
مسارات تنقل المنتدى - أنت هنا:منتدى نبراس المانجاكامنتدى المؤلفين و الكتّاب: قصص و رواياتهم العدو فاحذرهم!
Please تسجيل الدخول or التسجيل to create posts and topics.
هم العدو فاحذرهم!
#1 · 2025-11-04, 8:45 م
اقتبس من زينب جلال في 2025-11-04, 8:45 مبسم الله الرحمن الرحيموالصلاة والسلم على اشف الانبياء والرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعينبلاد العزة"هم العدو فاحذرهم""كانت بلاد العزة جزءا من مملكة مترامية الاطرف يجمعها دين واحد وثقافة واحدة، غير أن تلك المملكة ضعفت كثيرا حتى خسرت الحرب الكبرى امام قوى معادية اجتمعت وتآمرت عليها، ثم تقاسمت تركتها فيما بينهم بعد ان رسموا حدودا بين اراضيها، ليحصل كل واحد منهم على الحصة التي ترضيه من تلك الغنيمة، غير أن الجزء الذي يُعرف ببلاد العزة كان الاصعب تقسيما، فالكل يرغب بالحصول على قطعة منها، حتى قرر كبيرهم أن يمنحها لفئة مزعجة من البشر كانوا منتشرين في ممالكهم، على أمل ان يصنعوا لهم دولة فوق اراضي تلك البلاد فيرتاح الجميع من شرهم، وهكذا تم الاتفاق الذي ارضى قوى الشر جميعا!لم يكن أحد من أبناء تلك المملكة المترامية الاطراف يعلم بمخططات قوى الشر المعادية، إذ سرعان ما انشغلت كل مجموعة داخل الحدود- التي تم رسمها لهم- بأنفسهم، باعتبارهم مجموعة مستقلة عن بقية الاجزاء الاخرى، ليحققوا بذلك أول خطوة من مخططات قوى الشر دون أن يدركوا ذلك، وهكذا مع مرور الايام أخذت بقية المخططات تنجح تدريجيا حتى تم انشاء دولة لتلك الفئة المزعجة من البشر على أراضي بلاد العزة، فبدؤوا بالتوافد اليها من جميع انحاء العالم، بدعم من قوى الشر الكبرى، أمام صدمة الاهالي واصحاب ارض بلاد العزة الاصليين الذين حاولوا التصدي لهم بكل ما يملكون رغم ضعفهم، حتى تمت ابداتهم او تهجيرهم في حين بقيت فئة قليلة تقاومهم وترفض الاستسلام ولو ستقدم ارواحها فداء لذلك، مما سبب ازعاجا كبيرا للفئة المزعجة المحتلة لارضهم، والتي سرعان ما اشتكت لقوى الشر الكبرى عليهم!! أيعقل ان يتم اعتراض ارادة قوى الشر الكبرى وازعاج الفئة المزعجة من قبل حفنة (الفدائيين) الذين يرفضون الاستسلام، بدل أن يشكروا التسامح معهم عندما تم السماح لهم بالبقاء في ارضهم تحت سيادة الفئة المزعجة، ما داموا يقدمون لهم السمع والطاعة بدون اعتراض؟!!وبالفعل استاءت قوى الشر من تصرف تلك المجموعة الفدائية التي لا تريد الاستسلام، خاصة بعد أن تعبوا من قتلهم، في حين امتلأت السجون بهم ولم يعد بالامكان بناء سجون جديدة لهم وهم يتكاثرون من كل مكان، ففكروا بخطة جديدة تريح رؤوسهم، حتى توصلوا إلى حل يضمن لهم الهدوء مؤقتا ريثما يتمكنوا من استئناف تطبيق مخططاتهم!وهكذا استدعوا أحد الفدائيين وعقدوا معه صفقة:
- سنعتبرك رئيسا وممثلا لمجموعتك يعترف بك العالم كله ونقيم لكم دولة، مقابل ان توقع لنا باسم اهالي بلاد العزة جميها تنازلا عن اكثر من ثلاثة ارباع اراضيكم رسميا! انتم تأخذون الجزء الشرقي وبعض الجزء الغربي لتقيموا دولتكم عليها وتريحوا رؤوسنا من ازعاجكم، ونحن نأخذ الشمال والجنوب والوسط وجزء من الشرق والغرب لدولتنا، وهكذا يمكن ان يعيش الجميع بسلام في ظل الدولتين، وبالطبع سنسمح لكم ان تزوروا دولتنا بين الحين والآخر إذا كنتم مؤدبين وتوقفتم عن الشغب، والاهم أن لا تتجاوزا حدودكم بالتعالى على دولتنا التي سيكون لها السيادة على دولتكم أيضا!وبالفعل تم توقيع ذلك الاتفاق الذي أغضب غالبية الفدائيين، غير أن ذلك الممثل اقنعهم أن هذا لمصلحة الجميع ولأجل مستقبل اولادهم، كما أنه اصبح امرا واقعا ولا يفيد اللوم والندم، فرضخوا لذلك مكرهين، في حين تساءل احدهم:
- ولكن ماذا عن اسرانا الذين في قبضتهم؟ ألم نعدهم أننا سنستمر في نضالنا حتى حرية اراضينا وحريتهم؟ومرة أخرى تم اسكاتهم بعد اقناعهم أن هذا لمصلحتهم جميعا ولا داعي لاثارة البلبلة، فمن اصبح في السجون لن يعرف بما يحدث خارجها، لذلك الأهم الان التركيز على من بقي خارج السجون بدل اضاعة الوقت بالتفكير بأمر من هم داخلها! من دخل السجن فقد تأقلم عليه بلا شك، فلماذا نزعج انفسنا بالتفكير بأمرهم ما دام بامكاننا أن نضمن لمن بقي بالخارج أن يعيش؟!ورغم أن الموضوع بدى وكأنه انتهى على ذلك الحل "السلمي"؛ لكن بعض الاهالي جن جنونهم بعد اكتشافهم لما حدث، خاصة وأنه تم التوقيع نيابة عنهم بالتنازل عن اراضيهم دون استشارتهم حتى!!!
وتساءل البعض بغضب:- من قال انني سأتنازل عن ارضي؟- من الذي اعطى ذلك العاق لوالده الصلاحية ليوقع نيابة عني؟- والمصيبة الأكبر انه تنازل حتى عن المركز في الوسط!- لا عجب ان والده لم يكن راضيا عنه، لقد كان عاقا لوالده ومات والده وهو غير راض عنه، بل حتى بعد موت والده لم يزر قبره أيضا! فماذا تتوقعون من ذلك الابن العاق؟- أنا لست راض عن ذلك..- ولا أنا...
- يجب أن نقاوم ذلك إذن!وهكذا ظهرت مجموعة (المقاومين) التي أصرت على استرجاع حقها المسلوب بالكامل، مما أزعج قوى الشر مجددا، فاستدعوا الممثل ليفهموا منه ما حدث واعتبروه مخلا بالاتفاق إذ لا زال وجع الراس يلاحقهم، رغم انهم منحوه لقب رئيس وتنازلوا له عن اقل من ربع الاراضي ليقيم عليها دولته (جزء في الشرق وجزء في الغرب)، فماذا يريد أكثر من ذلك؟!
وهنا تعهد لهم أنه سيتدبر الامر بنفسه، وبالفعل اعطى الاوامر لاتباعه من الفدائيين السابقين ليقضوا على المقاومين الحاليين، الذين صُدموا من مهاجمة الفدائيين لهم بدل ان يتعاونوا معهم في القضاء على عدوهم واسترجاع حقهم!! وهكذا لم يجد المقاومين بدا من حسم الامر معهم، في معركة حاسمة في الجزء الغربي من بلاد العزة، انتصر فيها المقاومون فيما فر الفدائيون السابقون إلى الجزء الشرقي ليتجمعوا هناك!وهكذا اصبحت اراضي بلاد العزة مقسمة إلى ثلاثة اقسام:
اكثر من ثلاثة ارباعها (الشمال والجنوب والوسط واجزاء من الشرق والغرب) لدولة العدو الغاصب!الجزء الشرقي لدولة الفدائيين السابقين، التي تخضع لسيادة دولة العدو الغاصب بناء على الاتفاق الذي وقعه الممثل معهم، يقدمون السمع والطاعة والولاء للعدو قبل الاخ والصديق!الجزء الغربي تحت حكم المقاومين الذين رفضوا الاعتراف بدولة العدو الغاصب وظلوا مصرين على مقاومة كل المخططات والاتفاقيات الفاسدة، حتى استعادة حقهم المسلوب في اراضي بلاد العزة كلها وتحرير جميع اسراهم من سجون العدو مهما كلفهم الأمر، ومهما كان الثمن!وهكذا بدأت حقبة جديدة أكثر ازعاجا لقوى الشر الذين ظنوا أنهم احكموا قبضتهم على كل شيء، دون أن يعملوا حسابا لتلك الشوكة التي علقت في حلوقهم وهم يبتلعون اللقمة تلو الاخرى بسهولة ويسر!!وأمام اصرار المقاومين وعنادهم وصلابتهم- رغم كل محاولات قوى الشر من اغراءات وتهديدات- صدر قرارعالمي بحصار ذلك الجزء الغربي من بلاد العزة واعتبارهم فئة خارجة عن القانون العالمي، مع تشويه سمعتهم والصاق كل التهم بهم، واستخدام كل وسائل القتل والتعذيب ضدهم حتى يكسروا ارادتهم، بدون جدوى، اذ كان المقاومون لا يزالون ثابتين على مبادئهم غير مستعدين للتنازل عنها، بل وصل بهم الأمر أن استطاعوا تطوير امكانياتهم البسيطة بمحاولات جاهدة سنة تلو الاخرى، حتى تمكنوا من اسر أحد جنود العدو ليبرموا صفقة يستعيدون من خلالها عددا من اسراهم المقاومين!وبالفعل بعد سنوات عصيبة تمت تلك الصفقة، وخرج أحد الاسرى المقاومين ليقودهم نحو قفزة نوعية جديدة، تقلب الموازين مجددا بعد أن طلب منهم جميعا الاستعداد للحظة الحاسمة لأجل العبور .."توقف صالح عند ذلك الجزء من الحكاية، اثر مرور وفد قربهم، وقد تحمس لالتقاط صورة لهم، في حين هتف أحد الاطفال بحماسة وهو يشير إلى أحدهم:- انظروا هناك.. اليس ذاك هو السيد يحيى؟فهب الجميع واقفون وهو يتقافزون نحوه:- أجل إنه هو.. هيا لنسلم عليه ونسأله عن موعد العبور..كان السيد يحيى محاطا بعدد كبير من الناس الذين تجمهروا حوله، غير أن أحد الاطفال استطاع أن يُسمِعه صوته وهو يصرخ:- متى سنعبر؟فالتفت السيد يحى نحو مصدر الصوت ليجيب مبتسما:- قريبا إن شاء الله..وبينما كان صالح- ذلك الشاب العشريني الطموح المرح المهتم بالصحافة والاعلام- منهمكا بالتقاط الصور، إذ انتبه لأحد الاطفال، الذين كانوا يستمعون لقصته بانصات واهتمام؛ يجذبه من ثيابه قائلا:- الان عرفت لماذا نحن محاصرون هنا، ولسنا مثل بقية العالم! لم أكن أعرف اننا اقوياء لهذه الدرجة..فابتسم له صالح يشجعه:- المهم أن نبقى كذلك فنصبر ونتحمل ولا نستسلم، وحتما سنحرر كل الاسرى والاراضي بإذن الله..فقال الطفل بعزيمة:- بالتأكيد.. فنحن جميعنا مقاومون اقوياء لا نستسلم ابدا..***مرت الايام وكان صالح منهمكا مع الاطفال- كعادته في اوقات فراغه- وهو يلعب معهم مباراة كرة قدم، عندما سمعوا صوتا مفاجئا تبعته اخبارا مذهلة تراقص الاطفال على اثرها طربا:- يبدو أنهم عبروا اخيرا..فرد عليه طفل آخر:- المفروض أن نعبر كلنا معا..فقال لهم صالح:- لا تكن مستعجلا، هذه هي البداية فقط.. دورنا سيأتي لاحقا إن شاء الله..
في حين أخذ صالح هاتفه وانطلق ليصور مكان الحدث، مرددا:- الحمد لله واخيرا لقد حانت نهائية العدو الغاصب..لم يصدق العدو ما حدث.. ضربة مباغتة نفذها المقاومون استطاعوا خلالها العبور لاماكن العدو وأسر عدد منهم قبل ان ينتبه أحد!- سنصب عليهم جام غضبنا- سنسحقهم- ولكن كيف سنفعل ذلك؟ الم نحاول هذا مرارا؟- هذه المرة لن نخشى كلام العالم وسنقتل اطفالهم ونساءهم وشيوخهم وكبارهم وصغارهم.. سنبيدهم عن بكرة ابيهم وسوف يرون..وبالفعل لم يمض الكثير من الوقت حتى بدأ تنفيذ ذلك المخطط الاجرامي الشرير، في حين هرع صالح وعدد من زملائه لتصوير ما يحدث ونقل ذلك للعالم ليرى الجميع حقيقة هذا العدو المجرم الذي بذل جهدا كبيرا على مدى سنوات طويلة لتلميع صورته وتشويه صورة المقاومون في ذلك الجزء الغربي من بلاد العزة!
قال صالح بعزيمة وهو يخاطب رفاقه من الصحفيين:- اهم ما يتوجب علينا فعله هو نقل الحقيقة حتى يعرف العالم من هو المجرم الفعلي.. يجب ان نفضحهم..فأكد هزاز كلامه معلنا:
- سأجعل عدستي مرآة الحقيقة، وسأنقل معاناة شعبنا ليعرف العالم كله مدى شناعة هذا العدو الغاصب..فشد صالح على يده:- لنتعاون إذن على ذلك يا صديقي، والله معنا..وبالفعل أخذ هزاز يبذل جهده ليكون أبرز من ينقل الصور للعالم بأسره، مما أحدث ضجة عالمية وهم يرون مشاهد القتل والدمار ومعاناة الاهالي ونزوحهم من مكان لآخر، ومدى البؤس الذي يعانون منه، مما جعل الناس- الذين هالتهم تلك المشاهد الدامية- يخرجون في مظاهرات عالمية للمطالبة بوقف هذه الجرائم المروعة، حيث لم يتوانى هزاز عن تصوير اي مشهد مؤثر بل وتصوير حتى المقابلات السريعة مع الاهالي والاطفال ليتحدثوا عن معاناتهم، فمن شيخ كبير يقول:- كنا آمنين في بيوتنا نعيش بشكل طبيعي حتى انقلبت حياتنا راسا على عقب ولا سامح الله من كان السببفي حين أخذت امراة تولول:- لقد كنت على وشكأن افرح بنجاح اولادي فإذا بكل احلامنا تضيع سدى فجأة، لقد خسرنا كل شيء..كما ظهرت مجموعة من الاطفال يبكون وينوحون:- نريد أن نعود إلى العابنا كما كنا في السابق..وهكذا استمر هزاز بنقل الصور للعالم الخارجي على ذلك المنوال، فيما كان صالح منشغلا هو الآخر بتغطية الأحداث والصور من مكان آخر، بالكاد يجدون وقتا للاستراحة وهم يخاطرون بأرواحهم لنقل الحقيقة، حتى اجتمعوا مجددا ذات يوم قرب أحد المستشفيات، في لحظات هدوء مؤقتة، فما كان من صالح إلا أن هتف بسعادة لرؤية هزاز مجددا:- الحمد لله أنك لا تزال حيا يا صديقي.. تبدو مرهقا، هل أنت بخير؟فأومأ هزاز بحزن:- أرجو أنني بخير.. ولكنني حقا اشعر انني استنفذت طاقتي ولا أدري إذا كان ما افعله هنا سيساعد الناس حقا، فللاسف يبدو أن تأثير الناس بالخارج ليس فعالا كما يجب..فطمأنه صالح:- نحن نبذل جهدنا ونقوم بواجبنا ولن يضيع الله أجرنا، المهم أن نستمر ولا نستسلم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فما دام الله اختارنا لنكون في هذا المكان فهذا يعني أن لنا دور فيه..فقال هزاز بأسى:- اخشى ان يُساء فهمي، فانا قد تعبت حقا وأخشى ان لا يكون لاستمراري فائدة تذكر، في حين أنه قد يكون بامكاني فعل شيء أفضل لو استطعت الخروج من هنا..فأطرق صالح راسه بتفهم:- اتفهم ذلك يا صديقي، وكان الله بعونك، فكل واحد أدرى بنفسه وقدراته، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لذلك خذ القرار الذي يناسبك ولا تهتم لكلام أحد، بل إنني واثق أن خروجك وايصال صوتنا للخارج سيكون عونا لنا وبإذن الله، سأحاول بذل جهدي لتغطية الاحداث هنا فلا تقلق..فترقرقت الدموع بعيني هزاز بامتنان، مؤكدا:- وأنا ايضا لن اتوقف.. فحتى لو خرجت فسأستمر بالنشر عن اخبارنا ومعاناتنا...في تلك اللحظة أقبلت مجموعة من الاطفال عليهم، أخذ أحدهم يخاطب هزاز بانزعاج واضح:- لماذا لم تظهر صورتي ضمن التقرير يا عم؟واضاف آخر:
- حتى أنا لم أظهر رغم انني قلت كلاما كثيرا كنت اريد العالم أن يسمعه..فابتسم لهم هزاز والارهاق باد على وجهه، وأخذ يربت على رؤوسهم بقوله:- ارجو المعذرة حقا يا صغاري، ولكن التقرير كان طويلا فلم استطع نشر كل شيء وكان يجب اختيار بعد المقاطع منه..فأجابه الطفل:- ولكنك لم تُظهر سوى الاطفال الذين يبكون ويصرخون حتى ظن الناس أننا كلنا كذلك، رغم اننا لسنا مثلهم!فرد عليه هزاز بتفهم:- لا تنزعج فحتى لو ظنوا أنكم جميعا تبكون فهذا أفضل من أن تظهروا وكأنكم لا تهتمون! يجب ان نجعل الناس يتعاطفون معنا..
فرد الطفل غاضبا:- لماذا ننتظر شفقتهم علينا ولا نظهر قوتنا.. نحن لسنا ضعفاء.. بل مقاومون أقوياء..فأضاف طفل آخر:- أجل هذا صحيح فانا لم ابكي- ولا انا.. بل قلت أنني مع المقاومين ولكن هذا لم يظهر في التقرير..وهنا تدخل فتى سمع حديثهم فوجدها فرصة ليدلي بدلوه هو الآخر:-يبدو أن العم هزاز يحب أن يصور فقط الضعفاء الذين يشتمون المقاومين ويعتبرونهم السبب فيما حدث، فقد رأيت التقرير أيضا.. يبدو انك تكره المقاومين اليس كذلك يا عم؟فوجئ هزاز من كلام ذلك الفتى الجريء، غير أن صالح- الذي لاحظ حرج صديقه- أسرع يوضح الموقف للفتى بقوله:- لا يجوز ان تسيء الظن هكذا، فهزاز لم يكن يقصد ذلك بلا شك..وبسرعة أخرج جهازه قائلا للاطفال بمرح وهو يأخذ وضعية التصوير:- هيا استعدوا لتقولوا ما لديكم للعالم..فتقافز الاطفال بحماسة ليقول أولهم بعزيمة:- حتى إذا لم تتحركوا لتأديب المجرمين فنحن لن نستسلم وسنكون المقاومين القادمين وسنقضي عليهم جميعا، بإذن الله..وقبل أن يتكلم الطفل التالي صرخ أحدهم:- العم هزاز وقع..فاغلق صالح جهازه وأسرع باتجاه هزاز ليسعفه، مخاطبا الصغار:- سنكمل التصوير لاحقا ايها الابطال اما الان فيجب ان ننقل هزاز للمشفى فربما اغمي عليه من التعب والارهاق وسوء التغذية على الاغلب..***لم تمض سوى بضعة أيام على تلك الحادثة حتى انتشر خبر خروج هزاز من الجزء الغربي المحاصر من بلاد العزة، ورغم ما ذكره هزاز حول معاناته وصعوبة ذلك القرار وما لحقه من سوء وأذى؛ غير أن البعض بدؤوا بانتقاده والتشكيك فيه:- كيف استطاع الخروج بسهولة وسط تلك الاحداث ورغم ذلك الحصار- كنت اشك في امره من البداية، إذ كان يدعي انه يصور الاحداث ولكنه كان يتعمد دوما اظهار جزء منها فقط- هذا صحيح فقد لاحظتُ ذلك أيضا، فلم يحدث أن صور الحقيقة الكاملة حتى نجح في جعل الناس يلومون المقاومين..- رغم أنه بدا تغطية الاحداث والتصوير مع صالح ولكن حسابات صالح كانت تُحذف باستمرار أما حساباته فلم يحدث أن تعرضت لأي ضرر!وهكذا بدأ الناس يتحدثون عن هزاز بسوء وتشكك مما ازعج صالح الذي حاول أن يوضح لهم بأن الظروف التي مر بها هزاز لم تكن سهلة، وقدرات الناس تتفاوت فلا يجب أن يلوموه أو يقارنوه بغيره، فقدرات الناس تتفاوت، وبالفعل استطاع صالح اقناع عدد كبير منهم بهذا المنطق، فيما تابع مهمته بعزيمة واصرار، حتى جاء ذلك اليوم الذي غيّر مجرى حياته تماما..كان ذلك عندما أعلنت الهدنة المؤقتة، وبدأ الجميع يحاولون العودة لحياتهم تدريجيا دون أن يعرفوا كيف يفعلون ذلك! فالمنازل مهدمة والطرق مبعثرة، المستشفيات مكدسة وتحتاج الكثير من الاصلاحات، والخراب في كل مكان..وهنا خطرت ببال صالح فكرة مفاجئة بالتعاون مع إحدى الجمعيات الصحية في الخارج لاقامة حملة تبرعات واسعة لإعادة بناء واصلاح مستشفى الاطفال، وبالفعل تمت هذه الحملة على نطاق واسع وحققت نجاحا كبيرا تحدث به الجميع حتى تمكنوا من جمع مبلغ ضخ من المال في مدة قياسية وجيزة جعلت صالح ورفاقه يحتفلون في ختامها باجواء مبهجة مرحة لتحقيق هذا الهدف، وبدأ أن كل شيء يسير على ما يرام، حتى فوجئ الجميع ببيان صادر عن إحدى الجهات يعلن أن تلك الحملة لم تكن رسمية ومشكوك في امرها، وكان من أوائل من عمل على المساهمة في نشر ذلك البيان هو رفيق صالح "هزاز"، والذي أخذ يوضح كيف أنه كان يحرص على توثيق كل الاموال التي ساهم في ايصالها للمنكوبين لأجل المصداقية، لأنه لا أحد يضمن نفسه، ويفترض أن يحرص الناس على عدم تسليم اموالهم إلا لأهل الثقة، ثم صور نفسه وهو يحمل رزم من النقود التي كانت تصله، وكيف كان حريصا على توثيقها لكي يطمئن الجميع، مشيرا إلى أنها مبالغ كبيرة أكبر بكثير مما جمعه صالح في حملته- بدون أن يذكر اسم صالح بصريح العبارة، غير أن الجميع عرف من يقصد بالطبع!
وكانتشار النار في الهشيم انتشر ذلك البيان، والذي لم يكد يراه الناس حتى استعر الشك في نفوس اغلبهم وبدؤوا ينظرون بعين الريبة والشك نحو صالح، حتى تجرأ البعض على وصفه باللص السارق!أما صالح الذي صدمه ما حدث، فلم يستطع تصديق ما سمعه بأذنيه وهو يسير في الطرقات:- ايها اللص أعد نقود التبرعات- انت حرامي وقد نجحت بخداعنا..- أيها الساق لقد كشف امرك..ومن لطف الله ب بصالح أن بادرت إحدى الشخصيات الكبرى المعروفة والمسؤولة عن المستشفى بتبرئته وتوضيح أن ما حدث كان سوء فهم واضح، غير أن الشائعات لم تتوقف، مما لم يترك الخيار لصالح سوى محاولة التأقلم معها ببساطة خاصة مع عودة الحرب مجددا بشكل أسوأ وكان عليه التركيز على مهمته ورسالته التي نذر نفسه لها صابرا محتسبا ابتغاء وجه الله..***مرت اشهر عصيبة على ذلك الجزء المحاصر القابع تحت حرب اجرامية أمام مرآى العالم وصمود الاهالي والمقاومين، حتى جاءت لحظة الفرج الذي انتظرها الجميع طويلا باعلان وقف الحرب، ليكون صالح أبرز من نقل ذلك الخبر وسط هتاف الجماهير وتكبيرهم وهم يحملونه على الاكتاف في أجواء سعيدة مبهجة أنست الناس الجراح والآلام لوهلة دون أن يدركوا أنهم على موعد مع فاجعة جديدة لم تكن تخطر لهم ببال!فبينما كان المقاومون يعيدون تنظيم الامور وضبط الامن ويحاكمون الخونة؛ إذ انتشر خبر مفاجئ لاختفاء صالح!ذكر احدهم أنه خرج من الصباح لتغطية بعض الاخبار الهامة.. لكن لا أحد يعرف ماذا حدث به بعد ذلك وبدأ الجميع يتساءل:اين صالح؟خلال ذلك لفت نظر البعض منشورا لهزاز يتساءل من الخارج عن احوال ذلك الجزء الغربي المحاصر من بلاد العزة:"ما الذي يجري بالضبط؟!"وبعدها بقليل نشر بقلق وهو يناشد العالم:"هناك حرب أهلية ويجب ان تدخل قوات خارجية لحل المشكلة قبل أن يهلك الناس.."لم يكد الناس في الداخل يسمعوا كلام هزاز منىالخارج حتى اصيبوا بصدمة وهو يتلفتون حولهم بذهول:- حرب اهلية؟!!- اين هي الحرب الاهلية؟!فيما اسرع البعض يارسلون هزاز بقولهم:- ما الذي تقوله يا هزاز ومن الذي ذكر لك عن وجود حرب اهلية؟كل ما في الامر ان المقاومين يحاكمون الخونة والجواسيس!وهنا تراجع هواز عن كلامه فمسحه، في حين نشر بعد ذلك خبرا محزنا وهو يذكره بأسف والم شديد:- رحم الله صالح لقد وصلني خبر استشهاده إنا لله وانا اليه راجعون، يبدو أن مآسينا لن تنتهي وقلبي لن يتوقف عن الحزن والالم فقد كان صالح من خيرة الشباب..لم يكد هزاز يقول ذلك حتى علق أحدهم:- كيف تمدح شخصا سرق الملايين ولم يراعي الامانة؟فرد عليه هزاز:- لا تجب أن تقول ذلك فلديه أهل يجب ان تراعي مشاعرهم، ولندعو الله أن يغفر له ويرحمه..فرد عليه آخر بتأثر:- رغم كل ما فعله ما زلت تدعو له؟ كم أنت طيب يا هزاز، يؤسفني أن هناك من يسيء الظن بك ويتجرأ بالحديث عليك..غير أن عدد كبير ممن كان يتابع هزاز خرجوا عن صمتهم وقد طفح بهم الكيل فجأة، خاصة بعد أن تأكدوا من خبر استشهاد صالح الذي قُتل على يد مجموعة من العملاء الخونة، فما كان منهم إلا أن هاجموا هزاز بقوة:- هزاز.. ايها المنافق الخبيث، إلى متى تظن أن بامكانك خداع الناس؟!في حين كانت هناك فئة لا تزال مصرة على ضرورة عدم اساءة الظن بهزاز، ومراعاة ظروفه العصيبة، ونفسيته المتعبة الحزينة التي تحملت كثيرا فوق طاقتها!!***رحل صالح.. بل ارتقى حيا لجنات عرضها السماوات والارض أعدت للمتقين، مستبشرا بما أعده الله لعباده الشهداء الصالحين، في حين عم الحزن العالم كله، إذ لم يتوقع أحد أن يُفجعوا بخبر كهذا بعد انتهاء الحرب، وكأنها رسالة صارخة أوصلها لهم صالح بكل وضوح لينتبهوا، خاصة لاولئك الذين سيأتون بعده ليكملوا مسيرته:"هم العدو فاحذرهم"***تمت
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلم على اشف الانبياء والرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
بلاد العزة
"هم العدو فاحذرهم"
"كانت بلاد العزة جزءا من مملكة مترامية الاطرف يجمعها دين واحد وثقافة واحدة، غير أن تلك المملكة ضعفت كثيرا حتى خسرت الحرب الكبرى امام قوى معادية اجتمعت وتآمرت عليها، ثم تقاسمت تركتها فيما بينهم بعد ان رسموا حدودا بين اراضيها، ليحصل كل واحد منهم على الحصة التي ترضيه من تلك الغنيمة، غير أن الجزء الذي يُعرف ببلاد العزة كان الاصعب تقسيما، فالكل يرغب بالحصول على قطعة منها، حتى قرر كبيرهم أن يمنحها لفئة مزعجة من البشر كانوا منتشرين في ممالكهم، على أمل ان يصنعوا لهم دولة فوق اراضي تلك البلاد فيرتاح الجميع من شرهم، وهكذا تم الاتفاق الذي ارضى قوى الشر جميعا!
لم يكن أحد من أبناء تلك المملكة المترامية الاطراف يعلم بمخططات قوى الشر المعادية، إذ سرعان ما انشغلت كل مجموعة داخل الحدود- التي تم رسمها لهم- بأنفسهم، باعتبارهم مجموعة مستقلة عن بقية الاجزاء الاخرى، ليحققوا بذلك أول خطوة من مخططات قوى الشر دون أن يدركوا ذلك، وهكذا مع مرور الايام أخذت بقية المخططات تنجح تدريجيا حتى تم انشاء دولة لتلك الفئة المزعجة من البشر على أراضي بلاد العزة، فبدؤوا بالتوافد اليها من جميع انحاء العالم، بدعم من قوى الشر الكبرى، أمام صدمة الاهالي واصحاب ارض بلاد العزة الاصليين الذين حاولوا التصدي لهم بكل ما يملكون رغم ضعفهم، حتى تمت ابداتهم او تهجيرهم في حين بقيت فئة قليلة تقاومهم وترفض الاستسلام ولو ستقدم ارواحها فداء لذلك، مما سبب ازعاجا كبيرا للفئة المزعجة المحتلة لارضهم، والتي سرعان ما اشتكت لقوى الشر الكبرى عليهم!! أيعقل ان يتم اعتراض ارادة قوى الشر الكبرى وازعاج الفئة المزعجة من قبل حفنة (الفدائيين) الذين يرفضون الاستسلام، بدل أن يشكروا التسامح معهم عندما تم السماح لهم بالبقاء في ارضهم تحت سيادة الفئة المزعجة، ما داموا يقدمون لهم السمع والطاعة بدون اعتراض؟!!
وبالفعل استاءت قوى الشر من تصرف تلك المجموعة الفدائية التي لا تريد الاستسلام، خاصة بعد أن تعبوا من قتلهم، في حين امتلأت السجون بهم ولم يعد بالامكان بناء سجون جديدة لهم وهم يتكاثرون من كل مكان، ففكروا بخطة جديدة تريح رؤوسهم، حتى توصلوا إلى حل يضمن لهم الهدوء مؤقتا ريثما يتمكنوا من استئناف تطبيق مخططاتهم!
وهكذا استدعوا أحد الفدائيين وعقدوا معه صفقة:
- سنعتبرك رئيسا وممثلا لمجموعتك يعترف بك العالم كله ونقيم لكم دولة، مقابل ان توقع لنا باسم اهالي بلاد العزة جميها تنازلا عن اكثر من ثلاثة ارباع اراضيكم رسميا! انتم تأخذون الجزء الشرقي وبعض الجزء الغربي لتقيموا دولتكم عليها وتريحوا رؤوسنا من ازعاجكم، ونحن نأخذ الشمال والجنوب والوسط وجزء من الشرق والغرب لدولتنا، وهكذا يمكن ان يعيش الجميع بسلام في ظل الدولتين، وبالطبع سنسمح لكم ان تزوروا دولتنا بين الحين والآخر إذا كنتم مؤدبين وتوقفتم عن الشغب، والاهم أن لا تتجاوزا حدودكم بالتعالى على دولتنا التي سيكون لها السيادة على دولتكم أيضا!
- سنعتبرك رئيسا وممثلا لمجموعتك يعترف بك العالم كله ونقيم لكم دولة، مقابل ان توقع لنا باسم اهالي بلاد العزة جميها تنازلا عن اكثر من ثلاثة ارباع اراضيكم رسميا! انتم تأخذون الجزء الشرقي وبعض الجزء الغربي لتقيموا دولتكم عليها وتريحوا رؤوسنا من ازعاجكم، ونحن نأخذ الشمال والجنوب والوسط وجزء من الشرق والغرب لدولتنا، وهكذا يمكن ان يعيش الجميع بسلام في ظل الدولتين، وبالطبع سنسمح لكم ان تزوروا دولتنا بين الحين والآخر إذا كنتم مؤدبين وتوقفتم عن الشغب، والاهم أن لا تتجاوزا حدودكم بالتعالى على دولتنا التي سيكون لها السيادة على دولتكم أيضا!
وبالفعل تم توقيع ذلك الاتفاق الذي أغضب غالبية الفدائيين، غير أن ذلك الممثل اقنعهم أن هذا لمصلحة الجميع ولأجل مستقبل اولادهم، كما أنه اصبح امرا واقعا ولا يفيد اللوم والندم، فرضخوا لذلك مكرهين، في حين تساءل احدهم:
- ولكن ماذا عن اسرانا الذين في قبضتهم؟ ألم نعدهم أننا سنستمر في نضالنا حتى حرية اراضينا وحريتهم؟
- ولكن ماذا عن اسرانا الذين في قبضتهم؟ ألم نعدهم أننا سنستمر في نضالنا حتى حرية اراضينا وحريتهم؟
ومرة أخرى تم اسكاتهم بعد اقناعهم أن هذا لمصلحتهم جميعا ولا داعي لاثارة البلبلة، فمن اصبح في السجون لن يعرف بما يحدث خارجها، لذلك الأهم الان التركيز على من بقي خارج السجون بدل اضاعة الوقت بالتفكير بأمر من هم داخلها! من دخل السجن فقد تأقلم عليه بلا شك، فلماذا نزعج انفسنا بالتفكير بأمرهم ما دام بامكاننا أن نضمن لمن بقي بالخارج أن يعيش؟!
ورغم أن الموضوع بدى وكأنه انتهى على ذلك الحل "السلمي"؛ لكن بعض الاهالي جن جنونهم بعد اكتشافهم لما حدث، خاصة وأنه تم التوقيع نيابة عنهم بالتنازل عن اراضيهم دون استشارتهم حتى!!!
وتساءل البعض بغضب:
وتساءل البعض بغضب:
- من قال انني سأتنازل عن ارضي؟
- من الذي اعطى ذلك العاق لوالده الصلاحية ليوقع نيابة عني؟
- والمصيبة الأكبر انه تنازل حتى عن المركز في الوسط!
- لا عجب ان والده لم يكن راضيا عنه، لقد كان عاقا لوالده ومات والده وهو غير راض عنه، بل حتى بعد موت والده لم يزر قبره أيضا! فماذا تتوقعون من ذلك الابن العاق؟
- أنا لست راض عن ذلك..
- ولا أنا...
- يجب أن نقاوم ذلك إذن!
- يجب أن نقاوم ذلك إذن!
وهكذا ظهرت مجموعة (المقاومين) التي أصرت على استرجاع حقها المسلوب بالكامل، مما أزعج قوى الشر مجددا، فاستدعوا الممثل ليفهموا منه ما حدث واعتبروه مخلا بالاتفاق إذ لا زال وجع الراس يلاحقهم، رغم انهم منحوه لقب رئيس وتنازلوا له عن اقل من ربع الاراضي ليقيم عليها دولته (جزء في الشرق وجزء في الغرب)، فماذا يريد أكثر من ذلك؟!
وهنا تعهد لهم أنه سيتدبر الامر بنفسه، وبالفعل اعطى الاوامر لاتباعه من الفدائيين السابقين ليقضوا على المقاومين الحاليين، الذين صُدموا من مهاجمة الفدائيين لهم بدل ان يتعاونوا معهم في القضاء على عدوهم واسترجاع حقهم!! وهكذا لم يجد المقاومين بدا من حسم الامر معهم، في معركة حاسمة في الجزء الغربي من بلاد العزة، انتصر فيها المقاومون فيما فر الفدائيون السابقون إلى الجزء الشرقي ليتجمعوا هناك!
وهنا تعهد لهم أنه سيتدبر الامر بنفسه، وبالفعل اعطى الاوامر لاتباعه من الفدائيين السابقين ليقضوا على المقاومين الحاليين، الذين صُدموا من مهاجمة الفدائيين لهم بدل ان يتعاونوا معهم في القضاء على عدوهم واسترجاع حقهم!! وهكذا لم يجد المقاومين بدا من حسم الامر معهم، في معركة حاسمة في الجزء الغربي من بلاد العزة، انتصر فيها المقاومون فيما فر الفدائيون السابقون إلى الجزء الشرقي ليتجمعوا هناك!
وهكذا اصبحت اراضي بلاد العزة مقسمة إلى ثلاثة اقسام:
اكثر من ثلاثة ارباعها (الشمال والجنوب والوسط واجزاء من الشرق والغرب) لدولة العدو الغاصب!
اكثر من ثلاثة ارباعها (الشمال والجنوب والوسط واجزاء من الشرق والغرب) لدولة العدو الغاصب!
الجزء الشرقي لدولة الفدائيين السابقين، التي تخضع لسيادة دولة العدو الغاصب بناء على الاتفاق الذي وقعه الممثل معهم، يقدمون السمع والطاعة والولاء للعدو قبل الاخ والصديق!
الجزء الغربي تحت حكم المقاومين الذين رفضوا الاعتراف بدولة العدو الغاصب وظلوا مصرين على مقاومة كل المخططات والاتفاقيات الفاسدة، حتى استعادة حقهم المسلوب في اراضي بلاد العزة كلها وتحرير جميع اسراهم من سجون العدو مهما كلفهم الأمر، ومهما كان الثمن!
وهكذا بدأت حقبة جديدة أكثر ازعاجا لقوى الشر الذين ظنوا أنهم احكموا قبضتهم على كل شيء، دون أن يعملوا حسابا لتلك الشوكة التي علقت في حلوقهم وهم يبتلعون اللقمة تلو الاخرى بسهولة ويسر!!
وأمام اصرار المقاومين وعنادهم وصلابتهم- رغم كل محاولات قوى الشر من اغراءات وتهديدات- صدر قرارعالمي بحصار ذلك الجزء الغربي من بلاد العزة واعتبارهم فئة خارجة عن القانون العالمي، مع تشويه سمعتهم والصاق كل التهم بهم، واستخدام كل وسائل القتل والتعذيب ضدهم حتى يكسروا ارادتهم، بدون جدوى، اذ كان المقاومون لا يزالون ثابتين على مبادئهم غير مستعدين للتنازل عنها، بل وصل بهم الأمر أن استطاعوا تطوير امكانياتهم البسيطة بمحاولات جاهدة سنة تلو الاخرى، حتى تمكنوا من اسر أحد جنود العدو ليبرموا صفقة يستعيدون من خلالها عددا من اسراهم المقاومين!
وبالفعل بعد سنوات عصيبة تمت تلك الصفقة، وخرج أحد الاسرى المقاومين ليقودهم نحو قفزة نوعية جديدة، تقلب الموازين مجددا بعد أن طلب منهم جميعا الاستعداد للحظة الحاسمة لأجل العبور .."
توقف صالح عند ذلك الجزء من الحكاية، اثر مرور وفد قربهم، وقد تحمس لالتقاط صورة لهم، في حين هتف أحد الاطفال بحماسة وهو يشير إلى أحدهم:
- انظروا هناك.. اليس ذاك هو السيد يحيى؟
فهب الجميع واقفون وهو يتقافزون نحوه:
- أجل إنه هو.. هيا لنسلم عليه ونسأله عن موعد العبور..
كان السيد يحيى محاطا بعدد كبير من الناس الذين تجمهروا حوله، غير أن أحد الاطفال استطاع أن يُسمِعه صوته وهو يصرخ:
- متى سنعبر؟
فالتفت السيد يحى نحو مصدر الصوت ليجيب مبتسما:
- قريبا إن شاء الله..
وبينما كان صالح- ذلك الشاب العشريني الطموح المرح المهتم بالصحافة والاعلام- منهمكا بالتقاط الصور، إذ انتبه لأحد الاطفال، الذين كانوا يستمعون لقصته بانصات واهتمام؛ يجذبه من ثيابه قائلا:
- الان عرفت لماذا نحن محاصرون هنا، ولسنا مثل بقية العالم! لم أكن أعرف اننا اقوياء لهذه الدرجة..
فابتسم له صالح يشجعه:
- المهم أن نبقى كذلك فنصبر ونتحمل ولا نستسلم، وحتما سنحرر كل الاسرى والاراضي بإذن الله..
فقال الطفل بعزيمة:
- بالتأكيد.. فنحن جميعنا مقاومون اقوياء لا نستسلم ابدا..
***
مرت الايام وكان صالح منهمكا مع الاطفال- كعادته في اوقات فراغه- وهو يلعب معهم مباراة كرة قدم، عندما سمعوا صوتا مفاجئا تبعته اخبارا مذهلة تراقص الاطفال على اثرها طربا:
- يبدو أنهم عبروا اخيرا..
فرد عليه طفل آخر:
- المفروض أن نعبر كلنا معا..
فقال لهم صالح:
- لا تكن مستعجلا، هذه هي البداية فقط.. دورنا سيأتي لاحقا إن شاء الله..
في حين أخذ صالح هاتفه وانطلق ليصور مكان الحدث، مرددا:
في حين أخذ صالح هاتفه وانطلق ليصور مكان الحدث، مرددا:
- الحمد لله واخيرا لقد حانت نهائية العدو الغاصب..
لم يصدق العدو ما حدث.. ضربة مباغتة نفذها المقاومون استطاعوا خلالها العبور لاماكن العدو وأسر عدد منهم قبل ان ينتبه أحد!
- سنصب عليهم جام غضبنا
- سنسحقهم
- ولكن كيف سنفعل ذلك؟ الم نحاول هذا مرارا؟
- هذه المرة لن نخشى كلام العالم وسنقتل اطفالهم ونساءهم وشيوخهم وكبارهم وصغارهم.. سنبيدهم عن بكرة ابيهم وسوف يرون..
وبالفعل لم يمض الكثير من الوقت حتى بدأ تنفيذ ذلك المخطط الاجرامي الشرير، في حين هرع صالح وعدد من زملائه لتصوير ما يحدث ونقل ذلك للعالم ليرى الجميع حقيقة هذا العدو المجرم الذي بذل جهدا كبيرا على مدى سنوات طويلة لتلميع صورته وتشويه صورة المقاومون في ذلك الجزء الغربي من بلاد العزة!
قال صالح بعزيمة وهو يخاطب رفاقه من الصحفيين:
قال صالح بعزيمة وهو يخاطب رفاقه من الصحفيين:
- اهم ما يتوجب علينا فعله هو نقل الحقيقة حتى يعرف العالم من هو المجرم الفعلي.. يجب ان نفضحهم..
فأكد هزاز كلامه معلنا:
- سأجعل عدستي مرآة الحقيقة، وسأنقل معاناة شعبنا ليعرف العالم كله مدى شناعة هذا العدو الغاصب..
- سأجعل عدستي مرآة الحقيقة، وسأنقل معاناة شعبنا ليعرف العالم كله مدى شناعة هذا العدو الغاصب..
فشد صالح على يده:
- لنتعاون إذن على ذلك يا صديقي، والله معنا..
وبالفعل أخذ هزاز يبذل جهده ليكون أبرز من ينقل الصور للعالم بأسره، مما أحدث ضجة عالمية وهم يرون مشاهد القتل والدمار ومعاناة الاهالي ونزوحهم من مكان لآخر، ومدى البؤس الذي يعانون منه، مما جعل الناس- الذين هالتهم تلك المشاهد الدامية- يخرجون في مظاهرات عالمية للمطالبة بوقف هذه الجرائم المروعة، حيث لم يتوانى هزاز عن تصوير اي مشهد مؤثر بل وتصوير حتى المقابلات السريعة مع الاهالي والاطفال ليتحدثوا عن معاناتهم، فمن شيخ كبير يقول:
- كنا آمنين في بيوتنا نعيش بشكل طبيعي حتى انقلبت حياتنا راسا على عقب ولا سامح الله من كان السبب
في حين أخذت امراة تولول:
- لقد كنت على وشكأن افرح بنجاح اولادي فإذا بكل احلامنا تضيع سدى فجأة، لقد خسرنا كل شيء..
كما ظهرت مجموعة من الاطفال يبكون وينوحون:
- نريد أن نعود إلى العابنا كما كنا في السابق..
وهكذا استمر هزاز بنقل الصور للعالم الخارجي على ذلك المنوال، فيما كان صالح منشغلا هو الآخر بتغطية الأحداث والصور من مكان آخر، بالكاد يجدون وقتا للاستراحة وهم يخاطرون بأرواحهم لنقل الحقيقة، حتى اجتمعوا مجددا ذات يوم قرب أحد المستشفيات، في لحظات هدوء مؤقتة، فما كان من صالح إلا أن هتف بسعادة لرؤية هزاز مجددا:
- الحمد لله أنك لا تزال حيا يا صديقي.. تبدو مرهقا، هل أنت بخير؟
فأومأ هزاز بحزن:
- أرجو أنني بخير.. ولكنني حقا اشعر انني استنفذت طاقتي ولا أدري إذا كان ما افعله هنا سيساعد الناس حقا، فللاسف يبدو أن تأثير الناس بالخارج ليس فعالا كما يجب..
فطمأنه صالح:
- نحن نبذل جهدنا ونقوم بواجبنا ولن يضيع الله أجرنا، المهم أن نستمر ولا نستسلم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فما دام الله اختارنا لنكون في هذا المكان فهذا يعني أن لنا دور فيه..
فقال هزاز بأسى:
- اخشى ان يُساء فهمي، فانا قد تعبت حقا وأخشى ان لا يكون لاستمراري فائدة تذكر، في حين أنه قد يكون بامكاني فعل شيء أفضل لو استطعت الخروج من هنا..
فأطرق صالح راسه بتفهم:
- اتفهم ذلك يا صديقي، وكان الله بعونك، فكل واحد أدرى بنفسه وقدراته، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لذلك خذ القرار الذي يناسبك ولا تهتم لكلام أحد، بل إنني واثق أن خروجك وايصال صوتنا للخارج سيكون عونا لنا وبإذن الله، سأحاول بذل جهدي لتغطية الاحداث هنا فلا تقلق..
فترقرقت الدموع بعيني هزاز بامتنان، مؤكدا:
- وأنا ايضا لن اتوقف.. فحتى لو خرجت فسأستمر بالنشر عن اخبارنا ومعاناتنا...
في تلك اللحظة أقبلت مجموعة من الاطفال عليهم، أخذ أحدهم يخاطب هزاز بانزعاج واضح:
- لماذا لم تظهر صورتي ضمن التقرير يا عم؟
واضاف آخر:
- حتى أنا لم أظهر رغم انني قلت كلاما كثيرا كنت اريد العالم أن يسمعه..
- حتى أنا لم أظهر رغم انني قلت كلاما كثيرا كنت اريد العالم أن يسمعه..
فابتسم لهم هزاز والارهاق باد على وجهه، وأخذ يربت على رؤوسهم بقوله:
- ارجو المعذرة حقا يا صغاري، ولكن التقرير كان طويلا فلم استطع نشر كل شيء وكان يجب اختيار بعد المقاطع منه..
فأجابه الطفل:
- ولكنك لم تُظهر سوى الاطفال الذين يبكون ويصرخون حتى ظن الناس أننا كلنا كذلك، رغم اننا لسنا مثلهم!
فرد عليه هزاز بتفهم:
- لا تنزعج فحتى لو ظنوا أنكم جميعا تبكون فهذا أفضل من أن تظهروا وكأنكم لا تهتمون! يجب ان نجعل الناس يتعاطفون معنا..
فرد الطفل غاضبا:
فرد الطفل غاضبا:
- لماذا ننتظر شفقتهم علينا ولا نظهر قوتنا.. نحن لسنا ضعفاء.. بل مقاومون أقوياء..
فأضاف طفل آخر:
- أجل هذا صحيح فانا لم ابكي
- ولا انا.. بل قلت أنني مع المقاومين ولكن هذا لم يظهر في التقرير..
وهنا تدخل فتى سمع حديثهم فوجدها فرصة ليدلي بدلوه هو الآخر:
-يبدو أن العم هزاز يحب أن يصور فقط الضعفاء الذين يشتمون المقاومين ويعتبرونهم السبب فيما حدث، فقد رأيت التقرير أيضا.. يبدو انك تكره المقاومين اليس كذلك يا عم؟
فوجئ هزاز من كلام ذلك الفتى الجريء، غير أن صالح- الذي لاحظ حرج صديقه- أسرع يوضح الموقف للفتى بقوله:
- لا يجوز ان تسيء الظن هكذا، فهزاز لم يكن يقصد ذلك بلا شك..
وبسرعة أخرج جهازه قائلا للاطفال بمرح وهو يأخذ وضعية التصوير:
- هيا استعدوا لتقولوا ما لديكم للعالم..
فتقافز الاطفال بحماسة ليقول أولهم بعزيمة:
- حتى إذا لم تتحركوا لتأديب المجرمين فنحن لن نستسلم وسنكون المقاومين القادمين وسنقضي عليهم جميعا، بإذن الله..
وقبل أن يتكلم الطفل التالي صرخ أحدهم:
- العم هزاز وقع..
فاغلق صالح جهازه وأسرع باتجاه هزاز ليسعفه، مخاطبا الصغار:
- سنكمل التصوير لاحقا ايها الابطال اما الان فيجب ان ننقل هزاز للمشفى فربما اغمي عليه من التعب والارهاق وسوء التغذية على الاغلب..
***
لم تمض سوى بضعة أيام على تلك الحادثة حتى انتشر خبر خروج هزاز من الجزء الغربي المحاصر من بلاد العزة، ورغم ما ذكره هزاز حول معاناته وصعوبة ذلك القرار وما لحقه من سوء وأذى؛ غير أن البعض بدؤوا بانتقاده والتشكيك فيه:
- كيف استطاع الخروج بسهولة وسط تلك الاحداث ورغم ذلك الحصار
- كنت اشك في امره من البداية، إذ كان يدعي انه يصور الاحداث ولكنه كان يتعمد دوما اظهار جزء منها فقط
- هذا صحيح فقد لاحظتُ ذلك أيضا، فلم يحدث أن صور الحقيقة الكاملة حتى نجح في جعل الناس يلومون المقاومين..
- رغم أنه بدا تغطية الاحداث والتصوير مع صالح ولكن حسابات صالح كانت تُحذف باستمرار أما حساباته فلم يحدث أن تعرضت لأي ضرر!
وهكذا بدأ الناس يتحدثون عن هزاز بسوء وتشكك مما ازعج صالح الذي حاول أن يوضح لهم بأن الظروف التي مر بها هزاز لم تكن سهلة، وقدرات الناس تتفاوت فلا يجب أن يلوموه أو يقارنوه بغيره، فقدرات الناس تتفاوت، وبالفعل استطاع صالح اقناع عدد كبير منهم بهذا المنطق، فيما تابع مهمته بعزيمة واصرار، حتى جاء ذلك اليوم الذي غيّر مجرى حياته تماما..
كان ذلك عندما أعلنت الهدنة المؤقتة، وبدأ الجميع يحاولون العودة لحياتهم تدريجيا دون أن يعرفوا كيف يفعلون ذلك! فالمنازل مهدمة والطرق مبعثرة، المستشفيات مكدسة وتحتاج الكثير من الاصلاحات، والخراب في كل مكان..
وهنا خطرت ببال صالح فكرة مفاجئة بالتعاون مع إحدى الجمعيات الصحية في الخارج لاقامة حملة تبرعات واسعة لإعادة بناء واصلاح مستشفى الاطفال، وبالفعل تمت هذه الحملة على نطاق واسع وحققت نجاحا كبيرا تحدث به الجميع حتى تمكنوا من جمع مبلغ ضخ من المال في مدة قياسية وجيزة جعلت صالح ورفاقه يحتفلون في ختامها باجواء مبهجة مرحة لتحقيق هذا الهدف، وبدأ أن كل شيء يسير على ما يرام، حتى فوجئ الجميع ببيان صادر عن إحدى الجهات يعلن أن تلك الحملة لم تكن رسمية ومشكوك في امرها، وكان من أوائل من عمل على المساهمة في نشر ذلك البيان هو رفيق صالح "هزاز"، والذي أخذ يوضح كيف أنه كان يحرص على توثيق كل الاموال التي ساهم في ايصالها للمنكوبين لأجل المصداقية، لأنه لا أحد يضمن نفسه، ويفترض أن يحرص الناس على عدم تسليم اموالهم إلا لأهل الثقة، ثم صور نفسه وهو يحمل رزم من النقود التي كانت تصله، وكيف كان حريصا على توثيقها لكي يطمئن الجميع، مشيرا إلى أنها مبالغ كبيرة أكبر بكثير مما جمعه صالح في حملته- بدون أن يذكر اسم صالح بصريح العبارة، غير أن الجميع عرف من يقصد بالطبع!
وكانتشار النار في الهشيم انتشر ذلك البيان، والذي لم يكد يراه الناس حتى استعر الشك في نفوس اغلبهم وبدؤوا ينظرون بعين الريبة والشك نحو صالح، حتى تجرأ البعض على وصفه باللص السارق!
وكانتشار النار في الهشيم انتشر ذلك البيان، والذي لم يكد يراه الناس حتى استعر الشك في نفوس اغلبهم وبدؤوا ينظرون بعين الريبة والشك نحو صالح، حتى تجرأ البعض على وصفه باللص السارق!
أما صالح الذي صدمه ما حدث، فلم يستطع تصديق ما سمعه بأذنيه وهو يسير في الطرقات:
- ايها اللص أعد نقود التبرعات
- انت حرامي وقد نجحت بخداعنا..
- أيها الساق لقد كشف امرك..
ومن لطف الله ب بصالح أن بادرت إحدى الشخصيات الكبرى المعروفة والمسؤولة عن المستشفى بتبرئته وتوضيح أن ما حدث كان سوء فهم واضح، غير أن الشائعات لم تتوقف، مما لم يترك الخيار لصالح سوى محاولة التأقلم معها ببساطة خاصة مع عودة الحرب مجددا بشكل أسوأ وكان عليه التركيز على مهمته ورسالته التي نذر نفسه لها صابرا محتسبا ابتغاء وجه الله..
***
مرت اشهر عصيبة على ذلك الجزء المحاصر القابع تحت حرب اجرامية أمام مرآى العالم وصمود الاهالي والمقاومين، حتى جاءت لحظة الفرج الذي انتظرها الجميع طويلا باعلان وقف الحرب، ليكون صالح أبرز من نقل ذلك الخبر وسط هتاف الجماهير وتكبيرهم وهم يحملونه على الاكتاف في أجواء سعيدة مبهجة أنست الناس الجراح والآلام لوهلة دون أن يدركوا أنهم على موعد مع فاجعة جديدة لم تكن تخطر لهم ببال!
فبينما كان المقاومون يعيدون تنظيم الامور وضبط الامن ويحاكمون الخونة؛ إذ انتشر خبر مفاجئ لاختفاء صالح!
ذكر احدهم أنه خرج من الصباح لتغطية بعض الاخبار الهامة.. لكن لا أحد يعرف ماذا حدث به بعد ذلك وبدأ الجميع يتساءل:
اين صالح؟
خلال ذلك لفت نظر البعض منشورا لهزاز يتساءل من الخارج عن احوال ذلك الجزء الغربي المحاصر من بلاد العزة:
"ما الذي يجري بالضبط؟!"
وبعدها بقليل نشر بقلق وهو يناشد العالم:
"هناك حرب أهلية ويجب ان تدخل قوات خارجية لحل المشكلة قبل أن يهلك الناس.."
لم يكد الناس في الداخل يسمعوا كلام هزاز منىالخارج حتى اصيبوا بصدمة وهو يتلفتون حولهم بذهول:
- حرب اهلية؟!!
- اين هي الحرب الاهلية؟!
فيما اسرع البعض يارسلون هزاز بقولهم:
- ما الذي تقوله يا هزاز ومن الذي ذكر لك عن وجود حرب اهلية؟
كل ما في الامر ان المقاومين يحاكمون الخونة والجواسيس!
وهنا تراجع هواز عن كلامه فمسحه، في حين نشر بعد ذلك خبرا محزنا وهو يذكره بأسف والم شديد:
- رحم الله صالح لقد وصلني خبر استشهاده إنا لله وانا اليه راجعون، يبدو أن مآسينا لن تنتهي وقلبي لن يتوقف عن الحزن والالم فقد كان صالح من خيرة الشباب..
لم يكد هزاز يقول ذلك حتى علق أحدهم:
- كيف تمدح شخصا سرق الملايين ولم يراعي الامانة؟
فرد عليه هزاز:
- لا تجب أن تقول ذلك فلديه أهل يجب ان تراعي مشاعرهم، ولندعو الله أن يغفر له ويرحمه..
فرد عليه آخر بتأثر:
- رغم كل ما فعله ما زلت تدعو له؟ كم أنت طيب يا هزاز، يؤسفني أن هناك من يسيء الظن بك ويتجرأ بالحديث عليك..
غير أن عدد كبير ممن كان يتابع هزاز خرجوا عن صمتهم وقد طفح بهم الكيل فجأة، خاصة بعد أن تأكدوا من خبر استشهاد صالح الذي قُتل على يد مجموعة من العملاء الخونة، فما كان منهم إلا أن هاجموا هزاز بقوة:
- هزاز.. ايها المنافق الخبيث، إلى متى تظن أن بامكانك خداع الناس؟!
في حين كانت هناك فئة لا تزال مصرة على ضرورة عدم اساءة الظن بهزاز، ومراعاة ظروفه العصيبة، ونفسيته المتعبة الحزينة التي تحملت كثيرا فوق طاقتها!!
***
رحل صالح.. بل ارتقى حيا لجنات عرضها السماوات والارض أعدت للمتقين، مستبشرا بما أعده الله لعباده الشهداء الصالحين، في حين عم الحزن العالم كله، إذ لم يتوقع أحد أن يُفجعوا بخبر كهذا بعد انتهاء الحرب، وكأنها رسالة صارخة أوصلها لهم صالح بكل وضوح لينتبهوا، خاصة لاولئك الذين سيأتون بعده ليكملوا مسيرته:
"هم العدو فاحذرهم"
***
تمت
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
انقر لإبداء عدم إعجاب.0انقر لإبداء إعجاب.1
Last edited on 2025-11-04, 8:58 م by زينب جلال
وليد امعوش has reacted to this post.
وليد امعوش
