شعبية بلا شك!
وفي الجهة الأخرى كانت سعاد تتحدث مع شيخة حول أفضل طرق الوقاية الطبية، التي يجب اتباعها لحماية الأعضاء، خاصة مع ازدياد الأعداد، وكثرة الزحام، وافتراض وجود بعض المتهورين الذين قد لا يبالون بقوانين الأمن والسلامة!
أما شام ساري فقد طلبت من قبس أن يقدم عرضا مميزا للضيوف، من خلال قفزات حصانه فوق الحواجز، بعد أن قامت بترتيب ذلك مع الاستاذة، التي لم ترحب بالفكرة وحسب؛ بل استدعت فرسان مدرسة الفروسية مع خيولهم ليرافقوا قبس في تقديم عروض الفروسية المبهرة..
وبينما كان ضياء يشرف على النظام العام للحضور، هتف سراج بانفعال وهو يتأمل الجموع:
- اللهم بارك وزد في ذلك.. تجاوزنا 700 عضو!! نريد الآن المزيد من صفحات المانجا من ابداعكم جميعا!عندها أخذ محمد قمر يخطب في حشد الجماهير، مذكرا:
- لقد حان الوقت لكى نبدأ العمل ونكون نحن أداة التغيير
انضم الى نقابتنا ومعنا سوف نغير كل شيء، ان شاء الله
جميعنا أصدقاء وزملاء لدينا هدف واحد
وبالتاكيد لن نقع حتى نحقق هذا الهدف، ان شاء الله
وحتى إن وقع أحدنا سوف نتعلم معا كيف نقف مره أخرى، باذن الله
لذلك حان الوقت لكى تقف وتمسك قلمك لكى تكتب به أحلامك
أو ترسم به هدفك البعيد
وتأكد أنك ما دمت تفعل ما تستطيع بالتأكيد سوف يقترب هذا الهدف منك حتى يصل الى يدك المتعبه
وفى تلك اللحظة لن تحتفل وحدك بل سوف تحتفل معك نقابة كاملة بها أعضاء من كل مكان في الوطن العربى
لذلك سوف تشعر أن الطاقة رجعت الى جسدك مرة أخرى لكى تستعد لهدف آخر وحلم آخر ومعركة جديده
فكما قال صديقى القديم " أحلام الناس لا تنتهى"
وها هي أحلامنا أمام اعيننا تنتظر منا فقط أن ننطلق نحوها بكل جهد
وأنت تنتظر فقط يد تدفعك الى الأمام لذلك سوف نكون نحن هذه اليد
ما دمنا معنا فلا يوجد شيء يسمى مستحيل .... أهلا بكم في نقابة المانجاكا العربفأضاف احمد الهمالي:
- أحلامنا المرسومة أصبحت متحققة بفضل الله، وهذه شجرتها التي ترونها أمامكم!
وتابع محمد نجيب، وهو يخاطب الجميع مستثيرا حماستهم:
- وبنياتكم الصادقة، وكلماتكم الطيبة، تنو وتزدهر هذه الشجرة بإذن الله..وأخرج لوحة ذهبية، نقشت عليها حروف زرقاء لامعة:
https://nebrasmangaka.com/
أشار اليها قائلا:
- من بعد اذنكم ارجو ان تزوروا كلكم موقعنا وتضعوا على كل مانجا تعليقاتكم كيفما كانت تشجيع، نقد، اقتراح او اي شيء يعطينا دافعا لنواصل الجهد، ولا تنسونا من صالح دعائكم، فهذا أكثر ما نحتاجه..
ومع كلماته تلك؛ اصطفت جميع الفرق في صفوف منتظمة، أخذت تمر أمام الجماهير وهي تلوح بأعلام زيّنتها شعاراتهم البراقة، تَقدّمهم فريق مانجا مدرسة الفروسية، ومن ثم تبعته الفرق الأخرى:
فريق مانجا ثورة الاطفال
فريق مانجا تراب جهنم
فريق مانجا عالم مسن
فريق مانجا جزيرة السماء
وأخيرا:
فريق مانجا اغتيال التاريخ
والذي حشد معه جمع غفير ممن شاركوا في تلك المسيرة الخالدة، والتي كانت سببا في اجتماعهم معا أمام تلك الشجرة العريقة، شجرة "الأحلام المتحققة"، والتي بدأ فريق "مانجتها" الجديدة بالعمل، مع "نور" و"أمل"...
وبصوت واحد ردد الجميع نشيدهم الوطني، من أعماق قلوبهم:مانجاكا العرب.. مانجاكا العرب
**
سعينا لكي نرتقي للقمم ... بإبراز أعمالنا للأمم
سعينا لكي نرتقي للقمم ... بإبراز أعمالنا للأمم
بفكرٍ عميق
ورسمٍ دقيق
صنعنا الحكايا والحكم
بذلنا الجهود
رفضنا القعود
شكرنا الكريم عالنعم
**
مانجاكا العرب.. مانجاكا العرب
**
كتبنا النصوص بوحي القِيَم... رسمنا الخطوط بحدّ القلم
كتبنا النصوص بوحي القِيَم... رسمنا الخطوط بحدّ القلم
بفكرٍ عميق
ورسمٍ دقيق
صنعنا الحكايا والحكم
بذلنا الجهود
رفضنا القعود
شكرنا الكريم عالنعم
**
مانجاكا العرب.. مانجاكا العربوفي الختام.. صدح صوت أيوب لباردي الشجي الندي، بتلاوة عطرة، خشعت لها القلوب وترنمت على صداها الآذان:
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)*****
كانت تلك هي قصة "شجرة الأحلام المتحققة"، وكل عام وأنتم بخير ^^
وللتذكير: لا تزال المسيرة مستمرة، بعون الله، ونسأل الله التوفيق والقبول، فلا تنسونا من صالح دعائكم، وحتى لقاء جديد، نترككم في أمان الله وحفظه ورعايته، ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الفصل الخامس: الكلمة الطيبة
كان بدر الدين مشغولا بقص شعر نبراس ومحاولة ترتيبه، عندما أقبل عليه محمد نجيب ليطمئن على الأوضاع والترتيبات قبل الحفل الكبير، فأشار بدر الدين إلى ملابس نبراس التي انتهى من تصميمها قائلا:
- حاولت ان يكون الزي خلط من أغلب المناطق العربية البرنص المغاربي العمامة المصرية القميص الحجازي
فأبدى محمد نجيب اعجابه الكبير بذلك الزي:
- جميل جدا ما شاء الله!
غير أن بدر الدين ساله بحيرة:
- هل ترى أن هذه التسريحة مناسبة؟
فضحك محمد نجيب، وهو يتذكر تشدد الاستاذة بخصوص تسريحة الشعر:
- اجعله اصلع، ولاحقا نمشط شعره
لم يتمالك بدر الدين نفسه، وهو يتخيل شكل نبراس الأصلع، فعلق ضاحكا:
- نلبسه باروكة احسن..
وضحك الاثنان حتى سمعا صوت نبراس يخاطبهم:
- أعرف أنني وليد أفكاركم، ولكن ألا يمكنني أن آخذ قراراتي بنفسي؟
خيم صمت مفاجئ لوهلة، إثر كلمات نبراس الصادمة، غير أن محمد نجيب سرعان ما تدارك الأمر بقوله:
- اتفهم شعورك يا نبراس، لا تقلق.. عندما تكبر أكثر مع توالي الأعداد بإذ الله، سيكون لك دور كبير في تعليمنا أمور كثيرة تخص المانجا، وقد تساعدنا بالاعلانات..
فهتف نبراس بابتهاج:
- المانجا شيء يفوق الخيال، هل بإمكاني فعلها بنفسي؟
فأومأ محمد نجيب برأسه مشجعا:
- بالتأكيد.. أنت لها يا نبراس..
ثم التفت نحو بدر الدين مستأذنا:
- سأتركك الآن لتنهي ترتيباتك مع نبراس، فلا تزال لدينا الكثير من التحضيرات، دعواتك لنا بالتوفيق وكان الله في عونك..
**
أخذ اندرو يبث روح التفاؤل في نفوس الآخرين، وهو يعرض الاعلان الدعائي لمانجا "تراب جهنم" مشجعا:
- مبروك مقدما ولكل اعضاء الفريق، حتي نلتقي جميعا بمؤتمر خاص للإحتفال بصدور العدد ال 100 مبروك للجميع..
والتفت نحو أعضاء الادارة الذين كانوا منشغلين حتى النخاع، قائلا:
- والله يعينكم علي معارك وتحدي النشر
كانت امنية تتحدث مع الاستاذة حول بعض المشاكل المتعلقة بالموقع، وتطمئنها في الوقت نفسها بأن خطوة الاطلاق الأولى قد تمت بنجاح، حيث تولى احمد الهمالي وضياء مسؤولية التعديلات، فيما تطوع نور كريم باذلا جهده لإجراء الاصلاحات اللازمة، قبل موعد الافتتاح!
فالتفت محمد نجيب نحو الاستاذة، كمن انتبه لشيء فجأة، وهو يراجع القائمة:
- ما قصة الرسامات؟ معظمهن اسمهن نور؟ نور حسين، نور بورنو، نور زيدان، نور عمر!! حتى الأخ الذي رفض ان يعلن عن اسمه الحقيقي، اختار اسم "نور" كاسم رمزي له "نور كريم"!
فضحكت الاستاذة:
- الله ينوّر علينا يا أخي.. نور على نور!
ثم استطردت وهي تشاهد "نبراس" الذي جمع أبطال القصص ليأخذ معهم صورة "سلفي" جماعية، بناء على اقتراح محمد نجيب :
- ألا تلاحظ أن نبراس أصبح يشبه علاء من مدرسة الفروسية؟ صحيح أن شخصياتهم مختلفة، ولكن تشابه شكلهم الخارجي يسعدني، فهو يبشر بالخير فعلا والحمد لله!
وأغمضت عينيها وهي تسترجع سجلا حافلا يربو على عشرين عاما، قضتها بالعمل على مشروع "مدرسة الفروسية" حتى أصبح معها فريق رسمي، بفضل الله، فرددت في سرها بامتنان شديد:
- اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا، ولا حول ولا قوة لنا إلا بك..
**
بدأت الاستعدادات النهائية للحفل البهيج أخيرا، والذي لم يكن سوى بداية لمرحلة جديدة..
كان الجميع منشغلا بالترتيبات، وابداء الملاحظات والمشاركة في النقاشات، حيث تولى وائل توضيح ما أشكل على الجميع، من أهمية اجراء التصويت أحيانا في اتخاذ بعض القرارات، قائلا:
- حتى وإن لم يبد هذا عادلا، لكنه سيفيد بشكل أو بآخر، التصويت عادة يهتم بإختيار الجمهور او غالبية جمهور المصوتين وهذا الأمر يتم عادة عندما تكون الجهة المنظمة له تقدم خدمة لهذا الجمهور المعين ويهمها أن تعرف ما يفضله جمهورها وهذا لا يعني بالتحديد أن الأفضل يتعلق فقط بالجودة وإنما بمعايير كثيرة أجد أهمها مدى إرتباطهم بنوعية العمل المشارك وإنتمائهم له عاطفياً فمثلاً قد تقرأ مانجا ذو رسم رائع وقصة جذابة ولكنها لا تخلف فيك أثراً او إرتباطاً نفسياً لأنها لا تتماثل مع الأشياء التي تفضلها وترتبط بك على مستوى عميق داخلياً ونفس الشيء قد تقرأ أخرى بنفس المستوى ولكن تؤثر بك وترتبط بك عاطفياً على نحو مختلف تماماً وهذا دائما ما تهتم به الشركات التي تقدم اي نوع من المنتجات او الخدمات ولذلك تجد كثيراً استطلاعات للرأي عن هذه المنتجات او الخدمات لتعرف ذوق الغالبية من روادها وعملائها. والتصويت يعمل بنفس الشكل على تحديد هذه العوامل..
هز يحيى رأسه مؤيدا، ثم تابع ترتيب المقاعد مع عثمان في صفوف منتظمة، وهو ينادي على جين ليساعدهم، والذي كان منشعلا بالحديث مع سيف ونازلي، فيما أخذت ايفا تساعد ليلين على تعليق حبال الزينة، وهي تخاطب سيرين:
- سيحضر الكثير من الزوار، لذلك ارجو أن تتصرفي بأدب هذه المرة، ولا داعي للشراهة الزائدة أمامهم!
فأجابتها سيرين، وهي تتابع التهام شطيرة كبيرة:
- هل أفهم منك أن هذا أمر؟
فأجابتها ايفا بنفاد صبر:
- اعتبريه ما تشائين، المهم لا تفضحينا أمام الضيوف..
واستدركت قائلة:
- ولا تنسي استخراج الهدايا الجميلة لهم من الخيال، ستكون هذه فرصة ممتازة لمفاجأة الجميع بقدراتك المذهلة، عندها ستصبحين الأكثر شعبية بلا شك!
وفي الجهة الأخرى كانت سعاد تتحدث مع شيخة حول أفضل طرق الوقاية الطبية، التي يجب اتباعها لحماية الأعضاء، خاصة مع ازدياد الأعداد، وكثرة الزحام، وافتراض وجود بعض المتهورين الذين قد لا يبالون بقوانين الأمن والسلامة!
أما شام ساري فقد طلبت من قبس أن يقدم عرضا مميزا للضيوف، من خلال قفزات حصانه فوق الحواجز، بعد أن قامت بترتيب ذلك مع الاستاذة، التي لم ترحب بالفكرة وحسب؛ بل استدعت فرسان مدرسة الفروسية مع خيولهم ليرافقوا قبس في تقديم عروض الفروسية المبهرة..
وبينما كان ضياء يشرف على النظام العام للحضور، هتف سراج بانفعال وهو يتأمل الجموع:
- اللهم بارك وزد في ذلك.. تجاوزنا 700 عضو!! نريد الآن المزيد من صفحات المانجا من ابداعكم جميعا!
عندها أخذ محمد قمر يخطب في حشد الجماهير، مذكرا:
- لقد حان الوقت لكى نبدأ العمل ونكون نحن أداة التغيير
انضم الى نقابتنا ومعنا سوف نغير كل شيء، ان شاء الله
جميعنا أصدقاء وزملاء لدينا هدف واحد
وبالتاكيد لن نقع حتى نحقق هذا الهدف، ان شاء الله
وحتى إن وقع أحدنا سوف نتعلم معا كيف نقف مره أخرى، باذن الله
لذلك حان الوقت لكى تقف وتمسك قلمك لكى تكتب به أحلامك
أو ترسم به هدفك البعيد
وتأكد أنك ما دمت تفعل ما تستطيع بالتأكيد سوف يقترب هذا الهدف منك حتى يصل الى يدك المتعبه
وفى تلك اللحظة لن تحتفل وحدك بل سوف تحتفل معك نقابة كاملة بها أعضاء من كل مكان في الوطن العربى
لذلك سوف تشعر أن الطاقة رجعت الى جسدك مرة أخرى لكى تستعد لهدف آخر وحلم آخر ومعركة جديده
فكما قال صديقى القديم " أحلام الناس لا تنتهى"
وها هي أحلامنا أمام اعيننا تنتظر منا فقط أن ننطلق نحوها بكل جهد
وأنت تنتظر فقط يد تدفعك الى الأمام لذلك سوف نكون نحن هذه اليد
ما دمنا معنا فلا يوجد شيء يسمى مستحيل .... أهلا بكم في نقابة المانجاكا العرب
فأضاف احمد الهمالي:
- أحلامنا المرسومة أصبحت متحققة بفضل الله، وهذه شجرتها التي ترونها أمامكم!
وتابع محمد نجيب، وهو يخاطب الجميع مستثيرا حماستهم:
- وبنياتكم الصادقة، وكلماتكم الطيبة، تنو وتزدهر هذه الشجرة بإذن الله..
وأخرج لوحة ذهبية، نقشت عليها حروف زرقاء لامعة:
https://nebrasmangaka.com/
أشار اليها قائلا:
- من بعد اذنكم ارجو ان تزوروا كلكم موقعنا وتضعوا على كل مانجا تعليقاتكم كيفما كانت تشجيع، نقد، اقتراح او اي شيء يعطينا دافعا لنواصل الجهد، ولا تنسونا من صالح دعائكم، فهذا أكثر ما نحتاجه..
ومع كلماته تلك؛ اصطفت جميع الفرق في صفوف منتظمة، أخذت تمر أمام الجماهير وهي تلوح بأعلام زيّنتها شعاراتهم البراقة، تَقدّمهم فريق مانجا مدرسة الفروسية، ومن ثم تبعته الفرق الأخرى:
فريق مانجا ثورة الاطفال
فريق مانجا تراب جهنم
فريق مانجا عالم مسن
فريق مانجا جزيرة السماء
وأخيرا:
فريق مانجا اغتيال التاريخ
والذي حشد معه جمع غفير ممن شاركوا في تلك المسيرة الخالدة، والتي كانت سببا في اجتماعهم معا أمام تلك الشجرة العريقة، شجرة "الأحلام المتحققة"، والتي بدأ فريق "مانجتها" الجديدة بالعمل، مع "نور" و"أمل"...
وبصوت واحد ردد الجميع نشيدهم الوطني، من أعماق قلوبهم:
مانجاكا العرب.. مانجاكا العرب
**
سعينا لكي نرتقي للقمم ... بإبراز أعمالنا للأمم
سعينا لكي نرتقي للقمم ... بإبراز أعمالنا للأمم
بفكرٍ عميق
ورسمٍ دقيق
صنعنا الحكايا والحكم
بذلنا الجهود
رفضنا القعود
شكرنا الكريم عالنعم
**
مانجاكا العرب.. مانجاكا العرب
**
كتبنا النصوص بوحي القِيَم... رسمنا الخطوط بحدّ القلم
كتبنا النصوص بوحي القِيَم... رسمنا الخطوط بحدّ القلم
بفكرٍ عميق
ورسمٍ دقيق
صنعنا الحكايا والحكم
بذلنا الجهود
رفضنا القعود
شكرنا الكريم عالنعم
**
مانجاكا العرب.. مانجاكا العرب
وفي الختام.. صدح صوت أيوب لباردي الشجي الندي، بتلاوة عطرة، خشعت لها القلوب وترنمت على صداها الآذان:
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)
*****
كانت تلك هي قصة "شجرة الأحلام المتحققة"، وكل عام وأنتم بخير ^^
وللتذكير: لا تزال المسيرة مستمرة، بعون الله، ونسأل الله التوفيق والقبول، فلا تنسونا من صالح دعائكم، وحتى لقاء جديد، نترككم في أمان الله وحفظه ورعايته، ونستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم