Please or التسجيل to create posts and topics.

آيات للمانجاكا. حكمة آية: درس في التواضع والاعتدال.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

مشاركتي في فعالية 

#ايات_للمانجاكا 

عن فئة المؤلفين.(قصة قصيرة) 

حكمة آية:درس في التواضع والاعتدال. 

حدث انه في قريةٍ صغيرة هادئة، كان هناك شاب يدعى بدر، نشأ في بيت متواضع، وكان ملما بحب القرآن، منذ صغره، اعتاد الذهاب إلى المسجد لحضور دروس الشيخ عبد الله، وكان يجد في تلاوة القرآن راحة لقلبه، ونورا لعقله،ولم يكن بدر يدرس ويتلو القرآن لمجرد الحفظ، بل كان يسعى لفهم معانيه والعمل بها، كان كلما حفظ سورة جديدة، جلس بعد الصلاة يتدبر آياتها، ويتأمل في حكمتها،وذات يوم وهو يقرأ سورة لقمان،ويتدبر في معاني آياتها استخرج دروسا قيمة عن الحكمة، والبر بالوالدين، والتواضع، وحسن الخلق. وبينما كان يراجعها في المسجد، جلس تحت ظل شجرة قريبة، وأخذ يكرر الآيات بصوتٍ خاشع:  

 

{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [سورة لقمان: الآيات 18-19].  

توقف بدر قليلًا، وشعر أن هذه الآيات تحمل رسالة مهمة. لكنه أراد أن يفهمها أكثر، فذهب إلى شيخه عبد الله، وقال له: يا شيخ، أشعر أن هذه الآيات تخاطبني، لكنها تحمل معاني لم أفهمها رغم تكرار قراءتي للآيات، فهل يمكن أن تشرحها لي؟

ابتسم الشيخ عبد الله، ونظر إلى بدر بحنان، وقال:  

يا بني، القرآن مليء بالحكم والعبر، وهذه الآيات تحذرنا من الكبر والغرور، وتأمرنا بالتواضع والهدوء. 

وتساءل بدر كيف ذلك يا شيخ؟ 

رد عليه الشيخ سأروي لك قصة رجلٍ من قريتنا تعلم درسا مهما عن التواضع والاعتدال من خلال هاته الآيات الكريمة. 

ثم بدأ الشيخ يروي القصة، بينما جلس بدر مصغيًا بكل جوارحه.  

في هذه القرية، كان هناك تاجر يُدعى (عبد الرحمن) كان من أغنى الرجال في القرية وكان هو سيد السوق. كان يملك متاجر كبيرة، وقوافل تجارية تأتي إليه من المدن البعيدة. لكنه كان مغرورًا بثروته، يسير في السوق برأسٍ مرفوع، وكأنه فوق الجميع.  

كان يمر بالفقراء دون أن يُلقي عليهم السلام ولا ان يساعدهم بانفاق بعض من ماله، وإذا جاءه أحد يطلب المساعدة، رفضه بازدراء. كان يرى أن المال هو الذي يحدد قيمة الإنسان، وكان يعتقد أنه لن يحتاج لأحد أبدًا.  

كان صوته مرتفعا عندما يتفاوض مع التجار، وكان يضحك بصوت عالٍ، غير مبال بمن حوله، لم يكن يستمع إلى نصائح الكبار، وكان يسير في السوق متبخترا، وكأن الأرض لا تحمله من شدة غروره، وحصل انه في احد ايام السوق كان هناك رجل حكيم جالس عند مدخل السوق، ورأى عبد الرحمن يمر من أمامه، فتمتم الحكيم قائلًا:

{إِنَُ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} 

لكن عبد الرحمن لم يلتفت، فقد كان يظن نفسه فوق الموعظة.  

وكان ينتظر وصول سفينة كانت تحمل مجموعة من السلع والبضائع القيمة، وكانت تحتوي على شحنة كبيرة من القماش والبهارات والذهب، كلها ملك لعبد الرحمن. لكنه لم يكن يعلم أن القدر يخفي له مفاجأة.

هبت عاصفة قوية، وقبل أن يتمكن البحارة من إنقاذ الشحنة، غرقت السفينة بالكامل! لم ينج منها شيء، وضاع كل ما يملك.

عندما انتشر الخبر في القرية، صدم الجميع، لكنه كان صدمة أكبر لعبد الرحمن. فقد خسر رأس ماله بالكامل، ولم يعد يملك شيئًا ليشتري به بضائع جديدة.  

حاول اقتراض المال من التجار الذين كان يحتقرهم، لكنه وجد الأبواب مغلقة. لم ينس أحد كيف كان يعاملهم، ولم يمد له أحد يد العون.وشعر بالضعف من ذلك وأدرك أنه وحيد تماما.  

في حين لم يجد مخرجا لابتلائه، نصحه أحد الرجال بأن يذهب إلى شيخ القبيلة، المعروف بحكمته.  

وصل عبد الرحمن إلى بيت الشيخ، لكنه لم يكن يمشي بنفس الطريقة التي كان يمشي بها في السوق. كان رأسه منخفضًا، وصوته خافتًا. جلس أمام الشيخ وقال بحزن:  

يا شيخ، لقد خسرت كل مالي، ولا أعلم ماذا أفعل؟ 

نظر إليه الشيخ بحكمة، وقال بصوت هادئ:  

يا عبد الرحمن، ألم تقرأ قول الله تعالى في سورة لقمان؟

{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ. وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}[سورة لقمان الايات 19.18]

شعر عبد الرحمن أن الآيات كانت تخاطبه مباشرة. أطرق رأسه وقال:  

لكن يا شيخ، ما علاقة ذلك بما حدث لي؟

ابتسم الشيخ وقال:  

يا بني، لقد كنت تتكبر على الناس، وترفع صوتك، وتمشي في الأرض مختالًا، كأن المال سيبقى معك للأبد. كنت تعامل الناس بازدراء، فهل تتوقع منهم أن يعاملوك بالحسنى عندما احتجت إليهم؟

أدرك عبد الرحمن حينها أن سقوطه لم يكن مجرد خسارة للمال، بل كان درسًا من الله.  

ومنذ ذلك اليوم، قرر عبد الرحمن أن يبدأ من جديد. بدأ يعمل في السوق كأي رجل بسيط، يساعد التجار الصغار، ويعامل الناس بتواضع.  

كان يشتري البضائع القليلة، ويبيعها دون جشع، ومع مرور الوقت، بدأ يكسب رزقه مرة أخرى. لكنه هذه المرة، كان مختلفا. كان ينفق جزءًا من ماله على الفقراء، يبتسم للناس، ويخفض صوته عند الحديث.  

ولأول مرة، شعر أن المال ليس كل شيء، بل الأخلاق هي التي تجعل الإنسان عظيمًا. 

بعدما انتهى الشيخ عبد الله من القصة، نظر إلى بدر وقال:  

يا بني، هذه الآيات تعلمنا أن التكبر لا يدوم، وأن التواضع هو سر النجاح الحقيقي. المال قد يأتي ويذهب، لكن الأخلاق تبقى. فليكن حديثك هادئا، ومشيتك متزنة، ولا تجعل المال أو الجاه يخدعانك. فكل شيء يمكن أن يزول في لحظة.

ابتسم بدر وقال: جزاك الله خيرًا يا شيخ! سأحفظ هذا الدرس طوال حياتي.

ومنذ ذلك اليوم، لم يعد بدر يقرأ القرآن فقط، بل كان يعيش معانيه، ويسعى لتطبيقها في حياته.  

#ايات_للمانجاكا 

#نبراس_المانجاكا

#مدرسة_الفروسية