Please or التسجيل to create posts and topics.

عندما (يتفلسف) الحمار!

عندما (يتفلسف) الحمار!
_____________________

ذات صباح ريفي جميل، خرج حامد الراعي من منزله مبتهجاً، وهو يمني نفسه بربح وفير، فشرع بتحميل جلود الماشية المدبوغة، على العربة بهمة ونشاط، وبعد أن امتلأت؛ ساق حماره نحو مقدمتها، وأحكم ربط العربة به، ثم قفز بخفة إلى مقعده، وأمسك باللجام وحركه؛ ليعطي الاشارة للحمار كي يتحرك، ولكن.. يا للعجب، لأول مرة يعصي الحمار أوامره!!
تعجب حامد من تصرف الحمار، فأخرج سوطه الذي لم يستخدمه مطلقاً من قبل، وقبل أن يهم بضرب الحمار لعله يتحرك؛ نهق الحمار معترضاً، ثم قال:
- على مهلك يا هذا!! أهكذا تتصرف مع العلماء!!!
ذهل حامد لوهلة، هل هو يحلم؟؟ لا شك أنه بدأ يتوهم الأمور، فرفع سوطه من جديد ليجبر الحمار على الحركة، غير أن الحمار تكلم بوضوح أكثر هذه المرة:
- ألا تفهم يا رجل!! ليست هذه الطريقة المثالية في التعامل مع العلماء، مهما حاولت؛ فالعربة لن تتحرك، لذا وفّر وقتك وجهدك!!
كاد الرجل أن يفقد عقله! لكنه حاول تمالك أعصابه، فسأل حماره بهدوء:
- منذ متى وأنت تتكلم؟
فنهق الحمار بغرور:
- منذ أن بدأت القراءة، ومتابعة حوارات العلماء، لقد تغيرتُ كثيراً، ولم أعد ذلك الحمار الذي تعرفه، لذا تأدّب في تعاملك معي، ولن أتوانى في تعليمك وإفادتك..
كاد حامد أن يطلق ضحكة هستيرية، وقد شعر بأنه على حافة الهذيان، لكنه قرر مجاراة حماره، ليرى كيف ستكون النهاية، فسأله باهتمام ظاهر:
- حسنا يا حماري العزيز، هل لي أن أعرف أولاً؛ لماذا لن تتحرك العربة؟؟
فنهق الحمار- كمن ينظف حلقه- بطريقة توحي بأنه على وشك الافصاح عن كلام هام جداً:
- ركز معي جيداً أيها الراعي الطيب، فسأحاول تبسيط المعلومة لك..
حاول الراعي تمالك أعصابه، فيما تابع الحمار كلامه بغرور كبير:
- أخبرني أولاً، هل سمعت عن قوانين نيوتن؟
اتسعت عينا حامد بذهول هذه المرة، هل سيعطيه هذا الحمار درساً في الفيزياء مثلاً؟؟؟
لكنه اكتفى بهز رأسه، قائلاً:
- أجل، سمعت عنها أيام المدرسة!
فتابع الحمار كلامه بابتهاج:
- هذا جيد، ستوفر عليّ بهذه الطريقة الكثير من الشرح..
ونهق الحمار قليلاً علامة الرضا، قبل أن يتابع:
- بحسب قانون نيوتن الثالث، لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار، ومعاكسة في الاتجاه، هل تذكر هذǿ

هنا.. شعر حامد بدوار كاد أن يفقده توازنه، فهذه المعلومة صحيحة، وقد تذكّرها فعلاً! يبدو أن الحمار جاد في كلامه!!
هذا ما حدّث به الراعي نفسه، مما جعله يأخذ حواره مع الحمار على محمل الجد هذه المرة، فقال:
- أجل أذكر هذا القانوان جيداً، ولكن ما علاقة هذا بحركة العربة!!
أطلق الحمار نهيقا مزعجاً، كدليل على تذمره من غباء الراعي، قبل أن يقول باستعلاء:
- ألا تفهم يا رجل!! مهما حاولتُ بذل جهدي وقوتي لجر العربة نحو الأمام، فإن العربة ستؤثر عليّ بقوة مماثلة نحو الخلف، وهكذا تكون المحصلة صفر، مما يعني أن العربة لن تتحرك أبداً! عليك مراجعة قانون نيوتن الثاني أيضاً لتتأكد بنفسك من هذا الكلام، ألا تعلم أن القوى المتساوية في المقدار والمتعاكسة في الاتجاه يلغي بعضها بعضا!!!!
وأمام صمت الراعي وذهوله، تابع الحمار توضيح كلامه بالأرقام:
- تخيل لو أنني بذلتُ قوة نحو الامام بمقدار 5 نيوتن، سيكون هذا هو الفعل الذي فعلته أنا، مما يعني أنه سيكون هناك ردة فعل مساوية في المقدار ستبذلها العربة في الاتجاه المعاكس.. أي 5 نيوتن إلى الخلف! ومحصلة القوى في هذه الحالة (5 نيوتن إلى الامام و5 نيوتن إلى الخالف) ستساوي صفرا..
ولو افترضنا أنني زدتُ من قوتي فأصبحت 20 نيوتن للأمام مثلا، فدائما ستقابلها ردة فعل معاكسة بالمقدار نفسه (20 نيوتن للخلف)..
أي أنه سيكون من العبث بذل أي قوة، إذ لن تتحرك العربة أبداً مهما حاولت، فمحصلة القوى دائماً صفر!!
دُهش الراعي مما سمعه!! فبطريقة ما، ومن الناحية القانونية؛ بدا له كلام الحمار منطقياً!
ولكن ... هناك خطأ ما بلا شك!! فهذا لا يحدث في الواقع!! لقد قضى شبابه وهو يجر العربة على حماره، دون أي مشاكل تُذكر!! فهل القانون خاطيء!!!
وتنهد بأسى وهو لا زال يشعر بحيرة كبيرة:
- ما لنا وللفيزياء يا حماري! فقد كنا نعيش قبل هذا اليوم بسلام..
** تمت**
إلى هنا سأتوقف..
فما رأيكم بهذه القضية (والقصة بشكل عام)؟؟
هل كلام الحمار صحيح؟؟
هل أخطأ نيوتن؟؟
وهل لديكم حلولا مقنعة للراعي المصدوم؟
هل الفيزياء فعلاً هي سبب المشكلة!!!!
(اجمالا.. هل أوحت لكم هذه القصة بأي شيء؟^^ )
بانتظار مشاركاتكم ^^

_______________
ملاحظة: فكرة هذه القصة مستوحاة من مرجع فيزيائي، وهي قضية مشهورة ^^
كتبتها ونشرتها أول مرة يوم 17 ديسمبر 2017، وقد نقلتها لكم هنا كما هي!

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم