
رواية "تركته لأجلك!!"

اقتبس من زينب جلال في 2025-01-14, 5:54 م
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
رواية "تركته لأجلك!"
(تليها انطباعات وتفاعل القراء من الارشيف..^^)
رواية "تركته لاجلك" هي رواية متسلسلة تم نشر الجزء الاول منها على منتدى مكسات أول مرة عام 2013، حيث كانت تنزل الاجزاء بشكل متسلسل على فترات متباعدة أحيانا، فيما حصدت تفاعلا جميلا بفضل الله من اعضاء المنتدى خلال نشرها في ذلك الوقت- كان فوق توقعاتي بصراحة ما شاء الله لا قوة الا بالله والحمد لله لا زال تأثير ذلك يسعدني بفضل الله^^- وقد تم الانتهاء من نشر قسمين كاملين منها بفضل الله على منتدى مكسات، والحمد لله اصبح بإمكانكم الان قراءتها عبر موقع نبراس المانجاكا بشكل حلقات متسلسلة، من هنا:
https://nebrasmangaka.com/2023/04/i-left-it-for-you/
ونظرا لاغلاق منتدى مكسات، فقد شعرت أنه من الجميل نقل انطباعات القراء هنا،والتي استطعت الوصول لها من خلال رابط الارشيف:
(للاسف لم يتم حفظ اكثر من 7 صفحات من الارشيف وقدر الله وما شاء فعل، والحمد لله انه تم حفظ الصفحات الاولى ^^)
https://web.archive.org/web/20230721111952/http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=1068790
وهنا سأنقل لكم ذلك بطريقة النسخ واللصق، وارجو المعذرة لضياع التنسيقات الاصلية:
الكلمات الدلالية (Tags): غير محدد
امة القادرsaid:28-05-2013 17:06
تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
تركته لأجلك!!
شهقت الآنسة ناديا - المسؤولة عن تقييم اللوحات في معهد الفنون الراقي- عندما وقعت عيناها على لوحة سوسن:
- أنت مدهشة فعلا يا سوسن، لا تزالين في المقدمة كعادتك!
فابتسمت سوسن بتواضع:
- هذا جزء لا يذكر أمام ابداعك يا آنسة ناديا..
وأسرعت الفتيات بالتحلق حول اللوحة التي تناسقت ألوانها لتنسجم مع خلفيتها بذوق رفيع، مصورة شابا وسيما ممتطيا حصانا أبيض في أجواء حالمة، علقت عليها سوسن موضحة:
- سأهديها لخطيبي في عيد ميلاده
ولم تستطع معظم الفتيات إخفاء غبطتهن الشديدة أو ربما حسدهن لسوسن، تلك الفتاة الثرية الأنيقة و الجميلة والتي تحصل على كل شيء تريده، ولم تملك اثنتين منهن أن تتهامسا بهذا الشأن:
- إنها تخطف الأضواء دائما
- فتاة محظوظة بلا شك، حتى عطرها الفريد الذي تستعمله، أظنه صنع خصيصا لأجلها فقط!
ورغم جميع تلك النعم المحيطة بسوسن إلا أنها كانت لا تساوي شيئا عندها إذا ما فكرت بخطيبها أيهم، ذلك الشاب الذي يجاريها مكانة وثراء، بل إنه الشخص الوحيد الذي كانت على ثقة تامة بأنه لم يتقدم لخطبتها من أجل مالها أو مكانة والدها فهو لا ينقصه شيء من هذا ولا ذاك وقد سطع نجمه وغدا الأشهر في هذه المدينة، غير أن القلق بدأ يساور قلبها في الآونة الأخيرة خاصة بعد انتقال أيهم إلى مبنى المعهد نفسه ..
كان المعهد يتكون من طابقين بنيا على أحدث طراز يندر أن يرتاده أحد من الطبقة المتدنية ولا حتى المتوسطة، خصص الطابق الثاني فيه للفنون الجميلة، في حين انتقلت فرقة أيهم الموسيقية للطابق الأول.. أيهم، ذلك العازف المحترف الموهوب ساحر الفتيات والذي ما أن ذاع نبأ خطبته حتى أغمي على الكثيرات اللاتي بنين أحلامهن الوردية معه، لا سيما وقد تصدرت صور سوسن أغلفة الصحف والمجلات بصفتها خطيبة هذا النجم اللامع، فقطعن الأمل تماما بلفت أنظاره إليهن إذ لم يكن يجارين خطيبته جمالا ولا مكانة ولا جاذبية..
لم تكد سوسن تنهي حديثها عن تلك اللوحة حتى دخل أيهم ليلقي التحية على الجميع بشكل عام قبل أن يحيي خطيبته بشكل خاص، وسط النظرات الحاسدة:
- كيف كان نهارك يا ملاكي؟ لقد أنهيت الاشراف على الفرقة هذا اليوم، هل أصطحبك إلى المنزل؟
وقبل أن تتمكن سوسن من مداراة لوحتها عنه خشية أن تفسد المفاجأة، انتبه لها أيهم فأطلق صافرة إعجاب شديدة:
- إنها صورتي!! ما هذا الفن الراقي الذي تتميز به أناملك الرقيقة يا فاتنتي!!
فاحمرت وجنتا سوسن قائلة:
- إنها المفاجأة التي وعدتك بها..
فحضنها أيهم هاتفا:
- آه يا حبيبتي، كيف أشكرك!! إنها أغلى هدية رأيتها!
وعلى خلاف ظن معظم الفتيات اللاتي كن يتابعن المشهد دون تحفظ، لم تكن سوسن من النوع الذي يحب افصاح المشاعر بهذا الشكل السافر أمام الآخرين، بل كان يضايقها ذلك لأسباب كثيرة، ورغم أنها حدثت أيهم بهذا من قبل إلا أن كلامها بدا لا يعبر أذنه الأولى حتى يطير من الأذن الثانية..
كم كانت تؤلمها تلك النظرات المسددة نحوهما كالسهام الحارقة، لماذا لا يراعي مشاعرهن على الأقل!! هذا عوضا عن الفتيات اللاتي بدأن يحكن الخطط للفت أنظار أيهم اليهن وكأنهن في معركة تحدي سافرة، يراهن فيها على كونهن يستطعن كسب وده رغم انفها، خاصة تلك الفتاة المتعجرفة سورا التي ما أحبت سوسن قط وقد احترقت غيظا بمجرد أن علمت بخطبة أيهم لها، لا سيما وقد كانت تمني نفسها منذ وقت طويل بأن تكون العروس المرتقبة له ولم تستسلم بعد!
كانت سوسن تحلم بحياة سعيدة هادئة مع زوج محب على غرار قصص الأبطال الخيالية "وتزوجا وعاشا بأمان ونبات وأنجبا البنين والبنات"، غير أن تصرفات أيهم لا تبشر بذلك الاستقرار الذي ترنو إليه نفسها، وقد تكون هذه هي مشكلة النجوم والمشاهير بشكل عام غير أنها تركت أثرها العميق في نفس سوسن و هي ترى العداوات تظهر أمامها سفاحا يوما بعد يوم، حتى تجرأت احداهن أن تتهامس مع زميلاتها متعمدة اسماعها ما تقوله عنها:
- هل تعلمن أن والد سوسن هو من دفع بابنته لأيهم؟؟
غير أن احداهن تصدت لها بقولها:
- ولم يفعل ذلك!! أنت تعرفين أنه ما من شاب في المدينة إلا وتمنى سوسن زوجة له، يكفي أنها على مالها وجماله ذات خلق نبيل؟؟
فترد عليها الأخرى:
- أكل هذا الدفاع عن سوسن من أجل ما قدمته لك ذلك اليوم! انها تشتري الناس بأموالها...
فقاطعتها بحدة:
- بل بأخلاقها ونبلها وطيبتها ثم إنني لست بحاجة لمن يشتريني بفضلات ماله إن كنت تفهمين!!!
كل ذلك وسوسن تتظاهر بأنها لا تسمع شيئا وهي غارقة في رسم لوحتها والألم يعتصر قلبها حتى كاد يمزقه!
حتى جاء ذلك اليوم الذي غير مجرى حياتها للأبد، فاتحا لها أبواب جديدة على مصراعيها ونوافذ مغلقة لم تكن تدرك أنها موجودة حاجبة عنها النور..( يتبع الجزء الثاني إن شاء الله)
امواج السرابsaid:29-05-2013 19:36
رووووووووووووووووووعة
هذة البداية الجميلة ...تظهر في طياتها ملامح رواية رائعة
اني اتحرق شوقا للجزء الثاني
اعتبريني اول المتابعات
دمتي بود
أشواق المختارsaid:29-05-2013 20:31
أحببت القصة
حزنت على سوسن كثيرا ,
تحمل الرواية الحقيقة في مشاعر البشر بين الحسد ,الحب,الغيرة,التفاخر,الولاء
أكملي فالرواية غنية بما فيها ..حياكم لكتابة رأيكم في رواياتي عبر القود ريدوز
روايات اشواق
https://www.goodreads.com/book/show/...om_search=true
14 يوما في كابوس مثير
https://www.goodreads.com/book/show/22840248-14
أمواج المحيطsaid:30-05-2013 11:57
السلام عليكم
انطباعي الأول هو أن القصة جيدة .. إلا أن الأحداث غير واضحة بعد بما يكفي لأحكم عليها فربما تكون كلمة "جيدة" لا تكفي بحقها
بدا لي وكأنك كنتِ تكتبين بسرعة .. إذا كان كذلك صحيحاً فأرجو أن تأخذي راحتكِ في الكتابة فقد أعجبني تنوُّع الشخصيات رغم أننا مازلنا في البداية
سوسن .. بدت وكأنها إحدى الشخصيات المثالية .. مال وجمال وأخلاق! لكني أتوقع شيئاً أفضل منكِ ذلك
أيهم .. بدا لي مستهتراً .. ربما لأن هذا هو تصوري للأشخاص لنجم شاب .. بالذات إذا كان عازفا لفرقة موسيقى صاخبة كما تخيلتهعلى أية حال .. بانتظارك
اللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمدأسباب في غاية القصر والبساطة للكتابة للمؤلف أحمد مشرف:
https://drive.google.com/file/d/0B-LfJc_YRsHobjVQcTh1UHl3dkE/view
امة القادرsaid:01-06-2013 05:39
شكرا لك أمواج السراب لهذه الحماسة المشجعة(:
يسعدني أن تكوني أول المتابعات وأتمنى أن أكون عند حسن ظنك(؛***
كما ذكرتِ عزيزتي "جوانا" هذه محاولة لتسليط الضوء على مشاعر البشر، وسيتضح ذلك بشكل اكبر فيما بعد ان شاء الله، اتمنى أن تجدي فيها ما يستحق الاهتمام والمتابعة
وشكرا لمرورك(:السلام عليكمانطباعي الأول هو أن القصة جيدة .. إلا أن الأحداث غير واضحة بعد بما يكفي لأحكم عليها فربما تكون كلمة "جيدة" لا تكفي بحقها
بدا لي وكأنك كنتِ تكتبين بسرعة .. إذا كان كذلك صحيحاً فأرجو أن تأخذي راحتكِ في الكتابة فقد أعجبني تنوُّع الشخصيات رغم أننا مازلنا في البداية
سوسن .. بدت وكأنها إحدى الشخصيات المثالية .. مال وجمال وأخلاق! لكني أتوقع شيئاً أفضل منكِ ذلك
أيهم .. بدا لي مستهتراً .. ربما لأن هذا هو تصوري للأشخاص لنجم شاب .. بالذات إذا كان عازفا لفرقة موسيقى صاخبة كما تخيلتهعلى أية حال .. بانتظارك
أعجبني تحليلك وقوة ملاحظتك، فعلا هذه القصة مكتوبة على عجالة لكن لم أتوقع أن يتم ملاحظة ذلك بهذه السرعة(؛
كانت في الحقيقة مسودة قديمة وجدتها في أوراقي اثناء محاولتي نفض الغبار عليها، ثم خطر لي أن أقوم بطباعتها ما دامت مكتوبة على اية حال، فمن يدري..قد تكون ذات فائدة!!
فما رأيك.. هل اتابع طباعتها أم لا داعي لذلك إذ لا وقت لدي للتأني فيها أكثر هذه الأيام؟؟؟
امممم حسنا بما أنني كنت أنوي اضافة الجزء الثاني، فسأضيفه ان شاء الله ومن ثم نسمع رأيك(؛
شكرا لوقفتك الناقدة
في امان الله(:
امة القادرsaid:01-06-2013 05:56
الجزء الثاني..
لم تكن سوسن تدرك حجم ذلك التغيير الذي سيحدث في حياتها، عندما التحقت نور بالمعهد أول مرة لافتة أنظار الجميع لحجابها الساتر، إذ لم يعتد أحدهم رؤية فتاة بذلك الشكل تلج هذا المكان بالذات، خاصة وهي تدخل بثقة وشموخ لتتجه مباشرة نحو المسؤولة مسلمة عليها قائلة:
- أود الالتحاق بهذا المعهد لمدة شهر ان شاء الله من أجل صقل موهبتي في الرسم..
ثم أضافت بعد أن أدارت وجهها في المكان وقد بدا عليها التوجس من بعض اللوحات:
- أريد رسم لوحات الطبيعة وحسب!
فرمفتها المسؤولة باستياء معلقة:
- اسمعيني يا هذه، لا مجال للتعقيد هنا، فإذا كنت ترغبين بمناقشة الحلال والحرام فهذا ليس مكانه!!
فتداركت نور قائلة بأدب:
- عفوا، نا لم أقل شيئا من هذا القبيل، كل ما قصدته هو أنني أرغب برسم لوحات الطبيعة وحسب، فلدي الموهبة بفضل الله ولكنني أريد صقلها، وقد علمت أن هذا هو المعهد الوحيد الذي أجد فيه مشرفات من النساء
لم يرق كلام نور للمسؤولة كثيرا، وهمت بأن توضح لها بأن هذا المكان لم يتعمد احضار المشرفات من أجل وجهة نظرها تلك وكأنها تدفع تهمة عنه، غير أنها اكتفت بقولها:
- التكلفة باهظة هنا!
فأخرجت نور محفظتها ووضعت النقود على الطاولة مردفة:
- تفضلي، لقد اطلعت على أسعاركم وهي معقولة نسبيا..
وما أن وضعت نور النقود على المنضدة حتى تغيرت ملامح وجه المسؤولة، في حين أخرجت نور مبلغا اضافيا قائلة:
- إن كان يتوجب علي دفع مبلغ اضافي مقابل تحديد الفرع الذي أنوي رسمه فلا مانع لدي..
لم يتطلب الأمر أكثر من بضع لحظات أخرى حتى استلمت نور أدواتها متجهة نحو الزاوية التي حددتها لها الآنسة ناديا لتبدأ أولى أعمالها في المعهد، ورغم أن نور ألقت التحية على الفتيات بابتسامة محببة إلا أن النظرات المحدقة بها لم تخلو من استهجان لمظهرها مع بضع همسات من هنا و هناك، غير أن نور لم تبد اكتراثا بذلك كله بل أخذت مكانها بينهم بثقة. وحدها سوسن نهضت من مكانها وبادرت بالترحيب بها وهي تمد يدها مصافحة:
- أهلا بك بيننا، اسمي سوسن..
فشدت نور على يدها بحرارة:
- تشرفت بمعرفتك، وانا اسمي نور..
و سرعان ما انسجمت الفتاتان مع بعضهما و كأنهما على معرفة سابقة رغم تناقض مظهرهما الخارجي الشديد، حتى أن سوسن استأذنت الآنسة ناديا بنقل حاجياتها إلى جوار نور، فأذنت لها بنبرة محذرة:
- ولكنك ستكملين اللوحة التي بدأتها يا سوسن قبل أن تفكري برسم لوحة طبيعية!
فابتسمت سوسن مطمئنة:
- بالتأكيد.. فلم يخطر هذا ببالي يا آنسة!
ولأول مرة من مدة طويلة شعرت سوسن براحة تغمر خلايا قلبها القلقة فاستعادت حيوتها التي فارقتها من أسابيع، وغدا لرسمها إلى جوار نور طعم آخر لم تتذوقه من قبل، بل انها شعرت بانجذاب غريب نحو نور لم تعرف كنهه وكأنها الملاك الذي كانت تنتظره ليخلصها من همومها ويجد لها حلا لجميع مشكلاتها، وما أن استقرت هذه الخاطرة في رأسها حتى تملكتها رغبة عارمة لمعرفة تفاصيل حياة هذه المنقذة، ولم تتردد نور لحظة واحدة بالاجابة عن اسألتها التي اقتصدت فيها سوسن وهي تحاول من خلالها أن تستشف أخبار نور دون أن تبدو فضولية..
قالت نور:
- لطالما حلمت بتجسيد ما أراه من مناظر طبيعية خلابة أمامي على لوحات تتجلى فيها عظمة الخالق وبديع صنعه.. إنني أهوى الطبيعة والتأمل فيها.. بل انني اعشقها.. إنها تعني لي الكثير..
و تابعت باسمة:
- وبما أنني أنوى اخراج لوحات على مستوى عال، فقد اقترح علي زوجي بعد انتقالنا لهذه المدينة الالتحاق بهذا المعهد لا سيما وأن لدي وقت فراغ كبير أثناء انشغاله بعمله..
علت الدهشة وجه سوسن بداية لكنها سرعان ما ابتسمت قائلة:
- لا شك أنك عروس جديدة اذن!
فبادلتها نور ابتسامتها:
- أجل فلم يمض على زواجنا أكثر من شهرين..
وقبل أن تضيف أي منهما كلمة أخرى رن هاتف نور، فاعتذرت وهي تنهض قائلة:
- لم أنتبه لمرور الوقت لقد جاء زوجي..
و بعد أن صافحت سوسن بمودة، اتجهت نحو الآنسة ناديا:
- سأكمل اللوحة في الغد إن شاء الله فلن أستطيع التأخر أكثر هذا اليوم..
و لم تكد نور تغادر القاعة حتى أسرعت الفتيات - اللاتي كن يتستمعن الى حديثها باهتمام شديد- إلى النافذة وهن يتابعن خطاها المتجهة نحو سيارة فارهة ، حتى قالت إحداهن وأكثرهن فضولا:
- كما توقعت.. معقد مثلها!!
ولأول مرة وجدت سوسن في نفسها رغبة لمشاركتهن الحديث وهي تعلق باسمة:
- لا أدري كيف استطعتن رؤية ملامحه من هذه المسافة!
وتمتمت أخرى بصوت مسموع وهي تستمع الى الوصف الدقيق الذي وصفت به زميلتها ذلك الشاب الملتحي:
- غريبة! ارستقراطيون ومعقدون!!!
فقالت سوسن:
- وما الغريب في ذلك!! اليست هذه حرية شخصيـ...
و بترت عبارتها اثر شعورها بيدين تطوقان خاصرتها من الخلف، فالتفتت بسرعة لتجد ايهم ينظر اليها بحب مكملا جملتها، قبل أن يتيح لها فرصة الاعتراض على تصرفه المفاجئ:
- حرية شخصية يا عزيزتي، اليس كذلك!!
لم تستطع سوسن الرد بكلمة واحدة وهي تحاول التواري عن الانظار المحيطة بها وفي عينيها ابلغ كلام:
- لماذا يا أيهم! إلى متى تحرجني بهذه التصرفات!!
غير أن أيهم سرعان ما قدم لها هديته قائلا:
- لقد انتقيت هذا الثوب خصيصا لك يا فاتنتي الجميلة، سأمر عليك هذه الليلة لأصطحبك إلى حفل خاص، فلن يروق لي أي مكان في هذا العالم دونك..
فتساءلت سوسن باستغراب:
- ألم تخبرني بأن الحفل سيقام الشهر القادم؟
فابتسم أيهم بعذوبة:
- أجل ذلك حفل النجوم، ولكن حفلة الليلة خاصة جدا، إنها على شرف كبار المسؤولين وقد دعيت اليها كواحد منهم..
* * *
ظلام...ظــــــــلام....ظـــــــــــــــــلام...
أخذت سوسن تجري وقد تقطعت انفاسها وخارت قواها هربا من تلك الايادي التي تحاول الامساك بها، كانت تجري وتجري وسط الظلام التام ولكن الى اين!! فكل ما حولها هو الظلام وحسب، حاولت أن تصرخ.. أن تستغيث.. دون جدوى فقد ضاع صوتها في حلقها قبل أن يخرج.. ظلام في كل مكان هذا كل ما تراه.. أو أنها لم تكن ترى شيئا أصلا...أرادت أن تهتف باسم فارسها ايهم لعله يأخذ بيدها ويطير بها على صهوة جواده الأبيض، لكنها لم تفلح.. لقد ضاع كل شيء ولم تعد تشعر بأي شيء...
وبصعوبة شديدة استطاعت فتح عينيها أمام نور بسق فجأة أمامها ، فغطت وجهها بيديها لتتمكن من الابصار، فإذا بشمس الصباح المتسللة من بين طيات الستارة تداعب وجهها دون استئذان وهي تنشر الدفء في المكان، حتى أدركت سوسن أخيرا أنها لا تزال فوق سريرها بعد أن ارتمت عليه بتهالك اثر عودتها من الحفلة، فالتقطت انفاسها اللاهثة:
- لقد كان كابوسا مزعجا!
ثم نهضت من فراشها بسرعة وهي تحدث نفسها:
- أرجو أن لا أكون قد تأخرت على المعهد، فعلي انجاز لوحتين على الأقل قبل نهاية الاسبوع!
وبسرعة نادت الخادمة متسائلة:
- هل أعد مرزوق السيارة؟
فأجابتها الخادمة بتلعثم وهي تحاول ايجاد مبرر لتصرفها:
- لقد ظننتك تنوين البقاء في المنزل هذا اليوم يا سيدتي، فقد عدت في ساعة متأخرة.. و كنت مرهقة جدا ليلة الامس.. لذلك قلت لمرزوق عندما سألني....
لم تستطع سوسن الانتظار كعادتها لسماع كلام الخادمة كله فاستعجلتها بقولها:
- حسنا حسنا لا بأس، سآخذ سيارة أجرة
فاستوقفتها الخادمة بقلق:
- لا تستطيعين ذلك يا سيدتي سيغضب سيدي إن خرجت بمفردك!
فتنهدت سوسن وهي تستذكر تعليمات الحماية الصارمة الموجة لها خصيصا، كونها الابنة الوحيدة لرجل الأعمال الكبير كارم، فالأعداء كما يقول والدها يتربصون بأصحاب النجاح دائما ولا بد من أخذ الحيطة والحذر، رغم أنها شخصيا لا تؤمن بذلك أبدا ولا يمكنها تخيل عدو أخطر من سورا ومن شابهها عليها، لكنها استسلمت لرغبة والدها وهي توجه حديثها للخادمة:
- اذن اطلبي منه أن يعد السيارة في أسرع وقت ممكن، فسأذهب إلى المعهد..
لم تكن سوسن ممن يعير اهتماما كبيرا للأحلام، لذا لم تكن الكوابيس لتترك أثرا يُذكر في حياتها، غير أن هذا الكابوس بالذات جعلها عازمة على مكاشفة أيهم بموضوع كان يؤرقها من فترة طويلة وقد آن أوان التخفف من عبئه.. حتى أنها همت بارسال رسالة نصية له تخبره عن رغبتها في الحديث معه بأمر مهم لكنها سرعان ما عدلت عن ذلك، فما زال النهار في أوله وستقابله في المعهد على أية حال..
......
أمواج المحيطsaid:03-06-2013 09:41
السلام عليكم
سألتني عن رأيي.. رغم اني كنتُ أريد أن أكتفي بقول بأن هذه قصتكِ وعليكِ ألا تهتمي برأي أحد
لكن حين قرأت الجزء الثاني أستطيع أن أقول لكِ بثقة: أكملي من فضلك!توقعت بأن مصيبة ما ستنزل على رأس البطلة لتغير حياتها ، فهذا ما يحدث عادة
لكنكِ خالفتِ توقعاتي حقاً! ما شاء الله
خاصة بأني كنتُ سأسألكِ عن سبب تسميتكِ للأبطال بأسماء عربية ، فشخصية أيهم كانت تعبث برأسي فكأن أي اسما أجنبيا كان سيبدو أكثر ملاءمة له
كما أن شخصية الفتاة سورا بعثت في قلبي الشك أكثر ، ربما لأني أقرأ قصة أخرى فيها فتاة يابانية بنفس الاسممر زمن طويل لم اقرأ فيه قصة هكذا .. قصة تتحدث عن الاسلام ، اشتقتُ حقاً لهذا النوع من القصص!
كما أن الجزء الثاني ليس بسرعة الجزء الأول الذي يبدو الآن مجرد مقدمة وحسب
إذا كانت بقية الأجزاء بمستوى هذا الجزء فأرى بأن القصة كأحداث وهدف لم تتأثر بشكل سلبي كما كنتُ أظن أنه قد يحدث
فرغم أنك كتبتها على عجالة -كما قلتِ- لكن لها رونقاً جميلا يجذبني إليهابانتظار الجزء القادم
في حفظ الله
امة القادرsaid:05-06-2013 13:15
السلام عليكمسألتني عن رأيي.. رغم اني كنتُ أريد أن أكتفي بقول بأن هذه قصتكِ وعليكِ ألا تهتمي برأي أحد
لكن حين قرأت الجزء الثاني أستطيع أن أقول لكِ بثقة: أكملي من فضلك!توقعت بأن مصيبة ما ستنزل على رأس البطلة لتغير حياتها ، فهذا ما يحدث عادة
لكنكِ خالفتِ توقعاتي حقاً! ما شاء الله
خاصة بأني كنتُ سأسألكِ عن سبب تسميتكِ للأبطال بأسماء عربية ، فشخصية أيهم كانت تعبث برأسي فكأن أي اسما أجنبيا كان سيبدو أكثر ملاءمة له
كما أن شخصية الفتاة سورا بعثت في قلبي الشك أكثر ، ربما لأني أقرأ قصة أخرى فيها فتاة يابانية بنفس الاسممر زمن طويل لم اقرأ فيه قصة هكذا .. قصة تتحدث عن الاسلام ، اشتقتُ حقاً لهذا النوع من القصص!
كما أن الجزء الثاني ليس بسرعة الجزء الأول الذي يبدو الآن مجرد مقدمة وحسب
إذا كانت بقية الأجزاء بمستوى هذا الجزء فأرى بأن القصة كأحداث وهدف لم تتأثر بشكل سلبي كما كنتُ أظن أنه قد يحدث
فرغم أنك كتبتها على عجالة -كما قلتِ- لكن لها رونقاً جميلا يجذبني إليهابانتظار الجزء القادم
في حفظ اللهوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله أن الجزء حاز على اعجابك، واتمنى أن لا تخيب الاجزاء القادمة ظنك(؛
على كل حال جزاك الله خيرا لهذا الاطراء، علما بأنك حمستني لطباعة جزء طويل نسبيا للجزء الثالث ان شاء الله(:
بانتظار آراءك المستنيرة دائما، وشكرا لحسن ذوقك ولطفكقريبا سأحاول انزال الجزء الثالث بإذن الله، فكوني مستعدة للنقد(؛
في امان الله
امة القادرsaid:05-06-2013 15:51
الجزء الثالث..
اسندت سوسن الجانب الأيمن من رأسها إلى نافذة السيارة، سارحة بنظرها للشوارع التي تقطعها سيارتها باتجاه المعهد، ومئات الأفكار والخواطر تجول في ذهنها وتصول.. موضوع مشاركتها في معرض الفنون الذي سيقام لأول مرة في المدينة بعد اسبوعين، انها فرصتها الذهبية لسطوع نجمها في عالم المحترفين كما أخبرتها الآنسة ناديا، لكنها لن تتمكن من المشاركة فيه إن لم تنجز عشر لوحات على الأقل، فهذا معرض عالمي، وسيشارك فيه عشرات الفنانين المشهورين، ولن تقبل فيه مشاركات المبتدئين إلا إن اعتمدت من اللجنة العليا للتقيم.. وتنهدت بعمق:
- هل تراني أنجح في هذه التجربة!!
لكن كلمات الآنسة ناديا المشجعة طمأنتها بعض الشيء، فانتقل فكرها لموضوع آخر.. حفلة الأمس التي قضتها برفقة أيهم.. وما أن طرق اسمه مخيلتها حتى ارتبكت واحمرت وجنتيها و خفق قلبها بشدة، ألهذه الدرجة تحبه!! حتى أن ذكر اسمه يترك اثره العميق في نفسها .. وتأوهت بألم وهي تحاول مدافعة بعض الهواجس التي تعكر مزاجها بين الفينة والأخرى، كم تتمنى أن تشعر بالراحة والاطمئنان، أليس الحب هو مفتاح السعادة!! فما بالها لا تشعر إلا بالقلق والعذاب كلما تذكرت ذلك الحب!! أهذه حقا هي آثار الحب وأشجانه التي طالما سمعت عن آهاتها بين المحبين!! ألا يوجد حب أكثر راحة وطمأنينة!!!
وعندما وصلت إلى هذه النقطة بالذات لفت انتباهها مشاهد بعض الأزواج أو ربما الأصدقاء، وهم يتمشون في أحد المنتزهات في طريقها، وشعرت برغبة عارمة لتسألهم إن ما كانوا يشعرون بما تشعر به، أم أن هذه هي مشاعرها وحدها!! حاولت سوسن أن تجد تفسيرا لما يحدث معها، لماذا كل ذلك القلق، لقد بات يرهقها التفكير في هذا الأمر كثيرا، وكلما هدأت نفسها تجاهه، جاء ما يجدد لها أرقها ويشتت فكرها، ولكن ما الذي جدد ألمها هذه المرة! حفلة الأمس.. أتراها السبب الذي أرق فكرها من جديد!! لقد كان أيهم فخورا بها كثيرا، وأسمعها أندى كلمات الهيام والغزل فلماذا تراودها الهواجس بعد هذا كله!! أليست مطمئنة لحبه لها وهيامه بها، وتنهدت بعمق أكبر هذه المرة:
- اتراه يحبني حقا بقدر ما أحبه!! تصرفاته تشير إلى ذلك، ومن الواضح أنه لا يهتم لأمر أحد غيري- حتى هذه اللحظة على الأقل- ولكن....
غير أن صوت مرزوق، حال بينها وبين الاسترسال في خواطرها، وهو يلتفت إليها متسائلا بتعجب:
- هل تأمرينني بشيء يا آنسة سوسن ؟؟ لقد وصلنا منذ فترة، افلا تودين النزول إلى المعهد ؟؟
انتبهت سوسن لنفسها فاعتذرت بقولها:
- شكرا لك، يبدو أنني شردت قليلا..
ولم تكد تنزل من السيارة حتى اصطدمت بشخص وقف أمامها، لتفاجأ بأيهم يستقبلها بابتسامته المحببة:
- تبدين شاردة الذهن يا فاتنتي، فأين سرح فكرك يا ترى؟؟
ربما لو كانت في حالة أخرى لأخذت الأمور ببساطة أكثر مكتفية برد خجول، لكن هول المفاجأة هذه المرة لا سيما بعد تلك الخواطر التي أنستها طول الطريق، أشعرها بدوار أفقدها توازنها حتى كاد أن يغمى عليها، فلم تتوقع أن تجد أيهم أمامها بهذه السرعة، غير أنه سرعان ما أسندها إلى صدره هاتفا:
- سوسن.. هل أنت بخير!!
وبعد أن استعادت سيطرتها على نفسها، نظرت إليه متظاهرة بالعتب:
- لقد أفزعتني!
فابتسم أيهم وهو يطبع قبلة على جبينها غير آبه بكونهما يقفان على رصيف شارع عام:
- رغم انني متأكد من انني لست السبب.. ولكنني أعتذر!
فهمست سوسن كمن تحادث نفسها:
- بل أنت السبب دائما..
و تنهدت بعمق غاص إلى أعماق نفسها وهي تحادثها:
- آه لو يدري أيهم بم كنت تفكرين طوال الوقت يا سوسن!!
فثبت أيهم عينيه في عينيها القلقتين، محاولا الولوج إلى تلك الأعماق وهو يسألها برقة:
- هل أنت غاضبة مني يا حبيبتي!
وأمام صمتها تابع قائلا بتودد:
- لقد كنت ملكة الحفل ليلة أمس يا سوسن بلا منازع، إنك أروع فاتنة في هذه الدنيا بأسرها..
و بدلا من أن تُدخل تلك الكلمات البهجة إلى قلبها؛ شعرت بغصة في حلقها حالت بينها وبين البوح بما كانت تود اخباره به!! فآثرت الصمت من جديد مما أزعج أيهم الذي يأس من معرفة ما يدور بخلدها، فزفر قائلا:
- أرجوك يا سوسن، إنك تعذبينني بصمتك هكذا! بالله عليك أخبريني، هل أزعجتك بشيء!!
فابتسمت سوسن أخيرا:
- لا عليك يا أيهم، يبدو أنني مرهقة بعض الشيء، فلم آخذ كفايتي من النوم البارحة!
فانفرجت أسارير أيهم وه يحاول اقناع نفسه بصدقها:
- إن كان الأمر هكذا فلا بأس، سآتي للإطمئنان عليك نهاية الدوام، وساصطحبك بنفسي للمنزل، فإنني أرغب بتناول الغداء معك لتحدثيني بكل ما يشغلك.. اتفقنا!
فأجابته سوسن بابتسامة مشرقة:
- اذن سأهاتف بهجة لتعد لك طبقك المفضل..
ولم يقاوم أيهم نفسه من طبع قبلة جديدة على وجنتي سوسن قائلا:
- لن اطيق الابتعاد عنك حتى ذلك الوقت، ولكن ما باليد حيلة فلدي بعض الأعمال علي انجازها مع أحد المسؤولين في وسط المدينة..
ومن حسن حظ سوسن أن الشارع كان لا يزال خاليا في مثل هذا الوقت، إذ يبدو ان ملاحظاتها المتتالية لأيهم حول مراعاة المكان العام لم يثبت عدم جدواه وحسب؛ بل و فشله التام أيضا! فاستسلمت له وهو يحيطها بذراعيه قبل أن يودعها قائلا:
- سأنتظرك بشوق يا حبيبتي فاعتني بنفسك جيدا..
وبعد أن غاب أيهم عن ناظريها وهو ينطلق بسيارته مخترقا الشارع العام، دلفت سوسن عبر بوابة المعهد لتجد نفسها قد وصلت باكرا كعادتها على خلاف ما توقعت، إذ لم تأت الفتيات بعد! حتى الانسة ديانا لم تصل أيضا، وحدها المسؤولة عن التسجيل والاعمال الادارية كانت هناك، فألقت عليها التحية واتجهت نحو مكانها محدثة نفسها:
- يبدو أنني لم أكن انتبه على تأخر الجميع من قبل، فقد كنت أصل في وقت أبكر من ذلك بكثير..على كل حال هذا أفضل، فمن حسن الحظ أنهن لم يكن هنا هذا الصباح..
وابتسمت وهي تستذكر كلمات الآنسة ناديا " أنت تنسين نفسك تماما وأنت ترسمين يا سوسن":
- لقد كانت محقة فعلا!
ولم تكد تصل إلى مكانها المعتاد وقد افتقدت أدواتها، حتى تذكرت أمر نور التي انضمت إليهم البارحة فضربت جبهتها بيدها:
- كيف نسيت انني نقلت أدواتي إلى جانبها، يبدو أن سهري ليلة أمس و الارهاق الشديد الذي أشعر به قد أثر علي أكثر مما ينبغي..
قالت ذلك لنفسها بصوت عال متجاهلة ذكر أثر أيهم عليها حتى لا يتشتت تفكيرها من جديد، وما أن التفتت نحو ذلك المكان حتى انتبهت لوجود نور أيضا، وقد بدت غارقة تماما في لوحتها حتى النخاع، فاتجهت نحوها باسمة:
- صباح الخير
وكمن يستيقظ من نوم عميق فجأة، ردت عليها نور ابتسامتها:
- اعذريني لم انتبه لدخولك إلا الآن!
فضحكت سوسن:
- لا بأس فيبدو أننا متشابهتان في هذه النقطة بالذات، هل أنهيت لوحتك التجريبية؟
فأجابتها نور وهي تحاول اخفاء اللوحة عنها بمرح:
- انتظري قليلا فلم يبق سوى الرتوش الأخيرة وستكون جاهزة إن شاء الله..
فأخذت سوسن مكانها إلى جانب نور قائلة بحماسة:
- حسنا سأعد أدواتي وأرى ما لديك فلا يمكنني الانتظار أكثر لرؤية اولى أعمالك هنا!
وأخيرا قالت نور:
- يمكنك رؤيتها الآن..
وما أن وقعت عينا سوسن عليها حتى اقشعر جسدها ودارت بها الدنيا وكأنها تدخل عوالم غريبة تراها للمرة الأولى، فبحثت عن شيء تستند اليه خشية السقوط حتى ارتكزت على نور الواقفة إلى جوارها مرددة:
- مستحيل.. أهذه مجرد لوحة طبيعية عادية!! هذا سحر بلا شك!!!
واغرورقت عيناها بالدموع دون أن تعرف السبب الحقيقي لذلك:
- بالله عليك ما هذا يا نور!!
فربتت نور على كتفها:
- و ما الذي ترينه أنت يا سوسن؟
فاعتدلت سوسن في وقفتها وهي تحاول الحفاظ على توازنها قائلة:
- أشجار عارية متحطبة ومحطمة تلفها أمواج وبحور أو ربما.. ضباب وغيوم ومطر بل إنني أكاد أسمع صوت الرعود.. وهناك نور تنقشع من حوله ركام الغيوم و بقعة مضيئة تزهو بأشجار باسقة مورقة وألوان زاهية.....
وصمتت سوسن متنهدة تحاول التأكد من أن هذا هو ما تراه حقا، أم أنه ما استطاعت النطق به فقط! فعلقت نور:
- كأنك شاعرة!! إن لك روحا شفافة ونفسا مرهفة الاحساس جدا يا سوسن ما شاء الله..
فابتسمت سوسن:
- ليس إلى هذه الدرجة ولكن يبدو أن لوحتك تفجر القرائح!
فضحكت نور:
- تعادلنا إذن..
ثم سألتها بجدية أكبر:
- ما هو الشعور الذي راودك وأنت تنظرين إلى اللوحة؟
فصمتت سوسن قليلا قبل أن تقول:
- لا أعرف.. لا استطيع تحديد ما أشعر به تماما.. فقد لا يكون كذلك.. انه الفرق بين الظلمات والنور.. الموت والحياة.. اليأس والأمل..
وبدا أن سوسن اندمجت تماما في جو اللوحة وهي تقول بتأثر شديد:
- يا إلهي انني أشعر برغبة شديدة بالبكاء...
يـــــــــارب..
فهتفت نور برضا:
- الحمد لله لقد وصلت الرسالة اذن..
فالتفتت اليها سوسن بعيون متسائلة:
- ما الذي تقصدينه يا نور انني لا أفهم شيئا!!
فأشارت إليها نور أن تجلس ، وهي تسترخي على مقعدها قائلة:
- سأخبرك يا سوسن ولكن استريحي أولا فإنني أخشى على قدميك من التورم إن بقيت واقفة هكذا..
وبعد أن جلست الاثنتان قالت نور:
- إنها رسالتي يا سوسن وهدفي في هذه الحياة..
ثم ابتسمت نور وهي تتابع نظرات سوسن قائلة:
- لن أطيل عليك الحديث فأمامك عمل عليك انجازه..
فقاطعتها سوسن بلهفة:
- لا بأس يمكنني فعل ذلك لاحقا لا تقلقي، المهم أكملي بعد اذنك، أود أن أعرف كل شيء عن هذه اللوحة، فقد لمست أوتارا حساسة في نفسي..
فابتسمت نور:
- حسنا.. هل سمعت عن قوة النية التي بدأ الناس يتحدثون بها مؤخرا؟
فأومأت سوسن برأسها:
- أظن أنني سمعت شيئا عن هذا القبيل وإن كنت لا أدري ما هو تحديدا، فليست هذه المواضيع من اهتماماتي..
فتابعت نور:
- المهم انك سمعت عن ذلك، وهذا هو بيت القصيد، لقد بدأ العلماء في كل مكان يتحدثون عن النية كعلم بحد ذاته كما كثر الحديث في الاونة الأخيرة عن مواضيع تنمية الذات كطريق للنجاح و ما إلى ذلك، ورغم انني مثلك لم اتابع كل ما يقولونه بهذا الصدد ولكنني ازددت يقينا بأهمية تمسكنا بديننا لنضمن النجاح والسعادة في الدنيا قبل الآخرة، و لكفانا هذا مؤنة متابعة ما يكتشفه العلماء في الخارج لنأخذ التطبيق عنهم، فمثلا في موضوع النية؛ بين لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن الأعمال بالنيات وأن لكل امرء ما نوى، وهذا ينعكس فعلا في أعمالنا، افلا تلاحظين الفرق مثلا بين معلم يوبخ تلاميذه وهو يتمنى لهم الخير من أعماق قلبه وبين معلم يوبخهم ليثبت ذاته أمامهم!! النية هي الأساس دوما ولها أثرها على ثمرات الأعمال وان بدت متشابهة في الظاهر..
ولسبب ما شعرت سوسن بمثال آخر يتراقص امام ذهنها " الفرق بين رجل يعامل خطيبته بلطف وهويحبها بصدق وآخر..."، لكنها أوقفت تفكيرها عند هذا الحد بسرعة، في حين التقطت نور نفسا عميقا قبل أن تتابع:
- لطالما كنت أتمنى تقديم شيء أخدم به أمتي بل والانسانية جمعاء، ثم وجدت نفسي اتأثر كثيرا لحال من أضاع الدرب وغرق في الظلمات فعاش حياته في بؤس وشقاء، ولطالما تمنيت أن يستعملني الله و أكون سببا لنشر النور في هذا العالم و إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولأنني كنت أهوى الرسم ولي موهبة خاصة فيها فقد علمت أن هذه هي ثغرتي التي اختارني الله لها، فقرأت كثيرا عن اثر الفن في الناس حتى استطعت تكوين نظرياتي الخاصة بهذا الصدد.. انني احب الطبيعة وأشعر انها تناديني لتزيدني قربا من خالقي، فلا تمر علي آية في كتاب الله ورد فيها دعوة للتفكر والتدبر او تشبيها مقتبسا من ايات الله في كونه إلا وهتف قلبي " ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك.." وأنا اراها لوحة مجسدة أمامي، ثم خطر لي أن أنقل مشاعري هذه لجميع الخلق لعلها تترك أثرا حسنا في قلب أحدهم فأساهم في إنارة دربه بإذن الله، وترسم البسمة والأمل على شفاهه من جديد..
وصمتت نور في حين أخذت سوسن تعيد النظر بتأمل أعمق في اللوحة الغريبة، قبل أن تسألها:
- ولكن كيف تفعلين ذلك! ما زلت لا أفهم!!
فأجابتها نور:
- انها "قوة النية"، كلما كانت نياتنا أصدق كلما أعطت تأثيرا أقوى بعون الله، ما عليك إلا أن تجعلي الفكرة في رأسك ومن ثم أخرجيها على الواقع مستعينة بالله..
وأشارك إلى لوحتها متابعة:
- ما هذه اللوحة مثلا الا انعكاسا لما شعرت به تجاه الاية (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)! فبعد أن تركت تأثيرا قويا في نفسي، وددت لو أتمكن من نقل هذا التأثير عبر لوحة معبرة، وأرجو أنني نجحت في ذلك..
بدت سوسن مأخوذة تماما بما تسمعه للمرة الأولى، فمرت لحظات صمت حاولت فيها أن تستوعب ما قيل قبل أن تطلب من نور إعادة تلاوة الاية على مسامعها، متفكرة فيها كما لم تتفكر في آية من قبل!!
(أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)
وأخذت مشاهد ذلك الكابوس تتجسد أمامها مجددا.. ظلام في ظــــلام في ظـــــــــــلام..
فرددت نفسها التي شعرت بقسوة الظلام الذي يلفها كما لم تشعر به من قبل:
- يارب أخرجني من الظلمات إلى النور..
امتلأ المعهد بالفتيات اللاتي أبدين انطباعات مختلفة أمام لوحة نور، ما بين متأملات منبهرات، إلى مسترقات للنظر إليها خشية أن تظن بأنهن مهتمات بها!! ولم تستطع الآنسة ناديا إخفاء إعجابها الشديد بما تراه، غير أنها علقت بقولها:
- لا تستطيعين تصنيف هذه اللوحة ضمن المناظر الطبيعية، انها أقرب للفن السريالي!
فأومأت نور برأسها موافقة:
- ربما، فأنا لم أدرس الفن من قبل ولا أعرف كثيرا بالمسميات.. كل ما امتلكه هو الموهبة وحب التأمل في الطبيعة ثم تصويرها كما أراها والحمد لله، لذا اتيت هنا لأصقل موهبتي بالرسم..
فابتسمت ناديا لأول مرة:
- يسرنا أن نكون عونا لك في هذا الأمر، فسيكون لك شأن في مجال الفن مستقبلا بلا شك..
فبادلتها نور ابتسامتها مرددة:
- إن شاء الله..
ثم استدركت ناديا فجأة:
- أهذه هي اللوحة التي بدأتها بالأمس فقط!!
فهزت نور رأسها بالايجاب موضحة:
- أجل ولكن تصوري عنها كان منطبعا في ذهني سابقا..
فتمتمت ناديا:
- أنت موهوبة بالفعل!!!
وبصورة مفاجئة أخرى ودون سابق انذار قالت:
- أتستطيعين انجاز تسع لوحات أخرى خلال هذا الأسبوع يا نور؟
فنظرت اليها نور بدهشة:
- تسع لوحات!! هذا كثيرا!!
لكن ناديا شجعتها بقولها:
- لو أخذنا بعين الاعتبار معدل انجازك لهذه اللوحة الرائعة، لما كان ذلك مستحيلا بحق تسع لوحات أخرى خلال أسبوع..
وبتردد سألتها نور:
- ولكن لماذا خلال أسبوع فقط!!
فأجابتها ناديا باسمة:
- لتشاركي في المعرض العالمي بالطبع!!
كانت هذه فرصة ذهبية أمام نور، تستطيع من خلالها تحقيق أهدافها التي تسعى إليها، فرواد ذلك المعرض سيفوق عددهم الآلاف، وهي فرصة نادرة بلا شك، لعل الله أن يكتب لها أجر كل من شاهد لوحاتها لتترك أثرا ايجابيا في نفسه..
فقالت أخيرا:
- سأحاول فعل ذلك وسأبذل جهدي إن شاء الله..
فشجعتها سوسن بقولها:
- ستنجحين بلا شك يا نور..
وغمزتها باسمة:
- انها فرصتك لتحقيق هدفك..
و أكدت ناديا كلامها بحماسة:
- انني واثقة من هذا النجاح يا نور كما تقول سوسن، فابذلي جهدك يا عزيزتي وسأكون إلى جانبك حتما..
ولم يخف على أحد من الحاضرين معرفة سر حماسة ناديا لمشاركة نور، فكلما زادت مشاركات المعهد ارتفعت مكانته وذاع صيته بشكل أكبر، وبالتأكيد لن تفوت ناديا فرصة كهذه بكل ما اوتيت من قوة، فحسها الفني أخبرها بأن للوحات نور مستقبل ناحج ولا بد أن يكون للمعهد نصيبا منه!
ورغم بعض النظرات الحاسدة التي سُددت نحو نور بحدة، اثر ذلك الاطراء الذي انهمر عليها بعد اقل من يومين من التحاقها بالمعهد، إلا أن الكثيرات بدأن ينظرن إليها باكبار شديد، حتى أن بعضهن أخذن يحاولن التقرب منها، بعد أن كسرن ذلك الحاجز الذي بنينه بأوهامهن بينهن وبينها، وقد تأكدن من أن مظهر نور الخارجي، ليس بذلك السوء الذي تصورنه في البداية، أما سورا التي لم يعرف أحد سر تجهم وجهها الشديد هذا اليوم بالذات، فقد آثرت الصمت متجنبة خوض أي حديث مع كائنا من كان، وهي غارقة تماما مع نفسها بعد أن نسجت شرنقة محكمة حولها ليتسنى لها دراسة أفضل الوسائل والطرق الممكنة لحياكة خطتها الجديدة التي عزمت على تنفيذها، بعد أن كادت تموت حنقا وكمدا وهي تشاهد أيهم يحتضن سوسن أمام المعهد ويحادثها بحب أعماه عن رؤية من سواها، لقد تحملت الكثير من تجاهله لها ولا بد أن تتدارك الأمر قبل فوات الأوان..
............
امواج السرابsaid:05-06-2013 17:11
صديقيني احس بزلزلة عميقة في كياني ..ولا اعلم لماذا ...اهو الابداع الذي تنسجينه على سطور هذه الصفحة ام الرواية واحداثها ...لم اقرا مثيلا لروايتك قبلا ...صدقا ...انك تعالجين نوعا جديدا من القصص ..احببته ... صراحة لا اعرف كيف اعبر
من شدة اعجابي ...سوى ان اقول استمري فنحن نشجعك ...
دمتي بود
امة القادرsaid:07-06-2013 14:23
صديقيني احس بزلزلة عميقة في كياني ..ولا اعلم لماذا ...اهو الابداع الذي تنسجينه على سطور هذه الصفحة ام الرواية واحداثها ...لم اقرا مثيلا لروايتك قبلا ...صدقا ...انك تعالجين نوعا جديدا من القصص ..احببته ... صراحة لا اعرف كيف اعبر
من شدة اعجابي ...سوى ان اقول استمري فنحن نشجعك ...
دمتي بودعزيزتي.. أسعدني تفاعلك ورقة مشاعرك، وجزاك الله خيرا لإطرائك وتشجيعك، أتمنى فعلا أن تضيف هذه القصة شيئا جديدا... وعميقا جدا
يشرفني أن أرى مرورك دائما و يهمني أن اسمع رأيك.. فشكرا لك
وسأحاول بإذن الله أن لا أتأخر بالأجزاء حتى لا تفقد القصة ترابطها أو يفقد المتابعون حماستهم(؛
وقد أنزل الجزء الرابع بعد قليل إن شاء الله فلا تتأخري علينا بالرد(:وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
امة القادرsaid:07-06-2013 14:48
الجزء الرابع..
لم تستطع ناديا السيطرة على انفعالها أمام لوحة نور الثانية والتي كانت على وشك الانتهاء منها مع نهاية دوام ذلك اليوم، وبدا أن اهتمام ناديا قد تحول فجأة لينصب على نور وحدها وكأنها لم تعد ترى غيرها في ذلك المعهد:
- رائع .. مدهش، لقد امسكت زمام الفن السريالي باحتراف يا نور، لا شك أن لديك خيال خصب جدا!! ثم أنه لا يوجد سوى قلة ممن يستطيعون اظهار تفاصيل دقيقة كهذه في الظلام!
أما سوسن فقد جفلت و شعرت بدوامة تكاد تفقدها الوعي للمرة الثالثة في هذا اليوم، وقد هزها مشهد اليد التي رسمتها نور وهي تنازع للخروج من بين ظلمة الأمواج المتلاطمة وسط ليل حالك تلفه الغيوم..
- ما هذا يا إلهي!! أتراها قد اطلعت على كابوس نومي فأتت لتجسده أمامي في كل لحظة!!
ظلام في ظــــلام في ظـــــــــــــلام
ولم يخف على نور ذلك الاثر الذي انطبع على وجه سوسن الجالسة قربها وقد بدأت تدرك جانبا مما يدور بخلدها، فربتت على كتفها هامسة:
- لم انتهي من لوحتي بعد يا عزيزتي، اطمئني فستكون أكثر تفاؤلا بعد قليل إن شاء الله
فنظرت اليها سوسن متسائلة:
- أهذه تجسيد لآية أخرى يا نور؟؟
فأومأت نور برأسها ايجابا:
- " ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها!"
و كأروع لمسة ريشة من يد أعظم فنان، بزغ نور باهر من وسط تلك الظلمات، ليحيل جو اللوحة إلى معنى آخر وضحته نور بقولها:
- " ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور!"
ولأول مرة تلاحظ سوسن وجود أيهم قبل أن يفاجئها كعادته وقد تسمرت عيناه على لوحة نور باهتمام خاص، غير أنه سرعان ما تجاهل ذلك كمن يقاوم الاستسلام لأجواء تلك اللوحة خشية أن تفسد عليه أجواءه الخاصة، فطبع قبلة على رأس سوسن هاتفا بمرح:
- هيا يا ملاكي لقد مللت الانتظار..
فما كان من نور إلا أن انسحبت من قربهما بهدوء وأدب خاصة وأن وقت الدوام قد انتهى، ولم يبق في المعهد سواها هي وفتاتين على الأكثر إضافة لسوسن وخطيبها، غير أن ايهم انتبه لها فرمقها بنظرات غريبة وهو يخاطب سوسن بصوت خفيض:
- من هذه الفتاة الغريبة؟؟ لم أتوقع أن معهدكم يستقبل أمثال هذه الأشكال!!
لم يرق لسوسن تلك اللهجة التي تحدث بها أيهم عن نور، فبدا ذلك جليا على وجهها وهي ترد عليه بقولها:
- إنها من أفضل الموجودين هنا بل وقد أصبحت أعز صديقاتي أيضا..
فحملق فيها أيهم بدهشة:
- سوسن ماذا أصابك!! هل حقا ما تقولينه!! هل هذه .. صديقتك!!
فأجابته سوسن بحدة:
- ولم لا!!
فابتسم أيهم محاولا تدارك خطأه الذي أحرجه مع خطيبته، قائلا:
- حسنا يا حبيبتي لا داعي لكل ذلك الانفعال، كنت أمزح فقط فلا تفسدي لحظات لقاءنا هذه..
وأخرج من جيبه بطاقتي دعوة قائلا:
- لقد دعينا لحضور افتتاح المتحف الوطني عصر هذا اليوم..
فنظرت اليه سوسن متسائلة؛ وقد بدأ التعب يلوح أمامها مذكرا فيما إن فكرت ببذل مجهود اضافي هذا اليوم:
- هل يتوجب علينا الحضور؟
فأجابها أيهم:
- انها فرصة لا تفوت يا عزيزتي فسيحضر كبار الشخصيات وحتى الوجهاء و الوزراء، وكما تعلمين فإدارة المتحف يهمها استقطاب كافة المشاهير والنجوم في حدث كهذا، فهذا مما يشجع الجميع على ارتياده، لا سيما وأنهم تكلفوا مبالغ باهظة من أجل انجازه..
فتنهدت سوسن موافقة:
- حسنا، ولكن ألن نذهب لتناول الغداء أولا؟؟ لقد أعدت لك بهجة طبقك المفضل.. كما أن والداي بانتظارك ..
وبحركة مفاجأة، ثبت أيهم يديه حول خاصرتيها و حملها وهو يدور بها بمرح:
- طبعا يا ملاكي..
في حين أخذت تتوسل إليه:
- كفى يا أيهم انزلني أرجوك
ولم تستطع سوسن رفع عينيها عن الأرض من شدة الحرج في حين تأبط أيهم ذراعها باسما:
- هيا بنا يا حبيبتي للمنزل، فما زال أمامنا متسع من الوقت حتى موعد الافتاح..
كانت اللحظات التي تقضيها سوسن مع خطيبها عندما يزورها في منزلها من أجمل لحظات حياتها، فلا أحد هناك ينغص عليهما جلستهما بنظرات حادة أو متلصصة، وكان أيهم يدرك ذلك جيدا غير أن طبيعة نجوميته وشهرته جعلته يعتاد البقاء تحت الأضواء دائما، مما جعله يستوحش البعد عنها..
وعلى أريكة مريحة استرخى أيهم مغمضا عينيه نصف إغماضة بعد وجبة شهية تناولها مع عائلة سوسن، فيما جلست هي قبالته تتأمل قسمات وجهه بمحبة، حتى إذا ما فتح عينيه فجأة صرفت بصرها للجانب الآخر، مما جعله يبتسم قائلا:
- أنت تحبينني يا سوسن، أليس كذلك؟؟
فاحمرت وجنتيها قبل أن تقول بلا مبالاة مصطنعة:
- وما الغريب في ذلك فأنت خطيبي!
وهمت بأن تقول شيئا بدت مترددة فيه ثم آثرت الصمت إذ لم يبد لها الجو مناسبا لذلك، فشجعها أيهم على البوح بما لديها وهو يتناول يديها ويخبؤهما بين كفيه قائلا:
- أخبريني يا سوسن، ما الذي كنت تريدين قوله.. اظنه الشيء الذي كان يزعجك في الصباح، أليس كذلك يا حبيبتي؟
تسارعت نبضات قلب سوسن بشدة، وزاد احمرار وجنتيها، فلأيهم سحر لم تستطع الفكاك من أسره حتى هذه اللحظات، لذا كلما ظنت بأنها تمتلك من القوة ما يمكنها من مواجته بما يزعجها منه، خابت ظنونها أمام سحره الآسر فتخونها الكلمات بل ولا تعد تشعر بأن لها معنى.. إنها تحبه.. بل وتعشقه بجنون.. وتتمنى لو.. لو أنها فقط.. لا تدري كيف تقولها أو تواجهه بها.. فهي لا تريد أن تفكر باقل احتمال قد يجني عليها خسارتها له..
وكم كان يسعد أيهم ذلك منها، فيقينه من حبها له وهيامها وتعلقها الشديد به كان يشعره بنشوة لا حدود لها، كيف لا وقد امتلك قلبا يتمنى الجميع أن يحظى بعطف منه!
مرت لحظات صمت قبل أن يقول أيهم وهو يحاول فك رموز الصراع المرتسم على صفحة وجهها:
- أكل ذلك يا سوسن من أجل ما أعبر به عن حبي لك أمام الآخرين؟؟ أمن أجل تلك الفتاة التي أصبحت صديقتك مؤخرا تجهمت اليوم وأنا أحملك يا حبيبتي؟
فهزت سوسن رأسها نفيا:
- لا علاقة لصديقتي تلك بالأمر، فقد قلت لك مرارا قبلها أنه لا داعي لذلك الاستعراض أمام الجميع!!
فرمقها أيهم معاتبا:
- ذلك ليس استعراضا!! أنه حبي الكبير لك وأريد من العالم كله أن يعرف ذلك..
فاستدركت سوسن معتذرة عن كلمتها قائلة:
- لم اقصد ذلك يا أيهم.. ثم إن ذلك لم يعد يهمني الآن.. انني..
وصمتت قبل أن تقول بتنهيدة بثتها آهاتها كمن يحاول ازاحة جبل ثقيل عجز عن مجرد زحزحته:
- أنت تدرك تماما مقدار حبي لك..انني يا ايهم .. انني أتعذب بحبك.. وأريد التأكد فقط..
و لم تستطع اكمال جملتها وقد أخذت تجهش بالبكاء، فنهض أيهم من مكانه وجلس إلى جانبها وهو يحيطها بذراعه:
- سوسن أخبريني.. مم تريدين التأكد يا حبيبتي، اقسم لك أنني أحبك ولن أحب أحدا سواك وسأظل أحبك حتى آخر رمق في حياتي.. فهل صدر مني ما يجعلك تشكين في ذلك؟؟
ورويد رويدا بدأت سوسن تهدأ وهي تحاول التقاط انفاسها المتلاحقة، وصورة ذلك الحفل تلوح في مخيلتها، كيف لها أن تخبره!! لقد كانت نظرات الرجال تلتهم كل جزء من جسدها دون حياء.. بل وأمام ناظري خطيبها دون أن يبدي امتعاضه من ذلك.. بل انها.. قد هيئ لها أنه مسرور بذلك أيضا فما باله لم يعترض عندما طلب أحدهم مراقصتها، لولا أنها رفضت ذلك يشدة!! كانت تريد التأكد فقط من أنها كانت واهمة وأنه ما كان ليرضى بأن يشاركه أحد في حبيبته.. ألا يغار عليها من تلك العيون النهمة!! ألا يسوؤه نظراتهم الجشعة اليها!! أليس هذا هو الحب الذي تعرفه!! لقد كانت تود التأكد فقط.. لو أنه يحبها حقا لذاتها هي، وليس لكونها مجرد دمية جميلة يتباهى بامتلاكها أمام الآخرين.. لكن.. كيف تصارحه بهذا الكلام!! وكيف تعبر له عن ما تشعر به من أسى جراء ذلك دون أن يسئ فهمها!!
وأمام الحاحه الشديد عليها نطقت أخيرا وهي تنتقي كلماتها انتقاء لتعد جملة حاولت جاهدة اخراجها بشكل طبيعي:
- لقد ساءتني نظرات الرجال كثيرا في تلك الحفلة..
وصمتت فنظر اليها ايهم متسائلا بتعجب:
- أهذا كل ما في الأمر!! إن هذا أمر طبيعي فقد كنت الأجمل والأروع بل و ملكة الحفلة كلها دون منازع!!
فقالت سوسن وهي تحاول وصف مشاعرها:
- لكنها لم تكن نظرات عادية.. شعرت بأنهم يلتهمونني التهاما رغم أن منهم من كان في عمر والدي.. وهذا لا يحتمل!!
فرد عليها ببرود:
- إن الموضوع لا يستحق كل هذا الانزعاج منك، تجاهليهم فقط و لا تلقي لهم بالا..
ورغم خيبة رجاء سوسن بذلك الرد الباهت، إلا أنها قالت بتردد:
- ألا يزعجك هذا يا أيهم!! ألا.. ألا تغار علي!!!
بوغت أيهم بذلك الكلام، فرمقها بنظرة حادة قائلا:
- لا شك أن لتلك الفتاة المعقدة يد فيما أصابك، لقد أثرت على تفكيرك بشكل لا يصدق، وإن يقيت على علاقة معها فلا أدري إلى ما ستؤول إليه الأمور بيننا!!
ونهض من مكانه تعبيرا عن احتجاجه، فأسرعت سوسن تتشبث به بتوسل:
- أيهم أرجوك لا تسئ فهمي، فلا دخل لنور بما حدثتك عنه، إنها مشاعري أنا ولا دخل لأحد بها، فلا تجعل هذا الكلام يؤثر على علاقتنا، ألست أنت من أصر على معرفة ما يضايقني؟؟
فالتفت إليها أيهم ونظر اليها بنظرة عميقة نفذت إلى مجامع قلبها لتترك أثرها المعهود فيه، ثم ضمها إلى صدره قائلا:
- دعك من هذه السخافات يا حبيبتي.. فأنا أحبك وكفى..
لم تدري سوسن كيف مرت اللحظات بعدها غير أنها ازدادت اقتناعا بصعوبة فتح موضوع كهذا مع أيهم، وآثرت التحاشي عن كل ما قد يزعجه منها، خاصة و أن هناك ألف فتاة غيرها مستعدة للتضحية بنفسها من أجله!
امواج السرابsaid:07-06-2013 21:49
لن ازيد حرفا عما كتبته سابقا عن ابداعك ..لانه لن يستوفي ما اريد التعبير عنه فانا حقا منبهرة
انا ايضا مشاعري تجاه ايهم نفس تلك المشاعر التي تخالج قلب بطلتنا سوسن ..تحبه ولكنها تخاف من مشاعرها تجاهه هناك ما تحس به من ارتياب نحوه ولكنها لا تعلمه ...وتلك الكوابيس التي تجتاح نومها وتفزعها لها علاقة بذلك ايضا هي تحتاج من ينقذها من ذلك الخوف والشك
ونور وتلك الفتاة المحجبه والتي يقولن عنها معقدة ...(هذه اللفتة الجميلة منك والتي دائما من نراها في مجمعاتنا العربية الاسلامية ...فمن يجدونه ملتزما ومتشددا في دينه يطلقون عليه لقب المعقد) .... ملاك اتت لتمتلك قلب سوسن وتمد لها يدا تخرجها من ظلماتها .... رسوماتها الروحانيه ..فجرت احاسيس غريبة في كيان سوسن ...
هل سيكون لها دور في حياة سوسن مع انني اعتقد هذا
..بالرغم من هذه الرواية قد ابتدت وسردت فيها الكثير الا انني ما زلت محتارة من عنوانها ...يا ترى شو هالشي الي راح تتركو سوسن ولاجل مين ....علامات استفهام كتيرة دور بعقلي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟..يسلمووووووووووو كتير عالبارت
ننتظرك مع البارت القادم
~ Jasmine charmsaid:08-06-2013 07:36
السلام عليكم
فعلاً رواية ولا أروع
ما شاء الله عليكِ
لم أقرأ قط في حياتي رواية ذات شخوص عربية بهذه الروعة
أهنئك على هذا التأليف الرائع الذي أبهرنا بحقسأبدأ بتعليقاتي على الشخوص الرئيسيين :
سوسن : هذه الفتاة الرقيقة الجميلة لقد أحببتها بحق
انها رائعة وحساسة جداً
كما أن اسمها كاسم صديقتي المقربة
يبدو أنها بدأت تتأثر كثيراً بنور ويبدو أنه يوجد بداخلها بذرة من الايمان ولكن تحتاج لأحد أن ينمّيها وتلك النور ستعمل على ذلك !!
أيهم : يبدو شاب جيد لكنه غامض قليلاً ولا أعلم ان كان صادقاً بمشاعره تجاه سوسن أم لا !!
لا يزال يلفه الغموض ولا أزال أجهل ما بعقل هذا الفتىنور : لقد أحببت تلك الفتاة حقاً إنها رائعة بعزّتها وافتخارها بدينها
لقد جسدتها بصورة رائعة أهنئكِ على ذلك !!
يبدو أنها من ستجعل سوسن تتغير مع الأيام
على كلٍ يعطيكِ العافية عزيزتي
لقد كنت أريد التعليق منذ زمن على هذه الرواية الرائعة لكنني لم أكن أملك الوقت الكافي فالاختبارات لا ترحم أبداً
بانتظار البارت القادم
بالتوفيق
امة القادرsaid:10-06-2013 14:39
لن ازيد حرفا عما كتبته سابقا عن ابداعك ..لانه لن يستوفي ما اريد التعبير عنه فانا حقا منبهرة
انا ايضا مشاعري تجاه ايهم نفس تلك المشاعر التي تخالج قلب بطلتنا سوسن ..تحبه ولكنها تخاف من مشاعرها تجاهه هناك ما تحس به من ارتياب نحوه ولكنها لا تعلمه ...وتلك الكوابيس التي تجتاح نومها وتفزعها لها علاقة بذلك ايضا هي تحتاج من ينقذها من ذلك الخوف والشك
ونور وتلك الفتاة المحجبه والتي يقولن عنها معقدة ...(هذه اللفتة الجميلة منك والتي دائما من نراها في مجمعاتنا العربية الاسلامية ...فمن يجدونه ملتزما ومتشددا في دينه يطلقون عليه لقب المعقد) .... ملاك اتت لتمتلك قلب سوسن وتمد لها يدا تخرجها من ظلماتها .... رسوماتها الروحانيه ..فجرت احاسيس غريبة في كيان سوسن ...
هل سيكون لها دور في حياة سوسن مع انني اعتقد هذا
..بالرغم من هذه الرواية قد ابتدت وسردت فيها الكثير الا انني ما زلت محتارة من عنوانها ...يا ترى شو هالشي الي راح تتركو سوسن ولاجل مين ....علامات استفهام كتيرة دور بعقلي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟..يسلمووووووووووو كتير عالبارت
ننتظرك مع البارت القادمو تسلمي كتيييييييييييييير عالمرور والتفاعل(:
سأحاول أن اقتضب بالتعليق هنا خشية أن تفلت مني كلمة تستبق أحداث القصة! لكن أسألتك لفتت نظري، فتبدين جازمة أن العبارة وردت على لسان سوسن!! ربما .. وربما...
حسنا لن أقول أكثر، وأرجو أن لا تطول عليك الأحداث بالاجابة على هذه التساؤلات، رغم أنها عندها لن تكون سوى البداية.....(؛
امة القادرsaid:10-06-2013 14:43
السلام عليكم
فعلاً رواية ولا أروع
ما شاء الله عليكِ
لم أقرأ قط في حياتي رواية ذات شخوص عربية بهذه الروعة
أهنئك على هذا التأليف الرائع الذي أبهرنا بحقسأبدأ بتعليقاتي على الشخوص الرئيسيين :
سوسن : هذه الفتاة الرقيقة الجميلة لقد أحببتها بحق
انها رائعة وحساسة جداً
كما أن اسمها كاسم صديقتي المقربة
يبدو أنها بدأت تتأثر كثيراً بنور ويبدو أنه يوجد بداخلها بذرة من الايمان ولكن تحتاج لأحد أن ينمّيها وتلك النور ستعمل على ذلك !!
أيهم : يبدو شاب جيد لكنه غامض قليلاً ولا أعلم ان كان صادقاً بمشاعره تجاه سوسن أم لا !!
لا يزال يلفه الغموض ولا أزال أجهل ما بعقل هذا الفتىنور : لقد أحببت تلك الفتاة حقاً إنها رائعة بعزّتها وافتخارها بدينها
لقد جسدتها بصورة رائعة أهنئكِ على ذلك !!
يبدو أنها من ستجعل سوسن تتغير مع الأيام
على كلٍ يعطيكِ العافية عزيزتي
لقد كنت أريد التعليق منذ زمن على هذه الرواية الرائعة لكنني لم أكن أملك الوقت الكافي فالاختبارات لا ترحم أبداً
بانتظار البارت القادم
بالتوفيقوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا بك عزيزتي، وجزاك الله خيرا لكلماتك المشجعة فعلا، وإنما العبرة بالخواتيم وأتمنى أن تكون كذلك..
تحليلك للشخصيات أعجبني جدا ما شاء الله، شكرا لهذه القراءة المتمعنة، وبانتظارك دائما إن شاء الله(:
في أمان الله
امة القادرsaid:10-06-2013 14:58
الجزء الخامس..
كانت ساحة المتحف الوطني تعج بالحاضرين، عندما دوى صوت طلقات نارية إيذانا ببدء الافتتاح، فتقدم نائب الحاكم العام على المدينة لقص الشريط، بعد أن تناول المقص الذهبي من فوق الوسادة المخملية التي يحملها مدير المتحف و الذي بدى في أبهى حلله كعجوز قرر الاحتفال بالذكرى الخامسة والخمسين ليوم زفافه..
وعلى مسافة غير بعيدة من نائب الحاكم، وقفت سوسن إلى جوار خطيبها متأبطة ذراعه بصفتهما ضمن ضيوف الشرف المدعوين لحضور هذا الحدث المهم، مما أتاح لها رؤية النائب عن قرب رغم فريق الحراسة الشخصية المحيطة به، ولدهشتها الشديدة بدى وجهه مألوفا جدا، ليس لأنها شاهدته في التلفاز مثلا أو أنها رأت صورته في مكان ما، بل لسبب آخر تماما، وما أن تعرّفته حتى همست لخطيبها قائلة:
- أليس هذا صديق والدي السيد وائل ؟
فأومأ أيهم برأسه ايجابا:
- بالتأكيد إنه هو، فقد حضر حفل خطوبتنا قبل أن يتقلد منصب نائب الحاكم العام على هذه المدينة!
فأطلقت سوسن صرخة مكتومة:
- حقا!! ومتى حدث هذا!!
فابتسم أيهم معلقا:
- لقد مر على ذلك أكثر من ثلاثة أشهر يا فتاتي، أنت تنسين نفسك تماما في عالم الفن.. ولا أدري في ماذا مؤخرا..
فوكزته سوسن ثم قلبت بصرها بين الحاضرين قبل أن تتساءل:
- غريب !! ألم يصل والداي بعد! كان يفترض أن يكونا في صفوف أوائل المدعوين..
فطمأنها أيهم بقوله:
- لا تقلقي فربما عرضت لوالدك إحدى المشاغل المعتادة، دعينا نستمتع بوقتنا الان..
سارت سوسن إلى جانب أيهم وهي تدلف عبر بوابة المتحف المهيبة مع الفوج الأول للمدعوين..
بدت القاعات في غاية التنظيم والفخامة حيث تنوعت أقسامها، وتعددت محاورها لتشمل جوانب كثيرة قل أن تجتمع في مكان واحد، وكان من أبرز ما لفت نظر سوسن فيه هي قاعة المجوهرات الأثرية، وما أن وقعت عيناها على مجموعة غريبة الأشكال من خواتم بدت في غاية القدم، حتى علقت بقولها:
- يا لهذه الأذواق الغريبة!!
قالتها سوسن وهي تتحسس خاتم الألماس في أصبع يدها اليمنى، والذي أهداه لها أيهم يوم خطوبتهما، فأمسك أيهم يدها بحب وهو يشير إلى إحدى تلك الخواتم معلقا:
- لو رأت ملكات ذلك الزمان رقة أصابعك يا جميلتي، لخجلن من عرض حُليّهن أمامك..
فاحمرت وجنتا سوسن:
- أنت تبالغ كثيرا يا أيهم..
فتناول أيهم يدها وطبع قبلة عليها بعذوبة:
- بل هذه هي الحقيقة يا فاتنتي!
و قبل أن تجد سوسن شيئا تداري به خجلها، فزعت كغيرها لصوت جلبة وصراخ انطلق فجأة من جوارها:
- هل من طبيب هنا؟؟
وهرعت سوسن مع خطيبها نحو الفتاة الممددة على الأرض، في حين أحاط بها بعض الحرس، ليمنعوا اقتراب الناس منها حيث احتشدت أعداد غفيرة على باب القاعة اثر تلك الجلبة، وقد بدأت الشائعات بالانتشار لوصف ما حدث، مع زيادة ونقصان قد لا تمت للواقع بصلة كالعادة بحيث لا يستطيع أحد معرفة الحقيقة أبدا:
- لقد أغمي على ابنة وزير العمل..
- أيعقل أن تكون قد سقطت فجأة هكذا!!
- قد تكون حادثة اغتيال..
- انظر اليها اليست جميلة، وملابسها لا اظنها تخفي أكثر مما تبدي، ما رأيك؟
- سمعت أن هناك شاب يحبها لكنها رفضته فربما حاول الانتقام
- قد تكون مدمنة!! سمعت أن المدمنين يصابون بنوبات مفاجأة!
- يا للعار ابنة وزير ومدمنة!!
- ....................................
-.....................................
ولم تكن الأحاديث للتوقف في أي حال من الأحوال، في حين أسرع من بين الجميع شاب ملتحي، أخذ يعدو بسرعة تجاه الحدث وهو يحث الناس على افساح الطريق أمامه:
- بعد اذنكم.. دعوني أمر فأنا طبيب..
حتى وصل نحو الشابة الممدة على الأرض، وللاحتياطات الأمنية المعتادة أبرز الشاب بسرعة بطاقته الطبية و رخصة مزاولة المهنة للحرس المحيطين بها، قبل أن ينحني على الأرض قرب الفتاة هاتفا:
- هل أنت بخير؟
ولما لم تستجب لندائه فتح فمها بهدوء ليتأكد من سلامة وضعية لسانها، ثم وضع أذنه على فمها في حين اتجه بصره ناحية صدرها، غير أنه لم يجد أثرا لتنفسها فبدأ يجري لها تنفسا اصطناعيا، واضعا فمه على فمها لينفخ فيه نفختين من الهواء، ثم أرجع رأسها برفق للخلف واضعا يده اليمنى على جبهتها في حين ضغط باصبعين من اصابع يده اليسرى على رقبتها ليتأكد من سلامة النبض، ومن ثم بدأ يضغط على صدرها ما يقارب الثلاثين ضغطة قبل أن يضع فمه على فمها من جديد لينفخ فيه الهواء مكررا تلك العملية عدة مرات..
أخذت سوسن التي وقفت على مقربة منه تتابعه بفضول وهي تحاول أن تتذكر أين رأته من قبل، ولم يطل تساؤلها كثيرا إذ سرعان ما طرق سمعها صوتٌ مألوفٌ:
- بعد اذنكم.. لقد أحضرتُ شنطة الطبيب بناء على طلبه..
وما هي إلا لحظات حتى برزت نور أمامها وهي تتجه نحو الطبيب، قائلة:
- هاهي الحقيبة يا عامر، هل أُعدّ الحقنة!
عندها أدركت سوسن أن ذلك الطبيب الشاب لم يكن سوى زوج نور الذي رأته معها ذات يوم..
وقبل وصول سيارة الاسعاف تحركت الشابة أخيرا وفتحت عينيها، إثر حقن عامر لها بالدواء، فهلل الحاضرون فرحا، وبادر الوزير عامرا بالشكر الحار لانقاذه ابنته، فما كان من عامر إلا أن رد بتواضع:
- هذا واجب الطبيب وأمانة في عنقه..
ثم استدرك قائلا:
- لقد قمت بعمل الاسعافات الأولية اللازمة في حالتها لا أكثر، فقلبها مجهد و من الأفضل نقلها بسرعة لأقرب مشفى..
وتابع كلامه وهو يناول الوزير ورقة انتزعها من مفكرة في جيبه بعد أن خط عليها بضعة جمل:
- لقد دونت هنا تشخيصي الأولي عن حالتها والعلاج الذي أعطيته لها، أرجو أن تعطيها للطبيب الذي سيشرف على حالتها في المشفى وستكون بخير إن شاء الله..
ثم ناوله بطاقة وهو يقول متابعا:
- و هذا هو رقمي إن كنتم بحاجة لأي استفسار آخر..
شد الوزير على يد عامر بقوة:
- لا أعرف كيف سأشكرك، إنك شهم حقا أيها الطبيب ولن انسى لك معروفك هذا أبدا..
وبينما كانت نظرات الاعجاب تثني على الطبيب الشهم الواقف إلى جوار زوجته وهو يحادثها، استأذنت سوسن خطيبها الذي بدا شاردا فيما رآه:
- انها نور.. سأذهب للسلام عليها..
غير أن أيهم جذبها من يدها ليستوقفها متسائلا:
- أذلك الطبيب.. كان زوجها؟؟
فأومأت سوسن برأسها إيجابا راجية أن تكون هذه اشارة لاستلطافه لهم، فلشد ما آلمها موقف أيهم السلبي تجاه نور من قبل:
- أجل، أرأيت كم كان بارعا!
لم يرد أيهم ببنت شفة، بل استدار قائلا:
- إذا رغبت بالذهاب للسلام على صديقتك فسأنتظرك هنا..
لم تستطع سوسن أن تحدد تماما على ماذا يدل ذلك، وترددت بالذهاب، حتى كفاها ابتعاد نور مع زوجها عناء التفكير فعادت إلى جانب أيهم متسائلة:
- هل هناك ما يزعجك؟
وقبل أن يجيبها بشيء انتبهت لمجيء والديها اللذان هرعا باتجاهها بلهفة، فيما أسرعت أمها لتحضنها قائلة:
- لقد قلقنا عليك يا ابنتي، خفت عليك كثيرا وخشيت أن تكوني أنت الفتاة المصابة!
فابتسمت نور مطمئنة:
- اطمئني يا أمي فأنا بخير
فقالت أمها وهي تخاطبهم جميعا:
- دعونا نبتعد من هذا المكان المشؤوم، لقد كرهت البقاء فيه، فجوه غير مريح أبدا!
فعلق زوجها:
- كفي عن ذلك يا عزيزتي.. سيدة راقية مثلك وتؤمن بالشؤم!
فردت عليه بحدة:
- لا علاقة للرقي بهذا الأمر.. المكان لم يعد يعجبني وحسب! ثم إنك أنت من طلب مني أولا أن لا نتأخر في العودة للمنزل، أنسيت ذلك!
والتفتت باتجاه سوسن لتمسك يدها قائلة:
- هيا يا ابنتي..
فنظرت سوسن نحو أيهم متسائلة:
- ألن تذهب ؟
فأجابها بابتسامة مقتضبة:
- لا بأس عودي مع والديك، فسأتجول قليلا هنا لأرى بقية الأقسام قبل أن أعود، فقد لا تتاح لي فرصة أخرى لفعل ذلك..
فهمت الأم ما يدور بخلد ابنتها من رغبتها بالبقاء إلى جوار خطيبها، غير أن قلقها عليها في تلك الاثناء بدا هاجسا يسيطر عليها، فحاولت اقناعها للتراجع عن ذلك بقولها:
- لقد تأخر الوقت يا حبيبتي وأنت لم تنامي جيدا ليلة الأمس والارهاق باد عليك، وما زالت الأيام أمامكم أنت وأيهم وبإمكانك الذهاب معه فيما بعد، فهيا بنا الآن..
وهمت سوسن بالامتثال لطلب والدتها غير أنها لمحت سورا فجأة، وخيل إليها أنها كانت تراقبهم من بعيد لتقتنص الفرصة المناسبة للاختلاء بأيهم، وشعرت بمكيدة تحاك في الخفاء ومن الغباء أن لا تأخذ موقفا تجاه ذلك، فجذبت يدها من يد والدتها قائلة:
- أرجوك يا أمي إنني ناضجة بما يكفي لأقرر ما أريد فعله، فلا تقلقي علي، سأتجول مع أيهم ولن نتأخر ثم سيوصلني هو للمنزل..
وأكد والدها كلامها معاتبا زوجته:
- كفاك تدخلا في حياة الفتاة، دعيها تعيش حياتها فخطيبها معها..
ورغم نظرة القلق التي لمعت في عيني الأم إلا أنها لم تجد ما تفعله أمام إصرار ابنتها وتأييد والدها لها، فاستسلمت للأمر الواقع وقلبها غير مطمئن، موجهة حديثها لأيهم:
- اعتني بسوسن جيدا، وحاولا أن لا تتأخرا كثيرا، فيكفيكما سهر ليلة الأمس
لم تكن سوسن راضية تماما عما فعلته بحق أمها، لكن لم يكن بيدها حيلة أخرى، وتنهدت بألم.. إلى متى ستستمر في حماية حبها بهذه الاستماتة!! ألا يمكنها الاطمئنان والركون إلى الراحة قليلا!! إنها تأخذ دور الحارس الشخصي، بل المرابط على الثغور الذي كتب عليه أن يقضي حياته منتبها خشية تسلل الأعداء إلى مملكته فيخسر المعركة!
وتأوهت في أعماق نفسها تأويها؛ ما لو أنه لو ترجم لأصواتٍ لصم الآذان من شدته..
آه يا أيهم.. كم يعذبني حبك!!
امواج السرابsaid:10-06-2013 15:39
اه يا سوسن اني اتالم لاجلك حقا ....لابد ان ياتي يوم ترتاحين فيه ولا تخافين على فقد من تحبيه
ايهم ما باله ولماذا ذلك الشرود العميق عندما راى ما فعله عامر زوج نور للفتاة ولماذا ردت فعله كانت كذلك ...لقد بدات الاحداث بالاثارة فعلا ...وبدات جوانب اخرى من شخصية ايهم بالظهور ...او انني اتوهم ذلك وابالغ في اعتقادي ..
راح نكتشف في البارتات الجاية
مصادفة عجيبة ان تتواجد نور وزوجها هناك ....اكيد راح يكون ليهم دور كبير في القصة وعلى حياة سوسن وايهمسورا ما ذي تحكيه في الخفاء تلك الفتاة الشيطانة ...لست مرتاحة لامرها ...
يسلمووووووووووووووووو على البارتاخر تعديل كان بواسطة » امواج السراب في يوم » 10-06-2013 عند الساعة » 15:41
أمواج المحيطsaid:11-06-2013 16:38
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أردتُ أن أعلق على الجزء الثالث قبل أن تضعي جزءاً جديداً.. لكني لم استطع لبعض الظروف
أرى بأن أحداث القصة تزيد من تأكدي للمعنى الذي فهمته من العنوان
(تركته لأجلك).. لكني أفضل الانتظار فربما الأحداث القادمة ستحمل مفاجأة تغير رأييازدادت شخصية سوسن وضوحاً.. فتاة هادئة لكنها ذات شخصية قوية
وأيهم نقطة من نقاط ضعفها بالإضافة إلى إحساسها بالضياع وعدم الاستقرار في نفسهاأيهم أصبح أكثر وضوحاً أيضاً.. إن تصرفاته الباردة فاجأتني فعلاً.. إذن فكل هذا الحب لجمالها فحسب؟! سيكون هذا مؤلماً
نور.. من الواضح انها هادئة وقوية.. الشخصية المثالية لإبراز أفكارها
ما شاء الله.. أذهلتني بأفكاركِ عن اللوحات وربطها بآيات القرآن! هذا مذهل!
المناقشات العلمية شيء أحبه كثيراً حين أرى شخصية كنور.. أشعر بالأسف والضيق حين أرى شخصاً يقتصر علمه على أمور سطحية بحجة الدين!زوج نور طبيب إذن.. رائع
مثال آخر بأن الدين لا يمنع العلم بل يشجع عليهلديكِ تنوع في شخصيات القصة وهذا جميل.. في قصصي أعاني من تكرار الشخصيات للأسف
كنتُ سأسألكِ عن الحفل الذي ذهبت إليه سوسن مع خطيبها.. لكنكِ أخذتِ تذكرين لمحات منه في ذكريات سوسن وهذه حركة ذكية وتكسر الروتين الزمني للقصة
السرعة في الأحداث.. عادت حين اعتبرت سوسن نور أعز صديقاتها.. فشخصيتان مثلهما وإن ارتاحتا لبعضهما لكن هناك حواجز يجب أن تُكسر لتعتبر كل منهما الأخرى صديقة عزيزة
وكذلك أيهم حين صار يُفسِّر تصرفات سوسن على أنها متأثرة بنور
عموماً لديكِ ميزة في كتاباتكِ.. فحين اقرأ تصبح لدي العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات.. لكن سرعان ما يجد القارئ الأجوبة في الأجزاء التالية
أقصد أنكِ لا تكشفين كل أسرار القصة في وقت واحد.. ما شاء اللهالقصة تزداد جمالاً
أرجو أن تكمليهافي حفظ الله
امة القادرsaid:13-06-2013 09:45
اه يا سوسن اني اتالم لاجلك حقا ....لابد ان ياتي يوم ترتاحين فيه ولا تخافين على فقد من تحبيه
ايهم ما باله ولماذا ذلك الشرود العميق عندما راى ما فعله عامر زوج نور للفتاة ولماذا ردت فعله كانت كذلك ...لقد بدات الاحداث بالاثارة فعلا ...وبدات جوانب اخرى من شخصية ايهم بالظهور ...او انني اتوهم ذلك وابالغ في اعتقادي ..
راح نكتشف في البارتات الجاية
مصادفة عجيبة ان تتواجد نور وزوجها هناك ....اكيد راح يكون ليهم دور كبير في القصة وعلى حياة سوسن وايهمسورا ما ذي تحكيه في الخفاء تلك الفتاة الشيطانة ...لست مرتاحة لامرها ...
يسلمووووووووووووووووو على البارتوتسلمي كتير على الرد(:
من الجيد ان سوسن وجدت من يشعر معها ويتألم لأجلها، لا شك أنها فرحة بذلك الآن وتشكرك من أعماق قلبها(؛
حسنا لن أطيل عليك وسأحاول قدر الاستطاعة الاستعجال بوضع الأجزاء بسرعة إن شاء الله(:
الجزء السادس بعد قليل إن شاء الله، قد يجيب على بعض اسألتك، فكوني معنا(:
في أمان اللهPowered by: vBulletin Version 4.2.3
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltdيتبع نسخ الصفحة الثانية من الارشيف في الرد التالي إن شاء الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
رواية "تركته لأجلك!"
(تليها انطباعات وتفاعل القراء من الارشيف..^^)
رواية "تركته لاجلك" هي رواية متسلسلة تم نشر الجزء الاول منها على منتدى مكسات أول مرة عام 2013، حيث كانت تنزل الاجزاء بشكل متسلسل على فترات متباعدة أحيانا، فيما حصدت تفاعلا جميلا بفضل الله من اعضاء المنتدى خلال نشرها في ذلك الوقت- كان فوق توقعاتي بصراحة ما شاء الله لا قوة الا بالله والحمد لله لا زال تأثير ذلك يسعدني بفضل الله^^- وقد تم الانتهاء من نشر قسمين كاملين منها بفضل الله على منتدى مكسات، والحمد لله اصبح بإمكانكم الان قراءتها عبر موقع نبراس المانجاكا بشكل حلقات متسلسلة، من هنا:
ونظرا لاغلاق منتدى مكسات، فقد شعرت أنه من الجميل نقل انطباعات القراء هنا،والتي استطعت الوصول لها من خلال رابط الارشيف:
(للاسف لم يتم حفظ اكثر من 7 صفحات من الارشيف وقدر الله وما شاء فعل، والحمد لله انه تم حفظ الصفحات الاولى ^^)
https://web.archive.org/web/20230721111952/http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=1068790
وهنا سأنقل لكم ذلك بطريقة النسخ واللصق، وارجو المعذرة لضياع التنسيقات الاصلية:
-
امة القادرsaid:28-05-2013 17:06
تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
تركته لأجلك!!
شهقت الآنسة ناديا - المسؤولة عن تقييم اللوحات في معهد الفنون الراقي- عندما وقعت عيناها على لوحة سوسن:
- أنت مدهشة فعلا يا سوسن، لا تزالين في المقدمة كعادتك!
فابتسمت سوسن بتواضع:
- هذا جزء لا يذكر أمام ابداعك يا آنسة ناديا..
وأسرعت الفتيات بالتحلق حول اللوحة التي تناسقت ألوانها لتنسجم مع خلفيتها بذوق رفيع، مصورة شابا وسيما ممتطيا حصانا أبيض في أجواء حالمة، علقت عليها سوسن موضحة:
- سأهديها لخطيبي في عيد ميلاده
ولم تستطع معظم الفتيات إخفاء غبطتهن الشديدة أو ربما حسدهن لسوسن، تلك الفتاة الثرية الأنيقة و الجميلة والتي تحصل على كل شيء تريده، ولم تملك اثنتين منهن أن تتهامسا بهذا الشأن:
- إنها تخطف الأضواء دائما
- فتاة محظوظة بلا شك، حتى عطرها الفريد الذي تستعمله، أظنه صنع خصيصا لأجلها فقط!
ورغم جميع تلك النعم المحيطة بسوسن إلا أنها كانت لا تساوي شيئا عندها إذا ما فكرت بخطيبها أيهم، ذلك الشاب الذي يجاريها مكانة وثراء، بل إنه الشخص الوحيد الذي كانت على ثقة تامة بأنه لم يتقدم لخطبتها من أجل مالها أو مكانة والدها فهو لا ينقصه شيء من هذا ولا ذاك وقد سطع نجمه وغدا الأشهر في هذه المدينة، غير أن القلق بدأ يساور قلبها في الآونة الأخيرة خاصة بعد انتقال أيهم إلى مبنى المعهد نفسه ..
كان المعهد يتكون من طابقين بنيا على أحدث طراز يندر أن يرتاده أحد من الطبقة المتدنية ولا حتى المتوسطة، خصص الطابق الثاني فيه للفنون الجميلة، في حين انتقلت فرقة أيهم الموسيقية للطابق الأول.. أيهم، ذلك العازف المحترف الموهوب ساحر الفتيات والذي ما أن ذاع نبأ خطبته حتى أغمي على الكثيرات اللاتي بنين أحلامهن الوردية معه، لا سيما وقد تصدرت صور سوسن أغلفة الصحف والمجلات بصفتها خطيبة هذا النجم اللامع، فقطعن الأمل تماما بلفت أنظاره إليهن إذ لم يكن يجارين خطيبته جمالا ولا مكانة ولا جاذبية..
لم تكد سوسن تنهي حديثها عن تلك اللوحة حتى دخل أيهم ليلقي التحية على الجميع بشكل عام قبل أن يحيي خطيبته بشكل خاص، وسط النظرات الحاسدة:
- كيف كان نهارك يا ملاكي؟ لقد أنهيت الاشراف على الفرقة هذا اليوم، هل أصطحبك إلى المنزل؟
وقبل أن تتمكن سوسن من مداراة لوحتها عنه خشية أن تفسد المفاجأة، انتبه لها أيهم فأطلق صافرة إعجاب شديدة:
- إنها صورتي!! ما هذا الفن الراقي الذي تتميز به أناملك الرقيقة يا فاتنتي!!
فاحمرت وجنتا سوسن قائلة:
- إنها المفاجأة التي وعدتك بها..
فحضنها أيهم هاتفا:
- آه يا حبيبتي، كيف أشكرك!! إنها أغلى هدية رأيتها!
وعلى خلاف ظن معظم الفتيات اللاتي كن يتابعن المشهد دون تحفظ، لم تكن سوسن من النوع الذي يحب افصاح المشاعر بهذا الشكل السافر أمام الآخرين، بل كان يضايقها ذلك لأسباب كثيرة، ورغم أنها حدثت أيهم بهذا من قبل إلا أن كلامها بدا لا يعبر أذنه الأولى حتى يطير من الأذن الثانية..
كم كانت تؤلمها تلك النظرات المسددة نحوهما كالسهام الحارقة، لماذا لا يراعي مشاعرهن على الأقل!! هذا عوضا عن الفتيات اللاتي بدأن يحكن الخطط للفت أنظار أيهم اليهن وكأنهن في معركة تحدي سافرة، يراهن فيها على كونهن يستطعن كسب وده رغم انفها، خاصة تلك الفتاة المتعجرفة سورا التي ما أحبت سوسن قط وقد احترقت غيظا بمجرد أن علمت بخطبة أيهم لها، لا سيما وقد كانت تمني نفسها منذ وقت طويل بأن تكون العروس المرتقبة له ولم تستسلم بعد!
كانت سوسن تحلم بحياة سعيدة هادئة مع زوج محب على غرار قصص الأبطال الخيالية "وتزوجا وعاشا بأمان ونبات وأنجبا البنين والبنات"، غير أن تصرفات أيهم لا تبشر بذلك الاستقرار الذي ترنو إليه نفسها، وقد تكون هذه هي مشكلة النجوم والمشاهير بشكل عام غير أنها تركت أثرها العميق في نفس سوسن و هي ترى العداوات تظهر أمامها سفاحا يوما بعد يوم، حتى تجرأت احداهن أن تتهامس مع زميلاتها متعمدة اسماعها ما تقوله عنها:
- هل تعلمن أن والد سوسن هو من دفع بابنته لأيهم؟؟
غير أن احداهن تصدت لها بقولها:
- ولم يفعل ذلك!! أنت تعرفين أنه ما من شاب في المدينة إلا وتمنى سوسن زوجة له، يكفي أنها على مالها وجماله ذات خلق نبيل؟؟
فترد عليها الأخرى:
- أكل هذا الدفاع عن سوسن من أجل ما قدمته لك ذلك اليوم! انها تشتري الناس بأموالها...
فقاطعتها بحدة:
- بل بأخلاقها ونبلها وطيبتها ثم إنني لست بحاجة لمن يشتريني بفضلات ماله إن كنت تفهمين!!!
كل ذلك وسوسن تتظاهر بأنها لا تسمع شيئا وهي غارقة في رسم لوحتها والألم يعتصر قلبها حتى كاد يمزقه!
حتى جاء ذلك اليوم الذي غير مجرى حياتها للأبد، فاتحا لها أبواب جديدة على مصراعيها ونوافذ مغلقة لم تكن تدرك أنها موجودة حاجبة عنها النور..( يتبع الجزء الثاني إن شاء الله)
-
امواج السرابsaid:29-05-2013 19:36
رووووووووووووووووووعة
هذة البداية الجميلة ...تظهر في طياتها ملامح رواية رائعة
اني اتحرق شوقا للجزء الثاني
اعتبريني اول المتابعات
دمتي بود -
أشواق المختارsaid:29-05-2013 20:31
أحببت القصة
حزنت على سوسن كثيرا ,
تحمل الرواية الحقيقة في مشاعر البشر بين الحسد ,الحب,الغيرة,التفاخر,الولاء
أكملي فالرواية غنية بما فيها ..حياكم لكتابة رأيكم في رواياتي عبر القود ريدوز
روايات اشواق
https://www.goodreads.com/book/show/...om_search=true
14 يوما في كابوس مثير
https://www.goodreads.com/book/show/22840248-14 -
أمواج المحيطsaid:30-05-2013 11:57
السلام عليكم
انطباعي الأول هو أن القصة جيدة .. إلا أن الأحداث غير واضحة بعد بما يكفي لأحكم عليها فربما تكون كلمة "جيدة" لا تكفي بحقها
بدا لي وكأنك كنتِ تكتبين بسرعة .. إذا كان كذلك صحيحاً فأرجو أن تأخذي راحتكِ في الكتابة فقد أعجبني تنوُّع الشخصيات رغم أننا مازلنا في البداية
سوسن .. بدت وكأنها إحدى الشخصيات المثالية .. مال وجمال وأخلاق! لكني أتوقع شيئاً أفضل منكِ ذلك
أيهم .. بدا لي مستهتراً .. ربما لأن هذا هو تصوري للأشخاص لنجم شاب .. بالذات إذا كان عازفا لفرقة موسيقى صاخبة كما تخيلتهعلى أية حال .. بانتظارك
-
امة القادرsaid:01-06-2013 05:39
شكرا لك أمواج السراب لهذه الحماسة المشجعة(:
يسعدني أن تكوني أول المتابعات وأتمنى أن أكون عند حسن ظنك(؛***
كما ذكرتِ عزيزتي "جوانا" هذه محاولة لتسليط الضوء على مشاعر البشر، وسيتضح ذلك بشكل اكبر فيما بعد ان شاء الله، اتمنى أن تجدي فيها ما يستحق الاهتمام والمتابعة
وشكرا لمرورك(:السلام عليكمانطباعي الأول هو أن القصة جيدة .. إلا أن الأحداث غير واضحة بعد بما يكفي لأحكم عليها فربما تكون كلمة "جيدة" لا تكفي بحقها
بدا لي وكأنك كنتِ تكتبين بسرعة .. إذا كان كذلك صحيحاً فأرجو أن تأخذي راحتكِ في الكتابة فقد أعجبني تنوُّع الشخصيات رغم أننا مازلنا في البداية
سوسن .. بدت وكأنها إحدى الشخصيات المثالية .. مال وجمال وأخلاق! لكني أتوقع شيئاً أفضل منكِ ذلك
أيهم .. بدا لي مستهتراً .. ربما لأن هذا هو تصوري للأشخاص لنجم شاب .. بالذات إذا كان عازفا لفرقة موسيقى صاخبة كما تخيلتهعلى أية حال .. بانتظارك
أعجبني تحليلك وقوة ملاحظتك، فعلا هذه القصة مكتوبة على عجالة لكن لم أتوقع أن يتم ملاحظة ذلك بهذه السرعة(؛
كانت في الحقيقة مسودة قديمة وجدتها في أوراقي اثناء محاولتي نفض الغبار عليها، ثم خطر لي أن أقوم بطباعتها ما دامت مكتوبة على اية حال، فمن يدري..قد تكون ذات فائدة!!
فما رأيك.. هل اتابع طباعتها أم لا داعي لذلك إذ لا وقت لدي للتأني فيها أكثر هذه الأيام؟؟؟
امممم حسنا بما أنني كنت أنوي اضافة الجزء الثاني، فسأضيفه ان شاء الله ومن ثم نسمع رأيك(؛
شكرا لوقفتك الناقدة
في امان الله(: -
امة القادرsaid:01-06-2013 05:56
الجزء الثاني..
لم تكن سوسن تدرك حجم ذلك التغيير الذي سيحدث في حياتها، عندما التحقت نور بالمعهد أول مرة لافتة أنظار الجميع لحجابها الساتر، إذ لم يعتد أحدهم رؤية فتاة بذلك الشكل تلج هذا المكان بالذات، خاصة وهي تدخل بثقة وشموخ لتتجه مباشرة نحو المسؤولة مسلمة عليها قائلة:
- أود الالتحاق بهذا المعهد لمدة شهر ان شاء الله من أجل صقل موهبتي في الرسم..
ثم أضافت بعد أن أدارت وجهها في المكان وقد بدا عليها التوجس من بعض اللوحات:
- أريد رسم لوحات الطبيعة وحسب!
فرمفتها المسؤولة باستياء معلقة:
- اسمعيني يا هذه، لا مجال للتعقيد هنا، فإذا كنت ترغبين بمناقشة الحلال والحرام فهذا ليس مكانه!!
فتداركت نور قائلة بأدب:
- عفوا، نا لم أقل شيئا من هذا القبيل، كل ما قصدته هو أنني أرغب برسم لوحات الطبيعة وحسب، فلدي الموهبة بفضل الله ولكنني أريد صقلها، وقد علمت أن هذا هو المعهد الوحيد الذي أجد فيه مشرفات من النساء
لم يرق كلام نور للمسؤولة كثيرا، وهمت بأن توضح لها بأن هذا المكان لم يتعمد احضار المشرفات من أجل وجهة نظرها تلك وكأنها تدفع تهمة عنه، غير أنها اكتفت بقولها:
- التكلفة باهظة هنا!
فأخرجت نور محفظتها ووضعت النقود على الطاولة مردفة:
- تفضلي، لقد اطلعت على أسعاركم وهي معقولة نسبيا..
وما أن وضعت نور النقود على المنضدة حتى تغيرت ملامح وجه المسؤولة، في حين أخرجت نور مبلغا اضافيا قائلة:
- إن كان يتوجب علي دفع مبلغ اضافي مقابل تحديد الفرع الذي أنوي رسمه فلا مانع لدي..
لم يتطلب الأمر أكثر من بضع لحظات أخرى حتى استلمت نور أدواتها متجهة نحو الزاوية التي حددتها لها الآنسة ناديا لتبدأ أولى أعمالها في المعهد، ورغم أن نور ألقت التحية على الفتيات بابتسامة محببة إلا أن النظرات المحدقة بها لم تخلو من استهجان لمظهرها مع بضع همسات من هنا و هناك، غير أن نور لم تبد اكتراثا بذلك كله بل أخذت مكانها بينهم بثقة. وحدها سوسن نهضت من مكانها وبادرت بالترحيب بها وهي تمد يدها مصافحة:
- أهلا بك بيننا، اسمي سوسن..
فشدت نور على يدها بحرارة:
- تشرفت بمعرفتك، وانا اسمي نور..
و سرعان ما انسجمت الفتاتان مع بعضهما و كأنهما على معرفة سابقة رغم تناقض مظهرهما الخارجي الشديد، حتى أن سوسن استأذنت الآنسة ناديا بنقل حاجياتها إلى جوار نور، فأذنت لها بنبرة محذرة:
- ولكنك ستكملين اللوحة التي بدأتها يا سوسن قبل أن تفكري برسم لوحة طبيعية!
فابتسمت سوسن مطمئنة:
- بالتأكيد.. فلم يخطر هذا ببالي يا آنسة!
ولأول مرة من مدة طويلة شعرت سوسن براحة تغمر خلايا قلبها القلقة فاستعادت حيوتها التي فارقتها من أسابيع، وغدا لرسمها إلى جوار نور طعم آخر لم تتذوقه من قبل، بل انها شعرت بانجذاب غريب نحو نور لم تعرف كنهه وكأنها الملاك الذي كانت تنتظره ليخلصها من همومها ويجد لها حلا لجميع مشكلاتها، وما أن استقرت هذه الخاطرة في رأسها حتى تملكتها رغبة عارمة لمعرفة تفاصيل حياة هذه المنقذة، ولم تتردد نور لحظة واحدة بالاجابة عن اسألتها التي اقتصدت فيها سوسن وهي تحاول من خلالها أن تستشف أخبار نور دون أن تبدو فضولية..
قالت نور:
- لطالما حلمت بتجسيد ما أراه من مناظر طبيعية خلابة أمامي على لوحات تتجلى فيها عظمة الخالق وبديع صنعه.. إنني أهوى الطبيعة والتأمل فيها.. بل انني اعشقها.. إنها تعني لي الكثير..
و تابعت باسمة:
- وبما أنني أنوى اخراج لوحات على مستوى عال، فقد اقترح علي زوجي بعد انتقالنا لهذه المدينة الالتحاق بهذا المعهد لا سيما وأن لدي وقت فراغ كبير أثناء انشغاله بعمله..
علت الدهشة وجه سوسن بداية لكنها سرعان ما ابتسمت قائلة:
- لا شك أنك عروس جديدة اذن!
فبادلتها نور ابتسامتها:
- أجل فلم يمض على زواجنا أكثر من شهرين..
وقبل أن تضيف أي منهما كلمة أخرى رن هاتف نور، فاعتذرت وهي تنهض قائلة:
- لم أنتبه لمرور الوقت لقد جاء زوجي..
و بعد أن صافحت سوسن بمودة، اتجهت نحو الآنسة ناديا:
- سأكمل اللوحة في الغد إن شاء الله فلن أستطيع التأخر أكثر هذا اليوم..
و لم تكد نور تغادر القاعة حتى أسرعت الفتيات - اللاتي كن يتستمعن الى حديثها باهتمام شديد- إلى النافذة وهن يتابعن خطاها المتجهة نحو سيارة فارهة ، حتى قالت إحداهن وأكثرهن فضولا:
- كما توقعت.. معقد مثلها!!
ولأول مرة وجدت سوسن في نفسها رغبة لمشاركتهن الحديث وهي تعلق باسمة:
- لا أدري كيف استطعتن رؤية ملامحه من هذه المسافة!
وتمتمت أخرى بصوت مسموع وهي تستمع الى الوصف الدقيق الذي وصفت به زميلتها ذلك الشاب الملتحي:
- غريبة! ارستقراطيون ومعقدون!!!
فقالت سوسن:
- وما الغريب في ذلك!! اليست هذه حرية شخصيـ...
و بترت عبارتها اثر شعورها بيدين تطوقان خاصرتها من الخلف، فالتفتت بسرعة لتجد ايهم ينظر اليها بحب مكملا جملتها، قبل أن يتيح لها فرصة الاعتراض على تصرفه المفاجئ:
- حرية شخصية يا عزيزتي، اليس كذلك!!
لم تستطع سوسن الرد بكلمة واحدة وهي تحاول التواري عن الانظار المحيطة بها وفي عينيها ابلغ كلام:
- لماذا يا أيهم! إلى متى تحرجني بهذه التصرفات!!
غير أن أيهم سرعان ما قدم لها هديته قائلا:
- لقد انتقيت هذا الثوب خصيصا لك يا فاتنتي الجميلة، سأمر عليك هذه الليلة لأصطحبك إلى حفل خاص، فلن يروق لي أي مكان في هذا العالم دونك..
فتساءلت سوسن باستغراب:
- ألم تخبرني بأن الحفل سيقام الشهر القادم؟
فابتسم أيهم بعذوبة:
- أجل ذلك حفل النجوم، ولكن حفلة الليلة خاصة جدا، إنها على شرف كبار المسؤولين وقد دعيت اليها كواحد منهم..
* * *
ظلام...ظــــــــلام....ظـــــــــــــــــلام...
أخذت سوسن تجري وقد تقطعت انفاسها وخارت قواها هربا من تلك الايادي التي تحاول الامساك بها، كانت تجري وتجري وسط الظلام التام ولكن الى اين!! فكل ما حولها هو الظلام وحسب، حاولت أن تصرخ.. أن تستغيث.. دون جدوى فقد ضاع صوتها في حلقها قبل أن يخرج.. ظلام في كل مكان هذا كل ما تراه.. أو أنها لم تكن ترى شيئا أصلا...أرادت أن تهتف باسم فارسها ايهم لعله يأخذ بيدها ويطير بها على صهوة جواده الأبيض، لكنها لم تفلح.. لقد ضاع كل شيء ولم تعد تشعر بأي شيء...
وبصعوبة شديدة استطاعت فتح عينيها أمام نور بسق فجأة أمامها ، فغطت وجهها بيديها لتتمكن من الابصار، فإذا بشمس الصباح المتسللة من بين طيات الستارة تداعب وجهها دون استئذان وهي تنشر الدفء في المكان، حتى أدركت سوسن أخيرا أنها لا تزال فوق سريرها بعد أن ارتمت عليه بتهالك اثر عودتها من الحفلة، فالتقطت انفاسها اللاهثة:
- لقد كان كابوسا مزعجا!
ثم نهضت من فراشها بسرعة وهي تحدث نفسها:
- أرجو أن لا أكون قد تأخرت على المعهد، فعلي انجاز لوحتين على الأقل قبل نهاية الاسبوع!
وبسرعة نادت الخادمة متسائلة:
- هل أعد مرزوق السيارة؟
فأجابتها الخادمة بتلعثم وهي تحاول ايجاد مبرر لتصرفها:
- لقد ظننتك تنوين البقاء في المنزل هذا اليوم يا سيدتي، فقد عدت في ساعة متأخرة.. و كنت مرهقة جدا ليلة الامس.. لذلك قلت لمرزوق عندما سألني....
لم تستطع سوسن الانتظار كعادتها لسماع كلام الخادمة كله فاستعجلتها بقولها:
- حسنا حسنا لا بأس، سآخذ سيارة أجرة
فاستوقفتها الخادمة بقلق:
- لا تستطيعين ذلك يا سيدتي سيغضب سيدي إن خرجت بمفردك!
فتنهدت سوسن وهي تستذكر تعليمات الحماية الصارمة الموجة لها خصيصا، كونها الابنة الوحيدة لرجل الأعمال الكبير كارم، فالأعداء كما يقول والدها يتربصون بأصحاب النجاح دائما ولا بد من أخذ الحيطة والحذر، رغم أنها شخصيا لا تؤمن بذلك أبدا ولا يمكنها تخيل عدو أخطر من سورا ومن شابهها عليها، لكنها استسلمت لرغبة والدها وهي توجه حديثها للخادمة:
- اذن اطلبي منه أن يعد السيارة في أسرع وقت ممكن، فسأذهب إلى المعهد..
لم تكن سوسن ممن يعير اهتماما كبيرا للأحلام، لذا لم تكن الكوابيس لتترك أثرا يُذكر في حياتها، غير أن هذا الكابوس بالذات جعلها عازمة على مكاشفة أيهم بموضوع كان يؤرقها من فترة طويلة وقد آن أوان التخفف من عبئه.. حتى أنها همت بارسال رسالة نصية له تخبره عن رغبتها في الحديث معه بأمر مهم لكنها سرعان ما عدلت عن ذلك، فما زال النهار في أوله وستقابله في المعهد على أية حال..
...... -
أمواج المحيطsaid:03-06-2013 09:41
السلام عليكم
سألتني عن رأيي.. رغم اني كنتُ أريد أن أكتفي بقول بأن هذه قصتكِ وعليكِ ألا تهتمي برأي أحد
لكن حين قرأت الجزء الثاني أستطيع أن أقول لكِ بثقة: أكملي من فضلك!توقعت بأن مصيبة ما ستنزل على رأس البطلة لتغير حياتها ، فهذا ما يحدث عادة
لكنكِ خالفتِ توقعاتي حقاً! ما شاء الله
خاصة بأني كنتُ سأسألكِ عن سبب تسميتكِ للأبطال بأسماء عربية ، فشخصية أيهم كانت تعبث برأسي فكأن أي اسما أجنبيا كان سيبدو أكثر ملاءمة له
كما أن شخصية الفتاة سورا بعثت في قلبي الشك أكثر ، ربما لأني أقرأ قصة أخرى فيها فتاة يابانية بنفس الاسممر زمن طويل لم اقرأ فيه قصة هكذا .. قصة تتحدث عن الاسلام ، اشتقتُ حقاً لهذا النوع من القصص!
كما أن الجزء الثاني ليس بسرعة الجزء الأول الذي يبدو الآن مجرد مقدمة وحسب
إذا كانت بقية الأجزاء بمستوى هذا الجزء فأرى بأن القصة كأحداث وهدف لم تتأثر بشكل سلبي كما كنتُ أظن أنه قد يحدث
فرغم أنك كتبتها على عجالة -كما قلتِ- لكن لها رونقاً جميلا يجذبني إليهابانتظار الجزء القادم
في حفظ الله -
امة القادرsaid:05-06-2013 13:15
السلام عليكمسألتني عن رأيي.. رغم اني كنتُ أريد أن أكتفي بقول بأن هذه قصتكِ وعليكِ ألا تهتمي برأي أحد
لكن حين قرأت الجزء الثاني أستطيع أن أقول لكِ بثقة: أكملي من فضلك!توقعت بأن مصيبة ما ستنزل على رأس البطلة لتغير حياتها ، فهذا ما يحدث عادة
لكنكِ خالفتِ توقعاتي حقاً! ما شاء الله
خاصة بأني كنتُ سأسألكِ عن سبب تسميتكِ للأبطال بأسماء عربية ، فشخصية أيهم كانت تعبث برأسي فكأن أي اسما أجنبيا كان سيبدو أكثر ملاءمة له
كما أن شخصية الفتاة سورا بعثت في قلبي الشك أكثر ، ربما لأني أقرأ قصة أخرى فيها فتاة يابانية بنفس الاسممر زمن طويل لم اقرأ فيه قصة هكذا .. قصة تتحدث عن الاسلام ، اشتقتُ حقاً لهذا النوع من القصص!
كما أن الجزء الثاني ليس بسرعة الجزء الأول الذي يبدو الآن مجرد مقدمة وحسب
إذا كانت بقية الأجزاء بمستوى هذا الجزء فأرى بأن القصة كأحداث وهدف لم تتأثر بشكل سلبي كما كنتُ أظن أنه قد يحدث
فرغم أنك كتبتها على عجالة -كما قلتِ- لكن لها رونقاً جميلا يجذبني إليهابانتظار الجزء القادم
في حفظ اللهوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله أن الجزء حاز على اعجابك، واتمنى أن لا تخيب الاجزاء القادمة ظنك(؛
على كل حال جزاك الله خيرا لهذا الاطراء، علما بأنك حمستني لطباعة جزء طويل نسبيا للجزء الثالث ان شاء الله(:
بانتظار آراءك المستنيرة دائما، وشكرا لحسن ذوقك ولطفكقريبا سأحاول انزال الجزء الثالث بإذن الله، فكوني مستعدة للنقد(؛
في امان الله -
امة القادرsaid:05-06-2013 15:51
الجزء الثالث..
اسندت سوسن الجانب الأيمن من رأسها إلى نافذة السيارة، سارحة بنظرها للشوارع التي تقطعها سيارتها باتجاه المعهد، ومئات الأفكار والخواطر تجول في ذهنها وتصول.. موضوع مشاركتها في معرض الفنون الذي سيقام لأول مرة في المدينة بعد اسبوعين، انها فرصتها الذهبية لسطوع نجمها في عالم المحترفين كما أخبرتها الآنسة ناديا، لكنها لن تتمكن من المشاركة فيه إن لم تنجز عشر لوحات على الأقل، فهذا معرض عالمي، وسيشارك فيه عشرات الفنانين المشهورين، ولن تقبل فيه مشاركات المبتدئين إلا إن اعتمدت من اللجنة العليا للتقيم.. وتنهدت بعمق:
- هل تراني أنجح في هذه التجربة!!
لكن كلمات الآنسة ناديا المشجعة طمأنتها بعض الشيء، فانتقل فكرها لموضوع آخر.. حفلة الأمس التي قضتها برفقة أيهم.. وما أن طرق اسمه مخيلتها حتى ارتبكت واحمرت وجنتيها و خفق قلبها بشدة، ألهذه الدرجة تحبه!! حتى أن ذكر اسمه يترك اثره العميق في نفسها .. وتأوهت بألم وهي تحاول مدافعة بعض الهواجس التي تعكر مزاجها بين الفينة والأخرى، كم تتمنى أن تشعر بالراحة والاطمئنان، أليس الحب هو مفتاح السعادة!! فما بالها لا تشعر إلا بالقلق والعذاب كلما تذكرت ذلك الحب!! أهذه حقا هي آثار الحب وأشجانه التي طالما سمعت عن آهاتها بين المحبين!! ألا يوجد حب أكثر راحة وطمأنينة!!!
وعندما وصلت إلى هذه النقطة بالذات لفت انتباهها مشاهد بعض الأزواج أو ربما الأصدقاء، وهم يتمشون في أحد المنتزهات في طريقها، وشعرت برغبة عارمة لتسألهم إن ما كانوا يشعرون بما تشعر به، أم أن هذه هي مشاعرها وحدها!! حاولت سوسن أن تجد تفسيرا لما يحدث معها، لماذا كل ذلك القلق، لقد بات يرهقها التفكير في هذا الأمر كثيرا، وكلما هدأت نفسها تجاهه، جاء ما يجدد لها أرقها ويشتت فكرها، ولكن ما الذي جدد ألمها هذه المرة! حفلة الأمس.. أتراها السبب الذي أرق فكرها من جديد!! لقد كان أيهم فخورا بها كثيرا، وأسمعها أندى كلمات الهيام والغزل فلماذا تراودها الهواجس بعد هذا كله!! أليست مطمئنة لحبه لها وهيامه بها، وتنهدت بعمق أكبر هذه المرة:
- اتراه يحبني حقا بقدر ما أحبه!! تصرفاته تشير إلى ذلك، ومن الواضح أنه لا يهتم لأمر أحد غيري- حتى هذه اللحظة على الأقل- ولكن....
غير أن صوت مرزوق، حال بينها وبين الاسترسال في خواطرها، وهو يلتفت إليها متسائلا بتعجب:
- هل تأمرينني بشيء يا آنسة سوسن ؟؟ لقد وصلنا منذ فترة، افلا تودين النزول إلى المعهد ؟؟
انتبهت سوسن لنفسها فاعتذرت بقولها:
- شكرا لك، يبدو أنني شردت قليلا..
ولم تكد تنزل من السيارة حتى اصطدمت بشخص وقف أمامها، لتفاجأ بأيهم يستقبلها بابتسامته المحببة:
- تبدين شاردة الذهن يا فاتنتي، فأين سرح فكرك يا ترى؟؟
ربما لو كانت في حالة أخرى لأخذت الأمور ببساطة أكثر مكتفية برد خجول، لكن هول المفاجأة هذه المرة لا سيما بعد تلك الخواطر التي أنستها طول الطريق، أشعرها بدوار أفقدها توازنها حتى كاد أن يغمى عليها، فلم تتوقع أن تجد أيهم أمامها بهذه السرعة، غير أنه سرعان ما أسندها إلى صدره هاتفا:
- سوسن.. هل أنت بخير!!
وبعد أن استعادت سيطرتها على نفسها، نظرت إليه متظاهرة بالعتب:
- لقد أفزعتني!
فابتسم أيهم وهو يطبع قبلة على جبينها غير آبه بكونهما يقفان على رصيف شارع عام:
- رغم انني متأكد من انني لست السبب.. ولكنني أعتذر!
فهمست سوسن كمن تحادث نفسها:
- بل أنت السبب دائما..
و تنهدت بعمق غاص إلى أعماق نفسها وهي تحادثها:
- آه لو يدري أيهم بم كنت تفكرين طوال الوقت يا سوسن!!
فثبت أيهم عينيه في عينيها القلقتين، محاولا الولوج إلى تلك الأعماق وهو يسألها برقة:
- هل أنت غاضبة مني يا حبيبتي!
وأمام صمتها تابع قائلا بتودد:
- لقد كنت ملكة الحفل ليلة أمس يا سوسن بلا منازع، إنك أروع فاتنة في هذه الدنيا بأسرها..
و بدلا من أن تُدخل تلك الكلمات البهجة إلى قلبها؛ شعرت بغصة في حلقها حالت بينها وبين البوح بما كانت تود اخباره به!! فآثرت الصمت من جديد مما أزعج أيهم الذي يأس من معرفة ما يدور بخلدها، فزفر قائلا:
- أرجوك يا سوسن، إنك تعذبينني بصمتك هكذا! بالله عليك أخبريني، هل أزعجتك بشيء!!
فابتسمت سوسن أخيرا:
- لا عليك يا أيهم، يبدو أنني مرهقة بعض الشيء، فلم آخذ كفايتي من النوم البارحة!
فانفرجت أسارير أيهم وه يحاول اقناع نفسه بصدقها:
- إن كان الأمر هكذا فلا بأس، سآتي للإطمئنان عليك نهاية الدوام، وساصطحبك بنفسي للمنزل، فإنني أرغب بتناول الغداء معك لتحدثيني بكل ما يشغلك.. اتفقنا!
فأجابته سوسن بابتسامة مشرقة:
- اذن سأهاتف بهجة لتعد لك طبقك المفضل..
ولم يقاوم أيهم نفسه من طبع قبلة جديدة على وجنتي سوسن قائلا:
- لن اطيق الابتعاد عنك حتى ذلك الوقت، ولكن ما باليد حيلة فلدي بعض الأعمال علي انجازها مع أحد المسؤولين في وسط المدينة..
ومن حسن حظ سوسن أن الشارع كان لا يزال خاليا في مثل هذا الوقت، إذ يبدو ان ملاحظاتها المتتالية لأيهم حول مراعاة المكان العام لم يثبت عدم جدواه وحسب؛ بل و فشله التام أيضا! فاستسلمت له وهو يحيطها بذراعيه قبل أن يودعها قائلا:
- سأنتظرك بشوق يا حبيبتي فاعتني بنفسك جيدا..
وبعد أن غاب أيهم عن ناظريها وهو ينطلق بسيارته مخترقا الشارع العام، دلفت سوسن عبر بوابة المعهد لتجد نفسها قد وصلت باكرا كعادتها على خلاف ما توقعت، إذ لم تأت الفتيات بعد! حتى الانسة ديانا لم تصل أيضا، وحدها المسؤولة عن التسجيل والاعمال الادارية كانت هناك، فألقت عليها التحية واتجهت نحو مكانها محدثة نفسها:
- يبدو أنني لم أكن انتبه على تأخر الجميع من قبل، فقد كنت أصل في وقت أبكر من ذلك بكثير..على كل حال هذا أفضل، فمن حسن الحظ أنهن لم يكن هنا هذا الصباح..
وابتسمت وهي تستذكر كلمات الآنسة ناديا " أنت تنسين نفسك تماما وأنت ترسمين يا سوسن":
- لقد كانت محقة فعلا!
ولم تكد تصل إلى مكانها المعتاد وقد افتقدت أدواتها، حتى تذكرت أمر نور التي انضمت إليهم البارحة فضربت جبهتها بيدها:
- كيف نسيت انني نقلت أدواتي إلى جانبها، يبدو أن سهري ليلة أمس و الارهاق الشديد الذي أشعر به قد أثر علي أكثر مما ينبغي..
قالت ذلك لنفسها بصوت عال متجاهلة ذكر أثر أيهم عليها حتى لا يتشتت تفكيرها من جديد، وما أن التفتت نحو ذلك المكان حتى انتبهت لوجود نور أيضا، وقد بدت غارقة تماما في لوحتها حتى النخاع، فاتجهت نحوها باسمة:
- صباح الخير
وكمن يستيقظ من نوم عميق فجأة، ردت عليها نور ابتسامتها:
- اعذريني لم انتبه لدخولك إلا الآن!
فضحكت سوسن:
- لا بأس فيبدو أننا متشابهتان في هذه النقطة بالذات، هل أنهيت لوحتك التجريبية؟
فأجابتها نور وهي تحاول اخفاء اللوحة عنها بمرح:
- انتظري قليلا فلم يبق سوى الرتوش الأخيرة وستكون جاهزة إن شاء الله..
فأخذت سوسن مكانها إلى جانب نور قائلة بحماسة:
- حسنا سأعد أدواتي وأرى ما لديك فلا يمكنني الانتظار أكثر لرؤية اولى أعمالك هنا!
وأخيرا قالت نور:
- يمكنك رؤيتها الآن..
وما أن وقعت عينا سوسن عليها حتى اقشعر جسدها ودارت بها الدنيا وكأنها تدخل عوالم غريبة تراها للمرة الأولى، فبحثت عن شيء تستند اليه خشية السقوط حتى ارتكزت على نور الواقفة إلى جوارها مرددة:
- مستحيل.. أهذه مجرد لوحة طبيعية عادية!! هذا سحر بلا شك!!!
واغرورقت عيناها بالدموع دون أن تعرف السبب الحقيقي لذلك:
- بالله عليك ما هذا يا نور!!
فربتت نور على كتفها:
- و ما الذي ترينه أنت يا سوسن؟
فاعتدلت سوسن في وقفتها وهي تحاول الحفاظ على توازنها قائلة:
- أشجار عارية متحطبة ومحطمة تلفها أمواج وبحور أو ربما.. ضباب وغيوم ومطر بل إنني أكاد أسمع صوت الرعود.. وهناك نور تنقشع من حوله ركام الغيوم و بقعة مضيئة تزهو بأشجار باسقة مورقة وألوان زاهية.....
وصمتت سوسن متنهدة تحاول التأكد من أن هذا هو ما تراه حقا، أم أنه ما استطاعت النطق به فقط! فعلقت نور:
- كأنك شاعرة!! إن لك روحا شفافة ونفسا مرهفة الاحساس جدا يا سوسن ما شاء الله..
فابتسمت سوسن:
- ليس إلى هذه الدرجة ولكن يبدو أن لوحتك تفجر القرائح!
فضحكت نور:
- تعادلنا إذن..
ثم سألتها بجدية أكبر:
- ما هو الشعور الذي راودك وأنت تنظرين إلى اللوحة؟
فصمتت سوسن قليلا قبل أن تقول:
- لا أعرف.. لا استطيع تحديد ما أشعر به تماما.. فقد لا يكون كذلك.. انه الفرق بين الظلمات والنور.. الموت والحياة.. اليأس والأمل..
وبدا أن سوسن اندمجت تماما في جو اللوحة وهي تقول بتأثر شديد:
- يا إلهي انني أشعر برغبة شديدة بالبكاء...
يـــــــــارب..
فهتفت نور برضا:
- الحمد لله لقد وصلت الرسالة اذن..
فالتفتت اليها سوسن بعيون متسائلة:
- ما الذي تقصدينه يا نور انني لا أفهم شيئا!!
فأشارت إليها نور أن تجلس ، وهي تسترخي على مقعدها قائلة:
- سأخبرك يا سوسن ولكن استريحي أولا فإنني أخشى على قدميك من التورم إن بقيت واقفة هكذا..
وبعد أن جلست الاثنتان قالت نور:
- إنها رسالتي يا سوسن وهدفي في هذه الحياة..
ثم ابتسمت نور وهي تتابع نظرات سوسن قائلة:
- لن أطيل عليك الحديث فأمامك عمل عليك انجازه..
فقاطعتها سوسن بلهفة:
- لا بأس يمكنني فعل ذلك لاحقا لا تقلقي، المهم أكملي بعد اذنك، أود أن أعرف كل شيء عن هذه اللوحة، فقد لمست أوتارا حساسة في نفسي..
فابتسمت نور:
- حسنا.. هل سمعت عن قوة النية التي بدأ الناس يتحدثون بها مؤخرا؟
فأومأت سوسن برأسها:
- أظن أنني سمعت شيئا عن هذا القبيل وإن كنت لا أدري ما هو تحديدا، فليست هذه المواضيع من اهتماماتي..
فتابعت نور:
- المهم انك سمعت عن ذلك، وهذا هو بيت القصيد، لقد بدأ العلماء في كل مكان يتحدثون عن النية كعلم بحد ذاته كما كثر الحديث في الاونة الأخيرة عن مواضيع تنمية الذات كطريق للنجاح و ما إلى ذلك، ورغم انني مثلك لم اتابع كل ما يقولونه بهذا الصدد ولكنني ازددت يقينا بأهمية تمسكنا بديننا لنضمن النجاح والسعادة في الدنيا قبل الآخرة، و لكفانا هذا مؤنة متابعة ما يكتشفه العلماء في الخارج لنأخذ التطبيق عنهم، فمثلا في موضوع النية؛ بين لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن الأعمال بالنيات وأن لكل امرء ما نوى، وهذا ينعكس فعلا في أعمالنا، افلا تلاحظين الفرق مثلا بين معلم يوبخ تلاميذه وهو يتمنى لهم الخير من أعماق قلبه وبين معلم يوبخهم ليثبت ذاته أمامهم!! النية هي الأساس دوما ولها أثرها على ثمرات الأعمال وان بدت متشابهة في الظاهر..
ولسبب ما شعرت سوسن بمثال آخر يتراقص امام ذهنها " الفرق بين رجل يعامل خطيبته بلطف وهويحبها بصدق وآخر..."، لكنها أوقفت تفكيرها عند هذا الحد بسرعة، في حين التقطت نور نفسا عميقا قبل أن تتابع:
- لطالما كنت أتمنى تقديم شيء أخدم به أمتي بل والانسانية جمعاء، ثم وجدت نفسي اتأثر كثيرا لحال من أضاع الدرب وغرق في الظلمات فعاش حياته في بؤس وشقاء، ولطالما تمنيت أن يستعملني الله و أكون سببا لنشر النور في هذا العالم و إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولأنني كنت أهوى الرسم ولي موهبة خاصة فيها فقد علمت أن هذه هي ثغرتي التي اختارني الله لها، فقرأت كثيرا عن اثر الفن في الناس حتى استطعت تكوين نظرياتي الخاصة بهذا الصدد.. انني احب الطبيعة وأشعر انها تناديني لتزيدني قربا من خالقي، فلا تمر علي آية في كتاب الله ورد فيها دعوة للتفكر والتدبر او تشبيها مقتبسا من ايات الله في كونه إلا وهتف قلبي " ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك.." وأنا اراها لوحة مجسدة أمامي، ثم خطر لي أن أنقل مشاعري هذه لجميع الخلق لعلها تترك أثرا حسنا في قلب أحدهم فأساهم في إنارة دربه بإذن الله، وترسم البسمة والأمل على شفاهه من جديد..
وصمتت نور في حين أخذت سوسن تعيد النظر بتأمل أعمق في اللوحة الغريبة، قبل أن تسألها:
- ولكن كيف تفعلين ذلك! ما زلت لا أفهم!!
فأجابتها نور:
- انها "قوة النية"، كلما كانت نياتنا أصدق كلما أعطت تأثيرا أقوى بعون الله، ما عليك إلا أن تجعلي الفكرة في رأسك ومن ثم أخرجيها على الواقع مستعينة بالله..
وأشارك إلى لوحتها متابعة:
- ما هذه اللوحة مثلا الا انعكاسا لما شعرت به تجاه الاية (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)! فبعد أن تركت تأثيرا قويا في نفسي، وددت لو أتمكن من نقل هذا التأثير عبر لوحة معبرة، وأرجو أنني نجحت في ذلك..
بدت سوسن مأخوذة تماما بما تسمعه للمرة الأولى، فمرت لحظات صمت حاولت فيها أن تستوعب ما قيل قبل أن تطلب من نور إعادة تلاوة الاية على مسامعها، متفكرة فيها كما لم تتفكر في آية من قبل!!
(أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)
وأخذت مشاهد ذلك الكابوس تتجسد أمامها مجددا.. ظلام في ظــــلام في ظـــــــــــلام..
فرددت نفسها التي شعرت بقسوة الظلام الذي يلفها كما لم تشعر به من قبل:
- يارب أخرجني من الظلمات إلى النور..
امتلأ المعهد بالفتيات اللاتي أبدين انطباعات مختلفة أمام لوحة نور، ما بين متأملات منبهرات، إلى مسترقات للنظر إليها خشية أن تظن بأنهن مهتمات بها!! ولم تستطع الآنسة ناديا إخفاء إعجابها الشديد بما تراه، غير أنها علقت بقولها:
- لا تستطيعين تصنيف هذه اللوحة ضمن المناظر الطبيعية، انها أقرب للفن السريالي!
فأومأت نور برأسها موافقة:
- ربما، فأنا لم أدرس الفن من قبل ولا أعرف كثيرا بالمسميات.. كل ما امتلكه هو الموهبة وحب التأمل في الطبيعة ثم تصويرها كما أراها والحمد لله، لذا اتيت هنا لأصقل موهبتي بالرسم..
فابتسمت ناديا لأول مرة:
- يسرنا أن نكون عونا لك في هذا الأمر، فسيكون لك شأن في مجال الفن مستقبلا بلا شك..
فبادلتها نور ابتسامتها مرددة:
- إن شاء الله..
ثم استدركت ناديا فجأة:
- أهذه هي اللوحة التي بدأتها بالأمس فقط!!
فهزت نور رأسها بالايجاب موضحة:
- أجل ولكن تصوري عنها كان منطبعا في ذهني سابقا..
فتمتمت ناديا:
- أنت موهوبة بالفعل!!!
وبصورة مفاجئة أخرى ودون سابق انذار قالت:
- أتستطيعين انجاز تسع لوحات أخرى خلال هذا الأسبوع يا نور؟
فنظرت اليها نور بدهشة:
- تسع لوحات!! هذا كثيرا!!
لكن ناديا شجعتها بقولها:
- لو أخذنا بعين الاعتبار معدل انجازك لهذه اللوحة الرائعة، لما كان ذلك مستحيلا بحق تسع لوحات أخرى خلال أسبوع..
وبتردد سألتها نور:
- ولكن لماذا خلال أسبوع فقط!!
فأجابتها ناديا باسمة:
- لتشاركي في المعرض العالمي بالطبع!!
كانت هذه فرصة ذهبية أمام نور، تستطيع من خلالها تحقيق أهدافها التي تسعى إليها، فرواد ذلك المعرض سيفوق عددهم الآلاف، وهي فرصة نادرة بلا شك، لعل الله أن يكتب لها أجر كل من شاهد لوحاتها لتترك أثرا ايجابيا في نفسه..
فقالت أخيرا:
- سأحاول فعل ذلك وسأبذل جهدي إن شاء الله..
فشجعتها سوسن بقولها:
- ستنجحين بلا شك يا نور..
وغمزتها باسمة:
- انها فرصتك لتحقيق هدفك..
و أكدت ناديا كلامها بحماسة:
- انني واثقة من هذا النجاح يا نور كما تقول سوسن، فابذلي جهدك يا عزيزتي وسأكون إلى جانبك حتما..
ولم يخف على أحد من الحاضرين معرفة سر حماسة ناديا لمشاركة نور، فكلما زادت مشاركات المعهد ارتفعت مكانته وذاع صيته بشكل أكبر، وبالتأكيد لن تفوت ناديا فرصة كهذه بكل ما اوتيت من قوة، فحسها الفني أخبرها بأن للوحات نور مستقبل ناحج ولا بد أن يكون للمعهد نصيبا منه!
ورغم بعض النظرات الحاسدة التي سُددت نحو نور بحدة، اثر ذلك الاطراء الذي انهمر عليها بعد اقل من يومين من التحاقها بالمعهد، إلا أن الكثيرات بدأن ينظرن إليها باكبار شديد، حتى أن بعضهن أخذن يحاولن التقرب منها، بعد أن كسرن ذلك الحاجز الذي بنينه بأوهامهن بينهن وبينها، وقد تأكدن من أن مظهر نور الخارجي، ليس بذلك السوء الذي تصورنه في البداية، أما سورا التي لم يعرف أحد سر تجهم وجهها الشديد هذا اليوم بالذات، فقد آثرت الصمت متجنبة خوض أي حديث مع كائنا من كان، وهي غارقة تماما مع نفسها بعد أن نسجت شرنقة محكمة حولها ليتسنى لها دراسة أفضل الوسائل والطرق الممكنة لحياكة خطتها الجديدة التي عزمت على تنفيذها، بعد أن كادت تموت حنقا وكمدا وهي تشاهد أيهم يحتضن سوسن أمام المعهد ويحادثها بحب أعماه عن رؤية من سواها، لقد تحملت الكثير من تجاهله لها ولا بد أن تتدارك الأمر قبل فوات الأوان..
............ -
امواج السرابsaid:05-06-2013 17:11
صديقيني احس بزلزلة عميقة في كياني ..ولا اعلم لماذا ...اهو الابداع الذي تنسجينه على سطور هذه الصفحة ام الرواية واحداثها ...لم اقرا مثيلا لروايتك قبلا ...صدقا ...انك تعالجين نوعا جديدا من القصص ..احببته ... صراحة لا اعرف كيف اعبر
من شدة اعجابي ...سوى ان اقول استمري فنحن نشجعك ...
دمتي بود -
امة القادرsaid:07-06-2013 14:23
صديقيني احس بزلزلة عميقة في كياني ..ولا اعلم لماذا ...اهو الابداع الذي تنسجينه على سطور هذه الصفحة ام الرواية واحداثها ...لم اقرا مثيلا لروايتك قبلا ...صدقا ...انك تعالجين نوعا جديدا من القصص ..احببته ... صراحة لا اعرف كيف اعبر
من شدة اعجابي ...سوى ان اقول استمري فنحن نشجعك ...
دمتي بودعزيزتي.. أسعدني تفاعلك ورقة مشاعرك، وجزاك الله خيرا لإطرائك وتشجيعك، أتمنى فعلا أن تضيف هذه القصة شيئا جديدا... وعميقا جدا
يشرفني أن أرى مرورك دائما و يهمني أن اسمع رأيك.. فشكرا لك
وسأحاول بإذن الله أن لا أتأخر بالأجزاء حتى لا تفقد القصة ترابطها أو يفقد المتابعون حماستهم(؛
وقد أنزل الجزء الرابع بعد قليل إن شاء الله فلا تتأخري علينا بالرد(:وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-
امة القادرsaid:07-06-2013 14:48
الجزء الرابع..
لم تستطع ناديا السيطرة على انفعالها أمام لوحة نور الثانية والتي كانت على وشك الانتهاء منها مع نهاية دوام ذلك اليوم، وبدا أن اهتمام ناديا قد تحول فجأة لينصب على نور وحدها وكأنها لم تعد ترى غيرها في ذلك المعهد:
- رائع .. مدهش، لقد امسكت زمام الفن السريالي باحتراف يا نور، لا شك أن لديك خيال خصب جدا!! ثم أنه لا يوجد سوى قلة ممن يستطيعون اظهار تفاصيل دقيقة كهذه في الظلام!
أما سوسن فقد جفلت و شعرت بدوامة تكاد تفقدها الوعي للمرة الثالثة في هذا اليوم، وقد هزها مشهد اليد التي رسمتها نور وهي تنازع للخروج من بين ظلمة الأمواج المتلاطمة وسط ليل حالك تلفه الغيوم..
- ما هذا يا إلهي!! أتراها قد اطلعت على كابوس نومي فأتت لتجسده أمامي في كل لحظة!!
ظلام في ظــــلام في ظـــــــــــــلام
ولم يخف على نور ذلك الاثر الذي انطبع على وجه سوسن الجالسة قربها وقد بدأت تدرك جانبا مما يدور بخلدها، فربتت على كتفها هامسة:
- لم انتهي من لوحتي بعد يا عزيزتي، اطمئني فستكون أكثر تفاؤلا بعد قليل إن شاء الله
فنظرت اليها سوسن متسائلة:
- أهذه تجسيد لآية أخرى يا نور؟؟
فأومأت نور برأسها ايجابا:
- " ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها!"
و كأروع لمسة ريشة من يد أعظم فنان، بزغ نور باهر من وسط تلك الظلمات، ليحيل جو اللوحة إلى معنى آخر وضحته نور بقولها:
- " ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور!"
ولأول مرة تلاحظ سوسن وجود أيهم قبل أن يفاجئها كعادته وقد تسمرت عيناه على لوحة نور باهتمام خاص، غير أنه سرعان ما تجاهل ذلك كمن يقاوم الاستسلام لأجواء تلك اللوحة خشية أن تفسد عليه أجواءه الخاصة، فطبع قبلة على رأس سوسن هاتفا بمرح:
- هيا يا ملاكي لقد مللت الانتظار..
فما كان من نور إلا أن انسحبت من قربهما بهدوء وأدب خاصة وأن وقت الدوام قد انتهى، ولم يبق في المعهد سواها هي وفتاتين على الأكثر إضافة لسوسن وخطيبها، غير أن ايهم انتبه لها فرمقها بنظرات غريبة وهو يخاطب سوسن بصوت خفيض:
- من هذه الفتاة الغريبة؟؟ لم أتوقع أن معهدكم يستقبل أمثال هذه الأشكال!!
لم يرق لسوسن تلك اللهجة التي تحدث بها أيهم عن نور، فبدا ذلك جليا على وجهها وهي ترد عليه بقولها:
- إنها من أفضل الموجودين هنا بل وقد أصبحت أعز صديقاتي أيضا..
فحملق فيها أيهم بدهشة:
- سوسن ماذا أصابك!! هل حقا ما تقولينه!! هل هذه .. صديقتك!!
فأجابته سوسن بحدة:
- ولم لا!!
فابتسم أيهم محاولا تدارك خطأه الذي أحرجه مع خطيبته، قائلا:
- حسنا يا حبيبتي لا داعي لكل ذلك الانفعال، كنت أمزح فقط فلا تفسدي لحظات لقاءنا هذه..
وأخرج من جيبه بطاقتي دعوة قائلا:
- لقد دعينا لحضور افتتاح المتحف الوطني عصر هذا اليوم..
فنظرت اليه سوسن متسائلة؛ وقد بدأ التعب يلوح أمامها مذكرا فيما إن فكرت ببذل مجهود اضافي هذا اليوم:
- هل يتوجب علينا الحضور؟
فأجابها أيهم:
- انها فرصة لا تفوت يا عزيزتي فسيحضر كبار الشخصيات وحتى الوجهاء و الوزراء، وكما تعلمين فإدارة المتحف يهمها استقطاب كافة المشاهير والنجوم في حدث كهذا، فهذا مما يشجع الجميع على ارتياده، لا سيما وأنهم تكلفوا مبالغ باهظة من أجل انجازه..
فتنهدت سوسن موافقة:
- حسنا، ولكن ألن نذهب لتناول الغداء أولا؟؟ لقد أعدت لك بهجة طبقك المفضل.. كما أن والداي بانتظارك ..
وبحركة مفاجأة، ثبت أيهم يديه حول خاصرتيها و حملها وهو يدور بها بمرح:
- طبعا يا ملاكي..
في حين أخذت تتوسل إليه:
- كفى يا أيهم انزلني أرجوك
ولم تستطع سوسن رفع عينيها عن الأرض من شدة الحرج في حين تأبط أيهم ذراعها باسما:
- هيا بنا يا حبيبتي للمنزل، فما زال أمامنا متسع من الوقت حتى موعد الافتاح..
كانت اللحظات التي تقضيها سوسن مع خطيبها عندما يزورها في منزلها من أجمل لحظات حياتها، فلا أحد هناك ينغص عليهما جلستهما بنظرات حادة أو متلصصة، وكان أيهم يدرك ذلك جيدا غير أن طبيعة نجوميته وشهرته جعلته يعتاد البقاء تحت الأضواء دائما، مما جعله يستوحش البعد عنها..
وعلى أريكة مريحة استرخى أيهم مغمضا عينيه نصف إغماضة بعد وجبة شهية تناولها مع عائلة سوسن، فيما جلست هي قبالته تتأمل قسمات وجهه بمحبة، حتى إذا ما فتح عينيه فجأة صرفت بصرها للجانب الآخر، مما جعله يبتسم قائلا:
- أنت تحبينني يا سوسن، أليس كذلك؟؟
فاحمرت وجنتيها قبل أن تقول بلا مبالاة مصطنعة:
- وما الغريب في ذلك فأنت خطيبي!
وهمت بأن تقول شيئا بدت مترددة فيه ثم آثرت الصمت إذ لم يبد لها الجو مناسبا لذلك، فشجعها أيهم على البوح بما لديها وهو يتناول يديها ويخبؤهما بين كفيه قائلا:
- أخبريني يا سوسن، ما الذي كنت تريدين قوله.. اظنه الشيء الذي كان يزعجك في الصباح، أليس كذلك يا حبيبتي؟
تسارعت نبضات قلب سوسن بشدة، وزاد احمرار وجنتيها، فلأيهم سحر لم تستطع الفكاك من أسره حتى هذه اللحظات، لذا كلما ظنت بأنها تمتلك من القوة ما يمكنها من مواجته بما يزعجها منه، خابت ظنونها أمام سحره الآسر فتخونها الكلمات بل ولا تعد تشعر بأن لها معنى.. إنها تحبه.. بل وتعشقه بجنون.. وتتمنى لو.. لو أنها فقط.. لا تدري كيف تقولها أو تواجهه بها.. فهي لا تريد أن تفكر باقل احتمال قد يجني عليها خسارتها له..
وكم كان يسعد أيهم ذلك منها، فيقينه من حبها له وهيامها وتعلقها الشديد به كان يشعره بنشوة لا حدود لها، كيف لا وقد امتلك قلبا يتمنى الجميع أن يحظى بعطف منه!
مرت لحظات صمت قبل أن يقول أيهم وهو يحاول فك رموز الصراع المرتسم على صفحة وجهها:
- أكل ذلك يا سوسن من أجل ما أعبر به عن حبي لك أمام الآخرين؟؟ أمن أجل تلك الفتاة التي أصبحت صديقتك مؤخرا تجهمت اليوم وأنا أحملك يا حبيبتي؟
فهزت سوسن رأسها نفيا:
- لا علاقة لصديقتي تلك بالأمر، فقد قلت لك مرارا قبلها أنه لا داعي لذلك الاستعراض أمام الجميع!!
فرمقها أيهم معاتبا:
- ذلك ليس استعراضا!! أنه حبي الكبير لك وأريد من العالم كله أن يعرف ذلك..
فاستدركت سوسن معتذرة عن كلمتها قائلة:
- لم اقصد ذلك يا أيهم.. ثم إن ذلك لم يعد يهمني الآن.. انني..
وصمتت قبل أن تقول بتنهيدة بثتها آهاتها كمن يحاول ازاحة جبل ثقيل عجز عن مجرد زحزحته:
- أنت تدرك تماما مقدار حبي لك..انني يا ايهم .. انني أتعذب بحبك.. وأريد التأكد فقط..
و لم تستطع اكمال جملتها وقد أخذت تجهش بالبكاء، فنهض أيهم من مكانه وجلس إلى جانبها وهو يحيطها بذراعه:
- سوسن أخبريني.. مم تريدين التأكد يا حبيبتي، اقسم لك أنني أحبك ولن أحب أحدا سواك وسأظل أحبك حتى آخر رمق في حياتي.. فهل صدر مني ما يجعلك تشكين في ذلك؟؟
ورويد رويدا بدأت سوسن تهدأ وهي تحاول التقاط انفاسها المتلاحقة، وصورة ذلك الحفل تلوح في مخيلتها، كيف لها أن تخبره!! لقد كانت نظرات الرجال تلتهم كل جزء من جسدها دون حياء.. بل وأمام ناظري خطيبها دون أن يبدي امتعاضه من ذلك.. بل انها.. قد هيئ لها أنه مسرور بذلك أيضا فما باله لم يعترض عندما طلب أحدهم مراقصتها، لولا أنها رفضت ذلك يشدة!! كانت تريد التأكد فقط من أنها كانت واهمة وأنه ما كان ليرضى بأن يشاركه أحد في حبيبته.. ألا يغار عليها من تلك العيون النهمة!! ألا يسوؤه نظراتهم الجشعة اليها!! أليس هذا هو الحب الذي تعرفه!! لقد كانت تود التأكد فقط.. لو أنه يحبها حقا لذاتها هي، وليس لكونها مجرد دمية جميلة يتباهى بامتلاكها أمام الآخرين.. لكن.. كيف تصارحه بهذا الكلام!! وكيف تعبر له عن ما تشعر به من أسى جراء ذلك دون أن يسئ فهمها!!
وأمام الحاحه الشديد عليها نطقت أخيرا وهي تنتقي كلماتها انتقاء لتعد جملة حاولت جاهدة اخراجها بشكل طبيعي:
- لقد ساءتني نظرات الرجال كثيرا في تلك الحفلة..
وصمتت فنظر اليها ايهم متسائلا بتعجب:
- أهذا كل ما في الأمر!! إن هذا أمر طبيعي فقد كنت الأجمل والأروع بل و ملكة الحفلة كلها دون منازع!!
فقالت سوسن وهي تحاول وصف مشاعرها:
- لكنها لم تكن نظرات عادية.. شعرت بأنهم يلتهمونني التهاما رغم أن منهم من كان في عمر والدي.. وهذا لا يحتمل!!
فرد عليها ببرود:
- إن الموضوع لا يستحق كل هذا الانزعاج منك، تجاهليهم فقط و لا تلقي لهم بالا..
ورغم خيبة رجاء سوسن بذلك الرد الباهت، إلا أنها قالت بتردد:
- ألا يزعجك هذا يا أيهم!! ألا.. ألا تغار علي!!!
بوغت أيهم بذلك الكلام، فرمقها بنظرة حادة قائلا:
- لا شك أن لتلك الفتاة المعقدة يد فيما أصابك، لقد أثرت على تفكيرك بشكل لا يصدق، وإن يقيت على علاقة معها فلا أدري إلى ما ستؤول إليه الأمور بيننا!!
ونهض من مكانه تعبيرا عن احتجاجه، فأسرعت سوسن تتشبث به بتوسل:
- أيهم أرجوك لا تسئ فهمي، فلا دخل لنور بما حدثتك عنه، إنها مشاعري أنا ولا دخل لأحد بها، فلا تجعل هذا الكلام يؤثر على علاقتنا، ألست أنت من أصر على معرفة ما يضايقني؟؟
فالتفت إليها أيهم ونظر اليها بنظرة عميقة نفذت إلى مجامع قلبها لتترك أثرها المعهود فيه، ثم ضمها إلى صدره قائلا:
- دعك من هذه السخافات يا حبيبتي.. فأنا أحبك وكفى..
لم تدري سوسن كيف مرت اللحظات بعدها غير أنها ازدادت اقتناعا بصعوبة فتح موضوع كهذا مع أيهم، وآثرت التحاشي عن كل ما قد يزعجه منها، خاصة و أن هناك ألف فتاة غيرها مستعدة للتضحية بنفسها من أجله! -
امواج السرابsaid:07-06-2013 21:49
لن ازيد حرفا عما كتبته سابقا عن ابداعك ..لانه لن يستوفي ما اريد التعبير عنه فانا حقا منبهرة
انا ايضا مشاعري تجاه ايهم نفس تلك المشاعر التي تخالج قلب بطلتنا سوسن ..تحبه ولكنها تخاف من مشاعرها تجاهه هناك ما تحس به من ارتياب نحوه ولكنها لا تعلمه ...وتلك الكوابيس التي تجتاح نومها وتفزعها لها علاقة بذلك ايضا هي تحتاج من ينقذها من ذلك الخوف والشك
ونور وتلك الفتاة المحجبه والتي يقولن عنها معقدة ...(هذه اللفتة الجميلة منك والتي دائما من نراها في مجمعاتنا العربية الاسلامية ...فمن يجدونه ملتزما ومتشددا في دينه يطلقون عليه لقب المعقد) .... ملاك اتت لتمتلك قلب سوسن وتمد لها يدا تخرجها من ظلماتها .... رسوماتها الروحانيه ..فجرت احاسيس غريبة في كيان سوسن ...
هل سيكون لها دور في حياة سوسن مع انني اعتقد هذا
..بالرغم من هذه الرواية قد ابتدت وسردت فيها الكثير الا انني ما زلت محتارة من عنوانها ...يا ترى شو هالشي الي راح تتركو سوسن ولاجل مين ....علامات استفهام كتيرة دور بعقلي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟..يسلمووووووووووو كتير عالبارت
ننتظرك مع البارت القادم -
~ Jasmine charmsaid:08-06-2013 07:36
السلام عليكم
فعلاً رواية ولا أروع
ما شاء الله عليكِ
لم أقرأ قط في حياتي رواية ذات شخوص عربية بهذه الروعة
أهنئك على هذا التأليف الرائع الذي أبهرنا بحقسأبدأ بتعليقاتي على الشخوص الرئيسيين :
سوسن : هذه الفتاة الرقيقة الجميلة لقد أحببتها بحق
انها رائعة وحساسة جداً
كما أن اسمها كاسم صديقتي المقربة
يبدو أنها بدأت تتأثر كثيراً بنور ويبدو أنه يوجد بداخلها بذرة من الايمان ولكن تحتاج لأحد أن ينمّيها وتلك النور ستعمل على ذلك !!
أيهم : يبدو شاب جيد لكنه غامض قليلاً ولا أعلم ان كان صادقاً بمشاعره تجاه سوسن أم لا !!
لا يزال يلفه الغموض ولا أزال أجهل ما بعقل هذا الفتىنور : لقد أحببت تلك الفتاة حقاً إنها رائعة بعزّتها وافتخارها بدينها
لقد جسدتها بصورة رائعة أهنئكِ على ذلك !!
يبدو أنها من ستجعل سوسن تتغير مع الأيام
على كلٍ يعطيكِ العافية عزيزتي
لقد كنت أريد التعليق منذ زمن على هذه الرواية الرائعة لكنني لم أكن أملك الوقت الكافي فالاختبارات لا ترحم أبداً
بانتظار البارت القادم
بالتوفيق -
امة القادرsaid:10-06-2013 14:39
لن ازيد حرفا عما كتبته سابقا عن ابداعك ..لانه لن يستوفي ما اريد التعبير عنه فانا حقا منبهرة
انا ايضا مشاعري تجاه ايهم نفس تلك المشاعر التي تخالج قلب بطلتنا سوسن ..تحبه ولكنها تخاف من مشاعرها تجاهه هناك ما تحس به من ارتياب نحوه ولكنها لا تعلمه ...وتلك الكوابيس التي تجتاح نومها وتفزعها لها علاقة بذلك ايضا هي تحتاج من ينقذها من ذلك الخوف والشك
ونور وتلك الفتاة المحجبه والتي يقولن عنها معقدة ...(هذه اللفتة الجميلة منك والتي دائما من نراها في مجمعاتنا العربية الاسلامية ...فمن يجدونه ملتزما ومتشددا في دينه يطلقون عليه لقب المعقد) .... ملاك اتت لتمتلك قلب سوسن وتمد لها يدا تخرجها من ظلماتها .... رسوماتها الروحانيه ..فجرت احاسيس غريبة في كيان سوسن ...
هل سيكون لها دور في حياة سوسن مع انني اعتقد هذا
..بالرغم من هذه الرواية قد ابتدت وسردت فيها الكثير الا انني ما زلت محتارة من عنوانها ...يا ترى شو هالشي الي راح تتركو سوسن ولاجل مين ....علامات استفهام كتيرة دور بعقلي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟..يسلمووووووووووو كتير عالبارت
ننتظرك مع البارت القادمو تسلمي كتيييييييييييييير عالمرور والتفاعل(:
سأحاول أن اقتضب بالتعليق هنا خشية أن تفلت مني كلمة تستبق أحداث القصة! لكن أسألتك لفتت نظري، فتبدين جازمة أن العبارة وردت على لسان سوسن!! ربما .. وربما...
حسنا لن أقول أكثر، وأرجو أن لا تطول عليك الأحداث بالاجابة على هذه التساؤلات، رغم أنها عندها لن تكون سوى البداية.....(؛ -
امة القادرsaid:10-06-2013 14:43
السلام عليكم
فعلاً رواية ولا أروع
ما شاء الله عليكِ
لم أقرأ قط في حياتي رواية ذات شخوص عربية بهذه الروعة
أهنئك على هذا التأليف الرائع الذي أبهرنا بحقسأبدأ بتعليقاتي على الشخوص الرئيسيين :
سوسن : هذه الفتاة الرقيقة الجميلة لقد أحببتها بحق
انها رائعة وحساسة جداً
كما أن اسمها كاسم صديقتي المقربة
يبدو أنها بدأت تتأثر كثيراً بنور ويبدو أنه يوجد بداخلها بذرة من الايمان ولكن تحتاج لأحد أن ينمّيها وتلك النور ستعمل على ذلك !!
أيهم : يبدو شاب جيد لكنه غامض قليلاً ولا أعلم ان كان صادقاً بمشاعره تجاه سوسن أم لا !!
لا يزال يلفه الغموض ولا أزال أجهل ما بعقل هذا الفتىنور : لقد أحببت تلك الفتاة حقاً إنها رائعة بعزّتها وافتخارها بدينها
لقد جسدتها بصورة رائعة أهنئكِ على ذلك !!
يبدو أنها من ستجعل سوسن تتغير مع الأيام
على كلٍ يعطيكِ العافية عزيزتي
لقد كنت أريد التعليق منذ زمن على هذه الرواية الرائعة لكنني لم أكن أملك الوقت الكافي فالاختبارات لا ترحم أبداً
بانتظار البارت القادم
بالتوفيقوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا بك عزيزتي، وجزاك الله خيرا لكلماتك المشجعة فعلا، وإنما العبرة بالخواتيم وأتمنى أن تكون كذلك..
تحليلك للشخصيات أعجبني جدا ما شاء الله، شكرا لهذه القراءة المتمعنة، وبانتظارك دائما إن شاء الله(:
في أمان الله -
امة القادرsaid:10-06-2013 14:58
الجزء الخامس..
كانت ساحة المتحف الوطني تعج بالحاضرين، عندما دوى صوت طلقات نارية إيذانا ببدء الافتتاح، فتقدم نائب الحاكم العام على المدينة لقص الشريط، بعد أن تناول المقص الذهبي من فوق الوسادة المخملية التي يحملها مدير المتحف و الذي بدى في أبهى حلله كعجوز قرر الاحتفال بالذكرى الخامسة والخمسين ليوم زفافه..
وعلى مسافة غير بعيدة من نائب الحاكم، وقفت سوسن إلى جوار خطيبها متأبطة ذراعه بصفتهما ضمن ضيوف الشرف المدعوين لحضور هذا الحدث المهم، مما أتاح لها رؤية النائب عن قرب رغم فريق الحراسة الشخصية المحيطة به، ولدهشتها الشديدة بدى وجهه مألوفا جدا، ليس لأنها شاهدته في التلفاز مثلا أو أنها رأت صورته في مكان ما، بل لسبب آخر تماما، وما أن تعرّفته حتى همست لخطيبها قائلة:
- أليس هذا صديق والدي السيد وائل ؟
فأومأ أيهم برأسه ايجابا:
- بالتأكيد إنه هو، فقد حضر حفل خطوبتنا قبل أن يتقلد منصب نائب الحاكم العام على هذه المدينة!
فأطلقت سوسن صرخة مكتومة:
- حقا!! ومتى حدث هذا!!
فابتسم أيهم معلقا:
- لقد مر على ذلك أكثر من ثلاثة أشهر يا فتاتي، أنت تنسين نفسك تماما في عالم الفن.. ولا أدري في ماذا مؤخرا..
فوكزته سوسن ثم قلبت بصرها بين الحاضرين قبل أن تتساءل:
- غريب !! ألم يصل والداي بعد! كان يفترض أن يكونا في صفوف أوائل المدعوين..
فطمأنها أيهم بقوله:
- لا تقلقي فربما عرضت لوالدك إحدى المشاغل المعتادة، دعينا نستمتع بوقتنا الان..
سارت سوسن إلى جانب أيهم وهي تدلف عبر بوابة المتحف المهيبة مع الفوج الأول للمدعوين..
بدت القاعات في غاية التنظيم والفخامة حيث تنوعت أقسامها، وتعددت محاورها لتشمل جوانب كثيرة قل أن تجتمع في مكان واحد، وكان من أبرز ما لفت نظر سوسن فيه هي قاعة المجوهرات الأثرية، وما أن وقعت عيناها على مجموعة غريبة الأشكال من خواتم بدت في غاية القدم، حتى علقت بقولها:
- يا لهذه الأذواق الغريبة!!
قالتها سوسن وهي تتحسس خاتم الألماس في أصبع يدها اليمنى، والذي أهداه لها أيهم يوم خطوبتهما، فأمسك أيهم يدها بحب وهو يشير إلى إحدى تلك الخواتم معلقا:
- لو رأت ملكات ذلك الزمان رقة أصابعك يا جميلتي، لخجلن من عرض حُليّهن أمامك..
فاحمرت وجنتا سوسن:
- أنت تبالغ كثيرا يا أيهم..
فتناول أيهم يدها وطبع قبلة عليها بعذوبة:
- بل هذه هي الحقيقة يا فاتنتي!
و قبل أن تجد سوسن شيئا تداري به خجلها، فزعت كغيرها لصوت جلبة وصراخ انطلق فجأة من جوارها:
- هل من طبيب هنا؟؟
وهرعت سوسن مع خطيبها نحو الفتاة الممددة على الأرض، في حين أحاط بها بعض الحرس، ليمنعوا اقتراب الناس منها حيث احتشدت أعداد غفيرة على باب القاعة اثر تلك الجلبة، وقد بدأت الشائعات بالانتشار لوصف ما حدث، مع زيادة ونقصان قد لا تمت للواقع بصلة كالعادة بحيث لا يستطيع أحد معرفة الحقيقة أبدا:
- لقد أغمي على ابنة وزير العمل..
- أيعقل أن تكون قد سقطت فجأة هكذا!!
- قد تكون حادثة اغتيال..
- انظر اليها اليست جميلة، وملابسها لا اظنها تخفي أكثر مما تبدي، ما رأيك؟
- سمعت أن هناك شاب يحبها لكنها رفضته فربما حاول الانتقام
- قد تكون مدمنة!! سمعت أن المدمنين يصابون بنوبات مفاجأة!
- يا للعار ابنة وزير ومدمنة!!
- ....................................
-.....................................
ولم تكن الأحاديث للتوقف في أي حال من الأحوال، في حين أسرع من بين الجميع شاب ملتحي، أخذ يعدو بسرعة تجاه الحدث وهو يحث الناس على افساح الطريق أمامه:
- بعد اذنكم.. دعوني أمر فأنا طبيب..
حتى وصل نحو الشابة الممدة على الأرض، وللاحتياطات الأمنية المعتادة أبرز الشاب بسرعة بطاقته الطبية و رخصة مزاولة المهنة للحرس المحيطين بها، قبل أن ينحني على الأرض قرب الفتاة هاتفا:
- هل أنت بخير؟
ولما لم تستجب لندائه فتح فمها بهدوء ليتأكد من سلامة وضعية لسانها، ثم وضع أذنه على فمها في حين اتجه بصره ناحية صدرها، غير أنه لم يجد أثرا لتنفسها فبدأ يجري لها تنفسا اصطناعيا، واضعا فمه على فمها لينفخ فيه نفختين من الهواء، ثم أرجع رأسها برفق للخلف واضعا يده اليمنى على جبهتها في حين ضغط باصبعين من اصابع يده اليسرى على رقبتها ليتأكد من سلامة النبض، ومن ثم بدأ يضغط على صدرها ما يقارب الثلاثين ضغطة قبل أن يضع فمه على فمها من جديد لينفخ فيه الهواء مكررا تلك العملية عدة مرات..
أخذت سوسن التي وقفت على مقربة منه تتابعه بفضول وهي تحاول أن تتذكر أين رأته من قبل، ولم يطل تساؤلها كثيرا إذ سرعان ما طرق سمعها صوتٌ مألوفٌ:
- بعد اذنكم.. لقد أحضرتُ شنطة الطبيب بناء على طلبه..
وما هي إلا لحظات حتى برزت نور أمامها وهي تتجه نحو الطبيب، قائلة:
- هاهي الحقيبة يا عامر، هل أُعدّ الحقنة!
عندها أدركت سوسن أن ذلك الطبيب الشاب لم يكن سوى زوج نور الذي رأته معها ذات يوم..
وقبل وصول سيارة الاسعاف تحركت الشابة أخيرا وفتحت عينيها، إثر حقن عامر لها بالدواء، فهلل الحاضرون فرحا، وبادر الوزير عامرا بالشكر الحار لانقاذه ابنته، فما كان من عامر إلا أن رد بتواضع:
- هذا واجب الطبيب وأمانة في عنقه..
ثم استدرك قائلا:
- لقد قمت بعمل الاسعافات الأولية اللازمة في حالتها لا أكثر، فقلبها مجهد و من الأفضل نقلها بسرعة لأقرب مشفى..
وتابع كلامه وهو يناول الوزير ورقة انتزعها من مفكرة في جيبه بعد أن خط عليها بضعة جمل:
- لقد دونت هنا تشخيصي الأولي عن حالتها والعلاج الذي أعطيته لها، أرجو أن تعطيها للطبيب الذي سيشرف على حالتها في المشفى وستكون بخير إن شاء الله..
ثم ناوله بطاقة وهو يقول متابعا:
- و هذا هو رقمي إن كنتم بحاجة لأي استفسار آخر..
شد الوزير على يد عامر بقوة:
- لا أعرف كيف سأشكرك، إنك شهم حقا أيها الطبيب ولن انسى لك معروفك هذا أبدا..
وبينما كانت نظرات الاعجاب تثني على الطبيب الشهم الواقف إلى جوار زوجته وهو يحادثها، استأذنت سوسن خطيبها الذي بدا شاردا فيما رآه:
- انها نور.. سأذهب للسلام عليها..
غير أن أيهم جذبها من يدها ليستوقفها متسائلا:
- أذلك الطبيب.. كان زوجها؟؟
فأومأت سوسن برأسها إيجابا راجية أن تكون هذه اشارة لاستلطافه لهم، فلشد ما آلمها موقف أيهم السلبي تجاه نور من قبل:
- أجل، أرأيت كم كان بارعا!
لم يرد أيهم ببنت شفة، بل استدار قائلا:
- إذا رغبت بالذهاب للسلام على صديقتك فسأنتظرك هنا..
لم تستطع سوسن أن تحدد تماما على ماذا يدل ذلك، وترددت بالذهاب، حتى كفاها ابتعاد نور مع زوجها عناء التفكير فعادت إلى جانب أيهم متسائلة:
- هل هناك ما يزعجك؟
وقبل أن يجيبها بشيء انتبهت لمجيء والديها اللذان هرعا باتجاهها بلهفة، فيما أسرعت أمها لتحضنها قائلة:
- لقد قلقنا عليك يا ابنتي، خفت عليك كثيرا وخشيت أن تكوني أنت الفتاة المصابة!
فابتسمت نور مطمئنة:
- اطمئني يا أمي فأنا بخير
فقالت أمها وهي تخاطبهم جميعا:
- دعونا نبتعد من هذا المكان المشؤوم، لقد كرهت البقاء فيه، فجوه غير مريح أبدا!
فعلق زوجها:
- كفي عن ذلك يا عزيزتي.. سيدة راقية مثلك وتؤمن بالشؤم!
فردت عليه بحدة:
- لا علاقة للرقي بهذا الأمر.. المكان لم يعد يعجبني وحسب! ثم إنك أنت من طلب مني أولا أن لا نتأخر في العودة للمنزل، أنسيت ذلك!
والتفتت باتجاه سوسن لتمسك يدها قائلة:
- هيا يا ابنتي..
فنظرت سوسن نحو أيهم متسائلة:
- ألن تذهب ؟
فأجابها بابتسامة مقتضبة:
- لا بأس عودي مع والديك، فسأتجول قليلا هنا لأرى بقية الأقسام قبل أن أعود، فقد لا تتاح لي فرصة أخرى لفعل ذلك..
فهمت الأم ما يدور بخلد ابنتها من رغبتها بالبقاء إلى جوار خطيبها، غير أن قلقها عليها في تلك الاثناء بدا هاجسا يسيطر عليها، فحاولت اقناعها للتراجع عن ذلك بقولها:
- لقد تأخر الوقت يا حبيبتي وأنت لم تنامي جيدا ليلة الأمس والارهاق باد عليك، وما زالت الأيام أمامكم أنت وأيهم وبإمكانك الذهاب معه فيما بعد، فهيا بنا الآن..
وهمت سوسن بالامتثال لطلب والدتها غير أنها لمحت سورا فجأة، وخيل إليها أنها كانت تراقبهم من بعيد لتقتنص الفرصة المناسبة للاختلاء بأيهم، وشعرت بمكيدة تحاك في الخفاء ومن الغباء أن لا تأخذ موقفا تجاه ذلك، فجذبت يدها من يد والدتها قائلة:
- أرجوك يا أمي إنني ناضجة بما يكفي لأقرر ما أريد فعله، فلا تقلقي علي، سأتجول مع أيهم ولن نتأخر ثم سيوصلني هو للمنزل..
وأكد والدها كلامها معاتبا زوجته:
- كفاك تدخلا في حياة الفتاة، دعيها تعيش حياتها فخطيبها معها..
ورغم نظرة القلق التي لمعت في عيني الأم إلا أنها لم تجد ما تفعله أمام إصرار ابنتها وتأييد والدها لها، فاستسلمت للأمر الواقع وقلبها غير مطمئن، موجهة حديثها لأيهم:
- اعتني بسوسن جيدا، وحاولا أن لا تتأخرا كثيرا، فيكفيكما سهر ليلة الأمس
لم تكن سوسن راضية تماما عما فعلته بحق أمها، لكن لم يكن بيدها حيلة أخرى، وتنهدت بألم.. إلى متى ستستمر في حماية حبها بهذه الاستماتة!! ألا يمكنها الاطمئنان والركون إلى الراحة قليلا!! إنها تأخذ دور الحارس الشخصي، بل المرابط على الثغور الذي كتب عليه أن يقضي حياته منتبها خشية تسلل الأعداء إلى مملكته فيخسر المعركة!
وتأوهت في أعماق نفسها تأويها؛ ما لو أنه لو ترجم لأصواتٍ لصم الآذان من شدته..
آه يا أيهم.. كم يعذبني حبك!! -
امواج السرابsaid:10-06-2013 15:39
اه يا سوسن اني اتالم لاجلك حقا ....لابد ان ياتي يوم ترتاحين فيه ولا تخافين على فقد من تحبيه
ايهم ما باله ولماذا ذلك الشرود العميق عندما راى ما فعله عامر زوج نور للفتاة ولماذا ردت فعله كانت كذلك ...لقد بدات الاحداث بالاثارة فعلا ...وبدات جوانب اخرى من شخصية ايهم بالظهور ...او انني اتوهم ذلك وابالغ في اعتقادي ..
راح نكتشف في البارتات الجاية
مصادفة عجيبة ان تتواجد نور وزوجها هناك ....اكيد راح يكون ليهم دور كبير في القصة وعلى حياة سوسن وايهمسورا ما ذي تحكيه في الخفاء تلك الفتاة الشيطانة ...لست مرتاحة لامرها ...
يسلمووووووووووووووووو على البارتاخر تعديل كان بواسطة » امواج السراب في يوم » 10-06-2013 عند الساعة » 15:41
-
أمواج المحيطsaid:11-06-2013 16:38
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أردتُ أن أعلق على الجزء الثالث قبل أن تضعي جزءاً جديداً.. لكني لم استطع لبعض الظروف
أرى بأن أحداث القصة تزيد من تأكدي للمعنى الذي فهمته من العنوان
(تركته لأجلك).. لكني أفضل الانتظار فربما الأحداث القادمة ستحمل مفاجأة تغير رأييازدادت شخصية سوسن وضوحاً.. فتاة هادئة لكنها ذات شخصية قوية
وأيهم نقطة من نقاط ضعفها بالإضافة إلى إحساسها بالضياع وعدم الاستقرار في نفسهاأيهم أصبح أكثر وضوحاً أيضاً.. إن تصرفاته الباردة فاجأتني فعلاً.. إذن فكل هذا الحب لجمالها فحسب؟! سيكون هذا مؤلماً
نور.. من الواضح انها هادئة وقوية.. الشخصية المثالية لإبراز أفكارها
ما شاء الله.. أذهلتني بأفكاركِ عن اللوحات وربطها بآيات القرآن! هذا مذهل!
المناقشات العلمية شيء أحبه كثيراً حين أرى شخصية كنور.. أشعر بالأسف والضيق حين أرى شخصاً يقتصر علمه على أمور سطحية بحجة الدين!زوج نور طبيب إذن.. رائع
مثال آخر بأن الدين لا يمنع العلم بل يشجع عليهلديكِ تنوع في شخصيات القصة وهذا جميل.. في قصصي أعاني من تكرار الشخصيات للأسف
كنتُ سأسألكِ عن الحفل الذي ذهبت إليه سوسن مع خطيبها.. لكنكِ أخذتِ تذكرين لمحات منه في ذكريات سوسن وهذه حركة ذكية وتكسر الروتين الزمني للقصة
السرعة في الأحداث.. عادت حين اعتبرت سوسن نور أعز صديقاتها.. فشخصيتان مثلهما وإن ارتاحتا لبعضهما لكن هناك حواجز يجب أن تُكسر لتعتبر كل منهما الأخرى صديقة عزيزة
وكذلك أيهم حين صار يُفسِّر تصرفات سوسن على أنها متأثرة بنور
عموماً لديكِ ميزة في كتاباتكِ.. فحين اقرأ تصبح لدي العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات.. لكن سرعان ما يجد القارئ الأجوبة في الأجزاء التالية
أقصد أنكِ لا تكشفين كل أسرار القصة في وقت واحد.. ما شاء اللهالقصة تزداد جمالاً
أرجو أن تكمليهافي حفظ الله
-
امة القادرsaid:13-06-2013 09:45
اه يا سوسن اني اتالم لاجلك حقا ....لابد ان ياتي يوم ترتاحين فيه ولا تخافين على فقد من تحبيه
ايهم ما باله ولماذا ذلك الشرود العميق عندما راى ما فعله عامر زوج نور للفتاة ولماذا ردت فعله كانت كذلك ...لقد بدات الاحداث بالاثارة فعلا ...وبدات جوانب اخرى من شخصية ايهم بالظهور ...او انني اتوهم ذلك وابالغ في اعتقادي ..
راح نكتشف في البارتات الجاية
مصادفة عجيبة ان تتواجد نور وزوجها هناك ....اكيد راح يكون ليهم دور كبير في القصة وعلى حياة سوسن وايهمسورا ما ذي تحكيه في الخفاء تلك الفتاة الشيطانة ...لست مرتاحة لامرها ...
يسلمووووووووووووووووو على البارتوتسلمي كتير على الرد(:
من الجيد ان سوسن وجدت من يشعر معها ويتألم لأجلها، لا شك أنها فرحة بذلك الآن وتشكرك من أعماق قلبها(؛
حسنا لن أطيل عليك وسأحاول قدر الاستطاعة الاستعجال بوضع الأجزاء بسرعة إن شاء الله(:
الجزء السادس بعد قليل إن شاء الله، قد يجيب على بعض اسألتك، فكوني معنا(:
في أمان الله
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اقتبس من زينب جلال في 2025-01-14, 5:57 م
مشاهدة النتائج 21 الى 40 من 206المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
13-06-2013, 09:57#21السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأردتُ أن أعلق على الجزء الثالث قبل أن تضعي جزءاً جديداً.. لكني لم استطع لبعض الظروف
أرى بأن أحداث القصة تزيد من تأكدي للمعنى الذي فهمته من العنوان
(تركته لأجلك).. لكني أفضل الانتظار فربما الأحداث القادمة ستحمل مفاجأة تغير رأييازدادت شخصية سوسن وضوحاً.. فتاة هادئة لكنها ذات شخصية قوية
وأيهم نقطة من نقاط ضعفها بالإضافة إلى إحساسها بالضياع وعدم الاستقرار في نفسهاأيهم أصبح أكثر وضوحاً أيضاً.. إن تصرفاته الباردة فاجأتني فعلاً.. إذن فكل هذا الحب لجمالها فحسب؟! سيكون هذا مؤلماً
نور.. من الواضح انها هادئة وقوية.. الشخصية المثالية لإبراز أفكارها
ما شاء الله.. أذهلتني بأفكاركِ عن اللوحات وربطها بآيات القرآن! هذا مذهل!
المناقشات العلمية شيء أحبه كثيراً حين أرى شخصية كنور.. أشعر بالأسف والضيق حين أرى شخصاً يقتصر علمه على أمور سطحية بحجة الدين!زوج نور طبيب إذن.. رائع
مثال آخر بأن الدين لا يمنع العلم بل يشجع عليهلديكِ تنوع في شخصيات القصة وهذا جميل.. في قصصي أعاني من تكرار الشخصيات للأسف
كنتُ سأسألكِ عن الحفل الذي ذهبت إليه سوسن مع خطيبها.. لكنكِ أخذتِ تذكرين لمحات منه في ذكريات سوسن وهذه حركة ذكية وتكسر الروتين الزمني للقصة
السرعة في الأحداث.. عادت حين اعتبرت سوسن نور أعز صديقاتها.. فشخصيتان مثلهما وإن ارتاحتا لبعضهما لكن هناك حواجز يجب أن تُكسر لتعتبر كل منهما الأخرى صديقة عزيزة
وكذلك أيهم حين صار يُفسِّر تصرفات سوسن على أنها متأثرة بنور
عموماً لديكِ ميزة في كتاباتكِ.. فحين اقرأ تصبح لدي العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات.. لكن سرعان ما يجد القارئ الأجوبة في الأجزاء التالية
أقصد أنكِ لا تكشفين كل أسرار القصة في وقت واحد.. ما شاء اللهالقصة تزداد جمالاً
أرجو أن تكمليهافي حفظ الله
شكرا لاهتمامك.. وأقدر غيابك وعساه خيرا(: لقد افتقدتك فعلا(؛
خاصة وأنني أخذت ملاحظتك في موضوع السرعة بعين الاعتبار.. فحاولت التمهل قليلا حتى شعرت بأنني لن أصل أبدا فما زال الطريق طويل ولكن لا بأس.. خير إن شاء الله(:، أما ملاحظتك حول عودتي للاستعجال فهو مقنع الى حد ما رغم أننا أحيانا نعقد صداقات في غضون ساعات فالأرواح تتآلف أحيانا بأسرع مما نتوقع.. على كل حال حاولت أخذ هذه الملاحظة بعين الاعتبار في الجزء القادم ان شاء الله(: فشكرا لك كثيرا (:
بانتظارك قريبا إن شاء الله(:...
13-06-2013, 10:03#22الجزء السادس..
لم تصدق سوسن عيناها في البداية وهما تطالعان الساعة بعد أن استيقظت فجأة!! مستحيل!! لقد فاتني دوام المعهد بأكمله هذا اليوم..
وقفزت من فراشها منادية الخادمة التي هرعت نحوها بسرعة:
- لماذا تركتني نائمة حتى هذا الوقت؟؟
فأجابتها بهدوء:
- لقد حاولت ايقاظك لكنك كنت مرهقة جدا فلم تسمعيني...
و تابعث بثقة أكثر:
- ثم إن سيدتي طلبت مني أن لا أزعجك أكثر!
لم تجد سوسن بدا من الرضى بالواقع الذي وجدت نفسها فيه، فتناولت هاتفها لعلها تجد اتصالا من أيهم، ولخيبة أملها الكبيرة.. لم تجد شيئا!! وحدها نور اتصلت.. ومن ثم أرسلت رسالة لتطمئن عليها..
فاستلقت سوسن على سريرها إذ كانت لا تزال متعبة.. لقد سهرت أكثر مما توقعت ليلة أمس، فقد كان من المفترض أن لا تتأخر بجولتها مع أيهم، إلا أنه بدا متحمسا كثيرا ولم تواتيها الجرأة لتطلب منه العودة بعد أن أصرت على مصاحبته.. ترى أما زال نائما هو الآخر، أم...
وخفق قلبها خشية أن يكون قد ذهب للمعهد لرؤيتها، فتكون فرصة مواتية لسورا للحديث معه والايقاع به.. ولا تدري ماذا أيضا، عندها ستكون كمن أضاعت جهدها ليلة الأمس سدى..
يا إلهي.. لماذا يحدث كل هذا لي!! ألا يمكنني الاطمئنان قليلا!!
وبعد تردد تناولت هاتفها ضاغطة زر الاتصال على رقم أيهم، وقبل أن تسمع رنين الهاتف قطعت الاتصال..محادثة نفسها:
- يفترض به أن يكون هو من يحادثني و يطمئن علي أولا!!.. أم أنه لم ينتبه لغيابي حتى هذه اللحظة! ... أم أنه انشغل مع تلك الفتاة الـ..!! فنسي وجودي... ما الذي يفعله الآن!!
وشعرت بصداع رهيب وأبشع الاحتمالات مأساوية ترتسم في خاطرها حتى استسلمت لها تماما، ولم تستطع الانتظار أكثر، فعزمت أمرها وضغظت زر الهاتف منتظرة رده بنفاد صبر، حتى جاءها صوته أخيرا:
- سوسن حبيبتي، لقد كنت على وشك الاتصال بك الآن!! هل أنت بخير؟؟
شعرت سوسن ببعض الغيظ، وتمنت لو أنها انتظرت قليلا.. ربما.. أو من يدري..هل كان صادقا حقا في كلامه!! وأمام صمتها جاءها صوته مجددا:
- ألو.. سوسن.. هل تسمعينني؟؟
فردت بصوت واهن أرهقه عناء التفكير:
- أجل أسمعك.. أنا بخير.. ماذا عنك أنت؟
فرد قائلا:
- كنت مشغولا من الصباح للإعداد لحفة الغد التي سنحييها في قاعة المدينة ، ولم أعرف إلا للتو من زميلاتك أنك لم تحضري هذا اليوم..
شعرت سوسن بغصة، لقد ذهب إلى المعهد إذن!! ما الذي يفعله حتى هذه اللحظة هناك!! لا شك انها فرصة سورا ....
غير أن صوته قطع عليها الاسترسال في أفكارها مجددا:
- سوسن.. أما زلت على خط الهاتف معي؟؟
فأجابته باقتضاب:
- أجل..
فتابع كلامه وهو يهم بإنهاء المكالمة:
- لا تبدين على ما يرام، سأمر للإطمئنان عليك بنفسي فهذا أفضل..
تنهدت سوسن وهي تضع الهاتف من يدها مسندة رأسها إلى وسادتها:
- قد أكون واهمة فقط.. ولكن لماذا يحدث كل هذا لي!! ألأنني أحبه فقط!! أهذا حال المحبين كلهم؟؟ أهذه هي طبيعة الحب أم ماذا!! أهي الغيرة !!!!!
وأمام ذلك السؤال الصريح لم تجد سوسن بدا من الاعتراف أمام نفسها، بأنها كانت غيورة فعلا، غير أن ذلك مهّد لسؤال جديد حول طبيعة غيرتها، أهي غيرة طبيعية بين المحبين!! أم أنه القلق من خسران من تحب!! لو كانت غيرة الحب الطبيعية فما بالها لا تراها عند أيهم!!
وعند تلك النقطة تحديدا لاحت لها علامة خطر تحذرها من الاقتراب أكثر نحو تساؤل كهذا.. فصرفت تفكيرها عن ذلك المنعطف حالا، ليطرق اسم نور ذهنها فجأة، لقد رأتها بالأمس مع زوجها، بدا ودودا معها وهو يحادثها، أكان يشكرها فقط لمساعدته في أداء مهمته، أم كان حديثا عابرا.. أم.....
لكنها سرعان ما أنّبت نفسها على ذلك الخوض في أمرهما :
- فليكن من أمرهما ما يكون، فما شأني أنا!
ولمعت في ذهنها فكرة، قد تلقي نور بعد الضوء على أسئلتها المحيرة، فتناولت هاتفها ضاغطة على رقم نور بثقة، لا سيما وأنها قد وجدت اتصالا سابقا منها، وبذلك لن تكون متطفلة عليها بعد نهاية الدوام..
وبلهفة جاءها صوت نور:
- كيف حالك يا سوسن لقد قلقنا عليك اليوم، خاصة وأنك لم تنوهي لغيابك مسبقا!
فابتسمت سوسن:
- كنت مرهقة قليلا فلم اصحو من نومي إلا قبل قليل!
فردت نور:
- الحمد لله ، كنت أود الاطمئنان عليك فقط، فقد كنتِ مهتمة بإنهاء لوحتك قبل نهاية الاسبوع، وإن شاء الله تتمكني من انجازها غدا..
فشكرتها سوسن بامتنان:
- شكرا لاهتمامك يا نور..
وهمت بأن تسألها عن مجيء أيهم هذا اليوم، غير أنها تراجعت، ما عساها تقول لها!!
وأمام ترددها انتبهت نور، فبادرتها بالسؤال:
- هل هناك شيء يمكنني مساعدتك به يا سوسن ؟ إنني بالخدمة يا عزيزتي فلا تترددي..
فأجابتها سوسن إجابة لم تتجاوز حدود حنجرتها:
- لو تعلمين يا نور ما الذي أريده!! انني أريد مساعدتك في كل شيء، ولكن كيف لي أن أعبر عن هذا!! إنني تائهة.. محتارة.. قلقة.. غارقة في الظلام حتى النخاع..
غير أنها اكتفت بقولها:
- شكرا لك يا عزيزتي..
واستدركت متسائلة:
- بالمناسبة.. ما هي لوحتك الجديدة يا ترى؟
فأجابتها نور بابتسامة استطاعت سوسن رؤية اشراقتها عبر الخطوط بمخيلتها:
- سترينها غدا إن شاء الله، لقد رسمتها هذه المرة أكثر إشراقا من السابق وأتمنى أن تعجبك، فاهتمي بنفسك جيدا، ولا تشغليها بما يقلقها ويعكر مزاجها..
كان لتلك الكلمات وقعا غريبا على نفس سوسن:
- أتراها تعرف ما بي من قلق وحيرة!
فرددت سوسن بدهشة:
- نور..!!؟؟
ثم صمتت باترة جملتها بعد أن كان بودها أن تطرح عليها ولو سؤالا واحدا، ما الذي يعنيه الحب لها؟؟ بدا سؤالا صعبا.. أو ربما بدون مناسبة، فحثتها نور على الكلام:
- إنني أسمعك يا سوسن، هل هناك ما يشغل بالك؟؟..
وكمن يحاول اصطياد حوت عنيد، يرفض الانصياع لجذب صياده له، أفلتت سوسن صنارتها بعد أن ضاعت الكلمات منها، فتراجعت عن كلامها، قائلة:
- لا شيء يا نور، أراك غدا..
لم تعرف سوسن كم من الوقت قضت سارحة في فراشها، وهي تصول وتجول مع أفكارها، ما الذي يحدث لي.. إلى متى سأظل عديمة الفائدة هكذا!!
وتذكرت نفسها قبل سنوات قليلة، فتاة واثقة بنفسها قوية الشخصية جذابة ومحبوبة من الجميع، بل والأهم من ذلك.. كانت حرة.. لا شيء يقلقها ولا هم يشغل بالها! فما الذي تغير بعد ذلك!! لقد أحبت أيهم من أول لقاء جمعهما، رغم أنها لم تكن من أشد معجبيه من قبل... ويبدو أنها أسرته فورا بجاذبيتها وجمالها قبل أن تشعر بتعلقها به، كان ذلك يوم حضورها إحدى حفلاته مع صديقاتها كنوع من التغيير لا أكثر، حتى إذا ما ذهبن لمحاولة الحصول على توقيعه رافقتهن دون ان يخطر ببالها انها ستكون لحظة حاسمة في حياتها، فما أن وقعت عينا أيهم عليها ذلك اليوم حتى شعرت بمعنى الحب أول مرة، ورغم أنها كذبت نفسها بداية إلا أن اهتمامه بها دون غيرها ترك أثره الكبير في نفسها، وكيف لها أن تتجاهل ذلك وهو النجم المشهور الذي تتحطم على أعتابه كرامة آلاف المعجبات! فلم تملك إلا أن تحبه، ثم مرت الأحداث بسرعة بعدها، وكم كانت سعادتها كبيرة يوم أن تقدم لخطبتها، لقد شعرت بأنها امتلكت الدنيا وما فيها وهي تنعم بحب من أحبت وبقربه واهتمامه.. حتى أنها لم تنتبه للمكائد المحيطة بها.. و رويدا رويدا بدأ حب أيهم لها يأخذ منحى روتينيا، فيما بدأت هي تزداد قلقا من الأجواء المحيطة بهما.. حتى عالم الفن الذي تحبه.. عالمها الخاص الذي تنسى فيه نفسها، بدأت تفقد اهتمامها به مؤخرا من أجل التفكير في... أيهـــــــم..
ولم تعد تحتمل أكثر، فنظرت إلى عقارب الساعة بتوتر :
- مرت قرابة الساعتين على هذه الحال ولم يأت أيهم بعد! لقد وعدني بأنه سيمر علي..
انتظرت وانتظرت دون أن تفعل شيئا.. حتى مل الانتظار منها، وأخيرا نهضت من فراشها لتبدل ثيابها، فلم يعد أمامها مجال للإنتظار أكثر، إذ كانت تود لو يرى أيهم مقدار الحيرة التي تشعر بها وهي لا تزال على فراشها منذ أن حادثته ، لعله يساعدها على الخروج منها..
ودق جرس الباب معلنا وصول الضيف الموعود بعد أن فقدت سوسن حماستها لاستقباله، فنزلت الدرج بهدوء باتجاه صالة الاستقبال، حيث جلس أيهم بانتظارها..
بدا لقاؤهما غريبا جدا، باهتا وباردا على غير ما خططت سوسن له، واستطاعت أن تلاحظ بصعوبة أن أيهم كان يحاول اصطناع ابتسامة ترحيبية ليلقاها بها، جلست قبالته و خيم الصمت عليهما.. وكأن كل واحد منهما كان محتارا في كيفية البوح بما يخفيه عن صاحبه، ولم تجد سوسن بدا من المبادرة بعد أن طال الصمت أكثر مما ينبغي:
- أيهم.. هل هناك شيء؟ تبدو على غير الصورة التي حادثتني بها ظهر هذا اليوم!
فنظر إليها أيهم مغيرا دفة الحديث:
- يبدو وجهك شاحبا يا سوسن، هل أنت مريضة أم أن هناك ما يضايقك؟
لم تجد سوسن ما تجيبه به وهي تستعرض ما حدث في المرة السابقة، ليس من الحكمة مصارحته بما تشعر به تماما، ولم يتركها أيهم لتفكر بانتقاء جوابها كثيرا؛ بل أخرج من جيبه ورقة مطوية ناولها لها بوجه متجهم قائلا:
- إذن أنت توافقين على هذا الكلام!!
فتناولت الورقة من يده وفتحتها بيد مرتعشة لتقرأ ما طُبع فيها:
" إتق الله أيها الفاسق الضال الغافل.. إنك وأمثالك حطب جهنم وبئس المصير.. إنك تتحمل وزرك ووزر خطيبيتك التي تقف عثرة في طريق هدايتها.. فإن لم ترغب في التوبة فابتعد عنها لــ....."
سقطت الورقة من يد سوسن وهي تطلق صرخة مكتومة:
- ما هذا!!!! من الذي أعطاك اياها!!
فأجابها أيهم بتساؤل مثله:
- هذا ما أود معرفته منك!! لقد عثرت عليها تحت مسّاحات سيارتي وأنا أهم بركوبها بعد أن حادثتك..فمن برأيك يهمه كتابة رسالة كهذه!!
قال جملته الأخيرة بنظرة ذات مغزى، لم يخف على سوسن مرماها، فأسرعت تدافع عن نور بقولها:
- كلا لا أظنها تكتب رسالة منفّرة كهذه، إن نور لطيفة جدا وبالتأكيد هي بريئة من شيء كهذا، صدقني يا أيهم..
فرماها بنظرة ملؤها الشك:
- ومن غيرها يفعلها يا سوسن! لا تكوني واثقة هكذا، فقد بدأ تأثير هذه الفتاة يظهر جليا عليك، ولم تعودي سوسن التي أعرفها!
والتقط نفسا قبل أن يتابع:
- هل نسيت الحديث الذي حدثتني به من قبل! لقد نجحت تلك الفتاة بإدخال أفكار غريبة لرأسك، ولا أدري ما الذي تريده في النهاية..
لم تستطع سوسن احتمال ذلك، فبذلت جهدها لتقول بصعوبة:
- أيهم أرجوك، كف عن التفكير بهذا الشكل.. فلا علاقة لنور أبدا بما أخبرتك به، ثم إنه لم يمض على مجيئها أكثر من أربعة أيام فهل...
فقاطعها أيهم بنوع من العصبية:
- إنني أعرف تماما هذا النوع من المعقدين.. لا يتورعون عن ترك تأثيرهم من اليوم الأول، فهذه هي مخططاتهم من البداية.. أم أنك نسيتِ ما أخبرتِني به من أنها أصبحت صديقتك خلال تلك المدة الوجيزة!!
ورغم عدم اقتناع سوسن التام بكلام أيهم..- أيعقل أن تفعلها نور!! مستحيل.. ليست من هذا الصنف بالتأكيد... ولكن ماذا لو كانت هي...!! كلا .. لا يمكن.. إنني واثقة..- إلا أنها بدت من الضعف بحيث تعجز عن الرد عليه.. كلا لن تسمح لاختلافٍ بالرأي أن يفرق بينها وبينه، حاولت أن تتكلم .. أن تقول شيئا دون أن تخونها قواها التعبيرية، لكن دون جدوى.. وأخيرا نطقت وهي تغالب دموعها بصوت متهدج:
- أرجوك ثق بي.. لا علاقة لنور بما حدث فقد كانت تلك خواطري قبل مجيئها..صدقني.. لم أقل لك ما قلته سابقا إلا لأني أحبك وكنت أريد التأكد من اهتمامك بي.. لماذا..لماذا لا تفهمني يا أيهم...لا بد أن هناك من يحاول التفريق بيننا....
وبدا أن الأمر قد تجاوز حد احتمال سوسن فانفجرت باكية بنشيج يقطع أنياط القلوب..
حتى رق قلب أيهم لها، فاقترب منها وأمسك يدها قائلا:
- إن كنتِ لا توافقين على أمر كهذا يا حبيبتي؛ فثقي بأن رسالة كهذه لا تهمني أبدا، فلشد ما أكره التعقيد والمعقدون في هذه الحياة، ولكنني أحذرك من صُحبة كهذه إن أردتِ لحياتنا أن تستمر معا..
لم يدرك أيهم حجم الألم الذي وخزت به جملته الأخيرة قلب سوسن، فتابع بمرح وهو يمزق الورقة إلى قطعٍ صغيرة بعثرها في سلة المهملات:
- هيا يا حبيبتي ابتهجي ولننس ما حدث، فغدا سأحيي حفلا كبيرا وأريد أن أراك أجمل الحاضرين فيه..
ورغم أن الأمور قد سُويت في الظاهر بينها وبين أيهم إلا أن الشكوك لم تفارقها، أيعقل أن تُقدم نور على أمر كهذا، لأجد نفسي في مفترق طريقين!! صحيح أنها بدأت تميل لأسلوب الحياة الذي تحياه نور وزوجها، فقد بدا مستقرا هادئا تحيط به روحانية و سكينة، تتوق سوسن لحياة مثلها، غير أن فكرة الابتعاد عن أيهم وأسلوب ذلك الخطاب القاسي لا يمكنها قبوله بأي حال من الأحوال، ورفض عقلها الفكرة بشدة.. لا يمكن لنور فعلها أبدا، إنها حتى لم تفاتحني في هذه المواضيع أبدا..
و تنهدت بألم:
- كيف يمكنني بعد هذه الرسالة؛ مفاتحة أيهم بخواطري المستقبلية!! 13-06-2013, 16:23#23سورا تلك العقربة لاشك بانها هي من كتبت الرسالة وارسلتها لايهم....هي ما قدرت توصلو او حتى تفرق بينو وبين سوسن ...فشافت انو تدخلو من هاذ الطريق ...واكيد هي تخطط لشي كبير وكايد الله يلطف بس من عماليها
ليس من حق ايهم ان يعاتب سوسن على صحبتها من نور ...مسكينة كم تتالم سوسن انا ايضا شعرت بوخز بما قاله في نهاية جملته
"- إن كنتِ لا توافقين على أمر كهذا يا حبيبتي؛ فثقي بأن رسالة كهذه لا تهمني أبدا، فلشد ما أكره التعقيد والمعقدون في هذه الحياة، ولكنني أحذرك من صُحبة كهذه إن أردتِ لحياتنا أن تستمر معا.. "
شكرا بارت على البارت الجميل 16-06-2013, 13:03#24سورا تلك العقربة لاشك بانها هي من كتبت الرسالة وارسلتها لايهم....هي ما قدرت توصلو او حتى تفرق بينو وبين سوسن ...فشافت انو تدخلو من هاذ الطريق ...واكيد هي تخطط لشي كبير وكايد الله يلطف بس من عماليها
ليس من حق ايهم ان يعاتب سوسن على صحبتها من نور ...مسكينة كم تتالم سوسن انا ايضا شعرت بوخز بما قاله في نهاية جملته
"- إن كنتِ لا توافقين على أمر كهذا يا حبيبتي؛ فثقي بأن رسالة كهذه لا تهمني أبدا، فلشد ما أكره التعقيد والمعقدون في هذه الحياة، ولكنني أحذرك من صُحبة كهذه إن أردتِ لحياتنا أن تستمر معا.. "
شكرا بارت على البارت الجميلعفوا عزيزتي(: وشكرا لاهتمامك بالتعليق والمتابعة(؛
لقد بدأت أشعر أنك تشابهين سوسن في شخصيتك، طيبة ومرهفة الأحاسيس، أسعدك الله(:
يبدو أنني سأستعين بردود أفعالك لكتابة الأجزاء اللاحقة إن ما واجهتني صعوبة في اختيار ردود افعال سوسن، ما رأيك(؛في حفظ الله.. سأنزل الجزء السابع في الرد التالي إن شاء الله
بانتظارك(: 16-06-2013, 13:08#25الجزء السابع..
وصلت سوسن مبكرا للمعهد وهي في لهفة شديدة لرؤية نور، فقد قاومت نفسها بصعوبة يوم أمس حتى لا تزعجها باتصالها بعد أن سبب لها موضوع تلك الرسالة أزمة شديدة، صحيح أنها تثق بنور ولكن لا بد لقلبها أن يطمئن ويقطع أي احتمال للشك باليقين، ولخيبة أملها لم تجد نور هناك.. بل وجدت لوحة كبيرة مكانها، بهرت سوسن بالنور الساطع منها، حتى شعرت برغبة في إغماض عينيها:
- يا الهي.. كيف تستطيع نور فعل ذلك!! كأنه نور حقيقي!!
ورويدا رويدا بدأت عيناها تعتاد على رؤية اللوحة لتنبهر من دقة تفاصيلها، هناك في الأفق.. بين السماء والأرض؛ انتصب جذع شجرة مهيبة لا يكاد يُرى من شدة النور الصادر منها مضرب جذورها في الأرض، وقد تفرعت أغصانها، وتشابكت أوراقها الابرية، المثقلة بثمار الزيتون المصطبغة بلون الزيت النقي الصافي فبدت لامعة مضيئة بزيتها كقناديل صغيرة، في حين لامست قمتها المنيرة كوكبا زجاجيا عظيما حوى مصباحا جميلا يشع نورا، استطاعت بصعوبة تبين حروفٌ خُطت داخله بلون نوراني، حتى تمكنت من رؤية الكلمة بوضوحٍ اقشعر لها جسدها فارتعشت بقوة وهي تقرأ :
الله
نور السماوات والأرض
قدرت سوسن بأنها أمضت وقتا ليس بالقصير وهي تتأمل تلك اللوحة المبهرة، إذ انتبهت لأصوات الفتيات اللاتي بدأن يملأن المكان بأصواتهن، غير أن نور لم تأت بعد على غير عادتها، وبعد أن تبادلت التحيات الصباحية مع الفتيات اللاتي أتين للإطمئنان عليها، حاولت الدخول في جو لوحتها الأخيرة لتتابعها، غير أن حديثا دار بين اثنتين أثار انتباهها، وقد أمسكت الأولى صحيفة أرتها لزميلتها قائلة:
- إنها صحيفة الأمس لقد لفت نظري ما كُتب هنا، انظري أليست هذه صورة مألوفة لديك؟
حاولت الفتاة الثانية التذكر، لكنها قالت:
- ربما.. ولكن لا أذكر أين!
فقالت الأولى:
- دققي جيدا.. أليست هذه صورةٌ لزوج نور!!
فتحت الفتاة الثانية عينيها بتمعن ودهشة في آن واحد وهي تقرأ عنوان المقالة " طبيب شاب ينقذ حياة ابنة وزير العمل، ويشرف على إجراء عملية قلب لها"، وهتفت بذهول:
- انظري ماذا كتب عنه أيضا! إنه اصغر طبيب جراح أجرى خمس عمليات قلب بنجاح حتى الآن!! ويُقال أن له سمعة ذائعة الصيت في الأوساط الطبية!!
فتدخلت فتاة أخرى:
- ولكن نور لم تذكر شيئا كهذا أبدا!! حتى أننا لم نكن نعرف أن زوجها طبيب!
فردت عليها الفتاة الأولى:
- ولمَ تفعل ذلك! أنتن لم تسألنها أصلا، ثم إنها ليست من ذلك النوع المتفاخر أبدا!
فردت الثانية:
- فعلا غريب!! ظننته إمام جامع وحسب!
فيما تناولت فتاة ثالثة الصحيفة من بين أيديهن متأملة في الصورة:
- إنه وسيم.. أليس كذلك؟
وتابعت بصوت حالم:
- شاب وسيم ينقذ حياة ابنة وزير شابة!! إنها تصلح لقصة رومانسية مثيرة..
فوكزتها صديقتها:
- انتبهي لنفسك، ماذا لو سمعتك نور الآن! لا تنسي انه زوجها!!
فالتفتت الفتاة حولها، قبل أن تقول:
- اطمئني فلم تأت نور بعد..
ثم أطلقت ضحكة خافتة:
- ستزداد الحبكة تعقيدا في هذه الحالة، لتصبح أكثر اثارة..
أما سوسن التي سمعت ما يدور بينهن، فقد ارتجفت لتلك الكلمات الأخيرة:
- حتى نور لم تسلم من مكائد كهذه!! ترى ماالذي كانت ستفعله في موقف كهذا!!
وتذكرت مشهد انقاذ زوج نور للفتاة، لقد كان يؤدي واجبه بجدية، حتى نور وقفت لتساعده باهتمام، أتراها اعتادت أمورا كهذه، ألا تشعر بالــ.....!
وتنهدت سوسن:
- أم أنني أنا الوحيدة التي تشعر بالقلق حيال هذه الأمور!! هل يا ترى لو كان أيهم مكان الطبيب، وكانت سورا هي تلك الفتاة المصابة وكان....
وهزت رأسها بشدة كمن تحاول طرد الفكرة من رأسها:
- لماذا أزعج نفسي بأفكار كهذه مع الصباح!!
و أمسكت ريشتها بعد أن غمستها باللون الأحمر لتتابع تزيين لوحتها بالورود الحمراء القرمزية، لتحيط بقلعة عظيمة لم ير الناس شبيها لها في الواقع، إلا ما قد تجود به مخيلاتهم الحالمة، لا سيما وقد اصطفت على جانبيها أربعة خيول بيضاء أصيلة أبدعت سوسن في رسم تفاصيلها بدقة متناهية .. لكَم تحب هذا النوع الحالم من الخيال!!
قضت سوسن أوقاتا سعيدة مع لوحتها، كانت كفيلة بإخراجها تماما من تلك الأجواء المتوترة التي لفتها مؤخرا، فلم تنتبه إلا على صوت الآنسة ناديا التي بدت في غاية الانزعاج وهي تقول بعصبية:
- وماذا عن المعرض العالمي!! ألن تشاركي فيه!! لقد قطعتِ شوطا كبيرا ولم يبق أمامك إلا القليل، فهل ستفوتي فرصة كهذه بسهولة!!!
بدت نور في أقصى درجات التفهم لحالة ناديا وهي ترد عليها موضحة بهدوء، رغم مسحة الحزن المرتسمة على وجهها:
- أرجو أن تتفهمي وضعي يا آنسة، فهذا أمر خارج عن ارادتي ولم أعمل له حسابا من قبل، عليّ أن أذهب للإطمئنان على أمي والوقوف إلى جانبها أثناء اجرائها العملية، ولم يعد هناك مجال للتراجع؛ فقد أنهيت إجراء ترتيبات السفر اللازمة، ورحلتي بعد ثلاث ساعات .. إن زوجي بانتظاري.. وقد أتيت لأعتذر عن عدم قدرتي على الاستمرار معكم أو المشاركة في المعرض، فأرجو أن تتقبلي اعتذاري..
لم تستطع سوسن تصديق ما سمعته، فوقعت الريشة من يدها مبعثرة اللون الأحمر حولها كقطرات دم نزفت فجأة دون سابق انذار..لتصف تماما حال سوسن في تلك اللحظة.. هل ستذهب نور بهذه السرعة!! لم أسألها بعد.... أمور كثيرة أود محادثتها بها.... ما زلت حائرة.. تائهة.. أضيع في الظلام.. فلماذا ستذهبين يا نــــــــور!!!!!!!!!
وكان آخر شيء يخطر ببال سوسن في تلك الاثناء هو سؤال نور عن تلك الرسالة الغريبة، إذ لم تعد ذات أهمية في موقف كهذا..
وبدلا من أن تذهب للسلام على نور كما فعلت بعض الفتيات وهن يتمنين شفاء عاجلا لأمها، وقفت سوسن مكانها متسمرة من هول الصدمة حتى أتت نور نحوها لتبادرها بالسلام:
- سعدت بمعرفتك يا سوسن....
ولم تدعها سوسن تتم جملتها إذ لم تملك أن ارتمت بثقلها نحوها وهي تحضنها باكية:
- هل حقا ستذهبين يا نور!! قولي بأنك لن تتأخري.. أرجوك..
فربتت نور على كتفها بتأثر وهي تحاول الوقوف باتزان:
- لم أكن أنوي البقاء هنا أكثر من شهر على اي حال، فإهدئي يا عزيزتي، سنتواصل بالهاتف إن شاء الله فاطمئني..
وبصعوبة هدأت سوسن:
- هل هذا يعني أنك لن تعودي إلى هنا ثانية؟
فأجابتها نور بحنان:
- كنت أنوي البقاء مع زوجي هنا ريثما ينهي أعماله التي جئنا من أجلها قبل أن نسافر خارج البلاد ليكمل أبحاثه، لكن قدر الله وما شاء فعل، فقد عرفت ليلة أمس أمر مرض أمي، ولا بد لي من البقاء إلى جانبها راجية من الله أن يتم شفاءها بسرعة قبل موعد سفرنا إلى الخارج..
وتابعت بابتسامة متفائلة:
- ومن يدري.. فربما آتي لزيارتك يوما ما يا أختي العزيزة..
فأطرقت سوسن برأسها:
- أرجو ذلك يا نور، وسأنتظرك بفارغ الصبر..
وبتردد سألتها:
- وماذا عن هدفك؟ ألم تكن فرصتك الذهبية لعرض لوحاتك في معرضٍ عالمي يا نور؟
فأجابتها نور بثقة:
- إنها أمي ولن أتخلى عنها في موقف كهذا، وسيعوضني الله خيرا عن تلك المشاركة إن شاء الله..
و شدت على يد سوسن:
- استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه..
ثم قالت برجاء:
- اعتني بنفسك جيدا ياسوسن.. أنت طيبة جدا ما شاء الله، واتمنى أن لا تنسي أمي من صالح دعواتك، وادعي لي أيضا فأنا بحاجة لدعائك..
لم تستوعب سوسن كلمات نور الأخيرة جيدا، فمن هي لتدعو لنور وأمها!! وهل تحتاج نور لدعوات أمثالها!! إنها حتى لا تذكر أنها جربت الدعاء من قبل!!
غير أنها وجدت نفسها تردد لا شعوريا:
- إن شاء الله سأفعل..
وقبل أن تذهب نور استدركت قائلة بابتسامة محببة:
- هل أعجبتك لوحتي الأخيرة! إنها هدية لك يا سوسن فاذكريني بها..
فتهلل وجه سوسن:
- شكرا لك يا عزيزتي .. ولكنها لوحتك...
فابتسمت نور:
- إنها هدية متواضعة لا أكثر؛ فأرجو أن تقبليها مني..
فقالت سوسن:
- بل هي هدية رائعة جدا، شكرا لك.. شكرا يا نور..
ثم وجهت نور كلامها للآنسة ناديا:
- سأترك بقية لوحاتي هدية للمعهد إن لم تمانعي يا آنسة..
فابتسمت ناديا وقد بدأت ترضخ للأمر الواقع:
- ستكون ذكرى جميلة منك يا نور، و مرحبا بك في أي وقت تفكرين فيه بالعودة إلى هنا..
همت سوسن بسؤال نور عن شيء ما، غير أنها انتبهت لضيق الوقت فستقلع طائرتها بعد أقل من ثلاث ساعات وإن لم تسرع فستفوتها الرحلة، فعانقتها قبل أن تغادر قائلة:
- سأتصل بك يا نور لأطمئن على والدتك الليلة..
فشكرتها نور وهي تغادر مسلمة على الجميع بما فيهم سورا، التي لم يتمكن أحد من معرفة تفسير واحد لملامح وجهها الغريبة في تلك اللحظة.. 16-06-2013, 13:09#26السلام عليكم ...
رائع ، رائع ، رائع
مذهلة أنتِ يا فتاة جميع الفصول السابقة رائعة بما فيهم الجديد
مبدعة ، ما شاء الله عليكِ
لا أعلم شعوري الحقيقي وأنا أقرأ قصتك
فأحياناً أصاب بالقشعريرة ، وأحياناً بالحزن ، وأحياناً بالخوف ، وأحياناً ... إلخ .
يالَروعةِ ما كتبتِهل تصدقين أنني أفكر أحياناً في فراشي بمعنى عنوان القصة
فهو يجعلني تائهة حقاً
لكنني توصلت لشيء ما
قد يكون صحيحاً وقد يكون خاطئاًقصتكِ رائعة جداً كما أسلفت قبلاً
سوسن إنني أشفق لحالها متى ستنتهي معاناتها ؟!
وأيهم إلى الآن أشعر أنه يخطط لشيء غير جيد هو وتلك السورا
أرجو أن يكون اعتقادي خاطئاًأعتذر لعدم ردي على الأجزاء السابقة لظروف منعتني لكن تأكدي أنني اتابعها دائماً
بالتوفيقاخر تعديل كان بواسطة » ~ Jasmine charm في يوم » 16-06-2013 عند الساعة » 13:28
16-06-2013, 20:45#27انتي تبهرينني حقا يا فتاة
من اين لك هذه الموهبة الفذة ....اتدرين انك تصفين اللوحات ووكانك انت من رسمتها وتصفينها لدرجة اصبح اراها امامي
افكارك الي تنسجين بها روايتك ابداع لم ارى له مثيل ..
احي فيكي هذا
لا اعلم ماذا سارد عن الرواية ...انني اتحرق شوقا لمعرفة المغزى العام للقصة مع انو بدا يستوضح شسئا فشيئاالي اين يا انو يا صاحبة النور ....لا يمكنك الرحيل عن حياة سوس بهذه السرعة هناك اشياء يجب ان يكون لك فيها يد لاجل اخراج سوسن من دوامة الظلام التي تؤرقها على مدى ايامها ولياليها ....مسكيييييييينة انت يا سوسن ليتني استطيع مساعدتك
والله ليا الشرف انك تستعيني برودودي ...ويسعدني انها تكون ذا فائدة الك ....
تصدقي انا ايضا احس نفسي مثل سوسن لانني احيانا استشعر نفسي في دوامة من الظلام لا افقه منه شيئا اعاني منه ولا ادري الخلاص ...احتاج احيانا لمن يخرجني منه ...لهذا ترين تقاربي وتعاطفي مع سوسن
17-06-2013, 11:54#28 18-06-2013, 20:18#29السلام عليكم ...
رائع ، رائع ، رائع
مذهلة أنتِ يا فتاة جميع الفصول السابقة رائعة بما فيهم الجديد
مبدعة ، ما شاء الله عليكِ
لا أعلم شعوري الحقيقي وأنا أقرأ قصتك
فأحياناً أصاب بالقشعريرة ، وأحياناً بالحزن ، وأحياناً بالخوف ، وأحياناً ... إلخ .
يالَروعةِ ما كتبتِهل تصدقين أنني أفكر أحياناً في فراشي بمعنى عنوان القصة
فهو يجعلني تائهة حقاً
لكنني توصلت لشيء ما
قد يكون صحيحاً وقد يكون خاطئاًقصتكِ رائعة جداً كما أسلفت قبلاً
سوسن إنني أشفق لحالها متى ستنتهي معاناتها ؟!
وأيهم إلى الآن أشعر أنه يخطط لشيء غير جيد هو وتلك السورا
أرجو أن يكون اعتقادي خاطئاًأعتذر لعدم ردي على الأجزاء السابقة لظروف منعتني لكن تأكدي أنني اتابعها دائماً
بالتوفيقوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أسعدني ردك واهتمامك بالمتابعة كثيرا وعذرك معك صديقتي(؛ فأحيانا لا تسمح لنا أوقاتنا بأكثر من القراءة، وهذا يحدث مع الجميع فلا تهتمي(:
ممممممم لا أعرف ماذا أقول عن استنتاجك، فلم افهمه جيدا لكنه يبقى احدى الاحتمالات الكثيرة(:بالنسبة لمعاناة سوسن .. أرجو أن يسهل الله لي انزال الاجزاء القادمة بسرعة لعلها تسرع بالفرج(؛ واعذرينا إن كنا سنثقل عليك بالجزء القادم إن شاء الله.. فهذه هي الحياة): ،
حسنا لن أقول أكثر.. ولندع القصة تحكي عن نفسها...في أمان الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم 18-06-2013, 20:23#30انتي تبهرينني حقا يا فتاة
من اين لك هذه الموهبة الفذة ....اتدرين انك تصفين اللوحات ووكانك انت من رسمتها وتصفينها لدرجة اصبح اراها امامي
افكارك الي تنسجين بها روايتك ابداع لم ارى له مثيل ..
احي فيكي هذا
لا اعلم ماذا سارد عن الرواية ...انني اتحرق شوقا لمعرفة المغزى العام للقصة مع انو بدا يستوضح شسئا فشيئاالي اين يا انو يا صاحبة النور ....لا يمكنك الرحيل عن حياة سوس بهذه السرعة هناك اشياء يجب ان يكون لك فيها يد لاجل اخراج سوسن من دوامة الظلام التي تؤرقها على مدى ايامها ولياليها ....مسكيييييييينة انت يا سوسن ليتني استطيع مساعدتك
والله ليا الشرف انك تستعيني برودودي ...ويسعدني انها تكون ذا فائدة الك ....
تصدقي انا ايضا احس نفسي مثل سوسن لانني احيانا استشعر نفسي في دوامة من الظلام لا افقه منه شيئا اعاني منه ولا ادري الخلاص ...احتاج احيانا لمن يخرجني منه ...لهذا ترين تقاربي وتعاطفي مع سوسن
شكرا شكرا لك يا فتاة(: والحمد لله رب العالمين فإذا كنت ترينها موهبة حقا فهذا من فضل ربي خاصة وقد أكرمني بتشجيع من هم في ذوقك(:
بإذن الله يحل النور قريبا، و لكن........ إنما النصر صبر ساعة
فاصبري عزيزتي وارجو أن تحتملي الجزء القادم إن شاء الله(:في أمان الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم 18-06-2013, 20:30#31 18-06-2013, 20:32#32الجزء الثامن..
ارتدت سوسن فستانها وانتهت من إعداد زينتها لتبدو بأجمل حلة كما طلب منها أيهم استعدادا للذهاب لتلك الحفلة التي سيحييها الليلة، كان الحضور كبيرا بعد أن نفدت التذاكر التي بيع منها ما لو أنه صرف على فقراء البلد لكفاهم سنة كاملة!
اتجهت لمقعدها في المقدمة بثقة، ودخل النجم الشاب الآسر الذي ما أن لاحت طلته حتى علا التصفيق والتصفير، ليبدأ بممارسة سحره على قلوب المعجبات، ورغم جو الاثارة الذي انتشى به الحضور في أضخم قاعات المدينة، إلا أن سوسن شعرت بضيق لم تعرف سببه، لم تكن مرتاحة إطلاقا وشعرت بنوع من الاختناق الغريب وهي تقلب بصرها بين الحاضرين، حتى وقع بصرها على سورا التي بدت في أقصى درجات الانفعال وهي تتمايل بغنج مع أنغام الموسيقى مبدية أقصى ما تستطيعه من مفاتنها، كمن أقسمت أن لا تبرح هذا المكان حتى تفوز بضالتها.. فشعرت بغيظ شديد وحنق عليها كاد أن يفقدها صوابها.. ما بها هذه الفتاة لا تدعهما وشأنهما!! غير أنها حاولت أن تكون أكثر واقعية.. أليست هذه الحفلة عامة للجميع!!. أليست شهرة خطيبها ومكانته تستقي وقودها من أمثال هؤلاء الفتيات!! بل أليست هذه الحفلات وأمثالها ما أقيمت إلا خصيصا لأمثالهن!! فما بالها تغضب الآن!!!!!
جميع النجوم والمشاهير يحظون بشعبية جماهيرية كبيرة خاصة من قبل الشباب والشابات، وأيهم ليس مختلفا عنهم.. لذا عليها أن ترضى بهذا الواقع وإلا أحالت حياتها جحيما.. من الطبيعي جدا أن يكون له معجبات يتغنين بذكره ويهتفن باسمه و...
وأوقفت سوسن تفكيرها عند هذا الحد، وهي تحاول الاستمتاع بوقتها، فما دامت هي خطيبته ومالكة لبه فما الذي يهمها من أمر الأخريات..!! ولا تدري لم شعرت بنوع من الشفقة عليهن، سرعان ما تبخرت امام مشهد راعها في نهاية الحفل، حيث قاومت إحدى الفتيات لتصل المنصة متجهة نحو أيهم باستماتة لتطبع قبلة على خده! لم تكن تلك المرة الأولى التي يتعرض لها أحد النجوم لموقف شبيه لكنها كانت من المرات النادرة تقريبا.. وتمنت سوسن لو كان بإمكانها أن تصب جام غضبها عليها، ولكن ما باليد حيلة فآثرت أن تصرف نظرها عن ذلك، متمنية أن لا تتعدى الأمور هذا الحد، فما دامت هذه هي رغبة فتاة طائشة لا يقيم لها أيهم وزنا فلا بأس!! غير أنه سرعان ما أحاطت ثلة من الفتيات بأيهم لعلهن يفزن بابتسامة او حتى نظرة منه.. والمحظوظة منهن من تحظى بتوقيعه، وكان لا بد له من مجاملتهن، مما أعاد لذاكرة سوسن أول مشهد جمعها بأيهم، وحاولت أن تُقنع نفسها بأن أفعالهن تلك لن تؤثر على أيهم بأي شكل من الأشكال، حتى راعها مشهد سورا وهي تتجه نحوه بخيلاء كالواثقة من اهتمامه بها، فلم تستطع سوسن الاحتمال أكثر ونهضت من مقعدها.. فلن تقف مكتوفة اليدين.. غير أنها توقفت فجأة!! وماذا عساها أن تفعل!! أتتشاجر معها أمام الآخرين لتمنعها من الاقتراب! ما الذي سيقوله الناس عنها!! ماذا عليها أن تفعل الآن..! وشعرت بدوار أفقدها توازنها..لماذا يحدث هذا لي!!
ولم تشعر إلا بيد تسندها قبل أن تقع:
- هل أنت بخير يا آنسة!!
رفعت سوسن رأسها بصعوبة لتراع بشاب يرمقها بنظرات لم تعجبها أبدا، وهو يحاول اسنادها إلى صدره، فانتزعت نفسها من بين يديه بكل ما أوتيت من قوة قائلة بحزم:
- شكرا لك أنا بخير..
وابتعدت بسرعة وقلبها يتقطع ألما دون أن تدري إلى أين تذهب... أين أنت يا أيهم لتخرجني من هذا المكان البغيض.. أيرضيك ما حل بي قبل قليل!!
كل ما يحيط بي هنا هو الظلام.. فأين أنت يا نور!!!
وتذكرت سوسن أنها وعدتها بالاتصال للاطمئنان على والدتها ولم تفعل حتى الآن، فأخرجت هاتفها وهي تتجه نحو الممر الخارجي للقاعة علها تجد مكانا هادئا تتحدث فيه، وبعد عدة رنات جاءها صوت نور هادئا رفم نبرة من القلق غشيته:
- السلام عليكم.. سوسن، كيف حالك، لقد أُدخلت أمي قبل قليل لغرفة العمليات، دعواتك لها الآن أرجوك..
فطمأنتها سوسن:
- ستكون بخير اطمئني يا نور.. هل زوجك هو من سيجري لها العملية؟
- كلا فهذه ليست من اختصاصه، ثم إنه لم يستطع السفر معي فعليه بعض الالتزامات، ولديه مسؤولية نحو مريضة عليه متابعتها هناك بعد ان شارك في إجراء عملية لها..
وتذكرت سوسن الخبر الذي ورد في الصحيفة، وما أثارته الفتيات من تعليقات حوله، لا شك أنها عملية ابنة الوزير ..و خطر ببالها أن تسألها، ألستِ قلقة على زوجك يا نور! غير أن الموقف الذي بدت فيه نور كان أكبر من أن تفكر بمثل هذه الأمور.. لقد كانت قلقة تماما على أمها، حتى أن سوسن لم تعد تشعر بقيمة ما كانت تفكر فيه من قبل؛ إلى أن صدمت بمشهد سورا وهي تسير إلى جانب أيهم أثناء خروجه مع فريقه عبر الممر.. فسقط الهاتف من يدها، وكاد أن يغمى عليها حقا.. لقد رأت تعاليم وجهه بوضوح.. لا شك في ذلك.. كان أيهم مهتما بها وهي تحادثه..لقد فعلتها تلك اللئيمة....!
لم تعرف سوسن ما الذي أصابها بعد ذلك، هل كانت تحلم!! هل أصابها دوار !! هل أغمي عليها جراء أمر ما..!! فكل ما تراه الآن هو وجه أيهم الذي أخذ يحملق بها بلهفة:
- سوسن.. ماذا أصابك؟؟ هل أنت بخير!!
ولم تمر بضع لحظات حتى تذكرت ما حدث، لقد فقدت وعيها بلا شك بل وكادت أن تفقده للمرة الثانية وهي ترى سورا أمامها تسأل أيهم عنها بلهفة مصطنعة:
- هل هي بخير؟ ربما كانت بحاجة للذهاب إلى المشفى!
فيطمئنها أيهم بقوله:
- لا تقلقي ستكون بخير.. أظنها مرهقة قليلا..شكرا لك لقد أتعبناك معنا..
فترد عليه سورا:
- كلا هذا واجبي فسوسن صديقتي في المعهد كما أخبرتك من قبل..
وتابعت وهي تناوله رقم هاتفها:
- للأسف علي الذهاب، أرجو منك أن تطمئنني عنها إن لم يكن لديك مانع..
ومدت يدها لمصافحة أيهم قائلة:
- شكرا لدعوتك اللطيفة.. لقد كنت رائعا ومتألقا كعادتك يا...
وتابعت جملتها هامسة بصوت لا تعرف سوسن كيف سمعته:
- حبيبي..
فيما رد عليها أيهم بقوله متجاهلا كلمتها الأخيرة:
- و شكرا لذوقك ولطفك، سأطمئنك عن سوسن بالتأكيد فلا تقلقي يا.. عفوا ما اسمك؟..
فأجابته بدلال بالغ:
- يمكنك مناداتي بـ سورا..
تمنت سوسن لو أنها بقيت في إغماءتها ولم تسمع ذلك الحوار الذي لا يبشر بخير أبدا، كانت تشعر بإعياء شديد فيما انهمرت الدموع من عينيها المغمضتين لتنساب على خديها، لقد باءت جميع محاولاتها لتحول بين سورا وأيهم بالفشل، فها هي سورا تقتنص الفرصة وأمام عينيها، بل والتي ساهمت هي شخصيا بتقديمها لها على طبق من ذهب!
لم تكن سوسن بكامل وعيها وهي ترى ذلك كله.. مما عجل بدخولها في دوامة الظلام من جديد... 19-06-2013, 17:47#33آه يارب ...قديش قلبي حزنان عليكي يا حبيبتي يا سوسن ...والله كتير الي بتتحمليه
والله هالايهم بد تنتيف ليش تارك سوسن لحالها كان من المفروض ما يتركها ويراعي شعورها ليكون هي ما عندها قلب ما تحس لما تشوف البنات حواليه...وتلك العقربة سورا شو ما بدها تتركهم بحالهم بالمرة ...جيبليها شي سيارة تصدمها او مرض خبيث يفكن منها هههههههههههههه الظاهر راح صير شريرة وبدي اقتل الناس ههههههه ...
والله بديت اكرهو لايهم انا بصراحة ما بحب الرجال اوالشاب الي يظهر نفسو وينبسط لما يكون حوالينو البنات وقدام مين قدام خطيبتو اا ...الله يبعثلو يوم يخليه يندم على الي يسويه فيها ...والله انا مابلومها على الشي تحس فيه وعلى عدم ثقتها فيه كمان ...لانو تصرفاتو تخليها تعمل ...هو صحيح يعاملها زين ويحكيلها كلام حب وغزل بس عمرو الحب ما توقف على هيك الحب افعال واقوال .........
تسلميييييييييي على البارت الجوناااااااااااااااااان 21-06-2013, 04:55#34آه يارب ...قديش قلبي حزنان عليكي يا حبيبتي يا سوسن ...والله كتير الي بتتحمليهوالله هالايهم بد تنتيف ليش تارك سوسن لحالها كان من المفروض ما يتركها ويراعي شعورها ليكون هي ما عندها قلب ما تحس لما تشوف البنات حواليه...وتلك العقربة سورا شو ما بدها تتركهم بحالهم بالمرة ...جيبليها شي سيارة تصدمها او مرض خبيث يفكن منها هههههههههههههه الظاهر راح صير شريرة وبدي اقتل الناس ههههههه ...
والله بديت اكرهو لايهم انا بصراحة ما بحب الرجال اوالشاب الي يظهر نفسو وينبسط لما يكون حوالينو البنات وقدام مين قدام خطيبتو اا ...الله يبعثلو يوم يخليه يندم على الي يسويه فيها ...والله انا مابلومها على الشي تحس فيه وعلى عدم ثقتها فيه كمان ...لانو تصرفاتو تخليها تعمل ...هو صحيح يعاملها زين ويحكيلها كلام حب وغزل بس عمرو الحب ما توقف على هيك الحب افعال واقوال .........
تسلميييييييييي على البارت الجوناااااااااااااااااانوتسلمي كتير على التفاعل الجميل... بصراحة حاولت الاستعجال قدر الاستطاعة بانزال الجزء الجديد خصيصا لك ( واعذرينا إن كان قصيرا نوعا ما).. ربما تغيرين رأيك بتنتيف أيهم وربما لا .. (؛
عجبني رأيك : "س عمرو الحب ما توقف على هيك"لن أطيل عليك أكثر، فسأنزل الجزء التاسع في الرد التالي إن شاء الله..
جمعة سعيدة(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 21-06-2013, 05:06#35الجزء التاسع..
ظــــــــلام في ظــــلام في ظلام يحاصرها في كل مكان.. قلبها المعذب لم يعد يرى شيئا غير الظلام، حتى لوحتها الوردية المصطبغة بألوان القرمز الأحمر والخيول البيضاء الناصعة، لم تعد ترى فيها إلا الظلام..
وحدها تلك اللوحة ذات النور المبهر بدأت ترسل أشعتها لتخترق نسيج الظلام المتين، ففتحت عينيها لتقرأ من بين خطوطها المنيرة:
الله
فاقشعر جسدها ورددت بلسانها وقلبها:
- يا الله..
وانتبهت لنفسها أخيرا، فقد كانت ممددة على سريرها حيث علّقت لوحة نور على الجدار أمامها، فيما جلست أمها عن يمينها والتي ما أن رأتها قد استيقظت حتى هتفت:
- سوسن حبيبتي، كيف أصبحت الآن؟؟
فنهضت سوسن من فراشها متسائلة:
- ماذا حدث يا أمي؟ من الذي أحضرني هنا!! هل كان ذلك حلما!
فجاءها صوت أيهم الجالس عن يسارها والذي لم تنتبه لوجود إلا حينها:
- لقد فقدتِ الوعي على ما يبدو، ومن حسن الحظ أنني رأيتك وقتها يا عزيزتي، حتى صديقتك سورا وقفت إلى جانبك..
فتنهدت سوسن بخيبة ألم:
- إذن لم يكن ذلك حلما!
فيما تابع أيهم طمأنته لها بقوله:
- ارتاحي الآن يا عزيزتي فقد قال الطبيب بأن ما أصابك كان نتيجة للإرهاق والتعب، ويبدو أن الزحام والضوضاء قد أثرا فيك.. أنت بحاجة للراحة لا أكثر فلا تجهدي نفسك يا حبيبتي..
بدت أمها مرتاحة نوعا، فنهضت قائلة بتفهم:
- كما قال لك ايهم يا حبيبتي ارتاحي ولا تجهدي نفسك..
وابتسمت غامزة لهما بعينها:
- عن إذنكما..
وبعد أن خرجت من الغرفة، جلست سوسن مسندة ظهرها لوسادةٍ أسرع أيهم بتهيأتها لها قبل أن يتناول يديها قائلا:
- سوسن.. أخبريني ما الذي يزعجك هذه الأيام!
ورغم امتنان سوسن لموقفه ذاك إلا انها احتارت في تفسيره، ألم تخبره من قبل بما يزعجها فغضب! أتراه جادا هذه المرة في معرفة ما يزعجها بحق!!
و أخيرا حزمت أمرها قائلة دون سابق انذار:
- أيهم.. دعنا نعجل في عقد زفافنا و نغادر هذه المدينة!!
بوغت أيهم بذلك القرار المفاجيء، فنظر اليها بشك:
- هل أنت على ما يرام!
وتابع بامتعاض وهو يفلت يديها:
- أكل هذا من أجل تلك المعقدة!!
فهزت رأسها بشدة:
- وما دخلها الآن!! إنـ..
وبترت عبارة كانت على وشك الدفاع بها عن موقفها أمام حقيقة بدت صادمة.. أعرف أيهم برحيل نور!! وكيف له ذلك وأنا لم أخبره... أتراها تلك الـ..
وأسقط في يدها وقد شعرت بقلبها يغوص في أعمق ما قد يصل إليه.. أيعقل أن تكون الأمور قد وصلت إلى...! إلى ماذا!! و إلى أين ستصل أكثر...!!
غير أن أيهم سرعان ما استدرك الأمر وهو ينهض من مكانه ليجلس على حافة سريرها مقتربا منها أكثر، وهو يقول لها برقة شديدة مخبئا يدها في يده:
- سوسن.. ماذا هناك يا مالكة قلبي؟
فخفضت رأسها حرجا و قد احمرت وجنتيها بعد أن خفق قلبها بشدة كادت تخلعه من مكانه.. وتبعثرت كلماتها فلاذت بالصمت قليلا إلى أن تمكنت من إعادة تجميعها، فقالت بتنهيدة مؤثرة:
- إنني جادة تماما فيما أقوله يا أيهم، لقد تعبت من هذا المكان كثيرا..
و تابعت تقول باندفاع متوتر والدموع تملأ عينيها:
- إنني أحبك يا أيهم ولا أريد أن أخسرك لأي سبب.. أريد أن أحيا حياة هادئة مستقرة معك.. لم أعد أحتمل تلك الأجواء المزعجة هنا.. أرجوك.. ألا تفهمني..!!
بدا أيهم أكثر تفهما لحالتها من قبل، فرد عليها بلهجة حانية:
- وماذا عن حلمك يا عزيزتي، أنسيت رغبتك في إقامة معرض خاص بك!! أنت تعلمين بأنك لن تجدي أفضل من هذا المكان لتحقيق ذلك..
لم تجد سوسن ما ترد به على أيهم، إذ لم يعد أمامها هدف سوى الاحتفاظ بحبها الوحيد، فيما تابع ايهم كلامه وقد بدأ يدرك تماما ما الذي أثار حفيظة خطيبته:
- كوني شجاعة يا عزيزتي ولا تتخلي عن أحلامك من أجل ما رأيتيه من تصرف أولئك الفتيات السخيفات، أنت تعرفين من قبل طبيعة حياة النجوم، هذا هو عملي...
وتابع بنبرة ذات مغزى:
- على الأقل لن تجديني مضطرا لوضع فمي على فم إحداهن، كما فعل زوج صديقتك المعقدة..
وأكمل بنبرة لا تخلو من مرح:
- كلانا يؤدي عمله.. أليس كذلك!
صعقت سوسن بذلك الكلام، وانتفضت كل خلية في جسدها.. ما هذا الكلام الـ...! ماذا تسميه..! كيف يجرؤ على قول هذا..!! أيقارن أيهم نفسه، بطبيب ينقذ حياة مريض!!
غير أن أيهم سرعان ما قال:
- المهم يا عزيزتي أن تثقي تماما بأنك وحدك في قلبي ولن أحب غيرك أبدا..
و طبع قبلة طويلة على يدها بعذوبة:
- أقسم لك على ذلك
خفق قلب سوسن من جديد فيما تدفقت الدماء في جسدها بغزارة لتترك أثرها على وجنتيها بلون الورود القرمزية الحمراء، وقد شعرت بطاقة حياة لا تنتهي نسيت معها كل شيء آخر..
لو تعرف كم أحبك يا أيهم.. 21-06-2013, 13:08#36الصراحة مثل ما قلتي يمكن بدي اتنازل عن كلامي عن تنيتف ايهم لما ابداه في هذا البارت م تفهم وجدية لسوسن وطمانتها بانه يحبها ولن يتنازل عنها ...بس مع هيك بدو عقوبة على الكلام المبهم الي عم يحكيه عن نور وزوجها ....بس تعرفي شو احس في شي ناقص او حلقة مفقودة في القصة ...انا ما عم بعرف ليش ردت الفعل المباغلة الي عم يبديها ايهم تجاه نور او زوجها ...وكل ما يحكي هو وسوسن الا ويدمجهم هنن كمان في حكيهم ...والله غريبة اعتقد انو في سر ورا هالشي
الحين بديت افهم معالم القصة وصرت اقدر كهن او خمن المغزى من العنوان الي
اخترتيه لروايتك ...ممكن انو يكون تخلي نور عن حلمها في سبيل الحفاظ على حبها وهذا ما بدات تفكر فيه سوسن في البارت هذا ....وانا اعتقد انها على حق
فاحيانا يجب علينا الاختيار بين شيئين مهمين في حياتنا ولا سبيل من الفراار من ذلك وهذا ما راته نور فالخيار بين حبها وهدفها مثل الجبال ما بيتلاقو فلازم تختار واحد فيهم ....وطبعا او اعتقد انها راح تختار ايهم 22-06-2013, 21:10#37السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله ما شاء الله
القصة تزداد جمالاً
أتعلمين؟ تفاجئينني بالأحداث!!
لم أتوقع أبداً أن نور سترحل بهذه السرعة.. رغم أني أتوقع عودتها
كلما وصفتِ مشاعر سوسن ازدادت ثقتي بأني فهمتُ المغزى مِن العنوان.. لكن ربما تفاجئينني بشيء لا يخطر على بالي
فما أراه يجعلني أحيييكِ احتراماًأيهم.. أحقاً يجرؤ على المقارنة بينما يواجهه وبينما فعله زوج نور؟؟ إن شخصيته الهادئة الرقيقة مع سوسن تخفي الكثير من الأفكار المخيفة!!
نور وزوجها .. أتمنى أن يكون لكليهما دور قوي أكثر فأكثر
سوسن.. الضائعة.. ماذا ستفعل يا ترى؟
سورا.. ممم .. سأنتظر لأرى ما ستفعله أكثربصراحة لقد نجحتِ في جعل هذه القصة حكايةً رائعة
فالشخصيات والأحداث جميلة جداًقد أعود بعد فترة لأقرأ من البداية إلى آخر جزء لأعلق مرة أخرى بدقة أكثر إن شاء الله
أما الآن .. في حظ اللهاللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمدأسباب في غاية القصر والبساطة للكتابة للمؤلف أحمد مشرف:
https://drive.google.com/file/d/0B-LfJc_YRsHobjVQcTh1UHl3dkE/view 24-06-2013, 03:21#38الصراحة مثل ما قلتي يمكن بدي اتنازل عن كلامي عن تنيتف ايهم لما ابداه في هذا البارت م تفهم وجدية لسوسن وطمانتها بانه يحبها ولن يتنازل عنها ...بس مع هيك بدو عقوبة على الكلام المبهم الي عم يحكيه عن نور وزوجها ....بس تعرفي شو احس في شي ناقص او حلقة مفقودة في القصة ...انا ما عم بعرف ليش ردت الفعل المباغلة الي عم يبديها ايهم تجاه نور او زوجها ...وكل ما يحكي هو وسوسن الا ويدمجهم هنن كمان في حكيهم ...والله غريبة اعتقد انو في سر ورا هالشيالحين بديت افهم معالم القصة وصرت اقدر كهن او خمن المغزى من العنوان الي
اخترتيه لروايتك ...ممكن انو يكون تخلي نور عن حلمها في سبيل الحفاظ على حبها وهذا ما بدات تفكر فيه سوسن في البارت هذا ....وانا اعتقد انها على حق
فاحيانا يجب علينا الاختيار بين شيئين مهمين في حياتنا ولا سبيل من الفراار من ذلك وهذا ما راته نور فالخيار بين حبها وهدفها مثل الجبال ما بيتلاقو فلازم تختار واحد فيهم ....وطبعا او اعتقد انها راح تختار ايهمعزيزتي أمواج السراب.. أهلا بك مجددا(: فعلا تعبيراتك في محلها تماما.. بالتأكيد لكل فعل ردة فعل والقصة تقريبا لا تزال في بدايتها....!!!!!! رغم انني كنت أطمح لأن نكون قد قطعنا ثلث الطريق على الأقل): ولعله خير(:
في المقابل كلامك عن الاختيارات واقعي جدا وعجبني تشبيهك بالجبال... حسنا... ربما وربما....بانتظارك بعد الجزء العاشر إن شاء الله
في أمان الله(: 24-06-2013, 03:25#39السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهما شاء الله ما شاء الله
القصة تزداد جمالاً
أتعلمين؟ تفاجئينني بالأحداث!!
لم أتوقع أبداً أن نور سترحل بهذه السرعة.. رغم أني أتوقع عودتها
كلما وصفتِ مشاعر سوسن ازدادت ثقتي بأني فهمتُ المغزى مِن العنوان.. لكن ربما تفاجئينني بشيء لا يخطر على بالي
فما أراه يجعلني أحيييكِ احتراماًأيهم.. أحقاً يجرؤ على المقارنة بينما يواجهه وبينما فعله زوج نور؟؟ إن شخصيته الهادئة الرقيقة مع سوسن تخفي الكثير من الأفكار المخيفة!!
نور وزوجها .. أتمنى أن يكون لكليهما دور قوي أكثر فأكثر
سوسن.. الضائعة.. ماذا ستفعل يا ترى؟
سورا.. ممم .. سأنتظر لأرى ما ستفعله أكثربصراحة لقد نجحتِ في جعل هذه القصة حكايةً رائعة
فالشخصيات والأحداث جميلة جداًقد أعود بعد فترة لأقرأ من البداية إلى آخر جزء لأعلق مرة أخرى بدقة أكثر إن شاء الله
أما الآن .. في حظ اللهوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا بعودتك أمواج المحيط، وجزاك الله خيرا لتشجيعك واطرائك(: آمل أن تكون القصة إلى الأفضل دائما(: وسأكون بانتظار عودتك من محيطك الواسع لتتحفيني بروائع كلامك اللؤلؤي إن شاء الله(:
في أمان الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
24-06-2013, 03:27#40الجزء العاشر..
استيقظت سوسن بنشاط وحيوية لم تعهدها في نفسها من مدة، لقد اتخذت قرارها وستحاول تنفيذه، فقد وعدها أيهم وأقسم لها بحبه ولن تجعل أي شيء يهز هذه الثقة في نفسها، ستنسى أمر سورا والأخريات ولن تعيرهن اهتماما يُذكر؛ فهذا أفضل.. وما أن تصبّحت بلوحة نور أمامها حتى تذكرت أنها لم تعد الاتصال معها منذ أن سقط الهاتف من يدها ليلة الأمس، فبحثت عن هاتفها في حقيبة يدها إذ أخبرها أيهم أنه وضعه هناك بعد أن عثر عليه ملقى على الأرض، وكم كانت سعادتها كبيرة عندما وجدت رسالة من نور تطمئن بها عليها وتخبرها فيها أن أمها أجرت العملية بنجاح، فأسرعت ضاغطة زر الاتصال بها دون أن تأخذ موضوع الوقت بعين الاعتبار، حتى جاءها صوتها بعد فترة وجيزة:
- الحمد لله أنني سمعت صوتك، لقد قلقت عليك ليلة أمس.. لا أدري ما الذي حدث بعد أن قطع الاتصال فجأة!! فقد حاولت الاتصال بك بعد ذلك دون جدوى..!!
فطمأنتها سوسن معتذرة:
- آسفة لازعاجك يا عزيزتي، لقد كنت متعبة قليلا فوقع الهاتف من يدي وقد أصبحت بخير الآن فلا تقلقي..
فجاءها صوت نور:
- الحمد لله، يبدو هذا واضحا من صوتك الآن يا سوسن ما شاء الله، و أرجو من الله أن يكون قد استجاب لدعائي فقد دعوت لك كثيرا..
فابتسمت سوسن:
- شكرا لك يا صديقتي العزيزة.. و.. الحمد لله على سلامة أمك لقد أسعدتيني برسالتك كثيرا..
فرددت نور:
- الحمد لله.. لا زالت تحتاج إلى رعاية لكن وضعها أفضل بكثير ولله الحمد والمنة، فقد خلدت إلى النوم بعد الفجر ..
ثم استدركت متسائلة:
- ألن تذهبي للمعهد يا سوسن؟
فأجابتها سوسن:
- ليس الآن.. فما زال الوقت باكرا جدا وقد أتأخر قليلا هذا اليوم كما أخبرت سائقي بذلك أمس، فلم يبق لي إلا الرتوش الأخيرة للوحتي العاشرة التي سأشارك بها في المعرض العالمي..
فرددت نور:
- إن شاء الله.. أتمنى لك التوفيق فيه يا عزيزتي..
ولا تدري سوسن كيف وجدت الجرأة في نفسها لتسال نور دون مناسبة تذكر:
- نور.. أرجو أن لا أكون فضولية.. ولكن هل لي بسؤال؟
فجاءها جوابها:
- بالتأكيد يا عزيزتي، تفضلي..
فقالت سوسن أخيرا:
- لقد رأيت زوجك وهو ينقذ ابنة الوزير في المتحف..لا أظنك انتبهتِ لوجودي فقد كنتُ أود السلام عليك وقتها لكن لم تتح لي فرصة لذلك..
فقالت نور:
- لقد حضرتِ الافتتاح إذن.. كان متحفا رائعا بحق ولم نرغب بتفويت فرصة الاطلاع على أقسامه، فقد حوى العديد من الأقسام التي تثير اهتمام زوجي..
ثم استدركت قائلة:
- أهذا هو سؤالك يا سوسن؟؟
فأجابتها سوسن:
- حسنا..ولكن إن وجدتِ سؤالي فضوليا فلست مضطرة لـ..
فقاطعتها نور بمودة:
- لا داعي لكل هذه التكلفة يا عزيزتي.. اسألي ما بدا لك، فلا شيء لدي ذا بال لأخفيه عنك!
فالتقطت سوسن نفسا عميقا، قبل أن تصيغ سؤالها بتنميق:
- ألا تزعجك طبيعة مهنة زوجك؟
لم تستطع نور كتم ضحكة خفيفة أطلقتها وهي تجيبها بعفوية:
- تقصدين انقاذه لحياة فتاة شابة مثلا! حسنا .. لقد سُئلت هذا السؤال من قبل..
و صمتت قليلا قبل أن تتابع:
- لا أخفي عليك يا سوسن أن الغيرة كانت تتملكني أحيانا، لكنني سرعان ما أستعين بالله مستعيذة به من الشيطان الرجيم، فهذه مهنة شريفة وأجرها عظيم، خاصة وأنا أذكر خُلق عامر وخشيته لله، فهو كما أحسبه شاب متدين يخاف الله ويتقيه وهذا ما يجعلني أشعر بالأمان معه أكثر، وقد قالها لي ذات مرة، إنه إن دخل يوما بصفته طبيبا على امرأة، فإنه ينسى تماما أنه رجل وهي امرأة، ولا تعدو العلاقة بينهما عن علاقة رسمية بين طبيب ومريضه، لقد قالها لي بالحرف الواحد: "إنها أمانة ومسؤولية أمام الله يا نور وأسأل الله أن يعينني عليها"..وأنا بدوري أدعو الله له دائما أن يثبته ويثبتني على الحق ويحفظنا من كل سوء، فالقلوب بيد الله يقلبها كيفما شاء لذلك كان أكثر دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك)..
والتقطت نور نفسا قبل أن تقول بابتسامة لا تخفى على سامعها:
- يبدو أنني استطردت أكثر من اللازم.. فهل أجبتُ على سؤالك يا سوسن؟
و بعد لحظة جاءها صوت سوسن التي كانت مبهورة بما تسمعه:
- أجل يا عزيزتي لقد أجبت..
ثم استدركت متسائلة:
- بالمناسبة يا نور.. كيف التقيت بعامر؟
فأجابتها نور:
- ربما لا تجدين في قصتي ما يثير الاهتمام، فقد كان زواجنا تقليديا بحتا.. إذ كانت أمه تعرف أمي عن طريق حلقات القرآن في المسجد، وبعد أن رُشّحنا لبعضنا البعض وجدنا أننا متكافئين ومتوافقين في أمور كثيرة، خاصة في الأهداف والأفكار وتمت الموافقة من الطرفين بعد الاستخارة والحمد لله..
لم يخف على نور ملاحظة الدهشة في نبرة سوسن وهي تسألها بتعجب:
- ألم تكوني على معرفة سابقة به!!
فأجابتها بمرح:
- أبدا.. لذلك قلت لك أنه كان زواجا تقليديا بحتا ولن تجدي فيها ما يثير الاهتمام!
وهمت سوسن بأن تعلق بشيء غير أنها انتبهت للساعة أمامها بعد أن سمعت طرقا على باب غرفتها، فاستأذنت من نور:
- لقد أثقلت عليك بما يكفي هذا الصباح، وأظنه آن أوان ذهابي للمعهد.. شكرا لك يا نور..
فجاءها صوت نور باسما:
- بالتوفيق يا عزيزتي ، لقد سعدت بسماع صوتك ولا تترددي في أي اتصال آخر..
وما أن ضغطت سوسن زر انهاء الاتصال، حتى كانت الخادمة قد مثلت أمامها:
- لقد خفتُ أن تكوني لا زلتِ نائمة يا آنسة، فمرزوق ينتظرك في السيارة كما طلبتِ منه..
فقالت لها سوسن:
- حسنا أخبريه بأنني لن أتأخر أكثر من عشر دقائق..
وبعد أن خرجت الخادمة، هرعت سوسن لملحق غرفتها حيث خزائن أثوابها وأحذيتها وحقائبها.. ومدت يدها نحو خزانة الثياب الصيفية للتتناول أحد أثوابها المعتادة بتلقائية، غير أنها تراجعت قليلا لتفكر أول مرة وهي تقلب بصرها بين الثياب؛ محاولة البحث عن أكثرها حشمة.. وبصعوبة عثرت على فستان ذو ياقة تظهر نصف جيدها وحسب و بالكاد يستر ركبتيها مع أكمام تصل إلى مرفقيها، فارتدته مع إحدى صنادلها ذات الكعب المنخفض نسبيا، واختارت حقيبة خفيفة تلائم ملبسها، وبعد أن أحكمت شد حزام فستانها على وسطها وقفت على عجالة أمام مرآتها لتسرح شعرها المنسدل على كتفيها بتلقائية جذابة، ثم ارتدت قرطي اللؤلؤ المرصعين بالألماس مع العقد الذي تفضله عادة واكتفت برشة واحدة من زجاجة عطرها المميز، دون أن تلتفت إلى بقية أدوات الزينة الفاخرة التي تعج بها طاولة الزينة أمامها، إذ لم يكن من عادتها إخفاء وجهها خلف مساحيق التجميل..
كانت سوسن سارحة بتأملاتها في الطريق كالعادة عندما رن هاتفها باتصالٍ مفاجئ من الآنسة ناديا:
- سوسن أين أنت؟ ستحضر لجنة التقييم بعد ساعة!! فهل لوحاتك جاهزة؟؟
فوجئت سوسن بهذا الخبر فتساءلت بدهشة:
- ولكن موعدنا معهم بعد يومين.. أليس كذلك!
فجاءها صوت ناديا بنفاد صبر:
- لا يهمني مناقشة ما استجد في أمرهم الآن، ما يهمني هو أن تحضري بأقصى سرعة..
فطمأنتها سوسن:
- لا تقلقي يا آنسة فأنا بالطريق؛ دقائق وأكون عندك..
لم تكد سوسن تنهي الاتصال حتى رُوّعت بميلان حاد أفقدها توازنها لترتطم بالجانب الآخر من السيارة، إثر حادثٍ مروع في الطريق استطاع سائقها تفادي الاصطدام به في اللحظة الأخيرة.. لم يكن ارتطامها قاسيا، وإن كان مؤلما بعض الشيء، فعدّلت جلستها بسرعة قبل أن يوقف مرزوق السيارة على بعد عشرة أمتار من ذلك الحادث.. التفت إليها:
- هل أنت بخير؟
فطمأنته قائلة:
- أجل.. لماذا أوقفت السيارة!! فأمامي موعد مهم في المعهد!
غير أن مرزوق أجابها وهو ينزل من السيارة::
- سأتأكد من سلامة العجل أولا؛ فأظنه تعرض لبعض التلف ولا يمكنني المغامرة..
عندها عرفت سوسن لم نُظمت أشعارٌ على غرار: تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، ولم يكن خيار أمامها، فنزلت من السيارة هي الأخرى متجهة نحو مرزوق الذي أخذ يتفحص العجل، قائلة:
- أظن أن علي تدبر أمري، سأستقل سيارة أجرة فلا يمكنني التأخر أكثر..
غير أن مرزوق هب مذعورا:
- لا يمكنك ذلك.. سيغضب سيدي.. انتظري لحظة يا آنسة، سأتدبر الأمر بسرعة..فعودي إلى السيارة أرجوك..
فتنهدت سوسن:
- سأهاتف أيهم إذن..
وما أن رفعت ناظريها حتى فوجئت بعدد السيارات التي تجمعت حولها فيما هرع عدد من الشبان – وحتى الكهول - نحوها يعرضون المساعدة!
وكان أسرعهم شاب بدا من النوع المستهتر تماما، اقترب منها قائلا:
- سيارتي في الخدمة..
في حين تبعه ثانٍ:
- أين تريدين يا آنسة، فربما كان مقصدك في طريقي..
فيما تطوع آخر بتقديم المساعدة في إصلاح العجل، وهو يرد على الآخرين:
- لا مشكلة سيتم اصلاح العجل بسرعة فلدي خبرة في ذلك، هل أنت مستعجلة كثيرا يا آنسة!
واقترب رجل بدا في الأربعين من عمره:
- ما هذا الازدحام يا شباب لقد أزعجتم الآنسة..
والتفت نحوها باسما:
- يمكنك المجيء معي إن أردت!
غير أن رجلا آخر غامزه بقوله:
- إلى أين ستهرب بالغزال يا رجل!
شعرت سوسن بالغثيان، بل وبرغبة شديدة في التقيؤ أيضا..وهي تقف مصدومة بما تراه.. ليس لأنها المرة الأولى التي تطالعها بها العيون بهذا الشكل، بل لشيء آخر لم تستطع تفسيره، خاصة مع بساطة مظهرها في هذا اليوم تحديدا.. فرغم أنها كانت تعرف تماما مقدار الجمال الباهر الذي تتمتع به و مدى جاذبية طلتها وقوامها الممشوق الذي ما فتئ أيهم يثني على فتنته.. إلا أنها لم تتيقن من ذلك إلا هذه اللحظة بالذات، صحيح أن بعض نظرات الإعجاب كانت تزيدها ثقة في نفسها أحيانا، لكن أن تصل الأمور إلى هذا الحد، فهذا ما لا يعجبها إطلاقا!!
حتى راعها منظر شاب بدا وكأنه قد أنهى للتو محكوميته في سجون اعتى المجرمين خطورة، وهو يوقف سيارته لينزل منها محدقا فيها بنظرات أرعبتها:
- تأمرين بشيء؟
فاكتفت بابتسامة مقتضبة – حاولت أن تخفي خلفها خوفها - شاكرة الجميع بكلمة واحدة، وقد آثرت الانتظار داخل السيارة حتى تنصلح الأمور فلن يعيق وزنها سير عملية الإصلاح تلك.. تهاوت على مقعدها بعد أن أغلقت أمّان الباب، وتناولت هاتفها وقد تذكرت ما كانت تعزم القيام به، وبسرعة جاءها صوت أيهم:
- صباح الخير يا جميلتي، لقد ظننتك لاتزالين نائمة بناء على نصيحة الطبيب، ألم نطلب منك أخذ قسطا كافيا من الراحة!
فأجابته:
- لا بأس فقد شعرت بتحسن كبير..
وهمت بأن تقول له بأن بقاءه إلى جانبها ليلة أمس وتفهمه لها أثّر بشكل كبير في تحسن حالتها، غير أنها عدلت عن ذلك بقولها:
- لقد أخبرتني ناديا بأن لجنة التقييم ستحضر اليوم وعلي الحضور بسرعة.. غير أنني في ورطة الآن، فقد تعطل عجل السيارة..
فجاءها صوت أيهم بلهفة:
- وكيف حالك أنت؟ هل أصبت بأذى؟ هل أنت بخير يا حبيبتي؟
فردت عليه بنبرة تعبر عن سعادتها باهتمامه:
- لا تقلق فقد تفادينا الاصطدام بسيارتين قلبت إحداهما، و من حسن الحظ لم تكن هناك إصابات شديدة على ما يبدو.. ها هي سيارات الشرطة قد حضرت ..
فشهق أيهم:
- وأين أنت الآن!
فأجابته:
- كما قلت لك انتظر إصلاح عجل السيارة، قرب الميدان الرئيسي..
فجاءها صوته متنهدا:
- لو كان بإمكاني الحضور بسرعة لأتيت إليك، لكن للأسف سيأتي المخرج الآن للإشراف على إخراج اسطوانتي الجديدة..
فردت عليه سوسن بتفهم رغم أنها كانت تتمنى حضوره فورا:
- أقدر لك ذلك، لا مشكلة فأظن الأمور ستسير على ما يرام..
فقال لها برقة:
- إذن انتبهي لنفسك جيدا يا ملاكي فلا شك أن وقوف سيارتك أثار اهتمام العديدين..
كانت هذه الجملة بالذات هي ما تنتظره سوسن بفارغ الصبر..وبدأت نفسها تعبر عن مشاعرها باسترسال.. أنت تعرف ذلك يا أيهم إذن ولا يخفى عليك المأزق الذي أجد نفسي فيه الآن؛ فهل تدرك مدى خطورته علي!! ألن يأت اليوم الذي تقترح علي فيه حلا لهذه المشكلة تعبيرا عن اهتمامك بي وخوفك علي...! ألا ترغب بإبعادي عن هذه العيون المتوحشة ! ألا تسوؤك تلك النظرات الـ...!!...... ألا تغـــ....
لكن تساؤلاتها تلك تلاشت أدراج الرياح، لتبقى حبيسة في نفسها إلى أجل غير معلوم.. وقد تذكرت العهد الذي أخذته على نفسها هذا الصباح.. فلن تعكر مزاجها بالمزيد من هذه الأفكار ولن تتطرق لأي موضوع يفسد الود بينها وبين من تحب..« الموضوع السابق | الموضوع التالي »
المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
-
-
13-06-2013, 09:57#21السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أردتُ أن أعلق على الجزء الثالث قبل أن تضعي جزءاً جديداً.. لكني لم استطع لبعض الظروف
أرى بأن أحداث القصة تزيد من تأكدي للمعنى الذي فهمته من العنوان
(تركته لأجلك).. لكني أفضل الانتظار فربما الأحداث القادمة ستحمل مفاجأة تغير رأييازدادت شخصية سوسن وضوحاً.. فتاة هادئة لكنها ذات شخصية قوية
وأيهم نقطة من نقاط ضعفها بالإضافة إلى إحساسها بالضياع وعدم الاستقرار في نفسهاأيهم أصبح أكثر وضوحاً أيضاً.. إن تصرفاته الباردة فاجأتني فعلاً.. إذن فكل هذا الحب لجمالها فحسب؟! سيكون هذا مؤلماً
نور.. من الواضح انها هادئة وقوية.. الشخصية المثالية لإبراز أفكارها
ما شاء الله.. أذهلتني بأفكاركِ عن اللوحات وربطها بآيات القرآن! هذا مذهل!
المناقشات العلمية شيء أحبه كثيراً حين أرى شخصية كنور.. أشعر بالأسف والضيق حين أرى شخصاً يقتصر علمه على أمور سطحية بحجة الدين!زوج نور طبيب إذن.. رائع
مثال آخر بأن الدين لا يمنع العلم بل يشجع عليهلديكِ تنوع في شخصيات القصة وهذا جميل.. في قصصي أعاني من تكرار الشخصيات للأسف
كنتُ سأسألكِ عن الحفل الذي ذهبت إليه سوسن مع خطيبها.. لكنكِ أخذتِ تذكرين لمحات منه في ذكريات سوسن وهذه حركة ذكية وتكسر الروتين الزمني للقصة
السرعة في الأحداث.. عادت حين اعتبرت سوسن نور أعز صديقاتها.. فشخصيتان مثلهما وإن ارتاحتا لبعضهما لكن هناك حواجز يجب أن تُكسر لتعتبر كل منهما الأخرى صديقة عزيزة
وكذلك أيهم حين صار يُفسِّر تصرفات سوسن على أنها متأثرة بنور
عموماً لديكِ ميزة في كتاباتكِ.. فحين اقرأ تصبح لدي العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات.. لكن سرعان ما يجد القارئ الأجوبة في الأجزاء التالية
أقصد أنكِ لا تكشفين كل أسرار القصة في وقت واحد.. ما شاء اللهالقصة تزداد جمالاً
أرجو أن تكمليهافي حفظ الله
شكرا لاهتمامك.. وأقدر غيابك وعساه خيرا(: لقد افتقدتك فعلا(؛
خاصة وأنني أخذت ملاحظتك في موضوع السرعة بعين الاعتبار.. فحاولت التمهل قليلا حتى شعرت بأنني لن أصل أبدا فما زال الطريق طويل ولكن لا بأس.. خير إن شاء الله(:، أما ملاحظتك حول عودتي للاستعجال فهو مقنع الى حد ما رغم أننا أحيانا نعقد صداقات في غضون ساعات فالأرواح تتآلف أحيانا بأسرع مما نتوقع.. على كل حال حاولت أخذ هذه الملاحظة بعين الاعتبار في الجزء القادم ان شاء الله(: فشكرا لك كثيرا (:
بانتظارك قريبا إن شاء الله(:
-
...
-
13-06-2013, 10:03#22
الجزء السادس..
لم تصدق سوسن عيناها في البداية وهما تطالعان الساعة بعد أن استيقظت فجأة!! مستحيل!! لقد فاتني دوام المعهد بأكمله هذا اليوم..
وقفزت من فراشها منادية الخادمة التي هرعت نحوها بسرعة:
- لماذا تركتني نائمة حتى هذا الوقت؟؟
فأجابتها بهدوء:
- لقد حاولت ايقاظك لكنك كنت مرهقة جدا فلم تسمعيني...
و تابعث بثقة أكثر:
- ثم إن سيدتي طلبت مني أن لا أزعجك أكثر!
لم تجد سوسن بدا من الرضى بالواقع الذي وجدت نفسها فيه، فتناولت هاتفها لعلها تجد اتصالا من أيهم، ولخيبة أملها الكبيرة.. لم تجد شيئا!! وحدها نور اتصلت.. ومن ثم أرسلت رسالة لتطمئن عليها..
فاستلقت سوسن على سريرها إذ كانت لا تزال متعبة.. لقد سهرت أكثر مما توقعت ليلة أمس، فقد كان من المفترض أن لا تتأخر بجولتها مع أيهم، إلا أنه بدا متحمسا كثيرا ولم تواتيها الجرأة لتطلب منه العودة بعد أن أصرت على مصاحبته.. ترى أما زال نائما هو الآخر، أم...
وخفق قلبها خشية أن يكون قد ذهب للمعهد لرؤيتها، فتكون فرصة مواتية لسورا للحديث معه والايقاع به.. ولا تدري ماذا أيضا، عندها ستكون كمن أضاعت جهدها ليلة الأمس سدى..
يا إلهي.. لماذا يحدث كل هذا لي!! ألا يمكنني الاطمئنان قليلا!!
وبعد تردد تناولت هاتفها ضاغطة زر الاتصال على رقم أيهم، وقبل أن تسمع رنين الهاتف قطعت الاتصال..محادثة نفسها:
- يفترض به أن يكون هو من يحادثني و يطمئن علي أولا!!.. أم أنه لم ينتبه لغيابي حتى هذه اللحظة! ... أم أنه انشغل مع تلك الفتاة الـ..!! فنسي وجودي... ما الذي يفعله الآن!!
وشعرت بصداع رهيب وأبشع الاحتمالات مأساوية ترتسم في خاطرها حتى استسلمت لها تماما، ولم تستطع الانتظار أكثر، فعزمت أمرها وضغظت زر الهاتف منتظرة رده بنفاد صبر، حتى جاءها صوته أخيرا:
- سوسن حبيبتي، لقد كنت على وشك الاتصال بك الآن!! هل أنت بخير؟؟
شعرت سوسن ببعض الغيظ، وتمنت لو أنها انتظرت قليلا.. ربما.. أو من يدري..هل كان صادقا حقا في كلامه!! وأمام صمتها جاءها صوته مجددا:
- ألو.. سوسن.. هل تسمعينني؟؟
فردت بصوت واهن أرهقه عناء التفكير:
- أجل أسمعك.. أنا بخير.. ماذا عنك أنت؟
فرد قائلا:
- كنت مشغولا من الصباح للإعداد لحفة الغد التي سنحييها في قاعة المدينة ، ولم أعرف إلا للتو من زميلاتك أنك لم تحضري هذا اليوم..
شعرت سوسن بغصة، لقد ذهب إلى المعهد إذن!! ما الذي يفعله حتى هذه اللحظة هناك!! لا شك انها فرصة سورا ....
غير أن صوته قطع عليها الاسترسال في أفكارها مجددا:
- سوسن.. أما زلت على خط الهاتف معي؟؟
فأجابته باقتضاب:
- أجل..
فتابع كلامه وهو يهم بإنهاء المكالمة:
- لا تبدين على ما يرام، سأمر للإطمئنان عليك بنفسي فهذا أفضل..
تنهدت سوسن وهي تضع الهاتف من يدها مسندة رأسها إلى وسادتها:
- قد أكون واهمة فقط.. ولكن لماذا يحدث كل هذا لي!! ألأنني أحبه فقط!! أهذا حال المحبين كلهم؟؟ أهذه هي طبيعة الحب أم ماذا!! أهي الغيرة !!!!!
وأمام ذلك السؤال الصريح لم تجد سوسن بدا من الاعتراف أمام نفسها، بأنها كانت غيورة فعلا، غير أن ذلك مهّد لسؤال جديد حول طبيعة غيرتها، أهي غيرة طبيعية بين المحبين!! أم أنه القلق من خسران من تحب!! لو كانت غيرة الحب الطبيعية فما بالها لا تراها عند أيهم!!
وعند تلك النقطة تحديدا لاحت لها علامة خطر تحذرها من الاقتراب أكثر نحو تساؤل كهذا.. فصرفت تفكيرها عن ذلك المنعطف حالا، ليطرق اسم نور ذهنها فجأة، لقد رأتها بالأمس مع زوجها، بدا ودودا معها وهو يحادثها، أكان يشكرها فقط لمساعدته في أداء مهمته، أم كان حديثا عابرا.. أم.....
لكنها سرعان ما أنّبت نفسها على ذلك الخوض في أمرهما :
- فليكن من أمرهما ما يكون، فما شأني أنا!
ولمعت في ذهنها فكرة، قد تلقي نور بعد الضوء على أسئلتها المحيرة، فتناولت هاتفها ضاغطة على رقم نور بثقة، لا سيما وأنها قد وجدت اتصالا سابقا منها، وبذلك لن تكون متطفلة عليها بعد نهاية الدوام..
وبلهفة جاءها صوت نور:
- كيف حالك يا سوسن لقد قلقنا عليك اليوم، خاصة وأنك لم تنوهي لغيابك مسبقا!
فابتسمت سوسن:
- كنت مرهقة قليلا فلم اصحو من نومي إلا قبل قليل!
فردت نور:
- الحمد لله ، كنت أود الاطمئنان عليك فقط، فقد كنتِ مهتمة بإنهاء لوحتك قبل نهاية الاسبوع، وإن شاء الله تتمكني من انجازها غدا..
فشكرتها سوسن بامتنان:
- شكرا لاهتمامك يا نور..
وهمت بأن تسألها عن مجيء أيهم هذا اليوم، غير أنها تراجعت، ما عساها تقول لها!!
وأمام ترددها انتبهت نور، فبادرتها بالسؤال:
- هل هناك شيء يمكنني مساعدتك به يا سوسن ؟ إنني بالخدمة يا عزيزتي فلا تترددي..
فأجابتها سوسن إجابة لم تتجاوز حدود حنجرتها:
- لو تعلمين يا نور ما الذي أريده!! انني أريد مساعدتك في كل شيء، ولكن كيف لي أن أعبر عن هذا!! إنني تائهة.. محتارة.. قلقة.. غارقة في الظلام حتى النخاع..
غير أنها اكتفت بقولها:
- شكرا لك يا عزيزتي..
واستدركت متسائلة:
- بالمناسبة.. ما هي لوحتك الجديدة يا ترى؟
فأجابتها نور بابتسامة استطاعت سوسن رؤية اشراقتها عبر الخطوط بمخيلتها:
- سترينها غدا إن شاء الله، لقد رسمتها هذه المرة أكثر إشراقا من السابق وأتمنى أن تعجبك، فاهتمي بنفسك جيدا، ولا تشغليها بما يقلقها ويعكر مزاجها..
كان لتلك الكلمات وقعا غريبا على نفس سوسن:
- أتراها تعرف ما بي من قلق وحيرة!
فرددت سوسن بدهشة:
- نور..!!؟؟
ثم صمتت باترة جملتها بعد أن كان بودها أن تطرح عليها ولو سؤالا واحدا، ما الذي يعنيه الحب لها؟؟ بدا سؤالا صعبا.. أو ربما بدون مناسبة، فحثتها نور على الكلام:
- إنني أسمعك يا سوسن، هل هناك ما يشغل بالك؟؟..
وكمن يحاول اصطياد حوت عنيد، يرفض الانصياع لجذب صياده له، أفلتت سوسن صنارتها بعد أن ضاعت الكلمات منها، فتراجعت عن كلامها، قائلة:
- لا شيء يا نور، أراك غدا..
لم تعرف سوسن كم من الوقت قضت سارحة في فراشها، وهي تصول وتجول مع أفكارها، ما الذي يحدث لي.. إلى متى سأظل عديمة الفائدة هكذا!!
وتذكرت نفسها قبل سنوات قليلة، فتاة واثقة بنفسها قوية الشخصية جذابة ومحبوبة من الجميع، بل والأهم من ذلك.. كانت حرة.. لا شيء يقلقها ولا هم يشغل بالها! فما الذي تغير بعد ذلك!! لقد أحبت أيهم من أول لقاء جمعهما، رغم أنها لم تكن من أشد معجبيه من قبل... ويبدو أنها أسرته فورا بجاذبيتها وجمالها قبل أن تشعر بتعلقها به، كان ذلك يوم حضورها إحدى حفلاته مع صديقاتها كنوع من التغيير لا أكثر، حتى إذا ما ذهبن لمحاولة الحصول على توقيعه رافقتهن دون ان يخطر ببالها انها ستكون لحظة حاسمة في حياتها، فما أن وقعت عينا أيهم عليها ذلك اليوم حتى شعرت بمعنى الحب أول مرة، ورغم أنها كذبت نفسها بداية إلا أن اهتمامه بها دون غيرها ترك أثره الكبير في نفسها، وكيف لها أن تتجاهل ذلك وهو النجم المشهور الذي تتحطم على أعتابه كرامة آلاف المعجبات! فلم تملك إلا أن تحبه، ثم مرت الأحداث بسرعة بعدها، وكم كانت سعادتها كبيرة يوم أن تقدم لخطبتها، لقد شعرت بأنها امتلكت الدنيا وما فيها وهي تنعم بحب من أحبت وبقربه واهتمامه.. حتى أنها لم تنتبه للمكائد المحيطة بها.. و رويدا رويدا بدأ حب أيهم لها يأخذ منحى روتينيا، فيما بدأت هي تزداد قلقا من الأجواء المحيطة بهما.. حتى عالم الفن الذي تحبه.. عالمها الخاص الذي تنسى فيه نفسها، بدأت تفقد اهتمامها به مؤخرا من أجل التفكير في... أيهـــــــم..
ولم تعد تحتمل أكثر، فنظرت إلى عقارب الساعة بتوتر :
- مرت قرابة الساعتين على هذه الحال ولم يأت أيهم بعد! لقد وعدني بأنه سيمر علي..
انتظرت وانتظرت دون أن تفعل شيئا.. حتى مل الانتظار منها، وأخيرا نهضت من فراشها لتبدل ثيابها، فلم يعد أمامها مجال للإنتظار أكثر، إذ كانت تود لو يرى أيهم مقدار الحيرة التي تشعر بها وهي لا تزال على فراشها منذ أن حادثته ، لعله يساعدها على الخروج منها..
ودق جرس الباب معلنا وصول الضيف الموعود بعد أن فقدت سوسن حماستها لاستقباله، فنزلت الدرج بهدوء باتجاه صالة الاستقبال، حيث جلس أيهم بانتظارها..
بدا لقاؤهما غريبا جدا، باهتا وباردا على غير ما خططت سوسن له، واستطاعت أن تلاحظ بصعوبة أن أيهم كان يحاول اصطناع ابتسامة ترحيبية ليلقاها بها، جلست قبالته و خيم الصمت عليهما.. وكأن كل واحد منهما كان محتارا في كيفية البوح بما يخفيه عن صاحبه، ولم تجد سوسن بدا من المبادرة بعد أن طال الصمت أكثر مما ينبغي:
- أيهم.. هل هناك شيء؟ تبدو على غير الصورة التي حادثتني بها ظهر هذا اليوم!
فنظر إليها أيهم مغيرا دفة الحديث:
- يبدو وجهك شاحبا يا سوسن، هل أنت مريضة أم أن هناك ما يضايقك؟
لم تجد سوسن ما تجيبه به وهي تستعرض ما حدث في المرة السابقة، ليس من الحكمة مصارحته بما تشعر به تماما، ولم يتركها أيهم لتفكر بانتقاء جوابها كثيرا؛ بل أخرج من جيبه ورقة مطوية ناولها لها بوجه متجهم قائلا:
- إذن أنت توافقين على هذا الكلام!!
فتناولت الورقة من يده وفتحتها بيد مرتعشة لتقرأ ما طُبع فيها:
" إتق الله أيها الفاسق الضال الغافل.. إنك وأمثالك حطب جهنم وبئس المصير.. إنك تتحمل وزرك ووزر خطيبيتك التي تقف عثرة في طريق هدايتها.. فإن لم ترغب في التوبة فابتعد عنها لــ....."
سقطت الورقة من يد سوسن وهي تطلق صرخة مكتومة:
- ما هذا!!!! من الذي أعطاك اياها!!
فأجابها أيهم بتساؤل مثله:
- هذا ما أود معرفته منك!! لقد عثرت عليها تحت مسّاحات سيارتي وأنا أهم بركوبها بعد أن حادثتك..فمن برأيك يهمه كتابة رسالة كهذه!!
قال جملته الأخيرة بنظرة ذات مغزى، لم يخف على سوسن مرماها، فأسرعت تدافع عن نور بقولها:
- كلا لا أظنها تكتب رسالة منفّرة كهذه، إن نور لطيفة جدا وبالتأكيد هي بريئة من شيء كهذا، صدقني يا أيهم..
فرماها بنظرة ملؤها الشك:
- ومن غيرها يفعلها يا سوسن! لا تكوني واثقة هكذا، فقد بدأ تأثير هذه الفتاة يظهر جليا عليك، ولم تعودي سوسن التي أعرفها!
والتقط نفسا قبل أن يتابع:
- هل نسيت الحديث الذي حدثتني به من قبل! لقد نجحت تلك الفتاة بإدخال أفكار غريبة لرأسك، ولا أدري ما الذي تريده في النهاية..
لم تستطع سوسن احتمال ذلك، فبذلت جهدها لتقول بصعوبة:
- أيهم أرجوك، كف عن التفكير بهذا الشكل.. فلا علاقة لنور أبدا بما أخبرتك به، ثم إنه لم يمض على مجيئها أكثر من أربعة أيام فهل...
فقاطعها أيهم بنوع من العصبية:
- إنني أعرف تماما هذا النوع من المعقدين.. لا يتورعون عن ترك تأثيرهم من اليوم الأول، فهذه هي مخططاتهم من البداية.. أم أنك نسيتِ ما أخبرتِني به من أنها أصبحت صديقتك خلال تلك المدة الوجيزة!!
ورغم عدم اقتناع سوسن التام بكلام أيهم..- أيعقل أن تفعلها نور!! مستحيل.. ليست من هذا الصنف بالتأكيد... ولكن ماذا لو كانت هي...!! كلا .. لا يمكن.. إنني واثقة..- إلا أنها بدت من الضعف بحيث تعجز عن الرد عليه.. كلا لن تسمح لاختلافٍ بالرأي أن يفرق بينها وبينه، حاولت أن تتكلم .. أن تقول شيئا دون أن تخونها قواها التعبيرية، لكن دون جدوى.. وأخيرا نطقت وهي تغالب دموعها بصوت متهدج:
- أرجوك ثق بي.. لا علاقة لنور بما حدث فقد كانت تلك خواطري قبل مجيئها..صدقني.. لم أقل لك ما قلته سابقا إلا لأني أحبك وكنت أريد التأكد من اهتمامك بي.. لماذا..لماذا لا تفهمني يا أيهم...لا بد أن هناك من يحاول التفريق بيننا....
وبدا أن الأمر قد تجاوز حد احتمال سوسن فانفجرت باكية بنشيج يقطع أنياط القلوب..
حتى رق قلب أيهم لها، فاقترب منها وأمسك يدها قائلا:
- إن كنتِ لا توافقين على أمر كهذا يا حبيبتي؛ فثقي بأن رسالة كهذه لا تهمني أبدا، فلشد ما أكره التعقيد والمعقدون في هذه الحياة، ولكنني أحذرك من صُحبة كهذه إن أردتِ لحياتنا أن تستمر معا..
لم يدرك أيهم حجم الألم الذي وخزت به جملته الأخيرة قلب سوسن، فتابع بمرح وهو يمزق الورقة إلى قطعٍ صغيرة بعثرها في سلة المهملات:
- هيا يا حبيبتي ابتهجي ولننس ما حدث، فغدا سأحيي حفلا كبيرا وأريد أن أراك أجمل الحاضرين فيه..
ورغم أن الأمور قد سُويت في الظاهر بينها وبين أيهم إلا أن الشكوك لم تفارقها، أيعقل أن تُقدم نور على أمر كهذا، لأجد نفسي في مفترق طريقين!! صحيح أنها بدأت تميل لأسلوب الحياة الذي تحياه نور وزوجها، فقد بدا مستقرا هادئا تحيط به روحانية و سكينة، تتوق سوسن لحياة مثلها، غير أن فكرة الابتعاد عن أيهم وأسلوب ذلك الخطاب القاسي لا يمكنها قبوله بأي حال من الأحوال، ورفض عقلها الفكرة بشدة.. لا يمكن لنور فعلها أبدا، إنها حتى لم تفاتحني في هذه المواضيع أبدا..
و تنهدت بألم:
- كيف يمكنني بعد هذه الرسالة؛ مفاتحة أيهم بخواطري المستقبلية!! -
13-06-2013, 16:23#23
سورا تلك العقربة لاشك بانها هي من كتبت الرسالة وارسلتها لايهم....هي ما قدرت توصلو او حتى تفرق بينو وبين سوسن ...فشافت انو تدخلو من هاذ الطريق ...واكيد هي تخطط لشي كبير وكايد الله يلطف بس من عماليها
ليس من حق ايهم ان يعاتب سوسن على صحبتها من نور ...مسكينة كم تتالم سوسن انا ايضا شعرت بوخز بما قاله في نهاية جملته
"- إن كنتِ لا توافقين على أمر كهذا يا حبيبتي؛ فثقي بأن رسالة كهذه لا تهمني أبدا، فلشد ما أكره التعقيد والمعقدون في هذه الحياة، ولكنني أحذرك من صُحبة كهذه إن أردتِ لحياتنا أن تستمر معا.. "
شكرا بارت على البارت الجميل -
16-06-2013, 13:03#24سورا تلك العقربة لاشك بانها هي من كتبت الرسالة وارسلتها لايهم....هي ما قدرت توصلو او حتى تفرق بينو وبين سوسن ...فشافت انو تدخلو من هاذ الطريق ...واكيد هي تخطط لشي كبير وكايد الله يلطف بس من عماليها
ليس من حق ايهم ان يعاتب سوسن على صحبتها من نور ...مسكينة كم تتالم سوسن انا ايضا شعرت بوخز بما قاله في نهاية جملته
"- إن كنتِ لا توافقين على أمر كهذا يا حبيبتي؛ فثقي بأن رسالة كهذه لا تهمني أبدا، فلشد ما أكره التعقيد والمعقدون في هذه الحياة، ولكنني أحذرك من صُحبة كهذه إن أردتِ لحياتنا أن تستمر معا.. "
شكرا بارت على البارت الجميلعفوا عزيزتي(: وشكرا لاهتمامك بالتعليق والمتابعة(؛
لقد بدأت أشعر أنك تشابهين سوسن في شخصيتك، طيبة ومرهفة الأحاسيس، أسعدك الله(:
يبدو أنني سأستعين بردود أفعالك لكتابة الأجزاء اللاحقة إن ما واجهتني صعوبة في اختيار ردود افعال سوسن، ما رأيك(؛في حفظ الله.. سأنزل الجزء السابع في الرد التالي إن شاء الله
بانتظارك(: -
16-06-2013, 13:08#25
الجزء السابع..
وصلت سوسن مبكرا للمعهد وهي في لهفة شديدة لرؤية نور، فقد قاومت نفسها بصعوبة يوم أمس حتى لا تزعجها باتصالها بعد أن سبب لها موضوع تلك الرسالة أزمة شديدة، صحيح أنها تثق بنور ولكن لا بد لقلبها أن يطمئن ويقطع أي احتمال للشك باليقين، ولخيبة أملها لم تجد نور هناك.. بل وجدت لوحة كبيرة مكانها، بهرت سوسن بالنور الساطع منها، حتى شعرت برغبة في إغماض عينيها:
- يا الهي.. كيف تستطيع نور فعل ذلك!! كأنه نور حقيقي!!
ورويدا رويدا بدأت عيناها تعتاد على رؤية اللوحة لتنبهر من دقة تفاصيلها، هناك في الأفق.. بين السماء والأرض؛ انتصب جذع شجرة مهيبة لا يكاد يُرى من شدة النور الصادر منها مضرب جذورها في الأرض، وقد تفرعت أغصانها، وتشابكت أوراقها الابرية، المثقلة بثمار الزيتون المصطبغة بلون الزيت النقي الصافي فبدت لامعة مضيئة بزيتها كقناديل صغيرة، في حين لامست قمتها المنيرة كوكبا زجاجيا عظيما حوى مصباحا جميلا يشع نورا، استطاعت بصعوبة تبين حروفٌ خُطت داخله بلون نوراني، حتى تمكنت من رؤية الكلمة بوضوحٍ اقشعر لها جسدها فارتعشت بقوة وهي تقرأ :
الله
نور السماوات والأرض
قدرت سوسن بأنها أمضت وقتا ليس بالقصير وهي تتأمل تلك اللوحة المبهرة، إذ انتبهت لأصوات الفتيات اللاتي بدأن يملأن المكان بأصواتهن، غير أن نور لم تأت بعد على غير عادتها، وبعد أن تبادلت التحيات الصباحية مع الفتيات اللاتي أتين للإطمئنان عليها، حاولت الدخول في جو لوحتها الأخيرة لتتابعها، غير أن حديثا دار بين اثنتين أثار انتباهها، وقد أمسكت الأولى صحيفة أرتها لزميلتها قائلة:
- إنها صحيفة الأمس لقد لفت نظري ما كُتب هنا، انظري أليست هذه صورة مألوفة لديك؟
حاولت الفتاة الثانية التذكر، لكنها قالت:
- ربما.. ولكن لا أذكر أين!
فقالت الأولى:
- دققي جيدا.. أليست هذه صورةٌ لزوج نور!!
فتحت الفتاة الثانية عينيها بتمعن ودهشة في آن واحد وهي تقرأ عنوان المقالة " طبيب شاب ينقذ حياة ابنة وزير العمل، ويشرف على إجراء عملية قلب لها"، وهتفت بذهول:
- انظري ماذا كتب عنه أيضا! إنه اصغر طبيب جراح أجرى خمس عمليات قلب بنجاح حتى الآن!! ويُقال أن له سمعة ذائعة الصيت في الأوساط الطبية!!
فتدخلت فتاة أخرى:
- ولكن نور لم تذكر شيئا كهذا أبدا!! حتى أننا لم نكن نعرف أن زوجها طبيب!
فردت عليها الفتاة الأولى:
- ولمَ تفعل ذلك! أنتن لم تسألنها أصلا، ثم إنها ليست من ذلك النوع المتفاخر أبدا!
فردت الثانية:
- فعلا غريب!! ظننته إمام جامع وحسب!
فيما تناولت فتاة ثالثة الصحيفة من بين أيديهن متأملة في الصورة:
- إنه وسيم.. أليس كذلك؟
وتابعت بصوت حالم:
- شاب وسيم ينقذ حياة ابنة وزير شابة!! إنها تصلح لقصة رومانسية مثيرة..
فوكزتها صديقتها:
- انتبهي لنفسك، ماذا لو سمعتك نور الآن! لا تنسي انه زوجها!!
فالتفتت الفتاة حولها، قبل أن تقول:
- اطمئني فلم تأت نور بعد..
ثم أطلقت ضحكة خافتة:
- ستزداد الحبكة تعقيدا في هذه الحالة، لتصبح أكثر اثارة..
أما سوسن التي سمعت ما يدور بينهن، فقد ارتجفت لتلك الكلمات الأخيرة:
- حتى نور لم تسلم من مكائد كهذه!! ترى ماالذي كانت ستفعله في موقف كهذا!!
وتذكرت مشهد انقاذ زوج نور للفتاة، لقد كان يؤدي واجبه بجدية، حتى نور وقفت لتساعده باهتمام، أتراها اعتادت أمورا كهذه، ألا تشعر بالــ.....!
وتنهدت سوسن:
- أم أنني أنا الوحيدة التي تشعر بالقلق حيال هذه الأمور!! هل يا ترى لو كان أيهم مكان الطبيب، وكانت سورا هي تلك الفتاة المصابة وكان....
وهزت رأسها بشدة كمن تحاول طرد الفكرة من رأسها:
- لماذا أزعج نفسي بأفكار كهذه مع الصباح!!
و أمسكت ريشتها بعد أن غمستها باللون الأحمر لتتابع تزيين لوحتها بالورود الحمراء القرمزية، لتحيط بقلعة عظيمة لم ير الناس شبيها لها في الواقع، إلا ما قد تجود به مخيلاتهم الحالمة، لا سيما وقد اصطفت على جانبيها أربعة خيول بيضاء أصيلة أبدعت سوسن في رسم تفاصيلها بدقة متناهية .. لكَم تحب هذا النوع الحالم من الخيال!!
قضت سوسن أوقاتا سعيدة مع لوحتها، كانت كفيلة بإخراجها تماما من تلك الأجواء المتوترة التي لفتها مؤخرا، فلم تنتبه إلا على صوت الآنسة ناديا التي بدت في غاية الانزعاج وهي تقول بعصبية:
- وماذا عن المعرض العالمي!! ألن تشاركي فيه!! لقد قطعتِ شوطا كبيرا ولم يبق أمامك إلا القليل، فهل ستفوتي فرصة كهذه بسهولة!!!
بدت نور في أقصى درجات التفهم لحالة ناديا وهي ترد عليها موضحة بهدوء، رغم مسحة الحزن المرتسمة على وجهها:
- أرجو أن تتفهمي وضعي يا آنسة، فهذا أمر خارج عن ارادتي ولم أعمل له حسابا من قبل، عليّ أن أذهب للإطمئنان على أمي والوقوف إلى جانبها أثناء اجرائها العملية، ولم يعد هناك مجال للتراجع؛ فقد أنهيت إجراء ترتيبات السفر اللازمة، ورحلتي بعد ثلاث ساعات .. إن زوجي بانتظاري.. وقد أتيت لأعتذر عن عدم قدرتي على الاستمرار معكم أو المشاركة في المعرض، فأرجو أن تتقبلي اعتذاري..
لم تستطع سوسن تصديق ما سمعته، فوقعت الريشة من يدها مبعثرة اللون الأحمر حولها كقطرات دم نزفت فجأة دون سابق انذار..لتصف تماما حال سوسن في تلك اللحظة.. هل ستذهب نور بهذه السرعة!! لم أسألها بعد.... أمور كثيرة أود محادثتها بها.... ما زلت حائرة.. تائهة.. أضيع في الظلام.. فلماذا ستذهبين يا نــــــــور!!!!!!!!!
وكان آخر شيء يخطر ببال سوسن في تلك الاثناء هو سؤال نور عن تلك الرسالة الغريبة، إذ لم تعد ذات أهمية في موقف كهذا..
وبدلا من أن تذهب للسلام على نور كما فعلت بعض الفتيات وهن يتمنين شفاء عاجلا لأمها، وقفت سوسن مكانها متسمرة من هول الصدمة حتى أتت نور نحوها لتبادرها بالسلام:
- سعدت بمعرفتك يا سوسن....
ولم تدعها سوسن تتم جملتها إذ لم تملك أن ارتمت بثقلها نحوها وهي تحضنها باكية:
- هل حقا ستذهبين يا نور!! قولي بأنك لن تتأخري.. أرجوك..
فربتت نور على كتفها بتأثر وهي تحاول الوقوف باتزان:
- لم أكن أنوي البقاء هنا أكثر من شهر على اي حال، فإهدئي يا عزيزتي، سنتواصل بالهاتف إن شاء الله فاطمئني..
وبصعوبة هدأت سوسن:
- هل هذا يعني أنك لن تعودي إلى هنا ثانية؟
فأجابتها نور بحنان:
- كنت أنوي البقاء مع زوجي هنا ريثما ينهي أعماله التي جئنا من أجلها قبل أن نسافر خارج البلاد ليكمل أبحاثه، لكن قدر الله وما شاء فعل، فقد عرفت ليلة أمس أمر مرض أمي، ولا بد لي من البقاء إلى جانبها راجية من الله أن يتم شفاءها بسرعة قبل موعد سفرنا إلى الخارج..
وتابعت بابتسامة متفائلة:
- ومن يدري.. فربما آتي لزيارتك يوما ما يا أختي العزيزة..
فأطرقت سوسن برأسها:
- أرجو ذلك يا نور، وسأنتظرك بفارغ الصبر..
وبتردد سألتها:
- وماذا عن هدفك؟ ألم تكن فرصتك الذهبية لعرض لوحاتك في معرضٍ عالمي يا نور؟
فأجابتها نور بثقة:
- إنها أمي ولن أتخلى عنها في موقف كهذا، وسيعوضني الله خيرا عن تلك المشاركة إن شاء الله..
و شدت على يد سوسن:
- استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه..
ثم قالت برجاء:
- اعتني بنفسك جيدا ياسوسن.. أنت طيبة جدا ما شاء الله، واتمنى أن لا تنسي أمي من صالح دعواتك، وادعي لي أيضا فأنا بحاجة لدعائك..
لم تستوعب سوسن كلمات نور الأخيرة جيدا، فمن هي لتدعو لنور وأمها!! وهل تحتاج نور لدعوات أمثالها!! إنها حتى لا تذكر أنها جربت الدعاء من قبل!!
غير أنها وجدت نفسها تردد لا شعوريا:
- إن شاء الله سأفعل..
وقبل أن تذهب نور استدركت قائلة بابتسامة محببة:
- هل أعجبتك لوحتي الأخيرة! إنها هدية لك يا سوسن فاذكريني بها..
فتهلل وجه سوسن:
- شكرا لك يا عزيزتي .. ولكنها لوحتك...
فابتسمت نور:
- إنها هدية متواضعة لا أكثر؛ فأرجو أن تقبليها مني..
فقالت سوسن:
- بل هي هدية رائعة جدا، شكرا لك.. شكرا يا نور..
ثم وجهت نور كلامها للآنسة ناديا:
- سأترك بقية لوحاتي هدية للمعهد إن لم تمانعي يا آنسة..
فابتسمت ناديا وقد بدأت ترضخ للأمر الواقع:
- ستكون ذكرى جميلة منك يا نور، و مرحبا بك في أي وقت تفكرين فيه بالعودة إلى هنا..
همت سوسن بسؤال نور عن شيء ما، غير أنها انتبهت لضيق الوقت فستقلع طائرتها بعد أقل من ثلاث ساعات وإن لم تسرع فستفوتها الرحلة، فعانقتها قبل أن تغادر قائلة:
- سأتصل بك يا نور لأطمئن على والدتك الليلة..
فشكرتها نور وهي تغادر مسلمة على الجميع بما فيهم سورا، التي لم يتمكن أحد من معرفة تفسير واحد لملامح وجهها الغريبة في تلك اللحظة.. -
16-06-2013, 13:09#26
السلام عليكم ...
رائع ، رائع ، رائع
مذهلة أنتِ يا فتاة جميع الفصول السابقة رائعة بما فيهم الجديد
مبدعة ، ما شاء الله عليكِ
لا أعلم شعوري الحقيقي وأنا أقرأ قصتك
فأحياناً أصاب بالقشعريرة ، وأحياناً بالحزن ، وأحياناً بالخوف ، وأحياناً ... إلخ .
يالَروعةِ ما كتبتِهل تصدقين أنني أفكر أحياناً في فراشي بمعنى عنوان القصة
فهو يجعلني تائهة حقاً
لكنني توصلت لشيء ما
قد يكون صحيحاً وقد يكون خاطئاًقصتكِ رائعة جداً كما أسلفت قبلاً
سوسن إنني أشفق لحالها متى ستنتهي معاناتها ؟!
وأيهم إلى الآن أشعر أنه يخطط لشيء غير جيد هو وتلك السورا
أرجو أن يكون اعتقادي خاطئاًأعتذر لعدم ردي على الأجزاء السابقة لظروف منعتني لكن تأكدي أنني اتابعها دائماً
بالتوفيقاخر تعديل كان بواسطة » ~ Jasmine charm في يوم » 16-06-2013 عند الساعة » 13:28
-
16-06-2013, 20:45#27
انتي تبهرينني حقا يا فتاة
من اين لك هذه الموهبة الفذة ....اتدرين انك تصفين اللوحات ووكانك انت من رسمتها وتصفينها لدرجة اصبح اراها امامي
افكارك الي تنسجين بها روايتك ابداع لم ارى له مثيل ..
احي فيكي هذا
لا اعلم ماذا سارد عن الرواية ...انني اتحرق شوقا لمعرفة المغزى العام للقصة مع انو بدا يستوضح شسئا فشيئاالي اين يا انو يا صاحبة النور ....لا يمكنك الرحيل عن حياة سوس بهذه السرعة هناك اشياء يجب ان يكون لك فيها يد لاجل اخراج سوسن من دوامة الظلام التي تؤرقها على مدى ايامها ولياليها ....مسكيييييييينة انت يا سوسن ليتني استطيع مساعدتك
والله ليا الشرف انك تستعيني برودودي ...ويسعدني انها تكون ذا فائدة الك ....
تصدقي انا ايضا احس نفسي مثل سوسن لانني احيانا استشعر نفسي في دوامة من الظلام لا افقه منه شيئا اعاني منه ولا ادري الخلاص ...احتاج احيانا لمن يخرجني منه ...لهذا ترين تقاربي وتعاطفي مع سوسن
-
17-06-2013, 11:54#28
-
18-06-2013, 20:18#29
السلام عليكم ...
رائع ، رائع ، رائع
مذهلة أنتِ يا فتاة جميع الفصول السابقة رائعة بما فيهم الجديد
مبدعة ، ما شاء الله عليكِ
لا أعلم شعوري الحقيقي وأنا أقرأ قصتك
فأحياناً أصاب بالقشعريرة ، وأحياناً بالحزن ، وأحياناً بالخوف ، وأحياناً ... إلخ .
يالَروعةِ ما كتبتِهل تصدقين أنني أفكر أحياناً في فراشي بمعنى عنوان القصة
فهو يجعلني تائهة حقاً
لكنني توصلت لشيء ما
قد يكون صحيحاً وقد يكون خاطئاًقصتكِ رائعة جداً كما أسلفت قبلاً
سوسن إنني أشفق لحالها متى ستنتهي معاناتها ؟!
وأيهم إلى الآن أشعر أنه يخطط لشيء غير جيد هو وتلك السورا
أرجو أن يكون اعتقادي خاطئاًأعتذر لعدم ردي على الأجزاء السابقة لظروف منعتني لكن تأكدي أنني اتابعها دائماً
بالتوفيقوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أسعدني ردك واهتمامك بالمتابعة كثيرا وعذرك معك صديقتي(؛ فأحيانا لا تسمح لنا أوقاتنا بأكثر من القراءة، وهذا يحدث مع الجميع فلا تهتمي(:
ممممممم لا أعرف ماذا أقول عن استنتاجك، فلم افهمه جيدا لكنه يبقى احدى الاحتمالات الكثيرة(:بالنسبة لمعاناة سوسن .. أرجو أن يسهل الله لي انزال الاجزاء القادمة بسرعة لعلها تسرع بالفرج(؛ واعذرينا إن كنا سنثقل عليك بالجزء القادم إن شاء الله.. فهذه هي الحياة): ،
حسنا لن أقول أكثر.. ولندع القصة تحكي عن نفسها...في أمان الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم -
18-06-2013, 20:23#30انتي تبهرينني حقا يا فتاة
من اين لك هذه الموهبة الفذة ....اتدرين انك تصفين اللوحات ووكانك انت من رسمتها وتصفينها لدرجة اصبح اراها امامي
افكارك الي تنسجين بها روايتك ابداع لم ارى له مثيل ..
احي فيكي هذا
لا اعلم ماذا سارد عن الرواية ...انني اتحرق شوقا لمعرفة المغزى العام للقصة مع انو بدا يستوضح شسئا فشيئاالي اين يا انو يا صاحبة النور ....لا يمكنك الرحيل عن حياة سوس بهذه السرعة هناك اشياء يجب ان يكون لك فيها يد لاجل اخراج سوسن من دوامة الظلام التي تؤرقها على مدى ايامها ولياليها ....مسكيييييييينة انت يا سوسن ليتني استطيع مساعدتك
والله ليا الشرف انك تستعيني برودودي ...ويسعدني انها تكون ذا فائدة الك ....
تصدقي انا ايضا احس نفسي مثل سوسن لانني احيانا استشعر نفسي في دوامة من الظلام لا افقه منه شيئا اعاني منه ولا ادري الخلاص ...احتاج احيانا لمن يخرجني منه ...لهذا ترين تقاربي وتعاطفي مع سوسن
شكرا شكرا لك يا فتاة(: والحمد لله رب العالمين فإذا كنت ترينها موهبة حقا فهذا من فضل ربي خاصة وقد أكرمني بتشجيع من هم في ذوقك(:
بإذن الله يحل النور قريبا، و لكن........ إنما النصر صبر ساعة
فاصبري عزيزتي وارجو أن تحتملي الجزء القادم إن شاء الله(:في أمان الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم -
18-06-2013, 20:30#31
-
18-06-2013, 20:32#32
الجزء الثامن..
ارتدت سوسن فستانها وانتهت من إعداد زينتها لتبدو بأجمل حلة كما طلب منها أيهم استعدادا للذهاب لتلك الحفلة التي سيحييها الليلة، كان الحضور كبيرا بعد أن نفدت التذاكر التي بيع منها ما لو أنه صرف على فقراء البلد لكفاهم سنة كاملة!
اتجهت لمقعدها في المقدمة بثقة، ودخل النجم الشاب الآسر الذي ما أن لاحت طلته حتى علا التصفيق والتصفير، ليبدأ بممارسة سحره على قلوب المعجبات، ورغم جو الاثارة الذي انتشى به الحضور في أضخم قاعات المدينة، إلا أن سوسن شعرت بضيق لم تعرف سببه، لم تكن مرتاحة إطلاقا وشعرت بنوع من الاختناق الغريب وهي تقلب بصرها بين الحاضرين، حتى وقع بصرها على سورا التي بدت في أقصى درجات الانفعال وهي تتمايل بغنج مع أنغام الموسيقى مبدية أقصى ما تستطيعه من مفاتنها، كمن أقسمت أن لا تبرح هذا المكان حتى تفوز بضالتها.. فشعرت بغيظ شديد وحنق عليها كاد أن يفقدها صوابها.. ما بها هذه الفتاة لا تدعهما وشأنهما!! غير أنها حاولت أن تكون أكثر واقعية.. أليست هذه الحفلة عامة للجميع!!. أليست شهرة خطيبها ومكانته تستقي وقودها من أمثال هؤلاء الفتيات!! بل أليست هذه الحفلات وأمثالها ما أقيمت إلا خصيصا لأمثالهن!! فما بالها تغضب الآن!!!!!
جميع النجوم والمشاهير يحظون بشعبية جماهيرية كبيرة خاصة من قبل الشباب والشابات، وأيهم ليس مختلفا عنهم.. لذا عليها أن ترضى بهذا الواقع وإلا أحالت حياتها جحيما.. من الطبيعي جدا أن يكون له معجبات يتغنين بذكره ويهتفن باسمه و...
وأوقفت سوسن تفكيرها عند هذا الحد، وهي تحاول الاستمتاع بوقتها، فما دامت هي خطيبته ومالكة لبه فما الذي يهمها من أمر الأخريات..!! ولا تدري لم شعرت بنوع من الشفقة عليهن، سرعان ما تبخرت امام مشهد راعها في نهاية الحفل، حيث قاومت إحدى الفتيات لتصل المنصة متجهة نحو أيهم باستماتة لتطبع قبلة على خده! لم تكن تلك المرة الأولى التي يتعرض لها أحد النجوم لموقف شبيه لكنها كانت من المرات النادرة تقريبا.. وتمنت سوسن لو كان بإمكانها أن تصب جام غضبها عليها، ولكن ما باليد حيلة فآثرت أن تصرف نظرها عن ذلك، متمنية أن لا تتعدى الأمور هذا الحد، فما دامت هذه هي رغبة فتاة طائشة لا يقيم لها أيهم وزنا فلا بأس!! غير أنه سرعان ما أحاطت ثلة من الفتيات بأيهم لعلهن يفزن بابتسامة او حتى نظرة منه.. والمحظوظة منهن من تحظى بتوقيعه، وكان لا بد له من مجاملتهن، مما أعاد لذاكرة سوسن أول مشهد جمعها بأيهم، وحاولت أن تُقنع نفسها بأن أفعالهن تلك لن تؤثر على أيهم بأي شكل من الأشكال، حتى راعها مشهد سورا وهي تتجه نحوه بخيلاء كالواثقة من اهتمامه بها، فلم تستطع سوسن الاحتمال أكثر ونهضت من مقعدها.. فلن تقف مكتوفة اليدين.. غير أنها توقفت فجأة!! وماذا عساها أن تفعل!! أتتشاجر معها أمام الآخرين لتمنعها من الاقتراب! ما الذي سيقوله الناس عنها!! ماذا عليها أن تفعل الآن..! وشعرت بدوار أفقدها توازنها..لماذا يحدث هذا لي!!
ولم تشعر إلا بيد تسندها قبل أن تقع:
- هل أنت بخير يا آنسة!!
رفعت سوسن رأسها بصعوبة لتراع بشاب يرمقها بنظرات لم تعجبها أبدا، وهو يحاول اسنادها إلى صدره، فانتزعت نفسها من بين يديه بكل ما أوتيت من قوة قائلة بحزم:
- شكرا لك أنا بخير..
وابتعدت بسرعة وقلبها يتقطع ألما دون أن تدري إلى أين تذهب... أين أنت يا أيهم لتخرجني من هذا المكان البغيض.. أيرضيك ما حل بي قبل قليل!!
كل ما يحيط بي هنا هو الظلام.. فأين أنت يا نور!!!
وتذكرت سوسن أنها وعدتها بالاتصال للاطمئنان على والدتها ولم تفعل حتى الآن، فأخرجت هاتفها وهي تتجه نحو الممر الخارجي للقاعة علها تجد مكانا هادئا تتحدث فيه، وبعد عدة رنات جاءها صوت نور هادئا رفم نبرة من القلق غشيته:
- السلام عليكم.. سوسن، كيف حالك، لقد أُدخلت أمي قبل قليل لغرفة العمليات، دعواتك لها الآن أرجوك..
فطمأنتها سوسن:
- ستكون بخير اطمئني يا نور.. هل زوجك هو من سيجري لها العملية؟
- كلا فهذه ليست من اختصاصه، ثم إنه لم يستطع السفر معي فعليه بعض الالتزامات، ولديه مسؤولية نحو مريضة عليه متابعتها هناك بعد ان شارك في إجراء عملية لها..
وتذكرت سوسن الخبر الذي ورد في الصحيفة، وما أثارته الفتيات من تعليقات حوله، لا شك أنها عملية ابنة الوزير ..و خطر ببالها أن تسألها، ألستِ قلقة على زوجك يا نور! غير أن الموقف الذي بدت فيه نور كان أكبر من أن تفكر بمثل هذه الأمور.. لقد كانت قلقة تماما على أمها، حتى أن سوسن لم تعد تشعر بقيمة ما كانت تفكر فيه من قبل؛ إلى أن صدمت بمشهد سورا وهي تسير إلى جانب أيهم أثناء خروجه مع فريقه عبر الممر.. فسقط الهاتف من يدها، وكاد أن يغمى عليها حقا.. لقد رأت تعاليم وجهه بوضوح.. لا شك في ذلك.. كان أيهم مهتما بها وهي تحادثه..لقد فعلتها تلك اللئيمة....!
لم تعرف سوسن ما الذي أصابها بعد ذلك، هل كانت تحلم!! هل أصابها دوار !! هل أغمي عليها جراء أمر ما..!! فكل ما تراه الآن هو وجه أيهم الذي أخذ يحملق بها بلهفة:
- سوسن.. ماذا أصابك؟؟ هل أنت بخير!!
ولم تمر بضع لحظات حتى تذكرت ما حدث، لقد فقدت وعيها بلا شك بل وكادت أن تفقده للمرة الثانية وهي ترى سورا أمامها تسأل أيهم عنها بلهفة مصطنعة:
- هل هي بخير؟ ربما كانت بحاجة للذهاب إلى المشفى!
فيطمئنها أيهم بقوله:
- لا تقلقي ستكون بخير.. أظنها مرهقة قليلا..شكرا لك لقد أتعبناك معنا..
فترد عليه سورا:
- كلا هذا واجبي فسوسن صديقتي في المعهد كما أخبرتك من قبل..
وتابعت وهي تناوله رقم هاتفها:
- للأسف علي الذهاب، أرجو منك أن تطمئنني عنها إن لم يكن لديك مانع..
ومدت يدها لمصافحة أيهم قائلة:
- شكرا لدعوتك اللطيفة.. لقد كنت رائعا ومتألقا كعادتك يا...
وتابعت جملتها هامسة بصوت لا تعرف سوسن كيف سمعته:
- حبيبي..
فيما رد عليها أيهم بقوله متجاهلا كلمتها الأخيرة:
- و شكرا لذوقك ولطفك، سأطمئنك عن سوسن بالتأكيد فلا تقلقي يا.. عفوا ما اسمك؟..
فأجابته بدلال بالغ:
- يمكنك مناداتي بـ سورا..
تمنت سوسن لو أنها بقيت في إغماءتها ولم تسمع ذلك الحوار الذي لا يبشر بخير أبدا، كانت تشعر بإعياء شديد فيما انهمرت الدموع من عينيها المغمضتين لتنساب على خديها، لقد باءت جميع محاولاتها لتحول بين سورا وأيهم بالفشل، فها هي سورا تقتنص الفرصة وأمام عينيها، بل والتي ساهمت هي شخصيا بتقديمها لها على طبق من ذهب!
لم تكن سوسن بكامل وعيها وهي ترى ذلك كله.. مما عجل بدخولها في دوامة الظلام من جديد... -
19-06-2013, 17:47#33
آه يارب ...قديش قلبي حزنان عليكي يا حبيبتي يا سوسن ...والله كتير الي بتتحمليه
والله هالايهم بد تنتيف ليش تارك سوسن لحالها كان من المفروض ما يتركها ويراعي شعورها ليكون هي ما عندها قلب ما تحس لما تشوف البنات حواليه...وتلك العقربة سورا شو ما بدها تتركهم بحالهم بالمرة ...جيبليها شي سيارة تصدمها او مرض خبيث يفكن منها هههههههههههههه الظاهر راح صير شريرة وبدي اقتل الناس ههههههه ...
والله بديت اكرهو لايهم انا بصراحة ما بحب الرجال اوالشاب الي يظهر نفسو وينبسط لما يكون حوالينو البنات وقدام مين قدام خطيبتو اا ...الله يبعثلو يوم يخليه يندم على الي يسويه فيها ...والله انا مابلومها على الشي تحس فيه وعلى عدم ثقتها فيه كمان ...لانو تصرفاتو تخليها تعمل ...هو صحيح يعاملها زين ويحكيلها كلام حب وغزل بس عمرو الحب ما توقف على هيك الحب افعال واقوال .........
تسلميييييييييي على البارت الجوناااااااااااااااااان -
21-06-2013, 04:55#34آه يارب ...قديش قلبي حزنان عليكي يا حبيبتي يا سوسن ...والله كتير الي بتتحمليه
والله هالايهم بد تنتيف ليش تارك سوسن لحالها كان من المفروض ما يتركها ويراعي شعورها ليكون هي ما عندها قلب ما تحس لما تشوف البنات حواليه...وتلك العقربة سورا شو ما بدها تتركهم بحالهم بالمرة ...جيبليها شي سيارة تصدمها او مرض خبيث يفكن منها هههههههههههههه الظاهر راح صير شريرة وبدي اقتل الناس ههههههه ...
والله بديت اكرهو لايهم انا بصراحة ما بحب الرجال اوالشاب الي يظهر نفسو وينبسط لما يكون حوالينو البنات وقدام مين قدام خطيبتو اا ...الله يبعثلو يوم يخليه يندم على الي يسويه فيها ...والله انا مابلومها على الشي تحس فيه وعلى عدم ثقتها فيه كمان ...لانو تصرفاتو تخليها تعمل ...هو صحيح يعاملها زين ويحكيلها كلام حب وغزل بس عمرو الحب ما توقف على هيك الحب افعال واقوال .........
تسلميييييييييي على البارت الجوناااااااااااااااااانوتسلمي كتير على التفاعل الجميل... بصراحة حاولت الاستعجال قدر الاستطاعة بانزال الجزء الجديد خصيصا لك ( واعذرينا إن كان قصيرا نوعا ما).. ربما تغيرين رأيك بتنتيف أيهم وربما لا .. (؛
عجبني رأيك : "س عمرو الحب ما توقف على هيك"لن أطيل عليك أكثر، فسأنزل الجزء التاسع في الرد التالي إن شاء الله..
جمعة سعيدة(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم -
21-06-2013, 05:06#35
الجزء التاسع..
ظــــــــلام في ظــــلام في ظلام يحاصرها في كل مكان.. قلبها المعذب لم يعد يرى شيئا غير الظلام، حتى لوحتها الوردية المصطبغة بألوان القرمز الأحمر والخيول البيضاء الناصعة، لم تعد ترى فيها إلا الظلام..
وحدها تلك اللوحة ذات النور المبهر بدأت ترسل أشعتها لتخترق نسيج الظلام المتين، ففتحت عينيها لتقرأ من بين خطوطها المنيرة:
الله
فاقشعر جسدها ورددت بلسانها وقلبها:
- يا الله..
وانتبهت لنفسها أخيرا، فقد كانت ممددة على سريرها حيث علّقت لوحة نور على الجدار أمامها، فيما جلست أمها عن يمينها والتي ما أن رأتها قد استيقظت حتى هتفت:
- سوسن حبيبتي، كيف أصبحت الآن؟؟
فنهضت سوسن من فراشها متسائلة:
- ماذا حدث يا أمي؟ من الذي أحضرني هنا!! هل كان ذلك حلما!
فجاءها صوت أيهم الجالس عن يسارها والذي لم تنتبه لوجود إلا حينها:
- لقد فقدتِ الوعي على ما يبدو، ومن حسن الحظ أنني رأيتك وقتها يا عزيزتي، حتى صديقتك سورا وقفت إلى جانبك..
فتنهدت سوسن بخيبة ألم:
- إذن لم يكن ذلك حلما!
فيما تابع أيهم طمأنته لها بقوله:
- ارتاحي الآن يا عزيزتي فقد قال الطبيب بأن ما أصابك كان نتيجة للإرهاق والتعب، ويبدو أن الزحام والضوضاء قد أثرا فيك.. أنت بحاجة للراحة لا أكثر فلا تجهدي نفسك يا حبيبتي..
بدت أمها مرتاحة نوعا، فنهضت قائلة بتفهم:
- كما قال لك ايهم يا حبيبتي ارتاحي ولا تجهدي نفسك..
وابتسمت غامزة لهما بعينها:
- عن إذنكما..
وبعد أن خرجت من الغرفة، جلست سوسن مسندة ظهرها لوسادةٍ أسرع أيهم بتهيأتها لها قبل أن يتناول يديها قائلا:
- سوسن.. أخبريني ما الذي يزعجك هذه الأيام!
ورغم امتنان سوسن لموقفه ذاك إلا انها احتارت في تفسيره، ألم تخبره من قبل بما يزعجها فغضب! أتراه جادا هذه المرة في معرفة ما يزعجها بحق!!
و أخيرا حزمت أمرها قائلة دون سابق انذار:
- أيهم.. دعنا نعجل في عقد زفافنا و نغادر هذه المدينة!!
بوغت أيهم بذلك القرار المفاجيء، فنظر اليها بشك:
- هل أنت على ما يرام!
وتابع بامتعاض وهو يفلت يديها:
- أكل هذا من أجل تلك المعقدة!!
فهزت رأسها بشدة:
- وما دخلها الآن!! إنـ..
وبترت عبارة كانت على وشك الدفاع بها عن موقفها أمام حقيقة بدت صادمة.. أعرف أيهم برحيل نور!! وكيف له ذلك وأنا لم أخبره... أتراها تلك الـ..
وأسقط في يدها وقد شعرت بقلبها يغوص في أعمق ما قد يصل إليه.. أيعقل أن تكون الأمور قد وصلت إلى...! إلى ماذا!! و إلى أين ستصل أكثر...!!
غير أن أيهم سرعان ما استدرك الأمر وهو ينهض من مكانه ليجلس على حافة سريرها مقتربا منها أكثر، وهو يقول لها برقة شديدة مخبئا يدها في يده:
- سوسن.. ماذا هناك يا مالكة قلبي؟
فخفضت رأسها حرجا و قد احمرت وجنتيها بعد أن خفق قلبها بشدة كادت تخلعه من مكانه.. وتبعثرت كلماتها فلاذت بالصمت قليلا إلى أن تمكنت من إعادة تجميعها، فقالت بتنهيدة مؤثرة:
- إنني جادة تماما فيما أقوله يا أيهم، لقد تعبت من هذا المكان كثيرا..
و تابعت تقول باندفاع متوتر والدموع تملأ عينيها:
- إنني أحبك يا أيهم ولا أريد أن أخسرك لأي سبب.. أريد أن أحيا حياة هادئة مستقرة معك.. لم أعد أحتمل تلك الأجواء المزعجة هنا.. أرجوك.. ألا تفهمني..!!
بدا أيهم أكثر تفهما لحالتها من قبل، فرد عليها بلهجة حانية:
- وماذا عن حلمك يا عزيزتي، أنسيت رغبتك في إقامة معرض خاص بك!! أنت تعلمين بأنك لن تجدي أفضل من هذا المكان لتحقيق ذلك..
لم تجد سوسن ما ترد به على أيهم، إذ لم يعد أمامها هدف سوى الاحتفاظ بحبها الوحيد، فيما تابع ايهم كلامه وقد بدأ يدرك تماما ما الذي أثار حفيظة خطيبته:
- كوني شجاعة يا عزيزتي ولا تتخلي عن أحلامك من أجل ما رأيتيه من تصرف أولئك الفتيات السخيفات، أنت تعرفين من قبل طبيعة حياة النجوم، هذا هو عملي...
وتابع بنبرة ذات مغزى:
- على الأقل لن تجديني مضطرا لوضع فمي على فم إحداهن، كما فعل زوج صديقتك المعقدة..
وأكمل بنبرة لا تخلو من مرح:
- كلانا يؤدي عمله.. أليس كذلك!
صعقت سوسن بذلك الكلام، وانتفضت كل خلية في جسدها.. ما هذا الكلام الـ...! ماذا تسميه..! كيف يجرؤ على قول هذا..!! أيقارن أيهم نفسه، بطبيب ينقذ حياة مريض!!
غير أن أيهم سرعان ما قال:
- المهم يا عزيزتي أن تثقي تماما بأنك وحدك في قلبي ولن أحب غيرك أبدا..
و طبع قبلة طويلة على يدها بعذوبة:
- أقسم لك على ذلك
خفق قلب سوسن من جديد فيما تدفقت الدماء في جسدها بغزارة لتترك أثرها على وجنتيها بلون الورود القرمزية الحمراء، وقد شعرت بطاقة حياة لا تنتهي نسيت معها كل شيء آخر..
لو تعرف كم أحبك يا أيهم.. -
21-06-2013, 13:08#36
الصراحة مثل ما قلتي يمكن بدي اتنازل عن كلامي عن تنيتف ايهم لما ابداه في هذا البارت م تفهم وجدية لسوسن وطمانتها بانه يحبها ولن يتنازل عنها ...بس مع هيك بدو عقوبة على الكلام المبهم الي عم يحكيه عن نور وزوجها ....بس تعرفي شو احس في شي ناقص او حلقة مفقودة في القصة ...انا ما عم بعرف ليش ردت الفعل المباغلة الي عم يبديها ايهم تجاه نور او زوجها ...وكل ما يحكي هو وسوسن الا ويدمجهم هنن كمان في حكيهم ...والله غريبة اعتقد انو في سر ورا هالشي
الحين بديت افهم معالم القصة وصرت اقدر كهن او خمن المغزى من العنوان الي
اخترتيه لروايتك ...ممكن انو يكون تخلي نور عن حلمها في سبيل الحفاظ على حبها وهذا ما بدات تفكر فيه سوسن في البارت هذا ....وانا اعتقد انها على حق
فاحيانا يجب علينا الاختيار بين شيئين مهمين في حياتنا ولا سبيل من الفراار من ذلك وهذا ما راته نور فالخيار بين حبها وهدفها مثل الجبال ما بيتلاقو فلازم تختار واحد فيهم ....وطبعا او اعتقد انها راح تختار ايهم -
22-06-2013, 21:10#37
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله ما شاء الله
القصة تزداد جمالاً
أتعلمين؟ تفاجئينني بالأحداث!!
لم أتوقع أبداً أن نور سترحل بهذه السرعة.. رغم أني أتوقع عودتها
كلما وصفتِ مشاعر سوسن ازدادت ثقتي بأني فهمتُ المغزى مِن العنوان.. لكن ربما تفاجئينني بشيء لا يخطر على بالي
فما أراه يجعلني أحيييكِ احتراماًأيهم.. أحقاً يجرؤ على المقارنة بينما يواجهه وبينما فعله زوج نور؟؟ إن شخصيته الهادئة الرقيقة مع سوسن تخفي الكثير من الأفكار المخيفة!!
نور وزوجها .. أتمنى أن يكون لكليهما دور قوي أكثر فأكثر
سوسن.. الضائعة.. ماذا ستفعل يا ترى؟
سورا.. ممم .. سأنتظر لأرى ما ستفعله أكثربصراحة لقد نجحتِ في جعل هذه القصة حكايةً رائعة
فالشخصيات والأحداث جميلة جداًقد أعود بعد فترة لأقرأ من البداية إلى آخر جزء لأعلق مرة أخرى بدقة أكثر إن شاء الله
أما الآن .. في حظ الله -
24-06-2013, 03:21#38الصراحة مثل ما قلتي يمكن بدي اتنازل عن كلامي عن تنيتف ايهم لما ابداه في هذا البارت م تفهم وجدية لسوسن وطمانتها بانه يحبها ولن يتنازل عنها ...بس مع هيك بدو عقوبة على الكلام المبهم الي عم يحكيه عن نور وزوجها ....بس تعرفي شو احس في شي ناقص او حلقة مفقودة في القصة ...انا ما عم بعرف ليش ردت الفعل المباغلة الي عم يبديها ايهم تجاه نور او زوجها ...وكل ما يحكي هو وسوسن الا ويدمجهم هنن كمان في حكيهم ...والله غريبة اعتقد انو في سر ورا هالشي
الحين بديت افهم معالم القصة وصرت اقدر كهن او خمن المغزى من العنوان الي
اخترتيه لروايتك ...ممكن انو يكون تخلي نور عن حلمها في سبيل الحفاظ على حبها وهذا ما بدات تفكر فيه سوسن في البارت هذا ....وانا اعتقد انها على حق
فاحيانا يجب علينا الاختيار بين شيئين مهمين في حياتنا ولا سبيل من الفراار من ذلك وهذا ما راته نور فالخيار بين حبها وهدفها مثل الجبال ما بيتلاقو فلازم تختار واحد فيهم ....وطبعا او اعتقد انها راح تختار ايهمعزيزتي أمواج السراب.. أهلا بك مجددا(: فعلا تعبيراتك في محلها تماما.. بالتأكيد لكل فعل ردة فعل والقصة تقريبا لا تزال في بدايتها....!!!!!! رغم انني كنت أطمح لأن نكون قد قطعنا ثلث الطريق على الأقل): ولعله خير(:
في المقابل كلامك عن الاختيارات واقعي جدا وعجبني تشبيهك بالجبال... حسنا... ربما وربما....بانتظارك بعد الجزء العاشر إن شاء الله
في أمان الله(: -
24-06-2013, 03:25#39السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله ما شاء الله
القصة تزداد جمالاً
أتعلمين؟ تفاجئينني بالأحداث!!
لم أتوقع أبداً أن نور سترحل بهذه السرعة.. رغم أني أتوقع عودتها
كلما وصفتِ مشاعر سوسن ازدادت ثقتي بأني فهمتُ المغزى مِن العنوان.. لكن ربما تفاجئينني بشيء لا يخطر على بالي
فما أراه يجعلني أحيييكِ احتراماًأيهم.. أحقاً يجرؤ على المقارنة بينما يواجهه وبينما فعله زوج نور؟؟ إن شخصيته الهادئة الرقيقة مع سوسن تخفي الكثير من الأفكار المخيفة!!
نور وزوجها .. أتمنى أن يكون لكليهما دور قوي أكثر فأكثر
سوسن.. الضائعة.. ماذا ستفعل يا ترى؟
سورا.. ممم .. سأنتظر لأرى ما ستفعله أكثربصراحة لقد نجحتِ في جعل هذه القصة حكايةً رائعة
فالشخصيات والأحداث جميلة جداًقد أعود بعد فترة لأقرأ من البداية إلى آخر جزء لأعلق مرة أخرى بدقة أكثر إن شاء الله
أما الآن .. في حظ اللهوعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا بعودتك أمواج المحيط، وجزاك الله خيرا لتشجيعك واطرائك(: آمل أن تكون القصة إلى الأفضل دائما(: وسأكون بانتظار عودتك من محيطك الواسع لتتحفيني بروائع كلامك اللؤلؤي إن شاء الله(:
في أمان الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-
24-06-2013, 03:27#40
الجزء العاشر..
استيقظت سوسن بنشاط وحيوية لم تعهدها في نفسها من مدة، لقد اتخذت قرارها وستحاول تنفيذه، فقد وعدها أيهم وأقسم لها بحبه ولن تجعل أي شيء يهز هذه الثقة في نفسها، ستنسى أمر سورا والأخريات ولن تعيرهن اهتماما يُذكر؛ فهذا أفضل.. وما أن تصبّحت بلوحة نور أمامها حتى تذكرت أنها لم تعد الاتصال معها منذ أن سقط الهاتف من يدها ليلة الأمس، فبحثت عن هاتفها في حقيبة يدها إذ أخبرها أيهم أنه وضعه هناك بعد أن عثر عليه ملقى على الأرض، وكم كانت سعادتها كبيرة عندما وجدت رسالة من نور تطمئن بها عليها وتخبرها فيها أن أمها أجرت العملية بنجاح، فأسرعت ضاغطة زر الاتصال بها دون أن تأخذ موضوع الوقت بعين الاعتبار، حتى جاءها صوتها بعد فترة وجيزة:
- الحمد لله أنني سمعت صوتك، لقد قلقت عليك ليلة أمس.. لا أدري ما الذي حدث بعد أن قطع الاتصال فجأة!! فقد حاولت الاتصال بك بعد ذلك دون جدوى..!!
فطمأنتها سوسن معتذرة:
- آسفة لازعاجك يا عزيزتي، لقد كنت متعبة قليلا فوقع الهاتف من يدي وقد أصبحت بخير الآن فلا تقلقي..
فجاءها صوت نور:
- الحمد لله، يبدو هذا واضحا من صوتك الآن يا سوسن ما شاء الله، و أرجو من الله أن يكون قد استجاب لدعائي فقد دعوت لك كثيرا..
فابتسمت سوسن:
- شكرا لك يا صديقتي العزيزة.. و.. الحمد لله على سلامة أمك لقد أسعدتيني برسالتك كثيرا..
فرددت نور:
- الحمد لله.. لا زالت تحتاج إلى رعاية لكن وضعها أفضل بكثير ولله الحمد والمنة، فقد خلدت إلى النوم بعد الفجر ..
ثم استدركت متسائلة:
- ألن تذهبي للمعهد يا سوسن؟
فأجابتها سوسن:
- ليس الآن.. فما زال الوقت باكرا جدا وقد أتأخر قليلا هذا اليوم كما أخبرت سائقي بذلك أمس، فلم يبق لي إلا الرتوش الأخيرة للوحتي العاشرة التي سأشارك بها في المعرض العالمي..
فرددت نور:
- إن شاء الله.. أتمنى لك التوفيق فيه يا عزيزتي..
ولا تدري سوسن كيف وجدت الجرأة في نفسها لتسال نور دون مناسبة تذكر:
- نور.. أرجو أن لا أكون فضولية.. ولكن هل لي بسؤال؟
فجاءها جوابها:
- بالتأكيد يا عزيزتي، تفضلي..
فقالت سوسن أخيرا:
- لقد رأيت زوجك وهو ينقذ ابنة الوزير في المتحف..لا أظنك انتبهتِ لوجودي فقد كنتُ أود السلام عليك وقتها لكن لم تتح لي فرصة لذلك..
فقالت نور:
- لقد حضرتِ الافتتاح إذن.. كان متحفا رائعا بحق ولم نرغب بتفويت فرصة الاطلاع على أقسامه، فقد حوى العديد من الأقسام التي تثير اهتمام زوجي..
ثم استدركت قائلة:
- أهذا هو سؤالك يا سوسن؟؟
فأجابتها سوسن:
- حسنا..ولكن إن وجدتِ سؤالي فضوليا فلست مضطرة لـ..
فقاطعتها نور بمودة:
- لا داعي لكل هذه التكلفة يا عزيزتي.. اسألي ما بدا لك، فلا شيء لدي ذا بال لأخفيه عنك!
فالتقطت سوسن نفسا عميقا، قبل أن تصيغ سؤالها بتنميق:
- ألا تزعجك طبيعة مهنة زوجك؟
لم تستطع نور كتم ضحكة خفيفة أطلقتها وهي تجيبها بعفوية:
- تقصدين انقاذه لحياة فتاة شابة مثلا! حسنا .. لقد سُئلت هذا السؤال من قبل..
و صمتت قليلا قبل أن تتابع:
- لا أخفي عليك يا سوسن أن الغيرة كانت تتملكني أحيانا، لكنني سرعان ما أستعين بالله مستعيذة به من الشيطان الرجيم، فهذه مهنة شريفة وأجرها عظيم، خاصة وأنا أذكر خُلق عامر وخشيته لله، فهو كما أحسبه شاب متدين يخاف الله ويتقيه وهذا ما يجعلني أشعر بالأمان معه أكثر، وقد قالها لي ذات مرة، إنه إن دخل يوما بصفته طبيبا على امرأة، فإنه ينسى تماما أنه رجل وهي امرأة، ولا تعدو العلاقة بينهما عن علاقة رسمية بين طبيب ومريضه، لقد قالها لي بالحرف الواحد: "إنها أمانة ومسؤولية أمام الله يا نور وأسأل الله أن يعينني عليها"..وأنا بدوري أدعو الله له دائما أن يثبته ويثبتني على الحق ويحفظنا من كل سوء، فالقلوب بيد الله يقلبها كيفما شاء لذلك كان أكثر دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك)..
والتقطت نور نفسا قبل أن تقول بابتسامة لا تخفى على سامعها:
- يبدو أنني استطردت أكثر من اللازم.. فهل أجبتُ على سؤالك يا سوسن؟
و بعد لحظة جاءها صوت سوسن التي كانت مبهورة بما تسمعه:
- أجل يا عزيزتي لقد أجبت..
ثم استدركت متسائلة:
- بالمناسبة يا نور.. كيف التقيت بعامر؟
فأجابتها نور:
- ربما لا تجدين في قصتي ما يثير الاهتمام، فقد كان زواجنا تقليديا بحتا.. إذ كانت أمه تعرف أمي عن طريق حلقات القرآن في المسجد، وبعد أن رُشّحنا لبعضنا البعض وجدنا أننا متكافئين ومتوافقين في أمور كثيرة، خاصة في الأهداف والأفكار وتمت الموافقة من الطرفين بعد الاستخارة والحمد لله..
لم يخف على نور ملاحظة الدهشة في نبرة سوسن وهي تسألها بتعجب:
- ألم تكوني على معرفة سابقة به!!
فأجابتها بمرح:
- أبدا.. لذلك قلت لك أنه كان زواجا تقليديا بحتا ولن تجدي فيها ما يثير الاهتمام!
وهمت سوسن بأن تعلق بشيء غير أنها انتبهت للساعة أمامها بعد أن سمعت طرقا على باب غرفتها، فاستأذنت من نور:
- لقد أثقلت عليك بما يكفي هذا الصباح، وأظنه آن أوان ذهابي للمعهد.. شكرا لك يا نور..
فجاءها صوت نور باسما:
- بالتوفيق يا عزيزتي ، لقد سعدت بسماع صوتك ولا تترددي في أي اتصال آخر..
وما أن ضغطت سوسن زر انهاء الاتصال، حتى كانت الخادمة قد مثلت أمامها:
- لقد خفتُ أن تكوني لا زلتِ نائمة يا آنسة، فمرزوق ينتظرك في السيارة كما طلبتِ منه..
فقالت لها سوسن:
- حسنا أخبريه بأنني لن أتأخر أكثر من عشر دقائق..
وبعد أن خرجت الخادمة، هرعت سوسن لملحق غرفتها حيث خزائن أثوابها وأحذيتها وحقائبها.. ومدت يدها نحو خزانة الثياب الصيفية للتتناول أحد أثوابها المعتادة بتلقائية، غير أنها تراجعت قليلا لتفكر أول مرة وهي تقلب بصرها بين الثياب؛ محاولة البحث عن أكثرها حشمة.. وبصعوبة عثرت على فستان ذو ياقة تظهر نصف جيدها وحسب و بالكاد يستر ركبتيها مع أكمام تصل إلى مرفقيها، فارتدته مع إحدى صنادلها ذات الكعب المنخفض نسبيا، واختارت حقيبة خفيفة تلائم ملبسها، وبعد أن أحكمت شد حزام فستانها على وسطها وقفت على عجالة أمام مرآتها لتسرح شعرها المنسدل على كتفيها بتلقائية جذابة، ثم ارتدت قرطي اللؤلؤ المرصعين بالألماس مع العقد الذي تفضله عادة واكتفت برشة واحدة من زجاجة عطرها المميز، دون أن تلتفت إلى بقية أدوات الزينة الفاخرة التي تعج بها طاولة الزينة أمامها، إذ لم يكن من عادتها إخفاء وجهها خلف مساحيق التجميل..
كانت سوسن سارحة بتأملاتها في الطريق كالعادة عندما رن هاتفها باتصالٍ مفاجئ من الآنسة ناديا:
- سوسن أين أنت؟ ستحضر لجنة التقييم بعد ساعة!! فهل لوحاتك جاهزة؟؟
فوجئت سوسن بهذا الخبر فتساءلت بدهشة:
- ولكن موعدنا معهم بعد يومين.. أليس كذلك!
فجاءها صوت ناديا بنفاد صبر:
- لا يهمني مناقشة ما استجد في أمرهم الآن، ما يهمني هو أن تحضري بأقصى سرعة..
فطمأنتها سوسن:
- لا تقلقي يا آنسة فأنا بالطريق؛ دقائق وأكون عندك..
لم تكد سوسن تنهي الاتصال حتى رُوّعت بميلان حاد أفقدها توازنها لترتطم بالجانب الآخر من السيارة، إثر حادثٍ مروع في الطريق استطاع سائقها تفادي الاصطدام به في اللحظة الأخيرة.. لم يكن ارتطامها قاسيا، وإن كان مؤلما بعض الشيء، فعدّلت جلستها بسرعة قبل أن يوقف مرزوق السيارة على بعد عشرة أمتار من ذلك الحادث.. التفت إليها:
- هل أنت بخير؟
فطمأنته قائلة:
- أجل.. لماذا أوقفت السيارة!! فأمامي موعد مهم في المعهد!
غير أن مرزوق أجابها وهو ينزل من السيارة::
- سأتأكد من سلامة العجل أولا؛ فأظنه تعرض لبعض التلف ولا يمكنني المغامرة..
عندها عرفت سوسن لم نُظمت أشعارٌ على غرار: تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، ولم يكن خيار أمامها، فنزلت من السيارة هي الأخرى متجهة نحو مرزوق الذي أخذ يتفحص العجل، قائلة:
- أظن أن علي تدبر أمري، سأستقل سيارة أجرة فلا يمكنني التأخر أكثر..
غير أن مرزوق هب مذعورا:
- لا يمكنك ذلك.. سيغضب سيدي.. انتظري لحظة يا آنسة، سأتدبر الأمر بسرعة..فعودي إلى السيارة أرجوك..
فتنهدت سوسن:
- سأهاتف أيهم إذن..
وما أن رفعت ناظريها حتى فوجئت بعدد السيارات التي تجمعت حولها فيما هرع عدد من الشبان – وحتى الكهول - نحوها يعرضون المساعدة!
وكان أسرعهم شاب بدا من النوع المستهتر تماما، اقترب منها قائلا:
- سيارتي في الخدمة..
في حين تبعه ثانٍ:
- أين تريدين يا آنسة، فربما كان مقصدك في طريقي..
فيما تطوع آخر بتقديم المساعدة في إصلاح العجل، وهو يرد على الآخرين:
- لا مشكلة سيتم اصلاح العجل بسرعة فلدي خبرة في ذلك، هل أنت مستعجلة كثيرا يا آنسة!
واقترب رجل بدا في الأربعين من عمره:
- ما هذا الازدحام يا شباب لقد أزعجتم الآنسة..
والتفت نحوها باسما:
- يمكنك المجيء معي إن أردت!
غير أن رجلا آخر غامزه بقوله:
- إلى أين ستهرب بالغزال يا رجل!
شعرت سوسن بالغثيان، بل وبرغبة شديدة في التقيؤ أيضا..وهي تقف مصدومة بما تراه.. ليس لأنها المرة الأولى التي تطالعها بها العيون بهذا الشكل، بل لشيء آخر لم تستطع تفسيره، خاصة مع بساطة مظهرها في هذا اليوم تحديدا.. فرغم أنها كانت تعرف تماما مقدار الجمال الباهر الذي تتمتع به و مدى جاذبية طلتها وقوامها الممشوق الذي ما فتئ أيهم يثني على فتنته.. إلا أنها لم تتيقن من ذلك إلا هذه اللحظة بالذات، صحيح أن بعض نظرات الإعجاب كانت تزيدها ثقة في نفسها أحيانا، لكن أن تصل الأمور إلى هذا الحد، فهذا ما لا يعجبها إطلاقا!!
حتى راعها منظر شاب بدا وكأنه قد أنهى للتو محكوميته في سجون اعتى المجرمين خطورة، وهو يوقف سيارته لينزل منها محدقا فيها بنظرات أرعبتها:
- تأمرين بشيء؟
فاكتفت بابتسامة مقتضبة – حاولت أن تخفي خلفها خوفها - شاكرة الجميع بكلمة واحدة، وقد آثرت الانتظار داخل السيارة حتى تنصلح الأمور فلن يعيق وزنها سير عملية الإصلاح تلك.. تهاوت على مقعدها بعد أن أغلقت أمّان الباب، وتناولت هاتفها وقد تذكرت ما كانت تعزم القيام به، وبسرعة جاءها صوت أيهم:
- صباح الخير يا جميلتي، لقد ظننتك لاتزالين نائمة بناء على نصيحة الطبيب، ألم نطلب منك أخذ قسطا كافيا من الراحة!
فأجابته:
- لا بأس فقد شعرت بتحسن كبير..
وهمت بأن تقول له بأن بقاءه إلى جانبها ليلة أمس وتفهمه لها أثّر بشكل كبير في تحسن حالتها، غير أنها عدلت عن ذلك بقولها:
- لقد أخبرتني ناديا بأن لجنة التقييم ستحضر اليوم وعلي الحضور بسرعة.. غير أنني في ورطة الآن، فقد تعطل عجل السيارة..
فجاءها صوت أيهم بلهفة:
- وكيف حالك أنت؟ هل أصبت بأذى؟ هل أنت بخير يا حبيبتي؟
فردت عليه بنبرة تعبر عن سعادتها باهتمامه:
- لا تقلق فقد تفادينا الاصطدام بسيارتين قلبت إحداهما، و من حسن الحظ لم تكن هناك إصابات شديدة على ما يبدو.. ها هي سيارات الشرطة قد حضرت ..
فشهق أيهم:
- وأين أنت الآن!
فأجابته:
- كما قلت لك انتظر إصلاح عجل السيارة، قرب الميدان الرئيسي..
فجاءها صوته متنهدا:
- لو كان بإمكاني الحضور بسرعة لأتيت إليك، لكن للأسف سيأتي المخرج الآن للإشراف على إخراج اسطوانتي الجديدة..
فردت عليه سوسن بتفهم رغم أنها كانت تتمنى حضوره فورا:
- أقدر لك ذلك، لا مشكلة فأظن الأمور ستسير على ما يرام..
فقال لها برقة:
- إذن انتبهي لنفسك جيدا يا ملاكي فلا شك أن وقوف سيارتك أثار اهتمام العديدين..
كانت هذه الجملة بالذات هي ما تنتظره سوسن بفارغ الصبر..وبدأت نفسها تعبر عن مشاعرها باسترسال.. أنت تعرف ذلك يا أيهم إذن ولا يخفى عليك المأزق الذي أجد نفسي فيه الآن؛ فهل تدرك مدى خطورته علي!! ألن يأت اليوم الذي تقترح علي فيه حلا لهذه المشكلة تعبيرا عن اهتمامك بي وخوفك علي...! ألا ترغب بإبعادي عن هذه العيون المتوحشة ! ألا تسوؤك تلك النظرات الـ...!!...... ألا تغـــ....
لكن تساؤلاتها تلك تلاشت أدراج الرياح، لتبقى حبيسة في نفسها إلى أجل غير معلوم.. وقد تذكرت العهد الذي أخذته على نفسها هذا الصباح.. فلن تعكر مزاجها بالمزيد من هذه الأفكار ولن تتطرق لأي موضوع يفسد الود بينها وبين من تحب..

اقتبس من زينب جلال في 2025-01-14, 6:08 م
الصفحة الثالثة من الارشيف:
- المنتدى
- التعليمات
- التقويم
- المنتدى
- تطبيقات عامة
- خيارات سريعة
- الإنضمام الى فريق عمل مكسات
- الدروس
- مواقع مكسات
- مدونة مكسات
- النشاط الأخير
- المنتدى
- المنتديات الأدبية
- منتدى القصص والروايات
- منتدى قصص الأعضاء
- تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
- اذا كانت هذه زيارتك الأولى لنا ننصحك بالدخول الى التعليمات . و للمشاركة في المنتدى يجب عليك الإنضمام الينا و التسجيل من هنا [ التسجيل ] .
المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
24-06-2013, 08:23#41الرواية كتير حلوة وطريقة كتابتك لأهلا كتير حلوة كانت
ادخلوا الى روايتي
http://www.mexat.com/vb/showthread.php?t=1073661&highlight=
شكرا dark angle على التوقيع الروعة...
24-06-2013, 12:54#42حجز ...
24-06-2013, 14:24#43ماشاء الله على هذا البارت ...رائع ....جميل ...مذهل....حماسي ...
اووووه الحمد لله قلبي كان راح يوقف ..اعتقدت انو خلص صدمتها السيارة ...
المسكيييييينة سوسن والله حتى اهي من مصيبة لمصيبة الله يحميها ....تعرفي شو لو انا في مكان ايهم كان خليت كل شي وراي ورحت جري لسوسن ...شو هذا عنجد تصرفاتو ما بتحتمل ...المخلوقة كانت شوي وتودع الحياة ...واهو مشغول باسطواناتو ....ليكون الشغل اهم منها ...الله يهديه بس ...وسوسن المسكينة على نياتها قلبها كبير وطيب ...على طول عاذرتو على تصرفو ....مشكلة لما تكون تحب وتوصل لاعلى درجات الهيام ....نور يا حياتي عليها كلامها زي البلسم ...احس انو هي الدوا والعلاج الي راح يخرج سوسن من دوامتها وانشاء الله صح
تسلميييييييييييي على البارت 24-06-2013, 14:24#44السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ..
عزمت ليلة الأمس أن أرد على قصتك, و تفاجأت بردك علي في استفساري
الرواية جميلة جدًا ما شاء الله كنت أتمنى أن أرى واحده منذ زمن , وجيتي وجبتيها معك
جميلة جدا كفكرة و بساطة الأسلوب .. أعجبتي جدا ما شاء الله ..
كانت لدي بعض الملاحظات لكن أجد أنك تخطيتيها في الأجزاء الأخيرة<~ سلمتي من خثردتي
بالتوفيق أخيتي .. تمنياتي لكِ بالنجاح دنيا وأخرة
والسلام خير ختام![]()
![]()
سبحـــان الله وبحمده ...سبحـــــان الله العظيم
عفوا لا أقبل صداقة الأولاد ..! 28-06-2013, 04:21#45 28-06-2013, 04:22#46 28-06-2013, 04:29#47ماشاء الله على هذا البارت ...رائع ....جميل ...مذهل....حماسي ...
اووووه الحمد لله قلبي كان راح يوقف ..اعتقدت انو خلص صدمتها السيارة ...
المسكيييييينة سوسن والله حتى اهي من مصيبة لمصيبة الله يحميها ....تعرفي شو لو انا في مكان ايهم كان خليت كل شي وراي ورحت جري لسوسن ...شو هذا عنجد تصرفاتو ما بتحتمل ...المخلوقة كانت شوي وتودع الحياة ...واهو مشغول باسطواناتو ....ليكون الشغل اهم منها ...الله يهديه بس ...وسوسن المسكينة على نياتها قلبها كبير وطيب ...على طول عاذرتو على تصرفو ....مشكلة لما تكون تحب وتوصل لاعلى درجات الهيام ....نور يا حياتي عليها كلامها زي البلسم ...احس انو هي الدوا والعلاج الي راح يخرج سوسن من دوامتها وانشاء الله صح
تسلميييييييييييي على البارتالله يسعدك أمواج السراب على تفاعلك مع الأحداث والذي يعكس شخصية رقيقة مرهفة ، وبالطبع قد يكون لدى أيهم وجهة نظر أخرى يرى من خلالها أنه على صواب(؛
على كل حال تسلميلي على ردودك الحلوة.. وإن شاء الله بعد قليل سيكون الجزء الجديد في متناول يديك..
في أمان الله عزيزتي
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم 28-06-2013, 04:38#48السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ..
عزمت ليلة الأمس أن أرد على قصتك, و تفاجأت بردك علي في استفساري
الرواية جميلة جدًا ما شاء الله كنت أتمنى أن أرى واحده منذ زمن , وجيتي وجبتيها معك
جميلة جدا كفكرة و بساطة الأسلوب .. أعجبتي جدا ما شاء الله ..
كانت لدي بعض الملاحظات لكن أجد أنك تخطيتيها في الأجزاء الأخيرة<~ سلمتي من خثردتي
بالتوفيق أخيتي .. تمنياتي لكِ بالنجاح دنيا وأخرة
والسلام خير ختاموعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سبحان الله .. كما يقولون..( القلوب عند بعضها) (؛ وجزاك الله خيرا لمرورك وردك .. رغم أنني أود معرفة ما كنتِ تريدين قوله على الأجزاء السابقة(؛
ولا تقلقي.. كلما طال الكلام في الرد.. زادت متعتي في القراءة، وحماستي للكتابة.. علاقة طردية(:
لا تترددي بأية ملاحظة و لك مني كل التقدير والاحترام
ويشرفني مرورك دائما ، في أمان اللهوصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
28-06-2013, 04:42#49الجزء الحادي عشر..
صعدت سوسن الدرج بسرعة وهي تأمل أن لا تكون قد تأخرت كثيرا خاصة وأنها تنوي إضافة بعض اللمسات الأخيرة على لوحتها، أمسكت حافة الدرابزين بيدها وأخذت تقفز على الدرجات على غير عادتها فاصطدمت دون أن تشعر بشاب لم تنتبه لوقوفه أمامها وقد بدا مترددا في متابعة الصعود، فأسرعت تعتذر منه وهي تتشبث بدرابزين الدرج خشية السقوط، غير أن الشاب الذي التفت إليها وقف يحدق فيها لوهلة بانبهار قبل أن يستدرك قائلا:
- اوه.. لا بأس.. أعتذر أنا أيضا عن وقوفي هكذا..
قال كلماته تلك ونظراته لا تزال معلقة بها مما أشعرها بالحرج فانحنت جانبا لتتابع صعودها نحو المعهد، غير أنه استوقفها قائلا:
- عذرا يا آنسة.. أليست هذه بناية معهد الفنون الراقي؟
فأومأت سوسن برأسها ايجابا وهي تلتفت إليه:
- أجل، وهو في الطابق الثاني..
فابتسم الشاب:
- إذن أنت متجهة إليه ، هل أنت من فتيات المعهد؟
ولما ردت عليه سوسن بالإيجاب، مد الشاب يده ليصافحها بنشوة لا مبرر لها:
- لقد سررت بلقائك يا آنسة،.. لاشك أنك إحدى الموهوبات في هذا المعهد.. اسمي سامر مبعوث لجنة التقييم الفنية، وقد جئت للتأكد من صحة العنوان قبل وصول البقية.. فقد يتأخروا عن الموعد المقرر قليلا.. حسنا لا بد أنك مستعجلة سأراك لاحقا...
لم تجد سوسن بدا من مجاملته بابتسامة ودودة وهي تمد يدها لمصافحته، رغم أن حدسها نبأها بأن هذا الحديث كله كان مفتعلا إذ لم يكن من داع له! و لا تدري لِمِ تمنت من أعماق قلبها لو يراهما أيهم في هذا الموقف.. ترى.. ماذا ستكون ردة فعله!!!
فوجئت سوسن بالتغييرات الكثيرة التي أعدتها ناديا لاستقبال الضيوف..فوجدت صعوبة في إقناعها بضرورة استرجاع لوحتها الأخيرة من فوق ركيزة العرض لتضيف عليها بعض اللمسات بسرعة، فيما لم تجد ناديا ضرورة لذلك معلقة:
- إنها جيدة.. أضيفي توقيعك عليها وحسب..
غير أنها استسلمت لإلحاح سوسن عليها متمتمة:
- يبدو أن علي أن أكون ممتنة لحضورها على الأقل!
والتفتت نحو إحدى الفتيات:
- ألم ترد عليك سورا بعد!
فردت بارتباك:
- كلا فهاتفها مغلق!!
عضت ناديا على شفتها بغيظ:
- يا لهؤلاء الفتيات المستهترات!!
كان المعهد في حالة استنفار تام، فقد وقفت المرشحات للمشاركة في المعرض العالمي أمام لوَحهن باستعداد لإجابة أي سؤال أو إضافة توضيح، و تقاسمت الأخريات اداء المهمات الاخرى من استقبال وترحيب وتعريف بالمعهد و ما إلى ذلك.. ومع آخر لمسةٍ من ريشة سوسن، أُعلن نبأ وصول الضيوف فرافقت الآنسة ناديا اللجنة المكونة من فنانين وخبراء ونقاد من كلا الجنسين، فيما أسرعت سوسن بوضع لوحتها على ركيزة العرض الخاصة بها واقفة أمام لوحاتها باستعداد وحماسة.. لقد حانت اللحظة الحاسمة أخيرا ..
ولم يطل الأمر كثيرا على سوسن إذ سرعان ما تحلق حولها ثلاثة من الفنانين لتفاجأ بأن ذلك الشاب الذي قابلته على الدرج كان أحدهم بل وبدا أكثرهم مكانة في عالم الفن، فشعرت ببعض الحرج خاصة وأنه أغدق عليها أكيالا من المدح أطرى فيها الجمال في لوحاتها الحالمة، كان وسيما جدا و ذو شخصية مرموقة بدت واضحة من خلال تعامل بقية أعضاء اللجنة معه مما دل على مكانته بينهم، ولم تنتبه سوسن في البداية لتلك النظرات الحانقة التي أثارها اهتمام سامر بها، إلا أن تهامس الفتيات و تغامزهن فيما بينهن أصبح واضحا لها مع انصباب اهتمام معظم أعضاء اللجنة عليها وقد بدوا متلهفين لفتح حديث معها سواء كان له علاقة بمواضيع اللوحات أم لا ..حتى أن سوسن شكّت في أمرها.. أهو انبهارٌ وإعجابٌ يشهد بحرفية رسمها وروعة لوحاتها، أم بشيء آخر! غير أنها حاولت تجاهل ذلك كله لتركز انتباهها مع أسئلة اللجنة، وفيما أخذ أحد النقّاد يثني على براعتها في رسم الصور الشخصية والوجوه، فاجأها سامر بسؤاله وهو يحدق في لوحة رسمت فيها أيهم:
- هذه صورة للنجم المشهور أيهم على ما أعتقد.. هل أنت من معجبيه؟؟
فاحمرت وجنتا سوسن ودق قلبها كعادته حين يُذكر أيهم، قبل أن تقول بلهجة تحمل في طياتها الكثير من الفخر والسعادة:
- أجل إنه أيهم.. خطيبي..
لم يخف على سوسن ملاحظة الضيق الذي ارتسم على وجه سامر، فأدار وجهه متحاشيا النظر إليها وهو يردد بصوت أقرب للهمس:
- إنه محظوظ بلا شك!!
لم تفهم سوسن سر تجهم وجهه وتصرفه الغريب ذاك، غير أنه لم يدعها لحيرتها تلك إذ سرعان ما تدارك نفسه، وابتسم قائلا:
- أنت فنانة بارعة يا سوسن.. يشرفني تعرفي إليك..
ثم تبادل بضع كلمات مع بقية الأعضاء بعد أن انهوا جولتهم في المعهد، لتكون الصدمة القاصمة للفتيات عندما أعلن سامر باسم المجموعة أن المعرض العالمي لن يتسع لغير مشارِكة واحدة وقد فازت سوسن به، فاتحا المجال أمام الألسن لتلوكها بشدة وقد أثار حنقهن، فوجدنها فرصة للاشارة إلى علاقات وهمية وقصص لا أول لها ولا آخر من النوع الذي يأنف الحر من مجرد التفكير فيه!! مما أحال هذه اللحظة، التي يفترض أن تكون من أسعد اللحظات التي انتظرتها سوسن بفارغ الصبر ، إلى خيبة أمل كبيرة لم تتوقعها من ردود أفعال زميلاتها وهمس عباراتهن القاسية تلسع قلبها الرقيق كسياط عقرب سام، خاصة ممن كنّ يؤملن بشدة المشاركة في المعرض العالمي مثلها، فرددت إحداهن بحسرة:
- وما ذنبي إن لم أكن بجمالها؟ أن تكوني جميلة يعني أن تسهل أمورك كلها في هذه الحياة!!
و علقت أخرى:
- ألم تلاحظي كيف كان ينظر إليها!! أتراه كان على علاقة سابقة بها!!
فتجيبها زميلتها:
- ربما .. من يدري!!
و أضافت ثالثة:
- يا لأيهم المسكين.. كم أشفق عليه! لو يأتي الآن لعرف حقيقتها!!
وقالت رابعة بتذمر:
- هذا ليس عدلا.. على اللجنة أن تكون محايدة!!
و رغم أن سوسن لم تركز في كلامهن الجارح الذي حاولت تجاهله؛ إلا أن الدنيا دارت بها.. ألا أستحق المشاركة في المعرض العالمي حقا!!.. ألم يكن اختياري عادلا!!.. بل أين العدل في كلامهن!!.. لِمَ لا يأخذن بعين الاعتبار الجهد الذي ابذله في اتقان لوحاتي! حتى الانسة ناديا تشهد بذلك!.. آه.. ليتك يا نور هنا.. لأخبرتِني بالحقيقـة على الأقل..
ولم تكد سوسن تستغرق في أفكارها تلك حتى انتبهت على صوت سيدة - من عضوات اللجنة- هتفت فجأة وهي تشير إلى إحدى الزوايا:
- ما هذه اللوحات؟؟
فقالت ناديا بفخر وهي تتجه نحوها:
- إنها إحدى انجازات معهدنا..
فسألتها السيدة بلهفة فيما أسرع البقية لرؤية اللوحات:
- وأين هي صاحبة الرسم؟؟
فأجابتها ناديا بضيق:
- لقد حدثت معها ظروف منعتها من الاستمرار معنا..
غير أن السيدة قالت بنبرة شك:
- تقصدين أنها تركت المعهد!!
فردت ناديا بغيظ:
- لقد حصلت معها ظروف خارج عن ارادتها كما ذكرت، لذا لم تستطع الاستمرار معنا..
هزت السيدة رأسها بتفهم، والتفتت لبقية الأعضاء:
- ما رأيكم؟؟
فأجابها أكبر الخبراء سنا:
- حسب تقديري المبدئي.. لوحات كهذه كفيلة بإنجاح أكبر المعارض العالمية على الاطلاق!
وسأل كبير النقاد ناديا:
- ما هي طبيعة شخصية الفتاة بعد إذنك؟
احتارت ناديا في العثور على الجواب المناسب:
- ماذا تقصد؟؟
فقال موضحا طبيعة سؤاله:
- أقصد أنها لابد وأن تكون ذات شخصية مميزة و غير عادية.. اللوحات تحمل معنى عميقا جدا.. بل و عميق للغاية! .. هل هي.. تحمل أفكارا معينة؟ .. متديّنة مثلا!
فتساءلت السيدة قبل أن يسمع الناقد إجابةً لسؤاله:
- هل تمانعين ببيع هذه اللوحات يا آنسة؟
فأجابتها نادية بصرامة لا تراجع فيها- وهي تدرك أهمية لوحاتٍ كهذه لمعهدها:
- إنها ليست للبيع!
فقالت سيدة أخرى أكثر حنكة:
- ولكن بالتأكيد لن تمانعي إن ما شاركت هذه اللوحات في المعرض العالمي بنسبتها لمعهدكم، أليس كذلك؟
فتهلل وجه ناديا بالموافقة:
- إذا اقتصر الأمر على المشاركة وحسب فلا مانع لدي!
عندها التفتت السيدة نحو سامر الذي وقف يعاين اللوحات بانبهار تام، قائلة:
- ما رأيك يا أستاذ سامر؟ إنها من الفن السريالي.. اختصاصك..
وبفضول شديد حاولت سوسن سماع رأيه، وقد أثار اهتمامها ذكر لوحات نور، غير أنها ما أن وقعت عينيها على إحدى اللوحات؛ حتى شعرت بتعرقٍ صاحبه خفقان شديد في قلبها أذهلها عما حولها وكأنه لم يعد في المكان غيرها مع تلك اللوحة التي شعرت بانصهار تام معها..
شجيرة ورد متشابكة الأوراق توسطت اللوحة، برزت في الجانب الأيسر منها - حيث الخلفية السوداء الضبابية- وردة جورية حمراء بدت كمن تستغيث وقد التوى عنقها من تجاذب الأيادى حولها.. أيادٍ كثيرةٍ مختلفة الأحجام والألوان امتدت من وسط الظلام الذي يلف الوردة تحاول جذبها نحوها في صراع مرير، فتناثرت بتلاتها الحمراء بشكل قطرات دم قانية في حالة يرثى لها.. وهناك في الجانب الأيمن حيث النور.. بقعة مضيئة في جانب الشجرة أظهرت بصعوبة وردة حمراء أخرى من بين أوراقٍ أحاطت بها و تدلّت من فوقها بعناية لتخفيها عن الأنظار، وقد ارتسمت عليها بخيالٍ بارعٍ ابتسامة رضا موهومة جسّدت الحياة فيها حتى بدت لناظرها حورية تختبئ في محرابها!
يا إلهي ما هذا، كيف لم انتبه لوجودها من قبل!! نور.. ما الذي تفعلينه بلوحاتك!! أكنت تعلمين بمعاناتي!! أرأيتِ كوابيسي..! ظلام وأيادي تلاحقني.. ما هذا يا إلهـــ...
غير أن صوت سامر أخرجها من دوامة أفكارها:
- ألم تري هذه اللوحة من قبل!!
فهزت رأسها نفيا ببعض الارتباك إذ يبدو أن انفعالاتها فضحتها أكثر مما ينبغي، وبتردد سألها سامر متابعا:
- أكانت صاحبة اللوحة صديقتك!
فأومأت سوسن برأسها إيجابا:
- أجل..
هم سامر بقول شيء تراجع عنه بسرعة، والتقت عيناهما لوهلة أطرق سامر برأسه إثرها وابتعد عن المكان، ملتفتا إلى بقية أعضاء اللجنة:
- أظن أن مهمتنا قد انتهت تقريبا، سأسبقكم إلى الخارج..
بدا خروجه دون أي كلمة أخرى غريبا نوعا ما غير أن كبير الخبراء قال مبررا موقفه:
- الفنان لا يفهمه إلا فنان مثله..لا شك أن اللوحات أثرت به.. إنه مرهف الاحساس جدا....
و بتر عبارة كان يريد اضافتها، مكتفيا بشكر الآنسة ناديا باسم لجنة التقييم الفنية، مؤكدا عليها:
- سنرسل فريق عمّالنا لاصطحاب اللوحات في صباح الغد، أرجو أن يتم تجهيزها ولفها جيدا لسلامة النقل..
فأضافت السيدة:
- و لا تنسي تلك اللوحات رجاءً..
وصافح أعضاء اللجنة الآنسة ناديا وسوسن وهم يتمنون لها حظا طيبا بعد أن حصلت على بطاقة المشاركة في المعرض العالمي والتي وُقّعت باسمها من قِبَل كبير الخبراء.. 28-06-2013, 09:42#50البراءة التي تكتنز في نفس سوسن تربكني ....طيبتها تلهمني وتعجبني ...فحتى الكلمات اللاذعة التي سمعتها من طرف زميلاتها ..احزنتها .وكيف لا ..وهي الفتاة الطفلة ذات الروح الطاهرة
سامر شخصية جديدة بدت بالظهور اتوقع ان له دورا كبيرا في الرواية ..لقائه بسوسن كان جميلا وغير متوقع ...اعجابه بها وكذلك برسمها ولوحاتها ....وردة الفعل التي ابداها لما راى لوحات نور ورؤيته لردة فعل سوسن ...كانت محيرة فعلا ...لماذا سالها ان كانت صديقة نور ...هل يا ترى له علاقة بنور ؟؟؟؟؟؟...
ايهم في هذا البارت مختفي ...فيا ترى هل ستدب الغيرة قلبه لما يرى التعامل بين سوسن وسامر
سوسن فعلا تستحق ان تعرص لوحاتها في المعرض العالمي ....فصفاء روحها وصدق نواياها يضفي الى لوحاتها ملمسا سحريا مميزا اظافة الى موهبتها الفنية ..هو شي تفتقراليها زميلاتها ..ولا يحق لهن التذمر بعد سامعهن نتيجة قرار اللجنة واختيارهن لسوسن ...ويتهمنها باشياء هي اقرب ما تكون للمستحيل ...او هي المستحيل بعينهباااااااااااارت رائع يسلمووووووووووو
28-06-2013, 11:12#51وضعتِ البارت وأنا لم أفك حجزي بعد
اذاً حجز مرة أخرى وسيكون لي عودة لفكهما معاً بإذن الله 01-07-2013, 05:34#52البراءة التي تكتنز في نفس سوسن تربكني ....طيبتها تلهمني وتعجبني ...فحتى الكلمات اللاذعة التي سمعتها من طرف زميلاتها ..احزنتها .وكيف لا ..وهي الفتاة الطفلة ذات الروح الطاهرة
سامر شخصية جديدة بدت بالظهور اتوقع ان له دورا كبيرا في الرواية ..لقائه بسوسن كان جميلا وغير متوقع ...اعجابه بها وكذلك برسمها ولوحاتها ....وردة الفعل التي ابداها لما راى لوحات نور ورؤيته لردة فعل سوسن ...كانت محيرة فعلا ...لماذا سالها ان كانت صديقة نور ...هل يا ترى له علاقة بنور ؟؟؟؟؟؟...
ايهم في هذا البارت مختفي ...فيا ترى هل ستدب الغيرة قلبه لما يرى التعامل بين سوسن وسامر
سوسن فعلا تستحق ان تعرص لوحاتها في المعرض العالمي ....فصفاء روحها وصدق نواياها يضفي الى لوحاتها ملمسا سحريا مميزا اظافة الى موهبتها الفنية ..هو شي تفتقراليها زميلاتها ..ولا يحق لهن التذمر بعد سامعهن نتيجة قرار اللجنة واختيارهن لسوسن ...ويتهمنها باشياء هي اقرب ما تكون للمستحيل ...او هي المستحيل بعينهباااااااااااارت رائع يسلمووووووووووو
عزيزتي أمواج السراب.. أحتار فعلا في التعبير عن امتناني الشديد لتفاعلك الجميل مثلك.. فجزاك الله خيرا(:
وصفك لسوسن جميل جدا ما شاء الله.. كأنك تعرفينها حق المعرفة(؛
حسنا قد لا يجيب الجزء القادم عن جميع تساؤلاتك.. ولكن أرجو أن تستمتعي به وتتحفيني برأيك كالعادة..
مرة أخرى شكرا لك.. لن أطيل عليك فالجزء الجديد قادم إن شاء الله
في امان الله عزيزتي
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم 01-07-2013, 05:37#53يبدو أنك تأخرت مرة أخرى!! ): حسنا لعله خير.. لا تتعبي نفسك بفك جميع الحجوزات.. يكفي أن تجمعيها كلها برد واحد فهذا أسهل عليك ، وأرجو أن أراه قريبا عزيزتي(:
سامحيني لأنني لم انتظرك.. وأرجو أن لا تتأخري علينا كثيرا(:حفظك الله من كل سوء
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 01-07-2013, 05:49#54الجزء الثاني عشر..
كان فكر سوسن مشغولا وهي تقوم بالاشراف على تغليف لوحاتها من قبل عاملات المعهد.. ترى.. ما الذي رآه سامر في تلك اللوحات و أثاره بذلك الشكل!!
غير أنها جفلت فجأة ليدين تطوقان خصرها، لتشعر بعدها بقبلة على خدها قبل أن ترى أيهم- الذي أدارها قبالته- ينظر إليها بحب وهو يحتضنها بين ذراعيه مقربا وجهه من وجهها:
- سعيد برؤيتك سالمة يا حبيبتي.. كيف كان يومك؟
خفق قلب سوسن كمن يقع في الحب لأول مرة، وقد أنستها حركته تلك أي شيء آخر سواه، فاحمرت وجنتيها لتثيرا تعجب عقلها.. إلى متى يا سوسن ستظلين مرتبكة أمامه هكذا!! وبلطف شديد حررت نفسها منه قائلة بعتب ودود:
- متى ستكف عن هذه الحركات يا أيهم!
فانحنى أيهم قبالتها راكعا على إحدى ركبتيه وتناول يدها ليطبع قبلة عليها، على طريقة فرسان القرون الوسطى:
- أرجو أن تعذريني يا أميرة قلبي ومالكته، وتقبلي مني هديتي اللتي ما وُجدت إلا لأجلك..
وناولها صندوقا بغلاف الورد الأحمر وقد فاح من بين طياته عبير الجوري:
- إنها اسطوانتي االلتي تحوي مقطوعتي الجديدة التي أسميتها باسمك .. يا أروع حسناء على وجه الأرض..
لم تجد سوسن الكلمات المناسبة التي يمكنها التفوه بها في مثل هذا المقام؛ وقد احمرت وجنتيها حتى بدتا كوردتين جوريتين احتقنتا دما:
- لا أعرف ماذا أقول يا أيهم.. أنت تحرجني..
فنهض أيهم باسما:
- لا تقولي شيئا يا حبيبتي.. تكفيني ابتسامتك العذبة..
واستطرد متسائلا بعد أن انتبه أخيرا للعاملات اللاتي لم يمنعهن انشغالهن في تغليف اللوحات، من اختلاس النظر للحبيبين:
- أليست هذه لوحاتك يا سوسن؟
فأومأت برأسها بابتسامة رقيقة:
- أجل.. لقد اختارتني لجنة التقييم الفنية للمشاركة في المعرض العالمي..
فتهلل وجهه طربا ولم يقاوم حملها من وسطها ليدور بها بفرح وهو يهتف بسعادة:
- لقد فعلتِها أخيرا يا سوسن.. ستحققين حلمك يا عزيزتي.. أنت تستحقين ذلك يا حبيبتي.. كم أنا فخور بك يا زهرة فؤادي...
و كالعادة لم تجد سوسن مفرا من الاستسلام له بعد أن لم تعد ترى سواه في ذلك المكان، وبحماسة متقدة قال أيهم:
- هيا سأوصلك بنفسي لمنزلك هذا اليوم، بعد أن نحتفل معا بهذا الانجاز العظيم..
فنظرت إليه سوسن بتساؤل:
- ألم تقل بأن لديك اجتماعات مهمة في مثل هذا الوقت؟؟
فغمزها بعينه:
- كل المواعيد تؤجل من أجلك يا أميرتي، فلن أفوت فرصة كهذه معك.. وستكونين أول من يستمع إلى معزوفتي وأنا قربك..
وفي إحدى المطاعم الفاخرة التي لا يرتادها سوى الأثرياء ذووا الدخل العالي والمكانة المرموقة في المجتمع، جلست سوسن قبالة أيهم، الذي أخذ يتغنى بحسنها على ألحان معزوفته قرب نافورة ماء فضية، تحيط بهما نباتات الزينة الخضراء والوردود الحمراء لتضيف ايحاء حالما بأنهما في جنة النعيم!!!..غير أنه لا نعيم دائم في الدنيا، فلم يشعرا بمرور الوقت عليهما حتى انتبهت سوسن لصوت جدال محتد بين اثنتين كاد أن يصل بهما إلى الشجار، ففزعت لذلك ونهضت من مكانها بقلق:
- ماذا هناك!!
غير أن أيهم طمأنها وهو يمسك بيدها مهدئا:
- الفتيات هكذا دائما.. يختلقن المشكلات من دون سبب..
وأطلق ضحكة خافتة:
- اطمئني يا عزيزتي، قد يكون مجرد شجار حول شاب أحبّتاه كلتاهما.. هذا يحصل عادة..
لم يتوقع أيهم حجم التأثير الذي ستتركه كلماته تلك على سوسن، وهي تشعر بمرارة عميقة وقد تعاطفت معهما ورثت لحالهما، خلافا لردة فعله وابتسامته الهازئة.. واسودت الدنيا في عينيها مع ذكرى تلك الحفلة.. ما الذي تعرفه يا أيهم عن الحب!! كان من الممكن أن أكون مكانهما..!! يا إلهي.. ما هذه الحياة..!! أهكذا يفعل الحب بأصحابه!!!
وتهاوت على مقعدها بإعياء مفاجئ حتى أن أيهم نهض من مكانه نحوها بوجل:
- سوسن!! ماذا حدث!! هل أنت بخير؟؟
وبصعوبة أجابته وهي مطرقة برأسها:
- أشعر بالدوار قليلا.. دعنا نخرج من هنا..
غير أن كبير المشرفين على المطعم كان قد أقبل نحوهما بنفسه معتذرا، خشية أن تؤثر تلك الحادثة على سمعة المطعم فيخسر أهم زبائنه:
- أرجو المعذرة سيدي، وأتمنى أن لا يكون ما حدث قد عكر صفوّكما.. لقد تم تهدئة الوضع.. أنت تعلم رواد مطعمنا .. إنهم من الطبقة الراقية ومع ذلك لا أحد يتوقع ما يمكن أن يحدث.. أرجو أن لا تنزعجا بما حدث...
فابتسم له أيهم وقد تشبّع من سيل الاعتذارات المتلاحقة من فمه:
- لا بأس ، لم يكن خطؤكم على أية حال..
فبادله المشرف الابتسام كمن انزاح عبء ثقيل عن كاهله:
- فتاتان تقتتلان من أجل رجل!! أو رجلان من أجل امرأة.. أنت تعرف.. يحدث هذا أحيانا بين الشباب..
علت ابتسامة استخفاف شفتي أيهم وهو يؤكد كلامه:
- أجل .. توقعت هذا..
فتابع المشرف كلامه بامتنان كبير:
- يسعدني تفهمك هذا يا سيدي، لا أعرف كيف أشكرك.. فيكفينا فخرا أن يحوز مطعمنا شرف افتتاح اسطوانتكم الجديدة..
فأجابه أيهم وهو يرمق سوسن بنظرات حب:
- هذا من أجلها ..
فابتسم المشرف وهو يهز رأسه موافقا:
- أجل إنها تستحق ذلك منك بلا شك.. وشرف لنا أن تختار مطعمنا لهذه المناسبة السعيدة..
أما سوسن التي شعرت بدوامة جديدة تكتسحها؛ رثت فيها نفسها وجميع المحبين، فقد كانت بمعزل عن سماع ذلك كله..
ولم يخف على أيهم ملاحظة ذلك منها، فما أن انصرف المشرف حتى أسرع يمسك يديها بحنان:
- سوسن.. لا تزعجي نفسك أرجوك.. أنت رقيقة جدا ولكن حاولي أن لا تجعلي ذلك يفسد فرحتنا معا..
فارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها وهي تحاول النهوض بوهن:
- أعذرني يا أيهم ولكنني أرغب بالعودة إلى المنزل.. لقد قضينا وقتا طويلا هنا على أية حال..شكرا لك..
فهز أيهم رأسه مستسلما:
- إذا كانت هذه رغبتك فلا مانع لدي..
وسار معها بصمت وهما يشبكان بين أيديهما، قبل أن تقف سوسن لتسأله فجأة:
- أيهم.. هل يمكن للرجل المرموق أن يخرج عن طوره إن رأى من ينافسه في حبيبته!
ابتسم أيهم وقد أدرك مغزى سؤالها، فأجابها بنبرة رقيقة:
- ربما من أجلك فقط.. لفعلت أكثر من ذلك يا حُبّي الأوحد...
ورغم ارتعاش جسدها لسماع ذلك منه برجفة تخفي في طياتها نوعا من السعادة، إلا أن ما كانت تراه منه اشعرها بشيء من عدم الثقة في كلامه، وتذكرت حديثها معه ذلك اليوم.. هل يختلف ذاك عن هذا!! ألم يُعدّ وقتها ذلك تعقيدا..!! ووقفت مع نفسها هنيهة.. لو افترضت حدوث ذلك حقا.. هل ستكون سعيدة بنشوب شجار بسببها!! كلا..ليس هذا ما تريده أبدا.. بل شيء لم تحسن التعبير عنه!! وتمنت لو كان بامكانها مكاشفته بمكنونات صدرها بصراحة، غير أنها عدلت عن ذلك بسؤال آخر :
- ولماذا يحدث ذلك؟؟ أليس بإمكاننا تلافي مشكلات كهذه يا أيهم!!
فنظر إليها بشك:
- ما الذي تقصدينه يا سوسن!!
فلمعت عيناها بنظرات استجداء:
- ألا تفهمني يا أيهم!!
فأطرق برأسه دون أن ينبس ببنت شفة؛ قبل أن يستأنفا سيرهما نحو السيارة بصمت..
وفي تلك الاثناء مرت من قربها اثنتين تثرثران بصوت مرتفع وهما تنهشان لحم أخرى:
- أرأيت كيف تتظاهر بأنها غاضبة من نظرات الرجال لها!!
- تظن أننا صدقناها.. يا للسخف.. لو كانت كذلك لما أظهرت مفاتنها للجميع!!
- كما قلتِ.. تسعى للفت الانظار ومن ثم تتذمر من نظراتهم لها.. صنف مقزز!!
- لكم أكره المدّعيات المتحذلقات أمثالها..يستمتعن بإثارة المتاعب حولهن..
- ........
لم تعد قدما سوسن تقويان على حملها.. وقد شعرت بأن سهاما نارية قد وُجّهت إلى صدرها ببراعة؛ وكأنها المقصودة بكلامهما.. يا إلهي ما هذا الكلام.. بل ما هذا التفكير القاسي..!! أيوجد هناك من يستمتع بإثارة المتاعب حوله!!! كيف تسمحان لنفسيهما بالحديث هكذا عن الاخرين!! قد تكون تلك فتاة طيبة وبريئة من اتهاماتهما اللاذعة..! وشعرت بتعاطف كبير مع تلك الفتاة وقد رأت فيها صورتها، حتى همّت بالتدخل في حديثهما لكي تنفي التهمة عنها، غير أنها لامت نفسها على تفكيرها ذاك.. فما شأنها بهم...! ثم ما أدراها هي بالفتاة أو المرأة اللتان تتحدثان عنها!! غير أن ضميرها لم يسوغ فكرة الكلام عنها بهذا الشكل مهما تكن..فلماذا لا ينصحانها بدلا من طعنها بالخلف هكذا.. قد لا تكون منتبهة لذلك ليس أكثر..!
حدث ذلك كله في بضع دقائق فقط كانت السيدتان خلالها قد ابتعدتا عن سوسن التي صعدت إلى المقعد الأمامي للسيارة إلى جانب أيهم.. والذي رمقها بنظرات فاحصة قبل أن يقول وهو يقوم بتشغيل السيارة:
- عليك أن تكوني أكثر شجاعة يا حبيبتي وأكثر قوة.. هكذا هي الحياة..
لم ترد عليه سوسن بشيء، واكتفت بالتحديق من زجاج النافذة بصمت.. إذا كانت هذه هي الحياة كما يقول.. فلماذا نعيش من أجلها!! هل كتب علينا أن نتجرع العذاب في كل شيء فيها!! أيعقل أن الحياة بطبعها تحب الإيذاء إلى هذا الحد!!! غير أن أيهم لم يكن ليتركها لأفكارها تلك كثيرا، فأوقف سيارته فجأة وركنها على جانب الطرق ملتفتا إليها:
- سوسن.. يحق لي أن أطلب منك طلبا، أليس كذلك!
بوغتت سوسن بسؤاله ذاك خاصة وقد أوقف السيارة على حين غرة، فسألته باستغراب:
- ماذا هناك!!
فقال لها بنبرة حالمة:
- بصفتي خطيبك.. يحق لي أن أطلب منك.. قبلة!! أريد واحدة منك الآن..
كانت جملته تلك كفيلة بتسريع نبضات قلبها إلى رقم قياسي مع تصعيد الدم إلى وجنتيها حتى كاد أن يتفجر منهما أنهارا، انها تخجل من ذلك وهما وحدهما؛ فكيف في الشارع العام! وهمست بخفوت وهي تنكمش في الزاوية البعيدة من مقعدها:
- الآن...!!!!
لم يقاوم أيهم نفسه من اطلاق ضحكة مرحة لمظهرها ذاك:
- إن لم تعدّلي مزاجك حالا سأضطر لأخذها منك بالقوة .. والآن..
فابتسمت سوسن وهي تضع يدها على قلبها في محاولة لتهدئته:
- حسنا غلبتني.. لقد تبت..
فضحك أيهم وهو ينطلق بالسيارة من جديد:
- هذا أفضل.. رغم أنني لن أتنازل عن حقي مرة أخرى..
قالها وهو يشغل اسطوانته الجديدة ليعيش مع سوسن أجمل لحظات الحب، والتي كانت كفيلة بتنسيتها جميع ما حدث في هذا اليوم.. حتى لوحة شجيرة الورد التي كانت تتوق لسؤال نور عنها، لم تذكرها إلا وهي على فراشها قبل أن تنام كعادتها!.. ما الذي عنته نور بها يا ترى!!.. وأمسكت هاتفها بتردد.. ليس من اللائق أن أحادثها في هذا الوقت المتأخر.. سأسألها عنها صباح الغد..
غير أنها لم تستطع مقاومة فضولها أكثر فاتصلت بها وبعد فترة وجيزة قطعت الاتصال؛ لتكتب لها رسالة:
- " أعتذر عن إزعاجك عزيزتي في مثل هذا الوقت، كيف حال أمك؟ أرجو أنها بخير، لقد جاءت لجنة التقييم الفنية هذا اليوم وقد بهروا بلوحاتك حتى أنهم طلبوها لتُعرض في المعرض العالمي..هل تصدقي أنني لم انتبه للوحة شجيرة الورد إلا حينها! لقد كانت مذهلة للغاية ورسم الأيادي فيها والوردتين متقن جدا حتى شعرت بأنها حقيقية، لكن ما الذي تعنينه بها؟ أهي من إيحاء آية قرآنية أخرى؟؟"
لم يغمض لسوسن جفن تلك الليلة وهي تسترجع الأحداث التي مرت بها، وبدأت نفسها تحدثها..وقد استيقظ عقلها بعد أن زال خدر الحب عنه قليلا.. أيعقل أن يكون ذلك كله من قبيل المصادفة وحسب!!
تعطل السيارة في الصباح والتجمع حولها.. التقاؤها بسامر على الدرج وتصرفاته الغريبة تلك.. وقبل ذلك الشاب الذي لم تعجبها نظراته في الحفلة.. شجيرة الورد.. شجار المطعم.. وأخيرا.. حديث السيدتين...أهذه مصادفة!! أتراها تحمل إشارة معينة..!! رسالة ما...!!
في تلك اللحظة سمعت نغمة استلام هاتفها لرسالة نصية، ففتحتها بلهفة لتقرأ:
- " جزاك الله خيرا على بشارتك عزيزتي، أعتذر منك فإنني مشغولة مع أبي الآن والحمد لله تحسنت أمي كثيرا بفضل الله، سأتصل بك في أقرب فرصة إن شاء الله، الأحزاب 59" 01-07-2013, 18:00#55قممممممممممة في الروعة
اهلا العودة الجميلة لايهم ...تصرفاته في هدا ابارت نالت تقديري له واعجابي كذلك ...انه حقا يحب سوسن لا بل يعشقها بجنون ...او اقول من ذا الذي يلتقي بفتاة مثل سوسن ولا يحبها ...جمال ...اخلاق ..طيبة ..حنان ..كل شي تجمعه يجذب اليها الناس ...ولا الوم ايهم ..ان كنت انا فتاه وقد احببتها فما بالك به وهو خطيبها ودائما معها
اشعر ان ايهم هو الشخص الوحيد الذي يمكن لسوسن ان تستند عليه في حياتها ...فهو يفهمها حتى وان لم يضهر لها ذلك ...يحبها ...يخاف عليها يحميها يثق بها ...اعلم جيدا اني كنت مستاءة منه قبلا لانني كت اظنه لا يبالي بمشاعرها ...كما حدث في الحفلة الفتاة التي قبلته وتلك اللعقربة سورا ...كلها اغظبتني منه .....لكن الان فهمت ....انه لا يغار من الشباب الملتفين حول سوسن لان هذه طبيعة الحياة التي يعيشها هذا من ناحية ...ومن ناحية اخرى ..هو يثق في سوسن ويتوقع منها ان تبادله الثقة ...ولذلك لا يغار من الذين حولها لانه يعلم مقدار حبه لها ..ومقدار حبها له ....
لكن سوسن مرهفة الاحساس وبطبيعتها الطيبة والمحبة لايهم بجنون ...ترى ان في غيرة خطيبها عليها ..اثبات لحبه ...لكنني ادرك الان انهها هي بسبب توترها وتشوش افكارها لم تعتد تستطيع التركيز ...بالرغم ان البيان واضح من تصرفات ايهم لها من تصرفاته نحوها ..وهو الحب الكبير
سوسن يا لها من فتاة مرهفة الاحاسيس فمجرد شجار عادي واحاديث احدثت فعلها في كيانها ....ولا الومها على دلك فالكلام الدي سمعته وان لم يكن يعنيها فانه يؤلم ...صدقا مؤلم ان ترى الحقد والغل والشر في نفوس البشر ...لماذا على الانسان ان يعاني منها ويعيشها ...لماذا ملزم عليه ان يتعامل مع اناس لايحملون ضمائر في نفوسهم ....تسلمييييييييييي على البارت الخيالي الرائع والمذهل
دمتي بود 01-07-2013, 21:41#56×.× أعلم ... متأخرة جدًا
إعذريني أخيتيلكن كنت مشغولة جدا بأمور المنزل
<~ مو راضية تخلص
كانت أجزاء مشووووووووووووووقة للغاية أحببتها رغم قِصر أحداثها ..
انطباعاتي عن الشخصيات كثيرة و سأختصرها .. أتمنى ألا أنسى أحدا
سوسن : هذه الفتاة رغم أنثويتها و رقتها لكنها تجهل الكثير و الكثيير ... وفوق هذا البنت خوافة مرررة -_- , و حساسة جدا ... تخاف تفقد أي حبيب و عزيز لها عشان كذا هي بدوامة من التساؤلات المزعجة
بالنسبة لـ أيهم: هذي الشخصية من أول ما طلعت إلى الأن وهي تنرفزني , شخصيته فضيعة جدا و ما فكر بمشاعر سوسن و لا مرة أهم شي يشبع ذاته ... النهم هذا
, كل ما أقرأ اسمه براكيني تثور و دي كذا يجي اليوم اللي تشيله سيارة وتبعدة للأبد
سورا: مثل النفر
اللي فوقها , شخصية نكدية و فضيعة
بالنسبة لسامر: شككت بأمره شعرت بأنه راح يكون شخصية مهمة ولها دور كبير ع حياة سوسن مع أيهم ,, هذا إذا كان شخصية مهمة
و ممكن رياح عابرة لا أكثر
نور: حبيبتي هي , شخصية لطيفة و هادئة و مؤمنة و جميلة بكل مافيها ,, أحببتها كليا
راح يكون لها تأثير كبير ع حياة سوسن راح تتغير جذريا سوسنوه <~ اسم الدلع
,, اشتقت لطلاتها الكثيرة .. أتمنى ما تطول علينا مررة
بالنسبة لوصفك للوحات نور : ما شاء الله تبارك الله لديك خيال واسع , الله يحفظه لك , شكلك تحبين الرسم أو هذا الفن و تقرأين فيه كثير ... جميع لوحات نور الإبداعية تمنيت لو إنها حقيقية عشان أشوفهاوطريقة إلهام نور من القرآن الكريم راااااااااااااائعة جدا ما شاء الله تبارك الرحمن , أنتِ مذهلة ما شاء الله
مممممممممممممممم
طيب .. كان عندك شويات أخطاء إملائية ببعض النصوص و هي في همزة الوصل والقطع .. أظن أن هذه الأخطاء من العجلة في الكتابة , لأنك لو راجعتي النص بهدوء لوجدتها بكل سهولة ...
أتمنى إنك تغيري لون النصاعتبري هذه الملاحظة شخصية .. لا أعلم .. لكن أشعر بأن اللون يعطي إنطباع إكتئابي جدا للقصة و غير جذاب ..
جربي تخلين لونه غامق أكثر مثل الأسود و تفصلين بين كل مقطع وآخر بنجمة صغيرة بلون مخالف مثل الأحمر أو الأزرق الفاتح<~ رأي شخصي لا تهتمين مرة
*
أتمنى إن ردي البسيط يكون أشفى غليلك ولو بالشيء اليسير
... تمنياتي لكِ بالتوفيق أخيتي
02-07-2013, 19:59#57 04-07-2013, 12:21#58السلام عليكم ورحمه الله
يعطيكي ألف عافيه على هذه الروايه الرائعه
ما شاء الله تبارك الله ابدعتي اختي
في إنتظار التكمله
في أمان الله
05-07-2013, 08:40#59قممممممممممة في الروعة
اهلا العودة الجميلة لايهم ...تصرفاته في هدا ابارت نالت تقديري له واعجابي كذلك ...انه حقا يحب سوسن لا بل يعشقها بجنون ...او اقول من ذا الذي يلتقي بفتاة مثل سوسن ولا يحبها ...جمال ...اخلاق ..طيبة ..حنان ..كل شي تجمعه يجذب اليها الناس ...ولا الوم ايهم ..ان كنت انا فتاه وقد احببتها فما بالك به وهو خطيبها ودائما معها
اشعر ان ايهم هو الشخص الوحيد الذي يمكن لسوسن ان تستند عليه في حياتها ...فهو يفهمها حتى وان لم يضهر لها ذلك ...يحبها ...يخاف عليها يحميها يثق بها ...اعلم جيدا اني كنت مستاءة منه قبلا لانني كت اظنه لا يبالي بمشاعرها ...كما حدث في الحفلة الفتاة التي قبلته وتلك اللعقربة سورا ...كلها اغظبتني منه .....لكن الان فهمت ....انه لا يغار من الشباب الملتفين حول سوسن لان هذه طبيعة الحياة التي يعيشها هذا من ناحية ...ومن ناحية اخرى ..هو يثق في سوسن ويتوقع منها ان تبادله الثقة ...ولذلك لا يغار من الذين حولها لانه يعلم مقدار حبه لها ..ومقدار حبها له ....
لكن سوسن مرهفة الاحساس وبطبيعتها الطيبة والمحبة لايهم بجنون ...ترى ان في غيرة خطيبها عليها ..اثبات لحبه ...لكنني ادرك الان انهها هي بسبب توترها وتشوش افكارها لم تعتد تستطيع التركيز ...بالرغم ان البيان واضح من تصرفات ايهم لها من تصرفاته نحوها ..وهو الحب الكبير
سوسن يا لها من فتاة مرهفة الاحاسيس فمجرد شجار عادي واحاديث احدثت فعلها في كيانها ....ولا الومها على دلك فالكلام الدي سمعته وان لم يكن يعنيها فانه يؤلم ...صدقا مؤلم ان ترى الحقد والغل والشر في نفوس البشر ...لماذا على الانسان ان يعاني منها ويعيشها ...لماذا ملزم عليه ان يتعامل مع اناس لايحملون ضمائر في نفوسهم ....تسلمييييييييييي على البارت الخيالي الرائع والمذهل
دمتي بودالحمد لله أن الجزء لاقى استحسانك الشديد بعد أن صفحت عن أيهم(؛.. وأرجو أن لا يقل تفاعلك عن هذا القدر مع الجزء القادم الذي قد يكون مختلفا.. وربما طويلا نوعا ما وأتمنى أن لا يكون مملا...!!
بانتظارك على أحر من الجمر.. وكل عام وانت بخير سلفا(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم 05-07-2013, 08:47#60×.× أعلم ... متأخرة جدًا
إعذريني أخيتيلكن كنت مشغولة جدا بأمور المنزل
<~ مو راضية تخلص
كانت أجزاء مشووووووووووووووقة للغاية أحببتها رغم قِصر أحداثها ..
انطباعاتي عن الشخصيات كثيرة و سأختصرها .. أتمنى ألا أنسى أحدا
سوسن : هذه الفتاة رغم أنثويتها و رقتها لكنها تجهل الكثير و الكثيير ... وفوق هذا البنت خوافة مرررة -_- , و حساسة جدا ... تخاف تفقد أي حبيب و عزيز لها عشان كذا هي بدوامة من التساؤلات المزعجة
بالنسبة لـ أيهم: هذي الشخصية من أول ما طلعت إلى الأن وهي تنرفزني , شخصيته فضيعة جدا و ما فكر بمشاعر سوسن و لا مرة أهم شي يشبع ذاته ... النهم هذا
, كل ما أقرأ اسمه براكيني تثور و دي كذا يجي اليوم اللي تشيله سيارة وتبعدة للأبد
سورا: مثل النفر
اللي فوقها , شخصية نكدية و فضيعة
بالنسبة لسامر: شككت بأمره شعرت بأنه راح يكون شخصية مهمة ولها دور كبير ع حياة سوسن مع أيهم ,, هذا إذا كان شخصية مهمة
و ممكن رياح عابرة لا أكثر
نور: حبيبتي هي , شخصية لطيفة و هادئة و مؤمنة و جميلة بكل مافيها ,, أحببتها كليا
راح يكون لها تأثير كبير ع حياة سوسن راح تتغير جذريا سوسنوه <~ اسم الدلع
,, اشتقت لطلاتها الكثيرة .. أتمنى ما تطول علينا مررة
بالنسبة لوصفك للوحات نور : ما شاء الله تبارك الله لديك خيال واسع , الله يحفظه لك , شكلك تحبين الرسم أو هذا الفن و تقرأين فيه كثير ... جميع لوحات نور الإبداعية تمنيت لو إنها حقيقية عشان أشوفهاوطريقة إلهام نور من القرآن الكريم راااااااااااااائعة جدا ما شاء الله تبارك الرحمن , أنتِ مذهلة ما شاء الله
مممممممممممممممم
طيب .. كان عندك شويات أخطاء إملائية ببعض النصوص و هي في همزة الوصل والقطع .. أظن أن هذه الأخطاء من العجلة في الكتابة , لأنك لو راجعتي النص بهدوء لوجدتها بكل سهولة ...
أتمنى إنك تغيري لون النصاعتبري هذه الملاحظة شخصية .. لا أعلم .. لكن أشعر بأن اللون يعطي إنطباع إكتئابي جدا للقصة و غير جذاب ..
جربي تخلين لونه غامق أكثر مثل الأسود و تفصلين بين كل مقطع وآخر بنجمة صغيرة بلون مخالف مثل الأحمر أو الأزرق الفاتح<~ رأي شخصي لا تهتمين مرة *
أتمنى إن ردي البسيط يكون أشفى غليلك ولو بالشيء اليسير
... تمنياتي لكِ بالتوفيق أخيتي![]()
كما يقولون.. أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل إطلاقا.. أسعدك الله على طلتك البهية عزيزتي.. في الحقيقة كنت عازمة على تحسين النص قدر المستطاع، ولكن شعرت بأنني إن راجعته أكثر فسأصاب بالصداع ولم أشأ تأخير إنزال الجزء مدة طول، خاصة وأن رمضان على الأبواب.. نسأل الله أن يبلغنا إياه والمسلمين بالخير والعافية(: المهم سأحاول أن أقوم ببعض التنسيقات التي لا أحسنها.. فإذا لم تريها.. فاعذريني(؛
بالنسبة لوضع النجوم.. أظنها ستكون ضرورية عند الانتقال من مقطع لآخر.. غير أن الاجزاء التي كنت أضعها لا تتكون إلا من مقطع واحد حسب علمي، إلا فيما ندر.. على كل حال ستجدينها في الجزء الجديد إن شاء الله(:وجزاك الله خيرا لردك الرائع.. رغم أنني تفاجأت قليلا بتحاملك الشديد على أيهم!! لا عليك..(: المهم أتمنى أن أرى طلتك البهية دائما ومعذورة فيما عدا ذلك(؛
في أمان الله عزيزتي
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم« الموضوع السابق | الموضوع التالي »يتبع نسخ الصفحة الرابعة من الارشيف في الرد التالي إن شاء الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصفحة الثالثة من الارشيف:
- المنتدى
- التعليمات
- التقويم
- المنتدى
- تطبيقات عامة
- خيارات سريعة
- الإنضمام الى فريق عمل مكسات
- الدروس
- مواقع مكسات
- مدونة مكسات
- النشاط الأخير
- المنتدى
- المنتديات الأدبية
- منتدى القصص والروايات
- منتدى قصص الأعضاء
- تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
- اذا كانت هذه زيارتك الأولى لنا ننصحك بالدخول الى التعليمات . و للمشاركة في المنتدى يجب عليك الإنضمام الينا و التسجيل من هنا [ التسجيل ] .
المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
-
-
24-06-2013, 08:23#41
الرواية كتير حلوة وطريقة كتابتك لأهلا كتير حلوة كانت
-
...
-
24-06-2013, 12:54#42
حجز ...
-
24-06-2013, 14:24#43
ماشاء الله على هذا البارت ...رائع ....جميل ...مذهل....حماسي ...
اووووه الحمد لله قلبي كان راح يوقف ..اعتقدت انو خلص صدمتها السيارة ...
المسكيييييينة سوسن والله حتى اهي من مصيبة لمصيبة الله يحميها ....تعرفي شو لو انا في مكان ايهم كان خليت كل شي وراي ورحت جري لسوسن ...شو هذا عنجد تصرفاتو ما بتحتمل ...المخلوقة كانت شوي وتودع الحياة ...واهو مشغول باسطواناتو ....ليكون الشغل اهم منها ...الله يهديه بس ...وسوسن المسكينة على نياتها قلبها كبير وطيب ...على طول عاذرتو على تصرفو ....مشكلة لما تكون تحب وتوصل لاعلى درجات الهيام ....نور يا حياتي عليها كلامها زي البلسم ...احس انو هي الدوا والعلاج الي راح يخرج سوسن من دوامتها وانشاء الله صح
تسلميييييييييييي على البارت -
24-06-2013, 14:24#44
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ..
عزمت ليلة الأمس أن أرد على قصتك, و تفاجأت بردك علي في استفساري
الرواية جميلة جدًا ما شاء الله كنت أتمنى أن أرى واحده منذ زمن , وجيتي وجبتيها معك
جميلة جدا كفكرة و بساطة الأسلوب .. أعجبتي جدا ما شاء الله ..
كانت لدي بعض الملاحظات لكن أجد أنك تخطيتيها في الأجزاء الأخيرة<~ سلمتي من خثردتي
بالتوفيق أخيتي .. تمنياتي لكِ بالنجاح دنيا وأخرة
والسلام خير ختام
سبحـــان الله وبحمده ...سبحـــــان الله العظيم
عفوا لا أقبل صداقة الأولاد ..! -
28-06-2013, 04:21#45
-
28-06-2013, 04:22#46
-
28-06-2013, 04:29#47ماشاء الله على هذا البارت ...رائع ....جميل ...مذهل....حماسي ...
اووووه الحمد لله قلبي كان راح يوقف ..اعتقدت انو خلص صدمتها السيارة ...
المسكيييييينة سوسن والله حتى اهي من مصيبة لمصيبة الله يحميها ....تعرفي شو لو انا في مكان ايهم كان خليت كل شي وراي ورحت جري لسوسن ...شو هذا عنجد تصرفاتو ما بتحتمل ...المخلوقة كانت شوي وتودع الحياة ...واهو مشغول باسطواناتو ....ليكون الشغل اهم منها ...الله يهديه بس ...وسوسن المسكينة على نياتها قلبها كبير وطيب ...على طول عاذرتو على تصرفو ....مشكلة لما تكون تحب وتوصل لاعلى درجات الهيام ....نور يا حياتي عليها كلامها زي البلسم ...احس انو هي الدوا والعلاج الي راح يخرج سوسن من دوامتها وانشاء الله صح
تسلميييييييييييي على البارتالله يسعدك أمواج السراب على تفاعلك مع الأحداث والذي يعكس شخصية رقيقة مرهفة ، وبالطبع قد يكون لدى أيهم وجهة نظر أخرى يرى من خلالها أنه على صواب(؛
على كل حال تسلميلي على ردودك الحلوة.. وإن شاء الله بعد قليل سيكون الجزء الجديد في متناول يديك..
في أمان الله عزيزتي
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم -
28-06-2013, 04:38#48السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ..
عزمت ليلة الأمس أن أرد على قصتك, و تفاجأت بردك علي في استفساري
الرواية جميلة جدًا ما شاء الله كنت أتمنى أن أرى واحده منذ زمن , وجيتي وجبتيها معك
جميلة جدا كفكرة و بساطة الأسلوب .. أعجبتي جدا ما شاء الله ..
كانت لدي بعض الملاحظات لكن أجد أنك تخطيتيها في الأجزاء الأخيرة<~ سلمتي من خثردتي
بالتوفيق أخيتي .. تمنياتي لكِ بالنجاح دنيا وأخرة
والسلام خير ختاموعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سبحان الله .. كما يقولون..( القلوب عند بعضها) (؛ وجزاك الله خيرا لمرورك وردك .. رغم أنني أود معرفة ما كنتِ تريدين قوله على الأجزاء السابقة(؛
ولا تقلقي.. كلما طال الكلام في الرد.. زادت متعتي في القراءة، وحماستي للكتابة.. علاقة طردية(:
لا تترددي بأية ملاحظة و لك مني كل التقدير والاحترام
ويشرفني مرورك دائما ، في أمان اللهوصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
-
28-06-2013, 04:42#49
الجزء الحادي عشر..
صعدت سوسن الدرج بسرعة وهي تأمل أن لا تكون قد تأخرت كثيرا خاصة وأنها تنوي إضافة بعض اللمسات الأخيرة على لوحتها، أمسكت حافة الدرابزين بيدها وأخذت تقفز على الدرجات على غير عادتها فاصطدمت دون أن تشعر بشاب لم تنتبه لوقوفه أمامها وقد بدا مترددا في متابعة الصعود، فأسرعت تعتذر منه وهي تتشبث بدرابزين الدرج خشية السقوط، غير أن الشاب الذي التفت إليها وقف يحدق فيها لوهلة بانبهار قبل أن يستدرك قائلا:
- اوه.. لا بأس.. أعتذر أنا أيضا عن وقوفي هكذا..
قال كلماته تلك ونظراته لا تزال معلقة بها مما أشعرها بالحرج فانحنت جانبا لتتابع صعودها نحو المعهد، غير أنه استوقفها قائلا:
- عذرا يا آنسة.. أليست هذه بناية معهد الفنون الراقي؟
فأومأت سوسن برأسها ايجابا وهي تلتفت إليه:
- أجل، وهو في الطابق الثاني..
فابتسم الشاب:
- إذن أنت متجهة إليه ، هل أنت من فتيات المعهد؟
ولما ردت عليه سوسن بالإيجاب، مد الشاب يده ليصافحها بنشوة لا مبرر لها:
- لقد سررت بلقائك يا آنسة،.. لاشك أنك إحدى الموهوبات في هذا المعهد.. اسمي سامر مبعوث لجنة التقييم الفنية، وقد جئت للتأكد من صحة العنوان قبل وصول البقية.. فقد يتأخروا عن الموعد المقرر قليلا.. حسنا لا بد أنك مستعجلة سأراك لاحقا...
لم تجد سوسن بدا من مجاملته بابتسامة ودودة وهي تمد يدها لمصافحته، رغم أن حدسها نبأها بأن هذا الحديث كله كان مفتعلا إذ لم يكن من داع له! و لا تدري لِمِ تمنت من أعماق قلبها لو يراهما أيهم في هذا الموقف.. ترى.. ماذا ستكون ردة فعله!!!
فوجئت سوسن بالتغييرات الكثيرة التي أعدتها ناديا لاستقبال الضيوف..فوجدت صعوبة في إقناعها بضرورة استرجاع لوحتها الأخيرة من فوق ركيزة العرض لتضيف عليها بعض اللمسات بسرعة، فيما لم تجد ناديا ضرورة لذلك معلقة:
- إنها جيدة.. أضيفي توقيعك عليها وحسب..
غير أنها استسلمت لإلحاح سوسن عليها متمتمة:
- يبدو أن علي أن أكون ممتنة لحضورها على الأقل!
والتفتت نحو إحدى الفتيات:
- ألم ترد عليك سورا بعد!
فردت بارتباك:
- كلا فهاتفها مغلق!!
عضت ناديا على شفتها بغيظ:
- يا لهؤلاء الفتيات المستهترات!!
كان المعهد في حالة استنفار تام، فقد وقفت المرشحات للمشاركة في المعرض العالمي أمام لوَحهن باستعداد لإجابة أي سؤال أو إضافة توضيح، و تقاسمت الأخريات اداء المهمات الاخرى من استقبال وترحيب وتعريف بالمعهد و ما إلى ذلك.. ومع آخر لمسةٍ من ريشة سوسن، أُعلن نبأ وصول الضيوف فرافقت الآنسة ناديا اللجنة المكونة من فنانين وخبراء ونقاد من كلا الجنسين، فيما أسرعت سوسن بوضع لوحتها على ركيزة العرض الخاصة بها واقفة أمام لوحاتها باستعداد وحماسة.. لقد حانت اللحظة الحاسمة أخيرا ..
ولم يطل الأمر كثيرا على سوسن إذ سرعان ما تحلق حولها ثلاثة من الفنانين لتفاجأ بأن ذلك الشاب الذي قابلته على الدرج كان أحدهم بل وبدا أكثرهم مكانة في عالم الفن، فشعرت ببعض الحرج خاصة وأنه أغدق عليها أكيالا من المدح أطرى فيها الجمال في لوحاتها الحالمة، كان وسيما جدا و ذو شخصية مرموقة بدت واضحة من خلال تعامل بقية أعضاء اللجنة معه مما دل على مكانته بينهم، ولم تنتبه سوسن في البداية لتلك النظرات الحانقة التي أثارها اهتمام سامر بها، إلا أن تهامس الفتيات و تغامزهن فيما بينهن أصبح واضحا لها مع انصباب اهتمام معظم أعضاء اللجنة عليها وقد بدوا متلهفين لفتح حديث معها سواء كان له علاقة بمواضيع اللوحات أم لا ..حتى أن سوسن شكّت في أمرها.. أهو انبهارٌ وإعجابٌ يشهد بحرفية رسمها وروعة لوحاتها، أم بشيء آخر! غير أنها حاولت تجاهل ذلك كله لتركز انتباهها مع أسئلة اللجنة، وفيما أخذ أحد النقّاد يثني على براعتها في رسم الصور الشخصية والوجوه، فاجأها سامر بسؤاله وهو يحدق في لوحة رسمت فيها أيهم:
- هذه صورة للنجم المشهور أيهم على ما أعتقد.. هل أنت من معجبيه؟؟
فاحمرت وجنتا سوسن ودق قلبها كعادته حين يُذكر أيهم، قبل أن تقول بلهجة تحمل في طياتها الكثير من الفخر والسعادة:
- أجل إنه أيهم.. خطيبي..
لم يخف على سوسن ملاحظة الضيق الذي ارتسم على وجه سامر، فأدار وجهه متحاشيا النظر إليها وهو يردد بصوت أقرب للهمس:
- إنه محظوظ بلا شك!!
لم تفهم سوسن سر تجهم وجهه وتصرفه الغريب ذاك، غير أنه لم يدعها لحيرتها تلك إذ سرعان ما تدارك نفسه، وابتسم قائلا:
- أنت فنانة بارعة يا سوسن.. يشرفني تعرفي إليك..
ثم تبادل بضع كلمات مع بقية الأعضاء بعد أن انهوا جولتهم في المعهد، لتكون الصدمة القاصمة للفتيات عندما أعلن سامر باسم المجموعة أن المعرض العالمي لن يتسع لغير مشارِكة واحدة وقد فازت سوسن به، فاتحا المجال أمام الألسن لتلوكها بشدة وقد أثار حنقهن، فوجدنها فرصة للاشارة إلى علاقات وهمية وقصص لا أول لها ولا آخر من النوع الذي يأنف الحر من مجرد التفكير فيه!! مما أحال هذه اللحظة، التي يفترض أن تكون من أسعد اللحظات التي انتظرتها سوسن بفارغ الصبر ، إلى خيبة أمل كبيرة لم تتوقعها من ردود أفعال زميلاتها وهمس عباراتهن القاسية تلسع قلبها الرقيق كسياط عقرب سام، خاصة ممن كنّ يؤملن بشدة المشاركة في المعرض العالمي مثلها، فرددت إحداهن بحسرة:
- وما ذنبي إن لم أكن بجمالها؟ أن تكوني جميلة يعني أن تسهل أمورك كلها في هذه الحياة!!
و علقت أخرى:
- ألم تلاحظي كيف كان ينظر إليها!! أتراه كان على علاقة سابقة بها!!
فتجيبها زميلتها:
- ربما .. من يدري!!
و أضافت ثالثة:
- يا لأيهم المسكين.. كم أشفق عليه! لو يأتي الآن لعرف حقيقتها!!
وقالت رابعة بتذمر:
- هذا ليس عدلا.. على اللجنة أن تكون محايدة!!
و رغم أن سوسن لم تركز في كلامهن الجارح الذي حاولت تجاهله؛ إلا أن الدنيا دارت بها.. ألا أستحق المشاركة في المعرض العالمي حقا!!.. ألم يكن اختياري عادلا!!.. بل أين العدل في كلامهن!!.. لِمَ لا يأخذن بعين الاعتبار الجهد الذي ابذله في اتقان لوحاتي! حتى الانسة ناديا تشهد بذلك!.. آه.. ليتك يا نور هنا.. لأخبرتِني بالحقيقـة على الأقل..
ولم تكد سوسن تستغرق في أفكارها تلك حتى انتبهت على صوت سيدة - من عضوات اللجنة- هتفت فجأة وهي تشير إلى إحدى الزوايا:
- ما هذه اللوحات؟؟
فقالت ناديا بفخر وهي تتجه نحوها:
- إنها إحدى انجازات معهدنا..
فسألتها السيدة بلهفة فيما أسرع البقية لرؤية اللوحات:
- وأين هي صاحبة الرسم؟؟
فأجابتها ناديا بضيق:
- لقد حدثت معها ظروف منعتها من الاستمرار معنا..
غير أن السيدة قالت بنبرة شك:
- تقصدين أنها تركت المعهد!!
فردت ناديا بغيظ:
- لقد حصلت معها ظروف خارج عن ارادتها كما ذكرت، لذا لم تستطع الاستمرار معنا..
هزت السيدة رأسها بتفهم، والتفتت لبقية الأعضاء:
- ما رأيكم؟؟
فأجابها أكبر الخبراء سنا:
- حسب تقديري المبدئي.. لوحات كهذه كفيلة بإنجاح أكبر المعارض العالمية على الاطلاق!
وسأل كبير النقاد ناديا:
- ما هي طبيعة شخصية الفتاة بعد إذنك؟
احتارت ناديا في العثور على الجواب المناسب:
- ماذا تقصد؟؟
فقال موضحا طبيعة سؤاله:
- أقصد أنها لابد وأن تكون ذات شخصية مميزة و غير عادية.. اللوحات تحمل معنى عميقا جدا.. بل و عميق للغاية! .. هل هي.. تحمل أفكارا معينة؟ .. متديّنة مثلا!
فتساءلت السيدة قبل أن يسمع الناقد إجابةً لسؤاله:
- هل تمانعين ببيع هذه اللوحات يا آنسة؟
فأجابتها نادية بصرامة لا تراجع فيها- وهي تدرك أهمية لوحاتٍ كهذه لمعهدها:
- إنها ليست للبيع!
فقالت سيدة أخرى أكثر حنكة:
- ولكن بالتأكيد لن تمانعي إن ما شاركت هذه اللوحات في المعرض العالمي بنسبتها لمعهدكم، أليس كذلك؟
فتهلل وجه ناديا بالموافقة:
- إذا اقتصر الأمر على المشاركة وحسب فلا مانع لدي!
عندها التفتت السيدة نحو سامر الذي وقف يعاين اللوحات بانبهار تام، قائلة:
- ما رأيك يا أستاذ سامر؟ إنها من الفن السريالي.. اختصاصك..
وبفضول شديد حاولت سوسن سماع رأيه، وقد أثار اهتمامها ذكر لوحات نور، غير أنها ما أن وقعت عينيها على إحدى اللوحات؛ حتى شعرت بتعرقٍ صاحبه خفقان شديد في قلبها أذهلها عما حولها وكأنه لم يعد في المكان غيرها مع تلك اللوحة التي شعرت بانصهار تام معها..
شجيرة ورد متشابكة الأوراق توسطت اللوحة، برزت في الجانب الأيسر منها - حيث الخلفية السوداء الضبابية- وردة جورية حمراء بدت كمن تستغيث وقد التوى عنقها من تجاذب الأيادى حولها.. أيادٍ كثيرةٍ مختلفة الأحجام والألوان امتدت من وسط الظلام الذي يلف الوردة تحاول جذبها نحوها في صراع مرير، فتناثرت بتلاتها الحمراء بشكل قطرات دم قانية في حالة يرثى لها.. وهناك في الجانب الأيمن حيث النور.. بقعة مضيئة في جانب الشجرة أظهرت بصعوبة وردة حمراء أخرى من بين أوراقٍ أحاطت بها و تدلّت من فوقها بعناية لتخفيها عن الأنظار، وقد ارتسمت عليها بخيالٍ بارعٍ ابتسامة رضا موهومة جسّدت الحياة فيها حتى بدت لناظرها حورية تختبئ في محرابها!
يا إلهي ما هذا، كيف لم انتبه لوجودها من قبل!! نور.. ما الذي تفعلينه بلوحاتك!! أكنت تعلمين بمعاناتي!! أرأيتِ كوابيسي..! ظلام وأيادي تلاحقني.. ما هذا يا إلهـــ...
غير أن صوت سامر أخرجها من دوامة أفكارها:
- ألم تري هذه اللوحة من قبل!!
فهزت رأسها نفيا ببعض الارتباك إذ يبدو أن انفعالاتها فضحتها أكثر مما ينبغي، وبتردد سألها سامر متابعا:
- أكانت صاحبة اللوحة صديقتك!
فأومأت سوسن برأسها إيجابا:
- أجل..
هم سامر بقول شيء تراجع عنه بسرعة، والتقت عيناهما لوهلة أطرق سامر برأسه إثرها وابتعد عن المكان، ملتفتا إلى بقية أعضاء اللجنة:
- أظن أن مهمتنا قد انتهت تقريبا، سأسبقكم إلى الخارج..
بدا خروجه دون أي كلمة أخرى غريبا نوعا ما غير أن كبير الخبراء قال مبررا موقفه:
- الفنان لا يفهمه إلا فنان مثله..لا شك أن اللوحات أثرت به.. إنه مرهف الاحساس جدا....
و بتر عبارة كان يريد اضافتها، مكتفيا بشكر الآنسة ناديا باسم لجنة التقييم الفنية، مؤكدا عليها:
- سنرسل فريق عمّالنا لاصطحاب اللوحات في صباح الغد، أرجو أن يتم تجهيزها ولفها جيدا لسلامة النقل..
فأضافت السيدة:
- و لا تنسي تلك اللوحات رجاءً..
وصافح أعضاء اللجنة الآنسة ناديا وسوسن وهم يتمنون لها حظا طيبا بعد أن حصلت على بطاقة المشاركة في المعرض العالمي والتي وُقّعت باسمها من قِبَل كبير الخبراء.. -
28-06-2013, 09:42#50
البراءة التي تكتنز في نفس سوسن تربكني ....طيبتها تلهمني وتعجبني ...فحتى الكلمات اللاذعة التي سمعتها من طرف زميلاتها ..احزنتها .وكيف لا ..وهي الفتاة الطفلة ذات الروح الطاهرة
سامر شخصية جديدة بدت بالظهور اتوقع ان له دورا كبيرا في الرواية ..لقائه بسوسن كان جميلا وغير متوقع ...اعجابه بها وكذلك برسمها ولوحاتها ....وردة الفعل التي ابداها لما راى لوحات نور ورؤيته لردة فعل سوسن ...كانت محيرة فعلا ...لماذا سالها ان كانت صديقة نور ...هل يا ترى له علاقة بنور ؟؟؟؟؟؟...
ايهم في هذا البارت مختفي ...فيا ترى هل ستدب الغيرة قلبه لما يرى التعامل بين سوسن وسامر
سوسن فعلا تستحق ان تعرص لوحاتها في المعرض العالمي ....فصفاء روحها وصدق نواياها يضفي الى لوحاتها ملمسا سحريا مميزا اظافة الى موهبتها الفنية ..هو شي تفتقراليها زميلاتها ..ولا يحق لهن التذمر بعد سامعهن نتيجة قرار اللجنة واختيارهن لسوسن ...ويتهمنها باشياء هي اقرب ما تكون للمستحيل ...او هي المستحيل بعينهباااااااااااارت رائع يسلمووووووووووو
-
28-06-2013, 11:12#51
وضعتِ البارت وأنا لم أفك حجزي بعد
اذاً حجز مرة أخرى وسيكون لي عودة لفكهما معاً بإذن الله -
01-07-2013, 05:34#52البراءة التي تكتنز في نفس سوسن تربكني ....طيبتها تلهمني وتعجبني ...فحتى الكلمات اللاذعة التي سمعتها من طرف زميلاتها ..احزنتها .وكيف لا ..وهي الفتاة الطفلة ذات الروح الطاهرة
سامر شخصية جديدة بدت بالظهور اتوقع ان له دورا كبيرا في الرواية ..لقائه بسوسن كان جميلا وغير متوقع ...اعجابه بها وكذلك برسمها ولوحاتها ....وردة الفعل التي ابداها لما راى لوحات نور ورؤيته لردة فعل سوسن ...كانت محيرة فعلا ...لماذا سالها ان كانت صديقة نور ...هل يا ترى له علاقة بنور ؟؟؟؟؟؟...
ايهم في هذا البارت مختفي ...فيا ترى هل ستدب الغيرة قلبه لما يرى التعامل بين سوسن وسامر
سوسن فعلا تستحق ان تعرص لوحاتها في المعرض العالمي ....فصفاء روحها وصدق نواياها يضفي الى لوحاتها ملمسا سحريا مميزا اظافة الى موهبتها الفنية ..هو شي تفتقراليها زميلاتها ..ولا يحق لهن التذمر بعد سامعهن نتيجة قرار اللجنة واختيارهن لسوسن ...ويتهمنها باشياء هي اقرب ما تكون للمستحيل ...او هي المستحيل بعينهباااااااااااارت رائع يسلمووووووووووو
عزيزتي أمواج السراب.. أحتار فعلا في التعبير عن امتناني الشديد لتفاعلك الجميل مثلك.. فجزاك الله خيرا(:
وصفك لسوسن جميل جدا ما شاء الله.. كأنك تعرفينها حق المعرفة(؛
حسنا قد لا يجيب الجزء القادم عن جميع تساؤلاتك.. ولكن أرجو أن تستمتعي به وتتحفيني برأيك كالعادة..
مرة أخرى شكرا لك.. لن أطيل عليك فالجزء الجديد قادم إن شاء الله
في امان الله عزيزتي
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم -
01-07-2013, 05:37#53
يبدو أنك تأخرت مرة أخرى!! ): حسنا لعله خير.. لا تتعبي نفسك بفك جميع الحجوزات.. يكفي أن تجمعيها كلها برد واحد فهذا أسهل عليك ، وأرجو أن أراه قريبا عزيزتي(:
سامحيني لأنني لم انتظرك.. وأرجو أن لا تتأخري علينا كثيرا(:حفظك الله من كل سوء
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم -
01-07-2013, 05:49#54
الجزء الثاني عشر..
كان فكر سوسن مشغولا وهي تقوم بالاشراف على تغليف لوحاتها من قبل عاملات المعهد.. ترى.. ما الذي رآه سامر في تلك اللوحات و أثاره بذلك الشكل!!
غير أنها جفلت فجأة ليدين تطوقان خصرها، لتشعر بعدها بقبلة على خدها قبل أن ترى أيهم- الذي أدارها قبالته- ينظر إليها بحب وهو يحتضنها بين ذراعيه مقربا وجهه من وجهها:
- سعيد برؤيتك سالمة يا حبيبتي.. كيف كان يومك؟
خفق قلب سوسن كمن يقع في الحب لأول مرة، وقد أنستها حركته تلك أي شيء آخر سواه، فاحمرت وجنتيها لتثيرا تعجب عقلها.. إلى متى يا سوسن ستظلين مرتبكة أمامه هكذا!! وبلطف شديد حررت نفسها منه قائلة بعتب ودود:
- متى ستكف عن هذه الحركات يا أيهم!
فانحنى أيهم قبالتها راكعا على إحدى ركبتيه وتناول يدها ليطبع قبلة عليها، على طريقة فرسان القرون الوسطى:
- أرجو أن تعذريني يا أميرة قلبي ومالكته، وتقبلي مني هديتي اللتي ما وُجدت إلا لأجلك..
وناولها صندوقا بغلاف الورد الأحمر وقد فاح من بين طياته عبير الجوري:
- إنها اسطوانتي االلتي تحوي مقطوعتي الجديدة التي أسميتها باسمك .. يا أروع حسناء على وجه الأرض..
لم تجد سوسن الكلمات المناسبة التي يمكنها التفوه بها في مثل هذا المقام؛ وقد احمرت وجنتيها حتى بدتا كوردتين جوريتين احتقنتا دما:
- لا أعرف ماذا أقول يا أيهم.. أنت تحرجني..
فنهض أيهم باسما:
- لا تقولي شيئا يا حبيبتي.. تكفيني ابتسامتك العذبة..
واستطرد متسائلا بعد أن انتبه أخيرا للعاملات اللاتي لم يمنعهن انشغالهن في تغليف اللوحات، من اختلاس النظر للحبيبين:
- أليست هذه لوحاتك يا سوسن؟
فأومأت برأسها بابتسامة رقيقة:
- أجل.. لقد اختارتني لجنة التقييم الفنية للمشاركة في المعرض العالمي..
فتهلل وجهه طربا ولم يقاوم حملها من وسطها ليدور بها بفرح وهو يهتف بسعادة:
- لقد فعلتِها أخيرا يا سوسن.. ستحققين حلمك يا عزيزتي.. أنت تستحقين ذلك يا حبيبتي.. كم أنا فخور بك يا زهرة فؤادي...
و كالعادة لم تجد سوسن مفرا من الاستسلام له بعد أن لم تعد ترى سواه في ذلك المكان، وبحماسة متقدة قال أيهم:
- هيا سأوصلك بنفسي لمنزلك هذا اليوم، بعد أن نحتفل معا بهذا الانجاز العظيم..
فنظرت إليه سوسن بتساؤل:
- ألم تقل بأن لديك اجتماعات مهمة في مثل هذا الوقت؟؟
فغمزها بعينه:
- كل المواعيد تؤجل من أجلك يا أميرتي، فلن أفوت فرصة كهذه معك.. وستكونين أول من يستمع إلى معزوفتي وأنا قربك..
وفي إحدى المطاعم الفاخرة التي لا يرتادها سوى الأثرياء ذووا الدخل العالي والمكانة المرموقة في المجتمع، جلست سوسن قبالة أيهم، الذي أخذ يتغنى بحسنها على ألحان معزوفته قرب نافورة ماء فضية، تحيط بهما نباتات الزينة الخضراء والوردود الحمراء لتضيف ايحاء حالما بأنهما في جنة النعيم!!!..غير أنه لا نعيم دائم في الدنيا، فلم يشعرا بمرور الوقت عليهما حتى انتبهت سوسن لصوت جدال محتد بين اثنتين كاد أن يصل بهما إلى الشجار، ففزعت لذلك ونهضت من مكانها بقلق:
- ماذا هناك!!
غير أن أيهم طمأنها وهو يمسك بيدها مهدئا:
- الفتيات هكذا دائما.. يختلقن المشكلات من دون سبب..
وأطلق ضحكة خافتة:
- اطمئني يا عزيزتي، قد يكون مجرد شجار حول شاب أحبّتاه كلتاهما.. هذا يحصل عادة..
لم يتوقع أيهم حجم التأثير الذي ستتركه كلماته تلك على سوسن، وهي تشعر بمرارة عميقة وقد تعاطفت معهما ورثت لحالهما، خلافا لردة فعله وابتسامته الهازئة.. واسودت الدنيا في عينيها مع ذكرى تلك الحفلة.. ما الذي تعرفه يا أيهم عن الحب!! كان من الممكن أن أكون مكانهما..!! يا إلهي.. ما هذه الحياة..!! أهكذا يفعل الحب بأصحابه!!!
وتهاوت على مقعدها بإعياء مفاجئ حتى أن أيهم نهض من مكانه نحوها بوجل:
- سوسن!! ماذا حدث!! هل أنت بخير؟؟
وبصعوبة أجابته وهي مطرقة برأسها:
- أشعر بالدوار قليلا.. دعنا نخرج من هنا..
غير أن كبير المشرفين على المطعم كان قد أقبل نحوهما بنفسه معتذرا، خشية أن تؤثر تلك الحادثة على سمعة المطعم فيخسر أهم زبائنه:
- أرجو المعذرة سيدي، وأتمنى أن لا يكون ما حدث قد عكر صفوّكما.. لقد تم تهدئة الوضع.. أنت تعلم رواد مطعمنا .. إنهم من الطبقة الراقية ومع ذلك لا أحد يتوقع ما يمكن أن يحدث.. أرجو أن لا تنزعجا بما حدث...
فابتسم له أيهم وقد تشبّع من سيل الاعتذارات المتلاحقة من فمه:
- لا بأس ، لم يكن خطؤكم على أية حال..
فبادله المشرف الابتسام كمن انزاح عبء ثقيل عن كاهله:
- فتاتان تقتتلان من أجل رجل!! أو رجلان من أجل امرأة.. أنت تعرف.. يحدث هذا أحيانا بين الشباب..
علت ابتسامة استخفاف شفتي أيهم وهو يؤكد كلامه:
- أجل .. توقعت هذا..
فتابع المشرف كلامه بامتنان كبير:
- يسعدني تفهمك هذا يا سيدي، لا أعرف كيف أشكرك.. فيكفينا فخرا أن يحوز مطعمنا شرف افتتاح اسطوانتكم الجديدة..
فأجابه أيهم وهو يرمق سوسن بنظرات حب:
- هذا من أجلها ..
فابتسم المشرف وهو يهز رأسه موافقا:
- أجل إنها تستحق ذلك منك بلا شك.. وشرف لنا أن تختار مطعمنا لهذه المناسبة السعيدة..
أما سوسن التي شعرت بدوامة جديدة تكتسحها؛ رثت فيها نفسها وجميع المحبين، فقد كانت بمعزل عن سماع ذلك كله..
ولم يخف على أيهم ملاحظة ذلك منها، فما أن انصرف المشرف حتى أسرع يمسك يديها بحنان:
- سوسن.. لا تزعجي نفسك أرجوك.. أنت رقيقة جدا ولكن حاولي أن لا تجعلي ذلك يفسد فرحتنا معا..
فارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيها وهي تحاول النهوض بوهن:
- أعذرني يا أيهم ولكنني أرغب بالعودة إلى المنزل.. لقد قضينا وقتا طويلا هنا على أية حال..شكرا لك..
فهز أيهم رأسه مستسلما:
- إذا كانت هذه رغبتك فلا مانع لدي..
وسار معها بصمت وهما يشبكان بين أيديهما، قبل أن تقف سوسن لتسأله فجأة:
- أيهم.. هل يمكن للرجل المرموق أن يخرج عن طوره إن رأى من ينافسه في حبيبته!
ابتسم أيهم وقد أدرك مغزى سؤالها، فأجابها بنبرة رقيقة:
- ربما من أجلك فقط.. لفعلت أكثر من ذلك يا حُبّي الأوحد...
ورغم ارتعاش جسدها لسماع ذلك منه برجفة تخفي في طياتها نوعا من السعادة، إلا أن ما كانت تراه منه اشعرها بشيء من عدم الثقة في كلامه، وتذكرت حديثها معه ذلك اليوم.. هل يختلف ذاك عن هذا!! ألم يُعدّ وقتها ذلك تعقيدا..!! ووقفت مع نفسها هنيهة.. لو افترضت حدوث ذلك حقا.. هل ستكون سعيدة بنشوب شجار بسببها!! كلا..ليس هذا ما تريده أبدا.. بل شيء لم تحسن التعبير عنه!! وتمنت لو كان بامكانها مكاشفته بمكنونات صدرها بصراحة، غير أنها عدلت عن ذلك بسؤال آخر :
- ولماذا يحدث ذلك؟؟ أليس بإمكاننا تلافي مشكلات كهذه يا أيهم!!
فنظر إليها بشك:
- ما الذي تقصدينه يا سوسن!!
فلمعت عيناها بنظرات استجداء:
- ألا تفهمني يا أيهم!!
فأطرق برأسه دون أن ينبس ببنت شفة؛ قبل أن يستأنفا سيرهما نحو السيارة بصمت..
وفي تلك الاثناء مرت من قربها اثنتين تثرثران بصوت مرتفع وهما تنهشان لحم أخرى:
- أرأيت كيف تتظاهر بأنها غاضبة من نظرات الرجال لها!!
- تظن أننا صدقناها.. يا للسخف.. لو كانت كذلك لما أظهرت مفاتنها للجميع!!
- كما قلتِ.. تسعى للفت الانظار ومن ثم تتذمر من نظراتهم لها.. صنف مقزز!!
- لكم أكره المدّعيات المتحذلقات أمثالها..يستمتعن بإثارة المتاعب حولهن..
- ........
لم تعد قدما سوسن تقويان على حملها.. وقد شعرت بأن سهاما نارية قد وُجّهت إلى صدرها ببراعة؛ وكأنها المقصودة بكلامهما.. يا إلهي ما هذا الكلام.. بل ما هذا التفكير القاسي..!! أيوجد هناك من يستمتع بإثارة المتاعب حوله!!! كيف تسمحان لنفسيهما بالحديث هكذا عن الاخرين!! قد تكون تلك فتاة طيبة وبريئة من اتهاماتهما اللاذعة..! وشعرت بتعاطف كبير مع تلك الفتاة وقد رأت فيها صورتها، حتى همّت بالتدخل في حديثهما لكي تنفي التهمة عنها، غير أنها لامت نفسها على تفكيرها ذاك.. فما شأنها بهم...! ثم ما أدراها هي بالفتاة أو المرأة اللتان تتحدثان عنها!! غير أن ضميرها لم يسوغ فكرة الكلام عنها بهذا الشكل مهما تكن..فلماذا لا ينصحانها بدلا من طعنها بالخلف هكذا.. قد لا تكون منتبهة لذلك ليس أكثر..!
حدث ذلك كله في بضع دقائق فقط كانت السيدتان خلالها قد ابتعدتا عن سوسن التي صعدت إلى المقعد الأمامي للسيارة إلى جانب أيهم.. والذي رمقها بنظرات فاحصة قبل أن يقول وهو يقوم بتشغيل السيارة:
- عليك أن تكوني أكثر شجاعة يا حبيبتي وأكثر قوة.. هكذا هي الحياة..
لم ترد عليه سوسن بشيء، واكتفت بالتحديق من زجاج النافذة بصمت.. إذا كانت هذه هي الحياة كما يقول.. فلماذا نعيش من أجلها!! هل كتب علينا أن نتجرع العذاب في كل شيء فيها!! أيعقل أن الحياة بطبعها تحب الإيذاء إلى هذا الحد!!! غير أن أيهم لم يكن ليتركها لأفكارها تلك كثيرا، فأوقف سيارته فجأة وركنها على جانب الطرق ملتفتا إليها:
- سوسن.. يحق لي أن أطلب منك طلبا، أليس كذلك!
بوغتت سوسن بسؤاله ذاك خاصة وقد أوقف السيارة على حين غرة، فسألته باستغراب:
- ماذا هناك!!
فقال لها بنبرة حالمة:
- بصفتي خطيبك.. يحق لي أن أطلب منك.. قبلة!! أريد واحدة منك الآن..
كانت جملته تلك كفيلة بتسريع نبضات قلبها إلى رقم قياسي مع تصعيد الدم إلى وجنتيها حتى كاد أن يتفجر منهما أنهارا، انها تخجل من ذلك وهما وحدهما؛ فكيف في الشارع العام! وهمست بخفوت وهي تنكمش في الزاوية البعيدة من مقعدها:
- الآن...!!!!
لم يقاوم أيهم نفسه من اطلاق ضحكة مرحة لمظهرها ذاك:
- إن لم تعدّلي مزاجك حالا سأضطر لأخذها منك بالقوة .. والآن..
فابتسمت سوسن وهي تضع يدها على قلبها في محاولة لتهدئته:
- حسنا غلبتني.. لقد تبت..
فضحك أيهم وهو ينطلق بالسيارة من جديد:
- هذا أفضل.. رغم أنني لن أتنازل عن حقي مرة أخرى..
قالها وهو يشغل اسطوانته الجديدة ليعيش مع سوسن أجمل لحظات الحب، والتي كانت كفيلة بتنسيتها جميع ما حدث في هذا اليوم.. حتى لوحة شجيرة الورد التي كانت تتوق لسؤال نور عنها، لم تذكرها إلا وهي على فراشها قبل أن تنام كعادتها!.. ما الذي عنته نور بها يا ترى!!.. وأمسكت هاتفها بتردد.. ليس من اللائق أن أحادثها في هذا الوقت المتأخر.. سأسألها عنها صباح الغد..
غير أنها لم تستطع مقاومة فضولها أكثر فاتصلت بها وبعد فترة وجيزة قطعت الاتصال؛ لتكتب لها رسالة:
- " أعتذر عن إزعاجك عزيزتي في مثل هذا الوقت، كيف حال أمك؟ أرجو أنها بخير، لقد جاءت لجنة التقييم الفنية هذا اليوم وقد بهروا بلوحاتك حتى أنهم طلبوها لتُعرض في المعرض العالمي..هل تصدقي أنني لم انتبه للوحة شجيرة الورد إلا حينها! لقد كانت مذهلة للغاية ورسم الأيادي فيها والوردتين متقن جدا حتى شعرت بأنها حقيقية، لكن ما الذي تعنينه بها؟ أهي من إيحاء آية قرآنية أخرى؟؟"
لم يغمض لسوسن جفن تلك الليلة وهي تسترجع الأحداث التي مرت بها، وبدأت نفسها تحدثها..وقد استيقظ عقلها بعد أن زال خدر الحب عنه قليلا.. أيعقل أن يكون ذلك كله من قبيل المصادفة وحسب!!
تعطل السيارة في الصباح والتجمع حولها.. التقاؤها بسامر على الدرج وتصرفاته الغريبة تلك.. وقبل ذلك الشاب الذي لم تعجبها نظراته في الحفلة.. شجيرة الورد.. شجار المطعم.. وأخيرا.. حديث السيدتين...أهذه مصادفة!! أتراها تحمل إشارة معينة..!! رسالة ما...!!
في تلك اللحظة سمعت نغمة استلام هاتفها لرسالة نصية، ففتحتها بلهفة لتقرأ:
- " جزاك الله خيرا على بشارتك عزيزتي، أعتذر منك فإنني مشغولة مع أبي الآن والحمد لله تحسنت أمي كثيرا بفضل الله، سأتصل بك في أقرب فرصة إن شاء الله، الأحزاب 59" -
01-07-2013, 18:00#55
قممممممممممة في الروعة
اهلا العودة الجميلة لايهم ...تصرفاته في هدا ابارت نالت تقديري له واعجابي كذلك ...انه حقا يحب سوسن لا بل يعشقها بجنون ...او اقول من ذا الذي يلتقي بفتاة مثل سوسن ولا يحبها ...جمال ...اخلاق ..طيبة ..حنان ..كل شي تجمعه يجذب اليها الناس ...ولا الوم ايهم ..ان كنت انا فتاه وقد احببتها فما بالك به وهو خطيبها ودائما معها
اشعر ان ايهم هو الشخص الوحيد الذي يمكن لسوسن ان تستند عليه في حياتها ...فهو يفهمها حتى وان لم يضهر لها ذلك ...يحبها ...يخاف عليها يحميها يثق بها ...اعلم جيدا اني كنت مستاءة منه قبلا لانني كت اظنه لا يبالي بمشاعرها ...كما حدث في الحفلة الفتاة التي قبلته وتلك اللعقربة سورا ...كلها اغظبتني منه .....لكن الان فهمت ....انه لا يغار من الشباب الملتفين حول سوسن لان هذه طبيعة الحياة التي يعيشها هذا من ناحية ...ومن ناحية اخرى ..هو يثق في سوسن ويتوقع منها ان تبادله الثقة ...ولذلك لا يغار من الذين حولها لانه يعلم مقدار حبه لها ..ومقدار حبها له ....
لكن سوسن مرهفة الاحساس وبطبيعتها الطيبة والمحبة لايهم بجنون ...ترى ان في غيرة خطيبها عليها ..اثبات لحبه ...لكنني ادرك الان انهها هي بسبب توترها وتشوش افكارها لم تعتد تستطيع التركيز ...بالرغم ان البيان واضح من تصرفات ايهم لها من تصرفاته نحوها ..وهو الحب الكبير
سوسن يا لها من فتاة مرهفة الاحاسيس فمجرد شجار عادي واحاديث احدثت فعلها في كيانها ....ولا الومها على دلك فالكلام الدي سمعته وان لم يكن يعنيها فانه يؤلم ...صدقا مؤلم ان ترى الحقد والغل والشر في نفوس البشر ...لماذا على الانسان ان يعاني منها ويعيشها ...لماذا ملزم عليه ان يتعامل مع اناس لايحملون ضمائر في نفوسهم ....تسلمييييييييييي على البارت الخيالي الرائع والمذهل
دمتي بود -
01-07-2013, 21:41#56
×.× أعلم ... متأخرة جدًا
إعذريني أخيتيلكن كنت مشغولة جدا بأمور المنزل
<~ مو راضية تخلص
كانت أجزاء مشووووووووووووووقة للغاية أحببتها رغم قِصر أحداثها ..
انطباعاتي عن الشخصيات كثيرة و سأختصرها .. أتمنى ألا أنسى أحدا
سوسن : هذه الفتاة رغم أنثويتها و رقتها لكنها تجهل الكثير و الكثيير ... وفوق هذا البنت خوافة مرررة -_- , و حساسة جدا ... تخاف تفقد أي حبيب و عزيز لها عشان كذا هي بدوامة من التساؤلات المزعجة
بالنسبة لـ أيهم: هذي الشخصية من أول ما طلعت إلى الأن وهي تنرفزني , شخصيته فضيعة جدا و ما فكر بمشاعر سوسن و لا مرة أهم شي يشبع ذاته ... النهم هذا
, كل ما أقرأ اسمه براكيني تثور و دي كذا يجي اليوم اللي تشيله سيارة وتبعدة للأبد
سورا: مثل النفر
اللي فوقها , شخصية نكدية و فضيعة
بالنسبة لسامر: شككت بأمره شعرت بأنه راح يكون شخصية مهمة ولها دور كبير ع حياة سوسن مع أيهم ,, هذا إذا كان شخصية مهمة
و ممكن رياح عابرة لا أكثر
نور: حبيبتي هي , شخصية لطيفة و هادئة و مؤمنة و جميلة بكل مافيها ,, أحببتها كليا
راح يكون لها تأثير كبير ع حياة سوسن راح تتغير جذريا سوسنوه <~ اسم الدلع
,, اشتقت لطلاتها الكثيرة .. أتمنى ما تطول علينا مررة
بالنسبة لوصفك للوحات نور : ما شاء الله تبارك الله لديك خيال واسع , الله يحفظه لك , شكلك تحبين الرسم أو هذا الفن و تقرأين فيه كثير ... جميع لوحات نور الإبداعية تمنيت لو إنها حقيقية عشان أشوفهاوطريقة إلهام نور من القرآن الكريم راااااااااااااائعة جدا ما شاء الله تبارك الرحمن , أنتِ مذهلة ما شاء الله
مممممممممممممممم
طيب .. كان عندك شويات أخطاء إملائية ببعض النصوص و هي في همزة الوصل والقطع .. أظن أن هذه الأخطاء من العجلة في الكتابة , لأنك لو راجعتي النص بهدوء لوجدتها بكل سهولة ...
أتمنى إنك تغيري لون النصاعتبري هذه الملاحظة شخصية .. لا أعلم .. لكن أشعر بأن اللون يعطي إنطباع إكتئابي جدا للقصة و غير جذاب ..
جربي تخلين لونه غامق أكثر مثل الأسود و تفصلين بين كل مقطع وآخر بنجمة صغيرة بلون مخالف مثل الأحمر أو الأزرق الفاتح<~ رأي شخصي لا تهتمين مرة
*
أتمنى إن ردي البسيط يكون أشفى غليلك ولو بالشيء اليسير
... تمنياتي لكِ بالتوفيق أخيتي
-
02-07-2013, 19:59#57
-
04-07-2013, 12:21#58
السلام عليكم ورحمه الله
يعطيكي ألف عافيه على هذه الروايه الرائعه
ما شاء الله تبارك الله ابدعتي اختي
في إنتظار التكمله
في أمان الله
-
05-07-2013, 08:40#59قممممممممممة في الروعة
اهلا العودة الجميلة لايهم ...تصرفاته في هدا ابارت نالت تقديري له واعجابي كذلك ...انه حقا يحب سوسن لا بل يعشقها بجنون ...او اقول من ذا الذي يلتقي بفتاة مثل سوسن ولا يحبها ...جمال ...اخلاق ..طيبة ..حنان ..كل شي تجمعه يجذب اليها الناس ...ولا الوم ايهم ..ان كنت انا فتاه وقد احببتها فما بالك به وهو خطيبها ودائما معها
اشعر ان ايهم هو الشخص الوحيد الذي يمكن لسوسن ان تستند عليه في حياتها ...فهو يفهمها حتى وان لم يضهر لها ذلك ...يحبها ...يخاف عليها يحميها يثق بها ...اعلم جيدا اني كنت مستاءة منه قبلا لانني كت اظنه لا يبالي بمشاعرها ...كما حدث في الحفلة الفتاة التي قبلته وتلك اللعقربة سورا ...كلها اغظبتني منه .....لكن الان فهمت ....انه لا يغار من الشباب الملتفين حول سوسن لان هذه طبيعة الحياة التي يعيشها هذا من ناحية ...ومن ناحية اخرى ..هو يثق في سوسن ويتوقع منها ان تبادله الثقة ...ولذلك لا يغار من الذين حولها لانه يعلم مقدار حبه لها ..ومقدار حبها له ....
لكن سوسن مرهفة الاحساس وبطبيعتها الطيبة والمحبة لايهم بجنون ...ترى ان في غيرة خطيبها عليها ..اثبات لحبه ...لكنني ادرك الان انهها هي بسبب توترها وتشوش افكارها لم تعتد تستطيع التركيز ...بالرغم ان البيان واضح من تصرفات ايهم لها من تصرفاته نحوها ..وهو الحب الكبير
سوسن يا لها من فتاة مرهفة الاحاسيس فمجرد شجار عادي واحاديث احدثت فعلها في كيانها ....ولا الومها على دلك فالكلام الدي سمعته وان لم يكن يعنيها فانه يؤلم ...صدقا مؤلم ان ترى الحقد والغل والشر في نفوس البشر ...لماذا على الانسان ان يعاني منها ويعيشها ...لماذا ملزم عليه ان يتعامل مع اناس لايحملون ضمائر في نفوسهم ....تسلمييييييييييي على البارت الخيالي الرائع والمذهل
دمتي بودالحمد لله أن الجزء لاقى استحسانك الشديد بعد أن صفحت عن أيهم(؛.. وأرجو أن لا يقل تفاعلك عن هذا القدر مع الجزء القادم الذي قد يكون مختلفا.. وربما طويلا نوعا ما وأتمنى أن لا يكون مملا...!!
بانتظارك على أحر من الجمر.. وكل عام وانت بخير سلفا(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم -
05-07-2013, 08:47#60×.× أعلم ... متأخرة جدًا
إعذريني أخيتيلكن كنت مشغولة جدا بأمور المنزل
<~ مو راضية تخلص
كانت أجزاء مشووووووووووووووقة للغاية أحببتها رغم قِصر أحداثها ..
انطباعاتي عن الشخصيات كثيرة و سأختصرها .. أتمنى ألا أنسى أحدا
سوسن : هذه الفتاة رغم أنثويتها و رقتها لكنها تجهل الكثير و الكثيير ... وفوق هذا البنت خوافة مرررة -_- , و حساسة جدا ... تخاف تفقد أي حبيب و عزيز لها عشان كذا هي بدوامة من التساؤلات المزعجة
بالنسبة لـ أيهم: هذي الشخصية من أول ما طلعت إلى الأن وهي تنرفزني , شخصيته فضيعة جدا و ما فكر بمشاعر سوسن و لا مرة أهم شي يشبع ذاته ... النهم هذا
, كل ما أقرأ اسمه براكيني تثور و دي كذا يجي اليوم اللي تشيله سيارة وتبعدة للأبد
سورا: مثل النفر
اللي فوقها , شخصية نكدية و فضيعة
بالنسبة لسامر: شككت بأمره شعرت بأنه راح يكون شخصية مهمة ولها دور كبير ع حياة سوسن مع أيهم ,, هذا إذا كان شخصية مهمة
و ممكن رياح عابرة لا أكثر
نور: حبيبتي هي , شخصية لطيفة و هادئة و مؤمنة و جميلة بكل مافيها ,, أحببتها كليا
راح يكون لها تأثير كبير ع حياة سوسن راح تتغير جذريا سوسنوه <~ اسم الدلع
,, اشتقت لطلاتها الكثيرة .. أتمنى ما تطول علينا مررة
بالنسبة لوصفك للوحات نور : ما شاء الله تبارك الله لديك خيال واسع , الله يحفظه لك , شكلك تحبين الرسم أو هذا الفن و تقرأين فيه كثير ... جميع لوحات نور الإبداعية تمنيت لو إنها حقيقية عشان أشوفهاوطريقة إلهام نور من القرآن الكريم راااااااااااااائعة جدا ما شاء الله تبارك الرحمن , أنتِ مذهلة ما شاء الله
مممممممممممممممم
طيب .. كان عندك شويات أخطاء إملائية ببعض النصوص و هي في همزة الوصل والقطع .. أظن أن هذه الأخطاء من العجلة في الكتابة , لأنك لو راجعتي النص بهدوء لوجدتها بكل سهولة ...
أتمنى إنك تغيري لون النصاعتبري هذه الملاحظة شخصية .. لا أعلم .. لكن أشعر بأن اللون يعطي إنطباع إكتئابي جدا للقصة و غير جذاب ..
جربي تخلين لونه غامق أكثر مثل الأسود و تفصلين بين كل مقطع وآخر بنجمة صغيرة بلون مخالف مثل الأحمر أو الأزرق الفاتح<~ رأي شخصي لا تهتمين مرة *
أتمنى إن ردي البسيط يكون أشفى غليلك ولو بالشيء اليسير
... تمنياتي لكِ بالتوفيق أخيتيكما يقولون.. أن تصل متأخرا خير من أن لا تصل إطلاقا.. أسعدك الله على طلتك البهية عزيزتي.. في الحقيقة كنت عازمة على تحسين النص قدر المستطاع، ولكن شعرت بأنني إن راجعته أكثر فسأصاب بالصداع ولم أشأ تأخير إنزال الجزء مدة طول، خاصة وأن رمضان على الأبواب.. نسأل الله أن يبلغنا إياه والمسلمين بالخير والعافية(: المهم سأحاول أن أقوم ببعض التنسيقات التي لا أحسنها.. فإذا لم تريها.. فاعذريني(؛
بالنسبة لوضع النجوم.. أظنها ستكون ضرورية عند الانتقال من مقطع لآخر.. غير أن الاجزاء التي كنت أضعها لا تتكون إلا من مقطع واحد حسب علمي، إلا فيما ندر.. على كل حال ستجدينها في الجزء الجديد إن شاء الله(:وجزاك الله خيرا لردك الرائع.. رغم أنني تفاجأت قليلا بتحاملك الشديد على أيهم!! لا عليك..(: المهم أتمنى أن أرى طلتك البهية دائما ومعذورة فيما عدا ذلك(؛
في أمان الله عزيزتي
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اقتبس من زينب جلال في 2025-01-14, 6:50 مالصفحة الرابعة من الارشيف:
- المنتدى
- التعليمات
- التقويم
- المنتدى
- تطبيقات عامة
- خيارات سريعة
- الإنضمام الى فريق عمل مكسات
- الدروس
- مواقع مكسات
- مدونة مكسات
- النشاط الأخير
- المنتدى
- المنتديات الأدبية
- منتدى القصص والروايات
- منتدى قصص الأعضاء
- تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
- اذا كانت هذه زيارتك الأولى لنا ننصحك بالدخول الى التعليمات . و للمشاركة في المنتدى يجب عليك الإنضمام الينا و التسجيل من هنا [ التسجيل ] .
المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
05-07-2013, 08:50#61...
05-07-2013, 08:54#62اسعد الله وجزاك الله خيرا على تشريفك لي هنا(:
إن شاء الله التكملة في الرد التالي..
وأتمنى أن أكون دائما عند حسن الظنوصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
05-07-2013, 09:06#63الجزء الثالث عشر..
توقفت سوسن عند الكلمة الأخيرة من رسالة نور ولبثت تفكر بها مليا ".. الأحزاب 59"، ماذا تقصد بها نور يا ترى!!
غير أنها سرعان ما ضربت جبهتها بيدها وهي تعيد قراءة الرسالة التي أرسلتها لها:
- كيف نسيت هذا !! لقد كان ردا على سؤالي.. لا شك أنها اسم السورة و رقم الآية..
عندها هبت من سريرها بحماسة، و فتحت باب غرفتها بهدوء، متجهة نحو صالة الاستقبال، وقد تذكرت أنهم يحتفظون هناك بمصحف فخم مرصع بالأصداف وقطع من الألماس والأحجار الكريمة النادرة، أهداه أحد الوجهاء لوالدها قبل عدة سنوات، ومنذ ذلك الحين وهو موضوع على طاولة العرض الزجاجية؛ حيث رُصّت التحف إلى جانب العديد من المقتنيات الثمينة الأخرى..
نزلت على الدرج بأطراف أصابعها خشية أن توقظ الآخرين، متحسسة طريقها على أنوار الثريات الخافتة المخصصة للإنارة الليلية، حتى إذا ما تجاوزت منطقة الخطر برأيها هرعت نحو جناح الاستقبال بلهفة.. وقبل أن تتقدم خطوة أخرى وهي تهم بوضع يدها على مقبض باب الصالة الذي تعجبت من كونه مغلقا على غير العادة، تراجعت خطوتين إلى الخلف بتوجس إثر سماعها صوت نشيج خافت..
من تراه هناك !! لم تكن الساعة قد تجاوزت الثانية عشر بكثير، لكن حسب علمها لا أحد يسهر حتى هذا الوقت في منزلهم إن لم تكن هناك مناسبات خاصة..! حتى الخدم، يفترض أنهم في غرفهم الآن!! ورغم طبيعتها المتخوفة إلا أن فضولها غلبها.. فلم يبدو الصوت غريبا عليها.. ولكن كيف تواجه من بالداخل، وبأي طريقة!! اقتربت من الباب أكثر والتصقت به حتى بدا الصوت مألوفا جدا لها؛ نشيج مختلط بكلمات غير مفهومة.. كأشبه ما يكون بالمناجاة.. فحزمت أمرها أخيرا.. ستدخل كمن وصلت للتو و لم تسمع شيئا، ليبدو الأمر وكأنها قد فوجئت برؤية أحد هناك، خاصة بعد أن باتت شبه متأكدة من هوية من في الداخل وشعرت ببعض القلق من أجله.. أدارت مقبض الباب لتفتحه متعمدة اصدار صوت يشير إلى دخولها.. غير أن صوت النشيج لم يتغير، فكان لا بد لها من إثارة جلبة أخرى وقد شعرت بالحرج من أن تكون كمن يتجسس على الاخرين، خاصة بعد أن وقعت عيناها على جسد الطاهية بهجة وهي في وضعية السجود، وقفت تحدق بها لبرهة على نور خافت لم يُشعل غيره، إذ لم تذكر أنها رأت أحد يصلي في منزلهم قط.. الصلاة.. متى سمعت عن هذه الكلمة آخر مرة!!! ربما في دروس الدين التي لا تكاد تُذكر من قلتها في مدرستها الخاصة بأبناء النبلاء وعلية القوم، وكأنها لم تكن تؤخذ إلا رفعا للعتب من باب الثقافة العامة!! غير أنه لولاها لما عرفت أن ما تراه أمامها الآن هي إحدى وضعيات الصلاة على الأقل..! لم يحدث أن صلت يوما في حياتها بل ولم يخطر ببالها أن تفعل ذلك.. ربما.. مرة واحدة أو مرتين.. لكن.. لا تذكر متى كان ذلك ولِمَ!!
قد يكون هذا غريبا في مجتمع عربي مسلم، لكنه مألوف جدا في مجتمعها المحيط بها.. فهم باختصار.. يحملون اسم الاسلام وحسب!!
التقت عيناها أخيرا بعيني بهجة وهي تنهض من فوق سجادتها بعد أن أتمت صلاتها بسرعة وقد انتبهت لدخول أحدهم.. و لم يخف على سوسن رؤية الارتباك في عينيها المورمتين من شدة البكاء، وهي تعتذر بقولها:
- لم أشأ إزعاج أحد فأتيت إلى هنا.. فهي شبه معزولة.. آسفة.. هل من خدمة !!
فابتسمت سوسن وهي تطمئنها بلهجة رقيقة:
- لا عليك يا عزيزتي.. فلا تكلفة بيننا ، أليس كذلك!!
واقتربت منها ممسكة بيدها، فلطالما شعرت بأن هذه الأرملة الخمسينية مختلفة عن الآخرين بحكمتها وكياستها.. بل أنها كانت تعدها احيانا في مقام والدتها:
- هل هناك ما يزعجك؟؟
وكأن بهجة لم يكن ينقصها سوى هذه الجملة لتنخرط في البكاء من جديد، ولم تستطع سوسن الاحتمال أكثر وقد بلغ بها التأثر ذروته، فشاركتها بكاءها قبل أن تعرف السبب! وبدلا من أن تقوم سوسن بالتخفيف عن بهجة، تأثرت الأخيرة لبكائها فهدّأت من نفسها لتجلسا معا على الأريكة.. قالت بهجة وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة:
- آسفة لإزعاجك معي يا صغيرتي.. ولكن..
وأخذت تنشج من جديد، فرفعت سوسن يدها لتمسح دموعها:
- أرجوك أخبريني ماذا هناك.. أعرف أن فتاة مثلي لا ترقى لأن تكون أهلا للقيام بالتخفيف عنك..
فقاطعتها بهجة:
- لا تقولي هذا يا سوسن فلطالما عددتك مثل ابنتي.. حسنا سأخبرك..
والتقطت نفسا عميقا قبل أن تقول:
- إنها ابنتي ..
ولم تستطع إتمام كلامها، وأخذت تشهق بشدة خفق لها قلب سوسن:
- تقصدين ليلى!! ماذا حدث معها.. هل هي بخير أرجوك أخبريني!!
لم تكن سوسن قد رأت ليلى ابنة بهجة سوى مرات معدودة؛ اتت بها لرؤية والدتها أثناء عملها في منزلهم خلال خمس سنوات مضت، لكنها تذكرها تماما، كانت فتاة طيبة خفيفة الظل وحلوة المعشر، تصغرها بثلاث سنوات فقط، ... يا إلهي.. ماذا يمكن أن يكون قد أصابها!!
بذلت بهجة جهدا كبيرا في محاولة يائسة للسيطرة على نفسها إلى أن هدأت تماما.. فقالت بانكسار:
- لقد اتصلت بي جدتها هذا المساء لتخبرني بأنها في موقف صعب.. فقد بدأ الناس يتكلمون..!!
وصمتت قليلا قبل أن تتابع بألم لا حد له:
- لم أتخيل أن أمرا كهذا يمكن أن يحدث لابنتي وأنا الحريصة أشد الحرص على سمعتها، فلطالما لمت أمهات البنات اللاتي قد ينزلقن إلى ما يشين سمعتهن..ولم أتوقع أن أجد ابنتي واحدة منهن يوما ما!! لا أعرف إلى أين وصل الأمر بها الآن!! لقد كانت صدمة شديدة..
وأخذت تبكي بشدة والكلمات تكاد تختنق في حلقها:
- إنها مصيبة لم أحلم بحدوث مثلها.. ماذا سيقول الناس!! كان ابن خالتها على وشك خطبتها.. لكن ذلك الرجل .. آه ماذا أقول..!!
وتابعت بحرقة شديدة:
- فتاة لم تكمل العشرين بعد؛ يريدها رجل في الخمسين لنفسه لأنها أعجبته!! والله أعلم بما كان بينهما!! .. لا أعرف إن كان من حقي أن ألومه.. فماذا تتوقعين من رجل يحتك في عمله بفتاة شابة ثمان ساعات يوميا!.. ولا أعرف ماذا فعلت ابنتي.. فلم أعد أجزم بأنها كانت محتفظة بأخلاقها التي ربيتها عليها وقد تهاونت بخلع حجابها الذي طالما نبّهتها لضرورة التزامها به !!.. كنت أتحدث معها في ذلك كلما ذهبت في اجازة نهاية الاسبوع .. ولكن تبين لي أنه لم يكن يجدي ذلك كله نفعا معها.. فلم أعرف سوى اليوم بأنها كانت تخلعه من أجل العمل... وبالطبع بعد هذا كله لن أستبعد حدوث ما حدث.. لم أقصّر معها في شيء، و كان الدخل الذي أحصل عليه من عملي منذ وفاة والدها يكفيها هي وأخوها، غير أن رغبتها في الحصول على دخل اضافي تجاري به الفتيات في مثل عمرها دفعها لذلك ..
شعرت سوسن بتعاطف شديد مع الأم الملتاعة على مستقبل ابنتها، و حاولت تهدئتها بقولها:
- قد يكون ما زال بالإمكان فعل شيء.. فلا أحد يمكن أن يجبرها إن لم تكن موافقة عليه..فهل هي كذلك!..
وسكتت متأملة قليلا قبل أن تتابع:
- ربما أحبها بصدق و قد تكون احبته فعلا.. عندها سيكون زوجا صالحا لها.. فقد سمعت عن قصص كثيرة لا يكون فيها فارق السن عائقا ما دام الحب موجودا..
فنظرت إليها بهجة بخيبة أمل ثم أطرقت برأسها:
- لا ألومك عزيزتي.. فما تزالين صغيرة.. رجل متزوج ولديه ابناء، يراها أكثر مما يرى زوجته..! ماذا تتوقعين منه..! وقد بدأ الناس يتحدثون بأشياء كثيرة.. !! مهما يكن.. أنت لا تعرفين الناس يا سوسن.. إنها الطبيعة البشرية..
وأطلقت شهقة كبيرة حبست فيها بكاءها قبل أن تتابع :
- كنت أتمنى أن يعينني الله على إحسان تربيتها حتى أزوجها لرجل شريف يرعاها ويحسن عشرتها، ولم آل جهدا في ذلك منذ أن توفي زوجي تاركا لي طفلين يتيمين..
وأخذت تبكي بألم وهي تتابع بكلمات مخنوقة:
- لم أكن راضية عن عملها في ذلك الفندق، و قد حذرتها مرارا لكنها لم تستمع لنصحي، كانت واثقة من نفسها جدا ومعتدة برأيها لأبعد الحدود.. بل إنها عدّت تدخلي ذاك؛ شكا بها وبأنني غير واثقة من حسن تربيتي لها.. ولم يكن بإمكاني منعها بالقوة فأنت تعرفين الفتيات هذه الأيام..
وتنهدت قائلة:
- وماذا بوسعي أن أفعل و أنا بعيدة عنها بينما تُقيم هي وأخوها الصغير مع جدتهما العجوز..!!
وأطلقت شهقة مؤلمة:
- ماذا أقول.. لقد كنت بعيدة عنها.. ربما كان بإمكاني فعل شيء..!
وأخذت تبكي بشدة:
- أستغفر الله.. ما باليد حيلة.. لا اعتراض على حكم الله..
ووضعت وجهها بين كفيها وهي تنشج بأنفاس مكتومة:
- يارب .. يا الله .. مالي سواك .. فاغفرلي الذنب الذي أدى بي إلى هذا الحال..يا رب اغفرلي تقصيري في حقك وارفع عني هذا البلاء.. يارب استرني واستر ابنتي وبنات المسلمين..يا رب فرجها يا الله.. يا رحيم يا رحمن يا الله..
أخذت الدموع تسيل كنهرين جاريين من مقلتي سوسن.. وكلمات بهجة يتردد صداها في نفسها:
- يا الله..
وإذ ذاك تذكرت لوحة نور ذات النور الباهر.. " الله نور السماوات والأرض"، وشعرت بقوة في جسمها، وأملا يجري في عروقها.. الظلام لن يغلب النور أبدا، فالله على كل شيء قدير، ولمعت في ذهنها فكرة، فربتت على كتف بهجة بحنان:
- أرجوك لا تفقدي الأمل.. فلم يفت الأوان بعد وربما استطعنا فعل شيء.. سأحدث أبي فـ...
فقاطعتها بهجة بفزع:
- كلا .. أرجوك.. مذا ستقولين!!.. إنها فضيحة..
غير أن سوسن طمأنتها بقولها:
- كلا لم أقصد ذلك..فلا تقلقي، وإنما فكرت بأن تحصلي على إجازة طارئة لتكوني قرب ابنتك، فلا شك أنها بحاجة لقربك الآن أكثر من أي وقت مضى..
وغمزتها باسمة:
- سيكون الأمر سهلا..
وفكرت مليا كمن تستعرض خطة في عقلها، قبل أن تقول بلهجة واثقة:
- لقد أصبحت كبيرة الطهاة هنا ولك معاملة خاصة بلا شك، كما أن نعيمة يمكنها أن تقوم بمهام الطبخ في غيابك.. إنها مساعدتك و لن يصعب عليها التكفل بإدارة الأمر وحدها.. سأقنع أبي بطريقتي الخاصة فلا تشغلي بالك بذلك..
فلمعت نظرة امتنان من عيني بهجة المغرورقتين بالدموع:
- لا أعرف كيف أشكرك يا سوسن، لطالما شعرت بأنك مختلفة عن بقية الفتيات في سنك.. وقد أحببتك من كل قلبي منذ أن رأيتك.. إن فيك من طيبة القلب ونقاء السريرة ما لو وزع على الكثيرين غيرك لكفاهم.. حفظك الله من كل سوء يا ابنتي..فلا تتعبي نفسك، ويكفيني منك شعورك هذا معي..
فاحمرت وجنتا سوسن:
- لم أفعل شيئا.. فهذا أقل واجبنا نحوك فأنت طيبة جدا معنا..
وتابعت بابتسامة مشجعة:
- وقد كان لوجودك بهجة في منزلنا لا يمكننا تجاهله، أنت أمهر طاهية رأيناها، ولأطباقك مذاق خاص يضفي في قلوبنا بهجة لا تنسى.. حتى ضيوفنا يشهدون بذلك..
فابتسمت بهجة لأول مرة:
- كلامك الجميل نابع من جمال أصلك.. هذا لأنكم طيبون .. صدقا.. لقد عملت في بيوت كثيرة قبل أن آتي إلى هنا، لكنني وجدت في منزلكم من حسن التعامل ما لم أجده في بيوت بعض من يظنون التدين بأنفسهم.. هذا إلى جانب حفظكم للنعمة بشكل مميز واهتمامكم بعدم ترك بقايا طعامٍ في صحونكم..
بدت علامات التعجب على وجه سوسن، فلم يخطر ببالها قط أن هذا يعد عملا مميزا:
- أليس هذا أمر يفعله الجميع!!..لقد تعلمنا هذا منذ الصغر فهو من آداب الطعام قبل أن يكون من اللباقة والذوق، فمن العار أن يترك أحد بقايا طعام في صحنه وإلا كان دليلا على شراهته لكونه قد سكب فيه أكثر من طاقته ..!! وإن حدث هذا فيما ندر؛ فهناك سلال خاصة لبقايا الأطعمة توزع حسب تصنيفها.. الجيد منها يدفع للفقراء.. والتالف للحيوانات .. والسلال معروفة ولها علامات مميزة لا تخفى على أحد.. سلة للكلاب والقطط.. سلة للإوز والبط والطيور.. سلة للماعز والخراف.. وهكذا.. وهذا معروف لدى الجميع، حتى في المطاعم.. لم أر أحد يفعل غير ذلك.. !!!!
فأطرقت بهجة برأسها:
- لا أدري.. ربما هذا في طبقة النبلاء وحسب، فأنتِ لم ترتادي المطاعم الأخرى.. و بصراحة أنا لم أر ذلك إلا في منزلكم، وقد تفاجأت في البداية لوجود عاملة مسؤولة عن هذه السلال إضافة للعامل المسؤول عن التوصيل والتوزيع أيضا!!
عندها لمعت صورة في ذهن سوسن ظنتها مُحيت من ذاكرتها وفوجئت بها تظهر من جديد.. كان ذلك يوم أن قدمت سورا للمعهد أول مرة، والذي صادف دعوة ناديا للفتيات لمأدبة فاخرة بمناسبة حصول المعهد على جائزة التميز الأولى على مستوى البلاد، يومها.. أخذت فتاتان تتحدثان مع سوسن؛ وهن يحاولن التعرف على القادمة الجديدة من بعيد، قالت إحداهما:
- ألم تسمعي اسم عائلتها!! انها عائلة نبيلة معروفة.. ولكن هذا غريب!!
فردت عليها الثانية:
- وما الغريب في ذلك.. انظري إلى ملابسها ومظهرها.. إنهما يؤكدان ذلك..! حتى اسمها.. أظنها وُلدت في الخارج فاختار لها والداها هذا الاسم.. و هذا يحدث كثيرا بين النبلاء.. ما رأيك أنت يا سوسن؟
فأجابتها:
- وهل يفيدنا هذا بشيء!! ما يهمنا هو طريقة تعاملها معنا فقط!!
غير أن الأولى قالت- قبل أن تنسى ملاحظتها السابقة:
- لا أظنها نبيلة أصيلة.. الم تلاحظن كيف تركت بقايا طعام في صحنها! حتى أنها لم تضعه في السلة الخاصة.. لا يبدو عليها أنها ملمة بقواعد اللباقة العامة!!
لم يعجب سوسن وقتها ذلك الكلام عن القادمة الجديدة، فقالت باندفاع:
- ربما كانت شاردة الذهن.. أو مرتبكة.. ربما لم تنتبه لذلك.. لا يحق لنا الكلام عنها هكذا.. ثم أنه من غير اللباقة النظر في صحون الآخرين أيضا!!
فدافعت الفتاة عن نفسها:
- لم أكن أتعمد النظر في صحنها فهذا عيب طبعا، ولكنها كانت تجلس قربي.. وكنت أود التعرف عليها بطبيعة الحال..!(يتبع)
05-07-2013, 09:11#64تالع الجزء الثالث عشر..
انتبهت سوسن من ذكرى ذلك اليوم على كلام بهجة وهي تتابع حديثها:
- لقد عملتُ في منزل عائلة حديثة عهد بغنى، وقد كانوا من الطبقة المتوسطة، لو رأيت مقدار الأطعمة التي كانت تُرمى في القمامة عندهم لفهمتِ قصدي.. أظنهم بفعلتهم تلك كانوا يحاولون أن يثبتوا لأنفسهم وللجميع أنهم انتقلوا من مرحلة الفقر إلى الغنى..في حين أن هناك من يشتهي لقمة..!! بل إن منهم من يتباهى بذلك، حتى غدت صورة شائعة لدى الكثيرين.. المتدينون جدا وحدهم من يرفض فعل ذلك، وبالطبع تلحقهم صفة التعقيد دائما..
والتقطت بهجة نفسا لتردف بقولها:
- لقد حاولت أن أنقل هذه الصورة الجميلة التي رأيتها عندكم لمعارفي؛ خاصة وأنكم من علية القوم، إلا أن بعضهم لم يصدقني..
لم تستوعب سوسن في البداية أن هناك من يفعل غير ما اعتادت عليه في مجتمعها، والذي ظنته من المسلمات.. ولكن أن تلاحظ كبيرة الطهاة ذلك.. فهذا دليل على أنه لم يكن أمرا عاديا بالنسبة لها..إلا أنها لم تهتم لذلك كثيرا، فقد بدأت الحياة مؤخرا تكشف لها عن جوانب كثيرة قد تكون أكثر غرابة من هذا..
بدت بهجة وقد انسجمت في الحديث مع سوسن كمن نسيت ما كان من أمر ابنتها، إلا أنها سرعان ما ذرفت دموعها مجددا وكل شيء يذكرها بها، وهي تقول بألم:
- للأسف حتى أنني لاحظت ذلك على ابنتي في زيارتي الأخيرة لهم.. لقد فوجئت بها وهي ترمي بقايا طعامها في القمامة على خلاف ما اعتدنا عليه في منزلنا.. لم تعد ابنتي التي أعرفها.. لقد تغيرت كثيرا.. غير أنني كنت اكتفي بتوجيه بعض الملاحظات لها وحسب، و لم أتوقع أن يصل بها الأمر إلى ذلك الحد..
وبدت كمن ستفقد عقلها وهي تردد بإنكار:
- من كان يتخيل هذا..ابنتي تتورط في علاقة......!!
لكنها سرعان ما هدأت، وهي تشعر بيد سوسن الحانية تربت على كتفها:
- لا تفقدي الأمل..
فقالت- وهي تجفف دموعها- بنبرة لا تخلو من حسرة:
- سامحيني فقد أزعجتك معي.. لكنه موقف صعب جدا أسأل الله أن يعينني عليه، إنها ابنتي الوحيدة و كنت قد رسمت لها مستقبلا واعدا..فقد كانت جميلة مثل الوردة...
وكانت تلك الجملة كفيلة بتذكير سوسن بما نزلت من اجله و دفع بها الى هذا المكان، فنهضت من مكانها على حين غرة، وسارت باتجاه الطاولة الزجاجية حيث وُضع المصحف.. ارتعشت يدها قليلا وهي تتناوله لتطالع فهرسه بلهفة، وقد انطبعت في ذهنها آخر كلمة من رسالة نور "الأحزاب59" ، فيما رمقتها نظرات بهجة بدهشة..
جلست سوسن على أقرب مقعد وجدته و قد اقشعر جسدها ، وارتعشت كل خلية فيه، فدمعت عيناها وهي تعيد قراءة الآية بتمعن شديد المرة تلو الأخرى:
" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿59﴾"
بهتت سوسن بما قرأته.. !! ألهذا وُجد الحجاب إذن!! وأخذت تردد بينها وبين نفسها.. "فلا يؤذين"..!! أهذا لكل المسلمات.. يا الله!! فرغم أن بهجة كانت محجة وقد اشارت لحجاب ابنتها في معرض حديثها عنها.. لكن ذلك كان شائعا في طبقة الخدم؛ خاصة بين السيدات الكبيرات و المتوسطات في السن منهن، بل إنها لم تستغرب من تشديدها على ابنتها بضرورة التمسك به، فقد يكون هذا شائع أيضا عند الفقراء وأهل الطبقة المتوسطة.. أو المتدينون المعقدون فقط، أما غير ذلك.. فلم يكن من المألوف رؤية محجبات في الطبقات العليا من المجتمع.. ربما كانت نور هي الاستثناء الوحيد الذي قابلته في حياتها كلها، لم تلق للأمر أهمية كبيرة وقتها؛ فما كان يهمها في الآخرين دائما هو تعاملهم فقط.. ولم تكن لِتُعمل فكرها بطريقة لبس نور أو حجابها كثيرا، فربما هذا ما يفرضه التدين عليها من وجهة نظرها هي و التي يعدها من هم في طبقتها تعقيدا لا داعي له.. أما أن يكون الحجاب نداء من الله لحمايتهن من الأذى.. فهذا شيء لم يخطر ببالها قط..!!
بذلت سوسن جهدها للسيطرة على نفسها المصعوقة من هول ما اكتشفته، وهي تقترب من بهجة حاملة المصحف، وجلست قربها مشيرة بيدها.. قبل أن تسألها:
- هل سمعت بهذه الآية من قبل!
قرأت بهجة الآية لتزداد علامات التعجب على وجهها!! فما أدرى سوسن بموقع هذه الآية في القرآن..!! وهل يعقل أنها تعمدت الاستشهاد بها في هذا الظرف..!! فبحسب علمها عنهم أنهم أناس طيبون وحسب ولا علاقة لهم في أمور الدين وتشريعاته من قريب أو بعيد.. إلا بالأخلاق الحسنة وطيب المعاملة النابعة من نبل أصلهم.. أما غير ذلك...فلا!!
وفهمت سوسن ما يدور بخلد بهجة، فقالت لها موضحة:
- إنها صديقتي..ترسم لوحات من وحي آيات في القرآن، وهذه الاية أوحت لها بإحداها.. ولم أقرأها إلا الآن!!
خيمت لحظات صمت، كذبت فيها بهجة أذنيها، قبل أن تستأنف سوسن كلامها بتساؤل:
- هل الحجاب يمنع حدوث الأذى حقا!!
فقالت بهجة بثقة:
- قطعا بلا شك، فلم يفرض الله الحجاب على المسلمات عبثا.. ولكن هذا لا يعني أن جميع المحجبات سواء.. هناك عوامل أخرى أيضا، فــ....
وبترت عبارتها وقد انتبهت لنفسها.. ماذا تفعل!! إنها مجرد طاهية هنا لا أكثر.. وكلامها هذا قد يكلفها وظيفتها.. ماذا لو رأتها أم سوسن أو والدها الآن !! أيحق لها أن تعبث بأفكار ابنتهم وتملي عليها قناعاتها على هذا النحو...!! قد يكونوا لطفاء معها لكن لا أحد يضمن ردود أفعالهم إن ما تعلق الأمر بابنتهم الوحيدة المدللة..
ولم يخف على سوسن ملاحظة ذلك الارتباك في عيني بهجة وقد أدركت مغزاها، فلم تشأ إحراجها معها أكثر رغم رغبتها الشديدة في الحديث معها باستفاضة حول هذا الموضوع، فنهضت من مكانها وشدت على يديها بابتسامة مطمئنة وهي تغمزها بعينها:
- نحن لم نتكلم في شيء.. فلا تقلقي.. المهم الآن هو موضوع ابنتك..
فشدت بهجة على يدها بامتنان شديد ووقفت تحتضنها بحب:
- سأتدبر أمري يا ابنتي، فلا تشغلي بالك أرجوك.. واعتبري ما حدثتك به عن ابنتي سر بيننا.. فتكفيني مشاعرك الطيبة التي خففت عني الكثير، بعد أن كنت على وشك الانهيار.. و الحمد لله الذي أرسلك لي من حيث لا احتسب..
وابتسمت لها بتفاؤل:
- إطمئني.. أظن أنني استعدت توازني الآن بفضل الله وسأحاول التصرف بحكمة إن شاء الله..
فبادلتها سوسن الابتسام:
- أتمنى لك التوفيق..
***
عادت سوسن إلى غرفتها بتثاقل شديد دون أن تدري كم مر عليها من الوقت مع بهجة.. وارتمت على فراشها بتهالك شديد.. ماهذه المصادفة العجيبة.. أهي مصادفة حقا!! أكل هذه المصادفات العجيبة الغريبة تحدث معي في يوم واحد!!..هل من رابط بينها!!.. كأن هناك من يدعوني.. يدفعني بشدة.. يضع علامات في طريقي.. يرسل لي رسالة.. لي أنا بالذات...!! أين سمعتُ شيء كهذا...!!
اشارة.. رسالة...اشارة... رسالة... وأخذت هاتين الكلمتين تترددان في ذهنها وتتعاقبان كدقات الساعة، حتى كادت أن تصاب بالصداع، فنهضت من فراشها مرة أخرى كمن تفر من أفكارها.. ولكن إلى أين!! فأخذت تذرع الغرفة جيئة وذهابا إلى أن شعرت بالدوار، فاستلقت على سريرها من جديد.. غير أنها سرعان ما هبت فجأة وهي تقفز بفرح:
- "الخيميائي".. كيف نسيتها!!..لقد ورد ذكر شيء كهذا فيها..
وتذكرت تلك الرواية التي كانت مقررة عليهم في ايام الدراسة بصفتها إحدى أشهر الروايات العالمية التي أثارت ضجة واسعة، لقد أثارت حماستها حينها لا سيما وقد دار حولها نقاش مثير مع بقية زملائها في قاعة الدراسة وبعدها .. وحاولت أن تتذكر أين وضعت نسختها، محدثة نفسها:
- ربما في غرفة المكتبة.. ولكن .. كيف سأجدها الآن..
وارتعش جسدها قليلا.. فقد بدا لها من المخيف دخول تلك القاعة الكبيرة المليئة بالرفوف والكتب في هذا الوقت وحدها!!
غير أنها سرعان ما تذكرت هاتفها:
- يا لي من مغفلة.. كيف لم يخطر هذا ببالي من قبل!!
وتناولته بسرعة طابعة بضع كلمات لتبحث في محركات بحث الشبكة العنكبوتية:
- ترى بماذا تحدث الناس عنها.. أجل ها هي الـ..
وانتظرت قليلا ريثما فتحت على موقع محدد قرأت فيه بعض التعليقات، ثم تنقلت بين المواقع المختلفة تقرأ ما كتب فيها عن هذا الموضوع، إلى أن وصلت إلى فقرة أثارت اهتمامها بشدة:
"فلا شيء يحدث في هذه الدنيا مصادفة انما هو دليل او إشارة كما اسماها الخيميائي اذا
اخذها الانسان بجد وفعل فكره في سبب حدوثها فسوف تساعده على ايجاد دربه لتحقيق
امنياته في الحياة ولكن الكثير منا تمر عليه هذه الاشارات مرور عابر على اساس انها
صدفة ليس الا.." 05-07-2013, 09:44#65"فلا شيء يحدث في هذه الدنيا مصادفة انما هو دليل او إشارة كما اسماها الخيميائي اذا
اخذها الانسان بجد وفعل فكره في سبب حدوثها فسوف تساعده على ايجاد دربه لتحقيق
امنياته في الحياة ولكن الكثير منا تمر عليه هذه الاشارات مرور عابر على اساس انها
صدفة ليس الا.."......ان حقيقة واقع فعلا ...هذا المقطع هو حوصلة الاحداث التي عاشتها سوسن منذ لقائها لنور الي حد الان ...وجميع الاشاء والامور التي راتها واختلجت في روحها الطاهرة ...اوصلتها لهذه الحقيقة ...فمجرد احذاث وصدف بسيطة قد تكون الاشارة الي حقيقة فلسفية ...
اتعلمين لقد قرات رواية الخميائي ..واعجبت بها ...ولكني لم ادرك الحقيقة من مغزاها ...وشكرا لك لقد انبهتني الي كنز مهم سيفيدني وسيعود اليك بالجر والثواب لانك انبهتني الي حقيقة كنت غافلة عنها
صدقا هذه الرواية من اروع الروايات التي مرت عليا ...فهناك حقائف فلسفية وعلمية تعالجينها ..اظافة الى طابع الدين الذي اضفى اللمسات السحرية عليها ...فقد مكنتنا من رؤية حياة اناس يقرون بالاسلام ويؤمنون به قولا فقط دون فعلا .....
جزيييييييييل الشكر اليك
دمتي بود 05-07-2013, 19:08#66يعطيكي العافيه على الجزء الثالث عشر ما شاء الله جميل جدا
لا شيء من قبيل الصدفه , لكل شيء سبب ... ذكرتني بروايه حكومه الظل لمنذر القباني و الخميائي ينتظرني في مكتبتي أن أكمله , لم أجد منها سوى نسخه وحيده بالإنجليزيه فركنتها حتى حين يبدوا أنني سأكملها الأن
حزنت على بهجه شيء محزن و للأسف يحدث " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك " الله يحفظ بنات المسلمين و شبابهم من أعمال الشياطين
في إنتظار الجزء التالي
بالتوفيقاخر تعديل كان بواسطة » kisara في يوم » 05-07-2013 عند الساعة » 19:13
11-07-2013, 08:52#67"فلا شيء يحدث في هذه الدنيا مصادفة انما هو دليل او إشارة كما اسماها الخيميائي اذا
اخذها الانسان بجد وفعل فكره في سبب حدوثها فسوف تساعده على ايجاد دربه لتحقيق
امنياته في الحياة ولكن الكثير منا تمر عليه هذه الاشارات مرور عابر على اساس انها
صدفة ليس الا.."......ان حقيقة واقع فعلا ...هذا المقطع هو حوصلة الاحداث التي عاشتها سوسن منذ لقائها لنور الي حد الان ...وجميع الاشاء والامور التي راتها واختلجت في روحها الطاهرة ...اوصلتها لهذه الحقيقة ...فمجرد احذاث وصدف بسيطة قد تكون الاشارة الي حقيقة فلسفية ...
اتعلمين لقد قرات رواية الخميائي ..واعجبت بها ...ولكني لم ادرك الحقيقة من مغزاها ...وشكرا لك لقد انبهتني الي كنز مهم سيفيدني وسيعود اليك بالجر والثواب لانك انبهتني الي حقيقة كنت غافلة عنها
صدقا هذه الرواية من اروع الروايات التي مرت عليا ...فهناك حقائف فلسفية وعلمية تعالجينها ..اظافة الى طابع الدين الذي اضفى اللمسات السحرية عليها ...فقد مكنتنا من رؤية حياة اناس يقرون بالاسلام ويؤمنون به قولا فقط دون فعلا .....
جزيييييييييل الشكر اليك
دمتي بودأمواج السراب.. لا أعرف كيف أشكرك من أعماق قلبي، كلماتك دائما تثلج صدري وتبث في نفسي حماسة كتابية فريدة(: لك الأجر والثواب في هذا إن شاء الله وجزاك الله خيرا
وفي الحقيقة هناك أناس كثيرون.. نسأل الله لنا ولهم الهداية، يطبقون خُلُق الاسلام في تعاملاتهم رغم غفلتهم عن كثير من الأحكام والعبادات الشرائعية.. و للتنويه فقط، فإن فكرة الحفاظ على النعمة في بيت نبيل مثل بيت سوسن مستقى من أرض الواقع وقد شهدت بذلك خادمات تعمل في بيوت ثرية ومعروفة كن يلاحظن هذه الميزة هناك، وللأسف في المقابل نجد كثيرا من المسلمين لا يبالون برمي بقايا الطعام ( إن لم يكن الطعام نفسه) والتي قد تكفي اشباع بطون فقراء ليس لهم أحد إلا الله.. ثم يأتي من يظن بأن ترك بقايا طعام في صحنه هو من قبيل ( الاتيكيت!!!!!!!) والاتيكيت منه بريء!!!!!!!!! حتى في فرنسا.. واليك هذا الشاهد من موقع أجنبي عن ( Useful tips on life in France)
Table manners, a few tips if you are invited for dinner : don't come too early, don't eat too much of the first course, try everything and avoid leaving food on your plate,علما بأن هناك دولا أخرى متقدمة تأنف من ترك بقايا الطعام في الصحون مثل المانيا و ايضا في اليونان وتركيا
وقد اطلعت على موضوع مؤخرا يتحدث عن هذا الموضوع وموجود في النت، بعنوان:
“إتيكيت” الطعام عنوان الإنسان على المائدة
وكان من ضمنه جملة مهمة :
بانتهاء الطعام يجب عدم ترك بقايا في الطبق ويفضل أن يأخذ الفرد ما يتأكد من أنه يستطيع تناوله، وإن احتاج إلى كمية أخرى فلا مانع من طلب المزيد، فهذا أفضل من تقديم كمية كبيرة يُترك جزء منها في الطبق..
**
أعتذر عن الاطالة ولكن ملاحظاتك وتعليقاتك دائما تجعلني أبحر في الكتابة، نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا ويزيدنا علما
رمضان كريم فلا تنسينا من دعواتك في هذا الشهر الفضيل..وكل عام وأنت بخير(:
بالنسبة للجزء القادم سأضعه بعد رمضان إن شاء الله .. وحتى ذلك الحين أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
في أمان الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 11-07-2013, 09:03#68يعطيكي العافيه على الجزء الثالث عشر ما شاء الله جميل جدالا شيء من قبيل الصدفه , لكل شيء سبب ... ذكرتني بروايه حكومه الظل لمنذر القباني و الخميائي ينتظرني في مكتبتي أن أكمله , لم أجد منها سوى نسخه وحيده بالإنجليزيه فركنتها حتى حين يبدوا أنني سأكملها الأن
حزنت على بهجه شيء محزن و للأسف يحدث " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك " الله يحفظ بنات المسلمين و شبابهم من أعمال الشياطين
في إنتظار الجزء التالي
بالتوفيقأهلا بك مرة أخرى عزيزتي (:
إذا أردتَ رأيي الشخصي فإنني أنصحك بقراءة القصة بالنسخة الانجليزية.. أظنك ستجدينها أكثر متعة بل ومدهشة.. لعدة أسباب ستكتشفينها بنفسك أثناء القراءة(؛ ( إن شاء الله)وفعلا كما ذكرتِ شيء محزن ما حدث لبهجة وهو أمر يحدث بالواقع للأسف.. ونسأل الله أن يحفظنا ويحفظ بنات المسلمين وشبابهم ونسائهم ورجالهم وأطفالهم وشيوخهم..
لذلك كان أكثر دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم..
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ويا مصرف القلوب اصرفها إلى طاعتك
بالنسبة للجزء التالي.. كما ذكرت في الرد السابق سأنزله بعد رمضان إن شاء الله، فهذا أفضل والله أعلم(؛
في أمان الله
وكل عام وأنت بخير فلا تنسينا من دعائك
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم ومن جميع المسلمين صلاتنا وصيامنا وقيامنا ودعاءنا ويرزقنا قيام رمضان وصيامه ايمانا واحتسابا
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 09-10-2013, 17:46#69أين أنتِ عزيزتي ؟؟
متى البارت القادم ؟؟
منذ مدة ونحن ننتظر :"( 10-10-2013, 05:03#70اهلا بك عزيزتي وشكرا على سؤالك(:
كنت قد وعدت بردي السابق بان الجزء القادم سيكون بعد رمضان ان شاء الله، وكنت انوي بالفعل وضعه خلال شهر شوال، لكنني انشغلت بموضوع روايتي الاصلية التي اعمل عليها منذ سنوات إذ انها ضمن مشروع كبير أسعى إلى تحقيقه بعون الله، وهي الان تحت الطبع بفضل الله واسال الله ان يسهل نشرها بالخير..
وقد فتحت لها مؤخرا صفحة في الفيس بوك للمساهمة في الاعلان عنها باذن الله، وهذا رابط الصفحة( بما أنه ليس من الممنوعات ادراج روابط الفيس بوك ولله الحمد^^)
https://www.facebook.com/pages/%D9%8...8727324?ref=nfأما هذه الرواية فقد كنت أنوي انزال الجزء القادم منها خلال الاسبوعين القادمين ان شاء الله- الموضوع بالبال طبعا فاطمئني(؛ - وارجو المعذرة للتاخير، لكنني بررتُ لنفسي الأمر بأنني ما زلت في نطاق الوعد؛ بعد رمضان(؛
علما بان الجزء مكتوب على ورق، فقط يحتاج لبعض المراجعة والطباعة، فلا تنسينا من صالح دعائك خاصة في هذه الايام المباركة من عشر ذي الحجة(:وجزاك الله خيرا كثيرا
في امان اللهوصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
18-10-2013, 17:43#71^^
لا شكر على واجب عزيزتي
نعم لقد ذهبت للرابط تبدو رواية رائعة ما شاء الله بانتظارها على أحر من الجمر يا مبدعة
أرجو أن لا تتأخري أكثر
بإذن الله ~~
آميين وإيّاكِ يا رب 26-10-2013, 09:55#72جزاك الله خيرا عزيزتي وارجو أن تدعمينا بدعواتك الطيبة، وأن يبارك الله لنا بانجاز العمل بأفضل وجه يرضيه ويبارك لنا فيه وفي جهدنا ووقتنا
بالأمس قررت أخذ استراحة طارئة من (مدرسة الفروسية)، لأضع جزء جديدا من (تركته لأجلك) حتى لا اكون ممن يخلفون الوعد لا قدر الله، لذا ارجو أن تعذروني إن لم يكن الجزء بالمستوى المطلوب لا قدر الله(:
وأأكد مرة أخرى.. لا تنسونا من الدعوات الطيبة
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم 26-10-2013, 09:58#73الجزء الرابع عشر..
استيقظت سوسن على صوت هاتفها، حتى اذا ما أجابت على رنينه المُلِح أتاها صوت أيهم بلهفة من لم يسمع صوتها لعشر سنوات:
- كيف حالك يا حبيبتي؟ هل ستذهبين إلى المعرض الدولي مباشرة كما أخبرتِني؟
فردت عليه سوسن وهي تفرك عينها بتكاسل:
- أجل لقد ذكرتني، سأذهب إليه مباشرة، إذ سيقوم العمال بنقل لوحاتي إلى هناك، وعليّ الاشراف على ترتيبها عندئذ..
فقال أيهم بلهجة لا تخلو من ضيق:
- هذا يعني إنني لن أراك في المعهد هذا اليوم!
عندها انتبهت سوسن لهذه المعلومة الخطيرة.. ايهم وسورا في المكان نفسه، وهي بعيدة عنهما!!غير أنها نفضت الفكرة من رأسها بقوة وهي تحدث نفسها:
- لا أريد أن أخوض في أي شيء قد يعكر مزاجي، أيهم خطيبي وهو يحبني كما أحبه، فلاداعي لكل تلك الوساوس..
وساعدها كلام أيهم على طرد الفكرة أكثر، بقوله:
- لن يطيب لي اليوم الدوام في ذلك المبنى، لذا سأحاول إنهاء عملي مبكرا هناك، لألحق بك في أسرع وقت..
انفرجت شفتا سوسن عن ابتسامة عذبة، وقد شعرت براحة كبيرة، غير أنها حاولت أن لا تفصح عن مكنونات نفسها في ردها عليه، فاكتفت بقولها:
- سيسرني ذلك بالتأكيد، ولكن لا تضغط على نفسك..
فجاءها صوت أيهم ليطمئنها تماما:
- أي ضغط هذا الذي تقولينه يا حبيبتي عندما يلاقي المرء حبيبه!!
انتهت المكالمة ووقفت سوسن أمام المرآة وهي تسوي شعرها بيديها قبل أن تستحم، ومئات الأفكار تدور في رأسها جراء ما حدث ليلة الأمس:
- الاشارة واضحة على ما يبدو.. ولكن كيف لي أن اتبعها!! اليوم هو أول ايام المعرض الذي طالما حلمت بالمشاركة فيه، وعلي أن أكون صافية الذهن.. ولكن.. ماذا عن الاشارة!!!
وتنهدت:
- ترى ما رأي نور بهذه الفكرة؟؟ "الاشارة" هل تؤمن بها؟؟ ربما علي أن اسألها عن ذلك، فقد تفيدني بشيء..
ونظرت نحو اللوحة المعلقة فرددت:
- يا الله!! ماذا عساي أن أفعل الآن!!!
واتجهت نحو خزانة ملابسها تتأملها بنظرة يائسة، غير أنها لم تجد شيئا يوافق ما تفكر فيه، فالتفتت إلى سريرها وتناولت غطاءً خفيفا من فوقه قامت بثنيه، ثم وضعته على رأسها كما تفعل المحجبات عادة، وتأملت نفسها في المرآة قليلا:
- هل عليّ أن أبدو هكذا!!
وقبل أن تستطرد في أفكارها أكثر، انتبهت لصوت المنبه الذي لفت نظرها لضرورة الاستعجال، فهي لم تستحم بعد وستحتاج بعض الوقت لتجفيف شعرها وتصفيفه، بالاضافة لارتداء الملابس المناسبة التي لم تستقر على اختيارها بعد!!
***
حاولت سوسن أن تبدو أكثر اتزانا وهي تصعد الدرج بسرعة، لا سيما وهي ترتدي ثيابا رسمية جدا، استطاعت العثور عليها بصعوبة من بين أغراضها القديمة، قميص أبيض ذو ياقة عالية وأكمام طويلة، وتنورة سوداء تصل الى منتصف ساقها، وحذاء أسود ذو كعب متوسط، ورغم أنها حرصت أشد الحرص على الظهور بمظهر عادي غير ملفت، إذ اكتفت بربط شعرها إلى الخلف، ولم ترتدي أي نوع من مجوهراتها المعتادة، إلا أن العيون لاحقتها وهي تدلف إلى قاعة المعرض الكبيرة، حيث كان المكان يكتظ بالعاملين والمنظمين وغيرهم، فحاولت تجاهلهم رغم استيائها الشديد، إلا أن أحدهم بدا مصرا أكثر من غيره، فلم يكتف بالتهامس مع رفيقه وهو يشير اليها بعينيه عندما مرت من قربه، بل لحقها معترضا طريقها قبل أن تدخل، وهو يمد يده ليسلم عليها بجرأة:
- أنت الفنانة سوسن؟ اليس كذلك؟ يسعدني أن التقيك يا آنسة..
حملقت فيه سوسن بضع لحظات بدهشة، قبل أن تمد يدها مجاملة:
- عفوا من معي؟
فابتسم الرجل:
- لست مشهورا ومهما مثلك، فأنا مجرد زائر انتظر الافتتاح الرسمي للمعرض..
وغمزها بعينه ضاحكا:
- لقد لفتتني الاعلانات عنه..
لم تفهم سوسن سببا لغمزته تلك، ولم يتركها الرجل لتفهم، إذ سرعان ما أخرج بطاقة من جيبه ناولها اياها بابتسامة جَذِلة:
- اسمي سمير، وهذه بطاقتي الشخصية، إن احتجت أي شيء فلا تترددي..
لم ترغب سوسن بتناول أي شيء منه، لكنها لم تجد بدا من فعل ذلك، مكتفية بابتسامة مقتضبة، تمنت لو يفهم هذا الرجل من خلالها كم هي مستاءة من تصرفه، ومن لطف الله بها أن الحراس على الباب كانوا يمنعون دخول أي شخص ليس له عمل رسمي قبل الافتتاح، وإلا لما توانى ذاك الرجل عن اللحاق بها..
وما أن أغلق الباب الكهربائي خلفها، حتى تنفست الصعداء وهي تتجه نحو الصالة الرئيسة، ولم يكن يخطر ببالها أن ما قابلته للتو في الخارج؛ ما هو إلا جزء يسير مما سيواجهها في الداخل..
***
وقفت سوسن على بعد خطوتين من واجهة العرض حيث وُضعت لوحاتها، غير مصدقة أذنيها وهي تستمع لحديث دار بين سامر وسيدة محجبة كانت تتكلم بعصبية:
- هذا ليس عدلا يا أستاذ سامر، أقدر كونك المشرف العام على تنظيم المعرض، ولكن لا يمكن للوحات تلك الفتاة أن تحتل هذه الواجهة الأمامية، وهناك من هم أقدر منها من الفنانين!!
فيرد عليها سامر بجدية:
- هل تنكرين أنها جميلة!!
فزمّت السيدة شفتيها معلقة بازدراء:
- تقصد اللوحات أم هي؟؟
احمر وجه سامر وشعر بارتباك مفاجئ، وهو يرد يتوتر ملحوظ:
- ما الذي تقصدينه يا سعاد؟؟ انني أتكلم عن اللوحات بالطبع!!
غير أن السيدة لمحت سوسن، فأشارت اليها بكلام لا يخلو من ضيق:
- يبدو أنها جاءت.. متأخرة كعادة هؤلاء الفتيات اللامباليات، لعلهن يلفتن المزيد من الانظار..
لم تستطع سوسن تصديق ما سمعته بداية، وتمنت لو بامكانها الهروب من هذا المكان بأقصى سرعة، بعد أن خاب أملها بهذه السيدة المحجبة التي ذكرتها بنور في البداية!
لماذا هذه الاتهامات!! ما الذي فعلته لها ياترى!! انني حتى لم أرها إلا هذه اللحظة!!
وانتبه لها سامر فاسرع نحوها مرحبا، ليتدارك الموقف بسرعة، خشية أن تكون سوسن قد سمعت كلامهما، فيما ابتعدت سعاد بغيظ وهي تحدث نفسها بكلام لايروق لأحد بالتأكيد..
حاولت سوسن تناسي ما سمعته قبل قليل لتُجاري سامر في حديثه، حيث بدا منفعلا جدا وهو يوضح لها فكرته في تنسيق لوحاتها لتظهر بأبهى صورة، وهو يوجه تعليماته للعامل:
ضع هذه هنا.. وهذه هناك.. ارفع هذه قليلا للأعلى... جيد.. وتلك إلى اليمين لو سمحت.. أشكرك..
حتى قال ملتفتا نحو سوسن:
- ما رأيك الآن آنسة سوسن؟ هل أعجبك؟
هزت سوسن رأسها بإيماءة خفيفة، دون أن تستطيع اخفاء نظرات الحزن في عينيها، وبدت مترددة قبل أن تقول:
- اشكرك، ولكنني لا أرغب في الظهور في واجهة لا أستحقها..
فقال لها سامر بلطف وتفهم:
- أرجوك آنسة سوسن، لا تجعلي كلام الآخرين يؤثر بك هكذا، أنت فنانة موهوبة ومتميزة جدا، ومن الطبيعي أن تجدي من يحسدك..
اكتفت سوسن بابتسامة خفيفة ولم تقل شيئا، فيما تعلقت عينا سامر بها لوهلة قبل أن ينتبه لنفسه، فأسرع يقول:
- حسنا أراك فيما بعد يا آنسة، فلدي بعض الاعمال الأخرى، وأرجو أن تكوني مستعدة فلم يبق على موعد الافتتاح أكثر من ساعة..
***
لم تتوقع سوسن أن تنسجم بسرعة مع الزائرين الذين توافدوا على المعرض، وهي تشرح لهم بحماسة منقطعة النظير عن لوحاتها، كانت غارقة تماما في جوها الحالم الهادئ؛ حتى بدت لمن يراها ويسمعها كحورية خرجت من ذلك العالم الوردي لتحكي لهم عنه..
وبدا أن من يقف عندها، يجد صعوبة في الذهاب لزيارة بقية أرجاء المعرض، إذ كانت زاويتها أكثر زاوية تعج بالحركة والنشاط، ولم تكن سوسن لتركز بوجوه الحاضرين جميعا أو تنتبه لهم، غير أن رجلا بصحبة زوجته أثار انتباهها بشدة؛ وهو يصر على أن يكون قريبا منها ويبادلها الحديث بشكل مباشر، فكان يختلق أسئلة لا معنى لها ليحقق هذا الغرض، فيما كانت زوجته تشده من ذراعه، معربة عن رغبتها في زيارة ركن آخر..
كان الرجل مصرا على تجاهل زوجته بشكل غريب، حتى إذا ما تمادت في الحاحها عليه، صرخ في وجهها بعصبية:
- لن أتحرك من هنا، إذهبي وحدك إذا رغبتِ!!
شعرت سوسن بالحرج الشديد مما رأته، وتمنت لو بإمكانها فعل شيء من أجل تلك الزوجة المسكينة التي اسرعت تبتعد في هيجان شديد، فيما تابع الرجل حديثه مع سوسن وكأن شيئا لم يكن، وهو يقول لها بابتسامة متوددة:
- وماذا عن هذه اللوحة يا آنسة؟
ورغم إنه من الطبيعي أن تجيب سوسن على سؤال كهذا، لكنها شعرت في تلك اللحظة بأنها تود الصراخ في وجهه لتقول له:
- أي رجل أنت! وأي لوحة هذه التي سأحدثك عنها بهذا البرود!! ألا يوجد لديك احساس!!!
غير أن ظهور سامر في تلك اللحظة أنقذها، وهو يسرع نحوها بابتسامة ذات معنى، مشيرا اليها بطرف عينه علامة التفهم، وهو يقول لها:
- يبدو أنك أُجهدتِ من الوقوف هنا يا آنسة سوسن، تستطيعين الذهاب لأخذ استراحة قصيرة وسأتولى الشرح لهذا الرجل نيابة عنك..
فابتسمت شاكرة بامتنان شديد لم تشعر بمثله من قبل:
- شكرا لك أستاذ سامر.. شكرا لك..
وذهبت بسرعة كمن يفر من قبضة صائده، فيما تمعر وجه الرجل الذي وقف مضطرا لسماع شرح سامر..
***
كانت سوسن تهم بغسل يديها ووجهها أمام المرآة في دورة المياه الخاصة بالسيدات، عندما فوجئت برؤية تلك الزوجة تبكي بحرقة وقد تورمت عيناها، وقبل أن تختار الكلمات المناسبة لتعبر فيها عن تعاطفها معها واسفها من أجلها دون أن تؤذي مشاعرها، فوجئت بنظرات السيدة نحوها وهي ترمقها بحدة، قبل أن تقول لها بقسوة:
- كل ذلك بسببك يا صائدة الرجال!!
وقفت سوسن برهة تحملق بالزوجة وهي تحاول تكذيب ما سمعته!!
غير أن الزوجة أحبت تأكيد ما قالته، فأعادت كلماتها على مسامع سوسن لعلها تشفي غليلها منها:
- أجل يا صائدة الرجال، كل ذلك كان بسببك أنت ولا تتظاهري بالبراءة..
لم تستطع سوسن الصمود أكثر وشعرت بشلل في قدميها، بل وفي جسدها كله..
ماهذا الكلام ياربي!! أهذا كلام يُوجّه إلي أنا!!!!! مستحيل...
وبصعوبة حاولت الدفاع عن نفسها:
- ماهذا الهراء! أنت تسيئين الفهم بلا شك..
ولم يكن ينقصها في تلك اللحظة إلا دخول سعاد- تلك السيدة المحجبة التي رأتها مع سامر في الصباح- وكأنها جاءت خصيصا لتنتقم منها شر انتقام، وقد سمعت جزءا من الحديث، فأضافت بتشفي:
- هذا صحيح ولولا سفورك هذا، وميوعتك يا صائدة الرجال...
قالتها سعاد وهي تضغط على حروفها كمن أعجبها الوصف، قبل أن تتابع:
- لولا ذلك كله لما وصلتِ إلى هذا المكان أبدا..
وجدت سوسن نفسها في دوامة كادت أن تفقدها وعيها تماما، فقد كانت وحدها في حلبة لم تختار المجيء اليها، لتجد اثنين من عتاولة المصارعة بانتظارها.. هذا ما خُيّل اليها في تلك اللحظة، وتذكرت كلام سامر.. انه الحسد.. فكوني قوية ولا تضعفي بسهولة أمام كلام الاخرين..
وكأن صمت سوسن وذهولها لم يعجب السيدتين، فقالت سعاد بغيظ:
- لا تتظاهري بالسذاجة، الم تري كيف ملأت صورك اعلانات المعرض في طول المدينة وعرضها!! ليتها كانت صور لوحاتك على الأقل، بل صورك أنتِ، أم تدّعين أنك لم تلاحظي ذلك ايتها الماكرة!!
ومع كلمتها تلك رمت نحوها بصحيفة، تصدرت فيها صورة سوسن الصفحة الأولى، في دعوة عامة لزيارة المعرض..
وبحركة تلقائية انحنت سوسن لتتناول الصحيفة التي وقعت عند قدميها، وحملقت في صورتها لوهلة والدموع تغمر عينيها، إذ لم تعد قادرة على الصمود أكثر، ومن دون أن تضيف كلمة واحدة، خرجت تجري مسرعة باتجاه مكتب رئيس المعرض، وهي تنشج بشدة، حتى أنها لم تتبين وقع خطواتها تماما، إذ شعرت بأنها ستنهار في أي لحظة إن لم تصل إلى هناك بسرعة..
وقبل أن تقطع نصف المسافة اصطدمت بأحدهم، فرفعت رأسها لتفاجأ بسامر ينظر اليها بحنان بالغ، وهو يمسكها من كتفيها.. عندها تمنت من أعماق قلبها لو أنه أيهم، إذاً لرمت نفسها بين ذراعيه لتبكي بشدة، غير أنها سرعان ما اعتدلت في وقفتها وابتعدت خطوة للوراء معتذرة بأدب، وهي تمسح دموعها بيدها اليسرى:
- أرجوك استاذ سامر، لا أريد أن استمر أكثر، انني أكره أن أجد نفسي في مكان لا استحقه..
فنظر اليها سامر بتعجب:
- ومن قال بأنك أخذتِ موقعا لا تستحقينه!! ألم أقل لك...
غير أن سوسن رفعت الصحيفة امامه لتريه الصفحة الاولى وهي تجاهد لتقول:
- لماذا صورتي أنا!! وليست صور لوحاتي على الأقل؟؟
قالت جملتها بصوت متهدج ينم عن انكسار واضح، فيما انهمرت الدموع من عينيها انهارا، مما أشعر سامر بشفقة كبيرة نحوها، حتى أنه هم بأن يحضنها، لكنه تدارك نفسه مكتفيا بوضع يده على كتفها مهدئا:
- لا شك أنها سعاد، لقد قلتِ لك انه الحسد يا...
وهم بأن يقول كلمة سرعان ما ازدردها في جوفه وقد احمر وجهه، دون أن تلحظ سوسن ذلك منه، إذ انتبهت لمجيء ايهم في تلك اللحظة، فأسرعت نحوه سامحة لنفسها بأن ترتمي على صدره ملقية بهمومها التي عجزت عن حملها عنده، فما كان منه إلا أن احاطها بذراعيه، طابعا قبلة على رأسها وهو يسألها بعذوبة:
- خيرا يا حبيبتي، ماذا حدث؟
ورفع رأسه لتلتقي عيناه بعينا سامر للحظات قبل أن يشيح الأخير بوجهه دون أن يقول شيئا، فسألها ايهم باهتمام:
- هل آذاك ذلك الشخص يا سوسن؟
فرفعت سوسن رأسها عن صدره وقد هدأت قليلا:
- كلا، بل على العكس كان لطيفا جدا معي.. انه الاستاذ سامر الذي حدثتك عنه..
لم تستطع سوسن معرفة وقع جملتها تلك على ايهم تماما، لكنها سمعته وهو يخاطب سامر الذي أرخى عينيه وقد بدا عاجزا تماما عن الحركة:
- شكرا لك استاذ سامر، ارجو أن لا نكون قد اثقلنا عليك، فخطيبتي حساسة جدا ولا شك أنها سمعت ما يؤذيها من الفتيات كالعادة..
فابتسم سامر ابتسامة باهتة، وقد التقت عيناه بعيني ايهم من جديد:
- لا بأس..
وابتعد ليُخلي الجو لهما، وهو يشعر بألم لا حد له، وكأن المعرض لم يعد فيه إلا ثلاثتهم فقط..اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 26-10-2013 عند الساعة » 12:32
27-10-2013, 16:31#74أنا متابعة جديدة و لقد أعجبتني قصتك لما تحويه من معانٍ و أهداف إسلامية سامية و بلإضافة انها قصة رومانسية
في انتظار الجزء الجديدLife continues ~_~ moving on
even if you stopped moving on 28-10-2013, 16:20#75 30-10-2013, 08:50#76جزاك الله خيرا عزيزتي وارجو أن تدعمينا بدعواتك الطيبة، وأن يبارك الله لنا بانجاز العمل بأفضل وجه يرضيه ويبارك لنا فيه وفي جهدنا ووقتنا
بالأمس قررت أخذ استراحة طارئة من (مدرسة الفروسية)، لأضع جزء جديدا من (تركته لأجلك) حتى لا اكون ممن يخلفون الوعد لا قدر الله، لذا ارجو أن تعذروني إن لم يكن الجزء بالمستوى المطلوب لا قدر الله(:
وأأكد مرة أخرى.. لا تنسونا من الدعوات الطيبة
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلمآمين وأيّاكِ
بإذن الله ، آميين ، آميين
جيد أنكِ أخذتِ استراحة لأن الاسترحة ضرورية بين كل فترة وأخرى حتى تستطيعين تجميع أفكاركِ من جديد، وبإذن الله لن تكوني منهم ،
بل الجزء رائع جداً جداً لقد أعجبني للغاية لكنه قصير جداً بما أنه جزء بعد انقطاع دام قرابة الثلاثة أشهر :'(
بإذن الله عزيزتي
بانتظار الجزء القادم ، لا تتأخري أرجوكِ
اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بالتوفيق 31-10-2013, 11:35#77القصة روعة روعة روعة
حجز لي
20-11-2013, 10:56#78أهلا وسهلا بك عزيزتي، يسعدني أن القصة قد حازت على اعجابك، وأرجو من الله أن تكون عند حسن ظنك دائما(:
€v€
جميل ،و لي عودة باذن اللهشكرا للمرور الظريف وسنكون بانتظارك إن شاء الله(:
جينوفا
القصة روعة روعة روعةحجز لي
جزاك الله خيرا لهذه الكلمات المشجعة(: ومقعدك المحجوز بانتظارك، وساكون سعيدة برؤيتك مجددا إن شاء الله(:
في أمان الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
20-11-2013, 11:06#79آمين وأيّاكِ
بإذن الله ، آميين ، آميين
جيد أنكِ أخذتِ استراحة لأن الاسترحة ضرورية بين كل فترة وأخرى حتى تستطيعين تجميع أفكاركِ من جديد، وبإذن الله لن تكوني منهم ،
بل الجزء رائع جداً جداً لقد أعجبني للغاية لكنه قصير جداً بما أنه جزء بعد انقطاع دام قرابة الثلاثة أشهر :'(
بإذن الله عزيزتي
بانتظار الجزء القادم ، لا تتأخري أرجوكِ
اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بالتوفيقجزاك الله خيرا عزيزتي لتفاعلك الجميل الذي ترك أثرا طيبا في نفسي، فعزمتُ أن لا أعود بعد أن تم نشر موضوع (مدرسة الفروسية) بفضل الله، إلا ومعي جزءا جديدا وطويلا نسبيا من "تركته لأجلك" (كرمالك) (:
وأرجو أن أكون عند حسن ظنك(؛الجزء الجديد مختلف نوعا ما عن سابقيه، خاصة وأنه سيسلط الضوء على شخصية لا أظنها لاقت استحسان متابعي الرواية أبدا..
ربما ستكون فرصة جيدة لرؤية الأمور من زاوية أخرى(؛وإن شاء الله سأكون بانتظار تعليقاتكم الكريمة حول هذا الجزء بالذات.. وانطباعاتكم وحتى توقعاتكم(؛
الجزء الجديد في الرد التالي إن شاء الله
بانتظاركم(:
في أمان اللهوصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
20-11-2013, 11:45#80الجزء الخامس عشر..
كانت إحدى فتيات المعهد قد أنهت تسوقها للتو؛ عندما لمحت سورا تسير مسرعة دون أن تنتبه لوجودها، مما أثار فضولها، فتبعتها منادية:
- سوووورا..
جفلت سورا فجأة قبل أن تلتفت إلى صوت مُنادِيتها:
- فاتن!! ماذا تفعلين هنا؟
فرمقتها فاتن بنظرات استفهام غريبة:
- ماذا أفعل!! وهل هذا مكان لا يُفترض بي التواجد فيه!!
ارتبكت سورا قليلا، لكنها سرعان ما استعادت ثبات شخصيتها المعتاد، ففاتن ينقصها الكثير من الذكاء لتفهم الآخرين، وأطلقت ضحكة خافتة:
- لا تحملقي بي هكذا! كنت أسألك وحسب..
فابتسمت فاتن التي كانت رغبتها لتقول ما عندها أكبر من اهتمامها بسماع المزيد من تبريرات سورا:
- أين كنت طوال هذه الفترة؟؟ لقد حاولتُ الاتصال بك مرارا لكن هاتفك كان مغلقا!! قلقت عليك كثيرا!
فقالت سورا بابتسامة مطِمئنة، وقد أدركت تماما أن لهفة فاتن عليها لايعني سوى أنها ترغب في محادثتها بأخبارٍ تجدها مثيرة:
- لكنني لم أتغيب سوى أمس، وهذا اليوم الثاني!
غير أن فاتن التي لم تكن تنتظر منها جوابا، سرعان ما شرعت بالكلام كمن يخشى أن يفوته شيء:
- اليوم لا يوجد دوام في المعهد على أية حال، لذا خرجتُ للتسوق.. تعرفين بالطبع، فاليوم هو افتتاح المعرض، وقد حضرت اللجنة الفنية أمس..
عند تلك الجملة وجدت سورا نفسها مضطرة لمقاطعة فاتن التي كانت مسترسلة بالحديث، فسألتها بدهشة:
- ولكن يُفترض بهم أن يأتوا غدا، أليس كذلك؟؟
شعرت فاتن بنوع من المتعة وهي تثير اهتمام سورا بكلامها، فقالت:
- لقد تفاجأنا بذلك بداية، ولكن كما قالت جولي، يبدو أنهم قاموا بعمل تعديلات سريعة في الجدول، بسبب موعد الانتخابات، وأظن أن مدير المعرض سيرشح نفسه للانتخابات الوزارية المقبلة، أنت تعرفين جولي.. لديها استنتاجات دائما بخصوص كل شيء! على كلٍ كان يوما مثيرا، وليتك رأيتِ وجه نيدو قبل وصول اللجنة وقد بدأت تفقد أعصابها....
كان (نيدو) هو الاسم الذي تعارفت فاتن مع بعض زميلاتها في المعهد على استخدامه لقبا للآنسة ناديا، غير ان سورا قاطعتها بلهجة صارمة:
- ألم تعرض لوحاتي؟؟
انتبهت فاتن إلى أن سورا لم تكن تستمع لما تقوله، وقد أصبح ذهنها مشغولا بفكرة واحدة، فأجابتها ببرود:
- بلى، قامت نيدو بعرضها، حتى أنها تولّت الشرح نيابة عنك، ولكن سواء أحضرتِ أم لا، كانت سوسن ستفوز بالبطاقة الوحيدة بعد ما حدث..
واستدركت بلهجة متحفزة:
- آه.. أجل نسيت أن أخبرك، يبدو ان شاب جديد على وشك الوقوع في حبالها، إنه مسؤول مهم في اللجنة الفنية، ولا أدري إلى أين وصلت به قصة الحب تلك، كان واضحا من نظراته.. وبالطبع لم يخفَ ذلك على أحد منا، تقول جولي بأن قصة حب شائكة ستقع قريبا، ولولا أنني كنتُ أنتظر الفرصة المناسبة للتسوق؛ لذهبتُ مع بقية الفتيات للمعرض لمتابعة فصول هذه القصة المثيرة..
وأطلقت ضحكة عالية، اما سورا التي تعكر مزاجها تماما، فقد حاولت جاهدة الحفاظ على رباطة جأشها وهي تسأل فاتن كمن استوعبت ما سمعته على حين غرة:
- هل قلتِ أنه قد تم افتتاح المعرض العالمي هذا اليوم؟
حملقت فاتن فيها بعينين مفتوحتين عن آخرهما، غير مصدِّقة:
- ألا تعرفين ذلك!! ولماذا أعطتنا الآنسة ناديا اليوم عطلة إذن!! ألم تلاحظي الاعلانات التي ملأتها صورة سوسن في طول المدينة وعرضها؟؟ لا أظن أنه بقي أحد لم يعرف بأن اليوم هو موعد الافتتاح، إذ لم تبقَ صحيفة ولا مجلة ولا أي وسيلة إعلامية إلا ذكرت ذلك!
عضت سورا على شفتيها غيظا، فهي لم تكن لتهتم بإعلان نُشِرت فيه صورة سوسن، كائنا ما كان ذلك الاعلان، وكأن هذا يعطيها شعورا بالرضى؛ لكونهم قد خسروا زبونة مهمة مثلها بسبب سوء استخدامهم للصورة المناسبة!!
لكن فاتن سرعان ما فهمت ما يجول بخلد سورا فغمزتها باسمة:
- على الأقل هذه فرصتك، فأيهم سيكون وحده!!
وتابعت وهي تحاول تلطيف الجو:
- هيا اعترفي.. ألم تكوني تخططين للإيقاع به؟؟
بوغتت سورا بسماع ذلك، وكاد الارتباك أن يفضحها.. هل عرف أحد بما أنوي القيام به حقا!! لكنها انتبهت إلى أن كلام فاتن لا يعدو كونه تعليقا غير مقصود لا أكثر، فابتسمت بمكر وهي تتظاهر بمجاراتها المزاح:
- ولم لا..
فقالت فاتن وقد أعجبتها الفكرة:
- حسنا، ولكن لا تنسِني من الغنيمة..
وضحكت الاثنتان بصوتٍ مرتفع، قبل أن تفترقا..
سارت سورا وحيدة باتجاه منزلها، وكلمات فاتن ترن في أذنها بانتظام، لقد خططت كثيرا، وقد كانت تستعد لخطة محكمة، دون أن تحسب حسابا لفرصة ذهبية كهذه!! فهل تتبع خطتها أم تستثمر هذه الفرصة!! خطواتها يجب أن تكون مدروسة، فلا مجال للخطأ.. وأي تهور من قبلها قد يقلب الأمور رأسا على عقب.. لقد خسرت المشاركة في المعرض العالمي، لكنه لا شيء يُذكر أمام هدفها الأكبر، هدفها الذي يستحق التضحية بكل ما تعنيه الكلمة من تضحية..
وأطلقت تنهيدة طويلة بثتها ما يختزن في صدرها من أشجان:
- الجمال الأخاذ الساحر.. لا يكفي وحده...
قالتها لنفسها وهي تشعر بأن رأسها على وشك الانفجار..
لقد قدم لها جمالها خدمة جليلة فيما مضى، لكنه ليس بالقدر المطلوب ليحقق المزيد من طموحاتها..
وعادت بذاكرتها سنوات طويلة إلى الوراء، لم تعد تهتم بذكر عددها..
طفلة صغيرة لم تتجاوز السادسة من عمرها، وإن بدت أكبر من ذلك بثلاث سنوات على الأقل، تجري حافية القدمين بحماسة وسط الزقاق في أحد الأحياء الفقيرة، وهي تقود خلفها بقية الأطفال المشاغبين، الذين انصاعوا لأوامرها كزعيمة عصابة لا تُقهر، فقد كانت أكثرهم جرأة وقوة في الشخصية، ويكاد الجميع يحسب لها ألف حساب.. كانت زعيمة بفطرتها، بل وموهوبة في السيطرة!!
يومها كانت تجمعهم لوضع خطة محكمة لمهاجمة أكثر البيوت إدقاعا بالفقر في حيهم، تعبيرا عن انتقامهم لبيع صديقتهم الصغيرة سعيدة..
سعيدة.. تلك الطفلة البريئة التي كانت تمثل دور الخادمة المطيعة لجلالتها، بصفتها الزعيمة أو الملكة الآمرة الناهية للجميع.. كان مظهرها يثير الشفقة وهي تبتعد عنهم وقد أمسكتها أمها من يدها، بعد أن قررت ارسالها لمكان يضمن لها مستقبلا أفضل، بدلا من الموت جوعا مع أسرة لم تعد تطيق البقاء في هذه الحياة القاسية.. خاصة وقد تبين جليا أن اسمها وحده لن يجلب لها السعادة ما دامت ستبقى في هذا المكان.. وهكذا اتخذت امها ذلك القرار.. باختصار.. قرار (بيعها)..
لقد بيعت (سعيدة)..!
كم كانت هذه الكلمة قاسية حتى على أطفال لا يفهمون شيئا في عالم التجارة!!
كانت المجموعة قد وقفت في المكان الذي حددته لهم (الزعيمة)، وبدأت تُملي عليهم أوامرها لتنفيذ خطتها الانتقامية، عندما لفت نظرها سيارة فارهة تقف عند بداية الزقاق المؤدي لمنزلها، كان منظرها ملفتا للانتباه بالفعل حتى أن بعض أطفال مجموعتها تجرؤا على مقاطعة حديثها الهام وهم يشيرون إلى السيارة بجلبة واضحة، حتى الزعيمة اندمجت معهم في ذلك الحديث لوهلة:
- هل رأيتم مثلها من قبل؟؟
- ربما.. ولكن ليس في هذا المكان!
- يقول أخي أن حي المدينة الشرقي يزدحم بالسيارات الفارهة من كل نوع! لو رأى هذه السيارة لعرفها بالتأكيد!
- وما أدرى أخوك بذلك!!
- ألا تعرف! إنه يعمل بتنظيف السيارات.. ولديه خبرة واسعة..
- ربما هذه واحدة منها إذن!!
- ولكن ماذا تفعل هنا؟
- هل تظن أنهم أخطئوا العنوان؟
- طبعا.. فما الذي يريده أهلها بحينا؟؟
- أو ربما جاؤا ليبحثوا عن منظف لها..
- ما رأيك يا زعيمة، من يكونون؟
وقبل أن تدلي الزعيمة برأيها حول هذا الموضوع، نزل السائق ليفتح الباب الخلفي من السيارة، فاسحا المجال لسيدته بالنزول، بدت سيدة ثرية جدا في أواسط عمرها، فتعلقت بها نظرات الأطفال وهي تعدل لف فراءٍ باهظ الثمن حول عنقها، فيما حملت حقيبة من الجلد الطبيعي، لا يملك من يراها إلا أن يُقدّر من نظرة واحدة أنها تحوي كنوز الدنيا كلها، واتجهت مباشرة نحوهم فيما تبعها اثنان من حراسها الشخصيين..
كانت لحظات مثيرة تجمد الجميع خلالها في اماكنهم دون أن ينبسوا بكلمة واحدة، حتى الزعيمة.. كانت مثلهم، وكأنهم على موعد مع ملكة من ملكات الأرض، لا يفصلهم عنها سوى بضع خطوات وئيدة من جلالتها..
حدقت بهم السيدة لوهلة بعد أن وقفت على بعد خمس خطوات منهم، فيما اختبأ معظم الأطفال خلف زعيمتهم التي وقفت بانتظار ما تريده تلك السيدة بنظرات متحدية.. اقتربت السيدة منها أكثر وقد افترت شفتاها عن ابتسامة خافتة، قبل أن تلتفت إلى حارسها الواقف عن يمينها قائلة:
- إنها جميلة، أليس كذلك؟ أظنها ستؤدي الغرض..
علا التجهم وجه الطفلة الزعيمة، ولم تنتظر سماع ما تريده تلك السيدة؛ بل بادرتها بلهجة قوية جريئة لا تناسب سنها أبدا:
- ما الذي تريدينه منا؟؟
فابتسمت السيدة برضى:
- تعجبني هذه النظرات الواثقة، هذه هي الشخصية التي تناسبني تماما!! ما اسمك يا صغيرتي؟
أجابتها الطفلة بفخر، فيما ازداد التصاق الأطفال بظهرها:
- سليمة أو الزعيمة، كلاهما سيان عندي..
هزت السيدة رأسها بتفهم، دون أن تلقي بالا لتلك اللهجة ذات الكبرياء الواضح:
- سليمة.. اسم يلائم هذا المكان فقط..
لم تفهم سليمة ما الذي عنته السيدة بقولها، فيما تابعت الأخيرة سؤالها بتودد:
- أين منزلك ايتها الزعيمة؟
أشارت سليمة بيدها إلى أحد الأبواب الكثيرة المتهالكة والملتصقة ببعضها، حتى يشك من يراها أنها تؤدي لبيوت مختلفة، ثم قالت باحتراسٍ قبل أن تلاحظ السيدة أي باب هو المقصود بالضبط:
- ولكن ماذا تريدين منا أيتها السيدة؟؟
فابتسمت السيدة:
- أريد مقابلة والدتك يا عزيزتي، لك عندي مفاجأة ستعجبك بالتأكيد..
ورغم أن كلام السيدة أثار فضول سليمة، إلا أنها تظاهرت بغير ذلك، فاكتفت بإجابة مقتضبة:
- أمي متوفية..
لم تعلق السيدة بكلمة بل اكتفت بتبادل نظرات ذات مغزى مع حارساها، ثم سألت سليمة بشفقة واضحة:
- مع من تسكنين يا صغيرتي؟
لم يرق لسليمة أسلوب السيدة وهي تخاطبها بتلك اللهجة، فأجابتها بلا مبالاة:
- مع أبي وزوجته..
فقالت السيدة وهي تحاول أن تكون أكثر تفهما لشخصيتها لعلها تستميلها إليها:
- حسنا، هلا أخذتِني إليهم؟
ظهرت علامات الشك واضحة في عيني سليمة، وبدت مترددة في الانصياع لكلام هذه المرأة الغريبة، غير أن السيدة شجعتها بقولها:
- ألا تريدين أن تصبحي ملكة!
ورغم ذكاء سليمة اللماح، الذي تضاهي به من يكبرها بعشر سنوات على الأقل، إلا أن روح الطفولة غلبتها، فلم يستغرق الأمر سوى بضع كلمات أخرى من تلك السيدة، حتى كانت سليمة قد أوصلتها إلى المنزل، فالتفتت إليها السيدة بابتسامة مشرقة:
- تستطيعين الذهاب الآن ريثما أنهي بعض الاجراءات..
لم تعرف سليمة في ذلك الوقت ما الذي دار في الداخل، ولم تكن تُدرك أنها لن تكون بحاجة لتنفيذ خطتها الانتقامية ممن تسبب في بيع سعيدة، غير أن ما حدث بعد ذلك أفهمها بأنه قد تم (بيعها) هي الأخرى!!
البؤساء.. كم هم جهلة هؤلاء الذين يظنون أنها مجرد اسم لرواية تصف حالة خاصة في فرنسا في عصر (فيكتور هوجو)..!!
أطلقت سورا تنهيدة طويلة وقد دمعت عيناها إثر تلك الذكرى المريرة في حياتها، فرغم أنها لم تكن تشعر بالانتماء لذلك البيت منذ وفاة والدتها، غير أن فكرة الاستغناء عنها بتلك البساطة سبب لها جرحا غائرا لا يندمل، بل ساهم في زرع المزيد من بذور الحقد في قلبها على هذا العالم..
وأفلتت ضحكة ساخرة من بين شفتيها:
- يقولون اننا مسلمون.. وللفقراء حق في بيت المال وزكاة الاغنياء.. يا للسخف.. هراء فعلا..!« الموضوع السابق | الموضوع التالي »بيانات عن الموضوع
عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)
المفضلات
del.icio.us
StumbleUpon
قوانين المشاركة
- غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
- غير مصرّح بالرد على المواضيع
- غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
- غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
- وسوم المنتدى مسموح
- الابتسامات مسموح
- كود [IMG]مسموح
- [VIDEO] code is مسموح
- كود الـ HTML غير مسموح
الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش .
الوقت الان » 18:08.Powered by: vBulletin Version 4.2.3
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltdيتبع نسخ الصفحة الخامسة من الارشيف في الرد التالي إن شاء الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصفحة الرابعة من الارشيف:
- المنتدى
- التعليمات
- التقويم
- المنتدى
- تطبيقات عامة
- خيارات سريعة
- الإنضمام الى فريق عمل مكسات
- الدروس
- مواقع مكسات
- مدونة مكسات
- النشاط الأخير
- المنتدى
- المنتديات الأدبية
- منتدى القصص والروايات
- منتدى قصص الأعضاء
- تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
- اذا كانت هذه زيارتك الأولى لنا ننصحك بالدخول الى التعليمات . و للمشاركة في المنتدى يجب عليك الإنضمام الينا و التسجيل من هنا [ التسجيل ] .
المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
-
-
05-07-2013, 08:50#61
-
...
-
05-07-2013, 08:54#62
اسعد الله وجزاك الله خيرا على تشريفك لي هنا(:
إن شاء الله التكملة في الرد التالي..
وأتمنى أن أكون دائما عند حسن الظنوصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-
05-07-2013, 09:06#63
الجزء الثالث عشر..
توقفت سوسن عند الكلمة الأخيرة من رسالة نور ولبثت تفكر بها مليا ".. الأحزاب 59"، ماذا تقصد بها نور يا ترى!!
غير أنها سرعان ما ضربت جبهتها بيدها وهي تعيد قراءة الرسالة التي أرسلتها لها:
- كيف نسيت هذا !! لقد كان ردا على سؤالي.. لا شك أنها اسم السورة و رقم الآية..
عندها هبت من سريرها بحماسة، و فتحت باب غرفتها بهدوء، متجهة نحو صالة الاستقبال، وقد تذكرت أنهم يحتفظون هناك بمصحف فخم مرصع بالأصداف وقطع من الألماس والأحجار الكريمة النادرة، أهداه أحد الوجهاء لوالدها قبل عدة سنوات، ومنذ ذلك الحين وهو موضوع على طاولة العرض الزجاجية؛ حيث رُصّت التحف إلى جانب العديد من المقتنيات الثمينة الأخرى..
نزلت على الدرج بأطراف أصابعها خشية أن توقظ الآخرين، متحسسة طريقها على أنوار الثريات الخافتة المخصصة للإنارة الليلية، حتى إذا ما تجاوزت منطقة الخطر برأيها هرعت نحو جناح الاستقبال بلهفة.. وقبل أن تتقدم خطوة أخرى وهي تهم بوضع يدها على مقبض باب الصالة الذي تعجبت من كونه مغلقا على غير العادة، تراجعت خطوتين إلى الخلف بتوجس إثر سماعها صوت نشيج خافت..
من تراه هناك !! لم تكن الساعة قد تجاوزت الثانية عشر بكثير، لكن حسب علمها لا أحد يسهر حتى هذا الوقت في منزلهم إن لم تكن هناك مناسبات خاصة..! حتى الخدم، يفترض أنهم في غرفهم الآن!! ورغم طبيعتها المتخوفة إلا أن فضولها غلبها.. فلم يبدو الصوت غريبا عليها.. ولكن كيف تواجه من بالداخل، وبأي طريقة!! اقتربت من الباب أكثر والتصقت به حتى بدا الصوت مألوفا جدا لها؛ نشيج مختلط بكلمات غير مفهومة.. كأشبه ما يكون بالمناجاة.. فحزمت أمرها أخيرا.. ستدخل كمن وصلت للتو و لم تسمع شيئا، ليبدو الأمر وكأنها قد فوجئت برؤية أحد هناك، خاصة بعد أن باتت شبه متأكدة من هوية من في الداخل وشعرت ببعض القلق من أجله.. أدارت مقبض الباب لتفتحه متعمدة اصدار صوت يشير إلى دخولها.. غير أن صوت النشيج لم يتغير، فكان لا بد لها من إثارة جلبة أخرى وقد شعرت بالحرج من أن تكون كمن يتجسس على الاخرين، خاصة بعد أن وقعت عيناها على جسد الطاهية بهجة وهي في وضعية السجود، وقفت تحدق بها لبرهة على نور خافت لم يُشعل غيره، إذ لم تذكر أنها رأت أحد يصلي في منزلهم قط.. الصلاة.. متى سمعت عن هذه الكلمة آخر مرة!!! ربما في دروس الدين التي لا تكاد تُذكر من قلتها في مدرستها الخاصة بأبناء النبلاء وعلية القوم، وكأنها لم تكن تؤخذ إلا رفعا للعتب من باب الثقافة العامة!! غير أنه لولاها لما عرفت أن ما تراه أمامها الآن هي إحدى وضعيات الصلاة على الأقل..! لم يحدث أن صلت يوما في حياتها بل ولم يخطر ببالها أن تفعل ذلك.. ربما.. مرة واحدة أو مرتين.. لكن.. لا تذكر متى كان ذلك ولِمَ!!
قد يكون هذا غريبا في مجتمع عربي مسلم، لكنه مألوف جدا في مجتمعها المحيط بها.. فهم باختصار.. يحملون اسم الاسلام وحسب!!
التقت عيناها أخيرا بعيني بهجة وهي تنهض من فوق سجادتها بعد أن أتمت صلاتها بسرعة وقد انتبهت لدخول أحدهم.. و لم يخف على سوسن رؤية الارتباك في عينيها المورمتين من شدة البكاء، وهي تعتذر بقولها:
- لم أشأ إزعاج أحد فأتيت إلى هنا.. فهي شبه معزولة.. آسفة.. هل من خدمة !!
فابتسمت سوسن وهي تطمئنها بلهجة رقيقة:
- لا عليك يا عزيزتي.. فلا تكلفة بيننا ، أليس كذلك!!
واقتربت منها ممسكة بيدها، فلطالما شعرت بأن هذه الأرملة الخمسينية مختلفة عن الآخرين بحكمتها وكياستها.. بل أنها كانت تعدها احيانا في مقام والدتها:
- هل هناك ما يزعجك؟؟
وكأن بهجة لم يكن ينقصها سوى هذه الجملة لتنخرط في البكاء من جديد، ولم تستطع سوسن الاحتمال أكثر وقد بلغ بها التأثر ذروته، فشاركتها بكاءها قبل أن تعرف السبب! وبدلا من أن تقوم سوسن بالتخفيف عن بهجة، تأثرت الأخيرة لبكائها فهدّأت من نفسها لتجلسا معا على الأريكة.. قالت بهجة وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة:
- آسفة لإزعاجك معي يا صغيرتي.. ولكن..
وأخذت تنشج من جديد، فرفعت سوسن يدها لتمسح دموعها:
- أرجوك أخبريني ماذا هناك.. أعرف أن فتاة مثلي لا ترقى لأن تكون أهلا للقيام بالتخفيف عنك..
فقاطعتها بهجة:
- لا تقولي هذا يا سوسن فلطالما عددتك مثل ابنتي.. حسنا سأخبرك..
والتقطت نفسا عميقا قبل أن تقول:
- إنها ابنتي ..
ولم تستطع إتمام كلامها، وأخذت تشهق بشدة خفق لها قلب سوسن:
- تقصدين ليلى!! ماذا حدث معها.. هل هي بخير أرجوك أخبريني!!
لم تكن سوسن قد رأت ليلى ابنة بهجة سوى مرات معدودة؛ اتت بها لرؤية والدتها أثناء عملها في منزلهم خلال خمس سنوات مضت، لكنها تذكرها تماما، كانت فتاة طيبة خفيفة الظل وحلوة المعشر، تصغرها بثلاث سنوات فقط، ... يا إلهي.. ماذا يمكن أن يكون قد أصابها!!
بذلت بهجة جهدا كبيرا في محاولة يائسة للسيطرة على نفسها إلى أن هدأت تماما.. فقالت بانكسار:
- لقد اتصلت بي جدتها هذا المساء لتخبرني بأنها في موقف صعب.. فقد بدأ الناس يتكلمون..!!
وصمتت قليلا قبل أن تتابع بألم لا حد له:
- لم أتخيل أن أمرا كهذا يمكن أن يحدث لابنتي وأنا الحريصة أشد الحرص على سمعتها، فلطالما لمت أمهات البنات اللاتي قد ينزلقن إلى ما يشين سمعتهن..ولم أتوقع أن أجد ابنتي واحدة منهن يوما ما!! لا أعرف إلى أين وصل الأمر بها الآن!! لقد كانت صدمة شديدة..
وأخذت تبكي بشدة والكلمات تكاد تختنق في حلقها:
- إنها مصيبة لم أحلم بحدوث مثلها.. ماذا سيقول الناس!! كان ابن خالتها على وشك خطبتها.. لكن ذلك الرجل .. آه ماذا أقول..!!
وتابعت بحرقة شديدة:
- فتاة لم تكمل العشرين بعد؛ يريدها رجل في الخمسين لنفسه لأنها أعجبته!! والله أعلم بما كان بينهما!! .. لا أعرف إن كان من حقي أن ألومه.. فماذا تتوقعين من رجل يحتك في عمله بفتاة شابة ثمان ساعات يوميا!.. ولا أعرف ماذا فعلت ابنتي.. فلم أعد أجزم بأنها كانت محتفظة بأخلاقها التي ربيتها عليها وقد تهاونت بخلع حجابها الذي طالما نبّهتها لضرورة التزامها به !!.. كنت أتحدث معها في ذلك كلما ذهبت في اجازة نهاية الاسبوع .. ولكن تبين لي أنه لم يكن يجدي ذلك كله نفعا معها.. فلم أعرف سوى اليوم بأنها كانت تخلعه من أجل العمل... وبالطبع بعد هذا كله لن أستبعد حدوث ما حدث.. لم أقصّر معها في شيء، و كان الدخل الذي أحصل عليه من عملي منذ وفاة والدها يكفيها هي وأخوها، غير أن رغبتها في الحصول على دخل اضافي تجاري به الفتيات في مثل عمرها دفعها لذلك ..
شعرت سوسن بتعاطف شديد مع الأم الملتاعة على مستقبل ابنتها، و حاولت تهدئتها بقولها:
- قد يكون ما زال بالإمكان فعل شيء.. فلا أحد يمكن أن يجبرها إن لم تكن موافقة عليه..فهل هي كذلك!..
وسكتت متأملة قليلا قبل أن تتابع:
- ربما أحبها بصدق و قد تكون احبته فعلا.. عندها سيكون زوجا صالحا لها.. فقد سمعت عن قصص كثيرة لا يكون فيها فارق السن عائقا ما دام الحب موجودا..
فنظرت إليها بهجة بخيبة أمل ثم أطرقت برأسها:
- لا ألومك عزيزتي.. فما تزالين صغيرة.. رجل متزوج ولديه ابناء، يراها أكثر مما يرى زوجته..! ماذا تتوقعين منه..! وقد بدأ الناس يتحدثون بأشياء كثيرة.. !! مهما يكن.. أنت لا تعرفين الناس يا سوسن.. إنها الطبيعة البشرية..
وأطلقت شهقة كبيرة حبست فيها بكاءها قبل أن تتابع :
- كنت أتمنى أن يعينني الله على إحسان تربيتها حتى أزوجها لرجل شريف يرعاها ويحسن عشرتها، ولم آل جهدا في ذلك منذ أن توفي زوجي تاركا لي طفلين يتيمين..
وأخذت تبكي بألم وهي تتابع بكلمات مخنوقة:
- لم أكن راضية عن عملها في ذلك الفندق، و قد حذرتها مرارا لكنها لم تستمع لنصحي، كانت واثقة من نفسها جدا ومعتدة برأيها لأبعد الحدود.. بل إنها عدّت تدخلي ذاك؛ شكا بها وبأنني غير واثقة من حسن تربيتي لها.. ولم يكن بإمكاني منعها بالقوة فأنت تعرفين الفتيات هذه الأيام..
وتنهدت قائلة:
- وماذا بوسعي أن أفعل و أنا بعيدة عنها بينما تُقيم هي وأخوها الصغير مع جدتهما العجوز..!!
وأطلقت شهقة مؤلمة:
- ماذا أقول.. لقد كنت بعيدة عنها.. ربما كان بإمكاني فعل شيء..!
وأخذت تبكي بشدة:
- أستغفر الله.. ما باليد حيلة.. لا اعتراض على حكم الله..
ووضعت وجهها بين كفيها وهي تنشج بأنفاس مكتومة:
- يارب .. يا الله .. مالي سواك .. فاغفرلي الذنب الذي أدى بي إلى هذا الحال..يا رب اغفرلي تقصيري في حقك وارفع عني هذا البلاء.. يارب استرني واستر ابنتي وبنات المسلمين..يا رب فرجها يا الله.. يا رحيم يا رحمن يا الله..
أخذت الدموع تسيل كنهرين جاريين من مقلتي سوسن.. وكلمات بهجة يتردد صداها في نفسها:
- يا الله..
وإذ ذاك تذكرت لوحة نور ذات النور الباهر.. " الله نور السماوات والأرض"، وشعرت بقوة في جسمها، وأملا يجري في عروقها.. الظلام لن يغلب النور أبدا، فالله على كل شيء قدير، ولمعت في ذهنها فكرة، فربتت على كتف بهجة بحنان:
- أرجوك لا تفقدي الأمل.. فلم يفت الأوان بعد وربما استطعنا فعل شيء.. سأحدث أبي فـ...
فقاطعتها بهجة بفزع:
- كلا .. أرجوك.. مذا ستقولين!!.. إنها فضيحة..
غير أن سوسن طمأنتها بقولها:
- كلا لم أقصد ذلك..فلا تقلقي، وإنما فكرت بأن تحصلي على إجازة طارئة لتكوني قرب ابنتك، فلا شك أنها بحاجة لقربك الآن أكثر من أي وقت مضى..
وغمزتها باسمة:
- سيكون الأمر سهلا..
وفكرت مليا كمن تستعرض خطة في عقلها، قبل أن تقول بلهجة واثقة:
- لقد أصبحت كبيرة الطهاة هنا ولك معاملة خاصة بلا شك، كما أن نعيمة يمكنها أن تقوم بمهام الطبخ في غيابك.. إنها مساعدتك و لن يصعب عليها التكفل بإدارة الأمر وحدها.. سأقنع أبي بطريقتي الخاصة فلا تشغلي بالك بذلك..
فلمعت نظرة امتنان من عيني بهجة المغرورقتين بالدموع:
- لا أعرف كيف أشكرك يا سوسن، لطالما شعرت بأنك مختلفة عن بقية الفتيات في سنك.. وقد أحببتك من كل قلبي منذ أن رأيتك.. إن فيك من طيبة القلب ونقاء السريرة ما لو وزع على الكثيرين غيرك لكفاهم.. حفظك الله من كل سوء يا ابنتي..فلا تتعبي نفسك، ويكفيني منك شعورك هذا معي..
فاحمرت وجنتا سوسن:
- لم أفعل شيئا.. فهذا أقل واجبنا نحوك فأنت طيبة جدا معنا..
وتابعت بابتسامة مشجعة:
- وقد كان لوجودك بهجة في منزلنا لا يمكننا تجاهله، أنت أمهر طاهية رأيناها، ولأطباقك مذاق خاص يضفي في قلوبنا بهجة لا تنسى.. حتى ضيوفنا يشهدون بذلك..
فابتسمت بهجة لأول مرة:
- كلامك الجميل نابع من جمال أصلك.. هذا لأنكم طيبون .. صدقا.. لقد عملت في بيوت كثيرة قبل أن آتي إلى هنا، لكنني وجدت في منزلكم من حسن التعامل ما لم أجده في بيوت بعض من يظنون التدين بأنفسهم.. هذا إلى جانب حفظكم للنعمة بشكل مميز واهتمامكم بعدم ترك بقايا طعامٍ في صحونكم..
بدت علامات التعجب على وجه سوسن، فلم يخطر ببالها قط أن هذا يعد عملا مميزا:
- أليس هذا أمر يفعله الجميع!!..لقد تعلمنا هذا منذ الصغر فهو من آداب الطعام قبل أن يكون من اللباقة والذوق، فمن العار أن يترك أحد بقايا طعام في صحنه وإلا كان دليلا على شراهته لكونه قد سكب فيه أكثر من طاقته ..!! وإن حدث هذا فيما ندر؛ فهناك سلال خاصة لبقايا الأطعمة توزع حسب تصنيفها.. الجيد منها يدفع للفقراء.. والتالف للحيوانات .. والسلال معروفة ولها علامات مميزة لا تخفى على أحد.. سلة للكلاب والقطط.. سلة للإوز والبط والطيور.. سلة للماعز والخراف.. وهكذا.. وهذا معروف لدى الجميع، حتى في المطاعم.. لم أر أحد يفعل غير ذلك.. !!!!
فأطرقت بهجة برأسها:
- لا أدري.. ربما هذا في طبقة النبلاء وحسب، فأنتِ لم ترتادي المطاعم الأخرى.. و بصراحة أنا لم أر ذلك إلا في منزلكم، وقد تفاجأت في البداية لوجود عاملة مسؤولة عن هذه السلال إضافة للعامل المسؤول عن التوصيل والتوزيع أيضا!!
عندها لمعت صورة في ذهن سوسن ظنتها مُحيت من ذاكرتها وفوجئت بها تظهر من جديد.. كان ذلك يوم أن قدمت سورا للمعهد أول مرة، والذي صادف دعوة ناديا للفتيات لمأدبة فاخرة بمناسبة حصول المعهد على جائزة التميز الأولى على مستوى البلاد، يومها.. أخذت فتاتان تتحدثان مع سوسن؛ وهن يحاولن التعرف على القادمة الجديدة من بعيد، قالت إحداهما:
- ألم تسمعي اسم عائلتها!! انها عائلة نبيلة معروفة.. ولكن هذا غريب!!
فردت عليها الثانية:
- وما الغريب في ذلك.. انظري إلى ملابسها ومظهرها.. إنهما يؤكدان ذلك..! حتى اسمها.. أظنها وُلدت في الخارج فاختار لها والداها هذا الاسم.. و هذا يحدث كثيرا بين النبلاء.. ما رأيك أنت يا سوسن؟
فأجابتها:
- وهل يفيدنا هذا بشيء!! ما يهمنا هو طريقة تعاملها معنا فقط!!
غير أن الأولى قالت- قبل أن تنسى ملاحظتها السابقة:
- لا أظنها نبيلة أصيلة.. الم تلاحظن كيف تركت بقايا طعام في صحنها! حتى أنها لم تضعه في السلة الخاصة.. لا يبدو عليها أنها ملمة بقواعد اللباقة العامة!!
لم يعجب سوسن وقتها ذلك الكلام عن القادمة الجديدة، فقالت باندفاع:
- ربما كانت شاردة الذهن.. أو مرتبكة.. ربما لم تنتبه لذلك.. لا يحق لنا الكلام عنها هكذا.. ثم أنه من غير اللباقة النظر في صحون الآخرين أيضا!!
فدافعت الفتاة عن نفسها:
- لم أكن أتعمد النظر في صحنها فهذا عيب طبعا، ولكنها كانت تجلس قربي.. وكنت أود التعرف عليها بطبيعة الحال..!(يتبع)
-
05-07-2013, 09:11#64
تالع الجزء الثالث عشر..
انتبهت سوسن من ذكرى ذلك اليوم على كلام بهجة وهي تتابع حديثها:
- لقد عملتُ في منزل عائلة حديثة عهد بغنى، وقد كانوا من الطبقة المتوسطة، لو رأيت مقدار الأطعمة التي كانت تُرمى في القمامة عندهم لفهمتِ قصدي.. أظنهم بفعلتهم تلك كانوا يحاولون أن يثبتوا لأنفسهم وللجميع أنهم انتقلوا من مرحلة الفقر إلى الغنى..في حين أن هناك من يشتهي لقمة..!! بل إن منهم من يتباهى بذلك، حتى غدت صورة شائعة لدى الكثيرين.. المتدينون جدا وحدهم من يرفض فعل ذلك، وبالطبع تلحقهم صفة التعقيد دائما..
والتقطت بهجة نفسا لتردف بقولها:
- لقد حاولت أن أنقل هذه الصورة الجميلة التي رأيتها عندكم لمعارفي؛ خاصة وأنكم من علية القوم، إلا أن بعضهم لم يصدقني..
لم تستوعب سوسن في البداية أن هناك من يفعل غير ما اعتادت عليه في مجتمعها، والذي ظنته من المسلمات.. ولكن أن تلاحظ كبيرة الطهاة ذلك.. فهذا دليل على أنه لم يكن أمرا عاديا بالنسبة لها..إلا أنها لم تهتم لذلك كثيرا، فقد بدأت الحياة مؤخرا تكشف لها عن جوانب كثيرة قد تكون أكثر غرابة من هذا..
بدت بهجة وقد انسجمت في الحديث مع سوسن كمن نسيت ما كان من أمر ابنتها، إلا أنها سرعان ما ذرفت دموعها مجددا وكل شيء يذكرها بها، وهي تقول بألم:
- للأسف حتى أنني لاحظت ذلك على ابنتي في زيارتي الأخيرة لهم.. لقد فوجئت بها وهي ترمي بقايا طعامها في القمامة على خلاف ما اعتدنا عليه في منزلنا.. لم تعد ابنتي التي أعرفها.. لقد تغيرت كثيرا.. غير أنني كنت اكتفي بتوجيه بعض الملاحظات لها وحسب، و لم أتوقع أن يصل بها الأمر إلى ذلك الحد..
وبدت كمن ستفقد عقلها وهي تردد بإنكار:
- من كان يتخيل هذا..ابنتي تتورط في علاقة......!!
لكنها سرعان ما هدأت، وهي تشعر بيد سوسن الحانية تربت على كتفها:
- لا تفقدي الأمل..
فقالت- وهي تجفف دموعها- بنبرة لا تخلو من حسرة:
- سامحيني فقد أزعجتك معي.. لكنه موقف صعب جدا أسأل الله أن يعينني عليه، إنها ابنتي الوحيدة و كنت قد رسمت لها مستقبلا واعدا..فقد كانت جميلة مثل الوردة...
وكانت تلك الجملة كفيلة بتذكير سوسن بما نزلت من اجله و دفع بها الى هذا المكان، فنهضت من مكانها على حين غرة، وسارت باتجاه الطاولة الزجاجية حيث وُضع المصحف.. ارتعشت يدها قليلا وهي تتناوله لتطالع فهرسه بلهفة، وقد انطبعت في ذهنها آخر كلمة من رسالة نور "الأحزاب59" ، فيما رمقتها نظرات بهجة بدهشة..
جلست سوسن على أقرب مقعد وجدته و قد اقشعر جسدها ، وارتعشت كل خلية فيه، فدمعت عيناها وهي تعيد قراءة الآية بتمعن شديد المرة تلو الأخرى:
" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿59﴾"
بهتت سوسن بما قرأته.. !! ألهذا وُجد الحجاب إذن!! وأخذت تردد بينها وبين نفسها.. "فلا يؤذين"..!! أهذا لكل المسلمات.. يا الله!! فرغم أن بهجة كانت محجة وقد اشارت لحجاب ابنتها في معرض حديثها عنها.. لكن ذلك كان شائعا في طبقة الخدم؛ خاصة بين السيدات الكبيرات و المتوسطات في السن منهن، بل إنها لم تستغرب من تشديدها على ابنتها بضرورة التمسك به، فقد يكون هذا شائع أيضا عند الفقراء وأهل الطبقة المتوسطة.. أو المتدينون المعقدون فقط، أما غير ذلك.. فلم يكن من المألوف رؤية محجبات في الطبقات العليا من المجتمع.. ربما كانت نور هي الاستثناء الوحيد الذي قابلته في حياتها كلها، لم تلق للأمر أهمية كبيرة وقتها؛ فما كان يهمها في الآخرين دائما هو تعاملهم فقط.. ولم تكن لِتُعمل فكرها بطريقة لبس نور أو حجابها كثيرا، فربما هذا ما يفرضه التدين عليها من وجهة نظرها هي و التي يعدها من هم في طبقتها تعقيدا لا داعي له.. أما أن يكون الحجاب نداء من الله لحمايتهن من الأذى.. فهذا شيء لم يخطر ببالها قط..!!
بذلت سوسن جهدها للسيطرة على نفسها المصعوقة من هول ما اكتشفته، وهي تقترب من بهجة حاملة المصحف، وجلست قربها مشيرة بيدها.. قبل أن تسألها:
- هل سمعت بهذه الآية من قبل!
قرأت بهجة الآية لتزداد علامات التعجب على وجهها!! فما أدرى سوسن بموقع هذه الآية في القرآن..!! وهل يعقل أنها تعمدت الاستشهاد بها في هذا الظرف..!! فبحسب علمها عنهم أنهم أناس طيبون وحسب ولا علاقة لهم في أمور الدين وتشريعاته من قريب أو بعيد.. إلا بالأخلاق الحسنة وطيب المعاملة النابعة من نبل أصلهم.. أما غير ذلك...فلا!!
وفهمت سوسن ما يدور بخلد بهجة، فقالت لها موضحة:
- إنها صديقتي..ترسم لوحات من وحي آيات في القرآن، وهذه الاية أوحت لها بإحداها.. ولم أقرأها إلا الآن!!
خيمت لحظات صمت، كذبت فيها بهجة أذنيها، قبل أن تستأنف سوسن كلامها بتساؤل:
- هل الحجاب يمنع حدوث الأذى حقا!!
فقالت بهجة بثقة:
- قطعا بلا شك، فلم يفرض الله الحجاب على المسلمات عبثا.. ولكن هذا لا يعني أن جميع المحجبات سواء.. هناك عوامل أخرى أيضا، فــ....
وبترت عبارتها وقد انتبهت لنفسها.. ماذا تفعل!! إنها مجرد طاهية هنا لا أكثر.. وكلامها هذا قد يكلفها وظيفتها.. ماذا لو رأتها أم سوسن أو والدها الآن !! أيحق لها أن تعبث بأفكار ابنتهم وتملي عليها قناعاتها على هذا النحو...!! قد يكونوا لطفاء معها لكن لا أحد يضمن ردود أفعالهم إن ما تعلق الأمر بابنتهم الوحيدة المدللة..
ولم يخف على سوسن ملاحظة ذلك الارتباك في عيني بهجة وقد أدركت مغزاها، فلم تشأ إحراجها معها أكثر رغم رغبتها الشديدة في الحديث معها باستفاضة حول هذا الموضوع، فنهضت من مكانها وشدت على يديها بابتسامة مطمئنة وهي تغمزها بعينها:
- نحن لم نتكلم في شيء.. فلا تقلقي.. المهم الآن هو موضوع ابنتك..
فشدت بهجة على يدها بامتنان شديد ووقفت تحتضنها بحب:
- سأتدبر أمري يا ابنتي، فلا تشغلي بالك أرجوك.. واعتبري ما حدثتك به عن ابنتي سر بيننا.. فتكفيني مشاعرك الطيبة التي خففت عني الكثير، بعد أن كنت على وشك الانهيار.. و الحمد لله الذي أرسلك لي من حيث لا احتسب..
وابتسمت لها بتفاؤل:
- إطمئني.. أظن أنني استعدت توازني الآن بفضل الله وسأحاول التصرف بحكمة إن شاء الله..
فبادلتها سوسن الابتسام:
- أتمنى لك التوفيق..
***
عادت سوسن إلى غرفتها بتثاقل شديد دون أن تدري كم مر عليها من الوقت مع بهجة.. وارتمت على فراشها بتهالك شديد.. ماهذه المصادفة العجيبة.. أهي مصادفة حقا!! أكل هذه المصادفات العجيبة الغريبة تحدث معي في يوم واحد!!..هل من رابط بينها!!.. كأن هناك من يدعوني.. يدفعني بشدة.. يضع علامات في طريقي.. يرسل لي رسالة.. لي أنا بالذات...!! أين سمعتُ شيء كهذا...!!
اشارة.. رسالة...اشارة... رسالة... وأخذت هاتين الكلمتين تترددان في ذهنها وتتعاقبان كدقات الساعة، حتى كادت أن تصاب بالصداع، فنهضت من فراشها مرة أخرى كمن تفر من أفكارها.. ولكن إلى أين!! فأخذت تذرع الغرفة جيئة وذهابا إلى أن شعرت بالدوار، فاستلقت على سريرها من جديد.. غير أنها سرعان ما هبت فجأة وهي تقفز بفرح:
- "الخيميائي".. كيف نسيتها!!..لقد ورد ذكر شيء كهذا فيها..
وتذكرت تلك الرواية التي كانت مقررة عليهم في ايام الدراسة بصفتها إحدى أشهر الروايات العالمية التي أثارت ضجة واسعة، لقد أثارت حماستها حينها لا سيما وقد دار حولها نقاش مثير مع بقية زملائها في قاعة الدراسة وبعدها .. وحاولت أن تتذكر أين وضعت نسختها، محدثة نفسها:
- ربما في غرفة المكتبة.. ولكن .. كيف سأجدها الآن..
وارتعش جسدها قليلا.. فقد بدا لها من المخيف دخول تلك القاعة الكبيرة المليئة بالرفوف والكتب في هذا الوقت وحدها!!
غير أنها سرعان ما تذكرت هاتفها:
- يا لي من مغفلة.. كيف لم يخطر هذا ببالي من قبل!!
وتناولته بسرعة طابعة بضع كلمات لتبحث في محركات بحث الشبكة العنكبوتية:
- ترى بماذا تحدث الناس عنها.. أجل ها هي الـ..
وانتظرت قليلا ريثما فتحت على موقع محدد قرأت فيه بعض التعليقات، ثم تنقلت بين المواقع المختلفة تقرأ ما كتب فيها عن هذا الموضوع، إلى أن وصلت إلى فقرة أثارت اهتمامها بشدة:
"فلا شيء يحدث في هذه الدنيا مصادفة انما هو دليل او إشارة كما اسماها الخيميائي اذا
اخذها الانسان بجد وفعل فكره في سبب حدوثها فسوف تساعده على ايجاد دربه لتحقيق
امنياته في الحياة ولكن الكثير منا تمر عليه هذه الاشارات مرور عابر على اساس انها
صدفة ليس الا.." -
05-07-2013, 09:44#65
"فلا شيء يحدث في هذه الدنيا مصادفة انما هو دليل او إشارة كما اسماها الخيميائي اذا
اخذها الانسان بجد وفعل فكره في سبب حدوثها فسوف تساعده على ايجاد دربه لتحقيق
امنياته في الحياة ولكن الكثير منا تمر عليه هذه الاشارات مرور عابر على اساس انها
صدفة ليس الا.."......ان حقيقة واقع فعلا ...هذا المقطع هو حوصلة الاحداث التي عاشتها سوسن منذ لقائها لنور الي حد الان ...وجميع الاشاء والامور التي راتها واختلجت في روحها الطاهرة ...اوصلتها لهذه الحقيقة ...فمجرد احذاث وصدف بسيطة قد تكون الاشارة الي حقيقة فلسفية ...
اتعلمين لقد قرات رواية الخميائي ..واعجبت بها ...ولكني لم ادرك الحقيقة من مغزاها ...وشكرا لك لقد انبهتني الي كنز مهم سيفيدني وسيعود اليك بالجر والثواب لانك انبهتني الي حقيقة كنت غافلة عنها
صدقا هذه الرواية من اروع الروايات التي مرت عليا ...فهناك حقائف فلسفية وعلمية تعالجينها ..اظافة الى طابع الدين الذي اضفى اللمسات السحرية عليها ...فقد مكنتنا من رؤية حياة اناس يقرون بالاسلام ويؤمنون به قولا فقط دون فعلا .....
جزيييييييييل الشكر اليك
دمتي بود -
05-07-2013, 19:08#66
يعطيكي العافيه على الجزء الثالث عشر ما شاء الله جميل جدا
لا شيء من قبيل الصدفه , لكل شيء سبب ... ذكرتني بروايه حكومه الظل لمنذر القباني و الخميائي ينتظرني في مكتبتي أن أكمله , لم أجد منها سوى نسخه وحيده بالإنجليزيه فركنتها حتى حين يبدوا أنني سأكملها الأن
حزنت على بهجه شيء محزن و للأسف يحدث " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك " الله يحفظ بنات المسلمين و شبابهم من أعمال الشياطين
في إنتظار الجزء التالي
بالتوفيقاخر تعديل كان بواسطة » kisara في يوم » 05-07-2013 عند الساعة » 19:13
-
11-07-2013, 08:52#67"فلا شيء يحدث في هذه الدنيا مصادفة انما هو دليل او إشارة كما اسماها الخيميائي اذا
اخذها الانسان بجد وفعل فكره في سبب حدوثها فسوف تساعده على ايجاد دربه لتحقيق
امنياته في الحياة ولكن الكثير منا تمر عليه هذه الاشارات مرور عابر على اساس انها
صدفة ليس الا.."......ان حقيقة واقع فعلا ...هذا المقطع هو حوصلة الاحداث التي عاشتها سوسن منذ لقائها لنور الي حد الان ...وجميع الاشاء والامور التي راتها واختلجت في روحها الطاهرة ...اوصلتها لهذه الحقيقة ...فمجرد احذاث وصدف بسيطة قد تكون الاشارة الي حقيقة فلسفية ...
اتعلمين لقد قرات رواية الخميائي ..واعجبت بها ...ولكني لم ادرك الحقيقة من مغزاها ...وشكرا لك لقد انبهتني الي كنز مهم سيفيدني وسيعود اليك بالجر والثواب لانك انبهتني الي حقيقة كنت غافلة عنها
صدقا هذه الرواية من اروع الروايات التي مرت عليا ...فهناك حقائف فلسفية وعلمية تعالجينها ..اظافة الى طابع الدين الذي اضفى اللمسات السحرية عليها ...فقد مكنتنا من رؤية حياة اناس يقرون بالاسلام ويؤمنون به قولا فقط دون فعلا .....
جزيييييييييل الشكر اليك
دمتي بودأمواج السراب.. لا أعرف كيف أشكرك من أعماق قلبي، كلماتك دائما تثلج صدري وتبث في نفسي حماسة كتابية فريدة(: لك الأجر والثواب في هذا إن شاء الله وجزاك الله خيرا
وفي الحقيقة هناك أناس كثيرون.. نسأل الله لنا ولهم الهداية، يطبقون خُلُق الاسلام في تعاملاتهم رغم غفلتهم عن كثير من الأحكام والعبادات الشرائعية.. و للتنويه فقط، فإن فكرة الحفاظ على النعمة في بيت نبيل مثل بيت سوسن مستقى من أرض الواقع وقد شهدت بذلك خادمات تعمل في بيوت ثرية ومعروفة كن يلاحظن هذه الميزة هناك، وللأسف في المقابل نجد كثيرا من المسلمين لا يبالون برمي بقايا الطعام ( إن لم يكن الطعام نفسه) والتي قد تكفي اشباع بطون فقراء ليس لهم أحد إلا الله.. ثم يأتي من يظن بأن ترك بقايا طعام في صحنه هو من قبيل ( الاتيكيت!!!!!!!) والاتيكيت منه بريء!!!!!!!!! حتى في فرنسا.. واليك هذا الشاهد من موقع أجنبي عن ( Useful tips on life in France)
Table manners, a few tips if you are invited for dinner : don't come too early, don't eat too much of the first course, try everything and avoid leaving food on your plate,علما بأن هناك دولا أخرى متقدمة تأنف من ترك بقايا الطعام في الصحون مثل المانيا و ايضا في اليونان وتركيا
وقد اطلعت على موضوع مؤخرا يتحدث عن هذا الموضوع وموجود في النت، بعنوان:
“إتيكيت” الطعام عنوان الإنسان على المائدة
وكان من ضمنه جملة مهمة :
بانتهاء الطعام يجب عدم ترك بقايا في الطبق ويفضل أن يأخذ الفرد ما يتأكد من أنه يستطيع تناوله، وإن احتاج إلى كمية أخرى فلا مانع من طلب المزيد، فهذا أفضل من تقديم كمية كبيرة يُترك جزء منها في الطبق..
**
أعتذر عن الاطالة ولكن ملاحظاتك وتعليقاتك دائما تجعلني أبحر في الكتابة، نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا ويزيدنا علما
رمضان كريم فلا تنسينا من دعواتك في هذا الشهر الفضيل..وكل عام وأنت بخير(:
بالنسبة للجزء القادم سأضعه بعد رمضان إن شاء الله .. وحتى ذلك الحين أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
في أمان الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم -
11-07-2013, 09:03#68يعطيكي العافيه على الجزء الثالث عشر ما شاء الله جميل جدا
لا شيء من قبيل الصدفه , لكل شيء سبب ... ذكرتني بروايه حكومه الظل لمنذر القباني و الخميائي ينتظرني في مكتبتي أن أكمله , لم أجد منها سوى نسخه وحيده بالإنجليزيه فركنتها حتى حين يبدوا أنني سأكملها الأن
حزنت على بهجه شيء محزن و للأسف يحدث " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك " الله يحفظ بنات المسلمين و شبابهم من أعمال الشياطين
في إنتظار الجزء التالي
بالتوفيقأهلا بك مرة أخرى عزيزتي (:
إذا أردتَ رأيي الشخصي فإنني أنصحك بقراءة القصة بالنسخة الانجليزية.. أظنك ستجدينها أكثر متعة بل ومدهشة.. لعدة أسباب ستكتشفينها بنفسك أثناء القراءة(؛ ( إن شاء الله)وفعلا كما ذكرتِ شيء محزن ما حدث لبهجة وهو أمر يحدث بالواقع للأسف.. ونسأل الله أن يحفظنا ويحفظ بنات المسلمين وشبابهم ونسائهم ورجالهم وأطفالهم وشيوخهم..
لذلك كان أكثر دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم..
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ويا مصرف القلوب اصرفها إلى طاعتك
بالنسبة للجزء التالي.. كما ذكرت في الرد السابق سأنزله بعد رمضان إن شاء الله، فهذا أفضل والله أعلم(؛
في أمان الله
وكل عام وأنت بخير فلا تنسينا من دعائك
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم ومن جميع المسلمين صلاتنا وصيامنا وقيامنا ودعاءنا ويرزقنا قيام رمضان وصيامه ايمانا واحتسابا
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم -
09-10-2013, 17:46#69
أين أنتِ عزيزتي ؟؟
متى البارت القادم ؟؟
منذ مدة ونحن ننتظر :"( -
10-10-2013, 05:03#70
اهلا بك عزيزتي وشكرا على سؤالك(:
كنت قد وعدت بردي السابق بان الجزء القادم سيكون بعد رمضان ان شاء الله، وكنت انوي بالفعل وضعه خلال شهر شوال، لكنني انشغلت بموضوع روايتي الاصلية التي اعمل عليها منذ سنوات إذ انها ضمن مشروع كبير أسعى إلى تحقيقه بعون الله، وهي الان تحت الطبع بفضل الله واسال الله ان يسهل نشرها بالخير..
وقد فتحت لها مؤخرا صفحة في الفيس بوك للمساهمة في الاعلان عنها باذن الله، وهذا رابط الصفحة( بما أنه ليس من الممنوعات ادراج روابط الفيس بوك ولله الحمد^^)
https://www.facebook.com/pages/%D9%8...8727324?ref=nfأما هذه الرواية فقد كنت أنوي انزال الجزء القادم منها خلال الاسبوعين القادمين ان شاء الله- الموضوع بالبال طبعا فاطمئني(؛ - وارجو المعذرة للتاخير، لكنني بررتُ لنفسي الأمر بأنني ما زلت في نطاق الوعد؛ بعد رمضان(؛
علما بان الجزء مكتوب على ورق، فقط يحتاج لبعض المراجعة والطباعة، فلا تنسينا من صالح دعائك خاصة في هذه الايام المباركة من عشر ذي الحجة(:وجزاك الله خيرا كثيرا
في امان اللهوصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
-
18-10-2013, 17:43#71
^^
لا شكر على واجب عزيزتي
نعم لقد ذهبت للرابط تبدو رواية رائعة ما شاء الله بانتظارها على أحر من الجمر يا مبدعة
أرجو أن لا تتأخري أكثر
بإذن الله ~~
آميين وإيّاكِ يا رب -
26-10-2013, 09:55#72
جزاك الله خيرا عزيزتي وارجو أن تدعمينا بدعواتك الطيبة، وأن يبارك الله لنا بانجاز العمل بأفضل وجه يرضيه ويبارك لنا فيه وفي جهدنا ووقتنا
بالأمس قررت أخذ استراحة طارئة من (مدرسة الفروسية)، لأضع جزء جديدا من (تركته لأجلك) حتى لا اكون ممن يخلفون الوعد لا قدر الله، لذا ارجو أن تعذروني إن لم يكن الجزء بالمستوى المطلوب لا قدر الله(:
وأأكد مرة أخرى.. لا تنسونا من الدعوات الطيبة
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم -
26-10-2013, 09:58#73
الجزء الرابع عشر..
استيقظت سوسن على صوت هاتفها، حتى اذا ما أجابت على رنينه المُلِح أتاها صوت أيهم بلهفة من لم يسمع صوتها لعشر سنوات:
- كيف حالك يا حبيبتي؟ هل ستذهبين إلى المعرض الدولي مباشرة كما أخبرتِني؟
فردت عليه سوسن وهي تفرك عينها بتكاسل:
- أجل لقد ذكرتني، سأذهب إليه مباشرة، إذ سيقوم العمال بنقل لوحاتي إلى هناك، وعليّ الاشراف على ترتيبها عندئذ..
فقال أيهم بلهجة لا تخلو من ضيق:
- هذا يعني إنني لن أراك في المعهد هذا اليوم!
عندها انتبهت سوسن لهذه المعلومة الخطيرة.. ايهم وسورا في المكان نفسه، وهي بعيدة عنهما!!غير أنها نفضت الفكرة من رأسها بقوة وهي تحدث نفسها:
- لا أريد أن أخوض في أي شيء قد يعكر مزاجي، أيهم خطيبي وهو يحبني كما أحبه، فلاداعي لكل تلك الوساوس..
وساعدها كلام أيهم على طرد الفكرة أكثر، بقوله:
- لن يطيب لي اليوم الدوام في ذلك المبنى، لذا سأحاول إنهاء عملي مبكرا هناك، لألحق بك في أسرع وقت..
انفرجت شفتا سوسن عن ابتسامة عذبة، وقد شعرت براحة كبيرة، غير أنها حاولت أن لا تفصح عن مكنونات نفسها في ردها عليه، فاكتفت بقولها:
- سيسرني ذلك بالتأكيد، ولكن لا تضغط على نفسك..
فجاءها صوت أيهم ليطمئنها تماما:
- أي ضغط هذا الذي تقولينه يا حبيبتي عندما يلاقي المرء حبيبه!!
انتهت المكالمة ووقفت سوسن أمام المرآة وهي تسوي شعرها بيديها قبل أن تستحم، ومئات الأفكار تدور في رأسها جراء ما حدث ليلة الأمس:
- الاشارة واضحة على ما يبدو.. ولكن كيف لي أن اتبعها!! اليوم هو أول ايام المعرض الذي طالما حلمت بالمشاركة فيه، وعلي أن أكون صافية الذهن.. ولكن.. ماذا عن الاشارة!!!
وتنهدت:
- ترى ما رأي نور بهذه الفكرة؟؟ "الاشارة" هل تؤمن بها؟؟ ربما علي أن اسألها عن ذلك، فقد تفيدني بشيء..
ونظرت نحو اللوحة المعلقة فرددت:
- يا الله!! ماذا عساي أن أفعل الآن!!!
واتجهت نحو خزانة ملابسها تتأملها بنظرة يائسة، غير أنها لم تجد شيئا يوافق ما تفكر فيه، فالتفتت إلى سريرها وتناولت غطاءً خفيفا من فوقه قامت بثنيه، ثم وضعته على رأسها كما تفعل المحجبات عادة، وتأملت نفسها في المرآة قليلا:
- هل عليّ أن أبدو هكذا!!
وقبل أن تستطرد في أفكارها أكثر، انتبهت لصوت المنبه الذي لفت نظرها لضرورة الاستعجال، فهي لم تستحم بعد وستحتاج بعض الوقت لتجفيف شعرها وتصفيفه، بالاضافة لارتداء الملابس المناسبة التي لم تستقر على اختيارها بعد!!
***
حاولت سوسن أن تبدو أكثر اتزانا وهي تصعد الدرج بسرعة، لا سيما وهي ترتدي ثيابا رسمية جدا، استطاعت العثور عليها بصعوبة من بين أغراضها القديمة، قميص أبيض ذو ياقة عالية وأكمام طويلة، وتنورة سوداء تصل الى منتصف ساقها، وحذاء أسود ذو كعب متوسط، ورغم أنها حرصت أشد الحرص على الظهور بمظهر عادي غير ملفت، إذ اكتفت بربط شعرها إلى الخلف، ولم ترتدي أي نوع من مجوهراتها المعتادة، إلا أن العيون لاحقتها وهي تدلف إلى قاعة المعرض الكبيرة، حيث كان المكان يكتظ بالعاملين والمنظمين وغيرهم، فحاولت تجاهلهم رغم استيائها الشديد، إلا أن أحدهم بدا مصرا أكثر من غيره، فلم يكتف بالتهامس مع رفيقه وهو يشير اليها بعينيه عندما مرت من قربه، بل لحقها معترضا طريقها قبل أن تدخل، وهو يمد يده ليسلم عليها بجرأة:
- أنت الفنانة سوسن؟ اليس كذلك؟ يسعدني أن التقيك يا آنسة..
حملقت فيه سوسن بضع لحظات بدهشة، قبل أن تمد يدها مجاملة:
- عفوا من معي؟
فابتسم الرجل:
- لست مشهورا ومهما مثلك، فأنا مجرد زائر انتظر الافتتاح الرسمي للمعرض..
وغمزها بعينه ضاحكا:
- لقد لفتتني الاعلانات عنه..
لم تفهم سوسن سببا لغمزته تلك، ولم يتركها الرجل لتفهم، إذ سرعان ما أخرج بطاقة من جيبه ناولها اياها بابتسامة جَذِلة:
- اسمي سمير، وهذه بطاقتي الشخصية، إن احتجت أي شيء فلا تترددي..
لم ترغب سوسن بتناول أي شيء منه، لكنها لم تجد بدا من فعل ذلك، مكتفية بابتسامة مقتضبة، تمنت لو يفهم هذا الرجل من خلالها كم هي مستاءة من تصرفه، ومن لطف الله بها أن الحراس على الباب كانوا يمنعون دخول أي شخص ليس له عمل رسمي قبل الافتتاح، وإلا لما توانى ذاك الرجل عن اللحاق بها..
وما أن أغلق الباب الكهربائي خلفها، حتى تنفست الصعداء وهي تتجه نحو الصالة الرئيسة، ولم يكن يخطر ببالها أن ما قابلته للتو في الخارج؛ ما هو إلا جزء يسير مما سيواجهها في الداخل..
***
وقفت سوسن على بعد خطوتين من واجهة العرض حيث وُضعت لوحاتها، غير مصدقة أذنيها وهي تستمع لحديث دار بين سامر وسيدة محجبة كانت تتكلم بعصبية:
- هذا ليس عدلا يا أستاذ سامر، أقدر كونك المشرف العام على تنظيم المعرض، ولكن لا يمكن للوحات تلك الفتاة أن تحتل هذه الواجهة الأمامية، وهناك من هم أقدر منها من الفنانين!!
فيرد عليها سامر بجدية:
- هل تنكرين أنها جميلة!!
فزمّت السيدة شفتيها معلقة بازدراء:
- تقصد اللوحات أم هي؟؟
احمر وجه سامر وشعر بارتباك مفاجئ، وهو يرد يتوتر ملحوظ:
- ما الذي تقصدينه يا سعاد؟؟ انني أتكلم عن اللوحات بالطبع!!
غير أن السيدة لمحت سوسن، فأشارت اليها بكلام لا يخلو من ضيق:
- يبدو أنها جاءت.. متأخرة كعادة هؤلاء الفتيات اللامباليات، لعلهن يلفتن المزيد من الانظار..
لم تستطع سوسن تصديق ما سمعته بداية، وتمنت لو بامكانها الهروب من هذا المكان بأقصى سرعة، بعد أن خاب أملها بهذه السيدة المحجبة التي ذكرتها بنور في البداية!
لماذا هذه الاتهامات!! ما الذي فعلته لها ياترى!! انني حتى لم أرها إلا هذه اللحظة!!
وانتبه لها سامر فاسرع نحوها مرحبا، ليتدارك الموقف بسرعة، خشية أن تكون سوسن قد سمعت كلامهما، فيما ابتعدت سعاد بغيظ وهي تحدث نفسها بكلام لايروق لأحد بالتأكيد..
حاولت سوسن تناسي ما سمعته قبل قليل لتُجاري سامر في حديثه، حيث بدا منفعلا جدا وهو يوضح لها فكرته في تنسيق لوحاتها لتظهر بأبهى صورة، وهو يوجه تعليماته للعامل:
ضع هذه هنا.. وهذه هناك.. ارفع هذه قليلا للأعلى... جيد.. وتلك إلى اليمين لو سمحت.. أشكرك..
حتى قال ملتفتا نحو سوسن:
- ما رأيك الآن آنسة سوسن؟ هل أعجبك؟
هزت سوسن رأسها بإيماءة خفيفة، دون أن تستطيع اخفاء نظرات الحزن في عينيها، وبدت مترددة قبل أن تقول:
- اشكرك، ولكنني لا أرغب في الظهور في واجهة لا أستحقها..
فقال لها سامر بلطف وتفهم:
- أرجوك آنسة سوسن، لا تجعلي كلام الآخرين يؤثر بك هكذا، أنت فنانة موهوبة ومتميزة جدا، ومن الطبيعي أن تجدي من يحسدك..
اكتفت سوسن بابتسامة خفيفة ولم تقل شيئا، فيما تعلقت عينا سامر بها لوهلة قبل أن ينتبه لنفسه، فأسرع يقول:
- حسنا أراك فيما بعد يا آنسة، فلدي بعض الاعمال الأخرى، وأرجو أن تكوني مستعدة فلم يبق على موعد الافتتاح أكثر من ساعة..
***
لم تتوقع سوسن أن تنسجم بسرعة مع الزائرين الذين توافدوا على المعرض، وهي تشرح لهم بحماسة منقطعة النظير عن لوحاتها، كانت غارقة تماما في جوها الحالم الهادئ؛ حتى بدت لمن يراها ويسمعها كحورية خرجت من ذلك العالم الوردي لتحكي لهم عنه..
وبدا أن من يقف عندها، يجد صعوبة في الذهاب لزيارة بقية أرجاء المعرض، إذ كانت زاويتها أكثر زاوية تعج بالحركة والنشاط، ولم تكن سوسن لتركز بوجوه الحاضرين جميعا أو تنتبه لهم، غير أن رجلا بصحبة زوجته أثار انتباهها بشدة؛ وهو يصر على أن يكون قريبا منها ويبادلها الحديث بشكل مباشر، فكان يختلق أسئلة لا معنى لها ليحقق هذا الغرض، فيما كانت زوجته تشده من ذراعه، معربة عن رغبتها في زيارة ركن آخر..
كان الرجل مصرا على تجاهل زوجته بشكل غريب، حتى إذا ما تمادت في الحاحها عليه، صرخ في وجهها بعصبية:
- لن أتحرك من هنا، إذهبي وحدك إذا رغبتِ!!
شعرت سوسن بالحرج الشديد مما رأته، وتمنت لو بإمكانها فعل شيء من أجل تلك الزوجة المسكينة التي اسرعت تبتعد في هيجان شديد، فيما تابع الرجل حديثه مع سوسن وكأن شيئا لم يكن، وهو يقول لها بابتسامة متوددة:
- وماذا عن هذه اللوحة يا آنسة؟
ورغم إنه من الطبيعي أن تجيب سوسن على سؤال كهذا، لكنها شعرت في تلك اللحظة بأنها تود الصراخ في وجهه لتقول له:
- أي رجل أنت! وأي لوحة هذه التي سأحدثك عنها بهذا البرود!! ألا يوجد لديك احساس!!!
غير أن ظهور سامر في تلك اللحظة أنقذها، وهو يسرع نحوها بابتسامة ذات معنى، مشيرا اليها بطرف عينه علامة التفهم، وهو يقول لها:
- يبدو أنك أُجهدتِ من الوقوف هنا يا آنسة سوسن، تستطيعين الذهاب لأخذ استراحة قصيرة وسأتولى الشرح لهذا الرجل نيابة عنك..
فابتسمت شاكرة بامتنان شديد لم تشعر بمثله من قبل:
- شكرا لك أستاذ سامر.. شكرا لك..
وذهبت بسرعة كمن يفر من قبضة صائده، فيما تمعر وجه الرجل الذي وقف مضطرا لسماع شرح سامر..
***
كانت سوسن تهم بغسل يديها ووجهها أمام المرآة في دورة المياه الخاصة بالسيدات، عندما فوجئت برؤية تلك الزوجة تبكي بحرقة وقد تورمت عيناها، وقبل أن تختار الكلمات المناسبة لتعبر فيها عن تعاطفها معها واسفها من أجلها دون أن تؤذي مشاعرها، فوجئت بنظرات السيدة نحوها وهي ترمقها بحدة، قبل أن تقول لها بقسوة:
- كل ذلك بسببك يا صائدة الرجال!!
وقفت سوسن برهة تحملق بالزوجة وهي تحاول تكذيب ما سمعته!!
غير أن الزوجة أحبت تأكيد ما قالته، فأعادت كلماتها على مسامع سوسن لعلها تشفي غليلها منها:
- أجل يا صائدة الرجال، كل ذلك كان بسببك أنت ولا تتظاهري بالبراءة..
لم تستطع سوسن الصمود أكثر وشعرت بشلل في قدميها، بل وفي جسدها كله..
ماهذا الكلام ياربي!! أهذا كلام يُوجّه إلي أنا!!!!! مستحيل...
وبصعوبة حاولت الدفاع عن نفسها:
- ماهذا الهراء! أنت تسيئين الفهم بلا شك..
ولم يكن ينقصها في تلك اللحظة إلا دخول سعاد- تلك السيدة المحجبة التي رأتها مع سامر في الصباح- وكأنها جاءت خصيصا لتنتقم منها شر انتقام، وقد سمعت جزءا من الحديث، فأضافت بتشفي:
- هذا صحيح ولولا سفورك هذا، وميوعتك يا صائدة الرجال...
قالتها سعاد وهي تضغط على حروفها كمن أعجبها الوصف، قبل أن تتابع:
- لولا ذلك كله لما وصلتِ إلى هذا المكان أبدا..
وجدت سوسن نفسها في دوامة كادت أن تفقدها وعيها تماما، فقد كانت وحدها في حلبة لم تختار المجيء اليها، لتجد اثنين من عتاولة المصارعة بانتظارها.. هذا ما خُيّل اليها في تلك اللحظة، وتذكرت كلام سامر.. انه الحسد.. فكوني قوية ولا تضعفي بسهولة أمام كلام الاخرين..
وكأن صمت سوسن وذهولها لم يعجب السيدتين، فقالت سعاد بغيظ:
- لا تتظاهري بالسذاجة، الم تري كيف ملأت صورك اعلانات المعرض في طول المدينة وعرضها!! ليتها كانت صور لوحاتك على الأقل، بل صورك أنتِ، أم تدّعين أنك لم تلاحظي ذلك ايتها الماكرة!!
ومع كلمتها تلك رمت نحوها بصحيفة، تصدرت فيها صورة سوسن الصفحة الأولى، في دعوة عامة لزيارة المعرض..
وبحركة تلقائية انحنت سوسن لتتناول الصحيفة التي وقعت عند قدميها، وحملقت في صورتها لوهلة والدموع تغمر عينيها، إذ لم تعد قادرة على الصمود أكثر، ومن دون أن تضيف كلمة واحدة، خرجت تجري مسرعة باتجاه مكتب رئيس المعرض، وهي تنشج بشدة، حتى أنها لم تتبين وقع خطواتها تماما، إذ شعرت بأنها ستنهار في أي لحظة إن لم تصل إلى هناك بسرعة..
وقبل أن تقطع نصف المسافة اصطدمت بأحدهم، فرفعت رأسها لتفاجأ بسامر ينظر اليها بحنان بالغ، وهو يمسكها من كتفيها.. عندها تمنت من أعماق قلبها لو أنه أيهم، إذاً لرمت نفسها بين ذراعيه لتبكي بشدة، غير أنها سرعان ما اعتدلت في وقفتها وابتعدت خطوة للوراء معتذرة بأدب، وهي تمسح دموعها بيدها اليسرى:
- أرجوك استاذ سامر، لا أريد أن استمر أكثر، انني أكره أن أجد نفسي في مكان لا استحقه..
فنظر اليها سامر بتعجب:
- ومن قال بأنك أخذتِ موقعا لا تستحقينه!! ألم أقل لك...
غير أن سوسن رفعت الصحيفة امامه لتريه الصفحة الاولى وهي تجاهد لتقول:
- لماذا صورتي أنا!! وليست صور لوحاتي على الأقل؟؟
قالت جملتها بصوت متهدج ينم عن انكسار واضح، فيما انهمرت الدموع من عينيها انهارا، مما أشعر سامر بشفقة كبيرة نحوها، حتى أنه هم بأن يحضنها، لكنه تدارك نفسه مكتفيا بوضع يده على كتفها مهدئا:
- لا شك أنها سعاد، لقد قلتِ لك انه الحسد يا...
وهم بأن يقول كلمة سرعان ما ازدردها في جوفه وقد احمر وجهه، دون أن تلحظ سوسن ذلك منه، إذ انتبهت لمجيء ايهم في تلك اللحظة، فأسرعت نحوه سامحة لنفسها بأن ترتمي على صدره ملقية بهمومها التي عجزت عن حملها عنده، فما كان منه إلا أن احاطها بذراعيه، طابعا قبلة على رأسها وهو يسألها بعذوبة:
- خيرا يا حبيبتي، ماذا حدث؟
ورفع رأسه لتلتقي عيناه بعينا سامر للحظات قبل أن يشيح الأخير بوجهه دون أن يقول شيئا، فسألها ايهم باهتمام:
- هل آذاك ذلك الشخص يا سوسن؟
فرفعت سوسن رأسها عن صدره وقد هدأت قليلا:
- كلا، بل على العكس كان لطيفا جدا معي.. انه الاستاذ سامر الذي حدثتك عنه..
لم تستطع سوسن معرفة وقع جملتها تلك على ايهم تماما، لكنها سمعته وهو يخاطب سامر الذي أرخى عينيه وقد بدا عاجزا تماما عن الحركة:
- شكرا لك استاذ سامر، ارجو أن لا نكون قد اثقلنا عليك، فخطيبتي حساسة جدا ولا شك أنها سمعت ما يؤذيها من الفتيات كالعادة..
فابتسم سامر ابتسامة باهتة، وقد التقت عيناه بعيني ايهم من جديد:
- لا بأس..
وابتعد ليُخلي الجو لهما، وهو يشعر بألم لا حد له، وكأن المعرض لم يعد فيه إلا ثلاثتهم فقط..اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 26-10-2013 عند الساعة » 12:32
-
27-10-2013, 16:31#74
أنا متابعة جديدة و لقد أعجبتني قصتك لما تحويه من معانٍ و أهداف إسلامية سامية و بلإضافة انها قصة رومانسية
في انتظار الجزء الجديدLife continues ~_~ moving on
even if you stopped moving on -
28-10-2013, 16:20#75
-
30-10-2013, 08:50#76جزاك الله خيرا عزيزتي وارجو أن تدعمينا بدعواتك الطيبة، وأن يبارك الله لنا بانجاز العمل بأفضل وجه يرضيه ويبارك لنا فيه وفي جهدنا ووقتنا
بالأمس قررت أخذ استراحة طارئة من (مدرسة الفروسية)، لأضع جزء جديدا من (تركته لأجلك) حتى لا اكون ممن يخلفون الوعد لا قدر الله، لذا ارجو أن تعذروني إن لم يكن الجزء بالمستوى المطلوب لا قدر الله(:
وأأكد مرة أخرى.. لا تنسونا من الدعوات الطيبة
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلمآمين وأيّاكِ
بإذن الله ، آميين ، آميين
جيد أنكِ أخذتِ استراحة لأن الاسترحة ضرورية بين كل فترة وأخرى حتى تستطيعين تجميع أفكاركِ من جديد، وبإذن الله لن تكوني منهم ،
بل الجزء رائع جداً جداً لقد أعجبني للغاية لكنه قصير جداً بما أنه جزء بعد انقطاع دام قرابة الثلاثة أشهر :'(
بإذن الله عزيزتي
بانتظار الجزء القادم ، لا تتأخري أرجوكِ
اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بالتوفيق -
31-10-2013, 11:35#77
القصة روعة روعة روعة
حجز لي
-
20-11-2013, 10:56#78
أهلا وسهلا بك عزيزتي، يسعدني أن القصة قد حازت على اعجابك، وأرجو من الله أن تكون عند حسن ظنك دائما(:
€v€
جميل ،و لي عودة باذن اللهشكرا للمرور الظريف وسنكون بانتظارك إن شاء الله(:
جينوفا
القصة روعة روعة روعةحجز لي
جزاك الله خيرا لهذه الكلمات المشجعة(: ومقعدك المحجوز بانتظارك، وساكون سعيدة برؤيتك مجددا إن شاء الله(:
في أمان الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-
20-11-2013, 11:06#79آمين وأيّاكِ
بإذن الله ، آميين ، آميين
جيد أنكِ أخذتِ استراحة لأن الاسترحة ضرورية بين كل فترة وأخرى حتى تستطيعين تجميع أفكاركِ من جديد، وبإذن الله لن تكوني منهم ،
بل الجزء رائع جداً جداً لقد أعجبني للغاية لكنه قصير جداً بما أنه جزء بعد انقطاع دام قرابة الثلاثة أشهر :'(
بإذن الله عزيزتي
بانتظار الجزء القادم ، لا تتأخري أرجوكِ
اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بالتوفيقجزاك الله خيرا عزيزتي لتفاعلك الجميل الذي ترك أثرا طيبا في نفسي، فعزمتُ أن لا أعود بعد أن تم نشر موضوع (مدرسة الفروسية) بفضل الله، إلا ومعي جزءا جديدا وطويلا نسبيا من "تركته لأجلك" (كرمالك) (:
وأرجو أن أكون عند حسن ظنك(؛الجزء الجديد مختلف نوعا ما عن سابقيه، خاصة وأنه سيسلط الضوء على شخصية لا أظنها لاقت استحسان متابعي الرواية أبدا..
ربما ستكون فرصة جيدة لرؤية الأمور من زاوية أخرى(؛وإن شاء الله سأكون بانتظار تعليقاتكم الكريمة حول هذا الجزء بالذات.. وانطباعاتكم وحتى توقعاتكم(؛
الجزء الجديد في الرد التالي إن شاء الله
بانتظاركم(:
في أمان اللهوصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-
20-11-2013, 11:45#80
الجزء الخامس عشر..
كانت إحدى فتيات المعهد قد أنهت تسوقها للتو؛ عندما لمحت سورا تسير مسرعة دون أن تنتبه لوجودها، مما أثار فضولها، فتبعتها منادية:
- سوووورا..
جفلت سورا فجأة قبل أن تلتفت إلى صوت مُنادِيتها:
- فاتن!! ماذا تفعلين هنا؟
فرمقتها فاتن بنظرات استفهام غريبة:
- ماذا أفعل!! وهل هذا مكان لا يُفترض بي التواجد فيه!!
ارتبكت سورا قليلا، لكنها سرعان ما استعادت ثبات شخصيتها المعتاد، ففاتن ينقصها الكثير من الذكاء لتفهم الآخرين، وأطلقت ضحكة خافتة:
- لا تحملقي بي هكذا! كنت أسألك وحسب..
فابتسمت فاتن التي كانت رغبتها لتقول ما عندها أكبر من اهتمامها بسماع المزيد من تبريرات سورا:
- أين كنت طوال هذه الفترة؟؟ لقد حاولتُ الاتصال بك مرارا لكن هاتفك كان مغلقا!! قلقت عليك كثيرا!
فقالت سورا بابتسامة مطِمئنة، وقد أدركت تماما أن لهفة فاتن عليها لايعني سوى أنها ترغب في محادثتها بأخبارٍ تجدها مثيرة:
- لكنني لم أتغيب سوى أمس، وهذا اليوم الثاني!
غير أن فاتن التي لم تكن تنتظر منها جوابا، سرعان ما شرعت بالكلام كمن يخشى أن يفوته شيء:
- اليوم لا يوجد دوام في المعهد على أية حال، لذا خرجتُ للتسوق.. تعرفين بالطبع، فاليوم هو افتتاح المعرض، وقد حضرت اللجنة الفنية أمس..
عند تلك الجملة وجدت سورا نفسها مضطرة لمقاطعة فاتن التي كانت مسترسلة بالحديث، فسألتها بدهشة:
- ولكن يُفترض بهم أن يأتوا غدا، أليس كذلك؟؟
شعرت فاتن بنوع من المتعة وهي تثير اهتمام سورا بكلامها، فقالت:
- لقد تفاجأنا بذلك بداية، ولكن كما قالت جولي، يبدو أنهم قاموا بعمل تعديلات سريعة في الجدول، بسبب موعد الانتخابات، وأظن أن مدير المعرض سيرشح نفسه للانتخابات الوزارية المقبلة، أنت تعرفين جولي.. لديها استنتاجات دائما بخصوص كل شيء! على كلٍ كان يوما مثيرا، وليتك رأيتِ وجه نيدو قبل وصول اللجنة وقد بدأت تفقد أعصابها....
كان (نيدو) هو الاسم الذي تعارفت فاتن مع بعض زميلاتها في المعهد على استخدامه لقبا للآنسة ناديا، غير ان سورا قاطعتها بلهجة صارمة:
- ألم تعرض لوحاتي؟؟
انتبهت فاتن إلى أن سورا لم تكن تستمع لما تقوله، وقد أصبح ذهنها مشغولا بفكرة واحدة، فأجابتها ببرود:
- بلى، قامت نيدو بعرضها، حتى أنها تولّت الشرح نيابة عنك، ولكن سواء أحضرتِ أم لا، كانت سوسن ستفوز بالبطاقة الوحيدة بعد ما حدث..
واستدركت بلهجة متحفزة:
- آه.. أجل نسيت أن أخبرك، يبدو ان شاب جديد على وشك الوقوع في حبالها، إنه مسؤول مهم في اللجنة الفنية، ولا أدري إلى أين وصلت به قصة الحب تلك، كان واضحا من نظراته.. وبالطبع لم يخفَ ذلك على أحد منا، تقول جولي بأن قصة حب شائكة ستقع قريبا، ولولا أنني كنتُ أنتظر الفرصة المناسبة للتسوق؛ لذهبتُ مع بقية الفتيات للمعرض لمتابعة فصول هذه القصة المثيرة..
وأطلقت ضحكة عالية، اما سورا التي تعكر مزاجها تماما، فقد حاولت جاهدة الحفاظ على رباطة جأشها وهي تسأل فاتن كمن استوعبت ما سمعته على حين غرة:
- هل قلتِ أنه قد تم افتتاح المعرض العالمي هذا اليوم؟
حملقت فاتن فيها بعينين مفتوحتين عن آخرهما، غير مصدِّقة:
- ألا تعرفين ذلك!! ولماذا أعطتنا الآنسة ناديا اليوم عطلة إذن!! ألم تلاحظي الاعلانات التي ملأتها صورة سوسن في طول المدينة وعرضها؟؟ لا أظن أنه بقي أحد لم يعرف بأن اليوم هو موعد الافتتاح، إذ لم تبقَ صحيفة ولا مجلة ولا أي وسيلة إعلامية إلا ذكرت ذلك!
عضت سورا على شفتيها غيظا، فهي لم تكن لتهتم بإعلان نُشِرت فيه صورة سوسن، كائنا ما كان ذلك الاعلان، وكأن هذا يعطيها شعورا بالرضى؛ لكونهم قد خسروا زبونة مهمة مثلها بسبب سوء استخدامهم للصورة المناسبة!!
لكن فاتن سرعان ما فهمت ما يجول بخلد سورا فغمزتها باسمة:
- على الأقل هذه فرصتك، فأيهم سيكون وحده!!
وتابعت وهي تحاول تلطيف الجو:
- هيا اعترفي.. ألم تكوني تخططين للإيقاع به؟؟
بوغتت سورا بسماع ذلك، وكاد الارتباك أن يفضحها.. هل عرف أحد بما أنوي القيام به حقا!! لكنها انتبهت إلى أن كلام فاتن لا يعدو كونه تعليقا غير مقصود لا أكثر، فابتسمت بمكر وهي تتظاهر بمجاراتها المزاح:
- ولم لا..
فقالت فاتن وقد أعجبتها الفكرة:
- حسنا، ولكن لا تنسِني من الغنيمة..
وضحكت الاثنتان بصوتٍ مرتفع، قبل أن تفترقا..
سارت سورا وحيدة باتجاه منزلها، وكلمات فاتن ترن في أذنها بانتظام، لقد خططت كثيرا، وقد كانت تستعد لخطة محكمة، دون أن تحسب حسابا لفرصة ذهبية كهذه!! فهل تتبع خطتها أم تستثمر هذه الفرصة!! خطواتها يجب أن تكون مدروسة، فلا مجال للخطأ.. وأي تهور من قبلها قد يقلب الأمور رأسا على عقب.. لقد خسرت المشاركة في المعرض العالمي، لكنه لا شيء يُذكر أمام هدفها الأكبر، هدفها الذي يستحق التضحية بكل ما تعنيه الكلمة من تضحية..
وأطلقت تنهيدة طويلة بثتها ما يختزن في صدرها من أشجان:
- الجمال الأخاذ الساحر.. لا يكفي وحده...
قالتها لنفسها وهي تشعر بأن رأسها على وشك الانفجار..
لقد قدم لها جمالها خدمة جليلة فيما مضى، لكنه ليس بالقدر المطلوب ليحقق المزيد من طموحاتها..
وعادت بذاكرتها سنوات طويلة إلى الوراء، لم تعد تهتم بذكر عددها..
طفلة صغيرة لم تتجاوز السادسة من عمرها، وإن بدت أكبر من ذلك بثلاث سنوات على الأقل، تجري حافية القدمين بحماسة وسط الزقاق في أحد الأحياء الفقيرة، وهي تقود خلفها بقية الأطفال المشاغبين، الذين انصاعوا لأوامرها كزعيمة عصابة لا تُقهر، فقد كانت أكثرهم جرأة وقوة في الشخصية، ويكاد الجميع يحسب لها ألف حساب.. كانت زعيمة بفطرتها، بل وموهوبة في السيطرة!!
يومها كانت تجمعهم لوضع خطة محكمة لمهاجمة أكثر البيوت إدقاعا بالفقر في حيهم، تعبيرا عن انتقامهم لبيع صديقتهم الصغيرة سعيدة..
سعيدة.. تلك الطفلة البريئة التي كانت تمثل دور الخادمة المطيعة لجلالتها، بصفتها الزعيمة أو الملكة الآمرة الناهية للجميع.. كان مظهرها يثير الشفقة وهي تبتعد عنهم وقد أمسكتها أمها من يدها، بعد أن قررت ارسالها لمكان يضمن لها مستقبلا أفضل، بدلا من الموت جوعا مع أسرة لم تعد تطيق البقاء في هذه الحياة القاسية.. خاصة وقد تبين جليا أن اسمها وحده لن يجلب لها السعادة ما دامت ستبقى في هذا المكان.. وهكذا اتخذت امها ذلك القرار.. باختصار.. قرار (بيعها)..
لقد بيعت (سعيدة)..!
كم كانت هذه الكلمة قاسية حتى على أطفال لا يفهمون شيئا في عالم التجارة!!
كانت المجموعة قد وقفت في المكان الذي حددته لهم (الزعيمة)، وبدأت تُملي عليهم أوامرها لتنفيذ خطتها الانتقامية، عندما لفت نظرها سيارة فارهة تقف عند بداية الزقاق المؤدي لمنزلها، كان منظرها ملفتا للانتباه بالفعل حتى أن بعض أطفال مجموعتها تجرؤا على مقاطعة حديثها الهام وهم يشيرون إلى السيارة بجلبة واضحة، حتى الزعيمة اندمجت معهم في ذلك الحديث لوهلة:
- هل رأيتم مثلها من قبل؟؟
- ربما.. ولكن ليس في هذا المكان!
- يقول أخي أن حي المدينة الشرقي يزدحم بالسيارات الفارهة من كل نوع! لو رأى هذه السيارة لعرفها بالتأكيد!
- وما أدرى أخوك بذلك!!
- ألا تعرف! إنه يعمل بتنظيف السيارات.. ولديه خبرة واسعة..
- ربما هذه واحدة منها إذن!!
- ولكن ماذا تفعل هنا؟
- هل تظن أنهم أخطئوا العنوان؟
- طبعا.. فما الذي يريده أهلها بحينا؟؟
- أو ربما جاؤا ليبحثوا عن منظف لها..
- ما رأيك يا زعيمة، من يكونون؟
وقبل أن تدلي الزعيمة برأيها حول هذا الموضوع، نزل السائق ليفتح الباب الخلفي من السيارة، فاسحا المجال لسيدته بالنزول، بدت سيدة ثرية جدا في أواسط عمرها، فتعلقت بها نظرات الأطفال وهي تعدل لف فراءٍ باهظ الثمن حول عنقها، فيما حملت حقيبة من الجلد الطبيعي، لا يملك من يراها إلا أن يُقدّر من نظرة واحدة أنها تحوي كنوز الدنيا كلها، واتجهت مباشرة نحوهم فيما تبعها اثنان من حراسها الشخصيين..
كانت لحظات مثيرة تجمد الجميع خلالها في اماكنهم دون أن ينبسوا بكلمة واحدة، حتى الزعيمة.. كانت مثلهم، وكأنهم على موعد مع ملكة من ملكات الأرض، لا يفصلهم عنها سوى بضع خطوات وئيدة من جلالتها..
حدقت بهم السيدة لوهلة بعد أن وقفت على بعد خمس خطوات منهم، فيما اختبأ معظم الأطفال خلف زعيمتهم التي وقفت بانتظار ما تريده تلك السيدة بنظرات متحدية.. اقتربت السيدة منها أكثر وقد افترت شفتاها عن ابتسامة خافتة، قبل أن تلتفت إلى حارسها الواقف عن يمينها قائلة:
- إنها جميلة، أليس كذلك؟ أظنها ستؤدي الغرض..
علا التجهم وجه الطفلة الزعيمة، ولم تنتظر سماع ما تريده تلك السيدة؛ بل بادرتها بلهجة قوية جريئة لا تناسب سنها أبدا:
- ما الذي تريدينه منا؟؟
فابتسمت السيدة برضى:
- تعجبني هذه النظرات الواثقة، هذه هي الشخصية التي تناسبني تماما!! ما اسمك يا صغيرتي؟
أجابتها الطفلة بفخر، فيما ازداد التصاق الأطفال بظهرها:
- سليمة أو الزعيمة، كلاهما سيان عندي..
هزت السيدة رأسها بتفهم، دون أن تلقي بالا لتلك اللهجة ذات الكبرياء الواضح:
- سليمة.. اسم يلائم هذا المكان فقط..
لم تفهم سليمة ما الذي عنته السيدة بقولها، فيما تابعت الأخيرة سؤالها بتودد:
- أين منزلك ايتها الزعيمة؟
أشارت سليمة بيدها إلى أحد الأبواب الكثيرة المتهالكة والملتصقة ببعضها، حتى يشك من يراها أنها تؤدي لبيوت مختلفة، ثم قالت باحتراسٍ قبل أن تلاحظ السيدة أي باب هو المقصود بالضبط:
- ولكن ماذا تريدين منا أيتها السيدة؟؟
فابتسمت السيدة:
- أريد مقابلة والدتك يا عزيزتي، لك عندي مفاجأة ستعجبك بالتأكيد..
ورغم أن كلام السيدة أثار فضول سليمة، إلا أنها تظاهرت بغير ذلك، فاكتفت بإجابة مقتضبة:
- أمي متوفية..
لم تعلق السيدة بكلمة بل اكتفت بتبادل نظرات ذات مغزى مع حارساها، ثم سألت سليمة بشفقة واضحة:
- مع من تسكنين يا صغيرتي؟
لم يرق لسليمة أسلوب السيدة وهي تخاطبها بتلك اللهجة، فأجابتها بلا مبالاة:
- مع أبي وزوجته..
فقالت السيدة وهي تحاول أن تكون أكثر تفهما لشخصيتها لعلها تستميلها إليها:
- حسنا، هلا أخذتِني إليهم؟
ظهرت علامات الشك واضحة في عيني سليمة، وبدت مترددة في الانصياع لكلام هذه المرأة الغريبة، غير أن السيدة شجعتها بقولها:
- ألا تريدين أن تصبحي ملكة!
ورغم ذكاء سليمة اللماح، الذي تضاهي به من يكبرها بعشر سنوات على الأقل، إلا أن روح الطفولة غلبتها، فلم يستغرق الأمر سوى بضع كلمات أخرى من تلك السيدة، حتى كانت سليمة قد أوصلتها إلى المنزل، فالتفتت إليها السيدة بابتسامة مشرقة:
- تستطيعين الذهاب الآن ريثما أنهي بعض الاجراءات..
لم تعرف سليمة في ذلك الوقت ما الذي دار في الداخل، ولم تكن تُدرك أنها لن تكون بحاجة لتنفيذ خطتها الانتقامية ممن تسبب في بيع سعيدة، غير أن ما حدث بعد ذلك أفهمها بأنه قد تم (بيعها) هي الأخرى!!
البؤساء.. كم هم جهلة هؤلاء الذين يظنون أنها مجرد اسم لرواية تصف حالة خاصة في فرنسا في عصر (فيكتور هوجو)..!!
أطلقت سورا تنهيدة طويلة وقد دمعت عيناها إثر تلك الذكرى المريرة في حياتها، فرغم أنها لم تكن تشعر بالانتماء لذلك البيت منذ وفاة والدتها، غير أن فكرة الاستغناء عنها بتلك البساطة سبب لها جرحا غائرا لا يندمل، بل ساهم في زرع المزيد من بذور الحقد في قلبها على هذا العالم..
وأفلتت ضحكة ساخرة من بين شفتيها:
- يقولون اننا مسلمون.. وللفقراء حق في بيت المال وزكاة الاغنياء.. يا للسخف.. هراء فعلا..!
بيانات عن الموضوع
عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)
المفضلات
قوانين المشاركة
- غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
- غير مصرّح بالرد على المواضيع
- غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
- غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
- وسوم المنتدى مسموح
- الابتسامات مسموح
- كود [IMG]مسموح
- [VIDEO] code is مسموح
- كود الـ HTML غير مسموح
الوقت الان » 18:08.
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اقتبس من زينب جلال في 2025-01-14, 6:55 م
الصفحة الخامسة من الارشيف :
- المنتدى
- التعليمات
- التقويم
- المنتدى
- تطبيقات عامة
- خيارات سريعة
- الإنضمام الى فريق عمل مكسات
- الدروس
- مواقع مكسات
- مدونة مكسات
- النشاط الأخير
- المنتدى
- المنتديات الأدبية
- منتدى القصص والروايات
- منتدى قصص الأعضاء
- تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
- اذا كانت هذه زيارتك الأولى لنا ننصحك بالدخول الى التعليمات . و للمشاركة في المنتدى يجب عليك الإنضمام الينا و التسجيل من هنا [ التسجيل ] .
المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
20-11-2013, 11:46#81تابع الجزء الخامس عشر..
وعادت اليها أمواج الذكريات لتتلاطم في مخيلتها من جديد..
لم يكن لديها الكثير من الحاجيات لتصطحبها معها في ذلك الوقت، بل انه ما كان من داع لتحمل شيئا من أسمالها البالية.. فلم تأخذ سوى سلسلة نحاسية قديمة هي الذكرى الوحيدة من والدتها المتوفاة.. سارت إلى جانب السيدة رافعة رأسها بشموخ، وكأنها هي من تقود السيدة إلى وجهتها لا العكس، بعد أن أبى عليها كبرياؤها الظهور بمظهرٍ خاضعٍ ذليل كـ (سعيدة)! وبنظرات جامدة؛ ودعت رفاق الطفولة الذين وجدوا أنفسهم فجأة دون (الزعيمة)..!
قصر كبير.. غرفة مريحة وفراش وثير.. طعام وفير.. وشراب كثير.. ثياب جميلة وحقائب فاخرة وأحذية جديدة.. خدم وحشم وحرس، ودنيا مقبلة.. أمور كثيرة كانت كفيلة بأن تُنسي سليمة ست سنوات مرّت من حياتها، فسرعان ما تكيّفت مع جوّها الجديد، لا سيما وأنها قد اعتادت على أخذ دور الملكات والأميرات مع أطفال حيها الذين حاولت مسحهم تماما من ذاكرتها فيما بعد، فما هم إلا مجرد أشقياء لا فائدة تُرجى منهم! بل إنها لم تمانع أبدا بعرض السيدة التي تبنتها:
- من اليوم سيكون اسمك (سورا) فهو يليق بك أكثر..
لقد بدأت حياة جديدة بالكامل، انصهرت فيها محاولة تجاهل الحقيقة المرة بكونها دخيلة على هذا المجتمع الفاره، وليست أصيلة فيه، وكم كانت سعادتها كبيرة عندما انتقلت مع من تبنتها إلى مدينة أخرى بعيدة عن الزقاق الذي نشأت فيه، ولا يعرف فيها أحد أصولها الحقيقية..
حاولت إشباع رغباتها متجنبة كل ما قد يُذكرها بماضيها، بعد أن أدركت بذكائها الحاذق حيثيات المجتمع الراقي، فتطبعت بطباعه كأي سيدة راقية وُلدت فيه..
لم تفسح المجال لمشاعرها بالظهور ولو لمرة واحدة، خشية أن تحن لبيئتها التي قضت فيها طفولتها، فلا أحد هناك يستحق منها اهتمامها أبدا بعد أن تخلوا عنها بسهولة..! لم تذكر أنها أحبت أحد بصدق بعد ذلك ولو لمرة واحدة! حتى السيدة التي تبنتها وعاملتها كإبنة حقيقية، لم تكن علاقتها بها أكثر من علاقة (المنفعة المتبادلة) إن صح التعبير.. هذا ما كانت تراه سورا، فقد وفرت لها تلك السيدة الحياة الكريمة، كما قدمت هي لها فرصة تبني طفلة جميلة ذكية يمكنها التباهي بها أمام الآخرين، وتؤنس وحدتها وهي الأرملة الخمسينية التي لم تُنجب قط ولا يوجد لديها أقارب يُعتمد عليهم..
مغرورة ومتكبرة.. صفتان طالما سمعتهما سورا ممن حولها، وكم كان يسرها ذلك!! كان بالنسبة لها دليل نجاحها كسيدة راقية حقيقية، حتى أبناء الأثرياء أنفسهم طالما حسدوها على أمور كثيرة!
وحدها سوسن كانت غريمتها، رغم أنها لم تأبه لها كثيرا في البداية، فقد كانت مجرد زميلة التقتها في معهد الفنون الراقي..
تسارعت نبضات سورا وهي تعود بذاكرتها لذلك اليوم..
لم يكن لديها من العواطف وقتها ما يفجر مشاعرها الكامنة في أعماق قلبها، لم تذكر أنها بكت يوما لذكرى مرت بها، أو حادث آلمها.. بل لم يكن هناك ما يستحق التألم من أجله برأيها!! وحده هو.. استطاع فعل ذلك بها وأكثر!!
لقد فعل بها فعل السحر أو يزيد، لم تكن تتخيل أن تؤثر بها اسطوانته الاولى كل ذلك التأثير الرهيب.. أيُعقل أن تكون مجرد اسطوانة عادية!! لقد قلب كيانها تماما.. أحالها إلى فتاة أخرى بمشاعر جياشة، لم تكن تعرف أنها تمتلكها أبدا.. بل لم يخطر ذلك ببالها أصلا.. ولأول مرة بعد عشرين عاما مضت من عمرها؛ يخفق قلبها بالحب!!
حتى أنها لم تعد تعيش إلا على أمل اللقاء به، ولم يعد في غرفتها مساحة فارغة إلا وأثر منه عليه، صورة أو اسطوانة أو خاطرة.. هل كانت تتصور أنها ستكتب خواطر في يوما من الأيام!! لكنها كتبتها من أجله هو.. أهكذا يفعل الحب بأهله!!
لقد وجدت فيه فتى أحلامها الذي آن لها أن تتحرر من قيود جمودها لتعيش معه بشفافية وسعادة، ستفعل أي شيء من أجله.. أي شيء.. فهو كل حياتها التي ما عادت تعرف غيرها..
ألحانه.. صوته.. صورته.. كلماته.. كل شيء فيه، وأي شيء ينتمي إليه يعني لها (حياتها)..
لا تذكر كم من الليالي بكت شوقا إليه، ورغبة في القرب منه، وهي التي ما ذرفت دمعة واحدة في أحلك ظروف طفولتها القاسية!!
تنام على ألحان معزوفاته، وتحلم بصورته، وتصحو على طيفه..
تكاد تجزم يقينا أنه ما من فتاة أحبته كحبها له، وكم كانت سعادتها كبيرة عندما أعلن عن حفلته الأولى في المدينة، فبادرت بشراء أول تذكرة في المقعد الأول، ولو تُرك الأمر لاختيارها، لاشترت تذاكر القاعة كلها!!
ذهبت بصحبة زميلاتها في المعهد، إذ كانت الحفلة بعد دوامهم فيه، سارت معهم بجسدها، أما روحها.. فقد سبقتها إلى هناك منذ زمن..
يومها عرضت إحدى الفتيات على سوسن مرافقتهن، إذ لم تكن ترغب بالحضور بداية، غير أن الفتاة أصرت عليها بقولها:
- إنها الفرصة الوحيدة التي قد نخرج فيها نحن الفتيات معا، سنقضي وقتا ممتعا ومسليا بلا شك.. هيا يا سوسن لا تترددي..
لم يخطر ببال سورا وقتها أن هذه الدعوة ستقلب أحلامها رأسا على عقب..
وانهمرت الدموع غزيرة من عيني سورا وهي تسترجع أحداث ذلك اليوم الأليم..
لماذا سوسن!! لماذا تختارها يا أيهم وأنا التي أحببتك من كل قلبي!! لماذا التفتَّ اليها وأنا التي كنت مستعدة لفعل أي شيء من أجلك..
لماذا؟؟.. لمــــــاذا؟؟؟
لماذا هذا الظلم!!!!!!!!!!
لماذا يوجد من يأخذ كل شيء دون عناء أو تعب، في حين أن هناك من لا يستطيع الحصول على مايريد إلا بشق الأنفس ثم هو لا يكاد يحصل عليه!!!
ألا يكفي سوسن أن لها أسرة حقيقية ثرية تحيطها بحبها ورعايتها، ألا يكفيها حنان والدتها المتدفق وحبها الكبير لها؛ حتى جاءت لتسلبني حبي الوحيد!!!
آه يا سوسن كم أكرهك.. أكرهك بشدة يامن حطمتِ وجداني.. وزلزلتِ كياني!! أجل.. يؤسفني الاعتراف بذلك حتى أمام نفسي!!
ألا تعرف ما الذي فعلته بي يا أيهم!! لقد قتلتني، ودست على كبريائي، ومع ذلك.. لا زلت أحبك.. أي جنون هذا!!!
وانهمرت الدموع من عينيها مجددا ولكن بقهر أشد..
غير أنها سرعان ما جففتها، وهي تحدث نفسها بعزيمة (الزعيمة) التي ما فتأت تسكن داخلها:
- لن أكون ضعيفة بعد اليوم.. هذا وعد قطعته على نفسي، ولن أنكثه مرة أخرى.. فلإن وُلدتُ لأعاني ولن أحصل على ما أريده إلا بشق النفس، فليكن.. وليعلم الجميع من هي سورا..
لم تكد تتم جملتها حتى شعرت بيدٍ تمسكها لتوقفها بقوة، ولدهشتها الشديدة فوجئت بأيهم يقف إلى جوارها وهو ينظر إليها بدهشة:
- هل أنت بخير!
شعرت سورا بأن قلبها سيتوقف بلا ريب، أو أن تفكيرها بأيهم قد أثر على عقلها فبات يصوّره أمامها، فأي مصادفة هذه التي ستأتي بأيهم في هذه اللحظة بالذات!! فأغمضت عينيها وفتحتهما مجددا لتجد أيهم بشحمه ولحمه وهو يعيد عليها السؤال مرة أخرى:
- هل أنت بخير؟؟؟؟
تلفتت سورا حولها بارتباك، رغم رباطة جأشها المعتاد.. أيحدثها هي أم ماذا!! ولوهلة انتبهت أنه لا يزال ممسكا بيده، فتسارعت نبضات قلبها بعنف.. هل هذا حلم!!! لكنها تمالكت نفسها لترد عليه بصوتٍ خُنقت حروفه:
- عفوا!
فأعاد أيهم سؤاله بصيغة أخرى لعلها تفهمه:
- ألستِ صديقة سوسن! كنت أسألك إن أصابك شيء!!
كانت تلك الكلمة كفيلة بإعادتها إلى رشدها من جديد.. (سوسن)، هذا هو المهم إذن.. وتذكرت الدور الذي لعبته في آخر حفلة، صديقة سوسن، وبصعوبة حاولت السيطرة على أعصابها وهي ترد بهدوء:
- أجل.. صديقة سوسن، هل أصابها شيء؟
فأجابها أيهم وقد بدا أكثر تفهما لحالة الشرود التي تعاني منها:
- سوسن بخير فقد أوصلتها لمنزلها قبل قليل، لكنك أنتِ من كنتِ على وشك قطع الشارع دون الانتباه للسيارات المسرعة!! من حسن الحظ أنني أوقفتك في اللحظة الأخيرة، تبدين مشوشة الذهن!
عندها انتبهت سورا لنفسها فحدثتها وهي تتلفت حولها بتعجب.. يا إلهي لقد قطعت مسافة طويلة دون أن انتبه، أين أنا الآن! وما الذي أتى بي إلى هذا المكان!!
يبدو أن عقلها الباطن هو من قادها إلى هذا الحي الذي يقيم فيه أيهم، دون أن تشعر بذلك..
فشعرت بالاحراج قليلا لكونه قد رآها على تلك الحالة، لكنها سرعان ما شعرت بالامتنان لذلك الحظ الذي قرر أن يبتسم لها ولو لمرة واحدة!!
وبعد فترة صمت قالت بامتنان بالغ:
- شكرا لك، يبدو أنني سرحتُ قليلا..
فقال لها باسما:
- يبدو أن معهد الفنون له أثر كبير عليكن، فحتى سوسن أصبحت تسرح كثيرا هذه الأيام!
قاومت سورا شعورها بالغيظ الشديد.. فها هو يذكر سوسن مرة أخرى، بل وفي كل جملة يقولها.. وهدّأت نفسها:
- عليّ أن أصبر قليلا، وإلا خسرتُ كل شيء.. فلم يبق سوى عدة أيام وستنقلب الأمور لصالحي بلا ريب.. لن أسمح بإفساد خطتي المحكمة.. فهي أملي الأخير..
وكم كانت دهشتها شديدة عندما عرض عليها أيهم أن يوصلها بسيارته، وكأن الحظ أصر على أن يبدي حسن نواياه تجاهها هذه المرة، لكنها أبدت تمنّعها وهي تجيبه بابتسامة ودودة:
- شكرا لك.. ولكنني أفضل العودة وحدي، فلا أريد إزعاجك معي أكثر..
غير أنه أصر عليها بقوله:
- لا يوجد أدنى إزعاج في ذلك، يسرني أن أقدم شيئا لصديقات سوسن إكراما لها، لذا اطمئني تماما فأنا مستعد لفعل أي شيء من أجل سوسن فلا تقلقي بهذا الشأن..
ورغم أن كبرياء سورا أنِفَ من أن يستجيب لطلبٍ كهذا إكراما لغريمتها، لكن قلبها المتيم بحب أيهم أبى عليها إلا الانصياع لرغبته، لا سيما وأنها ستكون فرصة مواتية لتنعم بقربه أكثر..
وما هي إلا لحظات حتى كانت تجلس إلى جانبه.. هي وأيهم وحدهما في السيارة نفسها!!
بذلت جهدا كبيرا لتحافظ على اتزانها، خشية أن يفلت لسانها بكلام يعبر عن مكنونات قلبها، وشعرت بأنها بحاجة لرباط فولاذي لتمنع نفسها من أن تبوح له بحبها وعشقها الكبير له.. أخذت تثبّت نفسها وتذكرها.. لم يأن الآوان بعد.. سيفسد كل شيء.. اصبري يا سورا.. اصبري.. لم يبق سوى القليل فلا تستسلمي بسهولة.. كوني قوية.. بل أنت قوية فلا تضعفي الآن..
وبينما هي على تلك الحال، بوغتت بسؤال أيهم لها:
- أما زالت سوسن خاضعة لتأثير تلك الفتاة برأيك؟
ظهر الارتباك واضحا على سورا، فهي لم تكن مهيأة لسؤالٍ كهذا الآن، إضافة لكونها لم تعد تذكر تماما- خاصة وهي في هذه الحالة من تشوّش الذهن- ما الذي لفقته من كلام بحجة أنها صديقة سوسن لتفتعل محادثة خاصة على انفراد مع أيهم في تلك الحفلة.. ربما قالت له شيئا عن قلقها بشأن علاقة سوسن بنور!! لكنها لا تذكر تحديدا ماذا كان!! لقد خانتها ذاكرتها للمرة الأولى، وهي التي اعتادت على دراسة كل كلمة تقولها بل وحفظها جيدا استعدادا لما يمكن أن يحدث في المستقبل!! ألا يمكن للحظ أن يُتم معروفه حتى النهاية!!
وأمام صمتها، تراجع أيهم عن سؤاله معتذرا:
- آسف.. لم أقصد إزعاجك بسؤالي، فربما كانت سوسن قد استأمنتك على بعض أسرارها كعادة الأصدقاء، ومن غير الجدير بي أن أجبرك على البوح بذلك..
تنهدت سورا بارتياح، بل وتنفست الصعداء وهي تحدث نفسها:
- فليظن ما يريد.. هذا أفضل..
ثم قالت يتفهم:
- لا عليك.. إنني أفهم موقفك تماما.. فأنت خطيبها ومن حقك الاطمئنان عليها..
فتنهد أيهم وقد بدا الهم واضحا في نبرة صوته:
- في الحقيقة إنني قلق على سوسن.. قلق جدا...
وأوقف السيارة على جانب الطريق، محدقا النظر في عيني سورا، مستنجدا بها بنظراته القلقة، كمن يحاول إفهامها بلسان الحال، ما عجز عن التعبير عنه بلسان المقال، فيما غاص قلب سورا إلى أسفل قدميها، بعد أن تلاقت نظراتهما بعمقٍ لأول مرة......
20-11-2013, 19:23#82.
.
السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاتهفي الحقيقة لا أدري من أين وكيف سأبدأ !
لكن علي الاعتراف والاجزام بأنك تملكين عقلية مختلفة تماماً تريد التغيير ليس قولاً فقط إنما فعلاً أيضاً
بدايةً من التحفة الكتابية أمامي حتى مشروعك الذي تقومين به حالياًوأنتِ ذكية أيضاً أتعرفين ؟ فهمتي تماماً ماذا يفضل المعظم قراءته وقمتِ بكتابته ووضعتِ خلاله
رسالات عديدة قيّمة حقاً
قد انتبهتُ لروايتكِ عن طريق إحدى العزيزات التي سأجبرها على الرد هنا قريباً ان شاء الله
وانكببت على قراءتها حتى هذه اللحظة التي أكتب بها الرد
بدايةً مع العنوان في الحقيقة لم يجذبني وللآن لم استطع تفسيره تماماً أو ايصال أحداث الرواية به
فهناك أكثر من توقع يدور في رأسي مؤدياً لهذا العنوان
ولكن صبراً فأنا أثق أن هُناك مُفاجات قادمةلقد عرضتِ لنا فئة المسلمين الفقيرة ، المتوسطة والغنية تماماً كما في الواقع
لم استغرب من عدم تأدية أياً من الشعائر الاسلامية في بيت سوسن ، فهناك كثيرون من هذه الفئة الغنية إلا من رحم ربي
لكن هم لديهم بعض محاسن الأفعال رغم هذا
ويَ جمالك يا أمة القادر ، عرض الآيات القرآنية كانت اللمسة الأشد روعة وإضفاءً للحياة على الفصول
كما أنه لا صور للوحات ، لكنكِ جسدتها أمامنا بوصفك الجميل وهذا ما دفعتي للاسترسال أكثر وأكثر لأعماق الروايةسوسن هذه فتاة صالحة ونقية القلب أشعر انها نازلة من السما ولا تدري بشخوص الناس !
بينما نور والتي هي اسمٌ على مسمى جاءت كالسراج لحياتها ، أتمنى أن يكون لها وزوجها دوراً أكثر توسعاًأتوقع الكثير من التطورات التي ستطرأ على سوسن في الفصول القادمة وستكون الخطوة المقبلة هي التحشم والحجاب !
والتي ستصدم بها أيهم الشخصية المستفزة التي لا تفلح غير في الغزل وأرجو أن نرى إنجازاً له
أنه حقاً لا يملك الغيرة التي من المتفرض أن يمتلكها الرجل المسلم ، يجب أن تنتبه بلهاءنا سوسن إلى هذاسورا ماضيها مؤلم وقد رأيناه يتجسد واقعاً في زمنٍ ما ولا زال يحدث
أوصلتِ رسائل كثيرة يَ أمة القادر ، أنتِ من أمة القادر وأنتِ قادرة وبإذن الله ستحققين ما تأملين إليه
يعطيكِ ربي العافية
مُتابعة لكِ ، وبانتظار الفصل القادم وآسفة على الإطالةحفظكِ الرحمن
21-11-2013, 14:04#83بارت جميل بس ما في وايد أحداث صارت
21-11-2013, 16:34#84مقالات المدونة2
سلام الله عليكِ و رحمته و بركاته
الأخت العزيزة أمة القادر
على غير العادة يقودني اسم الكاتب لا العنوان إلى القراءة
فيما عرفته عنكِ يا أختاه و في ردودكِ التي أقرأها هنا و هناك ما يوحي لي بأنكِ عازمة على وضع بصمة ذات معنى و قيمة في الحياة كـ مسلمة في المقام الأولأكاد أرى في نور أمة القادر نفسها و إن خانني التعبير
أغبط أسلوبكِ و فكركِ النبيل جداً و أشد على يديكِ بكلتا يدي بأن تستمري أعانكِ الله و ثبتكِ
بالنسبة للقصة فمن جذبني فيها نور أكثر من سوسن و أعجبتُ بتلك المشاهد القليلة التي ظهرت فيها لكنها كانت تكفي لتترك فيّ انطباع متكامل عنها
تركته لأجلك
خطر ببالي أن سوسن قد تترك أيهم لأجل الله لكن لا أدري لما ساورتني هذه الفكرةعلى كلِ ... عديني متابعة لكِ
وفقكِ الله و زادكِ علماًأول إصدار لي في جرير وفيرجن 21-11-2013, 17:24#85نحجز مقعداً هنا وإلى حين
24-11-2013, 14:33#86حجز ...
27-11-2013, 07:10#87.
.
السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاتهفي الحقيقة لا أدري من أين وكيف سأبدأ !
لكن علي الاعتراف والاجزام بأنك تملكين عقلية مختلفة تماماً تريد التغيير ليس قولاً فقط إنما فعلاً أيضاً
بدايةً من التحفة الكتابية أمامي حتى مشروعك الذي تقومين به حالياًوأنتِ ذكية أيضاً أتعرفين ؟ فهمتي تماماً ماذا يفضل المعظم قراءته وقمتِ بكتابته ووضعتِ خلاله
رسالات عديدة قيّمة حقاً
قد انتبهتُ لروايتكِ عن طريق إحدى العزيزات التي سأجبرها على الرد هنا قريباً ان شاء الله
وانكببت على قراءتها حتى هذه اللحظة التي أكتب بها الرد
بدايةً مع العنوان في الحقيقة لم يجذبني وللآن لم استطع تفسيره تماماً أو ايصال أحداث الرواية به
فهناك أكثر من توقع يدور في رأسي مؤدياً لهذا العنوان
ولكن صبراً فأنا أثق أن هُناك مُفاجات قادمةلقد عرضتِ لنا فئة المسلمين الفقيرة ، المتوسطة والغنية تماماً كما في الواقع
لم استغرب من عدم تأدية أياً من الشعائر الاسلامية في بيت سوسن ، فهناك كثيرون من هذه الفئة الغنية إلا من رحم ربي
لكن هم لديهم بعض محاسن الأفعال رغم هذا
ويَ جمالك يا أمة القادر ، عرض الآيات القرآنية كانت اللمسة الأشد روعة وإضفاءً للحياة على الفصول
كما أنه لا صور للوحات ، لكنكِ جسدتها أمامنا بوصفك الجميل وهذا ما دفعتي للاسترسال أكثر وأكثر لأعماق الروايةسوسن هذه فتاة صالحة ونقية القلب أشعر انها نازلة من السما ولا تدري بشخوص الناس !
بينما نور والتي هي اسمٌ على مسمى جاءت كالسراج لحياتها ، أتمنى أن يكون لها وزوجها دوراً أكثر توسعاًأتوقع الكثير من التطورات التي ستطرأ على سوسن في الفصول القادمة وستكون الخطوة المقبلة هي التحشم والحجاب !
والتي ستصدم بها أيهم الشخصية المستفزة التي لا تفلح غير في الغزل وأرجو أن نرى إنجازاً له
أنه حقاً لا يملك الغيرة التي من المتفرض أن يمتلكها الرجل المسلم ، يجب أن تنتبه بلهاءنا سوسن إلى هذاسورا ماضيها مؤلم وقد رأيناه يتجسد واقعاً في زمنٍ ما ولا زال يحدث
أوصلتِ رسائل كثيرة يَ أمة القادر ، أنتِ من أمة القادر وأنتِ قادرة وبإذن الله ستحققين ما تأملين إليه
يعطيكِ ربي العافية
مُتابعة لكِ ، وبانتظار الفصل القادم وآسفة على الإطالةحفظكِ الرحمن
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أختي الغالية.. لقد قرأت ردك منذ فترة، لكن الجمال الذي وصفته أكبر من تعبر عنه كلماتي، فامتثلت لفترة القول المأثور : " والصمت في حرم الجمال جمال!!"جزاك الله خيرا على ثناءك الذي أعتبره أكثر مما استحق واسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني عند حسن ظنك، فمن لطف الله بنا انه ستر القبيح وأظهر الحسنا، كما قال الشاعر رحمه الله..
بارك الله فيك فلولا أنك تحملين الأفكار نفسها لما انتبهتٍ لها، وهذه قاعدة معروفة(؛
أعجبتني قراءتك الناقدة، وتعليقاتك القيمة، وإن شاء الله يكون الجزء الجديد بين أيديكم قريبا في غضون يومين أو عدة ايام قليلة بإذن الله
أما كونك تعتذرين عن الاطالة، فيا سقى الله هذه الاطالات الخفيفة، إنها بالفعل لم تكن سوى نسمة خفيفة منعشة جددت حيوتي للكتابة أكثر بفضل الله فجزاك الله خيرا(:اتركك في حفظ الله ورعايته، على أمل اللقاء بك مجددا بإذن الله
فاذكريني بدعوة في ظهر الغيب(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 27-11-2013, 07:14#88جماله من جمال ذوقك عزيزتي، واطمأني فالأحداث قادمة في الطريق إن شاء الله(؛
هكذا هي الحياة.. تضطرنا أحيانا لخوض غمار الماضي دون أن نتحرك في حاضرنا لحظة، وما الماضي إلا قراءة للمستقبل(؛
وحتى لقاء قادم إن شاء الله اتركك في أمان الله(:وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
27-11-2013, 07:26#89سلام الله عليكِ و رحمته و بركاتهالأخت العزيزة أمة القادر
على غير العادة يقودني اسم الكاتب لا العنوان إلى القراءة
فيما عرفته عنكِ يا أختاه و في ردودكِ التي أقرأها هنا و هناك ما يوحي لي بأنكِ عازمة على وضع بصمة ذات معنى و قيمة في الحياة كـ مسلمة في المقام الأولأكاد أرى في نور أمة القادر نفسها و إن خانني التعبير
أغبط أسلوبكِ و فكركِ النبيل جداً و أشد على يديكِ بكلتا يدي بأن تستمري أعانكِ الله و ثبتكِ
بالنسبة للقصة فمن جذبني فيها نور أكثر من سوسن و أعجبتُ بتلك المشاهد القليلة التي ظهرت فيها لكنها كانت تكفي لتترك فيّ انطباع متكامل عنها
تركته لأجلك
خطر ببالي أن سوسن قد تترك أيهم لأجل الله لكن لا أدري لما ساورتني هذه الفكرةعلى كلِ ... عديني متابعة لكِ
وفقكِ الله و زادكِ علماًوعليك السلام ورحمة الله وبركاته
كما أجبتُ على أختي جولييت من قبل، اقول لك بالمثل، ما قرأتيه كان انعكاسا لجمال روحك، فجاء ذلك متمثلا بردودك، فلم أجد أمامه سوى الصمت لفترة استجمع خلالها كلماتي..!
جزاك الله خيرا على حسن ظنك بي، فإنني أحاول التمثل بشخصية أجدها قدوة في هذا الزمن، واسأل الله أن يجعلني عند حسن ظنكم وأحسن، بفضله وكرمه وجوده واحسانه، وأن يجعلنا بحق ممن تقوم على أيديهم نهضة هذه الأمة..
فمعا نصنع الفجر القادم بإذن الله(؛
شرف كبير لي أن تكوني متابعة لقصتي هذه، وستبدي الايام حقيقة التوقعات، لذا لن استعجل بدحضها أو اقرارها، فلن يطول الوقت حتى تتضح الامور إن شاء الله، وحتى ذلك الحين، اتركك في حفظ الله ورعايته(:ولا تنسيني من دعواتك الصادقة اختي
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلماخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 27-11-2013 عند الساعة » 07:30
27-11-2013, 07:33#90 01-12-2013, 17:17#91السـلام علكيم ورحمة الله وبركاته
قصة جميلة جداً
بانتظار التكملةسُبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أستغفرك وأتوب إليك 09-12-2013, 10:06#92وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا بك أختي معنا، والحمد لله أن القصة أعجبتك(:الجزء الجديد في الرد التالي إن شاء الله
وأعتذر عن تأخري، فقد قلت بأنني سأضعه خلال أيام قليلة، وأرجو أنني ما زلت ضمن هذه الأيام(؛همسة للمتابعين الأعزاء(:
ربما لم تصل القصة إلى العقدة الرئيسية بعد، وقد لا تسير الأحداث بسرعة أحيانا، لكن هذه هي الحياة..
فأعيروني صبركم الجميل، ولا تنسوني من دعائكم^^
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 09-12-2013 عند الساعة » 10:55
09-12-2013, 10:13#93الجزء السادس عشر..
ظلام شديد حالك.. ظلام دامس.. ظلام مخيف جدا.. دوامة كبيرة، لا يمكنها الافلات منها، ولا حتى التقاط انفاسها خلالها.. ستُخنق هذه المرة لا محالة...
هبت سوسن من فراشها فزعة وهي تلتقط انفاسها المتلاحقة، وتتحسس رقبتها بقلق، كانت على وشك الانخناق فعلا!!
وأخيرا تنفست الصعداء بعد أن تبين لها أنه مجرد حلم، فتنهدت محدثة نفسها:
- لقد عاد الظلام إلى أحلامي مجددا بل وبشدة أكبر!!.... كم أنا بحاجة للنور!
وأشعلت مصباح القراءة قرب سريرها، لتجد أن الوقت لا زال باكرا، فلم يطلع الفجر بعد، وحملقت في اللوحة أمامها:
- الله نور السماوات والأرض..
فأرخت عينيها بانكسار:
- كم أشعر بالخجل منك يارب.. لقد كانت الاشارة واضحة تماما، بل أوضح من الشمس في كبد السماء! ولكن.. هذا صعب جدا.. أعلم أنه الحل الوحيد، ولكنه.. شبه مستحيل...! ليتني أعرف فقط.. متى سينتهي هذا الكابوس... يارب!!
اليوم هو ثالث أيام المعرض، ورغم ذلك شعرت بأنه قد مر عليها شهورا فيه، خاصة وقد أصبح كالكابوس الجاثم على صدرها، تتوق شوقا لليوم الذي يعلن فيه انتهاء مدته!
أخذت الفكرة تلح عليها بشدة:
- لن أذهب إلى هناك مجددا.. ربما هذا أفضل لي وللجميع... ولكن لا يمكنني ذلك الآن؛ بعد ما فعله أيهم من أجلي!!
لقد وعدها أيهم أن يكون إلى جانبها، وقد كان هذا طبيعي منه، لكن أن يأخذ إجازة خصيصا من أجلها.. فهذا ما لم يخطر ببالها قط..
وخفق قلبها بشدة لذكرى كلماته الرقيقة:
- أنت أغلى عندي من كل ما أملك.. أسطواناتي كلها يمكن تأجيلها من أجلك حبيبتي..
هذه شهامة منه حقا لا يمكن أن تنساها، فهو إلى جانب مساهمته في حمايتها بوقفته إلى جانبها في المعرض؛ قام بإدخال الطمأنينة إلى قلبها بعد أن أراحها تماما من التفكير فيما قد يحدث بينه وبين سورا في المعهد!! أو هذا ما ظنته..!
كانت خفقات قلبها تعبر بصمت عن خلجات صدرها:
- أيهم.. كم أحبك وأقدر وقفتك إلى جانبي، فهذا سيحل المشكلة مؤقتا.. لكن سامحني.. فما زلت أتعذب.. وما يعذبني أكثر أن الحل واضح، ولكن.. كيف السبيل إليه!!
وفي تلك اللحظة تنهدت بعمق:
- أين أنت يا نور!!
وعادت بذاكرتها تحاول استرجاع آخر اتصال حادثتها فيه، فلم تستطع التذكر، فقد مرت الأيام الفائتة كأنها شهور من كثرة أشغالها.. أو همومها!!
وأخذت تقلب في رسائل هاتفها، حتى إذا ما وقعت عيناها على آخر رسالة تلقتها من نور، تسارعت نبضات قلبها، وقد أعادت الرسالة إلى ذاكرتها ما حدث تلك الليلة.. يوم أن كانت تبحث عن الآية، فالتقت ببهجة!!
وانقبض صدرها بقلق:
- لم تُعد نور الاتصال بي رغم أنها وعدت بذلك في أقرب فرصة، أرجو أن تكون بخير..
وشعرت برغبة شديدة في محادثتها والاطمئنان عليها، فليس من عادة نور أن تتأخر عليها هكذا!!
وبدون تردد تناولت هاتفها وكتبت رسالة لنور، فهذا قد يريحها قليلا، ومن ثم أسندت رأسها إلى حافة سريرها الخلفية، وأغمضت عينيها..
يارب ..لا أعرف ماذا أقول لك.. ولا بماذا أدعوك.. يارب.. أنت تسمعني.. وأنت تراني.. وتعلم ما بحالي.. أليس كذلك؟؟ يارب.. لستُ مؤمنة مثل نور ولا حتى مثل بهجة.. ولا أعرف كيف أصبح مثلهما لتستجيب دعائي.. يارب .. أنا مجرد انسانة تائهة حائرة ضعيفة لا تعرف كيف تتصرف...
وانهمرت الدموع من عينيها:
- ربما أستحق ما يجري لي.. فهل ترحمني يارب وأنا بعيدة عنك؟؟
وإذ ذاك رن هاتفها، فالتقطته كمن يستيقظ من حلم عميق بعد أن انتبهت من سيل مناجاتها، فأتاها صوت نور:
- السلام عليكم سوسن ؟ هل أنت بخير؟
وبصعوبة ردت عليها وهي تحاول ايقاف سيل دموعها المنهمرة دون أن تعرف لها سببا واضحا:
- آسفة لإزعاجك الآن لم أتوقع أن تكوني مستيقظة، فأرسلت الرسالة على أن تريها عندما تستيقظين، أعتذر بشـدة إذا ما أفزعتك..
فطمأنتها نور:
- لا عليك، عادة أستيقظ في مثل هذا الوقت، فسيرفع أذان الفجر بعد قليل، المهم كيف حالك؟
فأجابيتها سوسن:
- أنا بخير عزيزتي، ولكنني قلقت عليك، كيف حال والديك؟ لقد ذكرتِ لي أن والدك كان متعبا أيضا!
شعرت سوسن بابتسامة نور الهادئة وهي تجيبها:
- الحمد لله إنه بخير الآن، واعذريني إذ لم أتمكن من الاتصال بك، فقد كان ذلك رغما عني ولم أجد الوقت المناسب لذلك، أما وقد رأيت رسالتك الآن فقد عرفت أنك مستيقظة..
وصمتت نور قليلا قبل أن تقول:
- أخبريني عنك يا سوسن، لا أظنك على ما يرام؟ آخر ما أخبرتِني به هو ترشحك للمعرض العالمي، فهل حدث جديد!
وكأن سوسن كانت تخشى سماع هذا السؤال، أو ربما كانت تنتظره، لم تعد تعرف ماذا تريد بالضبط، ربما كانت بحاجة لمن يتحدث نيابة عنها! ولم تتركها نور لصمتها كثيرا، فسألتها:
- كيف حال أيهم؟
وكعادة قلب سوسن، انطلق لينبض بأقصى سرعة فيما توردت وجنتاها..
حتى نور تدرك أن أيهم هو أكثر ما يهمني في هذه الحياة!!
غير أنها أجابتها بابتسامة مُحرَجة:
- أيهم بخير..
وأخيرا انفرجت أسارير سوسن فانطلقت تحدثها عما حدث معها بعفوية أرهقها كثرة التجمّل!
أبدت نور تفهمها التام لحالة سوسن، مما أشعرها بالارتياح فسألتها:
- هل أنا المخطئة يا نور؟ أرجوك أخبريني بصراحة، هل أنا السبب في كل ما حدث!!
صمتت نور قليلا قبل أن تجيب:
- حسنا في حالة الزوجة مثلا، لا يحق لها أن تخاطبك بذلك الأسلوب، فالذنب ليس كله ذنبك، بل يتحمل زوجها الذي أطال النظر إليك المسؤولية في ذلك أيضا، وهذا ينطبق على بقية الرجال!! فهم من جانبهم مأمورون بغض النظر.. ولكن للأسف تجدين من يضع اللوم على الفتاة وحدها، وكأنها إن لم تلتزم بأمر الله لها بالحجاب، يسقط عن الرجال وزر إطلاق البصر!! بالطبع إن قلت لك أنه لا يحق للزوجة أن تفعل ما فعلته، هذا لا يعني أنني لا أتعاطف معها فهي مسكينة.. أظنك تعرفين شعور المرأة إن ظنت أن هناك واحدة أخرى في حياة زوجها!!
كانت تلك الجملة كافية لتُشعر سوسن بوخزٍ شديد في الضمير.. فهي تعرف ذلك الشعور تماما، بل وجربته أيضا ذات يوم!! كم هذا يؤذيها!! وأخذت تلك الكلمة تتردد في أذنها (فلا يؤذين)!! فانفصلت لوهلة عن سمّاعة الهاتف تناجي ربها:
- أجل إن هذا يؤذيني كثيرا.. يؤذيني أن أكون سببا- ولو بشكل بسيط- في تعاسة امرأة أخرى، حتى وإن كان زوجها هو من يتحمل المسؤولية!!
ولكن يارب كيف السبيل إلى ذلك؟؟
عندها سألت نور:
- ما الذي تفعلينه يا نور إن استصعب عليك أمر ما، أو ضايقك شيء وأهمك؟
فجاءها جواب نور ببساطة:
- أصلي..
رددت سوسن بتؤدة:
- تصلين؟؟
فوضحت نور قولها:
- أجل يا عزيزتي، لن تجدي أفضل من الصلاة لإراحة روحك المتعبة، وإزالة همومك، هذا هو دأب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، كان إذا حزبه أمر هرع إلى الصلاة..
طال صمت سوسن فتابعت نور كلامها موضحة:
- لقد فرض الله علينا الصلاة ليضمن لأرواحنا الاتصال به خمس مرات في اليوم على الأقل، فالروح يتعبها الابتعاد عن خالقها كثيرا، وقد ترك سبحانه وتعالى لنا حرية الاتصال مفتوحة طوال الوقت، لمن شاء أن يستزيد من هذا المنبع النوارني الصافي..
كانت كلمات نور تدخل بسلاسة إلى قلب سوسن فتضيء ظلمته، حتى انشرح صدرها تماما وهي تتخذ قرارا سريعا حاسما بينها وبين نفسها:
- الصلاة.. أهذه هي الاشارة التي لم استطع قراءتها؟؟ كنت أظن أن الحجاب هو الحل الوحيد لمشكلتي، ولم يخطر ببالي أمر الصلاة! أجل إنها الطريق الأسهل للوصول لذلك الحل الأمثل..!
وابتسمت لخواطرها تلك بسعادة، فعلى الأقل هذا الأمر بينها وبين الله، ولا عقبات تقف في طريقها إليه.. كيف لم يخطر ببالها الانتباه إلى ذلك الأمر الهام من قبل!! الصلاة.. أجل.. هذه هي الاشارة..
وخطر لها أن تحادث نور في هذا الموضوع، فسألتها دون أن تنتبه إلى أنها قد حادت عن سؤالها السابق:
- هل سمعت بالـ ( الخيميائي)؟
غير أن نور سألتها مستوثقة:
- تقصدين رواية The Alchemist من تأليف Paulo Coelho أليس كذلك؟؟ لقد أهدتني اياها إحدى صديقاتي الأجنبيات، ولم أكن أتوقع وجود رواية أجنبية تظنين معها أن الكاتب مسلم كهذه الرواية!! خاصة وهو يكرر فيها المصطلح العربي (Maktoob ) بمعنى قضاء الله وقدره، إنها بالفعل من أروع الروايات التي قرأتها..
فتهلل وجه سوسن:
- أجل.. إنها هي، ما رأيك بالاشارات التي ذكرها المؤلف؟
فقالت نور:
- تعنين الـ Omens؟ انني أجدها مصداقا لقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)، وكأن الرسول لا يقتصر على الرسل الذين بعثهم الله لهداية البشرية، وإنما أيضا على الاشارات التي يرسلها لعباده، فمن انتبه لها وأخذ بها قادته إلى الطريق الصحيح، ومن أصر على تجاهلها عامدا متعمدا، توشك أن لا تعود إليه مرة أخرى كما ذُكر في الخيميائي.. فقلبه عندها يكون قد غُطي بالران!!
وكأن نور تعمدت إثارة فضول سوسن، التي سألتها:
- الران؟؟!!!
فأجابتها نور موضحة:
- ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بما معناه أن العبد إذا أذنب ذنبا ولم يتب منه نكت في قلبه نكتة سوداء، وإذا زاد اصراره على الذنوب متجاهلا نداء نفسه اللوامة، ازدادت النكات السوداء حتى تتراكم على قلبه كالغشاوة المظلمة أو ما يُعرف بالران، عندها لا يعود القلب يعرف معروفا ولا ينكر منكرا..
اقشعر جسد سوسن لهذه المعلومة، وشعرت برجفة في يدها كادت أن تسقط الهاتف، فرددت بذعر:
- أعوذ بالله من ذلك! لم يخطر ببالي التفكير بهذا المنطق عندما قرأتها في الخيميائي!!
وصمتت سوسن قليلا قبل أن تقول:
- أجل.. تذكرت المشهد الآن، لقد قال المؤلف شيئا كهذا..
ثم علقت:
- جميل ربطك هذا بالدين يا نور، تبدو الاستشهادات حاضرة في ذهنك.. ما شاء اهتع..
وأضافت بشيء من التردد:
- لقد أشعرتِني برغبة شديدة في زيادة ثقافتي الدينية، فأظنني مقصّرة فيها كثيرا!!..
أتمنى أن أصبح مثلك..
فجاءها صوت نور:
- بإذن الله تصبحين أفضل بكثير، فليست العبرة بمن سبق، وإنما العبرة بمن صدق كما يُقال، وأنتِ يا سوسن تحملين في قلبك من الصدق والصفاء ما يندر وجوده في هذه الايام، أقولها لك صراحة ودون أي مجاملة.. ما شاء الله..
احمرت وجنتا سوسن، ولم تعرف كيف تجيبها، في حين انهمرت الدموع من عينيها تأثرا بما سمعته، وإذ ذاك انطلق أذان الفجر نديا خاشعا ليشق سكون الليل..
***
حانت اللحظة الحاسمة أخيرا في حياة سوسن؛ وهي تقف ملتحفة بغطاء سريرها مستقبلة القبلة، بعد أن اغتسلت وتوضأت، وآلاف الخواطر تمر في ذهنها كشريط ذكريات فُتح مع رفعها يديها لتكبيرة الاحرام.. كم هي نعمة عظيمة هذه الاختراعات الحديثة!! فكيف لها أن تتعلم الصلاة لو لم يكن بإمكانها تحميل ومشاهدة تلك المقاطع!
لا تدري كم من الزمن مر عليها وهي تقف رافعة يديها باتجاه القبلة، بل لقد خيّل إليها أن الزمن قد تجمد عند تلك اللحظة.. ها هي ستصلي لأول مرة في حياتها.. شعرت برهبة شديدة، بل سعادة غريبة، أو مشاعر أخرى لم تعرف ماذا تسميها، مشاعر لا تستطيع كبتها؛ فانسالت على خديها بشكل دموع..
الله أكبر..
كيف لها أن ترددها دون أن تقشعر كل خلية في جسدها!!
"الحمد لله رب العالمين"..
اللهم لك الحمد يارب، لك الحمد يارب العالمين، أن سهلت لي هذا الوقوف بين يديك..
رددتها بدموع قلبها..
"الرحمن الرحيم"..
يا أرحم الراحمين، ارحم ضعفي، ارحم حيرتي، ارحم جهلي وقلة حيلتي، ارحمني يا رحمن يا رحيم..
"مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين"
يارب يا مالك يوم الدين.. أعني على ما لا طاقة لي به..
" اهدنا الصراط المستقيم"
عندها أخذت تجهش بالبكاء وهي ترددها المرة تلو الأخرى..
اهدني يا رب العالمين.. اهدني يا رحمن يا رحيم.. اهدني يا مالك يوم الدين.. اهدني يا الله.. اهدني فقد تعبت كثيرا من هذا الضياع..
بكت سوسن كما لم تبك من قبل، رغم أنها لا تذكر أنه مر عليها وقت لم تبكٍ فيه، بعد خطبتها من أيهم!! بكت كثيرا وشعرت برغبة جامحة تحول بينها وبين رفع رأسها من أول سجدة تسجدها لله على الأرض..
***
افلتت ضحكة خافتة من فم ذلك الرجل البدين الجالس على مكتبه، وهو يتأمل شاشة للمراقبة التلفزيزنية، سلطها على بقعة محددة احتشد فيها الناس دون غيرها من الأماكن، ثم التقط نفسا عميقا من سيجارته المشتعلة، وهو يشير إلى عامل المراسلة بطرف اصبعه:
- ألم تخبره؟
فأجابه العامل وهو يضع فنجان القهوة على المكتب بانكسار:
- أجل سيدي إنه قادم..
ولم يكد يتم جملته، حتى دخل سامر مسلما:
- استدعيتني أيها المدير؟
فأشار له المدير بالجلوس إلى كرسي قربه، ثم أومأ بعينه إلى الشاشة بسعادة ظاهرة:
- كانت فكرة اختيار تلك الشابة للواجهة فكرة صائبة جدا، ولكنك لم تخبرني أن النجم أيهم سيكون معها، كان علينا أن نضيف ذلك في الاعلان..
ودون أن يلحظ أثر كلماته على سامر، تابع المدير بمزيد من الرضا وقد انتفخت أوداجه:
- لن تجد أفضل من شاب وسيم، وفاتنة حسناء للترويج عن أي مكان في هذا العالم، حتى ولو كان الجحيم بعينه..
وأطلق قهقهة مجلجلة، عبّرت عن مدى نشوته بما حصل عليه من نتائج فاقت توقعاته، ثم التفت إلى سامر مضيفا:
- أريد نشر المزيد من الاعلانات التي تضم أيهم مع تلك الفاتنة فلم يبق على مـ....
لكنه بتر جملته وهو يتأمل تغير وجه سامر الملحوظ، فسأله باهتمام:
- هل أصابك شيء؟؟
أدار سامر وجهه وهو يضع يده على فمه متظاهرا بالسعال قبل أن يقول:
- لا شيء..
ولأن هذا ما كان يرغب المدير بسماعه، فقد تابع باهتمام:
- حسنا ما قولك في...
غير أن سامر لم يستطع السكوت أكثر، فقاطعه بلباقة:
- عفوا سيدي المدير، ولكنني أرى من غير اللائق استغلال الآخرين هكذا..
عندها حملق المدير فيه بعينين مفتوحتين عن آخرهما:
- ماهذا الذي تقوله يا سامر!! مالذي تقصده بكلامك!!
فأكد سامر كلامه:
- إنني أعني ما أقوله، ليس من اللائق استغلال الآخرين للترويج عما نريده، هذا رأيي..
لم يزد المدير عن الحملقة فيه بعينيه المفتوحتين، حتى إذا ما وصلتا لآخر اتساع لهما، أغمضهما بابتسامة ساخرة، دوا أن ينطق بحرف واحد، ثم رمقه بنظرة ذات مغزى معلقا:
- نسيت أنك لا زلت شابا.. ولكن لا تقل لي أنك ترغب في لعب دور الفارس الشهم الذي يسعى لحماية الحسناء الجميلة!
ولم يتمالك نفسه، فأطلق ضحكة صاخبة، قبل أن يضيف بخبث:
- في عالم المال يا بني، لا مجال للحب..
كانت تلك الكلمة كفيلة بإثارة عواطف سامر، رغم استيائه الشديد من تلك اللهجة الهازئة، فلم يستطع الجلوس أكثر، بل خرج متجاهلا كلام مديره على غير عادته..
***
يتبعاخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 09-12-2013 عند الساعة » 10:16
09-12-2013, 10:14#94تابع الجزء السادس عشر..
صعدت سوسن إلى جانب أيهم في سيارته، بعد أن أغلق المعرض أبوابه لذلك اليوم، كانت منهكة جدا، فألقت برأسها على وسادة الكرسى، وهي تُرجعه إلى الخلف قليلا، وأغمضت عينيها..
كان يوما طويلا جدا بالنسبة لها، غير أنه كان مختلفا أيضا..
أول يوم تصلي فيه، لا يمكنها نسيان ذلك، لقد كان ولادة حقيقية بالنسبة لها، قد لا يبدو تغيرها واضحا لمن ينظر إليها، فقد ارتدت ملابسها المعتادة، ووقفت أمام لوحاتها كما كانت تفعل من قبل، وأيهم إلى جانبها كما وعدها، لكنها أصبحت فتاة أخرى من الداخل.. أو هذا ما شعرت به على الأقل..
لم تدرك سوسن كم مر عليها من الوقت وهي مسترسلة في خواطرها تلك، حتى انتبهت إلى كونها لم تسمع صوت تشغيل أيهم للسيارة، هل تراها سرحت لدرجة أنها لم تنتبه لذلك، ربما تكون قد اقتربت من البيت الآن!
وما أن فتحت عينيها حتى كادت أن تصرخ بفزع، فيما ابتسم أيهم لها وهو يضع يده على شفتها معتذرا، بعد أن كان يحدق فيها عن قرب:
- آسف يا حبيبتي لم أقصد اخافتك، لكنك كنت كالملاك النائم الذي لم استطع مقاومة النظر إليه، ولو لم تفتحي عينيك فلربما قضينا الليلة كلها هنا..
فاحمرت وجنتا سوسن وهي تضع يدها على قلبها تتحسس نبضاته، قبل أن تعدّل وضع الكرسي:
- ولكنك أفزعتني فعلا!!
فتناول أيهم يدها وطبع عليها قبلة عذبة:
- هل تكفي هذه تعبيرا عن اعتذاري لك يا سيدتي!
لم تجد سوسن ما ترد به عليه أفضل من ابتسامة انطبعت على وجهها بتلقائية، فيما تشبث أيهم بيدها وهو يقربها إليه أكثر:
- لن أتحرك قبل أن تصدري قرار عفوك رسميا!!
فضحكت سوسن وهي تسحب يدها:
- لا داعي لكل هذا يا أيهم، أنت تعلم أنني..
وصمتت بحياء، فلا شك أن أيهم متيقن تماما من مشاعرها نحوه، غير أنه أصر عليها لتكمل جملتها بقوله:
- أعلم أنك ماذا؟؟
قال جملته وهو يميل عليها أكثر، فهتفت سوسن بتوتر:
- أرجوك لا داعي لهذا فنحن ما زلنا في الشارع!!
فضحك أيهم بمرح:
- لا زلت تعملين حسابا للآخرين رغم أنك خطيبتي قانونيا!! هيا.. إذا لم تقوليها الآن، فسأضطر لـ...
فقاطعته سوسن ودقات قلبها تخفق بعنف:
- حسنا إنني .. أحبك.. أحبك ولا يمكنني أن أغضب منك.. وأنت تعرف هذا جيدا..
لم تكد تتم جملتها، حتى أرخي أيهم جسده على كرسيه، وهو يتنهد بعمق:
- ليتني أصدق هذا يا سوسن..
كانت هذه مفاجأة حقيقية لها، أيهم يشك في حقيقةٍ تجدها من المسلمات!! ما الذي حدث!! لقد كانت تظنه واثقا من حبها له بل وتعلقها الشديد به!!
فرمقته بتعجب وهي تلمح تلك التعبيرات الحزينة على وجهه لأول مرة، وبعفوية وضعت يدها على يده قائلة:
- أيهم.. لا تقل لي بأنك تشك في حبي الكبير لك!!..
وترددت قليلا قبل أن تكمل:
- أم أنك تحاول اختباري؟
فنظر إليها أيهم بنظرات جادة كمن يحاول إفهامها أمرا يعجز عن إيضاحه أكثر:
- لقد تغيرتِ كثيرا يا سوسن!
بوغتت سوسن بسماع ذلك منه، فهي تعلم أنها تغيرت من الداخل، ولكنها لم تلاحظ أي تغيرا حقيقيا على تصرفاتها من الخارج، لا زالت كما هي، بل إن قلبها لم يزل يخفق بمجرد ذكر اسمه كما كان من قبل.. لا تذكر أنها فعلت شيئا مختلفا! حتى موضوع الصلاة، لم تجد الوقت المناسب لفتح ذلك معه، رغم أنه حدثا مهما في حياتها، فما الذي لاحظه أيهم عليها!!
لم تعرف سوسن بم تجيبه، فهذا مما لم تعمل له حسابا من قبل!! وأمام صمتها ذاك، أطلق أيهم تنهيدة أطول وهو يضع يديه خلف رأسه ليسنده عليهما بتأمل عميق:
- لا يمكنك انكار ذلك يا سوسن، أليس كذلك؟ لم أعد أهمّك كالسابق..
فقالت سوسن باندفاع عفوي:
- من قال لك هذا يا أيهم!! إنك أكثر شخص أحبه في حياتي وأفكر فيه طوال الوقت، صدقني، إنك أحب إلي من نفسي..
كانت الكلمات تخرج من فمها بسلاسة ودون ترتيب، حتى أن مشاعرها تفاعلت معها تماما، فسالت دمعات ساخنة على خديها وهي تقول بصوت مخنوق:
- أنت الوحيد الذي لا يمكنني تخيّل حياتي من دونه! فدع عنك تلك الأفكار أرجوك..
اعتدل أيهم في جلسته، وتلاقت نظراتهما بصمت لوهلة، قبل أن يضع يده على خدها مجففا دموعها:
- أنت حبيبتي وسأكون لك للأبد..
*** 09-12-2013, 23:22#95مقالات المدونة2
حسناً لا يبدو أن هذا الجزء قد حوى الكثير من الأحداث
لكن أبرز ما ظهر فيه هو توجه سوسن للصلاة و هذه بادرة خيرهذا الجزء يجعلني أتساءل:
هل ستكتفي سوسن بالصلاة أم أنها مجرد خطوة أولى نحو الطريق الصائب؟
سامر... هل يفكر جدياً في أن يحل محل أيهم؟
و هل يشاركه نفس الفكرة من ناحية هيامه بالجمال في المقام الأول؟أيهم يزعجه التغير الظاهر على سوسن فهل سيؤثر عليها هذا؟
بالمناسبة حديثكِ عن كتاب الخيميائي حمسني كثيراً لقراءته
سأحاول أن أجد هذا الكتاب في أقرب فرصة
رغم أني سمعتُ عنه كثيراً إلا أنه لم يسبق و أن شدني كما هو الحال الآن
فشكراً لكِ يا جميلةوفقكِ الله
بانتظار القادم بإذن الله 11-12-2013, 01:52#96 12-12-2013, 18:48#97السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
كيف حالكِ عزيزتي أمة القادر ؟؟ << أرجو أن تكوني بخير
أعتذر عن عدم فك الحجز في المرة القادمة لكنني سأعوض ذلك في هذا الرد بإذن الله
ما شاء الله تبارك الرحمن فصلين رائعين للغاية
الفصل الأول جميل جداً بالرغم من أنه لم يحتوي إلّا على سورا وذكرياتها المريرة
أما هذا الفصل فكان رائع بتوجه سوسن للصلاة وحديثها مع نور
أكثر ما أخافني هو جملة أيهم :" ليتني أصدق هذا يا سوسن.."
كان جملة صاعقة لي فكيف لسوسن المسكينة !!
لا أعلم ما الذي يفكر به أيهم وأرجو أن لا يكون لما قاله علاقة بسورا :"
بانتظار الفصل القادم على أحر من الجمر
بالتوفيق 22-12-2013, 15:01#98رااااااااااااااااااااااااااائعة قصتك واتمنى التكملى
23-12-2013, 23:15#99الباري جميل و أكثر من رائع ....
في انتظار البارت القادم
حجزLife continues ~_~ moving on
even if you stopped moving on 28-12-2013, 21:43#100من دون أي مجآملة هنآ ؛ أنت وروآيتك زلزلتمآ كيآني بشكل فضيعع ، آكآد اذرف الدموع مع كل كﻵم أو جملة عن إسﻵمنآ أو ديننآ الحنيف ، كم أشعر ب الخجل و الخجل الشديد من الترآهآت التي اكتبهآ امآم هذه التحفة التي قرأتهآ للمرة الثآنيه تقريبآ بكل شغف و لهفة ؛ اعجبتني جدآ جدآ ، و نبهتني على نقآط كنت أجهلهآ أكثر منن سوسن حتتى !!!* يآرب فلتسآمحنآ !! ><
أخيتي استمري و أرجوكك ﻵتتوقفي فروآيتكك هذه ربمآ تكون سبب هدآية لكثييير من الفتيآت ، بآرك الله فييك وأكثر من أمثآلكك !!
بإنتظآركك بفآرغ الصبر ^^منتديات مكسات mobile app
« الموضوع السابق | الموضوع التالي »بيانات عن الموضوع
عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)
المفضلات
قوانين المشاركة
- غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
- غير مصرّح بالرد على المواضيع
- غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
- غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
- وسوم المنتدى مسموح
- الابتسامات مسموح
- كود [IMG]مسموح
- [VIDEO] code is مسموح
- كود الـ HTML غير مسموح
الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش .
الوقت الان » 18:08.Powered by: vBulletin Version 4.2.3
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltdيتبع نسخ الصفحة السادسة من الارشيف في الرد التالي إن شاء الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصفحة الخامسة من الارشيف :
- المنتدى
- التعليمات
- التقويم
- المنتدى
- تطبيقات عامة
- خيارات سريعة
- الإنضمام الى فريق عمل مكسات
- الدروس
- مواقع مكسات
- مدونة مكسات
- النشاط الأخير
- المنتدى
- المنتديات الأدبية
- منتدى القصص والروايات
- منتدى قصص الأعضاء
- تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
- اذا كانت هذه زيارتك الأولى لنا ننصحك بالدخول الى التعليمات . و للمشاركة في المنتدى يجب عليك الإنضمام الينا و التسجيل من هنا [ التسجيل ] .
المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
-
-
20-11-2013, 11:46#81
تابع الجزء الخامس عشر..
وعادت اليها أمواج الذكريات لتتلاطم في مخيلتها من جديد..
لم يكن لديها الكثير من الحاجيات لتصطحبها معها في ذلك الوقت، بل انه ما كان من داع لتحمل شيئا من أسمالها البالية.. فلم تأخذ سوى سلسلة نحاسية قديمة هي الذكرى الوحيدة من والدتها المتوفاة.. سارت إلى جانب السيدة رافعة رأسها بشموخ، وكأنها هي من تقود السيدة إلى وجهتها لا العكس، بعد أن أبى عليها كبرياؤها الظهور بمظهرٍ خاضعٍ ذليل كـ (سعيدة)! وبنظرات جامدة؛ ودعت رفاق الطفولة الذين وجدوا أنفسهم فجأة دون (الزعيمة)..!
قصر كبير.. غرفة مريحة وفراش وثير.. طعام وفير.. وشراب كثير.. ثياب جميلة وحقائب فاخرة وأحذية جديدة.. خدم وحشم وحرس، ودنيا مقبلة.. أمور كثيرة كانت كفيلة بأن تُنسي سليمة ست سنوات مرّت من حياتها، فسرعان ما تكيّفت مع جوّها الجديد، لا سيما وأنها قد اعتادت على أخذ دور الملكات والأميرات مع أطفال حيها الذين حاولت مسحهم تماما من ذاكرتها فيما بعد، فما هم إلا مجرد أشقياء لا فائدة تُرجى منهم! بل إنها لم تمانع أبدا بعرض السيدة التي تبنتها:
- من اليوم سيكون اسمك (سورا) فهو يليق بك أكثر..
لقد بدأت حياة جديدة بالكامل، انصهرت فيها محاولة تجاهل الحقيقة المرة بكونها دخيلة على هذا المجتمع الفاره، وليست أصيلة فيه، وكم كانت سعادتها كبيرة عندما انتقلت مع من تبنتها إلى مدينة أخرى بعيدة عن الزقاق الذي نشأت فيه، ولا يعرف فيها أحد أصولها الحقيقية..
حاولت إشباع رغباتها متجنبة كل ما قد يُذكرها بماضيها، بعد أن أدركت بذكائها الحاذق حيثيات المجتمع الراقي، فتطبعت بطباعه كأي سيدة راقية وُلدت فيه..
لم تفسح المجال لمشاعرها بالظهور ولو لمرة واحدة، خشية أن تحن لبيئتها التي قضت فيها طفولتها، فلا أحد هناك يستحق منها اهتمامها أبدا بعد أن تخلوا عنها بسهولة..! لم تذكر أنها أحبت أحد بصدق بعد ذلك ولو لمرة واحدة! حتى السيدة التي تبنتها وعاملتها كإبنة حقيقية، لم تكن علاقتها بها أكثر من علاقة (المنفعة المتبادلة) إن صح التعبير.. هذا ما كانت تراه سورا، فقد وفرت لها تلك السيدة الحياة الكريمة، كما قدمت هي لها فرصة تبني طفلة جميلة ذكية يمكنها التباهي بها أمام الآخرين، وتؤنس وحدتها وهي الأرملة الخمسينية التي لم تُنجب قط ولا يوجد لديها أقارب يُعتمد عليهم..
مغرورة ومتكبرة.. صفتان طالما سمعتهما سورا ممن حولها، وكم كان يسرها ذلك!! كان بالنسبة لها دليل نجاحها كسيدة راقية حقيقية، حتى أبناء الأثرياء أنفسهم طالما حسدوها على أمور كثيرة!
وحدها سوسن كانت غريمتها، رغم أنها لم تأبه لها كثيرا في البداية، فقد كانت مجرد زميلة التقتها في معهد الفنون الراقي..
تسارعت نبضات سورا وهي تعود بذاكرتها لذلك اليوم..
لم يكن لديها من العواطف وقتها ما يفجر مشاعرها الكامنة في أعماق قلبها، لم تذكر أنها بكت يوما لذكرى مرت بها، أو حادث آلمها.. بل لم يكن هناك ما يستحق التألم من أجله برأيها!! وحده هو.. استطاع فعل ذلك بها وأكثر!!
لقد فعل بها فعل السحر أو يزيد، لم تكن تتخيل أن تؤثر بها اسطوانته الاولى كل ذلك التأثير الرهيب.. أيُعقل أن تكون مجرد اسطوانة عادية!! لقد قلب كيانها تماما.. أحالها إلى فتاة أخرى بمشاعر جياشة، لم تكن تعرف أنها تمتلكها أبدا.. بل لم يخطر ذلك ببالها أصلا.. ولأول مرة بعد عشرين عاما مضت من عمرها؛ يخفق قلبها بالحب!!
حتى أنها لم تعد تعيش إلا على أمل اللقاء به، ولم يعد في غرفتها مساحة فارغة إلا وأثر منه عليه، صورة أو اسطوانة أو خاطرة.. هل كانت تتصور أنها ستكتب خواطر في يوما من الأيام!! لكنها كتبتها من أجله هو.. أهكذا يفعل الحب بأهله!!
لقد وجدت فيه فتى أحلامها الذي آن لها أن تتحرر من قيود جمودها لتعيش معه بشفافية وسعادة، ستفعل أي شيء من أجله.. أي شيء.. فهو كل حياتها التي ما عادت تعرف غيرها..
ألحانه.. صوته.. صورته.. كلماته.. كل شيء فيه، وأي شيء ينتمي إليه يعني لها (حياتها)..
لا تذكر كم من الليالي بكت شوقا إليه، ورغبة في القرب منه، وهي التي ما ذرفت دمعة واحدة في أحلك ظروف طفولتها القاسية!!
تنام على ألحان معزوفاته، وتحلم بصورته، وتصحو على طيفه..
تكاد تجزم يقينا أنه ما من فتاة أحبته كحبها له، وكم كانت سعادتها كبيرة عندما أعلن عن حفلته الأولى في المدينة، فبادرت بشراء أول تذكرة في المقعد الأول، ولو تُرك الأمر لاختيارها، لاشترت تذاكر القاعة كلها!!
ذهبت بصحبة زميلاتها في المعهد، إذ كانت الحفلة بعد دوامهم فيه، سارت معهم بجسدها، أما روحها.. فقد سبقتها إلى هناك منذ زمن..
يومها عرضت إحدى الفتيات على سوسن مرافقتهن، إذ لم تكن ترغب بالحضور بداية، غير أن الفتاة أصرت عليها بقولها:
- إنها الفرصة الوحيدة التي قد نخرج فيها نحن الفتيات معا، سنقضي وقتا ممتعا ومسليا بلا شك.. هيا يا سوسن لا تترددي..
لم يخطر ببال سورا وقتها أن هذه الدعوة ستقلب أحلامها رأسا على عقب..
وانهمرت الدموع غزيرة من عيني سورا وهي تسترجع أحداث ذلك اليوم الأليم..
لماذا سوسن!! لماذا تختارها يا أيهم وأنا التي أحببتك من كل قلبي!! لماذا التفتَّ اليها وأنا التي كنت مستعدة لفعل أي شيء من أجلك..
لماذا؟؟.. لمــــــاذا؟؟؟
لماذا هذا الظلم!!!!!!!!!!
لماذا يوجد من يأخذ كل شيء دون عناء أو تعب، في حين أن هناك من لا يستطيع الحصول على مايريد إلا بشق الأنفس ثم هو لا يكاد يحصل عليه!!!
ألا يكفي سوسن أن لها أسرة حقيقية ثرية تحيطها بحبها ورعايتها، ألا يكفيها حنان والدتها المتدفق وحبها الكبير لها؛ حتى جاءت لتسلبني حبي الوحيد!!!
آه يا سوسن كم أكرهك.. أكرهك بشدة يامن حطمتِ وجداني.. وزلزلتِ كياني!! أجل.. يؤسفني الاعتراف بذلك حتى أمام نفسي!!
ألا تعرف ما الذي فعلته بي يا أيهم!! لقد قتلتني، ودست على كبريائي، ومع ذلك.. لا زلت أحبك.. أي جنون هذا!!!
وانهمرت الدموع من عينيها مجددا ولكن بقهر أشد..
غير أنها سرعان ما جففتها، وهي تحدث نفسها بعزيمة (الزعيمة) التي ما فتأت تسكن داخلها:
- لن أكون ضعيفة بعد اليوم.. هذا وعد قطعته على نفسي، ولن أنكثه مرة أخرى.. فلإن وُلدتُ لأعاني ولن أحصل على ما أريده إلا بشق النفس، فليكن.. وليعلم الجميع من هي سورا..
لم تكد تتم جملتها حتى شعرت بيدٍ تمسكها لتوقفها بقوة، ولدهشتها الشديدة فوجئت بأيهم يقف إلى جوارها وهو ينظر إليها بدهشة:
- هل أنت بخير!
شعرت سورا بأن قلبها سيتوقف بلا ريب، أو أن تفكيرها بأيهم قد أثر على عقلها فبات يصوّره أمامها، فأي مصادفة هذه التي ستأتي بأيهم في هذه اللحظة بالذات!! فأغمضت عينيها وفتحتهما مجددا لتجد أيهم بشحمه ولحمه وهو يعيد عليها السؤال مرة أخرى:
- هل أنت بخير؟؟؟؟
تلفتت سورا حولها بارتباك، رغم رباطة جأشها المعتاد.. أيحدثها هي أم ماذا!! ولوهلة انتبهت أنه لا يزال ممسكا بيده، فتسارعت نبضات قلبها بعنف.. هل هذا حلم!!! لكنها تمالكت نفسها لترد عليه بصوتٍ خُنقت حروفه:
- عفوا!
فأعاد أيهم سؤاله بصيغة أخرى لعلها تفهمه:
- ألستِ صديقة سوسن! كنت أسألك إن أصابك شيء!!
كانت تلك الكلمة كفيلة بإعادتها إلى رشدها من جديد.. (سوسن)، هذا هو المهم إذن.. وتذكرت الدور الذي لعبته في آخر حفلة، صديقة سوسن، وبصعوبة حاولت السيطرة على أعصابها وهي ترد بهدوء:
- أجل.. صديقة سوسن، هل أصابها شيء؟
فأجابها أيهم وقد بدا أكثر تفهما لحالة الشرود التي تعاني منها:
- سوسن بخير فقد أوصلتها لمنزلها قبل قليل، لكنك أنتِ من كنتِ على وشك قطع الشارع دون الانتباه للسيارات المسرعة!! من حسن الحظ أنني أوقفتك في اللحظة الأخيرة، تبدين مشوشة الذهن!
عندها انتبهت سورا لنفسها فحدثتها وهي تتلفت حولها بتعجب.. يا إلهي لقد قطعت مسافة طويلة دون أن انتبه، أين أنا الآن! وما الذي أتى بي إلى هذا المكان!!
يبدو أن عقلها الباطن هو من قادها إلى هذا الحي الذي يقيم فيه أيهم، دون أن تشعر بذلك..
فشعرت بالاحراج قليلا لكونه قد رآها على تلك الحالة، لكنها سرعان ما شعرت بالامتنان لذلك الحظ الذي قرر أن يبتسم لها ولو لمرة واحدة!!
وبعد فترة صمت قالت بامتنان بالغ:
- شكرا لك، يبدو أنني سرحتُ قليلا..
فقال لها باسما:
- يبدو أن معهد الفنون له أثر كبير عليكن، فحتى سوسن أصبحت تسرح كثيرا هذه الأيام!
قاومت سورا شعورها بالغيظ الشديد.. فها هو يذكر سوسن مرة أخرى، بل وفي كل جملة يقولها.. وهدّأت نفسها:
- عليّ أن أصبر قليلا، وإلا خسرتُ كل شيء.. فلم يبق سوى عدة أيام وستنقلب الأمور لصالحي بلا ريب.. لن أسمح بإفساد خطتي المحكمة.. فهي أملي الأخير..
وكم كانت دهشتها شديدة عندما عرض عليها أيهم أن يوصلها بسيارته، وكأن الحظ أصر على أن يبدي حسن نواياه تجاهها هذه المرة، لكنها أبدت تمنّعها وهي تجيبه بابتسامة ودودة:
- شكرا لك.. ولكنني أفضل العودة وحدي، فلا أريد إزعاجك معي أكثر..
غير أنه أصر عليها بقوله:
- لا يوجد أدنى إزعاج في ذلك، يسرني أن أقدم شيئا لصديقات سوسن إكراما لها، لذا اطمئني تماما فأنا مستعد لفعل أي شيء من أجل سوسن فلا تقلقي بهذا الشأن..
ورغم أن كبرياء سورا أنِفَ من أن يستجيب لطلبٍ كهذا إكراما لغريمتها، لكن قلبها المتيم بحب أيهم أبى عليها إلا الانصياع لرغبته، لا سيما وأنها ستكون فرصة مواتية لتنعم بقربه أكثر..
وما هي إلا لحظات حتى كانت تجلس إلى جانبه.. هي وأيهم وحدهما في السيارة نفسها!!
بذلت جهدا كبيرا لتحافظ على اتزانها، خشية أن يفلت لسانها بكلام يعبر عن مكنونات قلبها، وشعرت بأنها بحاجة لرباط فولاذي لتمنع نفسها من أن تبوح له بحبها وعشقها الكبير له.. أخذت تثبّت نفسها وتذكرها.. لم يأن الآوان بعد.. سيفسد كل شيء.. اصبري يا سورا.. اصبري.. لم يبق سوى القليل فلا تستسلمي بسهولة.. كوني قوية.. بل أنت قوية فلا تضعفي الآن..
وبينما هي على تلك الحال، بوغتت بسؤال أيهم لها:
- أما زالت سوسن خاضعة لتأثير تلك الفتاة برأيك؟
ظهر الارتباك واضحا على سورا، فهي لم تكن مهيأة لسؤالٍ كهذا الآن، إضافة لكونها لم تعد تذكر تماما- خاصة وهي في هذه الحالة من تشوّش الذهن- ما الذي لفقته من كلام بحجة أنها صديقة سوسن لتفتعل محادثة خاصة على انفراد مع أيهم في تلك الحفلة.. ربما قالت له شيئا عن قلقها بشأن علاقة سوسن بنور!! لكنها لا تذكر تحديدا ماذا كان!! لقد خانتها ذاكرتها للمرة الأولى، وهي التي اعتادت على دراسة كل كلمة تقولها بل وحفظها جيدا استعدادا لما يمكن أن يحدث في المستقبل!! ألا يمكن للحظ أن يُتم معروفه حتى النهاية!!
وأمام صمتها، تراجع أيهم عن سؤاله معتذرا:
- آسف.. لم أقصد إزعاجك بسؤالي، فربما كانت سوسن قد استأمنتك على بعض أسرارها كعادة الأصدقاء، ومن غير الجدير بي أن أجبرك على البوح بذلك..
تنهدت سورا بارتياح، بل وتنفست الصعداء وهي تحدث نفسها:
- فليظن ما يريد.. هذا أفضل..
ثم قالت يتفهم:
- لا عليك.. إنني أفهم موقفك تماما.. فأنت خطيبها ومن حقك الاطمئنان عليها..
فتنهد أيهم وقد بدا الهم واضحا في نبرة صوته:
- في الحقيقة إنني قلق على سوسن.. قلق جدا...
وأوقف السيارة على جانب الطريق، محدقا النظر في عيني سورا، مستنجدا بها بنظراته القلقة، كمن يحاول إفهامها بلسان الحال، ما عجز عن التعبير عنه بلسان المقال، فيما غاص قلب سورا إلى أسفل قدميها، بعد أن تلاقت نظراتهما بعمقٍ لأول مرة...
-
...
-
20-11-2013, 19:23#82
.
.
السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاتهفي الحقيقة لا أدري من أين وكيف سأبدأ !
لكن علي الاعتراف والاجزام بأنك تملكين عقلية مختلفة تماماً تريد التغيير ليس قولاً فقط إنما فعلاً أيضاً
بدايةً من التحفة الكتابية أمامي حتى مشروعك الذي تقومين به حالياًوأنتِ ذكية أيضاً أتعرفين ؟ فهمتي تماماً ماذا يفضل المعظم قراءته وقمتِ بكتابته ووضعتِ خلاله
رسالات عديدة قيّمة حقاً
قد انتبهتُ لروايتكِ عن طريق إحدى العزيزات التي سأجبرها على الرد هنا قريباً ان شاء الله
وانكببت على قراءتها حتى هذه اللحظة التي أكتب بها الرد
بدايةً مع العنوان في الحقيقة لم يجذبني وللآن لم استطع تفسيره تماماً أو ايصال أحداث الرواية به
فهناك أكثر من توقع يدور في رأسي مؤدياً لهذا العنوان
ولكن صبراً فأنا أثق أن هُناك مُفاجات قادمةلقد عرضتِ لنا فئة المسلمين الفقيرة ، المتوسطة والغنية تماماً كما في الواقع
لم استغرب من عدم تأدية أياً من الشعائر الاسلامية في بيت سوسن ، فهناك كثيرون من هذه الفئة الغنية إلا من رحم ربي
لكن هم لديهم بعض محاسن الأفعال رغم هذا
ويَ جمالك يا أمة القادر ، عرض الآيات القرآنية كانت اللمسة الأشد روعة وإضفاءً للحياة على الفصول
كما أنه لا صور للوحات ، لكنكِ جسدتها أمامنا بوصفك الجميل وهذا ما دفعتي للاسترسال أكثر وأكثر لأعماق الروايةسوسن هذه فتاة صالحة ونقية القلب أشعر انها نازلة من السما ولا تدري بشخوص الناس !
بينما نور والتي هي اسمٌ على مسمى جاءت كالسراج لحياتها ، أتمنى أن يكون لها وزوجها دوراً أكثر توسعاًأتوقع الكثير من التطورات التي ستطرأ على سوسن في الفصول القادمة وستكون الخطوة المقبلة هي التحشم والحجاب !
والتي ستصدم بها أيهم الشخصية المستفزة التي لا تفلح غير في الغزل وأرجو أن نرى إنجازاً له
أنه حقاً لا يملك الغيرة التي من المتفرض أن يمتلكها الرجل المسلم ، يجب أن تنتبه بلهاءنا سوسن إلى هذاسورا ماضيها مؤلم وقد رأيناه يتجسد واقعاً في زمنٍ ما ولا زال يحدث
أوصلتِ رسائل كثيرة يَ أمة القادر ، أنتِ من أمة القادر وأنتِ قادرة وبإذن الله ستحققين ما تأملين إليه
يعطيكِ ربي العافية
مُتابعة لكِ ، وبانتظار الفصل القادم وآسفة على الإطالةحفظكِ الرحمن
-
21-11-2013, 14:04#83
بارت جميل بس ما في وايد أحداث صارت
-
21-11-2013, 16:34#84
مقالات المدونة2
سلام الله عليكِ و رحمته و بركاته
الأخت العزيزة أمة القادر
على غير العادة يقودني اسم الكاتب لا العنوان إلى القراءة
فيما عرفته عنكِ يا أختاه و في ردودكِ التي أقرأها هنا و هناك ما يوحي لي بأنكِ عازمة على وضع بصمة ذات معنى و قيمة في الحياة كـ مسلمة في المقام الأولأكاد أرى في نور أمة القادر نفسها و إن خانني التعبير
أغبط أسلوبكِ و فكركِ النبيل جداً و أشد على يديكِ بكلتا يدي بأن تستمري أعانكِ الله و ثبتكِ
بالنسبة للقصة فمن جذبني فيها نور أكثر من سوسن و أعجبتُ بتلك المشاهد القليلة التي ظهرت فيها لكنها كانت تكفي لتترك فيّ انطباع متكامل عنها
تركته لأجلك
خطر ببالي أن سوسن قد تترك أيهم لأجل الله لكن لا أدري لما ساورتني هذه الفكرةعلى كلِ ... عديني متابعة لكِ
وفقكِ الله و زادكِ علماًأول إصدار لي في جرير وفيرجن -
21-11-2013, 17:24#85
نحجز مقعداً هنا وإلى حين
-
24-11-2013, 14:33#86
حجز ...
-
27-11-2013, 07:10#87.
.
السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاتهفي الحقيقة لا أدري من أين وكيف سأبدأ !
لكن علي الاعتراف والاجزام بأنك تملكين عقلية مختلفة تماماً تريد التغيير ليس قولاً فقط إنما فعلاً أيضاً
بدايةً من التحفة الكتابية أمامي حتى مشروعك الذي تقومين به حالياًوأنتِ ذكية أيضاً أتعرفين ؟ فهمتي تماماً ماذا يفضل المعظم قراءته وقمتِ بكتابته ووضعتِ خلاله
رسالات عديدة قيّمة حقاً
قد انتبهتُ لروايتكِ عن طريق إحدى العزيزات التي سأجبرها على الرد هنا قريباً ان شاء الله
وانكببت على قراءتها حتى هذه اللحظة التي أكتب بها الرد
بدايةً مع العنوان في الحقيقة لم يجذبني وللآن لم استطع تفسيره تماماً أو ايصال أحداث الرواية به
فهناك أكثر من توقع يدور في رأسي مؤدياً لهذا العنوان
ولكن صبراً فأنا أثق أن هُناك مُفاجات قادمةلقد عرضتِ لنا فئة المسلمين الفقيرة ، المتوسطة والغنية تماماً كما في الواقع
لم استغرب من عدم تأدية أياً من الشعائر الاسلامية في بيت سوسن ، فهناك كثيرون من هذه الفئة الغنية إلا من رحم ربي
لكن هم لديهم بعض محاسن الأفعال رغم هذا
ويَ جمالك يا أمة القادر ، عرض الآيات القرآنية كانت اللمسة الأشد روعة وإضفاءً للحياة على الفصول
كما أنه لا صور للوحات ، لكنكِ جسدتها أمامنا بوصفك الجميل وهذا ما دفعتي للاسترسال أكثر وأكثر لأعماق الروايةسوسن هذه فتاة صالحة ونقية القلب أشعر انها نازلة من السما ولا تدري بشخوص الناس !
بينما نور والتي هي اسمٌ على مسمى جاءت كالسراج لحياتها ، أتمنى أن يكون لها وزوجها دوراً أكثر توسعاًأتوقع الكثير من التطورات التي ستطرأ على سوسن في الفصول القادمة وستكون الخطوة المقبلة هي التحشم والحجاب !
والتي ستصدم بها أيهم الشخصية المستفزة التي لا تفلح غير في الغزل وأرجو أن نرى إنجازاً له
أنه حقاً لا يملك الغيرة التي من المتفرض أن يمتلكها الرجل المسلم ، يجب أن تنتبه بلهاءنا سوسن إلى هذاسورا ماضيها مؤلم وقد رأيناه يتجسد واقعاً في زمنٍ ما ولا زال يحدث
أوصلتِ رسائل كثيرة يَ أمة القادر ، أنتِ من أمة القادر وأنتِ قادرة وبإذن الله ستحققين ما تأملين إليه
يعطيكِ ربي العافية
مُتابعة لكِ ، وبانتظار الفصل القادم وآسفة على الإطالةحفظكِ الرحمن
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أختي الغالية.. لقد قرأت ردك منذ فترة، لكن الجمال الذي وصفته أكبر من تعبر عنه كلماتي، فامتثلت لفترة القول المأثور : " والصمت في حرم الجمال جمال!!"جزاك الله خيرا على ثناءك الذي أعتبره أكثر مما استحق واسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني عند حسن ظنك، فمن لطف الله بنا انه ستر القبيح وأظهر الحسنا، كما قال الشاعر رحمه الله..
بارك الله فيك فلولا أنك تحملين الأفكار نفسها لما انتبهتٍ لها، وهذه قاعدة معروفة(؛
أعجبتني قراءتك الناقدة، وتعليقاتك القيمة، وإن شاء الله يكون الجزء الجديد بين أيديكم قريبا في غضون يومين أو عدة ايام قليلة بإذن الله
أما كونك تعتذرين عن الاطالة، فيا سقى الله هذه الاطالات الخفيفة، إنها بالفعل لم تكن سوى نسمة خفيفة منعشة جددت حيوتي للكتابة أكثر بفضل الله فجزاك الله خيرا(:اتركك في حفظ الله ورعايته، على أمل اللقاء بك مجددا بإذن الله
فاذكريني بدعوة في ظهر الغيب(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم -
27-11-2013, 07:14#88
جماله من جمال ذوقك عزيزتي، واطمأني فالأحداث قادمة في الطريق إن شاء الله(؛
هكذا هي الحياة.. تضطرنا أحيانا لخوض غمار الماضي دون أن نتحرك في حاضرنا لحظة، وما الماضي إلا قراءة للمستقبل(؛
وحتى لقاء قادم إن شاء الله اتركك في أمان الله(:وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
-
27-11-2013, 07:26#89سلام الله عليكِ و رحمته و بركاته
الأخت العزيزة أمة القادر
على غير العادة يقودني اسم الكاتب لا العنوان إلى القراءة
فيما عرفته عنكِ يا أختاه و في ردودكِ التي أقرأها هنا و هناك ما يوحي لي بأنكِ عازمة على وضع بصمة ذات معنى و قيمة في الحياة كـ مسلمة في المقام الأولأكاد أرى في نور أمة القادر نفسها و إن خانني التعبير
أغبط أسلوبكِ و فكركِ النبيل جداً و أشد على يديكِ بكلتا يدي بأن تستمري أعانكِ الله و ثبتكِ
بالنسبة للقصة فمن جذبني فيها نور أكثر من سوسن و أعجبتُ بتلك المشاهد القليلة التي ظهرت فيها لكنها كانت تكفي لتترك فيّ انطباع متكامل عنها
تركته لأجلك
خطر ببالي أن سوسن قد تترك أيهم لأجل الله لكن لا أدري لما ساورتني هذه الفكرةعلى كلِ ... عديني متابعة لكِ
وفقكِ الله و زادكِ علماًوعليك السلام ورحمة الله وبركاته
كما أجبتُ على أختي جولييت من قبل، اقول لك بالمثل، ما قرأتيه كان انعكاسا لجمال روحك، فجاء ذلك متمثلا بردودك، فلم أجد أمامه سوى الصمت لفترة استجمع خلالها كلماتي..!
جزاك الله خيرا على حسن ظنك بي، فإنني أحاول التمثل بشخصية أجدها قدوة في هذا الزمن، واسأل الله أن يجعلني عند حسن ظنكم وأحسن، بفضله وكرمه وجوده واحسانه، وأن يجعلنا بحق ممن تقوم على أيديهم نهضة هذه الأمة..
فمعا نصنع الفجر القادم بإذن الله(؛
شرف كبير لي أن تكوني متابعة لقصتي هذه، وستبدي الايام حقيقة التوقعات، لذا لن استعجل بدحضها أو اقرارها، فلن يطول الوقت حتى تتضح الامور إن شاء الله، وحتى ذلك الحين، اتركك في حفظ الله ورعايته(:ولا تنسيني من دعواتك الصادقة اختي
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلماخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 27-11-2013 عند الساعة » 07:30
-
27-11-2013, 07:33#90
-
01-12-2013, 17:17#91
السـلام علكيم ورحمة الله وبركاته
قصة جميلة جداً
بانتظار التكملةسُبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أستغفرك وأتوب إليك -
09-12-2013, 10:06#92
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا بك أختي معنا، والحمد لله أن القصة أعجبتك(:الجزء الجديد في الرد التالي إن شاء الله
وأعتذر عن تأخري، فقد قلت بأنني سأضعه خلال أيام قليلة، وأرجو أنني ما زلت ضمن هذه الأيام(؛همسة للمتابعين الأعزاء(:
ربما لم تصل القصة إلى العقدة الرئيسية بعد، وقد لا تسير الأحداث بسرعة أحيانا، لكن هذه هي الحياة..
فأعيروني صبركم الجميل، ولا تنسوني من دعائكم^^
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 09-12-2013 عند الساعة » 10:55
-
09-12-2013, 10:13#93
الجزء السادس عشر..
ظلام شديد حالك.. ظلام دامس.. ظلام مخيف جدا.. دوامة كبيرة، لا يمكنها الافلات منها، ولا حتى التقاط انفاسها خلالها.. ستُخنق هذه المرة لا محالة...
هبت سوسن من فراشها فزعة وهي تلتقط انفاسها المتلاحقة، وتتحسس رقبتها بقلق، كانت على وشك الانخناق فعلا!!
وأخيرا تنفست الصعداء بعد أن تبين لها أنه مجرد حلم، فتنهدت محدثة نفسها:
- لقد عاد الظلام إلى أحلامي مجددا بل وبشدة أكبر!!.... كم أنا بحاجة للنور!
وأشعلت مصباح القراءة قرب سريرها، لتجد أن الوقت لا زال باكرا، فلم يطلع الفجر بعد، وحملقت في اللوحة أمامها:
- الله نور السماوات والأرض..
فأرخت عينيها بانكسار:
- كم أشعر بالخجل منك يارب.. لقد كانت الاشارة واضحة تماما، بل أوضح من الشمس في كبد السماء! ولكن.. هذا صعب جدا.. أعلم أنه الحل الوحيد، ولكنه.. شبه مستحيل...! ليتني أعرف فقط.. متى سينتهي هذا الكابوس... يارب!!
اليوم هو ثالث أيام المعرض، ورغم ذلك شعرت بأنه قد مر عليها شهورا فيه، خاصة وقد أصبح كالكابوس الجاثم على صدرها، تتوق شوقا لليوم الذي يعلن فيه انتهاء مدته!
أخذت الفكرة تلح عليها بشدة:
- لن أذهب إلى هناك مجددا.. ربما هذا أفضل لي وللجميع... ولكن لا يمكنني ذلك الآن؛ بعد ما فعله أيهم من أجلي!!
لقد وعدها أيهم أن يكون إلى جانبها، وقد كان هذا طبيعي منه، لكن أن يأخذ إجازة خصيصا من أجلها.. فهذا ما لم يخطر ببالها قط..
وخفق قلبها بشدة لذكرى كلماته الرقيقة:
- أنت أغلى عندي من كل ما أملك.. أسطواناتي كلها يمكن تأجيلها من أجلك حبيبتي..
هذه شهامة منه حقا لا يمكن أن تنساها، فهو إلى جانب مساهمته في حمايتها بوقفته إلى جانبها في المعرض؛ قام بإدخال الطمأنينة إلى قلبها بعد أن أراحها تماما من التفكير فيما قد يحدث بينه وبين سورا في المعهد!! أو هذا ما ظنته..!
كانت خفقات قلبها تعبر بصمت عن خلجات صدرها:
- أيهم.. كم أحبك وأقدر وقفتك إلى جانبي، فهذا سيحل المشكلة مؤقتا.. لكن سامحني.. فما زلت أتعذب.. وما يعذبني أكثر أن الحل واضح، ولكن.. كيف السبيل إليه!!
وفي تلك اللحظة تنهدت بعمق:
- أين أنت يا نور!!
وعادت بذاكرتها تحاول استرجاع آخر اتصال حادثتها فيه، فلم تستطع التذكر، فقد مرت الأيام الفائتة كأنها شهور من كثرة أشغالها.. أو همومها!!
وأخذت تقلب في رسائل هاتفها، حتى إذا ما وقعت عيناها على آخر رسالة تلقتها من نور، تسارعت نبضات قلبها، وقد أعادت الرسالة إلى ذاكرتها ما حدث تلك الليلة.. يوم أن كانت تبحث عن الآية، فالتقت ببهجة!!
وانقبض صدرها بقلق:
- لم تُعد نور الاتصال بي رغم أنها وعدت بذلك في أقرب فرصة، أرجو أن تكون بخير..
وشعرت برغبة شديدة في محادثتها والاطمئنان عليها، فليس من عادة نور أن تتأخر عليها هكذا!!
وبدون تردد تناولت هاتفها وكتبت رسالة لنور، فهذا قد يريحها قليلا، ومن ثم أسندت رأسها إلى حافة سريرها الخلفية، وأغمضت عينيها..
يارب ..لا أعرف ماذا أقول لك.. ولا بماذا أدعوك.. يارب.. أنت تسمعني.. وأنت تراني.. وتعلم ما بحالي.. أليس كذلك؟؟ يارب.. لستُ مؤمنة مثل نور ولا حتى مثل بهجة.. ولا أعرف كيف أصبح مثلهما لتستجيب دعائي.. يارب .. أنا مجرد انسانة تائهة حائرة ضعيفة لا تعرف كيف تتصرف...
وانهمرت الدموع من عينيها:
- ربما أستحق ما يجري لي.. فهل ترحمني يارب وأنا بعيدة عنك؟؟
وإذ ذاك رن هاتفها، فالتقطته كمن يستيقظ من حلم عميق بعد أن انتبهت من سيل مناجاتها، فأتاها صوت نور:
- السلام عليكم سوسن ؟ هل أنت بخير؟
وبصعوبة ردت عليها وهي تحاول ايقاف سيل دموعها المنهمرة دون أن تعرف لها سببا واضحا:
- آسفة لإزعاجك الآن لم أتوقع أن تكوني مستيقظة، فأرسلت الرسالة على أن تريها عندما تستيقظين، أعتذر بشـدة إذا ما أفزعتك..
فطمأنتها نور:
- لا عليك، عادة أستيقظ في مثل هذا الوقت، فسيرفع أذان الفجر بعد قليل، المهم كيف حالك؟
فأجابيتها سوسن:
- أنا بخير عزيزتي، ولكنني قلقت عليك، كيف حال والديك؟ لقد ذكرتِ لي أن والدك كان متعبا أيضا!
شعرت سوسن بابتسامة نور الهادئة وهي تجيبها:
- الحمد لله إنه بخير الآن، واعذريني إذ لم أتمكن من الاتصال بك، فقد كان ذلك رغما عني ولم أجد الوقت المناسب لذلك، أما وقد رأيت رسالتك الآن فقد عرفت أنك مستيقظة..
وصمتت نور قليلا قبل أن تقول:
- أخبريني عنك يا سوسن، لا أظنك على ما يرام؟ آخر ما أخبرتِني به هو ترشحك للمعرض العالمي، فهل حدث جديد!
وكأن سوسن كانت تخشى سماع هذا السؤال، أو ربما كانت تنتظره، لم تعد تعرف ماذا تريد بالضبط، ربما كانت بحاجة لمن يتحدث نيابة عنها! ولم تتركها نور لصمتها كثيرا، فسألتها:
- كيف حال أيهم؟
وكعادة قلب سوسن، انطلق لينبض بأقصى سرعة فيما توردت وجنتاها..
حتى نور تدرك أن أيهم هو أكثر ما يهمني في هذه الحياة!!
غير أنها أجابتها بابتسامة مُحرَجة:
- أيهم بخير..
وأخيرا انفرجت أسارير سوسن فانطلقت تحدثها عما حدث معها بعفوية أرهقها كثرة التجمّل!
أبدت نور تفهمها التام لحالة سوسن، مما أشعرها بالارتياح فسألتها:
- هل أنا المخطئة يا نور؟ أرجوك أخبريني بصراحة، هل أنا السبب في كل ما حدث!!
صمتت نور قليلا قبل أن تجيب:
- حسنا في حالة الزوجة مثلا، لا يحق لها أن تخاطبك بذلك الأسلوب، فالذنب ليس كله ذنبك، بل يتحمل زوجها الذي أطال النظر إليك المسؤولية في ذلك أيضا، وهذا ينطبق على بقية الرجال!! فهم من جانبهم مأمورون بغض النظر.. ولكن للأسف تجدين من يضع اللوم على الفتاة وحدها، وكأنها إن لم تلتزم بأمر الله لها بالحجاب، يسقط عن الرجال وزر إطلاق البصر!! بالطبع إن قلت لك أنه لا يحق للزوجة أن تفعل ما فعلته، هذا لا يعني أنني لا أتعاطف معها فهي مسكينة.. أظنك تعرفين شعور المرأة إن ظنت أن هناك واحدة أخرى في حياة زوجها!!
كانت تلك الجملة كافية لتُشعر سوسن بوخزٍ شديد في الضمير.. فهي تعرف ذلك الشعور تماما، بل وجربته أيضا ذات يوم!! كم هذا يؤذيها!! وأخذت تلك الكلمة تتردد في أذنها (فلا يؤذين)!! فانفصلت لوهلة عن سمّاعة الهاتف تناجي ربها:
- أجل إن هذا يؤذيني كثيرا.. يؤذيني أن أكون سببا- ولو بشكل بسيط- في تعاسة امرأة أخرى، حتى وإن كان زوجها هو من يتحمل المسؤولية!!
ولكن يارب كيف السبيل إلى ذلك؟؟
عندها سألت نور:
- ما الذي تفعلينه يا نور إن استصعب عليك أمر ما، أو ضايقك شيء وأهمك؟
فجاءها جواب نور ببساطة:
- أصلي..
رددت سوسن بتؤدة:
- تصلين؟؟
فوضحت نور قولها:
- أجل يا عزيزتي، لن تجدي أفضل من الصلاة لإراحة روحك المتعبة، وإزالة همومك، هذا هو دأب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، كان إذا حزبه أمر هرع إلى الصلاة..
طال صمت سوسن فتابعت نور كلامها موضحة:
- لقد فرض الله علينا الصلاة ليضمن لأرواحنا الاتصال به خمس مرات في اليوم على الأقل، فالروح يتعبها الابتعاد عن خالقها كثيرا، وقد ترك سبحانه وتعالى لنا حرية الاتصال مفتوحة طوال الوقت، لمن شاء أن يستزيد من هذا المنبع النوارني الصافي..
كانت كلمات نور تدخل بسلاسة إلى قلب سوسن فتضيء ظلمته، حتى انشرح صدرها تماما وهي تتخذ قرارا سريعا حاسما بينها وبين نفسها:
- الصلاة.. أهذه هي الاشارة التي لم استطع قراءتها؟؟ كنت أظن أن الحجاب هو الحل الوحيد لمشكلتي، ولم يخطر ببالي أمر الصلاة! أجل إنها الطريق الأسهل للوصول لذلك الحل الأمثل..!
وابتسمت لخواطرها تلك بسعادة، فعلى الأقل هذا الأمر بينها وبين الله، ولا عقبات تقف في طريقها إليه.. كيف لم يخطر ببالها الانتباه إلى ذلك الأمر الهام من قبل!! الصلاة.. أجل.. هذه هي الاشارة..
وخطر لها أن تحادث نور في هذا الموضوع، فسألتها دون أن تنتبه إلى أنها قد حادت عن سؤالها السابق:
- هل سمعت بالـ ( الخيميائي)؟
غير أن نور سألتها مستوثقة:
- تقصدين رواية The Alchemist من تأليف Paulo Coelho أليس كذلك؟؟ لقد أهدتني اياها إحدى صديقاتي الأجنبيات، ولم أكن أتوقع وجود رواية أجنبية تظنين معها أن الكاتب مسلم كهذه الرواية!! خاصة وهو يكرر فيها المصطلح العربي (Maktoob ) بمعنى قضاء الله وقدره، إنها بالفعل من أروع الروايات التي قرأتها..
فتهلل وجه سوسن:
- أجل.. إنها هي، ما رأيك بالاشارات التي ذكرها المؤلف؟
فقالت نور:
- تعنين الـ Omens؟ انني أجدها مصداقا لقوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)، وكأن الرسول لا يقتصر على الرسل الذين بعثهم الله لهداية البشرية، وإنما أيضا على الاشارات التي يرسلها لعباده، فمن انتبه لها وأخذ بها قادته إلى الطريق الصحيح، ومن أصر على تجاهلها عامدا متعمدا، توشك أن لا تعود إليه مرة أخرى كما ذُكر في الخيميائي.. فقلبه عندها يكون قد غُطي بالران!!
وكأن نور تعمدت إثارة فضول سوسن، التي سألتها:
- الران؟؟!!!
فأجابتها نور موضحة:
- ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم بما معناه أن العبد إذا أذنب ذنبا ولم يتب منه نكت في قلبه نكتة سوداء، وإذا زاد اصراره على الذنوب متجاهلا نداء نفسه اللوامة، ازدادت النكات السوداء حتى تتراكم على قلبه كالغشاوة المظلمة أو ما يُعرف بالران، عندها لا يعود القلب يعرف معروفا ولا ينكر منكرا..
اقشعر جسد سوسن لهذه المعلومة، وشعرت برجفة في يدها كادت أن تسقط الهاتف، فرددت بذعر:
- أعوذ بالله من ذلك! لم يخطر ببالي التفكير بهذا المنطق عندما قرأتها في الخيميائي!!
وصمتت سوسن قليلا قبل أن تقول:
- أجل.. تذكرت المشهد الآن، لقد قال المؤلف شيئا كهذا..
ثم علقت:
- جميل ربطك هذا بالدين يا نور، تبدو الاستشهادات حاضرة في ذهنك.. ما شاء اهتع..
وأضافت بشيء من التردد:
- لقد أشعرتِني برغبة شديدة في زيادة ثقافتي الدينية، فأظنني مقصّرة فيها كثيرا!!..
أتمنى أن أصبح مثلك..
فجاءها صوت نور:
- بإذن الله تصبحين أفضل بكثير، فليست العبرة بمن سبق، وإنما العبرة بمن صدق كما يُقال، وأنتِ يا سوسن تحملين في قلبك من الصدق والصفاء ما يندر وجوده في هذه الايام، أقولها لك صراحة ودون أي مجاملة.. ما شاء الله..
احمرت وجنتا سوسن، ولم تعرف كيف تجيبها، في حين انهمرت الدموع من عينيها تأثرا بما سمعته، وإذ ذاك انطلق أذان الفجر نديا خاشعا ليشق سكون الليل..
***
حانت اللحظة الحاسمة أخيرا في حياة سوسن؛ وهي تقف ملتحفة بغطاء سريرها مستقبلة القبلة، بعد أن اغتسلت وتوضأت، وآلاف الخواطر تمر في ذهنها كشريط ذكريات فُتح مع رفعها يديها لتكبيرة الاحرام.. كم هي نعمة عظيمة هذه الاختراعات الحديثة!! فكيف لها أن تتعلم الصلاة لو لم يكن بإمكانها تحميل ومشاهدة تلك المقاطع!
لا تدري كم من الزمن مر عليها وهي تقف رافعة يديها باتجاه القبلة، بل لقد خيّل إليها أن الزمن قد تجمد عند تلك اللحظة.. ها هي ستصلي لأول مرة في حياتها.. شعرت برهبة شديدة، بل سعادة غريبة، أو مشاعر أخرى لم تعرف ماذا تسميها، مشاعر لا تستطيع كبتها؛ فانسالت على خديها بشكل دموع..
الله أكبر..
كيف لها أن ترددها دون أن تقشعر كل خلية في جسدها!!
"الحمد لله رب العالمين"..
اللهم لك الحمد يارب، لك الحمد يارب العالمين، أن سهلت لي هذا الوقوف بين يديك..
رددتها بدموع قلبها..
"الرحمن الرحيم"..
يا أرحم الراحمين، ارحم ضعفي، ارحم حيرتي، ارحم جهلي وقلة حيلتي، ارحمني يا رحمن يا رحيم..
"مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين"
يارب يا مالك يوم الدين.. أعني على ما لا طاقة لي به..
" اهدنا الصراط المستقيم"
عندها أخذت تجهش بالبكاء وهي ترددها المرة تلو الأخرى..
اهدني يا رب العالمين.. اهدني يا رحمن يا رحيم.. اهدني يا مالك يوم الدين.. اهدني يا الله.. اهدني فقد تعبت كثيرا من هذا الضياع..
بكت سوسن كما لم تبك من قبل، رغم أنها لا تذكر أنه مر عليها وقت لم تبكٍ فيه، بعد خطبتها من أيهم!! بكت كثيرا وشعرت برغبة جامحة تحول بينها وبين رفع رأسها من أول سجدة تسجدها لله على الأرض..
***
افلتت ضحكة خافتة من فم ذلك الرجل البدين الجالس على مكتبه، وهو يتأمل شاشة للمراقبة التلفزيزنية، سلطها على بقعة محددة احتشد فيها الناس دون غيرها من الأماكن، ثم التقط نفسا عميقا من سيجارته المشتعلة، وهو يشير إلى عامل المراسلة بطرف اصبعه:
- ألم تخبره؟
فأجابه العامل وهو يضع فنجان القهوة على المكتب بانكسار:
- أجل سيدي إنه قادم..
ولم يكد يتم جملته، حتى دخل سامر مسلما:
- استدعيتني أيها المدير؟
فأشار له المدير بالجلوس إلى كرسي قربه، ثم أومأ بعينه إلى الشاشة بسعادة ظاهرة:
- كانت فكرة اختيار تلك الشابة للواجهة فكرة صائبة جدا، ولكنك لم تخبرني أن النجم أيهم سيكون معها، كان علينا أن نضيف ذلك في الاعلان..
ودون أن يلحظ أثر كلماته على سامر، تابع المدير بمزيد من الرضا وقد انتفخت أوداجه:
- لن تجد أفضل من شاب وسيم، وفاتنة حسناء للترويج عن أي مكان في هذا العالم، حتى ولو كان الجحيم بعينه..
وأطلق قهقهة مجلجلة، عبّرت عن مدى نشوته بما حصل عليه من نتائج فاقت توقعاته، ثم التفت إلى سامر مضيفا:
- أريد نشر المزيد من الاعلانات التي تضم أيهم مع تلك الفاتنة فلم يبق على مـ....
لكنه بتر جملته وهو يتأمل تغير وجه سامر الملحوظ، فسأله باهتمام:
- هل أصابك شيء؟؟
أدار سامر وجهه وهو يضع يده على فمه متظاهرا بالسعال قبل أن يقول:
- لا شيء..
ولأن هذا ما كان يرغب المدير بسماعه، فقد تابع باهتمام:
- حسنا ما قولك في...
غير أن سامر لم يستطع السكوت أكثر، فقاطعه بلباقة:
- عفوا سيدي المدير، ولكنني أرى من غير اللائق استغلال الآخرين هكذا..
عندها حملق المدير فيه بعينين مفتوحتين عن آخرهما:
- ماهذا الذي تقوله يا سامر!! مالذي تقصده بكلامك!!
فأكد سامر كلامه:
- إنني أعني ما أقوله، ليس من اللائق استغلال الآخرين للترويج عما نريده، هذا رأيي..
لم يزد المدير عن الحملقة فيه بعينيه المفتوحتين، حتى إذا ما وصلتا لآخر اتساع لهما، أغمضهما بابتسامة ساخرة، دوا أن ينطق بحرف واحد، ثم رمقه بنظرة ذات مغزى معلقا:
- نسيت أنك لا زلت شابا.. ولكن لا تقل لي أنك ترغب في لعب دور الفارس الشهم الذي يسعى لحماية الحسناء الجميلة!
ولم يتمالك نفسه، فأطلق ضحكة صاخبة، قبل أن يضيف بخبث:
- في عالم المال يا بني، لا مجال للحب..
كانت تلك الكلمة كفيلة بإثارة عواطف سامر، رغم استيائه الشديد من تلك اللهجة الهازئة، فلم يستطع الجلوس أكثر، بل خرج متجاهلا كلام مديره على غير عادته..
***
يتبعاخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 09-12-2013 عند الساعة » 10:16
-
09-12-2013, 10:14#94
تابع الجزء السادس عشر..
صعدت سوسن إلى جانب أيهم في سيارته، بعد أن أغلق المعرض أبوابه لذلك اليوم، كانت منهكة جدا، فألقت برأسها على وسادة الكرسى، وهي تُرجعه إلى الخلف قليلا، وأغمضت عينيها..
كان يوما طويلا جدا بالنسبة لها، غير أنه كان مختلفا أيضا..
أول يوم تصلي فيه، لا يمكنها نسيان ذلك، لقد كان ولادة حقيقية بالنسبة لها، قد لا يبدو تغيرها واضحا لمن ينظر إليها، فقد ارتدت ملابسها المعتادة، ووقفت أمام لوحاتها كما كانت تفعل من قبل، وأيهم إلى جانبها كما وعدها، لكنها أصبحت فتاة أخرى من الداخل.. أو هذا ما شعرت به على الأقل..
لم تدرك سوسن كم مر عليها من الوقت وهي مسترسلة في خواطرها تلك، حتى انتبهت إلى كونها لم تسمع صوت تشغيل أيهم للسيارة، هل تراها سرحت لدرجة أنها لم تنتبه لذلك، ربما تكون قد اقتربت من البيت الآن!
وما أن فتحت عينيها حتى كادت أن تصرخ بفزع، فيما ابتسم أيهم لها وهو يضع يده على شفتها معتذرا، بعد أن كان يحدق فيها عن قرب:
- آسف يا حبيبتي لم أقصد اخافتك، لكنك كنت كالملاك النائم الذي لم استطع مقاومة النظر إليه، ولو لم تفتحي عينيك فلربما قضينا الليلة كلها هنا..
فاحمرت وجنتا سوسن وهي تضع يدها على قلبها تتحسس نبضاته، قبل أن تعدّل وضع الكرسي:
- ولكنك أفزعتني فعلا!!
فتناول أيهم يدها وطبع عليها قبلة عذبة:
- هل تكفي هذه تعبيرا عن اعتذاري لك يا سيدتي!
لم تجد سوسن ما ترد به عليه أفضل من ابتسامة انطبعت على وجهها بتلقائية، فيما تشبث أيهم بيدها وهو يقربها إليه أكثر:
- لن أتحرك قبل أن تصدري قرار عفوك رسميا!!
فضحكت سوسن وهي تسحب يدها:
- لا داعي لكل هذا يا أيهم، أنت تعلم أنني..
وصمتت بحياء، فلا شك أن أيهم متيقن تماما من مشاعرها نحوه، غير أنه أصر عليها لتكمل جملتها بقوله:
- أعلم أنك ماذا؟؟
قال جملته وهو يميل عليها أكثر، فهتفت سوسن بتوتر:
- أرجوك لا داعي لهذا فنحن ما زلنا في الشارع!!
فضحك أيهم بمرح:
- لا زلت تعملين حسابا للآخرين رغم أنك خطيبتي قانونيا!! هيا.. إذا لم تقوليها الآن، فسأضطر لـ...
فقاطعته سوسن ودقات قلبها تخفق بعنف:
- حسنا إنني .. أحبك.. أحبك ولا يمكنني أن أغضب منك.. وأنت تعرف هذا جيدا..
لم تكد تتم جملتها، حتى أرخي أيهم جسده على كرسيه، وهو يتنهد بعمق:
- ليتني أصدق هذا يا سوسن..
كانت هذه مفاجأة حقيقية لها، أيهم يشك في حقيقةٍ تجدها من المسلمات!! ما الذي حدث!! لقد كانت تظنه واثقا من حبها له بل وتعلقها الشديد به!!
فرمقته بتعجب وهي تلمح تلك التعبيرات الحزينة على وجهه لأول مرة، وبعفوية وضعت يدها على يده قائلة:
- أيهم.. لا تقل لي بأنك تشك في حبي الكبير لك!!..
وترددت قليلا قبل أن تكمل:
- أم أنك تحاول اختباري؟
فنظر إليها أيهم بنظرات جادة كمن يحاول إفهامها أمرا يعجز عن إيضاحه أكثر:
- لقد تغيرتِ كثيرا يا سوسن!
بوغتت سوسن بسماع ذلك منه، فهي تعلم أنها تغيرت من الداخل، ولكنها لم تلاحظ أي تغيرا حقيقيا على تصرفاتها من الخارج، لا زالت كما هي، بل إن قلبها لم يزل يخفق بمجرد ذكر اسمه كما كان من قبل.. لا تذكر أنها فعلت شيئا مختلفا! حتى موضوع الصلاة، لم تجد الوقت المناسب لفتح ذلك معه، رغم أنه حدثا مهما في حياتها، فما الذي لاحظه أيهم عليها!!
لم تعرف سوسن بم تجيبه، فهذا مما لم تعمل له حسابا من قبل!! وأمام صمتها ذاك، أطلق أيهم تنهيدة أطول وهو يضع يديه خلف رأسه ليسنده عليهما بتأمل عميق:
- لا يمكنك انكار ذلك يا سوسن، أليس كذلك؟ لم أعد أهمّك كالسابق..
فقالت سوسن باندفاع عفوي:
- من قال لك هذا يا أيهم!! إنك أكثر شخص أحبه في حياتي وأفكر فيه طوال الوقت، صدقني، إنك أحب إلي من نفسي..
كانت الكلمات تخرج من فمها بسلاسة ودون ترتيب، حتى أن مشاعرها تفاعلت معها تماما، فسالت دمعات ساخنة على خديها وهي تقول بصوت مخنوق:
- أنت الوحيد الذي لا يمكنني تخيّل حياتي من دونه! فدع عنك تلك الأفكار أرجوك..
اعتدل أيهم في جلسته، وتلاقت نظراتهما بصمت لوهلة، قبل أن يضع يده على خدها مجففا دموعها:
- أنت حبيبتي وسأكون لك للأبد..
*** -
09-12-2013, 23:22#95
مقالات المدونة2
حسناً لا يبدو أن هذا الجزء قد حوى الكثير من الأحداث
لكن أبرز ما ظهر فيه هو توجه سوسن للصلاة و هذه بادرة خيرهذا الجزء يجعلني أتساءل:
هل ستكتفي سوسن بالصلاة أم أنها مجرد خطوة أولى نحو الطريق الصائب؟
سامر... هل يفكر جدياً في أن يحل محل أيهم؟
و هل يشاركه نفس الفكرة من ناحية هيامه بالجمال في المقام الأول؟أيهم يزعجه التغير الظاهر على سوسن فهل سيؤثر عليها هذا؟
بالمناسبة حديثكِ عن كتاب الخيميائي حمسني كثيراً لقراءته
سأحاول أن أجد هذا الكتاب في أقرب فرصة
رغم أني سمعتُ عنه كثيراً إلا أنه لم يسبق و أن شدني كما هو الحال الآن
فشكراً لكِ يا جميلةوفقكِ الله
بانتظار القادم بإذن الله -
11-12-2013, 01:52#96
-
12-12-2013, 18:48#97
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
كيف حالكِ عزيزتي أمة القادر ؟؟ << أرجو أن تكوني بخير
أعتذر عن عدم فك الحجز في المرة القادمة لكنني سأعوض ذلك في هذا الرد بإذن الله
ما شاء الله تبارك الرحمن فصلين رائعين للغاية
الفصل الأول جميل جداً بالرغم من أنه لم يحتوي إلّا على سورا وذكرياتها المريرة
أما هذا الفصل فكان رائع بتوجه سوسن للصلاة وحديثها مع نور
أكثر ما أخافني هو جملة أيهم :" ليتني أصدق هذا يا سوسن.."
كان جملة صاعقة لي فكيف لسوسن المسكينة !!
لا أعلم ما الذي يفكر به أيهم وأرجو أن لا يكون لما قاله علاقة بسورا :"
بانتظار الفصل القادم على أحر من الجمر
بالتوفيق -
22-12-2013, 15:01#98
رااااااااااااااااااااااااااائعة قصتك واتمنى التكملى
-
23-12-2013, 23:15#99
الباري جميل و أكثر من رائع ....
في انتظار البارت القادم
حجزLife continues ~_~ moving on
even if you stopped moving on -
28-12-2013, 21:43#100
من دون أي مجآملة هنآ ؛ أنت وروآيتك زلزلتمآ كيآني بشكل فضيعع ، آكآد اذرف الدموع مع كل كﻵم أو جملة عن إسﻵمنآ أو ديننآ الحنيف ، كم أشعر ب الخجل و الخجل الشديد من الترآهآت التي اكتبهآ امآم هذه التحفة التي قرأتهآ للمرة الثآنيه تقريبآ بكل شغف و لهفة ؛ اعجبتني جدآ جدآ ، و نبهتني على نقآط كنت أجهلهآ أكثر منن سوسن حتتى !!!* يآرب فلتسآمحنآ !! ><
أخيتي استمري و أرجوكك ﻵتتوقفي فروآيتكك هذه ربمآ تكون سبب هدآية لكثييير من الفتيآت ، بآرك الله فييك وأكثر من أمثآلكك !!
بإنتظآركك بفآرغ الصبر ^^منتديات مكسات mobile app
بيانات عن الموضوع
عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)
المفضلات
قوانين المشاركة
- غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
- غير مصرّح بالرد على المواضيع
- غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
- غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
- وسوم المنتدى مسموح
- الابتسامات مسموح
- كود [IMG]مسموح
- [VIDEO] code is مسموح
- كود الـ HTML غير مسموح
الوقت الان » 18:08.
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اقتبس من زينب جلال في 2025-01-14, 7:08 م
الصفحة السادسة من الارشيف:
- المنتدى
- التعليمات
- التقويم
- المنتدى
- تطبيقات عامة
- خيارات سريعة
- الإنضمام الى فريق عمل مكسات
- الدروس
- مواقع مكسات
- مدونة مكسات
- النشاط الأخير
- المنتدى
- المنتديات الأدبية
- منتدى القصص والروايات
- منتدى قصص الأعضاء
- تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
- اذا كانت هذه زيارتك الأولى لنا ننصحك بالدخول الى التعليمات . و للمشاركة في المنتدى يجب عليك الإنضمام الينا و التسجيل من هنا [ التسجيل ] .
المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
06-01-2014, 13:45#101أين اختفيتِ عزيزتي أمة القادر ؟؟
أرجو أن يكون غيابكِ خيراً ~~...
06-01-2014, 23:03#102مقالات المدونة2
09-01-2014, 14:43#103السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواتي العزيزات، شرفني جدا مروركن وتعليقكن، وشكرا لسؤالكن واهتمامكن فجزاكن الله خيرا وأعتذر عن هذا الغياب..
في الحقيقة انشغلت ببعض الأمور بما فيها ما له علاقة بـ (مدرسة الفروسية)، ثم تكاسلت عن الطباعة خاصة وأن أوراق المسودة متبعثرة قليلا!! وعندما نويت طباعة الجزء الجديد و انزاله خلال الاسبوع المنصرم، وجدت نفسي مشدودة لاكمال قراءة رواية (The perfect mentor) عندها.. غرقت تماما في عالم تلك الرواية المذهلة...لسبب ما شعرت أنني أعرف تلك الكاتبة وأعرف أفكارها وكأنها أمامي....
لن أقول أكثر فهذا قد يكشف شيئا عن مجريات الأحداث هنا، وفي الوقت المناسب سأخبركن بكل شيء إن ما أتيحت لي الفرصة إن شاء الله(؛
بالمناسبة؛ لمن رغبت في معرفة انطباعي نحو تلك الرواية يمكنها قراءة تعليقي في موضوع أختي العزيزة (الصوت الحالم)
رواية The Perfect Mentor (ترجمتي)
^^
وهذه دعوة غير مباشرة لكن جميعا لمتابعة تلك الرواية الرهيبة إن صح التعبير!! ما شاء الله تبارك الله
مع امنياتي لكن بقضاء أجمل الأوقات وأروعها(:
ولا تنسوني من الدعاء، بأن يسهل الله لي طباعة الجزء الجديد وانزاله قريبا جدا إن شاء الله(:وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
09-01-2014, 14:58#104من دون أي مجآملة هنآ ؛ أنت وروآيتك زلزلتمآ كيآني بشكل فضيعع ، آكآد اذرف الدموع مع كل كﻵم أو جملة عن إسﻵمنآ أو ديننآ الحنيف ، كم أشعر ب الخجل و الخجل الشديد من الترآهآت التي اكتبهآ امآم هذه التحفة التي قرأتهآ للمرة الثآنيه تقريبآ بكل شغف و لهفة ؛ اعجبتني جدآ جدآ ، و نبهتني على نقآط كنت أجهلهآ أكثر منن سوسن حتتى !!!* يآرب فلتسآمحنآ !! ><
أخيتي استمري و أرجوكك ﻵتتوقفي فروآيتكك هذه ربمآ تكون سبب هدآية لكثييير من الفتيآت ، بآرك الله فييك وأكثر من أمثآلكك !!
بإنتظآركك بفآرغ الصبر ^^![]()
منتديات مكسات mobile app
جزاك الله خيرا على هذا المرور الجميل والأثر الطيب(:
وجزاك الله خيرا على هذا التشجيع عزيزتي، اسأل الله أن أكون عند حسن ظنكم جميعا، ويسهل لي ذلكبالمناسبة رواية The perfect Mentor التي تقوم اختنا (الصوت الحالم) بنشر أجزائها المترجمة في هذا القسم، تركت أثرا حتى أن كلماتك يمكنها التعبير عني أيضا(؛
مرة أخرى، جزاك الله خيرا لدعواتك واهتمامك، فلا تنسيني من هذه الدعوات الطيبة ولك مثل ذلك وأكثر بإذن الله(:
في أمان الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
09-01-2014, 18:46#105مكاني حتي انتهي من القراءة إن شاء الرحمن
بواسطة تطبيق منتديات مكسات
حبايبي
يمكن نسيتوني من طول الغيبة بس والله مفتقدة الكل هنا لكن مشغولة حبتين ذا الأيام
الله يحفظكم ودعواتكم 09-01-2014, 19:42#106وها قد انتهيت ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك أمة القادر؟شيء واحد فقط أملك أن أقوله لك
كنت رائعة فأحسنتمن بين العديد من الروايات التي قرأتها مؤخرا وأعجبتني كانت خاصتك هي الوحيدة ااتي أرسلت ردا عليها وأظنني سأستعين برابطها فيما يخص مشاركتي بشحات العيد إذا لم يكن لديك مانع
سلمت يداك ومتابعة لك إن شاء الله
بواسطة تطبيق منتديات مكسات
11-01-2014, 20:34#107وها قد انتهيت ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك أمة القادر؟شيء واحد فقط أملك أن أقوله لك
كنت رائعة فأحسنتمن بين العديد من الروايات التي قرأتها مؤخرا وأعجبتني كانت خاصتك هي الوحيدة ااتي أرسلت ردا عليها وأظنني سأستعين برابطها فيما يخص مشاركتي بشحات العيد إذا لم يكن لديك مانع
سلمت يداك ومتابعة لك إن شاء الله
بواسطة تطبيق منتديات مكسات
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بك عزيزتي ضيفة غالية على الرواية(: وجزاك الله خيرا لكلماتك المشجعة، وبالطبع ومن دون أي تردد يمكنك الاستعانة برابطها كيفما تشائين بل وهذا يسعدني جدا فلِمَ امانع(؛وجزاك الله خيرا لدعواتك الطيبة، بالفعل احتاجها جدا
بالمناسبة، اقترح عليك ايضا برواية The Perfect Mentor فهي رائعة جدا جدا، ومع مرور الفصول ستتضح هذه الروعة أكثر
انها بالفعل تحفة رائعة جدا وجزى الله خيرا الصوت الحالم على ترجمتها(:وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
12-01-2014, 05:44#108بارك الله بك اختي الكريمة
وجزاك الله كل خير
روايتك رائعة
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيملاتنسوا ذكر الله
24-01-2014, 18:06#109وجزاك الله خيرا لمرورك الكريم وكلماتك الطيبة(:
الجزء التالي بات جاهزا بفضل الله، فقد أنهيت طباعته اليوم أخيرا والحمد لله، سأراجعه قليلا وأضعه في الرد التالي إن شاء الله^^
مع اعتذاري عن هذا التأخير، علما بأنني عوضت ذلك بفصل طويل نسبيا(؛لا تنسونا من صالح دعائكم
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
24-01-2014, 18:15#110الجزء السابع عشر..
- لماذا علي التظاهر بحب تلك الفتاة البغيضة التي لا أطيق سماع اسمها!! إلى متى سأبقى على هذا الحال!!! كم هذا مؤلم وقاس جدا.. سوسن ... سوسن... كل ما يهمه هو سوسن... فلتذهب سوسن إلى الجحيم..!!!
- هل أنا مجرد آلة صماء بالنسبة له!! لقد ظننت أنني اقتربت منه أكثر فإذا بي اكتشف العكس تماما!! ألهذه الدرجة يحبها!!
- لم تكن تهتم به ولم تكترث لأجله مثلي فلماذا يهتم بها.. لماذا!!!!!!! ألا يدرك أنها لم تحبه ولم تهتم به إلا بعد أن أبدى اهتمامه بها!! أما أنا... فقد أحببته دون مقابل!!!
وأخذت تبكي بحرقة وهي تضرب بقبضتها على مسند سريرها، وقد نسيت العهد الذي أقسمت أن لا تنكثه، فقد كان ألمها أكبر من أن تقيده الوعود..
لم تعرف كم من الوقت مر عليها وهي على تلك الحال في غرفتها، حتى انتبهت لصوت طرقات ملحة على باب غرفتها:
- آنسة سورا.. أرجوك افتحي الباب... إنه أمر هام.. أرجوك..
جففت سورا عينيها بغيظ شديد ونهضت من مكانها بتثاقل وهي تشعر برغبة عارمة في صب جام غضبها على تلك الخادمة، فما أن فتحت الباب حتى صرخت في وجهها بعصبية لا مبرر لها:
- أهذا وقتك أيتها الحمقاء!!! لا يوجد أي أمر هام في حياتي، فلماذا هذا الازعاج!!!
غير أن الخادمة قالت بثقة:
- لديك اتصال من المدير التنفيذي لحفل النجوم، وهو ينتظرك على الهاتف..
وخلافا لتوقعات الخادمة، لم تفلح تلك الكلمات بامتصاص غضب سورا، بل قالت لها بضيق:
- ولماذا لم يتصل على هاتفي الخاص!!
عندها شعرت الخادمة بالارتباك وكأنها المسؤولة عن تصرف المدير، فقالت بتردد:
- ربما.. ربما وجد هاتفك مغلقا سيدتي..
كانت تلك الملاحظة كفيلة بتهدئة سورا لوهلة، غير أنها سرعان ما شعرت بالغيظ من جديد، وقد تذكرت ما فعلته بهاتفها بعد ذلك الاتصال الذي أثار حفيظتها من... أيهم!!
أدارت رأسها حيث ألقت بهاتفها على الأرض وهي في ذروة غضبها، يفترض به أن يكون قد تحول لهشيم تذروه الرياح إثر تلك الضربة، لولا أنه كان محفوظا بغلاف من نوع خاص..
كانت الخادمة تتابع تعبيرات وجه سورا ونظراتها باهتمام، وقد فهمت تقريبا ما حدث معها، فمزاج سيدتها العصبي لا يخفى على أحد في هذا المنزل، ولطالما اضطرت الخادمة للقيام بأعمال اضافية كجمع القطع المبعثرة من تحف فنية أو آواني زجاجية، بعد نوبة من نوبات سورا العصبية!! لكن مزاجها قد ازداد سوءا في الآونة الأخيرة بلا شك!!!
وأخيرا تكلمت الخادمة:
- عفوا سيدتي.. المدير لا يزال على الخط، هل أعتذر لــ...
فقاطعتها سورا بنفاد صبر:
- هذا ليس من شأنك..
غير أنها انتبهت لنفسها أخيرا، فاتجهت نحو الهاتف والدموع تترقرق في عينيها، إذ لم تكن عصبيتها تلك سوى وسيلتها الوحيدة التي تواري فيها ضعفها وإحباطها.. وآلامها التي تصر على البقاء..
ما فائدة خطتها الآن!! لقد خسرت الجولة قبل أن تبدأها.. لم تعد تشعر برغبة في متابعة ما أعدت نفسها من أجله.. حفل النجوم.. كان أملها الأخير.. ولم يعد سوى سراب لا أمل فيه!!
انها كالسجين الذي قضى أيامه ولياليه بالتخطيط للهروب من سجنه، فأخذ يحفر باستماتة حتى إذا ما كان قاب قوسين من تحقيق هدفه وجد باب السجن مفتوحا، ففتحه ليفاجأ بأن العالم في الخارج أسوأ الف مرة من الداخل، فلماذا يتابع الحفر!!!
ولكن لا مجال للتراجع الآن.. فقد ترتب الحفل وها هو المدير بانتظارها على خط الهاتف..!!!
***
استطاعت سوسن أخذ استراحة قصيرة هرعت فيها لغرفة استراحة السيدات، حيث المصلى الخاص بهن، وهناك أخرجت من حقيبتها ملابس الصلاة الخاصة التي تمكنت من شرائها خلسة، بعد أن عقدت العزم على أداء الصلوات في أوقاتها بدلا من قضائها بعد عودتها إلى المنزل كما فعلت في اليومين السابقين، منذ أن بدأت الصلاة..
اتجهت سوسن إلى القبلة وشرعت بأداء صلاة الظهر، وما أن سلمت من صلاتها حتى فوجئت بسعاد ترمقها بنظرات مريبة، لم تكن قد احتكت بسعاد منذ آخر مرة رأتها فيها في دورة المياه مع تلك الزوجة البائسة، ومن دون أن تعرف سببا محددا شعرت سوسن بارتباك شديد من تلك النظرات فآثرت تجاهلها، وتمنت لو أنها تتبخر بسرعة لتجد نفسها فجأة قرب لوحاتها مع أيهم، غير أن سعاد لم تشأ تفويت الفرصة، فعلقت بقولها:
- تصيدين الرجال وتصلين أيضا!! استغفر الله العظيم، ألا تعرفين أنك تسيئين للاسلام بفعلك هذا رغم أنك تؤدين الصلاة!!!
أما سوسن التي انهمكت بطي ملابس الصلاة الخاصة بها لتضعها في حقيبة يدها، فقد شعرت بثقل رهيب في ساقيها، أعجزها عن سرعة الحركة والخروج من هذا المكان، كان بودها لو تدافع عن نفسها، لكن الشلل ألجم لسانها أيضا، ماذا عساها أن تقول!! وشعرت بألم يعتصر قلبها:
- لماذا تصر على نعتي بتلك الصفة البغيضة!! يارب أنا لست كذلك وأنت تعلم..
أما سعاد الذي أغاظها تجاهل سوسن لكلامها، فقد أضافت بلهجة لا تخلو من تشفّي غريب:
- لا حاجة لله بصلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر، الم تسمعي قوله تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)!!
في تلك اللحظة تدخلت سيدة مسنة- كانت تؤدي الصلاة قربهما- موجهة حديثها لسعاد مباشرة:
- وهل الصلاة التي تؤدينها يا ابنتي تحثك على جرح الآخرين بكلامك هذا!! الله أعلم بما في قلوب عباده ولم يطلب منا أن ننصّب أنفسنا حكما على عباده!!
التفتت إليها سعاد بدهشة، وهمت بأن تقول لها شيئا تراجعت عنه، لتكتفي بقولها:
- من واجبنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فأضافت السيدة:
- بالحكمة والموعظة الحسنة، واعذريني يا ابنتي فأنا في مقام امك وأقولها لك صراحة، انتبهي لنفسك، فإنما الدين المعاملة.. هذه نصيحتي لك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
ورغم امتنان سوسن الشديد لهذه المرأة العجوز، إلا أنها لم تكن ترغب بالنظر إلى سعاد وهي في ذلك الموقف الحرج، فلم تر معالم وجهها ولم تعرف طبيعة الأثر الذي تركته تلك الكلمات عليها، خاصة وقد أسرعت بالخروج وهي تتمتم بكلمات لم تركز سوسن في سماعها، إذ كان فكرها مشغولا في أمر آخر أرقها بشدة، لولا أن العجوز بادرتها بابتسامة محببة:
- لا تهتمي لكلام الآخرين يا ابنتي، تبدين مرهفة الإحساس جدا وهذا قد يؤثر عليك مستقبلا لا قدر الله..
فوجئت سوسن من تلك الملاحظة الدقيقة رغم أنه لم يصدر منها شيئا يشير إلى حساسيتها حسب ما تذكر، فسألتها باهتمام:
- كيف لاحظت ذلك يا خالة؟؟
فابتسمت العجوز:
- خبرة الحياة يا ابنتي..
فهزت سوسن رأسها بابتسامة متفهمة، غير أن الأمر الذي كان يؤرقها؛ لم يسمح لتلك الابتسامة بأخذ مساحة كافية على شفتيها، فنظرت إلى العجوز بعينين دامعتين:
- هل حقا لا فائدة من صلاتي يا خالة!!
فوجئت العجوز لوهلة بما سمعته، إذ لم تتوقع أن يكون هذا هو أكثر ما أقلق الفتاة الواقفة أمامها، غير أنها سرعان ما أجابتها بلهجة واثقة:
- بالطبع لا يا عزيزتي، إذا قصّر الانسان في أمر من أمور دينه، فهذا لا يعني أن بقية أعماله تذهب هباء!! ولعل بابا يتركه الانسان مفتوحا بينه وبين ربه، يكون كفيلا بفتح بقية الأبواب له بإذن الله..
واستطردت العجوز بابتسامة محببة:
- لقد ورد في هذا قصة شهيرة عن الامام أحمد والسارق الذي كان يرتاد المساجد ليصلي، وعندما استنكر الامام فعله (ألا تخجل من نفسك سارق وتصلي!! )، فأجابه السارق بأن هذا هو الباب الوحيد بينه وبين الله، فلم يلبث أن رآه الامام متعلقا بأستار الكعبة معلنا توبته، ليكون من أفضل رجال زمانه بعد ذلك..
بالطبع لا أذكر التفاصيل تماما فقد سمعت هذه القصة منذ وقت طويل، وقد كبرت في السن كما تريـ..
غير أنها بترت كلامها فجأة مع شهيق سوسن التي لم تعد تقوى على الوقوف، فجلست على ركبتيها وهي تخفي وجهها بكفيها، لتنشج ببكاء يدمي القلوب، فاقتربت منها العجوز وربتت على شعرها بحنان وهي تناولها منديل:
- هوّني عليك يا ابنتي، فالله كريم..
فيما بذلت سوسن جهدها لتهدئ نفسها وتجفف دموعها بمنديل العجوز التي تابعت كلامها برقة:
- الدين جميل جدا يا عزيزتي حتى في أوامره ونواهيه، المهم أن لا تدعي كلام أمثال هؤلاء الناس ينفرونك منه..
فابتسمت سوسن وهي ترفع رأسها ناحية العجوز وقد فهمت ما ترمي اليه:
- لا تقلقي من هذه الناحية يا خالة، فلست ممن يرفض الخير مهما يكن السبب.. والحمد لله..
فبادلتها العجوز الابتسام وهي تربت على كتفها بإعجاب:
- بارك الله فيك يا ابنتي، هذا ما لاحظته فيك فعلا..
ثم استدركت متسائلة، وهي ترمق سوسن بنظرات متفحصة أثناء نهوضها عن الأرض:
- هل أنت متزوجة؟
فأومأت سوسن برأسها ايجابا:
- تستطيعين قول ذلك، فأنا مخطوبة..
هزت العجوز رأسها بتفهم:
- حفظك الله يا ابنتي فأنت تدخلين القلب بسرعة ما شاء الله، لقد أحببتك من أعماق قلبي ولو لم تكوني مخطوبة، لرشحتك لحفيدي..
احمرت وجنتا سوسن، ولم تعرف كيف تتصرف لتداري خجلها، غير أن العجوز تابعت كلامها بحماسة:
- إنه طيب جدا وقد أصر على اصطحابي إلى هذا المعرض لمعرفته بشغفي بالفن..
بالمناسبة لم أسألك عن اسمك يا ابنتي؟
- سوسن..
فهزت العجوز رأسها بإعجاب:
- اسم جميل فعلا ما شاء الله..
وهمت بإضافة شيء غير أنها اكتفت بابتسامتها المحببة:
- حسنا لن أأخرك أكثر فلا أرغب أن أكون من العجائز الثرثارات..
وأطلقت ضحكة صغيرة:
- أم أنني كذلك يا سوسن؟؟
فلم تملك سوسن أن شاركتها بابتسامة ودودة:
- بل كلامك يثلج القلب يا خالة، لقد أسعدتني فعلا.. شكرا جزيلا لك..
فابتسمت العجوز برضا وهي تهم بالخروج أيضا:
- يسرني سماع هذا منك يا ابنتي، هذا من ذوقك، على كل حال إلى أين ستذهبين الآن؟؟
فأجابتها سوسن:
- في الحقيقة سأذهب لأقف إلى جوار لوحاتي التي شاركتُ بها في المعرض..
عندها شعرت العجوز بنوع من الذنب:
- لم أكن أعرف ذلك، لا شك أنني أخرتك فاعذريني..
فطمأنتها سوسن بقولها:
- لا بأس فخطيبي يقف هناك..
فأشرق وجه العجوز من جديد:
- هذا جيد، سأطلب من حفيدي أن يأخذني إلى زاويتك، فما زلنا في بداية جولتنا، أين تقع لوحاتك؟؟
فأجابتها سوسن بترحيب:
- في الواجهة..
فيما تساءلت العجوز:
- تقصدين عند ذلك العازف المدعو أيهم على ما أظن؟؟
تدفقت الدماء في وجنتي سوسن وهي تجيب بسعادة:
- أجل.. إنه خطيبي..
عندها حملقت العجوز فيها بدهشة:
- هل ذلك العازف المشهور.. خطيبك؟؟؟
تفاجأت سوسن من ردة فعل العجوز ولم تفهم تماما ما الذي أثار دهشتها، غير أن العجوز لم تعلق بشيء بل اكتفت بابتسامة مقتضبة وهي تردد:
- حماك الله يا ابنتي من كل سوء..
***
لم تكد سوسن تصل إلى زاويتها حتى هتف بها أيهم:
- سوسن.. لقد تأخرت يا عزيزتي، قلقت عليك فعلا..
فابتسمت سوسن:
- صادفتني عجوز طيبة..
وهمت بأن تخبره بما دار بينهما من حديث، لكنها أحجمت عن ذلك، فيما علق أيهم باستياء واضح:
- تقضين الوقت مع العجائز؛ فيما كان المعجبون بانتظارك هنا!! لقد جاءت فرقتي الخاصة أيضا لأخذ الصور التذكارية معك لكنك تأخرت ولم يكن بإمكانهم الانتظار أكثر!..
تنفست سوسن الصعداء، وقد شعرت بألم ممزوح براحة عجيبة، وهي تحدث نفسها:
- يا الهي لقد صرف الله عني نظرهم.. الحمد لله.. لقد أجيبت الدعوة.. ولكن..
ولم تستطع إخفاء ذلك في نفسها أكثر، فالتفتت إلى أيهم:
- هل من أجلهم فقط؛ قلقت عليّ.. يا أيهم!!
فحملق فيها بدهشة:
- ما الذي تعنيه!!
عندها فقدت سوسن أي رغبة في الحديث:
- لا شيء..
لكن أيهم بادرها بسؤال آخر:
- هل رأيت سامر؟
فأجابت بلا مبالاة:
- لا..
فتابع أيهم بنبرة توحي بأنه يخفي في طياتها شيئا ذا مغزى:
- كان يحوم هنا، أظنه يبحث عنك.. أو يفتقدك..
انتفض جسد سوسن لتلك الملاحظة التي تعمد أيهم أن يبديها بوقع خاص، فالتفتت نحوه باستنكار:
- ما الذي تعنيه بكلامك يا أيهم!! ربما كان يريد المساعدة في الاعداد للمحاضرة التي سيلقيها بعد ساعتين!
فافترت شفتا أيهم عن ابتسامة باهتة:
- ربما..
وسرعان ما انخرط الاثنان مع الزوار وكأن شيئا لم يكن..
***
(يتبع) 24-01-2014, 18:17#111تابع الجزء السابع عشر..
لم تشعر سوسن برغبة جامحة للاستزادة من علوم الدين كما شعرت ذلك اليوم، بل وكانت حماستها لمحادثة نور في أوجها خاصة بعد تلك المحاضرة، فما أن وصلت المنزل حتى أسرعت لغرفتها، وبدون تردد تناولت هاتفها لتحادثها، كانت سعيدة بسماع صوتها المبتهج مما يبشر بأن صحة والديها بخير، فدخلت معها بالحديث الذي اتصلت من أجله بسرعة..
- لقد كانت لوحاتك محل اهتمام معظم الجماهير اليوم، بعد أن ألقى الأستاذ سامر محاضرة عن الفن السريالي متخذا منها نموذجا له، وقام بإبداء آرائه الخاصة عليها، حتى أنه طلب مني- بصفتي صديقتك- مشاركته في تقديم العرض لأجيب عن تساؤلات الجمهور، كانت فرصة رائعة لنشر أفكارك النبيلة يا عزيزتي، فقد أخبرتهم بكل ما حدثتيني به، عن النية والايات القرآنية والأجواء الروحانية التي تستلهمين منها مواضيع اللوحات....
انتبهت سوسن إلى أنها تحدثت لفترة طويلة بحماسة دون أن تسمع شيئا من نور، فظنت أن الاتصال قطع بينهما بعد أن اختفى صوتها فجأة على ما يبدو، فنادتها لتتأكد:
- نور.. هل تسمعينني؟؟
أعادت جملتها مرتين قبل أن يأتيها صوت نور:
- أجل أسمعك يا عزيزتي.. جزاك الله خيرا على ما فعلتيه وجعل ذلك في موازين حسناتك..
فأشرق وجه سوسن من جديد:
- الحمد لله، في الحقيقة الشكر كله للاستاذ سامر فقد كان هذا لطف كبير منه فعلا..
وساد صمت من جديد حتى أن سوسن شكّت بوجود مشكلة في خطوط الهاتف، فنادت مرة أخرى:
- نور.. الا زلت تسمعينني؟؟
فجاءهه رد نور واهن هذه المرة:
- أجل..
عندها شعر سوسن ببعض القلق:
- هل أصابك شيء يا عزيزتي؟ هل أنت بخير؟؟
وأخيرا قالت نور:
- سوسن يا حبيبتي انتبهي لنفسك، فقد يكون الرجل اللطيف أحيانا أخطر على الفتاة من الوحش المخيف!
شعرت سوسن برعشة سرت في جسدها كتيار من الكهرباء، فسألتها بتوجس:
- تقصدين الأستاذ سامر؟؟ هل تعرفينه من قبل؟!!
غير أن نور أسرعت توضح كلامها:
- انني أتحدث بشكل عام يا سوسن ولا أقصد أحدا بعينه!
إلا أن كلامها ذلك لم يطمئن سوسن أبدا، فسألتها بقلق:
- أرجوك يا نور كوني صريحة معي، هل شعرت بشيء مما أخبرتك به يثير الشكوك؟؟
فأجابتها نور بوضوح:
- أرجو أن لا تسيئي فهمي يا سوسن، ولكن من الواضح أن هذا الاستاذ يحاول التقرب منك على ما يبدو!! لا أستطيع الجزم بذلك طبعا، ولا يوجد لدي دليل أيضا، تستطيعين أن تعتبرينه مجرد احساس لا أكثر، وبالطبع لا اتهمه بشيء استغفر الله، فقد يكون بريئا من ذلك كله، كل ما طلبته منك هو أن تنتبهي لنفسك يا عزيزتي لا أكثر!
أسقط في يد سوسن وانقبض قلبها وقد بدأت ذاكرتها تسترجع تعليقات أيهم بداية، وكلام الزوار بعد فراغ العرض نهاية:
- شكرا لكما، لقد تعلمنا الكثير عن الفن السريالي
- الشرح كان واضحا
- أبدعتما بشكل مذهل
- هل يمكنكما إعادة العرض في أوقات أخرى
- كنتما ثنائيا رائعا
-..................
فيما تابعت نور كلامها في محاولة لتلطيف الجو:
- كما قلت لك عزيزتي، كلامي كان عاما فهذا قد يحدث بين أي رجل وامرأة مهما كانت ظروفهما، انها الطبيعة البشرية التي جاءت الشريعة متوافقة معها ويحاول البعض انكارها للأسف.. بينما تجدين المنصفين حتى من غير المسلمين لا يعارضونها!! أجاثا كريستي مثلا.. كثيرا ما تجدينها تشير للطبيعة البشرية في رواياتها..
كانت ملاحظتها تلك كفيلة بلفت نظر سوسن التي سألتها باهتمام:
- هل تقرئين لها أنت أيضا!!
فابتسمت نور:
- أجل.. في الحقيقة تعجبني طريقة تفكيرها كثير، بغض النظر عن بعض الأمور التي تأتي بناء على طبيعة مجتمعها.. ورغم ذلك فهي من أكثر الكتاب الذين قرأت لهم انصافا للفطرة السوية والواقعية، ثم انها سيدة محافظة بشكل كبير.. هل تصدقين.. لقد أشارت في احدى رواياتها لضرورة تواجد الام لرعاية بناتها المراهقات اكثر من الاطفال.. مؤكدة على خطر ترك الفتيات من دون توجيه ورعاية!! ولديها افكار أشعر أحيانا أنها تستقيها استقاء مباشرا من الدين الحنيف.. خاصة فيما يتعلق بالعلاقات بين الرجال والنساء! انها الفطرة السوية، ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)..
عندها قالت سوسن:
- رغم انني قرأت لها كثيرا، إلا أنني لم ألاحظ أي شيء مما ذكرتيه في السابق، ما شاء الله؛ لديك قدرة على ربط الأمور ببعضها بطريقة عجيبة يا نور.. ليتني أتعلمها!!
فردت نور:
- هذا بفضل الله أولا وأخيرا، ثم إن أي شخص يزيد من ثقافته الدينية، تزيد قدرته على الملاحظة والتحليل بإذن الله، فالعلوم الدينية بوابة لفهم هذه الحياة وقراءة ما بين سطورها، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين..
وأطلقت ضحكة مرحة:
- انني أتحدث وكأنني عالمة العصر أستغفر الله، بالطبع ما زلت في البداية وأسأل الله أن يزيدني علما..
فابتسمت سوسن لملاحظتها تلك:
- على الأقل بالنسبة لي يا نور؛ أنت عالمة العصر فعلا..
فجاءها رد نور بلهجة جادة:
- وما أدراك يا عزيزتي.. سأكررها مرارا، ليست العبرة بمن سبق، إنما العبرة بمن صدق، وأنت صادقة في مبتغاك يا سوسن بإذن الله..
فتنهدت سوسن:
- أرجو ذلك..
والتقطت نفسا قبل أن تقول:
- ليتني أتعلم كل شيء وأعرف كل شيء بسرعة لأعوّض عن تقصيري، أفلا يوجد كتاب جامع يعلمني كل شيء مرة واحدة يا نور؟؟ بالطبع بدأت أقرأ القرآن وأحاول قراءة التفسير أيضا، ولكنني..
وبترت جملتها بعد أن احتارت في اختيار التعبير المناسب، فابتسمت نور:
- أفهمك يا سوسن، ولكن لا تستعجلي، فبالتدريج تنالين كل شيء بإذن الله فالعلم والمعرفة حصيلة تراكمية، ومن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم..
ثم استدركت فجأة:
- هل قرأت كتاب (تعريف عام بدين الاسلام) للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله؟؟ أظنه كتابا مناسبا..
فأطلقت سوسن ضحكة صغيرة:
- يكفي أن عنوانه مناسبا، فانا كحديثي العهد بالاسلام لا أعرف عنه شيئا!
فقالت نور:
- لا تستغربي إن ما قلت لك بأنني شعرت بالشيء نفسه عندما قرأت الكتاب أول مرة، لقد شعرت وقتها أنني أول مرة أعرف ما هو الاسلام حقيقة!
واستطردت متابعة:
- للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أسلوب فريد في عرض الأفكار، كتاباته تبهرني دائما، إنها من النوع السهل الممتنع الذي يأسر الألباب، ثم إنني أعده من أكثر العلماء الذين ساهموا في بناء تصوري عن هذه الحياة، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته..
فرددت سوسن بتأثر:
- رحمه الله، للأسف لم أسمع عنه من قبل وسأحاول قراءة الكتاب في أقرب فرصة إن شاء الله..
***
اليوم هو آخر أيام المعرض العالمي..
ترددت تلك الكلمات في أذنيه كوخزات إبر على غشائي طبلتيه، حتى كادتا أن تتمزقا من شدة الألم!! .. لن يراها مرة أخرى.. هذا مؤكد.. وأسوأ ما في الأمر أن هذا لن يعني لها شيئا!!
هذا ما كان يعتمل في ذهنه وهو يجر قدميه جرا لينتقل بين أرجاء المعرض كمن يودع الأطلال التي جمعته بــ سوسن..
تنهد سامر بألم:
- ما الذي أعنيه لها؟؟ مجرد أستاذ لا أكثر!!!
كان قلبه يتمزق:
- لماذا يحدث هذا لي!!! لماذا علي أن أكبت مشاعري!! فقط لو أن الظروف مختلفة.. عندها..
وجد نفسه أمام لوحات نور مرة أخرى، لماذا تصر قدميه على توجيه مسيرته إلى هناك؟؟
"كنتما ثنائيا رائعا"
وعادت به ذاكرته لعامين كاملين، يوم أن التقى نور أول مرة في معهد الفن الحديث.. 25-01-2014, 13:12#112 03-02-2014, 01:13#113مقالات المدونة2
سلام الله عليكِ و رحمته و بركاته أختي العزيزة
قرأت الجزء في نفس اليوم الذي وضعته و لكنني أجّلتُ هذا الرد
حسناً يبدو لي بأن:
خطط سيدرا باءت بالفشل ...
سوسن بدأت تصلي بانتظام و لا زالت أفواه من حولها تهاجمها بلا هوادةالإشارة الذكية إلى روايات أجاثا كريستي أعجبتني.. ربما لأن لدي نفس الانطباع عنها
ما بثير فضولي حتى اللحظة
هو تلك العلاقة التي جمعت سامر بنور؟متشوقة جداً لأعرف عنها
وفقكِ الله أختاه و يسر كل أمورك
14-02-2014, 23:31#114البارت جميييييييل و عجيب
ما أعجبني هو حوارها مع العجوز و أتوقع أن حفيدها هو سامر ...
أنا أحببت ثنائي سامر و سوسن أكثر من أيهم و سوسن و لا أعلم لماذا أنا أشعر أنها ستبادله الشعور يوما ما ... انتظر البارت الجديد بفارغ الصبر ....
و تحياتي لكِ يا كاتبتنا 03-03-2014, 08:55#115السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر كل من مر على الرواية، وأعتذر عن التأخير في الردود فقد أصابني بعض الكسل فيما يتعلق بهذه الرواية
شكرا لك أختي العزيزة وبإذن الله ستأتيك التكملة قريبا إن شاء الله^^
سلام الله عليكِ و رحمته و بركاته أختي العزيزةقرأت الجزء في نفس اليوم الذي وضعته و لكنني أجّلتُ هذا الرد
حسناً يبدو لي بأن:
خطط سيدرا باءت بالفشل ...
سوسن بدأت تصلي بانتظام و لا زالت أفواه من حولها تهاجمها بلا هوادةالإشارة الذكية إلى روايات أجاثا كريستي أعجبتني.. ربما لأن لدي نفس الانطباع عنها
ما بثير فضولي حتى اللحظة
هو تلك العلاقة التي جمعت سامر بنور؟متشوقة جداً لأعرف عنها
وفقكِ الله أختاه و يسر كل أمورك
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته اختي الأعز والأروع^^
بالنسبة لسورا... مممممممم أظن أنه من المبكر جدا جدا القفز إلى مثل هذا الاستنتاج للأسف!!
بالنسبة لسامر ونور هذا ما سيركز عليه الجزء القادم إن شاء الله(؛
أرجو من الله أن يسهل لي مراجعة الفصل لأتمكن من نشره بسرعة قبل أن أصاب بنوبة كسل أخرى لا قدر الله
أهلا بك عزيزتي الغالية غرشوبة، وشكرا لكلماتك المشجعة^^
أعجبني أن استنتاجك وافق (ضربة معلم) كما يقولون(؛
ستبدي لك الفصول القادمة المزيد من التوضيحات على هذه الملاحظات إن شاء اللهوسأكون بانتظارك بفارغ الصبر أيضا لأرى رأيك حول سامر تحديدا بعد الجزء القادم إن شاء الله(؛
وتحياتي لك أيضا^^
في أمان الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
06-03-2014, 17:46#116مقالات المدونة2
سلام الله عليكِ و رحمته و بركاته
إذن سارعي بإنزال الجزء قبل نوبة الكسل
فنحن متشوقون للقادم *_^وفقكِ الله و سدد خطاكِ أختاه
08-03-2014, 14:00#117وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا عزيزتي على هذا الدعم التشجيعي(؛الحمد لله بفضل الله أنهيت تقريبا مراجعة الجزء الجديد، وسأضعه في الرد التالي إن شاء الله(:
ملاحظة: كنت أود أن أضع جزءا طويييييييييييييييييييييييييييلا جدا ولكنني وجدت أن الاسراع بوضع جزء أفضل من الانتظار أكثر^^
على كل حال، أرجو أن يكون طوله مقبولا هذه المرة، فأظنه أطول من الاجزاء السابقة على اية حال!
بانتظاركم إن شاء الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 08-03-2014, 14:12#118الجزء الثامن عشر..
لطالما أثارت ذاكرتنا عجب الباحثين والمتأملين، خاصة وهي تتصرف كمسجلٍ دقيقٍ لأحداث جرت منذ زمن، لتعرضها عليك في وقت ما، بمجرد وجود أدنى محفز لذلك..
وهكذا.. انفصل سامر عن واقعه لبرهة من الزمن ليجد نفسه في معهد الفنون الحديث، الواقع في الطابق الرابع من مركز المعاهد الرئيسي في تلك المدينة، حيث تمكن من افتتاح معهده الخاص أخيرا..
كان فنانا بطبعه، بل مغرما بالفن وعالمه، فبرع في فرع لا يتقنه الكثيرون، الفن السريالي الحديث، ولشدة ولعه به، قرر إنشاء ذلك المعهد..
إلا أن الاحباط كان نصيبه في البداية؛ لقلة المواهب الفنية المنتسبة لمعهده، لا سيما وقد بدأ يشعر بأن معظم الفتيات اللاتي زاد عددهن مؤخرا، لم يكنّ على تلك الموهبة التي تسمح لهن بالاستمرار معه، وكأنهن ما جئن إلا لمرافقته في موعد غرامي لا يمت لعالم الفن الذي يرجوه بصلة..
حتى جاء ذلك اليوم الذي رأى فيه تلك الفتاة الملتزمة أول مرة قبل سنتين تقريبا، كان الوقت عصرا، إنه يذكر ذلك تماما، فهي مشغولة في الصباح كما أخبرته، بدت جادة جدا وهي تعرّف بنفسها وتعرض هدفها الذي ترغب في تحقيقه من خلال التحاقها بالمعهد:
"لدي أفكار أرغب في إيصالها عن طريق الفن، لذا أسعى لاتقان المهارات الرئيسية بشكل أكبر، حتى أتمكن من خدمة ديني وعقيدتي، فيرضى الله عني.."
رحب بها منذ البداية بلطفه المعهود، إذ لم يكن يمانع في التحاق أي أحد بمعهده، مهما كان فكره ومظهره، ما دام يمتلك الموهبة الفنية اللازمة..
لكنها فاقت توقعاته تماما، كانت هبة الدهر بالنسبة له، وضربة الحظ الموفقة التي طالما انتظرها، لا سيما بعد أن أعادت لمعهده نشوة الفن بلوحاتها المذهلة، كان انجازها أروع مما قد يخطر بباله، حتى أنه كان يقضي معظم وقته في مناقشة لوحاتها وكأنها الطالبة الوحيدة لديه، كان معجبا بها كتلميذة نشيطة مجتهدة، تطبق كل ما تتعلمه باهتمام وجد، لكن اعجابه ذاك لم يقف عند ذلك الحد..
ورويدا رويدا بدأ اهتمامه بها شخصيا يزيد تدريجيا، فهي إلى جانب كونها أفضل من التحق بمعهده من الناحية الفنية على الاطلاق، وأكثرهم جدية في عملها، لديها شخصية فريدة، لم يرَ مثلها بين الفتيات الذين قابلهم على الأقل! وكأي معجب، بدأ يهتم بمعرفة كل شيء عنها، من خلال أسئلة عامة يوجهها بين فترة وأخرى على أعضاء معهده، أو أوراق يدعوهم لتعبئتها بغرض إكمال التسجيل، وهدفه الوحيد هو التعرف عليها بشكل أكبر! هذا إضافة لمحاولاته الجاهدة في التركيز في أي حديث قد يدور بينها وبين إحدى الزميلات، حتى اكتملت صورتها لديه تقريبا..
إنها الفتاة الوحيدة التي لم تخالط أي شاب في المعهد، ولم تفتح لأي واحد منهم مجالا للحديث معها، إلا نادرا جدا وفي حدود الضرورة، ولولا أنه (الاستاذ) لما كلمته أيضا!! كانت فتاة ملتزمة ومثقفة لأبعد حد، ذات شخصية قوية ونافذة، في الواحد والعشرين من عمرها، طالبة جامعية في قسم الآداب، السنة الثانية في تخصص اللغة الانجليزية، من عائلة مرموقة، فوالدها رئيس شركة كبيرة ومعروفة، إضافة لكونه أحد كبار المساهمين في أول مصرف اسلامي في المدينة، لديها أخ وحيد يكبرها بثلاث سنوات..
تلك كانت أعهم المعلومات التي تمكن من معرفتها بطرق غير مباشرة، والأهم من ذلك، كانت على قدر كبير من الجاذبية، فلطالما استرق النظر اليها بل وحاول الاقتراب منها، دون أن تلحظ ذلك، بل لم يكن يشعر أنها تهتم به أصلا، فقد كان مجرد استاذ بالنسبة لها وحسب، دون أن تترك مجالا لتجاوز أي حديث معه، مما جعله يعيد النظر في فكرته عن نفسه، بعد أن كان يدرك تماما مقدار تأثيره على قلوب الفتيات، فهو الشاب الوسيم الأنيق، ذو الابتسامة الساحرة، واللطف الآسر، كانت تلك هي طبيعته اللتي لا يختلف عليها اثنان، إذ لم يكن يصطنع شيئا من ذاك، فما بال تلك الفتاة تقف أمامه كالسد المنيع، رغم أنه فتح أمامها مجالا لم يفتحه لغيرها، وأبدى بها اهتماما لم يُتَح لسواها!! ما بالها تتجاهله خلافا لبقية الفتيات اللاتي ما فتئن يحاولن استدرار عطفه واعجابه!!
ولم يعد يطيق الانتظار أكثر، خاصة وأن الإجازة تقترب دون أن تتطور العلاقة بينهما قدر أُنملة! كانت فرصة مواتية بالنسبة له، فالكل مشغول بلوحته، وهي غارقة تماما في لوحتها ومنسجمة معها لأبعد حد، ولأول مرة لم يركّز فيما ترسمه، بل كان جل اهتمامه منصب عليها شخصيا، كانت تجلس بقامتها المنتصبة أمام لوحتها كالعادة، فيما وضعت ألوانها على منصة صغيرة في الجانب الأيمن، بدت غارقة في التفكير وهي تمسك الفرشاة بيدها اليمنى، لتتخذ قرارا مناسبا بشأن الخطوة التالية، فلم تنتبه له وهو يقرّب كرسيا إلى جانبها من الناحية اليسرى، ويجلس عليه، وبحركة سريعة خاطفة وضع يمناه فوق يمناها كمن يحاول الامساك بالريشة، غير أنه ما كاد أن يلمسها حتى انتفضت من مكانها مذعورة، فنهضت وهي تسحب يدها كمن أصابه مس كهربائي، فلم يكن أمامه سوى التظاهر بأنها حركة غير متعمدة، فأخذ يغمس الريشة- بعد أن استقرت بيده- في الأوان أمامه، وهو يعلّق على رسمتها وكأن شيئا لم يكن:
- بعض اللون الأحمر القاني هنا سيعطي معنى أعمق للوحة...
لم يعرف ما الذي فكّرت به وقتها، لكنه لم يخف عليه ارتباكها الملحوظ بعد ذلك، مما جعله يوازن تصرفاته أكثر معها، حتى نجح في إعطائها شعورا يقينيا بأنها حادثة غير مقصودة أبدا، ولم تكن هي لتستغرب ذلك منه، فقد كان متحررا بطبعه، إلا أن محاولاته المتفرقة للتلميح لها أكثر من مرة؛ لم تتوقف، فقد كان يرغب بالتأكد من حقيقة مشاعرها نحوه، لا سيما وأنهما على النقيض في أمور كثيرة، باستثناء ما يتعلق بـ (الفن)!! لكنها أصبحت أكثر حذرا ولم تكن لتتيح له فرصة البقاء معها وحده، بل إنها كانت حريصة جدا على أن لا يحدث ذلك أبدا، ففي اليوم الذي تغادر فيه الفتيات باكرا؛ تسارع بحزم أغراضها حتى وإن كانت تود البقاء أكثر من أجل لوحتها!! وعندما حاول مناقشتها في بعض الامور الفنية ذات مرة، متحينا فرصة خلوّ المعهد في آخر الدوام، بدت مشتتة الذهن تماما وهي تتابع خروج الفتيات، فاعتذرت بأن لديها أمر هام، وأسرعت بالخروج قبل أن تعيد وضع أدواتها الخاصة في خزانتها على غير العادة، كمن تلوذ بالفرار!!
كان يرغب في التقرب منها أكثر، غير أن هذا بدا مستحيلا بالنسبة لها، مما أشعره بنوع من الإحباط، حتى جاءت خالته الكبرى لزيارته في المعهد على حين غرة، كان وقتها يناقشها في بعض الخطوط التي أضافتها للوحتها، فيما أخذت هي تجيبه باهتمام واضح، فقد كانت حريصة على إبراز فكرتها بالصورة المثلى، فلم ينتبه لوجود خالته إلا بعد أن عاد إلى مكتبه، حيث جلست تحدّق بها بتأمل عميق، وقبل أن يبدي اندهاشه بقدومها المفاجيء، أو يقوم بالترحيب بها بكلمات مناسبة، فاجأته بقولها:
- كنتما ثنائيا رائعا!!
يومها خفق قلبه لأول مرة، وحلّق به خياله الحالم لأبعد حدود قد يصلها، ولم تتركه خالته ليفكّر بجملتها كثيرا، إذ سرعان ما أمطرته بوابلٍ من الأسئلة:
- ما الذي تنتظره حتى الآن!! لماذا لم تتقدم لخطبة تلك الفتاة بعد؟؟ كانت فكرة صائبة أن آتي لمعهدك وأتفقّد الفتيات بنفسي، تخدعنا طوال الوقت بأنك لم تجد الفتاة المناسبة، وأمامك هذه الجوهرة!! لقد طفح الكيل معك فعلا!!!
كان صوت الخالة يعلو قليلا مع انفعالها، مما سبب بعض الحرج لسامر الذي حاول جاهدا إفهام خالته مراعاة المكان الذي تفتح فيه مواضيعها، ومن لطف الله به أن مكتبه في أول القاعة الكبيرة، ويبعد مسافة كافية لإخفاء تفاصيل حديثها عن الموجودين، هذا إن كان تركيزهم منصبا على عملهم وحسب! فيما تابعت هي حماستها في الكلام دون أن تعير ملاحظاته أدنى اهتمام:
- عليك أن تحدد الموعد المناسب لنا لزيارتهم، هل هذا مفهوم!
غير أنه حاول توضيح الأمر لها بقوله:
- إهدئي قليلا يا خالتي أرجوك، الأمور ليست كما تتخيلين، فلا يوجد شيء بيننا!!
فحدجته بنظرات نارية:
- وما الذي تنتظره من فتاة محافظة أيها الأحمق!! هل تتوقع منها أن تصارحك بمشاعرها أم ماذا!!!!!
شعر سامر وقتها بأن عليه أخذ دور المحامي الحاذق للدفاع عن نفسه أمام سيل الاتهامات المسددة نحوه بمهارة، فيما تابعت خالته كلامها:
- نصحتك بأن تلتزم بالصلاة على الأقل، لعلي أجد شيئا ذا قيمة يشفع لك عند أهلها، عندما يسألون عنك..
فلم يملك سامر نفسه من اطلاق ضحكة خافتة:
- لقد أوغلتِ بخيالك كثيرا يا خالتي، هذا يكفي أرجوك..
- بل عليك أن تفكر جيدا فيما أقوله، فقد حان الاوان لتأخذ الأمور بجدية، أم أنك تنوي البقاء عازبا لمدى الحياة!!
فتنهد سامر:
- خالتي أرجوك، لقد أصبحتُ رجلا ناضجا بما يكفي، لتكفي عن معاملتي كالأطفال، أستطيع تدبر أمري بنفسي فلا داعي لهذا كله..
فقاطعته بقولها:
- بل إن كلامك هذا لا يدل على أي نضج على الاطلاق!!
ثم سألته بنبرة جادة:
- ما اسمها الكامل؟
وكالمحاصر في مصيدة لا يمكنه الافلات منها أجابها هامسا باستسلام:
- نور عبد الكريم سالم..
فابتسمت برضى:
- حسنا..
قالت كلمتها تلك، وهي تمسك بحقيبتها استعدادا للذهاب، بعد أن وضعته بين المطرقة والسندان!!
يومها لم يغمض له جفن أبدا، هل حقا لديه الجرأة الكافية ليتقدم لها رسميا!! إنها بالفعل تحتل مساحة كبيرة من قلبه وفكره، كما لم يحدث مع أي فتاة من قبل، فهل هذا سبب كاف يدفعه للارتباط بها! الارتباط بها يعني أشياء كثيرة، أبسطها أن يقوم بتغيير نظام حياته بأكمله، فهل هو مستعد لذلك من أجلها!! لم يكن واثقا من مقدرته تلك، وهذا ما أبقاه مترددا طوال تلك الفترة من فتح أي موضوع بطابع رسمي معها، كان يرغب في التقرب منها أكثر وحسب (ليطمئن قلبه)! وها هي خالته قد نجحت مجددا في إعادته ليعيش تلك اللحظات القاسية، لحظات صراع حقيقية بين عاطفه ملتهبة تدفعه للإقدام، وعقلٍ يملي عليه الاحجام!! هل من الممكن أن يحكم على أسلوب حياته المتحرر بالاعدام، من أجل فتاة محافظة ملتزمة كـ ( نور)!! هل المشاعر وحدها تكفي!! هذا إن كانت تبادله المشاعر على الأقل!! وماذا عن الصلاة!! هل سيلتزم بها من أجلها فقط! لم يكن واثقا من شيء.. حتى غلبه النعاس أخيرا في ساعة متأخرة قبل الفجر!!
بعد ذلك اليوم، بدأت نظراته لنور تأخذ منحى آخر، لقد شعر بانجذاب كبير نحوها وبدأت فكرة خطبتها تتبلور في رأسه أكثر من ذي قبل، لا سيما وأن خالته قد وضعتها في رأس جميع أفراد العائلة تقريبا، وقامت بتحرياتها الخاصة بشأن ذلك!! لم يبق أمامهم إلا التقدم الرسمي برأيهم!! أما هو، فقد كان يود كسب المزيد من الوقت للتعرف عليها والاحتكاك بها أكثر عن كثب، إذ لم يكن يرغب بزواج تقليدي يُحرج فيه نفسه دون أي طائل برأيه!
كانت فكرة الارتباط بها تبعث في نفسه نوعا من الحبور كلما نظر إليها، دون أن تتوقف المفاجآت التي يكتشفها عنها بين الحين والآخر، ولعل من أبرزها تلك المعلومة التي أذهلته، كان ذلك عندما احتاجت إحدى زميلاتها بطاقة شحن لهاتفها بشكل طاريء، فأخبرتها نور بأنها تملك واحدة، ولأنها كانت مشغولة بلوحتها كالعادة، فقد أرشدتها لمكان وجودها في حقيبتها، وبدلا من أن تقوم الفتاة بأخذ البطاقة وحسب، صدرت منها صيحة انفعال صغيرة:
- بطاقة عضوية في نادي الكاراتيه!! ما هذه المفاجأة!! هل تتقنين فن الكاراتيه حقا يا نور!!
ولم تتوانى فتاة ثالثة عن الانضمام اليهما للمشاركة في ذلك الحديث المثير:
- لماذا لم تخبرينا من قبل!
- منذ متى وأنت تتقنين هذا الفن؟؟
- وفي أي درجة من المهارة وصلت؟؟
- هل لديك الحزام الأسود حقا!!
- نريد أن نرى مهارتك في القتال، يبدو هذا رائعا!!
وهكذا انهالت الأسئلة على نور، دون أن يُخطئ سامر التقاط الأجوبة باهتمام ليسجلها في ذاكرته، فقد كان الأمر مفاجئا له أيضا، بل ومثيرا لأبعد الحدود!! لن تتوقف هذه الفتاة عن إثارة إعجابه على ما يبدو!! ومع نهاية ذلك الحديث كانت الصورة قد اكتملت لديه حول هذا الموضوع:
- التحقت نور وهي في الخامسة من عمرها بنادي الكاراتيه الذي سجل به أخوها، فقد كانت مولعة بمرافقته وتقليده منذ الصغر، ولم يجد والداها بدا من تسجيلها معه!! حتى إذا ما بلغت العاشرة من عمرها، كانت قد قطعت شوطا كبيرا في التدريب، لتكون أصغر من يحصل على الحزام الأسود في النادي، لكنها لم تستطع الاستمرار بعد ذلك إذ كان عليها التوقف؛ فاكتفت بممارسة الرياضة لوحدها أو مع أخيها في المنزل، فلم تكن مراكز تدريب السيدات قد فُتحت بعد...
وقتها راود سامر شعور غريب بل ورغبة جامحة لرؤية تلك الفتاة المتزنة، وهي في خضم التدريب! هل هي لاعبة كاراتيه حقيقية!! سيكون ذلك مذهلا لو تمكن من رؤيتها بأم عينه! ومرت الأيام دون أن تفارق تلك الفكرة رأسه، حتى جاءت اللحظة المناسبة، والتي أعد من أجلها الكثير من الجهد والتخطيط، دون أن يفكر بعواقب ما قد يُقدم عليه..(يتبع)
08-03-2014, 14:18#119تابع الجزء الثامن عشر..
يومها غادر معظم الملتحقين بمعهده باكرا، لحضور إحدى الحفلات الغنائية التي ذاع صيتها في المدينة، وبالطبع لم يكن هذا من اهتمامات نور بأي شكل من الأشكال، فلم تكترث للأمر كله منذ بداية الحملات الاعلانية، وقد تزامن ذلك مع أول معرض يسعى معهد الفن الحديث لإقامته، مما جعل طلبه منها بإنجاز عدد من اللوحات يبدو طبيعيا جدا، كانت مستغرقة تماما في لوحاتها دون أن تنتبه لخلو المعهد تماما من سواهما، فقد غادر الجميع باكرا جدا دون أن تنتبه، كما توقع تماما، بل كان حريصا أشد الحرص أن لا تشعر بذلك من الأساس، وزاد على ذلك بترتيب أمر خروج الحارس المكلف بإغلاق الباب عادة، بحجة أنه لم يبق أحدا في معهده وسيقوم هو بنفسه بإغلاقه! لم يكن سامر متأكد من الدافع الحقيقي الذي حدا به لاتخاذ مثل هذه الخطوات الجريئة جدا، لكنه كان مصمما على تنفيذها بشكل غريب!! وما أن وقعت عيناه على نور المنهمكة في عملها بعد أن أحكم إغلاق الباب، حتى تسارعت نبضات قلبه بشكل عنيف، إنهما وحدهما في هذا المكان المعزول، راودته مشاعر غريبة لم يعرفها في نفسه من قبل، لم يشعر بقدميه وهما تتجهان نحوها بتلقائية، وكلما اقترب خطوة منها، زاد غليان الدم في عروقه!! ما الذي سيفعله الآن!! أهذه هي خطته أم ماذا!! هل هو مجنون بها إلى هذه الدرجة، أم أن هذا ما يمليه الجو عليه!!!!! إنها تبدو له جميلة جدا بهيأتها تلك، فكيف بها وهي من دون حجابها؟؟
وأخيرا وجد نفسه واقفا خلفها تماما، وقبل أن تستقر يده على كتفها، قفزت من مكانها بتلقائية كما هو متوقع منها، لتواجه الموقف الرهيب للمرة الأولى..
لقد رأى ذلك في عينيها القلقتين وهما تجوبان المكان الذي خلا إلا منهما، بل وسرعان ما لاحظ عينيها المثبتتين على الباب الذي تم إغلاقه، كان يقرأ ما يدور برأسها بسرعة وهو يتابع تحركاتها بصمت، لقد بدأت بتجهيز أشيائها للمغادرة ولا شك أنها بصدد اختلاق عذر أيضا، ليس هذا غريبا عليها، ولكن ما هي ردة فعلها عندما تكتشف حقيقة إغلاق الباب!!!
- أظن أن هذا يكفي لهذا اليوم، سأكمل اللوحة غدا إن شاء الله..
غير أن سامر الذي لم يحوّل ناظريه عنها، ظل صامتا، هل يتركها تذهب لتكتشف الحقيقة بنفسها، أم يخبرها بذلك وكأنه اكتشف الأمر قبلها!!
لم يستغرق الأمر أكثر من ثوان معدودة كانت كفيلة بتصعيد التوتر عند نور لأقصى درجة، وهي تحاول تكذيب ما تراه، فقالت بصوت بذلت جهدها كي لا يبدو مرتبكا:
- أرجو المعذرة، لكن الباب مغلق يا أستاذ!
عندها تظاهر سامر بالمفاجأة أيضا وهو يقترب من الباب بهدوء، حتى وضع يده أخيرا على المقبض ليجرب فتحه متظاهرا بمعالجة قفله، فيما ابتعدت هي عنه مسافة كافية، ليقول بعدها كمن استدرك أمرا:
- ربما أغلقه الحارس وغادر دون أن ينتبه لوجودنا، فاليوم كما تعلمين حفلة غنائية كبيرة للمشاهير، وعادة ما يحرص الجميع على حضورها!!
فأسرعت نور تقول بعفوية دون أن تترك له مجالا للتفكير:
- بإمكانك الاتصال عليه يا أستاذ، أليس كذلك؟
كان يرمقها بنظرات ثابتة لم يستطع هو نفسه تفسيرها، لكنه انتبه لنفسه فأجابها مصطنعا الجدية:
- حسنا دعيني أرى..
وذهب نحو مكتبه حيث يضع هاتفه عادة، فتناوله وأخذ يبحث فيه، شاعرا بعينيها المثبتتين عليه، قبل أن يقول بخيبة أمل مصطنعة بالتأكيد:
- يبدو أن الارقام مُسحت من هاتفي بالخطأ..
فسألته نور بقلق لم تستطع إخفاؤه:
- ألا تملك نسخة أخرى من المفتاح يا أستاذ؟
فنظر اليها متأملا فيما صرفت بصرها عن الالتقاء المباشر بعينيه، قبل أن يقول مستدركا:
- كنت أمتلك واحدا بالفعل!! لكنني لا أعلم أين هو الآن!!
وشرع بالبحث في أدراج مكتبه، وقد راوده شعور بالسعادة لنظراتها وهي تتابع تحركاته باهتمام واضح، لم يكن ليحظى بكل هذا الاهتمام من جانبها من قبل!! لذا كان بوده أن يعرف فكرتها عنه في تلك اللحظات، هل تراه شابا جذابا يستحق الاعجاب!! بماذا تفكر الان!!!
ورفع رأسه ملتفتا إليها مجددا، كانت حريصة على أن لا تترك فرصةً لالتقاء أعينهما بأي شكل من الأشكال، ما الذي تخفيه في داخلها يا ترى؟؟ أما زال مجرد أستاذ بالنسبة لها لا أكثر!!
لكن سؤالها قطع عليه حبل أفكاره:
- ألم تجد المفتاح يا أستاذ؟
فتنهد وهو يعتدل في وقفته:
- كلا!! لا أظنه معي الآن!!
عندها فقط سادت لحظات صمت، حاول من خلالها استشفاف ما يدور بخلد تلك الفتاة التي أخذت تحاول جاهدة الابتعاد عن مجال رؤيته، ما الذي عليه فعله الآن!! هل يصارحها بما في نفسه!!
ومرة أخرى لم تتركه لأفكاره، إذ سرعان ما قالت:
- لو أننا طرقنا على الباب ونادينا بصوت مرتفع فربما يسمعنا أحد!!
وهمت باتخاذ هذه الخطوة غير أنه استوقفها بقوله:
- لا فائدة، فلا أحد في الطابق الرابع والأخيرغيرنا، فهو خاص بمعهد الفن الحديث، أنت تعرفين هذا جيدا!!
بدا الارتباك عليها بوضوح أكثر هذه المرة، لقد فقدت السيطرة على نفسها بلا شك، فسألته بصوتٍ متهدج:
- ألا يوجد طريقة أخرى يا أستاذ؟؟ ما الذي علينا فعله الآن!! انني مضطرة للذهاب بسرعة!!
عندها كان لا بد له من إبداء بعض الجدية بالموضوع هو الآخر، فتظاهر بالتفكير العميق قبل أن يقول:
- علينا الانتظار..
فقاطعته بانفعال:
- إلى متى سننتظر!! هذا مستحيل!!
وتناولت هاتفها المحمول بعصبية واضحة، فيما أخذ يرمقها بنظرات استغراب، ما الذي تنوي فعله تلك الفتاة!! بالتأكيد لن تجرؤ على محادثة أهلها في مثل هذا الوقت!! ما الذي ستقوله لهم!! الوضع حرج جدا بالنسبة لفتاة مثلها، هي والاستاذ محبوسان في مكان معزول لوحدهما!!
خطرت بباله فكرة للاقتراب منها أكثر، لكنه لم يجرؤ على ذلك وهي في مثل تلك الحالة المتوترة، قد يكون هذا خطيرا بالفعل!! ربما عليه الانتظار قليلا.. فالتقط نفسا عميقا قبل أن يقول:
- هدئي من روعك يا نور، لن يطول انتظارنا، فبمجرد انتهاء وقت الدوام الفعلي لجميع معاهد المركز، سيأتي الحارس العام للمبنى لتفقد الطوابق قبل إغلاق البوابة الرئيسية في الأسفل، عندها بلا شك سينتبهون لنا..
لم يبد على نور أنها استمعت لبقية كلامه، إذ أسرعت تنظر لساعتها قبل أن تقول:
- ما زال أمامنا ساعتين على ذلك، لا يمكنني الانتظار كل هذا الوقت!!
فحاول سامر طمأنتها بقوله:
- لا تقلقي.. سيكون كل شيء على ما يرام، فوقت الدوام الفعلي للمعهد لم ينتهي بعد، ولم تكوني لتغادري قبل انتهاء وقت الدوام في العادة، لذا لن يقلق أهلك، ومن الأفضل أن تتابعي العمل في لوحتك اغتناما للوقت، ويمكنك تأجيل مواعيدك الطارئة الأخرى..
كان سامر يدرك تماما أن جملته الأخيرة تلك كانت مجرد محاكاة لحجتها التي لم تقصد من خلالها سوى تجنب الخلوة معه! ترى هل أدركت هي ذلك أيضا!! سيكون عندها كمن يخدع نفسه أثناء اللعب بأوراق مكشوفة!!
لكنه لم يجد من نور سوى الصمت، صمت كصمت الأموات، هل انهارت حقا أم ماذا!! كان بوده الاقتراب منها أكثر، غير أنه اكتفى بقوله:
- لا يستحق الأمر كل هذا القلق، فأنا معك..
أخذ يشدد على كلماته الأخيرة بوقع مختلف، وهو حريص على متابعة أثرها عليها، لكن ما رآه من ردة فعلها كان شيئا لا يمكن تفسيره، أهو الحرج أم الغضب!! أهو الارتياح أم الضيق!! أو ربما انفراج لأسارير الحب والسعادة أخيرا!!
لقد اختلطت عليه الأمور لوهلة!!
لكنها فرصته على أية حال! ولكن فرصة ماذا!! كان يود التأكد فقط مما سمعه.. يرغب برؤية ردود أفعالها.. فهذه الفتاة تبدو عالما غريبا بالنسبة له، وهو يرغب باكتشافه وحسب! أليس من حقه التعرف على من ستكون شريكته يوما ما!! لم يكن يقصد أكثر من ذلك!! هذا ما كان يبرره لنفسه طوال الوقت! كانت كلمات خالته لا تزال تدوي في أذنيه حتى تلك اللحظة:
- كنتما ثنائيا رائعا!!!
ربما عليه إعادة الكرة، فالتفت نحوها، حيث ابتعدت عن مجال رؤيته مجددا، دون أن تعطيه ظهرها لمرة واحدة، إنها متيقظة بالفعل!! اقترب منها بخطوات واسعة هذه المرة، لكنها كانت حريصة جدا على ترك مسافة كبيرة بينهما، كلما اقترب هو خطوة، تراجعت هي خطوتين، وكأنهما في لعبة مطاردة!! لقد أصبحت أوراقهما مكشوفة تماما الآن، فلم المراوغة والتظاهر بالغباء!!!
فافترت شفتاه عن ابتسامة فاترة وهو يحدق بها بنظرات ذات مغزى، ليسألها بوضوح:
- هل أنت خائفة مني يا نور؟؟
كان سؤاله صريحا ومباشرا حتى أن وقع المفاجأة على وجهها لم يخفى عليه، إلا أنها آثرت الصمت، فقال لها بلهجة رقيقة:
- أخشى أن يكون صمتك هذا دليل الموافقة..
وأمام اصرارها على الصمت، تابع بلهجة أكثر رقة:
- أرجوك لا تقلقي، فأنا لن أوئذيك أبدا يا عزيزتي..
كان يرغب برؤية وقع تلك الكلمة عليها، والتي استخدمها للمرة الأولى.. ومن أعماق قلبه..
إلا أنها بقيت هادئة وكأن ما قيل لا يعنيها، بدت كالصنم الأصم تماما!!
- هكذا إذن!!
قال جملته تلك وتظاهر بأنه سينشغل بالرسم، ولم تقل هي شيئا!! بقيت صامتة وباردة كالثلج!!
اتجه نحو أدواته ومرسمه الخاص، ليعطيها ظهره، فيما بقيت واقفة بسكون على حالها، حتى لم يعد يشعر بوجودها مع مرور الوقت، بل شك فيما إن كانت لا تزال موجودة معه في القاعة نفسها!! هل تبخرت مثلا!!! كان يحاول استراق النظر إليها بين الفينة والأخرى، لكنها كانت دائما خارج نطاق رؤيته، لا شك أنها اختارت الوقوف خلفه تماما، ربما كانت نظراتها مركزة عليه الآن، تراقبه فيما يفعل، ربما قد أُعجبت به أخيرا! ألم يكن شهما معها ولم يمسها بسوء!! لقد شعر بأنها أمنت جانبه تماما.. لكن من ناحية أخرى؛ راودته رغبة ملحة للالتفات نحوها من جديد.. ما الذي تفعله، هل رضخت للأمر الواقع واستكانت أخيرا!! هل تبادله أي مشاعر في هذه اللحظات!! ربما عليه أن يتأكد من ذلك بنفسه، فلن يتوقع من فتاة مثلها مبادرته بشيء!
لم يعد يحتمل المزيد من الانتظار، لقد انتقلت له عدوى التوتر هو الآخر!! ما هذا الهراء الذي يفعله! لِمَ أعد خطته تلك!! أليجلس أمام مرسمه هكذا وحسب!! ما الذي سيقوله الناس الآن!! الحارس سيخبر الجميع بأنه هو من طلب منه الذهاب، وستتضح الأمور عاجلا أم آجلا!! ستكون فضيحة بلا شك!! ومن أجل لا شيء!! هل هذا ما خطط له حقا!!!
المفتاح معه، فهو من أغلق الباب بنفسه، ولكن هل سينهي الامر بهذه السهولة، دون أن يحصل على أي نتيجة!! بل وقد تكون أسوأ نتيجة يتوقعها، ما الذي ستظنه به نور عندئذ!! رجل كاذب ومخادع!! لم يحتمل تلك النظرة منها، ولن يستسلم بسهولة، ما زال هناك أمل! سيتظاهر بأنه عثر على المفتاح في مكان ما! ولكن.. عليه أولا أن يتأكد من حقيقة مشاعرها نحوه..
لم يتوقع سامر أن تصل به الجرأة إلى ذلك الحد، نهض من مكانه دون أن يعمل حسابا لأي حماقة قد يرتكبها بتهوره ذاك، وما أن التفت نحوها بشكل مباشر، حتى نهضت من مكانها بتلقائية، فقد انتهت استراحتها كمحاربٍ مرابطٍ على الثغور!
أخذت خطواته تقترب منها بشكل مريب، فيما تأهّبت هي للمواجهة كمقاتلٍ متمرس بالمناورة، فبادرته بسؤالها مباشرة:
- أستاذ.. هل عثرتَ على طريقةٍ للخروج!
كانت جملتها تلك كفيلة بإعادته لرشده، لكن صبره كان قد نفد أخيرا، فسألها باهتمام:
- نور.. أجيبيني أرجوك، فأنا أريد أن أعرف ما الذي أعنيه لك بصراحة؟؟
وبدلا من إجابته قالت بتجاهلٍ تام لسؤاله:
- استاذ.. يبدو أن هناك أصوات في الخارج، هل نطلب منهم المساعدة؟
عندها شعر برغبة جامحة بتلقينها درسا لا تنساه، لكنه اكتفى بالنظر في ساعته، لا يزال الوقت مبكرا، فأعاد سؤاله عليها بجدية أكبر:
- سألتك يا نور أولا.. ماذا أعني لك؟؟
فجاءه صوتها أخيرا لتجيبه بلهجة حملت في طياتها معانٍ غريبة لم يفهما إلا فيما بعد:
- كنتُ أحترمك يا أستاذ!
قالت جملتها تلك واتجهت نحو الباب تدق عليه بكل قوتها، غير أنها سرعان ما التفتت نحوه قبل أن يقترب منها، لم يعرف كيف ابتعدت بسرعة بعد أن كان على وشك إحاطتها بذراعيه من الخلف، وكأنها شبح اختفى من أمامه فجأة!
كان يرغب هذه المرة بالامساك بها دون أن يعرف سببا حقيقيا يدفعه لفعل ذلك.. ولكن بلا شك كان غائبا عن وعيه تماما في تلك اللحظة!! هذا ما أدركه فيما بعد!! ما الذي كان يريده بالضبط! ولماذا!!!
أجال بصره في المكان!! إنها ليست هنا! هل اختبأت خلف شيء ما!! ما الذي يمكنها الاختباء خلفه!! لوحات.. مقاعد.. مكاتب..!! لا يبدو أن شيئا من ذلك يصلح للاختباء، ولا يمكن لشيء هنا أن يخفيها بسهولة! هل ستفاجئه بضربة قاضية تكسّر فيها أضلاعه مثلا!! ربما.. لم يعد ذلك مستبعدا!! أخذ يبحث عنها بفضول ولهفة، لقد أصبحت اللعبة واضحة الآن، انه الصياد وهي الطريدة!!
ابتعد عن الباب أخيرا وهو يبحث عن المكان المحتمل لاختفائها بتلك الغرابة، ربما خلف الستائر!! هل ستفكّر بتهشيم زجاج النافذة والقفز منها على طريقة أهل الكاراتيه!! ليته يعرف بماذا تفكر الآن، لكن ما سمعه بعد ذلك كان كفيلا بإثارة دهشته بالكامل، وهو يلتفت نحو الباب بسرعة.. ما الذي تحاول فعله تلك الفتاة! لم يلزم الأمر أكثر من ركله أخرى سددتها نور بمهارة نحو مركز القفل، حتى كان الباب قد فتح عنوة على مصراعيه!! حدث ذلك كله في لمح البصر قبل أن يتمكن هو من التفكير بالتقدم خطوة أخرى نحوها!
هل هذا هو ما كانت تخطط له طوال الوقت!!
ما هذه القوة الهائلة!! إنه يحلم بلا شك!! لقد رأى حركة لاعبة الكاراتيه المحترفة أخيرا، فهل سره ذاك!!
وجاءه صوت نور أخيرا ليعيده إلى واقعه:
- أرجو المعذرة يا أستاذ على ما سببته لك من إزعاج، علي الذهاب الآن وسأقوم بتعويض مبلغ إصلاح الباب إن شاء الله..
واختفت من أمامه قبل أن يرد بحرف واحد! لتكون تلك هي المرة الأخيرة التي يراها بها!! وكل ما وصله منها بعد ذلك ظرف يحوي مبلغا من المال أكبر بكثير من أن يكون كلفة إصلاح باب وحسب! لقد حكم بنفسه على أي علاقة محتملة بينهما بالفشل، حتى قبل أن تبدأ!!(يتبع)
08-03-2014, 14:23#120تابع الجزء الثامن عشر..
تنهد سامر وهو يصحو من سيل ذكرياته تلك ليجد نفسه واقفا كما هو أمام لوحات نور في المعرض العالمي، غريب أمر القدر!! لماذا يصر على تذكيره بها كلما ظن أنها خرجت من حياته للأبد!! لوحة الوردة الحمراء تحديدا.. انها الوردة نفسها بلا شك.. تلك التي وقف يتأملها طويلا قبل عامين بعد تلك الحادثة، آخر لوحاتها في معهده.. لوحة لم تكتمل، كانت تلك هي آخر رسائلها إليه!!
ما زال يذكر تفاصيلها وكأنها أمامه..
وردة حمراء يحيط بها جدار منيع له باب وحيد، وأيادي تحاول الوصول إليها عبر النوافذ الضيقة لكنها تنزف وتتقطع قبل أن تتمكن من لمسها...
الرسمة لم تكتمل ولن تكتمل، فقد غادرت نور معهده بلا رجعة!! لكنه فهم مغزاها!! لم يعد يشك بأنها موجهة له شخصيا!! يومها أخذ يتأملها كمن يراها للمرة الأولى، بدت لوحة يتيمة على (مسندها الخشبي)، بعد أن فقدت أمّها قبل الفطام!! منذ متى بدأت برسمها!! هل كانت تحاول منذ البداية ايصال تلك الفكرة اليه! لم يكن متأكدا من هذه النقطة بالذات! لو كانت كذلك فعلا، فهذا يعني انه احتل جزءا من تفكيرها وهو لا يدري!
لقد أوشك على انهاء عقده الثالث دون أن يعثر على فتاة يرضاها شريكة له، كان ذوقه صعب الارضاء، فلم تفلح أي واحدة من قريباته بترشيح من ترضاها روحه!!
أما نور فقد كانت الوحيدة التي تمكنت من التربع على عرش قلبه، وكأنها الفتاة المنشودة التي طالما انتظر ظهورها في عالمه، لولا ذلك الاختلاف بينهما!! أسلوبها المتحفظ الذي لا يناسب أسلوب حياته! ومع ذلك.. كان يرغب في ردم تلك الفجوة بينهما.. لولا ذلك الحادث!! لقد أصبح الوصول إليها مستحيلا! حاول أن ينساها ولكن دون جدوى، لا سيما وأن لوحاتها لم تزل صامدة في معهده! وحتى أن فكّر في إزالتها، فهي محفورة على جدران قلبه!! كانت هذه هي المشكلة الحقيقية، لقد ارتبطت نور بأوثق عالم يخصه.. عالم الفن الذي لا حياة له من دونه! نسيان نور، يعني نسيان عالم الفن، وهذا هو المستحيل بعينه!!
كان يحاول معرفة أخبارها، وتتبع آثارها بين الحين والآخر، حتى جاء اليوم الذي سمع فيه اسوأ خبر يتوقعه، يومها غامت الدنيا في وجهه، وشعر بحزن فاجأه!! لم يكن يتوقع أن تكون ردة فعله ازاء خبر زواجها مؤلما إلى هذه الدرجة!! لم يكن يراها، كما لم تكن بينه وبينها أي وسيلة اتصال خلال سنة ونصف تلت آخر يوم رآها فيه، فما باله يكترث لخبر زواجها بهذا الشكل!! هل كان يحبها حقا!! لو كان كذلك، فلماذا لم يتقدم لخطبتها مباشرة! لماذا لم يبذل أي جهد للمحاولة من أجلها!! ما الذي كان ينتظره!! لقد عرف وقتها معنى الندم لأول مرة في حياته!!
عجيب أمر هذه الحياة.. وعجيب أمر هذا القلب!!
هل كتب عليه أن يعيش مأساة جديدة في أقل من ثلاثة أشهر!!
لقد نجح في تخطي تلك الأزمة، (خبر زواج نور!) بعد أن أقنع نفسه بأنها لم تكن الفتاة التي تناسبه، واكتفى باعتبارها مجرد ذكرى جميلة تركت أثرا حسنا في معهده، وانخرط في عالمه الفني من جديد، مستعيدا حماسته وحيويته، خاصة وقد أصبح مشغولا بالاعداد والتنظيم للمعرض العالمي، حيث تم تعيينه مسؤولا مباشرا عن تقييم اللوحات المشاركة..
حتى ذلك الحين.. لم يكن يؤمن بنظرية الحب من النظرة الأولى!!
لكن رؤية سوسن كان كفيلا بتغيير تلك العقيدة..
لقد دخلت قلبه بلا استئذان ومن النظرة الأولى!! حتى إذا ما كذّب ظنه، جاءت المتواليات بعد ذلك تثبت له أنها هي الفتاة المنشودة هذه المرة، كان ذلك هو احساسه دون أن يجد دليلا واحدا يثبت كلامه!! لسبب ما شعر بأنها نسخة من (نور) في حلة جديدة تناسبه تماما، وكأن ما تفرّق من (نور) قد اجتمع فيها، فغدت مثالا كاملا لما كان يفتقده!! ليكتشف فيما بعد أنها صديقتها! أفيعقل أن يكون هذا هو سبب حبه لسوسن من النظرة الأولى!! هل أدركت روحه ذلك قبل أن يدركه عقله وتبصره عينه!!
لكن الحياة أبت إلا أن تسخر منه مجددا..
فلئن كانت الفتاة الأولى محافظة يصعب التفاهم معها، فالثانية مخطوبة يستحيل الوصول إليها!!
انها مرتبطة بشاب.. تهيم في حبه!!
حاول تجاهل ذلك بداية، حتى إذا ما رأى تلك اللوحة التي أبدعتها أنامل نور، كاد أن يغشى عليه من وابل الذكريات التي انبثقت في وجهه فجأة!! أما زال طيف نور يصر على ملاحقته أينما ذهب!! لقد فهم الرسالة للمرة الثانية.. فلم يستطع البقاء أكثر وقتها!!
تنهد سامر وهو يتأمل اللوحة التي حوت الوردتين مرة أخرى، كالواقفين على الأطلال! اليوم هو اليوم الأخير في المعرض العالمي، وسينتهي كل شيء!!
ما باله يذكر خيبة أمله مع نور في هذه اللحظات بالذات!! هل سيكرر التاريخ نفسه!! لقد حوت اللوحة تحذيرا مبطّنا لسوسن، فهل أقنعتها!!
وأخذ ينفض الفكرة من رأسه خشية أن تؤثر على قلبه فيؤمن بها، وهو يقنع نفسه باستماتة:
- كلا.. سوسن مختلفة.. إنها تشبهني أكثر، ولن يتكرر الموقف مرتين.. فلئن خسرتُ نور إلى الأبد، فهذا لأنها لم تكن (النصف الذي يكملني)، ولا المثال الذي أرجوه! لن أتراجع هذه المرة، سأصارح سوسن بحبي مهما كلفني الثمن، قد لا أرتبط بها ولكن يكفيني إزاحة هذا العبء عن كاهلي، فلن أندم مرتين!!***
لم تكن نور في حالة جيدة صباح ذلك اليوم، فقد تركت مكالمة سوسن ليلة أمس أثرا أكبر مما تخيلته على نفسها، الاستاذ سامر!! لقد مر على ذلك وقت طويل..
هل كانت تتخيل أن تمر بتجربة كتلك التجربة من قبل!! كان جل تركيزها منصبا على هدف واحد.. فكيف حادت الأمور عن هذا المسار فيما بعد!!
نور.. الفتاة المشهورة بالتزامها الشديد، والتي ما غامرت بدخول معهد الفن الحديث إلا بعد أن علمت بانتساب العديد من الفتيات إليه مما طمأنها لاستحالة وجود أي خلوة محتملة.. فقد كان هدفها ابتغاء رضى الله فيما تسعى لتحقيقه، ومحال أن تسلك طريق لا يرضاه الله لتحقيق ذلك الهدف!
"الدعوة عن طريق الفن".. حلم راودها لزمن طويل، غير أنه كان ينقصها الخبرة لتتقن لوحاتها بشكل يليق بذلك الهدف السامي، كانت بحاجة ماسة لمرشد يأخذ بيدها، وقد كان الاستاذ سامر ذلك المرشد!! لقد كان بارعا.. فنانا محترفا، شغوفا بعمله ومهتما به، وفوق ذلك كله، كان مثالا لحسن الخلق والذوق في التعامل والاحترام، رغم عدم التزامه الشرعي الواضح..
كان هذا هو انطباعها عنه بداية، ولا زالت تذكر اليوم الذي تمكنت فيه من إنجاز أول لوحة بإتقان، يومها دعت له من أعماق قلبها وهي تشعر بامتنان شديد نحوه.. ومع ذلك؛ كانت حريصة أشد الحرص أن لا يتطور الحديث بينهما إلى أي موضوع جانبي، لا سيما وأنه لم يكن ملتزما من الناحية الشرعية، متحررا بطبعه، ولا يجد أدنى حرج في مصافحة الفتيات وحتى مصادقتهن!
كانت جادة جدا في تعاملها معه، ولم يخطر ببالها أن تأخذ اهتمامه بها على محمل الجد، فقد كانت تلك طبيعته برأيها ولا شيء خاص!! لكن ملاحظة إحدى الفتيات جعلتها تنتبه قليلا:
- الاستاذ سامر مهتم بك يا نور، بل أظنه معحب بك أيضا..
وقتها تمكنت من اخفاء ارتباكها بصعوبة، وهي تحاول اصطناع ابتسامة لا مبالية:
- أي أستاذ يعجب بتلاميذه المجتهدين، هذا كل ما في الأمر!
لكن الفتاة أصرت على رأيها:
- لا أظن ذلك، فدائما ما يسترق النظر إليك خلسة وباهتمام واضح، بل إنه يحرص أن يكون في المكان الذي تجلسين فيه، من الغريب أنك لم تلاحظي ذلك!!
لم تستطع أن تحدد وقتها طبيعة المشاعر التي غلبت عليها إثر تلك الملاحظة، أهو الضيق والخوف أم السرور والفرح!! هل شعرت بسعادة لأنها حازت على ذلك الاهتمام من جانبه!! هل رأى فيها شيئا مميزا يجذبه اليها! هل من الممكن أن يتغير بسببها!! العديد من الاسئلة راودتها، لتكتشف بوضوح أنها تكن له مزيجا من المشاعر، أكثر مما يكنه التلميذ لمعلمه!! غير أن التزامها وخُلُقها كانا يقفان حاجزا أمامها دائما، لا يمكنها التساهل بأي تجاوز مهما كان!!
فأقنعت نفسها بأن ذلك لم يكن إلا وهما، وحاولت ألا تأخذ تلك الملاحظة على محمل الجد، غير أن ما حدث بعد ذلك جعل لتلك الملاحظات أكبر الأثر في قلبها، خاصة وقد بدأت تربط الأحداث ببعضها.. يوم أن لمس يدها أول مرة ليتناول الريشة، هل هي مصادفة حقا!! يومها كادت القشعريرة التي سرت في جسدها أن تلقي بها مترين إلى الوراء!! فهل هذا المكان آمن!!
عندها.. كان عليها أن تواجه نفسها بوضوح.. هل أصبح ذهابها للمعهد من أجل هدفها أم من أجله هو!! لقد اختلطت عليها الأمور بعد أن لم تعد تنكر في نفسها ميلها الشديد إليه!!
لقد أحبته ولكن ما من وسيلة تدعوها للتعبير عن ذلك، فهي ملتزمة وتعرف حدودها جيدا!! يومها شعرت بمعاناة كل فتاة تقع في الحب!! إنه ليس بالأمر الهيّن أبدا!!
إنه ليس من نوعها ولا هي من نوعه، فلماذا استحوذ على تفكيرها!! لماذا أصبحت مهتمة به إلى هذا الحد!! كان قلبها يؤلمها بشدة.. ماذا لو تقدّم لخطبتها رسميا، هل سترضى به!! هل يصلح لأن يكون شريكا لبناء أسرة صالحة!! إنه معلمها ومرشدها لتحقيق حلمها، فإن كان معجبا بها حقا، فلم لا تكون سببا في هدايته!! لمِ لا يتشاركان الحلم سويا، ويعملان معا في نهضة الأمة!! لو تحقق هذا فقط؛ فستكون أسعد فتاة على وجه الأرض..
كان قلبها متشبثا بهذه الفكرة وبشدة.. لو أنه تقدّم رسميا فقط، لربما أعادت التفكير في ارتباطها بشاب لم تكن لِتوافق عليه من قبل مطلقا!!
غير أن شيئا من ذلك لم يحدث، إنه لا يزال يحوم حولها دون أن يطرق الباب، فيما أصبحت سيطرتها على مشاعرها أشد صعوبة من ترويض فرسٍ هائج!!
كان هذا هو أصعب محك وجدت نفسها فيه!! عليها أن تجيب السؤال بوضوح وصدق؛ أين أنتِ من دينك يا نور؟؟ هل أنت حقا تسيرين في طريقٍ يرضي الله!! أم أنه الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء!!
أصبح بكاؤها كل ليلة أمرا حتميا، وما زالت تذكر دعواتها في قيام تلك الليالي:
- " يارب اغفرلي وارحمني.. يارب لا تحملني ما لا طاقة لي به، فإن كان فيه خير فقرّبه مني، وإن كان غير ذلك فأخرجه من قلبي.."
لا تدري كيف خطر لها بعدها تنفيذ تلك اللوحة..
سيفهمها بالتأكيد.. لو أراد ذلك!!
(وادخلوا البيوت من أبوابها..)
أخذت تعمل في تلك اللوحة بكامل أحاسيسها ومشاعرها، بل هي من أشعلت فيها جذوة حماستها القصوى للفن من جديد، فهي أملها الأخير..
حتى جاء ذلك اليوم الرهيب..
هل يُعقل أنه كان صادقا معها فيما حدثها به من أمر إغلاق الباب!! هل يعقل أن تحدث جميع تلك الأمور بلا قصد منه، وبمحض الصدفة البحتة!!! لا يوجد صدفة في هذه الحياة، فهل هي قدر أزلي لا دخل له به!! يومها كادت أن تدفع بها تلك الأفكار إلى الجنون! ماذا لو كان قد رتّب لحدوث ذلك فعلا!! ما الذي سترجوه بعدها من رجل فقدت الثقة به تماما!!!
إنه أسوأ يوم في حياتها بلا شك!!
قاعة كبيرة مغلقة تجد فيها نفسها وحيدة مع شاب تكن له من مشاعر الحب ما الله به عليم!! أي ترتيب شيطاني دفعهما إلى هذا الحال!! تخيّلت وقتها شياطين الكون مجتمعة في تلك القاعة تمرح وتضحك وتبارك لبعضها ذلك الجمع المأفون!!
كانت تحاول تهدئة نفسها بصعوبة وهي تردد ما تحفظه من آيات وأدعية، إلا أن توترها بات واضحا رغم حرصها الشديد على إخفائه أمامه.. إنه محترم ولن يخطر بباله أي شيء سيء بلا شك، هذا ما كانت تقنع نفسها به، غير أن الأجواء كانت تفرض سيطرتها رغما عن الجميع! الخلوة هي الخلوة!! هل كانت تتخيل أن نظراته لها لم تكن طبيعية! هل كان يحاول التعبير لها عن مشاعره في ذلك الجو المخيف!! ماذا لو أنه فكّر في...!! أولو هم بـ....!!
يا إلهي .. ما هذه المصيبة...!!
بل وماذا لو رآهما أحد على تلك الحال!!!
حتى السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها لم تنجو من حديث الافك!! فبرأها الله من فوق سبع سماوات، فماذا عنها هي!!
كان ذلك جزء بسيط مما خطر ببالها في تلك اللحظات العصيبة، وهي تحاول إعمال فكرها جاهدة للخروج من تلك الورطة، يومها خانتها كل الوسائل المتاحة؛ حتى بطارية هاتفها، كانت فارغة!! أيعقل أنه هو أيضا وراء ذلك!!! ولكن.. حتى لو تمكنت من استعمال هاتفها في ذلك الوقت، ما الذي كانت ستقوله!!!
كانت دقات قلبها تردد وبلا توقف:
- "يارب احفظني واسترني واغفرلي الذنب الذي أدى بي إلى هذا الحال.."
فيما كانت الأفكار المرعبة تتوالى عليها بشدة، حتى لو استطاعت الدفاع عن نفسها في أسوأ الاحتمالات، فكيف سيكون موقفها أمام من سيفتح لهما الباب!!
كانت كل لحظة تمر عليه كأنها سنة من الأفكار المروّعة، حتى عندما انشغل باللوحة أمامه، خُيّل إليها أنه يخطط لأمر ما، ماذا لو أن معه مخدّر!! ربما يكمّم فمه وأنفه قبل أن يفتح عبوة منوّمة لتستنشقها هي!! كانت حريصة على مراقبة تحركات يديه خصيصا، إضافة لحرصها على الابتعاد عن مجال رؤيته وهي في أشد حالات التأهب!! ولكنها قد تكون واهمة فقط، فربما كان منشغلا فعلا بلوحته، أعطاها ذلك شعور بالطمأنينة لبعض الوقت؛ فجلست تستعرض الأفكار المحتملة.. كل شيء كان سيئا!! لو جاء أحدهم لفتح الباب ورآهما على ذلك الحال فهذا سيء، ولو لم يأتِ أحد فهذا أسوأ!!! وتسارعت نبضات قلبها مع تلك الفكرة!! هل يمكن أن لا يقوم الحارس العام بتفقد الطابق الرابع قبل إغلاق البوابة الرئيسية للمبنى!! ستكون تلك الكارثة الكبرى!! أخذت تدرس المنافذ المحتملة، النوافذ مغلقة فهي لا تستخدم للتهوية، وهي من الزجاج القاسي، ولو حطمتها فربما تأذّت بالشظايا لتجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، وتزيد الطين بلة! حتى لو نجحت في ذلك فهي على ارتفاع أربعة أدوار، ولا يمكنها المجازفة بالخروج عن طريقها والسير على حافتها للانتقال من طابق إلى طابق، إضافة إلى أن منظرها سيكون مريبا وملفتا للانظار بشكل كبير! وربما تصبح موضوعا للصفحات الاولى في صحف الغد ولمدة شهر كامل!!
ماذا عن الباب!! إنه من الخشب المتين وذو دفتين، تُفتح الأولى فقط في العادة، في حين تثبّت الأخرى على غرار أبواب المراكز والمعاهد.. ولكن هل يمكنها كسره من الضربة الأولى!! فهي لم تكن ترغب ببذل جهد يستنفذ طاقتها دون نتيجة تُذكر، وربما تسبب حركتها تلك بإثارته فيقوم بتصرفات غير مبررة!!
لم تكن واثقة من قدرتها على كسر الباب، رغم أنها حطّمت ألواحا من الخشب أثناء تدريباتها المتقدمة في الكاراتيه!! كان عليها تفحّص الباب جيدا، ومن لطف الله بها أنه لم يكن من الأبواب التي تُصنع لتزويد المكان بحماية رئيسية، فقد كان المعهد في مركز مزوّد بحماية خارجية..
كانت مشغولة تماما بالتفكير في أمر الباب عندما فاجأها بسؤاله الغريب على حين غرة، لحظتها شعرت بالخطر الحقيقي!! هل هذا هو الوقت المناسب لسؤال كهذا!!!
لم تذكر ما الذي أجابته به في ذلك الوقت، فقد أصبح جلّ تركيزها منصبا على طريقةٍ للخروج، وبقرارٍ سريع وجدت نفسها تدق الباب لعل أحدهم يسمعها بعد أن لم يعد أمر الفضيحة يهمها في شيء!! غير أن شعورها به خلفها، كاد أن يفقدها صوابها!! ما الذي يخطط له!! وبلا وعي منها قفزت بسرعة خاطفة على طريقة اللاعبين المحترفين، ومن ثم استخدمت أسلوب التمويه الذي تتقنه، فقد وقفت خلفه تماما دون أن يشعر، لم تكن تتوقع أنها ستستفيد مما تعلمته من تلك الأساليب يوما ما للحفاظ على نفسها، حتى إذا ابتعد مسافة كافية عن الباب لم يكن أمامها سوى خيار واحد!! أغمضت عينيها وهي تستشعر افتقارها الشديد لعون الله لها في تلك اللحظة، وبسرعة اتخذت الوضعية المناسبة وحددت مكان الهدف، قفل الباب الذي يفصل بين الدفتين!! استجمعت طاقتها وبكل ما أوتيت من قوة ركلته بقدمها ركلة اهتز لها الباب بل والمكان كله، وقبل أن يكون هناك مجال لأي ردة فعل؛ أتبعتها بركلة أخرى كانت كفيلة بفتح الباب على مصراعيه!!(يتبع)
« الموضوع السابق | الموضوع التالي »بيانات عن الموضوع
عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)
المفضلات
قوانين المشاركة
- غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
- غير مصرّح بالرد على المواضيع
- غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
- غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
- وسوم المنتدى مسموح
- الابتسامات مسموح
- كود [IMG]مسموح
- [VIDEO] code is مسموح
- كود الـ HTML غير مسموح
الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش .
الوقت الان » 18:08.Powered by: vBulletin Version 4.2.3
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltdيتبع نسخ الصفحة السابعة من الارشيف في الرد التالي إن شاء الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصفحة السادسة من الارشيف:
- المنتدى
- التعليمات
- التقويم
- المنتدى
- تطبيقات عامة
- خيارات سريعة
- الإنضمام الى فريق عمل مكسات
- الدروس
- مواقع مكسات
- مدونة مكسات
- النشاط الأخير
- المنتدى
- المنتديات الأدبية
- منتدى القصص والروايات
- منتدى قصص الأعضاء
- تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
- اذا كانت هذه زيارتك الأولى لنا ننصحك بالدخول الى التعليمات . و للمشاركة في المنتدى يجب عليك الإنضمام الينا و التسجيل من هنا [ التسجيل ] .
المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
-
-
06-01-2014, 13:45#101
أين اختفيتِ عزيزتي أمة القادر ؟؟
أرجو أن يكون غيابكِ خيراً ~~
-
...
-
06-01-2014, 23:03#102
مقالات المدونة2
-
09-01-2014, 14:43#103
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواتي العزيزات، شرفني جدا مروركن وتعليقكن، وشكرا لسؤالكن واهتمامكن فجزاكن الله خيرا وأعتذر عن هذا الغياب..
في الحقيقة انشغلت ببعض الأمور بما فيها ما له علاقة بـ (مدرسة الفروسية)، ثم تكاسلت عن الطباعة خاصة وأن أوراق المسودة متبعثرة قليلا!! وعندما نويت طباعة الجزء الجديد و انزاله خلال الاسبوع المنصرم، وجدت نفسي مشدودة لاكمال قراءة رواية (The perfect mentor) عندها.. غرقت تماما في عالم تلك الرواية المذهلة...لسبب ما شعرت أنني أعرف تلك الكاتبة وأعرف أفكارها وكأنها أمامي....
لن أقول أكثر فهذا قد يكشف شيئا عن مجريات الأحداث هنا، وفي الوقت المناسب سأخبركن بكل شيء إن ما أتيحت لي الفرصة إن شاء الله(؛
بالمناسبة؛ لمن رغبت في معرفة انطباعي نحو تلك الرواية يمكنها قراءة تعليقي في موضوع أختي العزيزة (الصوت الحالم)
رواية The Perfect Mentor (ترجمتي)
^^
وهذه دعوة غير مباشرة لكن جميعا لمتابعة تلك الرواية الرهيبة إن صح التعبير!! ما شاء الله تبارك الله
مع امنياتي لكن بقضاء أجمل الأوقات وأروعها(:
ولا تنسوني من الدعاء، بأن يسهل الله لي طباعة الجزء الجديد وانزاله قريبا جدا إن شاء الله(:وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-
09-01-2014, 14:58#104من دون أي مجآملة هنآ ؛ أنت وروآيتك زلزلتمآ كيآني بشكل فضيعع ، آكآد اذرف الدموع مع كل كﻵم أو جملة عن إسﻵمنآ أو ديننآ الحنيف ، كم أشعر ب الخجل و الخجل الشديد من الترآهآت التي اكتبهآ امآم هذه التحفة التي قرأتهآ للمرة الثآنيه تقريبآ بكل شغف و لهفة ؛ اعجبتني جدآ جدآ ، و نبهتني على نقآط كنت أجهلهآ أكثر منن سوسن حتتى !!!* يآرب فلتسآمحنآ !! ><
أخيتي استمري و أرجوكك ﻵتتوقفي فروآيتكك هذه ربمآ تكون سبب هدآية لكثييير من الفتيآت ، بآرك الله فييك وأكثر من أمثآلكك !!
بإنتظآركك بفآرغ الصبر ^^منتديات مكسات mobile app
جزاك الله خيرا على هذا المرور الجميل والأثر الطيب(:
وجزاك الله خيرا على هذا التشجيع عزيزتي، اسأل الله أن أكون عند حسن ظنكم جميعا، ويسهل لي ذلكبالمناسبة رواية The perfect Mentor التي تقوم اختنا (الصوت الحالم) بنشر أجزائها المترجمة في هذا القسم، تركت أثرا حتى أن كلماتك يمكنها التعبير عني أيضا(؛
مرة أخرى، جزاك الله خيرا لدعواتك واهتمامك، فلا تنسيني من هذه الدعوات الطيبة ولك مثل ذلك وأكثر بإذن الله(:
في أمان الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-
09-01-2014, 18:46#105
مكاني حتي انتهي من القراءة إن شاء الرحمن
بواسطة تطبيق منتديات مكسات
حبايبي
يمكن نسيتوني من طول الغيبة بس والله مفتقدة الكل هنا لكن مشغولة حبتين ذا الأيام
الله يحفظكم ودعواتكم -
09-01-2014, 19:42#106
وها قد انتهيت ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك أمة القادر؟شيء واحد فقط أملك أن أقوله لك
كنت رائعة فأحسنتمن بين العديد من الروايات التي قرأتها مؤخرا وأعجبتني كانت خاصتك هي الوحيدة ااتي أرسلت ردا عليها وأظنني سأستعين برابطها فيما يخص مشاركتي بشحات العيد إذا لم يكن لديك مانع
سلمت يداك ومتابعة لك إن شاء الله
بواسطة تطبيق منتديات مكسات
-
11-01-2014, 20:34#107وها قد انتهيت ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك أمة القادر؟شيء واحد فقط أملك أن أقوله لك
كنت رائعة فأحسنتمن بين العديد من الروايات التي قرأتها مؤخرا وأعجبتني كانت خاصتك هي الوحيدة ااتي أرسلت ردا عليها وأظنني سأستعين برابطها فيما يخص مشاركتي بشحات العيد إذا لم يكن لديك مانع
سلمت يداك ومتابعة لك إن شاء الله
بواسطة تطبيق منتديات مكسات
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بك عزيزتي ضيفة غالية على الرواية(: وجزاك الله خيرا لكلماتك المشجعة، وبالطبع ومن دون أي تردد يمكنك الاستعانة برابطها كيفما تشائين بل وهذا يسعدني جدا فلِمَ امانع(؛وجزاك الله خيرا لدعواتك الطيبة، بالفعل احتاجها جدا
بالمناسبة، اقترح عليك ايضا برواية The Perfect Mentor فهي رائعة جدا جدا، ومع مرور الفصول ستتضح هذه الروعة أكثر
انها بالفعل تحفة رائعة جدا وجزى الله خيرا الصوت الحالم على ترجمتها(:وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
-
12-01-2014, 05:44#108
بارك الله بك اختي الكريمة
وجزاك الله كل خير
روايتك رائعة
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيملاتنسوا ذكر الله
-
24-01-2014, 18:06#109
وجزاك الله خيرا لمرورك الكريم وكلماتك الطيبة(:
الجزء التالي بات جاهزا بفضل الله، فقد أنهيت طباعته اليوم أخيرا والحمد لله، سأراجعه قليلا وأضعه في الرد التالي إن شاء الله^^
مع اعتذاري عن هذا التأخير، علما بأنني عوضت ذلك بفصل طويل نسبيا(؛لا تنسونا من صالح دعائكم
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-
24-01-2014, 18:15#110
الجزء السابع عشر..
- لماذا علي التظاهر بحب تلك الفتاة البغيضة التي لا أطيق سماع اسمها!! إلى متى سأبقى على هذا الحال!!! كم هذا مؤلم وقاس جدا.. سوسن ... سوسن... كل ما يهمه هو سوسن... فلتذهب سوسن إلى الجحيم..!!!
- هل أنا مجرد آلة صماء بالنسبة له!! لقد ظننت أنني اقتربت منه أكثر فإذا بي اكتشف العكس تماما!! ألهذه الدرجة يحبها!!
- لم تكن تهتم به ولم تكترث لأجله مثلي فلماذا يهتم بها.. لماذا!!!!!!! ألا يدرك أنها لم تحبه ولم تهتم به إلا بعد أن أبدى اهتمامه بها!! أما أنا... فقد أحببته دون مقابل!!!
وأخذت تبكي بحرقة وهي تضرب بقبضتها على مسند سريرها، وقد نسيت العهد الذي أقسمت أن لا تنكثه، فقد كان ألمها أكبر من أن تقيده الوعود..
لم تعرف كم من الوقت مر عليها وهي على تلك الحال في غرفتها، حتى انتبهت لصوت طرقات ملحة على باب غرفتها:
- آنسة سورا.. أرجوك افتحي الباب... إنه أمر هام.. أرجوك..
جففت سورا عينيها بغيظ شديد ونهضت من مكانها بتثاقل وهي تشعر برغبة عارمة في صب جام غضبها على تلك الخادمة، فما أن فتحت الباب حتى صرخت في وجهها بعصبية لا مبرر لها:
- أهذا وقتك أيتها الحمقاء!!! لا يوجد أي أمر هام في حياتي، فلماذا هذا الازعاج!!!
غير أن الخادمة قالت بثقة:
- لديك اتصال من المدير التنفيذي لحفل النجوم، وهو ينتظرك على الهاتف..
وخلافا لتوقعات الخادمة، لم تفلح تلك الكلمات بامتصاص غضب سورا، بل قالت لها بضيق:
- ولماذا لم يتصل على هاتفي الخاص!!
عندها شعرت الخادمة بالارتباك وكأنها المسؤولة عن تصرف المدير، فقالت بتردد:
- ربما.. ربما وجد هاتفك مغلقا سيدتي..
كانت تلك الملاحظة كفيلة بتهدئة سورا لوهلة، غير أنها سرعان ما شعرت بالغيظ من جديد، وقد تذكرت ما فعلته بهاتفها بعد ذلك الاتصال الذي أثار حفيظتها من... أيهم!!
أدارت رأسها حيث ألقت بهاتفها على الأرض وهي في ذروة غضبها، يفترض به أن يكون قد تحول لهشيم تذروه الرياح إثر تلك الضربة، لولا أنه كان محفوظا بغلاف من نوع خاص..
كانت الخادمة تتابع تعبيرات وجه سورا ونظراتها باهتمام، وقد فهمت تقريبا ما حدث معها، فمزاج سيدتها العصبي لا يخفى على أحد في هذا المنزل، ولطالما اضطرت الخادمة للقيام بأعمال اضافية كجمع القطع المبعثرة من تحف فنية أو آواني زجاجية، بعد نوبة من نوبات سورا العصبية!! لكن مزاجها قد ازداد سوءا في الآونة الأخيرة بلا شك!!!
وأخيرا تكلمت الخادمة:
- عفوا سيدتي.. المدير لا يزال على الخط، هل أعتذر لــ...
فقاطعتها سورا بنفاد صبر:
- هذا ليس من شأنك..
غير أنها انتبهت لنفسها أخيرا، فاتجهت نحو الهاتف والدموع تترقرق في عينيها، إذ لم تكن عصبيتها تلك سوى وسيلتها الوحيدة التي تواري فيها ضعفها وإحباطها.. وآلامها التي تصر على البقاء..
ما فائدة خطتها الآن!! لقد خسرت الجولة قبل أن تبدأها.. لم تعد تشعر برغبة في متابعة ما أعدت نفسها من أجله.. حفل النجوم.. كان أملها الأخير.. ولم يعد سوى سراب لا أمل فيه!!
انها كالسجين الذي قضى أيامه ولياليه بالتخطيط للهروب من سجنه، فأخذ يحفر باستماتة حتى إذا ما كان قاب قوسين من تحقيق هدفه وجد باب السجن مفتوحا، ففتحه ليفاجأ بأن العالم في الخارج أسوأ الف مرة من الداخل، فلماذا يتابع الحفر!!!
ولكن لا مجال للتراجع الآن.. فقد ترتب الحفل وها هو المدير بانتظارها على خط الهاتف..!!!
***
استطاعت سوسن أخذ استراحة قصيرة هرعت فيها لغرفة استراحة السيدات، حيث المصلى الخاص بهن، وهناك أخرجت من حقيبتها ملابس الصلاة الخاصة التي تمكنت من شرائها خلسة، بعد أن عقدت العزم على أداء الصلوات في أوقاتها بدلا من قضائها بعد عودتها إلى المنزل كما فعلت في اليومين السابقين، منذ أن بدأت الصلاة..
اتجهت سوسن إلى القبلة وشرعت بأداء صلاة الظهر، وما أن سلمت من صلاتها حتى فوجئت بسعاد ترمقها بنظرات مريبة، لم تكن قد احتكت بسعاد منذ آخر مرة رأتها فيها في دورة المياه مع تلك الزوجة البائسة، ومن دون أن تعرف سببا محددا شعرت سوسن بارتباك شديد من تلك النظرات فآثرت تجاهلها، وتمنت لو أنها تتبخر بسرعة لتجد نفسها فجأة قرب لوحاتها مع أيهم، غير أن سعاد لم تشأ تفويت الفرصة، فعلقت بقولها:
- تصيدين الرجال وتصلين أيضا!! استغفر الله العظيم، ألا تعرفين أنك تسيئين للاسلام بفعلك هذا رغم أنك تؤدين الصلاة!!!
أما سوسن التي انهمكت بطي ملابس الصلاة الخاصة بها لتضعها في حقيبة يدها، فقد شعرت بثقل رهيب في ساقيها، أعجزها عن سرعة الحركة والخروج من هذا المكان، كان بودها لو تدافع عن نفسها، لكن الشلل ألجم لسانها أيضا، ماذا عساها أن تقول!! وشعرت بألم يعتصر قلبها:
- لماذا تصر على نعتي بتلك الصفة البغيضة!! يارب أنا لست كذلك وأنت تعلم..
أما سعاد الذي أغاظها تجاهل سوسن لكلامها، فقد أضافت بلهجة لا تخلو من تشفّي غريب:
- لا حاجة لله بصلاة لا تنهى عن الفحشاء والمنكر، الم تسمعي قوله تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)!!
في تلك اللحظة تدخلت سيدة مسنة- كانت تؤدي الصلاة قربهما- موجهة حديثها لسعاد مباشرة:
- وهل الصلاة التي تؤدينها يا ابنتي تحثك على جرح الآخرين بكلامك هذا!! الله أعلم بما في قلوب عباده ولم يطلب منا أن ننصّب أنفسنا حكما على عباده!!
التفتت إليها سعاد بدهشة، وهمت بأن تقول لها شيئا تراجعت عنه، لتكتفي بقولها:
- من واجبنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
فأضافت السيدة:
- بالحكمة والموعظة الحسنة، واعذريني يا ابنتي فأنا في مقام امك وأقولها لك صراحة، انتبهي لنفسك، فإنما الدين المعاملة.. هذه نصيحتي لك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
ورغم امتنان سوسن الشديد لهذه المرأة العجوز، إلا أنها لم تكن ترغب بالنظر إلى سعاد وهي في ذلك الموقف الحرج، فلم تر معالم وجهها ولم تعرف طبيعة الأثر الذي تركته تلك الكلمات عليها، خاصة وقد أسرعت بالخروج وهي تتمتم بكلمات لم تركز سوسن في سماعها، إذ كان فكرها مشغولا في أمر آخر أرقها بشدة، لولا أن العجوز بادرتها بابتسامة محببة:
- لا تهتمي لكلام الآخرين يا ابنتي، تبدين مرهفة الإحساس جدا وهذا قد يؤثر عليك مستقبلا لا قدر الله..
فوجئت سوسن من تلك الملاحظة الدقيقة رغم أنه لم يصدر منها شيئا يشير إلى حساسيتها حسب ما تذكر، فسألتها باهتمام:
- كيف لاحظت ذلك يا خالة؟؟
فابتسمت العجوز:
- خبرة الحياة يا ابنتي..
فهزت سوسن رأسها بابتسامة متفهمة، غير أن الأمر الذي كان يؤرقها؛ لم يسمح لتلك الابتسامة بأخذ مساحة كافية على شفتيها، فنظرت إلى العجوز بعينين دامعتين:
- هل حقا لا فائدة من صلاتي يا خالة!!
فوجئت العجوز لوهلة بما سمعته، إذ لم تتوقع أن يكون هذا هو أكثر ما أقلق الفتاة الواقفة أمامها، غير أنها سرعان ما أجابتها بلهجة واثقة:
- بالطبع لا يا عزيزتي، إذا قصّر الانسان في أمر من أمور دينه، فهذا لا يعني أن بقية أعماله تذهب هباء!! ولعل بابا يتركه الانسان مفتوحا بينه وبين ربه، يكون كفيلا بفتح بقية الأبواب له بإذن الله..
واستطردت العجوز بابتسامة محببة:
- لقد ورد في هذا قصة شهيرة عن الامام أحمد والسارق الذي كان يرتاد المساجد ليصلي، وعندما استنكر الامام فعله (ألا تخجل من نفسك سارق وتصلي!! )، فأجابه السارق بأن هذا هو الباب الوحيد بينه وبين الله، فلم يلبث أن رآه الامام متعلقا بأستار الكعبة معلنا توبته، ليكون من أفضل رجال زمانه بعد ذلك..
بالطبع لا أذكر التفاصيل تماما فقد سمعت هذه القصة منذ وقت طويل، وقد كبرت في السن كما تريـ..
غير أنها بترت كلامها فجأة مع شهيق سوسن التي لم تعد تقوى على الوقوف، فجلست على ركبتيها وهي تخفي وجهها بكفيها، لتنشج ببكاء يدمي القلوب، فاقتربت منها العجوز وربتت على شعرها بحنان وهي تناولها منديل:
- هوّني عليك يا ابنتي، فالله كريم..
فيما بذلت سوسن جهدها لتهدئ نفسها وتجفف دموعها بمنديل العجوز التي تابعت كلامها برقة:
- الدين جميل جدا يا عزيزتي حتى في أوامره ونواهيه، المهم أن لا تدعي كلام أمثال هؤلاء الناس ينفرونك منه..
فابتسمت سوسن وهي ترفع رأسها ناحية العجوز وقد فهمت ما ترمي اليه:
- لا تقلقي من هذه الناحية يا خالة، فلست ممن يرفض الخير مهما يكن السبب.. والحمد لله..
فبادلتها العجوز الابتسام وهي تربت على كتفها بإعجاب:
- بارك الله فيك يا ابنتي، هذا ما لاحظته فيك فعلا..
ثم استدركت متسائلة، وهي ترمق سوسن بنظرات متفحصة أثناء نهوضها عن الأرض:
- هل أنت متزوجة؟
فأومأت سوسن برأسها ايجابا:
- تستطيعين قول ذلك، فأنا مخطوبة..
هزت العجوز رأسها بتفهم:
- حفظك الله يا ابنتي فأنت تدخلين القلب بسرعة ما شاء الله، لقد أحببتك من أعماق قلبي ولو لم تكوني مخطوبة، لرشحتك لحفيدي..
احمرت وجنتا سوسن، ولم تعرف كيف تتصرف لتداري خجلها، غير أن العجوز تابعت كلامها بحماسة:
- إنه طيب جدا وقد أصر على اصطحابي إلى هذا المعرض لمعرفته بشغفي بالفن..
بالمناسبة لم أسألك عن اسمك يا ابنتي؟
- سوسن..
فهزت العجوز رأسها بإعجاب:
- اسم جميل فعلا ما شاء الله..
وهمت بإضافة شيء غير أنها اكتفت بابتسامتها المحببة:
- حسنا لن أأخرك أكثر فلا أرغب أن أكون من العجائز الثرثارات..
وأطلقت ضحكة صغيرة:
- أم أنني كذلك يا سوسن؟؟
فلم تملك سوسن أن شاركتها بابتسامة ودودة:
- بل كلامك يثلج القلب يا خالة، لقد أسعدتني فعلا.. شكرا جزيلا لك..
فابتسمت العجوز برضا وهي تهم بالخروج أيضا:
- يسرني سماع هذا منك يا ابنتي، هذا من ذوقك، على كل حال إلى أين ستذهبين الآن؟؟
فأجابتها سوسن:
- في الحقيقة سأذهب لأقف إلى جوار لوحاتي التي شاركتُ بها في المعرض..
عندها شعرت العجوز بنوع من الذنب:
- لم أكن أعرف ذلك، لا شك أنني أخرتك فاعذريني..
فطمأنتها سوسن بقولها:
- لا بأس فخطيبي يقف هناك..
فأشرق وجه العجوز من جديد:
- هذا جيد، سأطلب من حفيدي أن يأخذني إلى زاويتك، فما زلنا في بداية جولتنا، أين تقع لوحاتك؟؟
فأجابتها سوسن بترحيب:
- في الواجهة..
فيما تساءلت العجوز:
- تقصدين عند ذلك العازف المدعو أيهم على ما أظن؟؟
تدفقت الدماء في وجنتي سوسن وهي تجيب بسعادة:
- أجل.. إنه خطيبي..
عندها حملقت العجوز فيها بدهشة:
- هل ذلك العازف المشهور.. خطيبك؟؟؟
تفاجأت سوسن من ردة فعل العجوز ولم تفهم تماما ما الذي أثار دهشتها، غير أن العجوز لم تعلق بشيء بل اكتفت بابتسامة مقتضبة وهي تردد:
- حماك الله يا ابنتي من كل سوء..
***
لم تكد سوسن تصل إلى زاويتها حتى هتف بها أيهم:
- سوسن.. لقد تأخرت يا عزيزتي، قلقت عليك فعلا..
فابتسمت سوسن:
- صادفتني عجوز طيبة..
وهمت بأن تخبره بما دار بينهما من حديث، لكنها أحجمت عن ذلك، فيما علق أيهم باستياء واضح:
- تقضين الوقت مع العجائز؛ فيما كان المعجبون بانتظارك هنا!! لقد جاءت فرقتي الخاصة أيضا لأخذ الصور التذكارية معك لكنك تأخرت ولم يكن بإمكانهم الانتظار أكثر!..
تنفست سوسن الصعداء، وقد شعرت بألم ممزوح براحة عجيبة، وهي تحدث نفسها:
- يا الهي لقد صرف الله عني نظرهم.. الحمد لله.. لقد أجيبت الدعوة.. ولكن..
ولم تستطع إخفاء ذلك في نفسها أكثر، فالتفتت إلى أيهم:
- هل من أجلهم فقط؛ قلقت عليّ.. يا أيهم!!
فحملق فيها بدهشة:
- ما الذي تعنيه!!
عندها فقدت سوسن أي رغبة في الحديث:
- لا شيء..
لكن أيهم بادرها بسؤال آخر:
- هل رأيت سامر؟
فأجابت بلا مبالاة:
- لا..
فتابع أيهم بنبرة توحي بأنه يخفي في طياتها شيئا ذا مغزى:
- كان يحوم هنا، أظنه يبحث عنك.. أو يفتقدك..
انتفض جسد سوسن لتلك الملاحظة التي تعمد أيهم أن يبديها بوقع خاص، فالتفتت نحوه باستنكار:
- ما الذي تعنيه بكلامك يا أيهم!! ربما كان يريد المساعدة في الاعداد للمحاضرة التي سيلقيها بعد ساعتين!
فافترت شفتا أيهم عن ابتسامة باهتة:
- ربما..
وسرعان ما انخرط الاثنان مع الزوار وكأن شيئا لم يكن..
***
(يتبع) -
24-01-2014, 18:17#111
تابع الجزء السابع عشر..
لم تشعر سوسن برغبة جامحة للاستزادة من علوم الدين كما شعرت ذلك اليوم، بل وكانت حماستها لمحادثة نور في أوجها خاصة بعد تلك المحاضرة، فما أن وصلت المنزل حتى أسرعت لغرفتها، وبدون تردد تناولت هاتفها لتحادثها، كانت سعيدة بسماع صوتها المبتهج مما يبشر بأن صحة والديها بخير، فدخلت معها بالحديث الذي اتصلت من أجله بسرعة..
- لقد كانت لوحاتك محل اهتمام معظم الجماهير اليوم، بعد أن ألقى الأستاذ سامر محاضرة عن الفن السريالي متخذا منها نموذجا له، وقام بإبداء آرائه الخاصة عليها، حتى أنه طلب مني- بصفتي صديقتك- مشاركته في تقديم العرض لأجيب عن تساؤلات الجمهور، كانت فرصة رائعة لنشر أفكارك النبيلة يا عزيزتي، فقد أخبرتهم بكل ما حدثتيني به، عن النية والايات القرآنية والأجواء الروحانية التي تستلهمين منها مواضيع اللوحات....
انتبهت سوسن إلى أنها تحدثت لفترة طويلة بحماسة دون أن تسمع شيئا من نور، فظنت أن الاتصال قطع بينهما بعد أن اختفى صوتها فجأة على ما يبدو، فنادتها لتتأكد:
- نور.. هل تسمعينني؟؟
أعادت جملتها مرتين قبل أن يأتيها صوت نور:
- أجل أسمعك يا عزيزتي.. جزاك الله خيرا على ما فعلتيه وجعل ذلك في موازين حسناتك..
فأشرق وجه سوسن من جديد:
- الحمد لله، في الحقيقة الشكر كله للاستاذ سامر فقد كان هذا لطف كبير منه فعلا..
وساد صمت من جديد حتى أن سوسن شكّت بوجود مشكلة في خطوط الهاتف، فنادت مرة أخرى:
- نور.. الا زلت تسمعينني؟؟
فجاءهه رد نور واهن هذه المرة:
- أجل..
عندها شعر سوسن ببعض القلق:
- هل أصابك شيء يا عزيزتي؟ هل أنت بخير؟؟
وأخيرا قالت نور:
- سوسن يا حبيبتي انتبهي لنفسك، فقد يكون الرجل اللطيف أحيانا أخطر على الفتاة من الوحش المخيف!
شعرت سوسن برعشة سرت في جسدها كتيار من الكهرباء، فسألتها بتوجس:
- تقصدين الأستاذ سامر؟؟ هل تعرفينه من قبل؟!!
غير أن نور أسرعت توضح كلامها:
- انني أتحدث بشكل عام يا سوسن ولا أقصد أحدا بعينه!
إلا أن كلامها ذلك لم يطمئن سوسن أبدا، فسألتها بقلق:
- أرجوك يا نور كوني صريحة معي، هل شعرت بشيء مما أخبرتك به يثير الشكوك؟؟
فأجابتها نور بوضوح:
- أرجو أن لا تسيئي فهمي يا سوسن، ولكن من الواضح أن هذا الاستاذ يحاول التقرب منك على ما يبدو!! لا أستطيع الجزم بذلك طبعا، ولا يوجد لدي دليل أيضا، تستطيعين أن تعتبرينه مجرد احساس لا أكثر، وبالطبع لا اتهمه بشيء استغفر الله، فقد يكون بريئا من ذلك كله، كل ما طلبته منك هو أن تنتبهي لنفسك يا عزيزتي لا أكثر!
أسقط في يد سوسن وانقبض قلبها وقد بدأت ذاكرتها تسترجع تعليقات أيهم بداية، وكلام الزوار بعد فراغ العرض نهاية:
- شكرا لكما، لقد تعلمنا الكثير عن الفن السريالي
- الشرح كان واضحا
- أبدعتما بشكل مذهل
- هل يمكنكما إعادة العرض في أوقات أخرى
- كنتما ثنائيا رائعا
-..................
فيما تابعت نور كلامها في محاولة لتلطيف الجو:
- كما قلت لك عزيزتي، كلامي كان عاما فهذا قد يحدث بين أي رجل وامرأة مهما كانت ظروفهما، انها الطبيعة البشرية التي جاءت الشريعة متوافقة معها ويحاول البعض انكارها للأسف.. بينما تجدين المنصفين حتى من غير المسلمين لا يعارضونها!! أجاثا كريستي مثلا.. كثيرا ما تجدينها تشير للطبيعة البشرية في رواياتها..
كانت ملاحظتها تلك كفيلة بلفت نظر سوسن التي سألتها باهتمام:
- هل تقرئين لها أنت أيضا!!
فابتسمت نور:
- أجل.. في الحقيقة تعجبني طريقة تفكيرها كثير، بغض النظر عن بعض الأمور التي تأتي بناء على طبيعة مجتمعها.. ورغم ذلك فهي من أكثر الكتاب الذين قرأت لهم انصافا للفطرة السوية والواقعية، ثم انها سيدة محافظة بشكل كبير.. هل تصدقين.. لقد أشارت في احدى رواياتها لضرورة تواجد الام لرعاية بناتها المراهقات اكثر من الاطفال.. مؤكدة على خطر ترك الفتيات من دون توجيه ورعاية!! ولديها افكار أشعر أحيانا أنها تستقيها استقاء مباشرا من الدين الحنيف.. خاصة فيما يتعلق بالعلاقات بين الرجال والنساء! انها الفطرة السوية، ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)..
عندها قالت سوسن:
- رغم انني قرأت لها كثيرا، إلا أنني لم ألاحظ أي شيء مما ذكرتيه في السابق، ما شاء الله؛ لديك قدرة على ربط الأمور ببعضها بطريقة عجيبة يا نور.. ليتني أتعلمها!!
فردت نور:
- هذا بفضل الله أولا وأخيرا، ثم إن أي شخص يزيد من ثقافته الدينية، تزيد قدرته على الملاحظة والتحليل بإذن الله، فالعلوم الدينية بوابة لفهم هذه الحياة وقراءة ما بين سطورها، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين..
وأطلقت ضحكة مرحة:
- انني أتحدث وكأنني عالمة العصر أستغفر الله، بالطبع ما زلت في البداية وأسأل الله أن يزيدني علما..
فابتسمت سوسن لملاحظتها تلك:
- على الأقل بالنسبة لي يا نور؛ أنت عالمة العصر فعلا..
فجاءها رد نور بلهجة جادة:
- وما أدراك يا عزيزتي.. سأكررها مرارا، ليست العبرة بمن سبق، إنما العبرة بمن صدق، وأنت صادقة في مبتغاك يا سوسن بإذن الله..
فتنهدت سوسن:
- أرجو ذلك..
والتقطت نفسا قبل أن تقول:
- ليتني أتعلم كل شيء وأعرف كل شيء بسرعة لأعوّض عن تقصيري، أفلا يوجد كتاب جامع يعلمني كل شيء مرة واحدة يا نور؟؟ بالطبع بدأت أقرأ القرآن وأحاول قراءة التفسير أيضا، ولكنني..
وبترت جملتها بعد أن احتارت في اختيار التعبير المناسب، فابتسمت نور:
- أفهمك يا سوسن، ولكن لا تستعجلي، فبالتدريج تنالين كل شيء بإذن الله فالعلم والمعرفة حصيلة تراكمية، ومن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم..
ثم استدركت فجأة:
- هل قرأت كتاب (تعريف عام بدين الاسلام) للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله؟؟ أظنه كتابا مناسبا..
فأطلقت سوسن ضحكة صغيرة:
- يكفي أن عنوانه مناسبا، فانا كحديثي العهد بالاسلام لا أعرف عنه شيئا!
فقالت نور:
- لا تستغربي إن ما قلت لك بأنني شعرت بالشيء نفسه عندما قرأت الكتاب أول مرة، لقد شعرت وقتها أنني أول مرة أعرف ما هو الاسلام حقيقة!
واستطردت متابعة:
- للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أسلوب فريد في عرض الأفكار، كتاباته تبهرني دائما، إنها من النوع السهل الممتنع الذي يأسر الألباب، ثم إنني أعده من أكثر العلماء الذين ساهموا في بناء تصوري عن هذه الحياة، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته..
فرددت سوسن بتأثر:
- رحمه الله، للأسف لم أسمع عنه من قبل وسأحاول قراءة الكتاب في أقرب فرصة إن شاء الله..
***
اليوم هو آخر أيام المعرض العالمي..
ترددت تلك الكلمات في أذنيه كوخزات إبر على غشائي طبلتيه، حتى كادتا أن تتمزقا من شدة الألم!! .. لن يراها مرة أخرى.. هذا مؤكد.. وأسوأ ما في الأمر أن هذا لن يعني لها شيئا!!
هذا ما كان يعتمل في ذهنه وهو يجر قدميه جرا لينتقل بين أرجاء المعرض كمن يودع الأطلال التي جمعته بــ سوسن..
تنهد سامر بألم:
- ما الذي أعنيه لها؟؟ مجرد أستاذ لا أكثر!!!
كان قلبه يتمزق:
- لماذا يحدث هذا لي!!! لماذا علي أن أكبت مشاعري!! فقط لو أن الظروف مختلفة.. عندها..
وجد نفسه أمام لوحات نور مرة أخرى، لماذا تصر قدميه على توجيه مسيرته إلى هناك؟؟
"كنتما ثنائيا رائعا"
وعادت به ذاكرته لعامين كاملين، يوم أن التقى نور أول مرة في معهد الفن الحديث.. -
25-01-2014, 13:12#112
-
03-02-2014, 01:13#113
مقالات المدونة2
سلام الله عليكِ و رحمته و بركاته أختي العزيزة
قرأت الجزء في نفس اليوم الذي وضعته و لكنني أجّلتُ هذا الرد
حسناً يبدو لي بأن:
خطط سيدرا باءت بالفشل ...
سوسن بدأت تصلي بانتظام و لا زالت أفواه من حولها تهاجمها بلا هوادةالإشارة الذكية إلى روايات أجاثا كريستي أعجبتني.. ربما لأن لدي نفس الانطباع عنها
ما بثير فضولي حتى اللحظة
هو تلك العلاقة التي جمعت سامر بنور؟متشوقة جداً لأعرف عنها
وفقكِ الله أختاه و يسر كل أمورك
-
14-02-2014, 23:31#114
البارت جميييييييل و عجيب
ما أعجبني هو حوارها مع العجوز و أتوقع أن حفيدها هو سامر ...
أنا أحببت ثنائي سامر و سوسن أكثر من أيهم و سوسن و لا أعلم لماذا أنا أشعر أنها ستبادله الشعور يوما ما ... انتظر البارت الجديد بفارغ الصبر ....
و تحياتي لكِ يا كاتبتنا -
03-03-2014, 08:55#115
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر كل من مر على الرواية، وأعتذر عن التأخير في الردود فقد أصابني بعض الكسل فيما يتعلق بهذه الرواية
شكرا لك أختي العزيزة وبإذن الله ستأتيك التكملة قريبا إن شاء الله^^
سلام الله عليكِ و رحمته و بركاته أختي العزيزةقرأت الجزء في نفس اليوم الذي وضعته و لكنني أجّلتُ هذا الرد
حسناً يبدو لي بأن:
خطط سيدرا باءت بالفشل ...
سوسن بدأت تصلي بانتظام و لا زالت أفواه من حولها تهاجمها بلا هوادةالإشارة الذكية إلى روايات أجاثا كريستي أعجبتني.. ربما لأن لدي نفس الانطباع عنها
ما بثير فضولي حتى اللحظة
هو تلك العلاقة التي جمعت سامر بنور؟متشوقة جداً لأعرف عنها
وفقكِ الله أختاه و يسر كل أمورك
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته اختي الأعز والأروع^^
بالنسبة لسورا... مممممممم أظن أنه من المبكر جدا جدا القفز إلى مثل هذا الاستنتاج للأسف!!
بالنسبة لسامر ونور هذا ما سيركز عليه الجزء القادم إن شاء الله(؛
أرجو من الله أن يسهل لي مراجعة الفصل لأتمكن من نشره بسرعة قبل أن أصاب بنوبة كسل أخرى لا قدر الله
أهلا بك عزيزتي الغالية غرشوبة، وشكرا لكلماتك المشجعة^^
أعجبني أن استنتاجك وافق (ضربة معلم) كما يقولون(؛
ستبدي لك الفصول القادمة المزيد من التوضيحات على هذه الملاحظات إن شاء اللهوسأكون بانتظارك بفارغ الصبر أيضا لأرى رأيك حول سامر تحديدا بعد الجزء القادم إن شاء الله(؛
وتحياتي لك أيضا^^
في أمان الله
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-
06-03-2014, 17:46#116
مقالات المدونة2
سلام الله عليكِ و رحمته و بركاته
إذن سارعي بإنزال الجزء قبل نوبة الكسل
فنحن متشوقون للقادم *_^وفقكِ الله و سدد خطاكِ أختاه
-
08-03-2014, 14:00#117
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا عزيزتي على هذا الدعم التشجيعي(؛الحمد لله بفضل الله أنهيت تقريبا مراجعة الجزء الجديد، وسأضعه في الرد التالي إن شاء الله(:
ملاحظة: كنت أود أن أضع جزءا طويييييييييييييييييييييييييييلا جدا ولكنني وجدت أن الاسراع بوضع جزء أفضل من الانتظار أكثر^^
على كل حال، أرجو أن يكون طوله مقبولا هذه المرة، فأظنه أطول من الاجزاء السابقة على اية حال!
بانتظاركم إن شاء الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم -
08-03-2014, 14:12#118
الجزء الثامن عشر..
لطالما أثارت ذاكرتنا عجب الباحثين والمتأملين، خاصة وهي تتصرف كمسجلٍ دقيقٍ لأحداث جرت منذ زمن، لتعرضها عليك في وقت ما، بمجرد وجود أدنى محفز لذلك..
وهكذا.. انفصل سامر عن واقعه لبرهة من الزمن ليجد نفسه في معهد الفنون الحديث، الواقع في الطابق الرابع من مركز المعاهد الرئيسي في تلك المدينة، حيث تمكن من افتتاح معهده الخاص أخيرا..
كان فنانا بطبعه، بل مغرما بالفن وعالمه، فبرع في فرع لا يتقنه الكثيرون، الفن السريالي الحديث، ولشدة ولعه به، قرر إنشاء ذلك المعهد..
إلا أن الاحباط كان نصيبه في البداية؛ لقلة المواهب الفنية المنتسبة لمعهده، لا سيما وقد بدأ يشعر بأن معظم الفتيات اللاتي زاد عددهن مؤخرا، لم يكنّ على تلك الموهبة التي تسمح لهن بالاستمرار معه، وكأنهن ما جئن إلا لمرافقته في موعد غرامي لا يمت لعالم الفن الذي يرجوه بصلة..
حتى جاء ذلك اليوم الذي رأى فيه تلك الفتاة الملتزمة أول مرة قبل سنتين تقريبا، كان الوقت عصرا، إنه يذكر ذلك تماما، فهي مشغولة في الصباح كما أخبرته، بدت جادة جدا وهي تعرّف بنفسها وتعرض هدفها الذي ترغب في تحقيقه من خلال التحاقها بالمعهد:
"لدي أفكار أرغب في إيصالها عن طريق الفن، لذا أسعى لاتقان المهارات الرئيسية بشكل أكبر، حتى أتمكن من خدمة ديني وعقيدتي، فيرضى الله عني.."
رحب بها منذ البداية بلطفه المعهود، إذ لم يكن يمانع في التحاق أي أحد بمعهده، مهما كان فكره ومظهره، ما دام يمتلك الموهبة الفنية اللازمة..
لكنها فاقت توقعاته تماما، كانت هبة الدهر بالنسبة له، وضربة الحظ الموفقة التي طالما انتظرها، لا سيما بعد أن أعادت لمعهده نشوة الفن بلوحاتها المذهلة، كان انجازها أروع مما قد يخطر بباله، حتى أنه كان يقضي معظم وقته في مناقشة لوحاتها وكأنها الطالبة الوحيدة لديه، كان معجبا بها كتلميذة نشيطة مجتهدة، تطبق كل ما تتعلمه باهتمام وجد، لكن اعجابه ذاك لم يقف عند ذلك الحد..
ورويدا رويدا بدأ اهتمامه بها شخصيا يزيد تدريجيا، فهي إلى جانب كونها أفضل من التحق بمعهده من الناحية الفنية على الاطلاق، وأكثرهم جدية في عملها، لديها شخصية فريدة، لم يرَ مثلها بين الفتيات الذين قابلهم على الأقل! وكأي معجب، بدأ يهتم بمعرفة كل شيء عنها، من خلال أسئلة عامة يوجهها بين فترة وأخرى على أعضاء معهده، أو أوراق يدعوهم لتعبئتها بغرض إكمال التسجيل، وهدفه الوحيد هو التعرف عليها بشكل أكبر! هذا إضافة لمحاولاته الجاهدة في التركيز في أي حديث قد يدور بينها وبين إحدى الزميلات، حتى اكتملت صورتها لديه تقريبا..
إنها الفتاة الوحيدة التي لم تخالط أي شاب في المعهد، ولم تفتح لأي واحد منهم مجالا للحديث معها، إلا نادرا جدا وفي حدود الضرورة، ولولا أنه (الاستاذ) لما كلمته أيضا!! كانت فتاة ملتزمة ومثقفة لأبعد حد، ذات شخصية قوية ونافذة، في الواحد والعشرين من عمرها، طالبة جامعية في قسم الآداب، السنة الثانية في تخصص اللغة الانجليزية، من عائلة مرموقة، فوالدها رئيس شركة كبيرة ومعروفة، إضافة لكونه أحد كبار المساهمين في أول مصرف اسلامي في المدينة، لديها أخ وحيد يكبرها بثلاث سنوات..
تلك كانت أعهم المعلومات التي تمكن من معرفتها بطرق غير مباشرة، والأهم من ذلك، كانت على قدر كبير من الجاذبية، فلطالما استرق النظر اليها بل وحاول الاقتراب منها، دون أن تلحظ ذلك، بل لم يكن يشعر أنها تهتم به أصلا، فقد كان مجرد استاذ بالنسبة لها وحسب، دون أن تترك مجالا لتجاوز أي حديث معه، مما جعله يعيد النظر في فكرته عن نفسه، بعد أن كان يدرك تماما مقدار تأثيره على قلوب الفتيات، فهو الشاب الوسيم الأنيق، ذو الابتسامة الساحرة، واللطف الآسر، كانت تلك هي طبيعته اللتي لا يختلف عليها اثنان، إذ لم يكن يصطنع شيئا من ذاك، فما بال تلك الفتاة تقف أمامه كالسد المنيع، رغم أنه فتح أمامها مجالا لم يفتحه لغيرها، وأبدى بها اهتماما لم يُتَح لسواها!! ما بالها تتجاهله خلافا لبقية الفتيات اللاتي ما فتئن يحاولن استدرار عطفه واعجابه!!
ولم يعد يطيق الانتظار أكثر، خاصة وأن الإجازة تقترب دون أن تتطور العلاقة بينهما قدر أُنملة! كانت فرصة مواتية بالنسبة له، فالكل مشغول بلوحته، وهي غارقة تماما في لوحتها ومنسجمة معها لأبعد حد، ولأول مرة لم يركّز فيما ترسمه، بل كان جل اهتمامه منصب عليها شخصيا، كانت تجلس بقامتها المنتصبة أمام لوحتها كالعادة، فيما وضعت ألوانها على منصة صغيرة في الجانب الأيمن، بدت غارقة في التفكير وهي تمسك الفرشاة بيدها اليمنى، لتتخذ قرارا مناسبا بشأن الخطوة التالية، فلم تنتبه له وهو يقرّب كرسيا إلى جانبها من الناحية اليسرى، ويجلس عليه، وبحركة سريعة خاطفة وضع يمناه فوق يمناها كمن يحاول الامساك بالريشة، غير أنه ما كاد أن يلمسها حتى انتفضت من مكانها مذعورة، فنهضت وهي تسحب يدها كمن أصابه مس كهربائي، فلم يكن أمامه سوى التظاهر بأنها حركة غير متعمدة، فأخذ يغمس الريشة- بعد أن استقرت بيده- في الأوان أمامه، وهو يعلّق على رسمتها وكأن شيئا لم يكن:
- بعض اللون الأحمر القاني هنا سيعطي معنى أعمق للوحة...
لم يعرف ما الذي فكّرت به وقتها، لكنه لم يخف عليه ارتباكها الملحوظ بعد ذلك، مما جعله يوازن تصرفاته أكثر معها، حتى نجح في إعطائها شعورا يقينيا بأنها حادثة غير مقصودة أبدا، ولم تكن هي لتستغرب ذلك منه، فقد كان متحررا بطبعه، إلا أن محاولاته المتفرقة للتلميح لها أكثر من مرة؛ لم تتوقف، فقد كان يرغب بالتأكد من حقيقة مشاعرها نحوه، لا سيما وأنهما على النقيض في أمور كثيرة، باستثناء ما يتعلق بـ (الفن)!! لكنها أصبحت أكثر حذرا ولم تكن لتتيح له فرصة البقاء معها وحده، بل إنها كانت حريصة جدا على أن لا يحدث ذلك أبدا، ففي اليوم الذي تغادر فيه الفتيات باكرا؛ تسارع بحزم أغراضها حتى وإن كانت تود البقاء أكثر من أجل لوحتها!! وعندما حاول مناقشتها في بعض الامور الفنية ذات مرة، متحينا فرصة خلوّ المعهد في آخر الدوام، بدت مشتتة الذهن تماما وهي تتابع خروج الفتيات، فاعتذرت بأن لديها أمر هام، وأسرعت بالخروج قبل أن تعيد وضع أدواتها الخاصة في خزانتها على غير العادة، كمن تلوذ بالفرار!!
كان يرغب في التقرب منها أكثر، غير أن هذا بدا مستحيلا بالنسبة لها، مما أشعره بنوع من الإحباط، حتى جاءت خالته الكبرى لزيارته في المعهد على حين غرة، كان وقتها يناقشها في بعض الخطوط التي أضافتها للوحتها، فيما أخذت هي تجيبه باهتمام واضح، فقد كانت حريصة على إبراز فكرتها بالصورة المثلى، فلم ينتبه لوجود خالته إلا بعد أن عاد إلى مكتبه، حيث جلست تحدّق بها بتأمل عميق، وقبل أن يبدي اندهاشه بقدومها المفاجيء، أو يقوم بالترحيب بها بكلمات مناسبة، فاجأته بقولها:
- كنتما ثنائيا رائعا!!
يومها خفق قلبه لأول مرة، وحلّق به خياله الحالم لأبعد حدود قد يصلها، ولم تتركه خالته ليفكّر بجملتها كثيرا، إذ سرعان ما أمطرته بوابلٍ من الأسئلة:
- ما الذي تنتظره حتى الآن!! لماذا لم تتقدم لخطبة تلك الفتاة بعد؟؟ كانت فكرة صائبة أن آتي لمعهدك وأتفقّد الفتيات بنفسي، تخدعنا طوال الوقت بأنك لم تجد الفتاة المناسبة، وأمامك هذه الجوهرة!! لقد طفح الكيل معك فعلا!!!
كان صوت الخالة يعلو قليلا مع انفعالها، مما سبب بعض الحرج لسامر الذي حاول جاهدا إفهام خالته مراعاة المكان الذي تفتح فيه مواضيعها، ومن لطف الله به أن مكتبه في أول القاعة الكبيرة، ويبعد مسافة كافية لإخفاء تفاصيل حديثها عن الموجودين، هذا إن كان تركيزهم منصبا على عملهم وحسب! فيما تابعت هي حماستها في الكلام دون أن تعير ملاحظاته أدنى اهتمام:
- عليك أن تحدد الموعد المناسب لنا لزيارتهم، هل هذا مفهوم!
غير أنه حاول توضيح الأمر لها بقوله:
- إهدئي قليلا يا خالتي أرجوك، الأمور ليست كما تتخيلين، فلا يوجد شيء بيننا!!
فحدجته بنظرات نارية:
- وما الذي تنتظره من فتاة محافظة أيها الأحمق!! هل تتوقع منها أن تصارحك بمشاعرها أم ماذا!!!!!
شعر سامر وقتها بأن عليه أخذ دور المحامي الحاذق للدفاع عن نفسه أمام سيل الاتهامات المسددة نحوه بمهارة، فيما تابعت خالته كلامها:
- نصحتك بأن تلتزم بالصلاة على الأقل، لعلي أجد شيئا ذا قيمة يشفع لك عند أهلها، عندما يسألون عنك..
فلم يملك سامر نفسه من اطلاق ضحكة خافتة:
- لقد أوغلتِ بخيالك كثيرا يا خالتي، هذا يكفي أرجوك..
- بل عليك أن تفكر جيدا فيما أقوله، فقد حان الاوان لتأخذ الأمور بجدية، أم أنك تنوي البقاء عازبا لمدى الحياة!!
فتنهد سامر:
- خالتي أرجوك، لقد أصبحتُ رجلا ناضجا بما يكفي، لتكفي عن معاملتي كالأطفال، أستطيع تدبر أمري بنفسي فلا داعي لهذا كله..
فقاطعته بقولها:
- بل إن كلامك هذا لا يدل على أي نضج على الاطلاق!!
ثم سألته بنبرة جادة:
- ما اسمها الكامل؟
وكالمحاصر في مصيدة لا يمكنه الافلات منها أجابها هامسا باستسلام:
- نور عبد الكريم سالم..
فابتسمت برضى:
- حسنا..
قالت كلمتها تلك، وهي تمسك بحقيبتها استعدادا للذهاب، بعد أن وضعته بين المطرقة والسندان!!
يومها لم يغمض له جفن أبدا، هل حقا لديه الجرأة الكافية ليتقدم لها رسميا!! إنها بالفعل تحتل مساحة كبيرة من قلبه وفكره، كما لم يحدث مع أي فتاة من قبل، فهل هذا سبب كاف يدفعه للارتباط بها! الارتباط بها يعني أشياء كثيرة، أبسطها أن يقوم بتغيير نظام حياته بأكمله، فهل هو مستعد لذلك من أجلها!! لم يكن واثقا من مقدرته تلك، وهذا ما أبقاه مترددا طوال تلك الفترة من فتح أي موضوع بطابع رسمي معها، كان يرغب في التقرب منها أكثر وحسب (ليطمئن قلبه)! وها هي خالته قد نجحت مجددا في إعادته ليعيش تلك اللحظات القاسية، لحظات صراع حقيقية بين عاطفه ملتهبة تدفعه للإقدام، وعقلٍ يملي عليه الاحجام!! هل من الممكن أن يحكم على أسلوب حياته المتحرر بالاعدام، من أجل فتاة محافظة ملتزمة كـ ( نور)!! هل المشاعر وحدها تكفي!! هذا إن كانت تبادله المشاعر على الأقل!! وماذا عن الصلاة!! هل سيلتزم بها من أجلها فقط! لم يكن واثقا من شيء.. حتى غلبه النعاس أخيرا في ساعة متأخرة قبل الفجر!!
بعد ذلك اليوم، بدأت نظراته لنور تأخذ منحى آخر، لقد شعر بانجذاب كبير نحوها وبدأت فكرة خطبتها تتبلور في رأسه أكثر من ذي قبل، لا سيما وأن خالته قد وضعتها في رأس جميع أفراد العائلة تقريبا، وقامت بتحرياتها الخاصة بشأن ذلك!! لم يبق أمامهم إلا التقدم الرسمي برأيهم!! أما هو، فقد كان يود كسب المزيد من الوقت للتعرف عليها والاحتكاك بها أكثر عن كثب، إذ لم يكن يرغب بزواج تقليدي يُحرج فيه نفسه دون أي طائل برأيه!
كانت فكرة الارتباط بها تبعث في نفسه نوعا من الحبور كلما نظر إليها، دون أن تتوقف المفاجآت التي يكتشفها عنها بين الحين والآخر، ولعل من أبرزها تلك المعلومة التي أذهلته، كان ذلك عندما احتاجت إحدى زميلاتها بطاقة شحن لهاتفها بشكل طاريء، فأخبرتها نور بأنها تملك واحدة، ولأنها كانت مشغولة بلوحتها كالعادة، فقد أرشدتها لمكان وجودها في حقيبتها، وبدلا من أن تقوم الفتاة بأخذ البطاقة وحسب، صدرت منها صيحة انفعال صغيرة:
- بطاقة عضوية في نادي الكاراتيه!! ما هذه المفاجأة!! هل تتقنين فن الكاراتيه حقا يا نور!!
ولم تتوانى فتاة ثالثة عن الانضمام اليهما للمشاركة في ذلك الحديث المثير:
- لماذا لم تخبرينا من قبل!
- منذ متى وأنت تتقنين هذا الفن؟؟
- وفي أي درجة من المهارة وصلت؟؟
- هل لديك الحزام الأسود حقا!!
- نريد أن نرى مهارتك في القتال، يبدو هذا رائعا!!
وهكذا انهالت الأسئلة على نور، دون أن يُخطئ سامر التقاط الأجوبة باهتمام ليسجلها في ذاكرته، فقد كان الأمر مفاجئا له أيضا، بل ومثيرا لأبعد الحدود!! لن تتوقف هذه الفتاة عن إثارة إعجابه على ما يبدو!! ومع نهاية ذلك الحديث كانت الصورة قد اكتملت لديه حول هذا الموضوع:
- التحقت نور وهي في الخامسة من عمرها بنادي الكاراتيه الذي سجل به أخوها، فقد كانت مولعة بمرافقته وتقليده منذ الصغر، ولم يجد والداها بدا من تسجيلها معه!! حتى إذا ما بلغت العاشرة من عمرها، كانت قد قطعت شوطا كبيرا في التدريب، لتكون أصغر من يحصل على الحزام الأسود في النادي، لكنها لم تستطع الاستمرار بعد ذلك إذ كان عليها التوقف؛ فاكتفت بممارسة الرياضة لوحدها أو مع أخيها في المنزل، فلم تكن مراكز تدريب السيدات قد فُتحت بعد...
وقتها راود سامر شعور غريب بل ورغبة جامحة لرؤية تلك الفتاة المتزنة، وهي في خضم التدريب! هل هي لاعبة كاراتيه حقيقية!! سيكون ذلك مذهلا لو تمكن من رؤيتها بأم عينه! ومرت الأيام دون أن تفارق تلك الفكرة رأسه، حتى جاءت اللحظة المناسبة، والتي أعد من أجلها الكثير من الجهد والتخطيط، دون أن يفكر بعواقب ما قد يُقدم عليه..(يتبع)
-
08-03-2014, 14:18#119
تابع الجزء الثامن عشر..
يومها غادر معظم الملتحقين بمعهده باكرا، لحضور إحدى الحفلات الغنائية التي ذاع صيتها في المدينة، وبالطبع لم يكن هذا من اهتمامات نور بأي شكل من الأشكال، فلم تكترث للأمر كله منذ بداية الحملات الاعلانية، وقد تزامن ذلك مع أول معرض يسعى معهد الفن الحديث لإقامته، مما جعل طلبه منها بإنجاز عدد من اللوحات يبدو طبيعيا جدا، كانت مستغرقة تماما في لوحاتها دون أن تنتبه لخلو المعهد تماما من سواهما، فقد غادر الجميع باكرا جدا دون أن تنتبه، كما توقع تماما، بل كان حريصا أشد الحرص أن لا تشعر بذلك من الأساس، وزاد على ذلك بترتيب أمر خروج الحارس المكلف بإغلاق الباب عادة، بحجة أنه لم يبق أحدا في معهده وسيقوم هو بنفسه بإغلاقه! لم يكن سامر متأكد من الدافع الحقيقي الذي حدا به لاتخاذ مثل هذه الخطوات الجريئة جدا، لكنه كان مصمما على تنفيذها بشكل غريب!! وما أن وقعت عيناه على نور المنهمكة في عملها بعد أن أحكم إغلاق الباب، حتى تسارعت نبضات قلبه بشكل عنيف، إنهما وحدهما في هذا المكان المعزول، راودته مشاعر غريبة لم يعرفها في نفسه من قبل، لم يشعر بقدميه وهما تتجهان نحوها بتلقائية، وكلما اقترب خطوة منها، زاد غليان الدم في عروقه!! ما الذي سيفعله الآن!! أهذه هي خطته أم ماذا!! هل هو مجنون بها إلى هذه الدرجة، أم أن هذا ما يمليه الجو عليه!!!!! إنها تبدو له جميلة جدا بهيأتها تلك، فكيف بها وهي من دون حجابها؟؟
وأخيرا وجد نفسه واقفا خلفها تماما، وقبل أن تستقر يده على كتفها، قفزت من مكانها بتلقائية كما هو متوقع منها، لتواجه الموقف الرهيب للمرة الأولى..
لقد رأى ذلك في عينيها القلقتين وهما تجوبان المكان الذي خلا إلا منهما، بل وسرعان ما لاحظ عينيها المثبتتين على الباب الذي تم إغلاقه، كان يقرأ ما يدور برأسها بسرعة وهو يتابع تحركاتها بصمت، لقد بدأت بتجهيز أشيائها للمغادرة ولا شك أنها بصدد اختلاق عذر أيضا، ليس هذا غريبا عليها، ولكن ما هي ردة فعلها عندما تكتشف حقيقة إغلاق الباب!!!
- أظن أن هذا يكفي لهذا اليوم، سأكمل اللوحة غدا إن شاء الله..
غير أن سامر الذي لم يحوّل ناظريه عنها، ظل صامتا، هل يتركها تذهب لتكتشف الحقيقة بنفسها، أم يخبرها بذلك وكأنه اكتشف الأمر قبلها!!
لم يستغرق الأمر أكثر من ثوان معدودة كانت كفيلة بتصعيد التوتر عند نور لأقصى درجة، وهي تحاول تكذيب ما تراه، فقالت بصوت بذلت جهدها كي لا يبدو مرتبكا:
- أرجو المعذرة، لكن الباب مغلق يا أستاذ!
عندها تظاهر سامر بالمفاجأة أيضا وهو يقترب من الباب بهدوء، حتى وضع يده أخيرا على المقبض ليجرب فتحه متظاهرا بمعالجة قفله، فيما ابتعدت هي عنه مسافة كافية، ليقول بعدها كمن استدرك أمرا:
- ربما أغلقه الحارس وغادر دون أن ينتبه لوجودنا، فاليوم كما تعلمين حفلة غنائية كبيرة للمشاهير، وعادة ما يحرص الجميع على حضورها!!
فأسرعت نور تقول بعفوية دون أن تترك له مجالا للتفكير:
- بإمكانك الاتصال عليه يا أستاذ، أليس كذلك؟
كان يرمقها بنظرات ثابتة لم يستطع هو نفسه تفسيرها، لكنه انتبه لنفسه فأجابها مصطنعا الجدية:
- حسنا دعيني أرى..
وذهب نحو مكتبه حيث يضع هاتفه عادة، فتناوله وأخذ يبحث فيه، شاعرا بعينيها المثبتتين عليه، قبل أن يقول بخيبة أمل مصطنعة بالتأكيد:
- يبدو أن الارقام مُسحت من هاتفي بالخطأ..
فسألته نور بقلق لم تستطع إخفاؤه:
- ألا تملك نسخة أخرى من المفتاح يا أستاذ؟
فنظر اليها متأملا فيما صرفت بصرها عن الالتقاء المباشر بعينيه، قبل أن يقول مستدركا:
- كنت أمتلك واحدا بالفعل!! لكنني لا أعلم أين هو الآن!!
وشرع بالبحث في أدراج مكتبه، وقد راوده شعور بالسعادة لنظراتها وهي تتابع تحركاته باهتمام واضح، لم يكن ليحظى بكل هذا الاهتمام من جانبها من قبل!! لذا كان بوده أن يعرف فكرتها عنه في تلك اللحظات، هل تراه شابا جذابا يستحق الاعجاب!! بماذا تفكر الان!!!
ورفع رأسه ملتفتا إليها مجددا، كانت حريصة على أن لا تترك فرصةً لالتقاء أعينهما بأي شكل من الأشكال، ما الذي تخفيه في داخلها يا ترى؟؟ أما زال مجرد أستاذ بالنسبة لها لا أكثر!!
لكن سؤالها قطع عليه حبل أفكاره:
- ألم تجد المفتاح يا أستاذ؟
فتنهد وهو يعتدل في وقفته:
- كلا!! لا أظنه معي الآن!!
عندها فقط سادت لحظات صمت، حاول من خلالها استشفاف ما يدور بخلد تلك الفتاة التي أخذت تحاول جاهدة الابتعاد عن مجال رؤيته، ما الذي عليه فعله الآن!! هل يصارحها بما في نفسه!!
ومرة أخرى لم تتركه لأفكاره، إذ سرعان ما قالت:
- لو أننا طرقنا على الباب ونادينا بصوت مرتفع فربما يسمعنا أحد!!
وهمت باتخاذ هذه الخطوة غير أنه استوقفها بقوله:
- لا فائدة، فلا أحد في الطابق الرابع والأخيرغيرنا، فهو خاص بمعهد الفن الحديث، أنت تعرفين هذا جيدا!!
بدا الارتباك عليها بوضوح أكثر هذه المرة، لقد فقدت السيطرة على نفسها بلا شك، فسألته بصوتٍ متهدج:
- ألا يوجد طريقة أخرى يا أستاذ؟؟ ما الذي علينا فعله الآن!! انني مضطرة للذهاب بسرعة!!
عندها كان لا بد له من إبداء بعض الجدية بالموضوع هو الآخر، فتظاهر بالتفكير العميق قبل أن يقول:
- علينا الانتظار..
فقاطعته بانفعال:
- إلى متى سننتظر!! هذا مستحيل!!
وتناولت هاتفها المحمول بعصبية واضحة، فيما أخذ يرمقها بنظرات استغراب، ما الذي تنوي فعله تلك الفتاة!! بالتأكيد لن تجرؤ على محادثة أهلها في مثل هذا الوقت!! ما الذي ستقوله لهم!! الوضع حرج جدا بالنسبة لفتاة مثلها، هي والاستاذ محبوسان في مكان معزول لوحدهما!!
خطرت بباله فكرة للاقتراب منها أكثر، لكنه لم يجرؤ على ذلك وهي في مثل تلك الحالة المتوترة، قد يكون هذا خطيرا بالفعل!! ربما عليه الانتظار قليلا.. فالتقط نفسا عميقا قبل أن يقول:
- هدئي من روعك يا نور، لن يطول انتظارنا، فبمجرد انتهاء وقت الدوام الفعلي لجميع معاهد المركز، سيأتي الحارس العام للمبنى لتفقد الطوابق قبل إغلاق البوابة الرئيسية في الأسفل، عندها بلا شك سينتبهون لنا..
لم يبد على نور أنها استمعت لبقية كلامه، إذ أسرعت تنظر لساعتها قبل أن تقول:
- ما زال أمامنا ساعتين على ذلك، لا يمكنني الانتظار كل هذا الوقت!!
فحاول سامر طمأنتها بقوله:
- لا تقلقي.. سيكون كل شيء على ما يرام، فوقت الدوام الفعلي للمعهد لم ينتهي بعد، ولم تكوني لتغادري قبل انتهاء وقت الدوام في العادة، لذا لن يقلق أهلك، ومن الأفضل أن تتابعي العمل في لوحتك اغتناما للوقت، ويمكنك تأجيل مواعيدك الطارئة الأخرى..
كان سامر يدرك تماما أن جملته الأخيرة تلك كانت مجرد محاكاة لحجتها التي لم تقصد من خلالها سوى تجنب الخلوة معه! ترى هل أدركت هي ذلك أيضا!! سيكون عندها كمن يخدع نفسه أثناء اللعب بأوراق مكشوفة!!
لكنه لم يجد من نور سوى الصمت، صمت كصمت الأموات، هل انهارت حقا أم ماذا!! كان بوده الاقتراب منها أكثر، غير أنه اكتفى بقوله:
- لا يستحق الأمر كل هذا القلق، فأنا معك..
أخذ يشدد على كلماته الأخيرة بوقع مختلف، وهو حريص على متابعة أثرها عليها، لكن ما رآه من ردة فعلها كان شيئا لا يمكن تفسيره، أهو الحرج أم الغضب!! أهو الارتياح أم الضيق!! أو ربما انفراج لأسارير الحب والسعادة أخيرا!!
لقد اختلطت عليه الأمور لوهلة!!
لكنها فرصته على أية حال! ولكن فرصة ماذا!! كان يود التأكد فقط مما سمعه.. يرغب برؤية ردود أفعالها.. فهذه الفتاة تبدو عالما غريبا بالنسبة له، وهو يرغب باكتشافه وحسب! أليس من حقه التعرف على من ستكون شريكته يوما ما!! لم يكن يقصد أكثر من ذلك!! هذا ما كان يبرره لنفسه طوال الوقت! كانت كلمات خالته لا تزال تدوي في أذنيه حتى تلك اللحظة:
- كنتما ثنائيا رائعا!!!
ربما عليه إعادة الكرة، فالتفت نحوها، حيث ابتعدت عن مجال رؤيته مجددا، دون أن تعطيه ظهرها لمرة واحدة، إنها متيقظة بالفعل!! اقترب منها بخطوات واسعة هذه المرة، لكنها كانت حريصة جدا على ترك مسافة كبيرة بينهما، كلما اقترب هو خطوة، تراجعت هي خطوتين، وكأنهما في لعبة مطاردة!! لقد أصبحت أوراقهما مكشوفة تماما الآن، فلم المراوغة والتظاهر بالغباء!!!
فافترت شفتاه عن ابتسامة فاترة وهو يحدق بها بنظرات ذات مغزى، ليسألها بوضوح:
- هل أنت خائفة مني يا نور؟؟
كان سؤاله صريحا ومباشرا حتى أن وقع المفاجأة على وجهها لم يخفى عليه، إلا أنها آثرت الصمت، فقال لها بلهجة رقيقة:
- أخشى أن يكون صمتك هذا دليل الموافقة..
وأمام اصرارها على الصمت، تابع بلهجة أكثر رقة:
- أرجوك لا تقلقي، فأنا لن أوئذيك أبدا يا عزيزتي..
كان يرغب برؤية وقع تلك الكلمة عليها، والتي استخدمها للمرة الأولى.. ومن أعماق قلبه..
إلا أنها بقيت هادئة وكأن ما قيل لا يعنيها، بدت كالصنم الأصم تماما!!
- هكذا إذن!!
قال جملته تلك وتظاهر بأنه سينشغل بالرسم، ولم تقل هي شيئا!! بقيت صامتة وباردة كالثلج!!
اتجه نحو أدواته ومرسمه الخاص، ليعطيها ظهره، فيما بقيت واقفة بسكون على حالها، حتى لم يعد يشعر بوجودها مع مرور الوقت، بل شك فيما إن كانت لا تزال موجودة معه في القاعة نفسها!! هل تبخرت مثلا!!! كان يحاول استراق النظر إليها بين الفينة والأخرى، لكنها كانت دائما خارج نطاق رؤيته، لا شك أنها اختارت الوقوف خلفه تماما، ربما كانت نظراتها مركزة عليه الآن، تراقبه فيما يفعل، ربما قد أُعجبت به أخيرا! ألم يكن شهما معها ولم يمسها بسوء!! لقد شعر بأنها أمنت جانبه تماما.. لكن من ناحية أخرى؛ راودته رغبة ملحة للالتفات نحوها من جديد.. ما الذي تفعله، هل رضخت للأمر الواقع واستكانت أخيرا!! هل تبادله أي مشاعر في هذه اللحظات!! ربما عليه أن يتأكد من ذلك بنفسه، فلن يتوقع من فتاة مثلها مبادرته بشيء!
لم يعد يحتمل المزيد من الانتظار، لقد انتقلت له عدوى التوتر هو الآخر!! ما هذا الهراء الذي يفعله! لِمَ أعد خطته تلك!! أليجلس أمام مرسمه هكذا وحسب!! ما الذي سيقوله الناس الآن!! الحارس سيخبر الجميع بأنه هو من طلب منه الذهاب، وستتضح الأمور عاجلا أم آجلا!! ستكون فضيحة بلا شك!! ومن أجل لا شيء!! هل هذا ما خطط له حقا!!!
المفتاح معه، فهو من أغلق الباب بنفسه، ولكن هل سينهي الامر بهذه السهولة، دون أن يحصل على أي نتيجة!! بل وقد تكون أسوأ نتيجة يتوقعها، ما الذي ستظنه به نور عندئذ!! رجل كاذب ومخادع!! لم يحتمل تلك النظرة منها، ولن يستسلم بسهولة، ما زال هناك أمل! سيتظاهر بأنه عثر على المفتاح في مكان ما! ولكن.. عليه أولا أن يتأكد من حقيقة مشاعرها نحوه..
لم يتوقع سامر أن تصل به الجرأة إلى ذلك الحد، نهض من مكانه دون أن يعمل حسابا لأي حماقة قد يرتكبها بتهوره ذاك، وما أن التفت نحوها بشكل مباشر، حتى نهضت من مكانها بتلقائية، فقد انتهت استراحتها كمحاربٍ مرابطٍ على الثغور!
أخذت خطواته تقترب منها بشكل مريب، فيما تأهّبت هي للمواجهة كمقاتلٍ متمرس بالمناورة، فبادرته بسؤالها مباشرة:
- أستاذ.. هل عثرتَ على طريقةٍ للخروج!
كانت جملتها تلك كفيلة بإعادته لرشده، لكن صبره كان قد نفد أخيرا، فسألها باهتمام:
- نور.. أجيبيني أرجوك، فأنا أريد أن أعرف ما الذي أعنيه لك بصراحة؟؟
وبدلا من إجابته قالت بتجاهلٍ تام لسؤاله:
- استاذ.. يبدو أن هناك أصوات في الخارج، هل نطلب منهم المساعدة؟
عندها شعر برغبة جامحة بتلقينها درسا لا تنساه، لكنه اكتفى بالنظر في ساعته، لا يزال الوقت مبكرا، فأعاد سؤاله عليها بجدية أكبر:
- سألتك يا نور أولا.. ماذا أعني لك؟؟
فجاءه صوتها أخيرا لتجيبه بلهجة حملت في طياتها معانٍ غريبة لم يفهما إلا فيما بعد:
- كنتُ أحترمك يا أستاذ!
قالت جملتها تلك واتجهت نحو الباب تدق عليه بكل قوتها، غير أنها سرعان ما التفتت نحوه قبل أن يقترب منها، لم يعرف كيف ابتعدت بسرعة بعد أن كان على وشك إحاطتها بذراعيه من الخلف، وكأنها شبح اختفى من أمامه فجأة!
كان يرغب هذه المرة بالامساك بها دون أن يعرف سببا حقيقيا يدفعه لفعل ذلك.. ولكن بلا شك كان غائبا عن وعيه تماما في تلك اللحظة!! هذا ما أدركه فيما بعد!! ما الذي كان يريده بالضبط! ولماذا!!!
أجال بصره في المكان!! إنها ليست هنا! هل اختبأت خلف شيء ما!! ما الذي يمكنها الاختباء خلفه!! لوحات.. مقاعد.. مكاتب..!! لا يبدو أن شيئا من ذلك يصلح للاختباء، ولا يمكن لشيء هنا أن يخفيها بسهولة! هل ستفاجئه بضربة قاضية تكسّر فيها أضلاعه مثلا!! ربما.. لم يعد ذلك مستبعدا!! أخذ يبحث عنها بفضول ولهفة، لقد أصبحت اللعبة واضحة الآن، انه الصياد وهي الطريدة!!
ابتعد عن الباب أخيرا وهو يبحث عن المكان المحتمل لاختفائها بتلك الغرابة، ربما خلف الستائر!! هل ستفكّر بتهشيم زجاج النافذة والقفز منها على طريقة أهل الكاراتيه!! ليته يعرف بماذا تفكر الآن، لكن ما سمعه بعد ذلك كان كفيلا بإثارة دهشته بالكامل، وهو يلتفت نحو الباب بسرعة.. ما الذي تحاول فعله تلك الفتاة! لم يلزم الأمر أكثر من ركله أخرى سددتها نور بمهارة نحو مركز القفل، حتى كان الباب قد فتح عنوة على مصراعيه!! حدث ذلك كله في لمح البصر قبل أن يتمكن هو من التفكير بالتقدم خطوة أخرى نحوها!
هل هذا هو ما كانت تخطط له طوال الوقت!!
ما هذه القوة الهائلة!! إنه يحلم بلا شك!! لقد رأى حركة لاعبة الكاراتيه المحترفة أخيرا، فهل سره ذاك!!
وجاءه صوت نور أخيرا ليعيده إلى واقعه:
- أرجو المعذرة يا أستاذ على ما سببته لك من إزعاج، علي الذهاب الآن وسأقوم بتعويض مبلغ إصلاح الباب إن شاء الله..
واختفت من أمامه قبل أن يرد بحرف واحد! لتكون تلك هي المرة الأخيرة التي يراها بها!! وكل ما وصله منها بعد ذلك ظرف يحوي مبلغا من المال أكبر بكثير من أن يكون كلفة إصلاح باب وحسب! لقد حكم بنفسه على أي علاقة محتملة بينهما بالفشل، حتى قبل أن تبدأ!!(يتبع)
-
08-03-2014, 14:23#120
تابع الجزء الثامن عشر..
تنهد سامر وهو يصحو من سيل ذكرياته تلك ليجد نفسه واقفا كما هو أمام لوحات نور في المعرض العالمي، غريب أمر القدر!! لماذا يصر على تذكيره بها كلما ظن أنها خرجت من حياته للأبد!! لوحة الوردة الحمراء تحديدا.. انها الوردة نفسها بلا شك.. تلك التي وقف يتأملها طويلا قبل عامين بعد تلك الحادثة، آخر لوحاتها في معهده.. لوحة لم تكتمل، كانت تلك هي آخر رسائلها إليه!!
ما زال يذكر تفاصيلها وكأنها أمامه..
وردة حمراء يحيط بها جدار منيع له باب وحيد، وأيادي تحاول الوصول إليها عبر النوافذ الضيقة لكنها تنزف وتتقطع قبل أن تتمكن من لمسها...
الرسمة لم تكتمل ولن تكتمل، فقد غادرت نور معهده بلا رجعة!! لكنه فهم مغزاها!! لم يعد يشك بأنها موجهة له شخصيا!! يومها أخذ يتأملها كمن يراها للمرة الأولى، بدت لوحة يتيمة على (مسندها الخشبي)، بعد أن فقدت أمّها قبل الفطام!! منذ متى بدأت برسمها!! هل كانت تحاول منذ البداية ايصال تلك الفكرة اليه! لم يكن متأكدا من هذه النقطة بالذات! لو كانت كذلك فعلا، فهذا يعني انه احتل جزءا من تفكيرها وهو لا يدري!
لقد أوشك على انهاء عقده الثالث دون أن يعثر على فتاة يرضاها شريكة له، كان ذوقه صعب الارضاء، فلم تفلح أي واحدة من قريباته بترشيح من ترضاها روحه!!
أما نور فقد كانت الوحيدة التي تمكنت من التربع على عرش قلبه، وكأنها الفتاة المنشودة التي طالما انتظر ظهورها في عالمه، لولا ذلك الاختلاف بينهما!! أسلوبها المتحفظ الذي لا يناسب أسلوب حياته! ومع ذلك.. كان يرغب في ردم تلك الفجوة بينهما.. لولا ذلك الحادث!! لقد أصبح الوصول إليها مستحيلا! حاول أن ينساها ولكن دون جدوى، لا سيما وأن لوحاتها لم تزل صامدة في معهده! وحتى أن فكّر في إزالتها، فهي محفورة على جدران قلبه!! كانت هذه هي المشكلة الحقيقية، لقد ارتبطت نور بأوثق عالم يخصه.. عالم الفن الذي لا حياة له من دونه! نسيان نور، يعني نسيان عالم الفن، وهذا هو المستحيل بعينه!!
كان يحاول معرفة أخبارها، وتتبع آثارها بين الحين والآخر، حتى جاء اليوم الذي سمع فيه اسوأ خبر يتوقعه، يومها غامت الدنيا في وجهه، وشعر بحزن فاجأه!! لم يكن يتوقع أن تكون ردة فعله ازاء خبر زواجها مؤلما إلى هذه الدرجة!! لم يكن يراها، كما لم تكن بينه وبينها أي وسيلة اتصال خلال سنة ونصف تلت آخر يوم رآها فيه، فما باله يكترث لخبر زواجها بهذا الشكل!! هل كان يحبها حقا!! لو كان كذلك، فلماذا لم يتقدم لخطبتها مباشرة! لماذا لم يبذل أي جهد للمحاولة من أجلها!! ما الذي كان ينتظره!! لقد عرف وقتها معنى الندم لأول مرة في حياته!!
عجيب أمر هذه الحياة.. وعجيب أمر هذا القلب!!
هل كتب عليه أن يعيش مأساة جديدة في أقل من ثلاثة أشهر!!
لقد نجح في تخطي تلك الأزمة، (خبر زواج نور!) بعد أن أقنع نفسه بأنها لم تكن الفتاة التي تناسبه، واكتفى باعتبارها مجرد ذكرى جميلة تركت أثرا حسنا في معهده، وانخرط في عالمه الفني من جديد، مستعيدا حماسته وحيويته، خاصة وقد أصبح مشغولا بالاعداد والتنظيم للمعرض العالمي، حيث تم تعيينه مسؤولا مباشرا عن تقييم اللوحات المشاركة..
حتى ذلك الحين.. لم يكن يؤمن بنظرية الحب من النظرة الأولى!!
لكن رؤية سوسن كان كفيلا بتغيير تلك العقيدة..
لقد دخلت قلبه بلا استئذان ومن النظرة الأولى!! حتى إذا ما كذّب ظنه، جاءت المتواليات بعد ذلك تثبت له أنها هي الفتاة المنشودة هذه المرة، كان ذلك هو احساسه دون أن يجد دليلا واحدا يثبت كلامه!! لسبب ما شعر بأنها نسخة من (نور) في حلة جديدة تناسبه تماما، وكأن ما تفرّق من (نور) قد اجتمع فيها، فغدت مثالا كاملا لما كان يفتقده!! ليكتشف فيما بعد أنها صديقتها! أفيعقل أن يكون هذا هو سبب حبه لسوسن من النظرة الأولى!! هل أدركت روحه ذلك قبل أن يدركه عقله وتبصره عينه!!
لكن الحياة أبت إلا أن تسخر منه مجددا..
فلئن كانت الفتاة الأولى محافظة يصعب التفاهم معها، فالثانية مخطوبة يستحيل الوصول إليها!!
انها مرتبطة بشاب.. تهيم في حبه!!
حاول تجاهل ذلك بداية، حتى إذا ما رأى تلك اللوحة التي أبدعتها أنامل نور، كاد أن يغشى عليه من وابل الذكريات التي انبثقت في وجهه فجأة!! أما زال طيف نور يصر على ملاحقته أينما ذهب!! لقد فهم الرسالة للمرة الثانية.. فلم يستطع البقاء أكثر وقتها!!
تنهد سامر وهو يتأمل اللوحة التي حوت الوردتين مرة أخرى، كالواقفين على الأطلال! اليوم هو اليوم الأخير في المعرض العالمي، وسينتهي كل شيء!!
ما باله يذكر خيبة أمله مع نور في هذه اللحظات بالذات!! هل سيكرر التاريخ نفسه!! لقد حوت اللوحة تحذيرا مبطّنا لسوسن، فهل أقنعتها!!
وأخذ ينفض الفكرة من رأسه خشية أن تؤثر على قلبه فيؤمن بها، وهو يقنع نفسه باستماتة:
- كلا.. سوسن مختلفة.. إنها تشبهني أكثر، ولن يتكرر الموقف مرتين.. فلئن خسرتُ نور إلى الأبد، فهذا لأنها لم تكن (النصف الذي يكملني)، ولا المثال الذي أرجوه! لن أتراجع هذه المرة، سأصارح سوسن بحبي مهما كلفني الثمن، قد لا أرتبط بها ولكن يكفيني إزاحة هذا العبء عن كاهلي، فلن أندم مرتين!!***
لم تكن نور في حالة جيدة صباح ذلك اليوم، فقد تركت مكالمة سوسن ليلة أمس أثرا أكبر مما تخيلته على نفسها، الاستاذ سامر!! لقد مر على ذلك وقت طويل..
هل كانت تتخيل أن تمر بتجربة كتلك التجربة من قبل!! كان جل تركيزها منصبا على هدف واحد.. فكيف حادت الأمور عن هذا المسار فيما بعد!!
نور.. الفتاة المشهورة بالتزامها الشديد، والتي ما غامرت بدخول معهد الفن الحديث إلا بعد أن علمت بانتساب العديد من الفتيات إليه مما طمأنها لاستحالة وجود أي خلوة محتملة.. فقد كان هدفها ابتغاء رضى الله فيما تسعى لتحقيقه، ومحال أن تسلك طريق لا يرضاه الله لتحقيق ذلك الهدف!
"الدعوة عن طريق الفن".. حلم راودها لزمن طويل، غير أنه كان ينقصها الخبرة لتتقن لوحاتها بشكل يليق بذلك الهدف السامي، كانت بحاجة ماسة لمرشد يأخذ بيدها، وقد كان الاستاذ سامر ذلك المرشد!! لقد كان بارعا.. فنانا محترفا، شغوفا بعمله ومهتما به، وفوق ذلك كله، كان مثالا لحسن الخلق والذوق في التعامل والاحترام، رغم عدم التزامه الشرعي الواضح..
كان هذا هو انطباعها عنه بداية، ولا زالت تذكر اليوم الذي تمكنت فيه من إنجاز أول لوحة بإتقان، يومها دعت له من أعماق قلبها وهي تشعر بامتنان شديد نحوه.. ومع ذلك؛ كانت حريصة أشد الحرص أن لا يتطور الحديث بينهما إلى أي موضوع جانبي، لا سيما وأنه لم يكن ملتزما من الناحية الشرعية، متحررا بطبعه، ولا يجد أدنى حرج في مصافحة الفتيات وحتى مصادقتهن!
كانت جادة جدا في تعاملها معه، ولم يخطر ببالها أن تأخذ اهتمامه بها على محمل الجد، فقد كانت تلك طبيعته برأيها ولا شيء خاص!! لكن ملاحظة إحدى الفتيات جعلتها تنتبه قليلا:
- الاستاذ سامر مهتم بك يا نور، بل أظنه معحب بك أيضا..
وقتها تمكنت من اخفاء ارتباكها بصعوبة، وهي تحاول اصطناع ابتسامة لا مبالية:
- أي أستاذ يعجب بتلاميذه المجتهدين، هذا كل ما في الأمر!
لكن الفتاة أصرت على رأيها:
- لا أظن ذلك، فدائما ما يسترق النظر إليك خلسة وباهتمام واضح، بل إنه يحرص أن يكون في المكان الذي تجلسين فيه، من الغريب أنك لم تلاحظي ذلك!!
لم تستطع أن تحدد وقتها طبيعة المشاعر التي غلبت عليها إثر تلك الملاحظة، أهو الضيق والخوف أم السرور والفرح!! هل شعرت بسعادة لأنها حازت على ذلك الاهتمام من جانبه!! هل رأى فيها شيئا مميزا يجذبه اليها! هل من الممكن أن يتغير بسببها!! العديد من الاسئلة راودتها، لتكتشف بوضوح أنها تكن له مزيجا من المشاعر، أكثر مما يكنه التلميذ لمعلمه!! غير أن التزامها وخُلُقها كانا يقفان حاجزا أمامها دائما، لا يمكنها التساهل بأي تجاوز مهما كان!!
فأقنعت نفسها بأن ذلك لم يكن إلا وهما، وحاولت ألا تأخذ تلك الملاحظة على محمل الجد، غير أن ما حدث بعد ذلك جعل لتلك الملاحظات أكبر الأثر في قلبها، خاصة وقد بدأت تربط الأحداث ببعضها.. يوم أن لمس يدها أول مرة ليتناول الريشة، هل هي مصادفة حقا!! يومها كادت القشعريرة التي سرت في جسدها أن تلقي بها مترين إلى الوراء!! فهل هذا المكان آمن!!
عندها.. كان عليها أن تواجه نفسها بوضوح.. هل أصبح ذهابها للمعهد من أجل هدفها أم من أجله هو!! لقد اختلطت عليها الأمور بعد أن لم تعد تنكر في نفسها ميلها الشديد إليه!!
لقد أحبته ولكن ما من وسيلة تدعوها للتعبير عن ذلك، فهي ملتزمة وتعرف حدودها جيدا!! يومها شعرت بمعاناة كل فتاة تقع في الحب!! إنه ليس بالأمر الهيّن أبدا!!
إنه ليس من نوعها ولا هي من نوعه، فلماذا استحوذ على تفكيرها!! لماذا أصبحت مهتمة به إلى هذا الحد!! كان قلبها يؤلمها بشدة.. ماذا لو تقدّم لخطبتها رسميا، هل سترضى به!! هل يصلح لأن يكون شريكا لبناء أسرة صالحة!! إنه معلمها ومرشدها لتحقيق حلمها، فإن كان معجبا بها حقا، فلم لا تكون سببا في هدايته!! لمِ لا يتشاركان الحلم سويا، ويعملان معا في نهضة الأمة!! لو تحقق هذا فقط؛ فستكون أسعد فتاة على وجه الأرض..
كان قلبها متشبثا بهذه الفكرة وبشدة.. لو أنه تقدّم رسميا فقط، لربما أعادت التفكير في ارتباطها بشاب لم تكن لِتوافق عليه من قبل مطلقا!!
غير أن شيئا من ذلك لم يحدث، إنه لا يزال يحوم حولها دون أن يطرق الباب، فيما أصبحت سيطرتها على مشاعرها أشد صعوبة من ترويض فرسٍ هائج!!
كان هذا هو أصعب محك وجدت نفسها فيه!! عليها أن تجيب السؤال بوضوح وصدق؛ أين أنتِ من دينك يا نور؟؟ هل أنت حقا تسيرين في طريقٍ يرضي الله!! أم أنه الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء!!
أصبح بكاؤها كل ليلة أمرا حتميا، وما زالت تذكر دعواتها في قيام تلك الليالي:
- " يارب اغفرلي وارحمني.. يارب لا تحملني ما لا طاقة لي به، فإن كان فيه خير فقرّبه مني، وإن كان غير ذلك فأخرجه من قلبي.."
لا تدري كيف خطر لها بعدها تنفيذ تلك اللوحة..
سيفهمها بالتأكيد.. لو أراد ذلك!!
(وادخلوا البيوت من أبوابها..)
أخذت تعمل في تلك اللوحة بكامل أحاسيسها ومشاعرها، بل هي من أشعلت فيها جذوة حماستها القصوى للفن من جديد، فهي أملها الأخير..
حتى جاء ذلك اليوم الرهيب..
هل يُعقل أنه كان صادقا معها فيما حدثها به من أمر إغلاق الباب!! هل يعقل أن تحدث جميع تلك الأمور بلا قصد منه، وبمحض الصدفة البحتة!!! لا يوجد صدفة في هذه الحياة، فهل هي قدر أزلي لا دخل له به!! يومها كادت أن تدفع بها تلك الأفكار إلى الجنون! ماذا لو كان قد رتّب لحدوث ذلك فعلا!! ما الذي سترجوه بعدها من رجل فقدت الثقة به تماما!!!
إنه أسوأ يوم في حياتها بلا شك!!
قاعة كبيرة مغلقة تجد فيها نفسها وحيدة مع شاب تكن له من مشاعر الحب ما الله به عليم!! أي ترتيب شيطاني دفعهما إلى هذا الحال!! تخيّلت وقتها شياطين الكون مجتمعة في تلك القاعة تمرح وتضحك وتبارك لبعضها ذلك الجمع المأفون!!
كانت تحاول تهدئة نفسها بصعوبة وهي تردد ما تحفظه من آيات وأدعية، إلا أن توترها بات واضحا رغم حرصها الشديد على إخفائه أمامه.. إنه محترم ولن يخطر بباله أي شيء سيء بلا شك، هذا ما كانت تقنع نفسها به، غير أن الأجواء كانت تفرض سيطرتها رغما عن الجميع! الخلوة هي الخلوة!! هل كانت تتخيل أن نظراته لها لم تكن طبيعية! هل كان يحاول التعبير لها عن مشاعره في ذلك الجو المخيف!! ماذا لو أنه فكّر في...!! أولو هم بـ....!!
يا إلهي .. ما هذه المصيبة...!!
بل وماذا لو رآهما أحد على تلك الحال!!!
حتى السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها لم تنجو من حديث الافك!! فبرأها الله من فوق سبع سماوات، فماذا عنها هي!!
كان ذلك جزء بسيط مما خطر ببالها في تلك اللحظات العصيبة، وهي تحاول إعمال فكرها جاهدة للخروج من تلك الورطة، يومها خانتها كل الوسائل المتاحة؛ حتى بطارية هاتفها، كانت فارغة!! أيعقل أنه هو أيضا وراء ذلك!!! ولكن.. حتى لو تمكنت من استعمال هاتفها في ذلك الوقت، ما الذي كانت ستقوله!!!
كانت دقات قلبها تردد وبلا توقف:
- "يارب احفظني واسترني واغفرلي الذنب الذي أدى بي إلى هذا الحال.."
فيما كانت الأفكار المرعبة تتوالى عليها بشدة، حتى لو استطاعت الدفاع عن نفسها في أسوأ الاحتمالات، فكيف سيكون موقفها أمام من سيفتح لهما الباب!!
كانت كل لحظة تمر عليه كأنها سنة من الأفكار المروّعة، حتى عندما انشغل باللوحة أمامه، خُيّل إليها أنه يخطط لأمر ما، ماذا لو أن معه مخدّر!! ربما يكمّم فمه وأنفه قبل أن يفتح عبوة منوّمة لتستنشقها هي!! كانت حريصة على مراقبة تحركات يديه خصيصا، إضافة لحرصها على الابتعاد عن مجال رؤيته وهي في أشد حالات التأهب!! ولكنها قد تكون واهمة فقط، فربما كان منشغلا فعلا بلوحته، أعطاها ذلك شعور بالطمأنينة لبعض الوقت؛ فجلست تستعرض الأفكار المحتملة.. كل شيء كان سيئا!! لو جاء أحدهم لفتح الباب ورآهما على ذلك الحال فهذا سيء، ولو لم يأتِ أحد فهذا أسوأ!!! وتسارعت نبضات قلبها مع تلك الفكرة!! هل يمكن أن لا يقوم الحارس العام بتفقد الطابق الرابع قبل إغلاق البوابة الرئيسية للمبنى!! ستكون تلك الكارثة الكبرى!! أخذت تدرس المنافذ المحتملة، النوافذ مغلقة فهي لا تستخدم للتهوية، وهي من الزجاج القاسي، ولو حطمتها فربما تأذّت بالشظايا لتجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، وتزيد الطين بلة! حتى لو نجحت في ذلك فهي على ارتفاع أربعة أدوار، ولا يمكنها المجازفة بالخروج عن طريقها والسير على حافتها للانتقال من طابق إلى طابق، إضافة إلى أن منظرها سيكون مريبا وملفتا للانظار بشكل كبير! وربما تصبح موضوعا للصفحات الاولى في صحف الغد ولمدة شهر كامل!!
ماذا عن الباب!! إنه من الخشب المتين وذو دفتين، تُفتح الأولى فقط في العادة، في حين تثبّت الأخرى على غرار أبواب المراكز والمعاهد.. ولكن هل يمكنها كسره من الضربة الأولى!! فهي لم تكن ترغب ببذل جهد يستنفذ طاقتها دون نتيجة تُذكر، وربما تسبب حركتها تلك بإثارته فيقوم بتصرفات غير مبررة!!
لم تكن واثقة من قدرتها على كسر الباب، رغم أنها حطّمت ألواحا من الخشب أثناء تدريباتها المتقدمة في الكاراتيه!! كان عليها تفحّص الباب جيدا، ومن لطف الله بها أنه لم يكن من الأبواب التي تُصنع لتزويد المكان بحماية رئيسية، فقد كان المعهد في مركز مزوّد بحماية خارجية..
كانت مشغولة تماما بالتفكير في أمر الباب عندما فاجأها بسؤاله الغريب على حين غرة، لحظتها شعرت بالخطر الحقيقي!! هل هذا هو الوقت المناسب لسؤال كهذا!!!
لم تذكر ما الذي أجابته به في ذلك الوقت، فقد أصبح جلّ تركيزها منصبا على طريقةٍ للخروج، وبقرارٍ سريع وجدت نفسها تدق الباب لعل أحدهم يسمعها بعد أن لم يعد أمر الفضيحة يهمها في شيء!! غير أن شعورها به خلفها، كاد أن يفقدها صوابها!! ما الذي يخطط له!! وبلا وعي منها قفزت بسرعة خاطفة على طريقة اللاعبين المحترفين، ومن ثم استخدمت أسلوب التمويه الذي تتقنه، فقد وقفت خلفه تماما دون أن يشعر، لم تكن تتوقع أنها ستستفيد مما تعلمته من تلك الأساليب يوما ما للحفاظ على نفسها، حتى إذا ابتعد مسافة كافية عن الباب لم يكن أمامها سوى خيار واحد!! أغمضت عينيها وهي تستشعر افتقارها الشديد لعون الله لها في تلك اللحظة، وبسرعة اتخذت الوضعية المناسبة وحددت مكان الهدف، قفل الباب الذي يفصل بين الدفتين!! استجمعت طاقتها وبكل ما أوتيت من قوة ركلته بقدمها ركلة اهتز لها الباب بل والمكان كله، وقبل أن يكون هناك مجال لأي ردة فعل؛ أتبعتها بركلة أخرى كانت كفيلة بفتح الباب على مصراعيه!!(يتبع)
بيانات عن الموضوع
عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)
المفضلات
قوانين المشاركة
- غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
- غير مصرّح بالرد على المواضيع
- غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
- غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
- وسوم المنتدى مسموح
- الابتسامات مسموح
- كود [IMG]مسموح
- [VIDEO] code is مسموح
- كود الـ HTML غير مسموح
الوقت الان » 18:08.
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

اقتبس من زينب جلال في 2025-01-14, 7:38 مالصفحة السابعة من الارشيف:
- المنتدى
- التعليمات
- التقويم
- المنتدى
- تطبيقات عامة
- خيارات سريعة
- الإنضمام الى فريق عمل مكسات
- الدروس
- مواقع مكسات
- مدونة مكسات
- النشاط الأخير
- المنتدى
- المنتديات الأدبية
- منتدى القصص والروايات
- منتدى قصص الأعضاء
- تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
- اذا كانت هذه زيارتك الأولى لنا ننصحك بالدخول الى التعليمات . و للمشاركة في المنتدى يجب عليك الإنضمام الينا و التسجيل من هنا [ التسجيل ] .
المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
08-03-2014, 14:25#121تابع الجزء الثامن عشر..
لا تذكر تماما ما الذي حدث بعد ذلك، فقد كانت شبه غائبة عن الوعي وكأنها في حلم، كل ما تذكره أنها انطلقت بسرعة كمن تفر من الجحيم!! حتى إذا ما وجدت نفسها خارج المبنى دون أن يلحظها أحد ترقرقت عيناها بالدموع شكرا لله، وما لبثت أن شعرت بتهالك شديد!! تهالك أشعرها بألم لا يطاق، ليس في جسمها.. بل في قلبها!! كيف آلت الأمور إلى هذا الحال!! كانت على وشك تقديم رسالتها في تلك اللوحة!! لكنها لوحة لم يقدّر الله لها الاكتمال!!
لم تعد إلى البيت مباشرة.. فلم تكن قدماها تقويان على الرجوع.. بل اتجهتا بتلقائية نحو حديقة عامة؛ وجدت لأحزانها مكان فيها تحت ظل شجرة..
وترقرقت عينا نوربالدموع وهي تذكر تلك الكلمات التي خرجت مع آهات قلبها بعد ذلك، فقد اتخذت قرارها، قرارا لا رجعة فيه ولا هوادة، قرارا تطرح من خلاله عاطفتها جانبا، حتى ولو اضطرت لسحق مشاعرها سحقا!!
لم تكن شاعرة، ولم تكن خواطرها المتناثرة مما يصح اطلاق اسم الشعر عليه، غير أن ما جادت به مشاعرها المحطمة آنذاك؛ كان أشبه ما يكون بترانيم حزينة لقلب مكلوم!
إلهي لا تعذبني فقلبي لن يطق صبرا
ظننتُ بداية أني محنّكة وبي الفخرا
فإذ بي ربي مخلوقٌ أصاب غروره الكبرا
فأعمته الغشاوة عن حقيقة نفسه المُرّا
وها أنا يا إله الكون أشهد أنني صفرا
وأشهد أنك الرحمن رب الأرض والشعرى
فهل لي يا رجاء الخلق بعد جنايتي عذرا
فإني في معاناة تفجر أدمعي نهرا
وضاق الصدر بالالام والاحزان وانفطرا
وصار الهم يجري في عروق النفس مستعرا
أحيي الصحب باسمة ولا يدرون بي قهرا
ولكني أرى يأسي من الغفران كالكفرا
فلولا أن لي ربا له يسرٌ يلي عسرا
وأنه سامع النجوى وسري عنده جهرا
وأنه كاشف البلوى مجيب دعاء مضطرا
لما طابت لنفسي العيش في دنيا بها كدرا
ولا صاحبت إخوانا ولا حادثتهم خبرا
ولا سمعت لي الآذان شدو بلابل السحرا
ولا ذقتُ الطعام ولا نعمتُ بأنعمٍ تترى
.
.- نور.. نور ألا تسمعينني!!
انتبهت نور على صوت والدتها أخيرا، فنهضت من مكانها بسرعة وهي تشعر بالذنب، إذ كان من النادر أن لا تلبي نداء والدتها من المرة الأولى:
- آسفة يا أمي لم انتبه لندائك، هل تريدين شيئا؟؟
فرمقتها أمها بقلق وهي تلاحظ شرودها الغريب:
- ما الذي أصابك يا ابنتي، هل حدث شيء؟؟ عامر يحاول الاتصال بك؛ لكنك لا تردين على هاتفك، فاتصلَ بي، سوف يعود الليلة إن شاء الله..
فهتفت نور بدهشة:
- حقا!! علي أن أعود إلى منزلي وأقوم بنفضه فورا!!
وقبل أن تهم بمعاودة الاتصال بعامر بعد أن رأت ثلاث مكالمات منه، رن هاتفها فردت عليه فورا بلهجة مرتبكة:
- اعذرني يا عامر، فلم انتبه لاتصالك.. لقد أخبرتني أمي الآن وسأنتظرك في المنزل إن شاء الله..
غير أن صوته بدا قلقا بعض الشيء وهو يسألها باهتمام:
- هل أنت بخير يا عزيزتي؟؟
كان سؤاله مباغتا بالنسبة لحالتها فلم تعرف كيف تصيغ إجابة مناسبة، فاصطنعت ابتسامة مرحة بسرعة:
- لا شيء مهم، كنت شاردة فقط، فلا تقلق!!***
انتبهت سوسن لنداء سيدة أخذت تهتف باسمها من وسط الجمع المحيط بها أمام لوحاتها في المعرض العالمي، فالتفتت نحوها لتجد العجوز التي التقتها في غرفة المصلى سابقا تلوح لها بابتسامة عريضة، فأسرعت نحوها لتحييها بابتسامة مماثلة:
- مرحبا بك يا خالة، لقد افتقدتك أمس وظننتك لن تأتي!
فاعتذرت لها العجوز بضحكة مرحة:
- ها أنت ترينني أمامك الآن يا ابنتي، لقد أخذنا الوقت البارحة ولم نتمكن من العودة لرؤية زاويتك، لذا ألححتُ على حفيدي أن يحضرني اليوم خصيصا لرؤيتها قبل أن يغلق المعرض أبوابه..
فابتسمت سوسن برقة:
- هذا لطف كبير منك يا خالتي، ويسعدني سماع رأيك عنها..
غير أن العجوز بدت قلقة وهي تلتفت يمنة ويسرة فسألتها سوسن بتوجس:
- هل تبحثين عن شيء؟
فتمتمت العجوز بصوت خفيض بالكاد سمعته سوسن:
- غريب.. أين اختفى ذلك الولد! لقد كان يقف إلى جانبي قبل لحظات..
وبتلقائية انتقلت عدوى القلق لسوسن، وكأنها تستمع لحادثة ضياع طفل صغير لم يبلغ سن التمييز بعد! لكن وجه العجوز سرعان ما تهلل بشرا وهي تشير بعينيها إلى شاب ملتح وقف يتأمل اللوحات بعيدا عنهما، فنادته العجوز بعفوية:
- مهند.. ما الذي تفعله عندك؟ لقد قلقتُ عليك يا ولد!
فرد عليها الشاب بأدب، متحاشيا النظر إلى سوسن:
- لا تقلقي يا جدتي إنني أنتظرك..
فضحكت العجوز وهي تخاطب سوسن:
- لا عليك.. لقد أقلقتك معي دون مبرر، فحفيدي خجول بعض الشيء وأخشى عليه الضياع أحيانا..
ورغم احمرار وجنتي سوسن من مفاجأتها برؤية ذلك الشاب الناضج الذي يظهر عليه سيماء التدين والالتزام، والذي ذكرها لوهلة بعامر زوج نور، إلا أنها شعرت برغبة عارمة باطلاق ضحكة كادت أن تفلت منها، وهي تحدث نفسها:
- أهذا هو الطفل الذي تخشى عليه الجدة من الضياع!!!
لكن العجوز لم تتركها لأفكارها كثيرا إذ سرعان ما انخرطت بالسؤال عن أدق التفاصيل في كل لوحة، فيما أخذت سوسن تشرح لها بحماسة منقطعة النظير، أما أيهم الذي عاد للتو من دورة المياه، فلم يخفى عليه ملاحظة ذلك الشاب الواقف بهدوء إلى جانب لوحات سوسن..
أخذ يراقبه بتمعن وقد شعر بأنه رآه من قبل دون أن يذكر أين!! لسبب ما شعر برغبة قوية في مراقبته بتفحص أكثر، وملاحظة نظراته دون أن يشعر، غير أن النتيجة التي حصل عليها كانت واحدة..
لم يره ينظر ولا مرة واحدة نحو سوسن!!
كان هذا هو أكثر ما شغل بال أيهم في تلك اللحظات!! بينما أخذت يده توقع بحركة آلية على دفاتر المعجبات اللاتي اجتمعن حوله، غير أنه انتبه لصوت سيدة عجوز تخاطبه:
- أنت أيهم خطيب سوسن إذن! أنت محظوظ حقا بها يا بني..
فابتسم لها أيهم مجاملة وقد سره ظهورها الذي أراح يده قليلا من كثرة التواقيع؛ بعد أن تحوّلت الانظار نحوها باستفهام غريب، وقبل أن يهم بالرد عليها ولو بكلمة، كانت قد نادت حفيدها قائلة:
- هذا هو أيهم خطيب سوسن، تعال وسلم عليه يا مهند قبل أن نذهب..
وبمنتهى البساطة قامت الجدة بمهمة التعارف بين الشابين، دون أن تبدو أدنى غضاضة على وجه مهند الذي أخذت الجدة تتحدث نيابة عنه كالطفل الصغير، فيما قام هو بمصافحة أيهم بابتسامة بشوشة:
- سررتُ بمعرفتك، أرجو أن لا يكون هذا قد أزعجك؛ فجدتي تعد الجميع إما ابناءها أو أحفادها..
فيما تابعت الجدة كلامها بابتهاج:
- مهند طبيب حاذق جدا ما شاء الله يمكنك استشارته في أي أمر تشاء..
والتفتت نحو مهند قائلة:
- ربما لو أعطيته بطاقتك فسيكون هذا أفضل يا بني..
وبانصياع تام أخرج مهند محفظته وتناول منها بطاقة ناولها لأيهم بابتسامة ودودة:
- يسعدني اتصالك في أي وقت..
وبمجاملة تامة تناول أيهم البطاقة وهو يبتسم باقتضاب:
- شكرا لك..
فيما بقيت نظراته معلقة بذلك الشاب الذي لم يرق له مظهره، حتى توارى عن ناظريه وسط الجموع، فتنهد ملتفتا لسوسن التي أخذت تبلل حلقها من قارورة ماء:
- شاب غريب حقا!! ألا يذكّرك بشخصٍ ما!
همت سوسن أن تجيبه؛ لكنها تداركت نفسها فأمسكت عن الإجابة، فيما تابع أيهم طرح أسئلته بتفحص:
- ما رأيك فيه؟
فوجئت سوسن بسؤاله، هل هو فخ ما، ويُفترض بإجابتها أن تكون على نسق معين!!
فصمتت قليلا قبل أن تقول بعد إلحاحه الشديد:
- إنه شاب مهذب!!
فرمقها أيهم بنظرات ذات معنى:
- أهذا كل ما لديك؟؟
فنظرت اليه سوسن بتعجب، مما جعله يتوجه لسؤاله التالي:
- وكيف استنتجت ذلك؟
فأجابته بعفوية:
- لم يكن ينظر نحوي مطلقا على عكس غيره من الرجال!
فسألها بسرعة كمن يوجه الضربة القاضية:
- وكيف عرفت ذلك؟؟
بوغتت سوسن من ذلك السؤال ولم تجد ما ترد به عليه، فتابع أيهم كلامه:
- يبدو أنك أنتِ من كان ينظر إليه يا سوسن!! أظن أنه النوع الذي بات يستهويك من الرجال!!
فاحمرت وجنتاها بنوعٍ من الغضب، وهي ترد بحدة:
- ما الذي تعنيه بكلامك؟؟ أيهم.. لم أعد أفهمك!!!!
فتدارك أيهم نفسه بسرعة:
- لا تسيئي فهمي يا عزيزتي، كان مجرد تعليق عابر..
وتناول يدها بحركة خاطفة ليقربها من شفتيه هامسا:
- آسف لتعكير مزاجك يا حبيبتي في آخر يوم لك في هذا المعرض..
ولأول مرة لم تفلح تلك الطريقة في امتصاص غضبها، بل زادت من امتعاضها لا سيما وقد أصبحت مركزا لأهداف العيون المحدقة بهما من كل جانب، فسحبت يدها قائلة:
- لا بأس.. كما قلت؛ فاليوم هو آخر أيام المعرض..
وأخذت تنظر في ساعتها قبل أن تتابع:
- لم يبق أمامنا سوى أقل من ساعة...
غير أن أيهم قاطعها وهو يقف أمامها مباشرة معترضا حركتها:
- لا تزالين غاضبة مني أليس كذلك؟؟
فحملقت فيه سوسن لوهلة فيما تابع كلامه بنبرة ودودة:
- حقا إنني أعتذر يا سوسن، لم أقصد ذلك..
والتقط نفسا عميقا قبل أن يقول:
- لا أعرف كيف أبرر ما قلته لك سابقا، لكنني..
وصمت قبل أن يتابع بتردد أكبر:
- لقد شعرتُ بالغيرة فعلا!
خفق قلب سوسن على حين غرة بمجرد سماعها تلك الكلمة وبتلك النبرة!! كان جادا تماما وهو يقولها هذه المرة، فنظرت إليه بابتسامة مطمئنة:
- أيهم.. أنت أكثر من يعلم بأنه من المستحيل على قلبي أن يهتم برجل آخر غيرك..
غير أنها سرعان ما انتبهت للجماهير التي تحلّقت حولهما كالجراد، وكأنهم بصدد مشاهدة عرض مسرحي على الهواء مباشرة، ولم يخف عليها ملاحظة الأيادي التي أخذت تلتقط الصور بحماسة، فالتفتت نحو لوحاتها محاولة تجاهل ما يجري، بينما كان الدم يغلي في عروقها لأقصى درجة، لا شك أن الصور ومقاطع الفيديو ستنتشر عبر جميع الوسائل الاعلامية كانتشار النار في الهشيم بلمح البصر، وعضّت على شفتيها بضيق محدثة نفسها بألم:
- أهذا يعجبك يا أيهم!! ستزيد شعبيتك بالتأكيد!!
كانت تشعر بأنها واقعة تحت ضغط كفيل بسحق أقسى أنواع الصخور المعروفة على وجه الأرض! اختناق كبير لحد الموت، تمنت معه لو أن الأرض تنشق وتنهيها من الوجود! كم تمقت هذا النمط من الحياة...
وقبل أن تغرق في المزيد من تلك الأفكار المظلمة؛ انتبهت على صوتٍ يهتف بإسمها بلطف شديد، فالتفتت نحوه لتفاجأ بسامر وهو يناولها منديلا معطّرا مع ابتسامة رقيقة:
- تبدين منهكة جدا يا سوسن..
وبدلا من أن تجيبه بأي شيء أو تتناول المنديل منه ببساطة، شعرت بارتباك مفاجئ أفقدها توازنها؛ فالتفتت بسرعة تبحث بعينيها عن أيهم، لتجده غارقا وسط معجبيه حتى النخاع!!!...
08-03-2014, 14:45#122أرجو أن أكون قد وُفّقتُ في تقديم هذا الجزء والذي يعد أطول جزء أقدمه حتى هذه اللحظة (بفضل الله) (: ..
ولأول مرة أشعر بأن لدي سؤال يلح عليّ بشدة لأطرحه عليكم:
ما رأيكم بفكرة عرض المشهد نفسه من وجهتي نظر مختلفة؟ (كما حدث في بداية الجزء حيث عُرض حادث اغلاق الباب في المعهد أول مرة من وجهة نظر سامر، ثم عُرض من وجهة نظر نور)
هل يحسب هذا الاسلوب كنقطة قوة لصالح الرواية أم نقطة ضعف لما يتضمنه من بعض التكرار؟؟؟
(الاجابة يجب أن تكون صريحة بعد اذنكم لتتحقق الفائدة(؛ )
سؤال آخر: من هي الشخصية التي سيتمحور حولها الحديث برأيكم في الجزء القادم إن شاء الله؟
(إذا حزرتم الاجابة فسأعد هذا دافعا لي لانزال الجزء التالي بسرعة إن شاء الله^^ نوع من التشجيع )وبالطبع أرحب بشدة بكافة تعليقاتكم وملاحظاتكم وانطباعاتكم على هذا الجزء وجزاكم الله خيرا عليها سلفا^^
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
09-03-2014, 04:21#123شكرا لك كتييييييييييييييييييييييييييييييير
استمتعت كثيييرا بقراءة البارت هذاهل يحسب هذا الاسلوب كنقطة قوة لصالح الرواية أم نقطة ضعف لما يتضمنه من بعض التكرار؟؟؟اعتقد هذي الحركة جميلة جدا الصراحة
سؤال آخر: من هي الشخصية التي سيتمحور حولها الحديث برأيكم في الجزء القادم إن شاء الله؟اعتقد (مهند)
اتمنى اني اجبت صحيح لاني ما اقدر استنى لحد ما تنزلي البارت الجديد
و بالتوفيق. 09-03-2014, 22:38#124مقالات المدونة2
أهلاً بعودتكِ التي كنا نرتقبها و شكر الله لكِ جهودكِ و جزاكِ خير الجزاء
ولأول مرة أشعر بأن لدي سؤال يلح عليّ بشدة لأطرحه عليكم:
ما رأيكم بفكرة عرض المشهد نفسه من وجهتي نظر مختلفة؟ (كما حدث في بداية الجزء حيث عُرض حادث اغلاق الباب في المعهد أول مرة من وجهة نظر سامر، ثم عُرض من وجهة نظر نور)
هل يحسب هذا الاسلوب كنقطة قوة لصالح الرواية أم نقطة ضعف لما يتضمنه من بعض التكرار؟؟
(الاجابة يجب أن تكون صريحة بعد اذنكم لتتحقق الفائدة(؛ )؟هذه الطريقة جداً ممتازة عندما تُستغل بشكل صحيح
فالتخاطب الذاتي (على نفس الحدث) لكل شخصية ما كان ليظهر إلا عن طريق محاكاة الحدث من وجهة نظر الشخصيتين
لكن على الكاتب أن يكون حذراً و يتجنب التكرار قدر الإمكان فمثلاً عليه أن لا يستخدم نفس الألفاظ بنفس الترتيب بل يستخدم المرادفات و يقرأ الحدث من زاويتين مختلفتين
فبقدر ما تكون هذه الطريقة نقطة قوة يمكن أن تصبح نقطة ضعف
و قد تذكرتُ الآن عضوة في مكسات بارعة جداً - ما شاء الله - في استخدام هذا الأسلوب في قصصها
و هي الأميرة الناعسة Sleepy princessكما فعلتِ أنتِ تماماً في حكايتكِ لهذا الموقف من وجهة نظرسامر و نور معاً
من ناحية نور: كانت كل لحظة تمر عليه كأنها سنة من الأفكار المروّعة، حتى عندما انشغل باللوحة أمامه، خُيّل إليها أنه يخطط لأمر ما، ماذا لو أن معه مخدّر!! ربما يكمّم فمه وأنفه قبل أن يفتح عبوة منوّمة لتستنشقها هي!! كانت حريصة على مراقبة تحركات يديه خصيصا، إضافة لحرصها على الابتعاد عن مجال رؤيته وهي في أشد حالات التأهب!! ولكنها قد تكون واهمة فقط، فربما كان منشغلا فعلا بلوحته، أعطاها ذلك شعور بالطمأنينة لبعض الوقت؛ فجلست تستعرض الأفكار المحتملةفي حين أن ما كان يفكر فيه سامر شيء آخر : اتجه نحو أدواته ومرسمه الخاص، ليعطيها ظهره، فيما بقيت واقفة بسكون على حالها، حتى لم يعد يشعر بوجودها مع مرور الوقت، بل شك فيما إن كانت لا تزال موجودة معه في القاعة نفسها!! هل تبخرت مثلا!!! كان يحاول استراق النظر إليها بين الفينة والأخرى، لكنها كانت دائما خارج نطاق رؤيته، لا شك أنها اختارت الوقوف خلفه تماما، ربما كانت نظراتها مركزة عليه الآن، تراقبه فيما يفعل، ربما قد أُعجبت به أخيرا! ألم يكن شهما معها ولم يمسها بسوء!! لقد شعر بأنها أمنت جانبه تماما..
!!!لقد أحسنتِ
سؤال آخر: من هي الشخصية التي سيتمحور حولها الحديث برأيكم في الجزء القادم إن شاء الله؟
(إذا حزرتم الاجابة فسأعد هذا دافعا لي لانزال الجزء التالي بسرعة إن شاء الله^^ نوع من التشجيع )إذن يجب أن نحزر
أظن مهند ... هذه الشخصية الجديدة ...هل سيكون بطريقة ما بديلاً عن أيهم إذ أن الأخير قد شعر ببوادر الغيرة أخيراًوبالطبع أرحب بشدة بكافة تعليقاتكم وملاحظاتكم وانطباعاتكم على هذا الجزء وجزاكم الله خيرا عليها سلفا^^
أشفقتُ كثيراً على نور فقد كانت في موقف لا تحسد عليه لكن سرني أنها قد نجت
أثار هذا الجزء بضع تساؤلات عندي
هل من الممكن أن يتم كسر الباب بتلك الطريقة السريعة دون أن يسترعي ذلك انتباه سامر حتى أنه لم يحظَ ببضع دقائق ليوقفها؟
شيء آخر لن يخفى على من يتعامل مع سوسن أنها تشبه نور إلى حد كبير (إذا تحدثنا عن الأرواح هنا)
لكن ظاهرياً لا مجال للتشابه حتى الآن...فكيف توصل سامر إلى ذلك التشابه بينهما بل و يصر هذه المرة على أن يحظى بسوسن...
ما الذي جعله شديد الثقة هكذا؟هذا ما لدي حتى اللحظة و قد أعود بشيء آخر
وفقكِ الله أختاه و سدد خطاكِ
اخر تعديل كان بواسطة » الصوت الحالم في يوم » 09-03-2014 عند الساعة » 23:47
أول إصدار لي في جرير وفيرجن 13-03-2014, 17:22#125العفو وشكرا لك أيضا^^
بالنسبة للاجابة لم تكن صحيحة مع الأسف!! ):
أي أنني سأكون معذورة لو تأخرت
ومع ذلك حاولت الاجتهاد في طباعة الجزء الجديد وأرجو أن أتمكن من انجازه بسرعة إن شاء الله(:
لا تنسينا من صالح الدعاء^^أهلاً بعودتكِ التي كنا نرتقبها و شكر الله لكِ جهودكِ و جزاكِ خير الجزاءإذن يجب أن نحزر
أظن مهند ... هذه الشخصية الجديدة ...هل سيكون بطريقة ما بديلاً عن أيهم إذ أن الأخير قد شعر ببوادر الغيرة أخيراًأشفقتُ كثيراً على نور فقد كانت في موقف لا تحسد عليه لكن سرني أنها قد نجت
أثار هذا الجزء بضع تساؤلات عندي
هل من الممكن أن يتم كسر الباب بتلك الطريقة السريعة دون أن يسترعي ذلك انتباه سامر حتى أنه لم يحظَ ببضع دقائق ليوقفها؟
شيء آخر لن يخفى على من يتعامل مع سوسن أنها تشبه نور إلى حد كبير (إذا تحدثنا عن الأرواح هنا)
لكن ظاهرياً لا مجال للتشابه حتى الآن...فكيف توصل سامر إلى ذلك التشابه بينهما بل و يصر هذه المرة على أن يحظى بسوسن...
ما الذي جعله شديد الثقة هكذا؟هذا ما لدي حتى اللحظة و قد أعود بشيء آخر
وفقكِ الله أختاه و سدد خطاكِ
جزاك الله خيرا على هذا المرور الثري جدا ^^
والحمد لله أنني (أحسنتُ) برأيك وأسأل الله دوام التوفيق لنا ولك وللجميع(:بالنسبة لمهند، فبالرغم انه الشخصية الجديدة التي ظهرت حتى هذه اللحظة، لكن ما زال من المبكر الحديث عنه(؛
ويبدو أن الشخصية التي ستكون محور الحديث تقريبا للجزء القادم - ان شاء الله- لم تحظى باقبال جماهيري كافي ليتوقع أحد أن يتم تخصيص جزء لها!
(كم اشفق على هذه الشخصية
)
بالنسبة لسؤالك حول حركة نور في كسر الباب، فهي ليست مستحيلة إذا تم تنفيذها بالشكل الصحيح، تحتاج تركيز كبير وتجميع القوة على الهدف الصحيح وهذا ما فعلته نور، كانت تدرس افضل الطرق لكسر الباب من قبل، اضافة الى أن الباب لم يكن من النوع المخصص للحماية الخارجية كما وضحت، ثم لا تنسي انها لم تعتمد على قوتها وحدها، لقد كانت معتمدة على توفيق الله بشكل كبير(؛
اما بالنسبة لشعور سامر بالتشابه بين نور وسوسن رغم اختلافهما الظاهري، فهذا يحدث أحيانا وقد حدث معي عن تجربة شخصية
التقيت احدى الفتيات ذات مرة وشعرت بأنني اعرفها من زمن طويل لدرجة اننا تصادقنا بسرعة ومن اللقاء الاول، وقد ذكرتني بصديقة قديمةكانت عزيزة جدا علي لكنها سافرت وانقطعت سبل التواصل بيننا (رغم ان مظهرهما الخارجي مختلف كليا بشكل لا يصدق!) ، العجيب في الامر انني بعد فترة اكتشفت انهما كانتا صديقتين!!
وهذا ما حدث مع سامر وهو يحاول تفسير ما حدث:
كان ذلك هو احساسه دون أن يجد دليلا واحدا يثبت كلامه!! لسبب ما شعر بأنها نسخة من (نور) في حلة جديدة تناسبه تماما، وكأن ما تفرّق من (نور) قد اجتمع فيها، فغدت مثالا كاملا لما كان يفتقده!! ليكتشف فيما بعد أنها صديقتها! أفيعقل أن يكون هذا هو سبب حبه لسوسن من النظرة الأولى!! هل أدركت روحه ذلك قبل أن يدركه عقله وتبصره عينه!!
التوافق الروحي بين الاشخاص يؤثر على المظهر بشكل كبير، قد لا املك دليلا علميا قاطعا على ذلك ولكن الشواهد الحياتية كثيرة^^
ارجو أن أكون قد أجبت على تساؤلاتك(؛
وجزاك الله خيرا مرة أخرى، فاذكرينا بدعائك
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
14-03-2014, 23:50#126مقالات المدونة2
بالنسبة لمهند، فبالرغم انه الشخصية الجديدة التي ظهرت حتى هذه اللحظة، لكن ما زال من المبكر الحديث عنه(؛ويبدو أن الشخصية التي ستكون محور الحديث تقريبا للجزء القادم - ان شاء الله- لم تحظى باقبال جماهيري كافي ليتوقع أحد أن يتم تخصيص جزء لها!
(كم اشفق على هذه الشخصية
)
آهـ بتُّ أشفق عليها أنا أيضاً... و ينتابني الفضول لأعرف من هي
بالنسبة لسؤالك حول حركة نور في كسر الباب، فهي ليست مستحيلة إذا تم تنفيذها بالشكل الصحيح، تحتاج تركيز كبير وتجميع القوة على الهدف الصحيح وهذا ما فعلته نور، كانت تدرس افضل الطرق لكسر الباب من قبل، اضافة الى أن الباب لم يكن من النوع المخصص للحماية الخارجية كما وضحت، ثم لا تنسي انها لم تعتمد على قوتها وحدها، لقد كانت معتمدة على توفيق الله بشكل كبير(؛
أتفهم ذلك الآن...شكراً جزيلاً للتوضيح و عذراً لثقل ملاحظاتي
اما بالنسبة لشعور سامر بالتشابه بين نور وسوسن رغم اختلافهما الظاهري، فهذا يحدث أحيانا وقد حدث معي عن تجربة شخصية
التقيت احدى الفتيات ذات مرة وشعرت بأنني اعرفها من زمن طويل لدرجة اننا تصادقنا بسرعة ومن اللقاء الاول، وقد ذكرتني بصديقة قديمةكانت عزيزة جدا علي لكنها سافرت وانقطعت سبل التواصل بيننا (رغم ان مظهرهما الخارجي مختلف كليا بشكل لا يصدق!) ، العجيب في الامر انني بعد فترة اكتشفت انهما كانتا صديقتين!!
وهذا ما حدث مع سامر وهو يحاول تفسير ما حدث:
التوافق الروحي بين الاشخاص يؤثر على المظهر بشكل كبير، قد لا املك دليلا علميا قاطعا على ذلك ولكن الشواهد الحياتية كثيرة^^
ارجو أن أكون قد أجبت على تساؤلاتك(؛
اوه فاتني هذا فعلاً... غاب عن ذاكرتي تآلف الأرواح و كيف يحدث بين الناس
لقد ذكرتني بما حدث مع صديقة لي أيضاً ... كلامكِ في محلها تماما ^^وجزاك الله خيرا مرة أخرى، فاذكرينا بدعائك
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
و إياكِ إن شاء الله...
حفظكِ الله و رعاكِ و وفقكِ إلى كل خير 22-03-2014, 14:50#127أرجو أن أكون قد وُفّقتُ في تقديم هذا الجزء والذي يعد أطول جزء أقدمه حتى هذه اللحظة (بفضل الله) (: ..
نعم ، لقد كان جزءاً رائعاً و طوله مناسب << القراء لا يكتفون دائماً >>>
ولأول مرة أشعر بأن لدي سؤال يلح عليّ بشدة لأطرحه عليكم:
ما رأيكم بفكرة عرض المشهد نفسه من وجهتي نظر مختلفة؟ (كما حدث في بداية الجزء حيث عُرض حادث اغلاق الباب في المعهد أول مرة من وجهة نظر سامر، ثم عُرض من وجهة نظر نور)نعم ، فكرة جميلة ، و هذا ما أعجبني في هذا الجزء و بين لي مشاعر كلا الطرفين ، ووضح الأمور آكثر
هل يحسب هذا الاسلوب كنقطة قوة لصالح الرواية أم نقطة ضعف لما يتضمنه من بعض التكرار؟؟؟
لا ، إن استخدمت بشكل صحيح فهي نقطة قوة و لفت انتباه و قد تكون نقطة ضعف في حال عدم إتقانها ، و لكنكي أبدعتي فيها.
(الاجابة يجب أن تكون صريحة بعد اذنكم لتتحقق الفائدة(؛ )
لا تقلقي أنا صريحة دائماً و خصوصاً فيما يتعلق بما يعجبني.
سؤال آخر: من هي الشخصية التي سيتمحور حولها الحديث برأيكم في الجزء القادم إن شاء الله؟
(إذا حزرتم الاجابة فسأعد هذا دافعا لي لانزال الجزء التالي بسرعة إن شاء الله^^ نوع من التشجيع )أتوقع أيهم ،،
وبالطبع أرحب بشدة بكافة تعليقاتكم وملاحظاتكم وانطباعاتكم على هذا الجزء وجزاكم الله خيرا عليها سلفا^^
الجزء كان إبداع ، كنت معجبة بسامر و لازلت لكن بدرجة اقل بعد ان عرفت انه كان جبانا ليتقدم لنور ، و بالمختصر هذا الجزء فاجأني بقدر ما أعجبني ، فأحسنت صنعاً و أتمنى أن يكون تخميني صحيح لكي ينزل البارت القادم بأقرب وقت .
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم[/quote]
Life continues ~_~ moving on
even if you stopped moving on 23-03-2014, 18:33#128يبدو أن الشفقة لن تتوقف على هذه الشخصية(؛
أسأل الله أن يعينني على ابرازها بالشكل المطلوب(:
وجزاك الله خيرا لتفاعلك معي ودعواتك لي(:
أرجو أن أكون قد وُفّقتُ في تقديم هذا الجزء والذي يعد أطول جزء أقدمه حتى هذه اللحظة (بفضل الله) (: ..نعم ، لقد كان جزءاً رائعاً و طوله مناسب << القراء لا يكتفون دائماً >>>
ولأول مرة أشعر بأن لدي سؤال يلح عليّ بشدة لأطرحه عليكم:
ما رأيكم بفكرة عرض المشهد نفسه من وجهتي نظر مختلفة؟ (كما حدث في بداية الجزء حيث عُرض حادث اغلاق الباب في المعهد أول مرة من وجهة نظر سامر، ثم عُرض من وجهة نظر نور)نعم ، فكرة جميلة ، و هذا ما أعجبني في هذا الجزء و بين لي مشاعر كلا الطرفين ، ووضح الأمور آكثر
هل يحسب هذا الاسلوب كنقطة قوة لصالح الرواية أم نقطة ضعف لما يتضمنه من بعض التكرار؟؟؟
لا ، إن استخدمت بشكل صحيح فهي نقطة قوة و لفت انتباه و قد تكون نقطة ضعف في حال عدم إتقانها ، و لكنكي أبدعتي فيها.
(الاجابة يجب أن تكون صريحة بعد اذنكم لتتحقق الفائدة(؛ )
لا تقلقي أنا صريحة دائماً و خصوصاً فيما يتعلق بما يعجبني.
سؤال آخر: من هي الشخصية التي سيتمحور حولها الحديث برأيكم في الجزء القادم إن شاء الله؟
(إذا حزرتم الاجابة فسأعد هذا دافعا لي لانزال الجزء التالي بسرعة إن شاء الله^^ نوع من التشجيع )أتوقع أيهم ،،
وبالطبع أرحب بشدة بكافة تعليقاتكم وملاحظاتكم وانطباعاتكم على هذا الجزء وجزاكم الله خيرا عليها سلفا^^
الجزء كان إبداع ، كنت معجبة بسامر و لازلت لكن بدرجة اقل بعد ان عرفت انه كان جبانا ليتقدم لنور ، و بالمختصر هذا الجزء فاجأني بقدر ما أعجبني ، فأحسنت صنعاً و أتمنى أن يكون تخميني صحيح لكي ينزل البارت القادم بأقرب وقت .
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
[/QUOTE]
جزاك الله خيرا أختي لاجابتك على الأسئلة ومرورك المشجع^^
شكرا جزيلا لك(:للأسف لم تحزري الشخصية): وفي الحقيقة كنت أخشى أن يحزرها أحد قبل أن أنهي طباعة الجزء الجديد
على كل حال لا تنسوني من صالح دعائكم بأن يسهل الله لي متابعة طباعة الأجزاء القادمة بالخير والعافية، لا سيما وأنها أصبحت مسؤولية كبيرة بالنسبة لي
أراكم على خير إن شاء الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 23-03-2014 عند الساعة » 18:36
25-03-2014, 00:51#129مقالات المدونة2
27-03-2014, 12:05#130الجزء التاسع عشر..
نزلت نور من السيارة بعد أن أوقفها عامر أمام العمارة التي تقع بها شقتهم، وما أن همّت بمساعدته في حمل الحقائب، حتى أشار اليها بنبرة صارمة:
- دعيها لو سمحتِ واسبقيني الى الداخل..
نظرت اليه نور لوهلة بتعجب، مالذي أصابه! غير أنها اتجهت بهدوء نحو شقتها في الطابق الأرضي من العمارة، ومئات الأفكار تعتمل في رأسها؛ وهي تحاول ايجاد تفسير واحد لتصرفاته الغريبة تلك! آخر مرة حدثها فيها كان يبدو طبيعيا جدا، رغم انها لا تذكر تماما ما الذي دار بينهما من حديث، فقد كان فكرها مشغولا وقتها، بعد ذلك هرعت لمنزلها وشرعت بتنظيفه ونفض الغبار المتكوّم بشكل طبيعي في أي منزل هجره أصحابه لمدة شهر! فمنذ أن عادت لرؤية أمها لم تأتِ ولا مرة واحدة لمنزلها، والذي كانت قد تركته قبل ذلك عندما سافرت مع زوجها للمدينة الأخرى (مدينة سوسن كما يحلو لها أن تسميها أحيانا!!).. حاولت انجاز العمل بسرعة قبل أن تستحم وتذهب لمنزل والديّ عامر، حيث أنه من الطبيعي أن يأتي لزيارتهم أولا فور عودته للمدينة.. ساعدت والدته في اعداد مائدة الطعام، رغم أنها كانت ترغب باستقباله في المطار لا سيما وأن أخاها عرض عليها فكرة التوصيل بسيارته، إلا أن عامر أصر على المجيء بنفسه، خاصة وأنه يرغب باستئجار سيارة من هناك لتبقى معه خلال الفترة الحالية..
لا بأس هو حر فيما يفعله..
تنهدت نور وهي تسترسل بأفكارها حول ما حدث بعد ذلك..
بدت الأمور طبيعية جدا منذ وصوله منزل والديه بعد المغرب، حيث تناول الطعام وتبادل معهم أطراف الحديث بمرح كالعادة، لم يكن هناك أي شيء يثير الريبة أبدا!! غير أنه بمجرد ركوبهما السيارة، تغيّر فجأة وبشكل غريب!! بدا وجهه متجهما وهو يدخل كهف الصمت المخيف، متجاهلا وجودها تماما!! حتى عندما حاولت سؤاله؛ لم يُجِبها ولو بحرفٍ واحدة!!
استعاذت نور بالله من الشيطان الرجيم من تلك الوساوس التي بدأت تراودها، ورددت دعاء دخول المنزل، محاولة طمأنة نفسها..
حسنا ما تزال هناك أمور لا تعرفها عن شخصيته، فلم يمض على زواجهما سوى ثلاثة أشهر، وقد يكون هذا أمرا طبيعيا بالنسبة له.. لا شك أنه متعب ويحتاج للراحة، خاصة وأنه تولى مهمة إخلاء شقتهما المستأجرة في تلك المدينة وحده، إذ لن يعودوا إليها مجددا..
وأخذت تحدث نفسها بثقة:
- ربما هذا كل ما في الأمر ثم تعود الأمور إلى مجاريها بالتأكيد.. كل شيء سيكون على ما يرام.. إهدئي فقط يا نور واستعيني بالله..
وابتسمت لنفسها برضا، وهي تستنشق الرائحة المنعشة التي عطّرت بها المنزل، كل شيء يبدو لامعا وبراقا، ولا شك أن هذا الجو المريح سيعدّل مزاج عامر بالتأكيد..
غير أن نبرة صوته وهو يلقي عليها السلام عندما دخل المنزل، أثارت مخاوفها من جديد، رمقته بقلق وهو يُدخل الحقائب بصمت، فحاولت كسر ذلك الحاجز المفاجئ بينهما:
- جزاك الله خيرا، لقد أنرتَ البيت بعودتك..
ولدهشتها الشديدة أجابها بلهجة جافة، دون أن يكلّف نفسه عناء النظر اليها:
- شكرا..
لم يعد مجالا للشك، هناك خطب ما بالتأكيد!
وقبل أن تجد طريقة مناسبة لمعرفة ما يحدث، خاصة وهو يصر على تجاهلها بهذا الشكل المريب؛ اختفى في غرفة النوم ليتركها شاردة في صالة المعيشة، تؤنس الحقائب بأفكارها المتلاحقة..!
هل حدث معه شيء في رحلته! هل قابل أحدا!! هل سمع شيئا؟؟ هل....!!
وبدأت نبضات قلبها تتسارع، هل يُعقل أنه....
وقبل أن تكتمل الفكرة في ذهنها، فوجئت بسماع صوته:
- اذهبي وارتدي زيك الخاص بسرعة، سأنتظرك في صالة الاستقبال.. لا تتأخرى!
فحملقت فيه بدهشة وهي تتأمله برداء الكاراتيه خاصته، وقد ربط حزامه الاسود من الدرجة التاسعة (دان 9)، حول خاصرته بإحكام! وأمام تصلّبها؛ كرر كلامه بلهجة حادة وهو يعطيها ظهره متجها نحو الصالة:
- قلت لك اسرعي!!
عندها شعرت نور ببعض الغيظ من تصرفه، من يظن نفسه ليملي عليها الأوامر بهذه الطريقة الفوقية الفظّة! أهذا هو خُلق الرجل المسلم!!!
لكنها أقنعت نفسها أخيرا بأنه يمر بحالة طارئة، ولا داعي لإثارة المزيد من المشاكل بسبب ذلك، فاتجهت نحو خزانتها باستسلام وارتدت زيها هي الأخرى، ثم ربطت شعرها على شكل ذيل حصان، دون أن تمنع نفسها من التفكير بدافع عامر هذه المرة، والذي يبدو مختلفا تماما عن أول مباراة دارت بينهما..
كان ذلك في الأسبوع الثالث من زواجهما، بعد أن أخبرها عن رغبته في رؤية مهاراتها القتالية! لا زالت ابتسامته منطبعة في ذاكرتها عندما قال لها:
- أريد التأكد بنفسي من كفاءة فتاة حاصلة على الحزام الأسود!
عندها أخذتها الحمية، وشعرت بمسؤولية كبيرة تجاه ما هي مقدمة عليه، فأجابته بتحد واضح:
- إياك والاستخفاف بنا، سأنازلك بقوة من أجل (فتيات الكاراتيه) قاطبة، فلا تتهاون معي أبدا!
فما كان منه إلا أن أطلق ضحكة مرحة:
- حسنا هيا أريني ما لديك، ابدئي أنت الهجوم، وإن تمكنتِ من لمس رقبتي فسأعترف بك رسميا!
يومها بذلت جهدا كبيرا، لم ترضى بالهزيمة او الاستسلام، فرغم أنه الحائز على المركز الأول في البطولة الوطنية للكاراتيه، إلا أن لمس رقبته لا شيء يُذكر أمام مهاراتها الخاصة! هذا ما كانت تظنه!! وبإصرار شديد تابعت هجماتها، خاصة وأن شعورها بقلقه عليها، وخوفه من أذيتها قد أعطاها فُرُصا أكبر للفوز! صحيح أنها كانت ترغب باختبار مقدرتها الحقيقية، إلا أنها لم تستطع إنكار سعادتها باهتمامه.. أما اليوم.. فالوضع يبدو مختلفا بشكل كبير!!
لكنها طمأنت نفسها، على الأقل ما دام قد طلب منها ارتداء الزي، فهذا يعني أنهما سيخوضان مباراة ودية لا أكثر! فلو أنه ينوي ايذاءها لفعل ذلك مباشرة!!
أم أنه يحاول التغطية على أذيته لها مثلا!!
أرعبتها هذه الفكرة قليلا، لكنها سرعان ما طردتها من رأسها، فهو رجل يخاف الله قبل كل شيء!!
هذا ما أقنعت نفسها به أخيرا وهي تدخل إلى صالة الاستقبال، حيث وجدته بانتظارها بعد أن أخرج كل ما من شأنه أن يعيق نزالهما من الغرفة، مما أشعرها برهبة حقيقية، وكأنها تدلف إلى حلبة ملاكمة لتواجه مصارع غامض لا تعرف عنه شيئا!!
- تأخرتِ كثيرا..
قال جملته باقتضاب ووقف في مواجهتها علامة الاستعداد!
لأول مرة شعرت برعب حقيقي من نظراته، حتى أنها شكّت بكونه زوجها عامر الذي تعرفه، فاتخذت وضعية الاستعداد بسرعة؛ ليعاجلها بهجمته الأولى المفاجئة، والتي تمكنت من تفاديها في اللحظة الأخيرة!! لقد بدأ النزال بالفعل، وبجدية تامة!!!***
شعرت سوسن بصداع في رأسها فاستأذنت من والديها على مائدة العشاء لتعود الى غرفتها، فيما نظرت اليها امها بقلق:
- تحتاجين لراحة حقيقية بعد هذا المعرض، لقد أجهدتِ نفسك كثيرا يا ابنتي..
وعقّب والدها:
- سمعت ان أداءك كان رائعا، كان بودي الحضور، لكنك تعرفين؛ فهذه الأيام حاسمة بالنسبة لي، أنت تقدرين ذلك بلا شك!
فابتسمت سوسن:
- بالتأكيد يا أبي، أتمنى لك التوفيق في حملتك الانتخابية المقبلة..
فاستدركت أمها قائلة:
- من الجيد أنك ذكّرتني، إذ لم أجد الوقت لاخبارك من قبل، غدا سأرافق والدك في رحلة خارج المدينة من أجل المؤتمر الصحفي، اعتني بنفسك جيدا في غيابي، لقد أوصيتُ بهجة بك، فأظنها أكثر من يفهمك في هذا المنزل..
لم يخف على سوسن نبرة اللوم في كلام والدتها، فأرخت عينيها، وهي تتمنى أن لا تكون العلاقة التي توطدت بينها وبين بهجة مؤخرا، قد أثارت حفيظة والديها، واكتفت بقولها:
- اطمئني يا أمي سأكون بخير..
وبصعوبة استطاعت الصعود إلى غرفتها، وهي تحاول أن لا تبدي لوالديها مدى انهاكها، شعرت بأنها ستستقط على الدرج لكنها تماسكت، حتى اذا ما وصلت غرفتها، رمت بجسدها على السرير بإعياء شديد..
كان يوما عصيبا!!
هذا ما استقر في ذهن سوسن كأفضل وصفٍ لهذا اليوم!! لم تستطع تصديق ما سمعته، ولا ما شاهدته! لقد كانت مزحة بالتأكيد!! أهذا ما عنته نور بتحذيرها يا ترى؟؟
حاولت أن تمد يدها نحو هاتفها لتحادث نور، لكن الارهاق سبقها وقد أخذ منها كل مأخذ، فلم تنتبه لنفسها وهي تغط بنوم عميق..***
(يتبع) 27-03-2014, 12:11#131تابع الجزء التاسع عشر..
أخذت نور تلتقط أنفاسها بصعوبة، بعد عدة مناورات استطاعت فيها تلافي هجمات عامر المسددة نحوها بقوة، لقد كاد أن يصيبها في مقتل!! ماذا لو لم تتمكن من تفادي الضربة في اللحظة المناسبة، هل كان سيؤذيها حقا!!
مهما يكن دافعه ونواياه هذه المرة؛ لم يعد أمامها بدا من الدفاع عن نفسها باستماتة، فلا ضمان للعواقب أبدا على ما يبدو!!
هذا ما شعرت به، وهي تستجمع قواها من جديد، أمام نظراته الحادة المتأهبة!!
ولم تكد تستقر في وقفتها حتى عاجلها بهجوم آخر، استطاعت صده بمهارة فائقة، لتتوالى عليها بعد ذلك ضرباته الهجومية بلا هوادة، فيما استمرت هي بأخذ دور الدفاع فقط! ورغم الانهاك الذي شعرت به، إلا أن الموقف الذي وجدت نفسها فيه زادها اصرارا وعزيمة على التصدي له مهما كلفها الأمر، مما زوّدها بطاقة إضافية مكنتها من الصمود لفترة أطول..
أخذت تحاول جاهدة الحفاظ على طاقتها كي لا تُهدر عبثا، وهي ترى بوضوح وجه عامر الذي لم يَبدُ عليه أدنى أثرٍ للتعب بعد!!
أهذه هي شخصيته التي حذرها منها أيام الخطبة!! لقد قال لها وقتها:
- سأكون صادقا معك يا نور، إنني صعب المراس أحيانا خاصة عند الغضب، رغم انني أحاول جاهدا السيطرة على نقاط ضعفي هذه؛ إلا أنني قد لا أنجح في ذلك أحيانا، وقد تجدين مني شدة في بعض المواقف، فإن استطعتِ أن تعذريني فسأكون شاكرا لك..
يومها أجابته بصراحة:
- من الجيد أنك أخبرتني، فأظن أن أمرا كهذا لا يمكن السكوت عليه! فإنني لا أستطيع ضمان قدرتي على التحمل في ذلك الوقت!
فنظر اليها بتساؤل:
- ما الذي تعنيه!! أنا لم أقصد انني لن أحاول السيطرة على نفسي، من أجل أن يرضى الله عني على الأقل!!
- لقد كنتَ صادقا معي وأحببتُ أن أكون صادقة معك أيضا! لا يمكنني ضمان شيء!!
فما كان منه إلا أن ابتسم برضا:
- هذا يعني أننا متفِقَين! يسعدني أن تكوني قوية، فهذا أفضل بالنسبة لي من زوجة ضعيفة..
يومها فاجأها كلامه، غير أنه دخل قلبها بسرعة لم تتوقعها أبدا، وقد استطاعت بعد ذلك أن تكوّن له صورة واضحة في ذهنها، شخص له مساوءه كغيره من البشر، ويحاول تهذيب نفسه بتقوى الله! رغم أنها لم تر منه أي شيء مناف لحسن الخلق خلال الشهور الثلاثة التي قضتها معه، حتى كادت أن تنسى ما أخبرها به عن نفسه، أما اليوم وبلا أدنى شك؛ هاهي نفسه قد بدأت تتكشف أمامها بوضوح، ولكن.. ما الذي أغضبه تحديدا!!
كان هذا أكثر سؤال يلح على نور في تلك اللحظة، وهي تضع ذراعيها بوضع متعاكس أمام صدرها لصد ضربات عامر الشرسة، متراجعة للخلف في حركات تحاول من خلالها تجنب هجماته، حتى كاد التعب أن يقتلها، فيما بدا عامر مستعد للاستمرار في هجومه إلى ما لا نهاية!
وإذ ذاك تعثرت قدمها فكادت أن تسقط على ظهرها، لولا أنها تداركت ذلك بالإرتكاز على يديها، لتُفاجأ بعامر وهو يسارعها بضربة من قدمه كادت أن تصيبها في خاصرتها، لولا التفافها حول نفسها متفادية ذلك في اللحظة الأخيرة، لتسمع بعدها صوت ارتطام كعب قدمه بالأرض بقوة!! لقد راعها ذاك وأرعبها بشدة.. كاد أن يقتلها بالفعل! لكنها سرعان ما هبّت واقفة لتواجهه من جديد، وهي تستجمع ما تبقى لها من طاقة.. مقنعة نفسه بانها لم تكن لتنتظر شفقته عليها، فهذه فرصتها لتختبر قدراتها الحقيقية!! وهكذا.. لم تعد تراه أبدا الزوج الودود عامر، بل رجلٌ غريب عليها التصدي له بكل ما اوتيت من قوة، حتى لو اضطرت لأذيته!!
الهجوم خير وسيلة للدفاع.. هذه هي القاعدة التي يعرفها الجميع، ولا تحتاج لبديهة خاصة لاستنتاجها، غير أنها لم تخطر ببال نور إلا في وقت متأخر..
من يبدأ أولا سيفوز غالبا.. وهكذا تمكنت أخيرا من تسديد أولى ضرباتها نحوه في حركة مفاجئة، بدلا من أن تقف لالتقاط انفاسها كما كانت تفعل بعد كل جولة التحامية حامية بينهما، غير أن عامر تفادى ضربتها ببراعة، لتعاجله هي بضربات أخرى متوالية، تارة من يدها وتارة بقدمها، دون أن تُلقي بالا لحالة الاجهاد التي تمر بها، فلا وقت للتفكير في ذلك..
ورغم المهارة المذهلة التي أبدتها نور مع قوة التحمل طوال تلك الجولة، إلا أنها لم تتمكن من لمس عامر أبدا عوضا عن إصابته، حتى استنزفت قوتها بالكامل، فوقفت للحظة تحاول اعادة شحن طاقتها، إلا أن عامر عاجلها بهجمة لم تجد أمامها بدا من العودة إلى الدفاع لتلافي ضرباته من جديد، حتى وجدت نفسها محصورة في زاوية بين جدارين، وقد وصل الاجهاد بها إلى الحد الأقصى، فارتكزت على الجدار خشية السقوط وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة شديدة، فيما أخذ عامر يتقدم نحوها بخطوات ثابتة، أشبه ما تكون بخطوات تهديدية!
تلاقت عيناهما.. مازالت نظراته حادة.. ومرعبة!! شعرت بأن دقات قلبها تكاد تخترق صدرها كالخناجر، هل يُعقل أن يكون هذا رجلا آخر بالفعل!! ربما رجل متنكر بزي عامر.. ولم تلبث أن أوغلت بها تلك الأفكار المرعبة إلى حد لم تجد معه بد من تسليم أمرها لله بالكامل، فأغمضت عينيها لتفتحهما بذعر؛ بعد أن سمعت صوت دوي ارتطام قبضته القوية بالجدار إلى جانب أذنها اليمنى، كان الصوت أشبه ما يكون بدوي انفجار مزلزل هائل!!
الحمد لله أنها لم تكن موجهة الى وجهها وإلا لهشمته بالكامل!! هذا أول ما خطر ببالها.. فتمتمت في سرها:
- يارب الطف بي..
غير أنها ما أن فتحت عينيها حتى كادت أن تفلت منها صرخة فَزِعة، وهي تصطدم بنظرات عامر المثبتتة عليها على بعد أُنملة!! فأغمضت عينيها مجددا لتفاجأ بنقرة قوية من إصبعه على جبهتها، تأوهت إثرها تلقائيا، فيما سمعت صوته الذي تعرفه:
- أظن أن هذا يكفي!!
لم تصدق نور أذنيها، أبعد أن وصلت إلى مرحلة جزمت من خلالها أنه شخص آخر؛ يتبين لها أنه عامر!!
أخذت نور تحدق بعامر لتستوثق مما سمعته، فابتسم معلقا:
- هل ترغبين بالمتابعة أم ماذا!!
فتنفست نور الصعداء وجلست على الأرض أخيرا مُركزة ظهرها للجدار، وهي تتحسس جبهتها:
- هذا مؤلم جدا!! لقد أخفتني حقا!
فأجابها عامر- بعد أن أحضر كرسيا وجلس عليه قبالتها:
- تستحقين أكثر من ذلك..
وبما أن جلسته تلك لم تعجبها، فقد حاولت النهوض لتحضر كرسيا آخر مثله، إلا أنها لم تجد في نفسها القوة لفعل ذلك، فاكتفت برفع رأسها نحوه بتساؤل، وقد شعرت بأنها كالتلميذ المخطئ الذي يجلس بين قدمي أستاذه طالبا لعفوه!! ورغم أن تلك الفكرة أزعجتها؛ لكنها لم تجد مفرا من الاستماع لوجهة نظره! وأمام صمته، بادرته السؤال بنوعٍ من الحدة:
- ما الذي تعنيه بقولك يا حضرة الاستاذ عامر!
فتأملها عامر للحظة قبل أن يقول مبتسما:
- مهما حاولتِ التعبير عن غضبك بتلك النبرة، إلا أن هذا لن يجعلني أسامحك بسهولة..
شهقت نور بدهشة:
- ماهذا الذي تقوله!! ما الذي فعلته لك؟؟ هل أنت جاد!!!!
فأومأ عامر برأسه مؤكدا:
- وهل تظنينني أمزح!! إنني جاد بالطبع!
حاولت نور تذكر ما قد يكون صدر عنها دون أن تدري، فلا يعقل أن يعاملها عامر بتلك الطريقة دون مبرر! لكنها أخفقت بالعثور على إجابة شافية، فنظرت نحوه مرة أخرى قائلة:
- لا أذكر أنني أخطأتُ بحقك أبدا، بل على العكس تماما، لقد أعددتُ كل شيء على أكمل وجه من أجل استقبالك، أم أنك لم تلاحظ ذلك؟؟
فعقّب عامر على كلامها بلهجة جادة:
- وعقلك في مكان آخر!!
عندها شعرت نور ببعض القلق، مالذي يقصده بقوله! لكنها أسرعت تقول:
- إنني لا أفهمك! ما الذي تقصده؟؟
فتنهد عامر:
- أشك بأنك لم تفهمي ما أعنيه، إلا إن كنت تعتقدين أن انشغالك عن زوجك الغائب ونسيانك له؛ يُعدّ أمرا طبيعيا!!
ارتبكت نور قليلا وقد فهمت ما يقصده، لكنها ردت عليه بقولها:
- لم أتعمّد تجاهل مكالماتك وقد أخبرتك...
فتابع عامر:
- كنتِ شاردة قليلا!! أليس هذا ما قلتيه!!! إن هذا ما يُطلق عليه العذر الأقبح من ذنب..
لم تستطع نور مجاراته أكثر، فقالت بحزم:
- عامر.. لا يحق لك أن تحاسبني بهذه الطريقة، فأنا بشر وقد شردتُ بالفعل، حتى أنني لم أسمع نداء أمي!!
أطبق صمت ثقيل بينهما للحظات، قبل أن يقطعه عامر بسؤاله:
- وما هو ذلك الشيء الذي أشغلك عنا جميعا؟؟
كان هذا هو أسوأ شيء تتوقع نور سماعه، وتمنت لو أن الأرض تنشق وتبتلعها قبل أن تضطر للإجابة، ما الذي ستجيبه به!! حاولت أن تفكر بأي شيء تقوله دون جدوى، حتى راعها عامر بقوله:
- أهو شيء يتعلق بالفن؟
شعرت نور بأنها تلقت الضربة القاضية أخيرا، إلى أي مدى تصل معلوماته عنها!! لقد افتُضح أمرها بلا شك!!
يارب.. هذا أمر لا أحب أن يتطلع عليه أحد!!
وكأن الله استجاب لدعائها، فقد شعر عامر بنوع من التفهم وهو يتفحص معالم وجهها بتمعن:
- لن أطلب منك أكثر من ذلك، فربما من الأفضل أن لا تخبريني..
والتقط نفسا قبل أن يتابع:
- حتى لو كان أمرا من الماضي، فإنني لا أحتمل أن يستحوذ أي شيء على تفكيرك ويشغلك عني يا نور!
اكتفت نور بالصمت دون أن تنبس ببنت شفة، فأطلق عامر تنهيدة طويلة:
- على كل حال جزاك الله خيرا لحسن استقبالك، رغم أنني لا أريد منك أن تقومي بشيء من أجلي، وكأنك تؤدين واجبا لا أكثر!
ورغم أن تغيير الموضوع أراحها قليلا، إلا أنها شعرت بغصة حقيقية لسماع ذلك منه، فردت عليه بقولها:
- لكنني كنت سعيدة...
ولم تستطع إكمال جملتها إثر تلك النظرة المثبتتة على عينيها، فأرختهما بسرعة وقد شعرت بخفقان في قلبها، واحمرار شديد في خديها لم تشعر بمثله من قبل، فما كان من عامر إلا أن نهض من كرسيه، واقترب منها ليجلس قبالتها على الأرض، متناولا يديها ليضمهما إلى صدره بحنان:
- أرجو المعذرة منك يا نور..
لم تستطع نور احتمال الموقف أكثر من ذلك، فتظاهرت بالغضب ورمته بنظرات عاتبة:
- ماذا لو لقيت حتفي بسببك!!
فابتسم عامر بمودة:
- لكنني كنت حريصا أن لا يصيبك مكروه!!
ففتحت نور عينيها عن آخرهما وهي تقول باستنكار:
- لا تقل لي أنك كنتَ متساهلا معي طوال الوقت!!
فلم يملك عامر نفسه من اطلاق ضحكة صغيرة:
- وهل كنتِ تظنين أنني نازلتك بجدية!!
كان كلامه صدمة حقيقية لها، فقد قدّمت أقصى ما لديها من مهارات، إلا أن عامر أسرع يطييب خاطرها بقوله:
- أنت قوية بالفعل يا نور، لا أظن أن هناك فتاة أخرى ستصمد مثلك..
فابتسمت نور أخيرا باستسلام:
- حسنا لا بأس.. عليّ أن أرضى بالواقع، فمن الحماقة أن أقارن نفسي بالحائز على المركز الأول في الكاراتيه على مستوى الوطن...
لم تكد نور تتفوه بكلماتها تلك، حتى على التجهم وجه عامر، فأفلت يديها قائلا:
- لقد قلت لك سابقا.. لستُ الأول...
فقالت نور بتفهم:
- حسنا حسنا فهمت.. لا زلتَ تصر على تواضعك الغريب هذا، رغم أن المحكّمين...
فما كان من عامر إلا أن قاطعها بلهجة لا تخلو من ضيق:
- أرجوك يا نور.. أخشى أن أكون من الذين يحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا...
عندها وضعت نور يدها فوق يده وضغطت عليها برقة:
- أتفهّم موقفك يا عامر، ولكن رفض ذلك الشخص من الظهور في الواجهة، هو الذي جعل المحكمين يقلدونك وسام المركز الأول، أي أنك تستحقه بنظرهم..
فتنهد عامر ولم يقل شيئا، فيما سرحت به أفكاره بعيدا كما بدا لنور، فقالت له:
- أرجوك يا عامر لا تجعل هذه الوساوس تسيطر عليك، استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وبإذن الله لن تكون أبدا من اولئك القوم..
فنظر اليها عامر بصمت، قبل أن يطرق رأسه مرددا:
- أرجو ذلك..
همت نور بأن تضيف شيئا، لكنها أمسكت عن ذلك بسرعة، وقد لاحظت أن لدى عامر ما يقوله:
- كلما تذكرتُ ذلك الشاب، راودني شعور غريب، كان غامضا جدا ولطالما شعرتُ بأنه يخفي أمرا في غاية الخطورة! كان قويا ومتمرسا بما يكفي لسحق عشر رجال أشداء بنزال واحد! ورغم أنني كنت أقرب الموجودين إليه إلا أنني لم استطع فهمه ولا مرة واحدة، لكنني لم أتوقع أن يصل به الحد إلى إعلان انسحابه أمامي بتلك الطريقة.....
أخذت نور تُنصت له باهتمام، وهي تتمنى أن تعثر على طريقة تساعده فيها للتخلص من نقطة ضعفه تلك، شخص يظن الجميع أنه الأول على مستوى البلاد؛ بينما يعلم هو يقينا بأنه في المركز الثاني بسبب شخص غامض.. قد لا يكون موضوعا كهذا ذو أهمية، لكنه يعني الكثير لعامر.. إذ لم يكن يمقت شيئا أكثر من مقته لحصوله على شيء لا يستحقه!!
كانت نور تجلس على ركبتيها قبالته وهي تمسك بيده غارقة في تفكير عميق، عندما فاجأها بقبلة خاطفة على جبينها، أخرجتها من أفكارها عنوة، فأرجعت رأسها للخلف بعفوية، فيما ابتسم عامر قائلا:
- لا داعي لأن تشغلي نفسك بالتفكير في هذا الأمر، سأكون بخير ما دمتِ مهتمة بي هكذا! فهذا ليس أشد ايلاما عليّ من ذلك الشرود الذي يُشغلك عني!!
فخفق قلب نور بقلق، وقد عادت مخاوفها لتحدثها:
- لا.. !! ليس مرة أخرى.. أما زال يذكر ذلك..
فضحك عامر لمشهدها وقد خمّن أين وصلت بتفكيرها:
- لا تقلقي يا عزيزتي، فلن أسألك عن ذلك مرة أخرى..
وصمت قليلا قبل أن يتابع:
- حتى وإن أردتِ إخباري فسأوقفك بنفسي..
فنظرت إليه نور بتساؤل وجِل:
- هل تعني أنك غاضب مني؟
فابتسم عامر بلطف:
- كلا لست غاضبا، ولكن بالتفكير الجاد في الأمر، من الأفضل أن لا أعرف بذلك أبدا، فإني طبيب يلِج عليه الكثير من المرضى، ومسلم قبل ذلك، وأخشى أن يكون وراء شرودك شخص ما، فلا أستطيع مسامحته أبدا، بل ربما أفقد سيطرتي على نفسي إن التقيته يوما ما، فالدنيا صغيرة كما تعلمين..
غاص قلب نور إلى أسفل قدميها، إذن.. هو يتوقع أن وراء ذلك شخصٌ ما أيضا!!!!
غير أنها استدركت بسرعة:
- لقد نسيتُ شيئا مهما..
وابتسمت بحبور وهي تنهض بحماسة قائلة:
- انتظر قليلا لو سمحت..
فأومأ عامر برأسه وهو يتأملها بابتسامة مماثلة:
- حسنا..
وما أن غابت عن ناظريه، حتى أعاد ترتيب الصالة إلى ما كانت عليه، وهو يشعر بنوع من الندم على ما فعله بها عند عودته:
- من الجيد أنني لم أتسبب ببكائها مع تلك القسوة، أو ربما كانت تكابر..
وزفر بألم.. لماذا فعلتُ ذلك معها!!
وعادت به ذاكرته إلى ذلك الحوار مع والدته، قبل أربعة أشهر فقط! سبحان مقلب القلوب ومغير الأحوال!!! يومها كان يتوسل إليها بالعدول عن رأيها في تعجيل زواجه:
- ارجوك يا أمي، انني لا أفكر بالزواج الان، لدي الكثير من الابحاث التي أرغب بالقيام بها، ولن أكون متفرغا لحقوق الزوجية!!
- لكنها فتاة لا تعوّض، انها تناسبك تماما..
- لا أظنني امتلك من الرفق ما يكفي لأعامل زوجة، أفضل البقاء عازبا على الاخلال بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم في الرفق بالقوارير، أنت تعرفين الفتيات يبكين لأدنى سبب..
- قلت لك انها مختلفة وذات شخصية قوية جدا، لا أظنك ستجد صعوبة في تعاملك معها، ثم انك ان لم تكن تمتلك مقدارا جيدا من الرفق فمن باب أولى أن تبتعد عن مجال الطب!! فلا تدّعي التورع! هذه طبيعة الحياة فلا تكن عنيدا يا عامر!!
- حسنا استسلمت، إذا كانت كما تصفينها فلا بأس، رغم انني أفضل الارتباط بطبيبة أو ممرضة لتساعدني في الأبحاث..
لولا أن أمه حدجته بنظرات ذات معنى:
- لقد قلت لك، لن تجد فتاة تناسبك أكثر من هذه الفتاة! ثم ان لديها الحزام الاسود في الكاراتيه، لذا لن تجدها ضعيفة أبدا.. أقول هذا لطمأنة ورعك الزائد، رغم انني لست مقتنعة بما تقول أبدا..
فاستسلم عامر لها بابتسامة ودودة:
- حسنا ما دمتِ ترينها كذلك وقد أحببتيها بهذا الشكل، فلا شك أنها ستعجبني..
من الجيد أنه كان يؤمن تماما بنظرية (البوصلة)*، التي تساعده كثيرا في بر أمه، فما دامت أمه تراها مناسبة له فلا شك أنها كذلك، وهذا ما تأكد منه بنفسه في فترة الخطوبة، لقد دخلت قلبه منذ الجلسة الأولى معها، رغم أنها كانت صريحة جدا في التعبير عن رأيها:
- انت الرجل وأنت من بيده القوامة، فلا تتوقع مني احتمال أشياء لا يمكنك احتمالها بنفسك!!
كما قالت أمه، انها قوية بما يكفي ليطمئن على نفسه معها، فقد كان أكثر ما يخشاه الارتباط بفتاة ضعيفة مستكينة، قد يُسيء اليها دون أن يدري! لم يكن مستعدا ليتحمل اثمها امام الله..
لذا كان أكثر ما أعجبه في نور أنها لم تكن من النوع الذي يصنف ضمن الفتيات الحسّاسات كأخته، والتي ما أن يرتطم بها ولو بطريق الخطأ حتى تصرخ متأوهة!! لقد سببت له عقدة حقيقية من الارتباط بأي فتاة؛ حتى خُيّل إليه أنه لو وكز أي فتاة لقضى عليها!! ربما كان متأثرا جدا بقصة سيدنا موسى عليه السلام، وربما كان شيئا آخر.. لكن النتيجة النهائية كانت واحدة..
ورغم أنه لم يشكّ لحظة واحدة بأن نور ستعجبه كما قالت أمه، إلا أن آخر ما كان يخطر بباله هو أن يهيم بها حبا، وهو الذي يعدّ نفسه رجلا عمليا بدرجة كبيرة! كل ما يهمه هو ابحاثه وكتبه، بعد أن سيطر عليه ولعه الشديد بالعلم والأبحاث الطبية الجديدة!!
حتى بعد الزواج، لم يتوقع أن تتطور مشاعره نحوها بذلك الشكل، وهو الذي كان حريصا على توضيح كل الامور المتعلقة بطبيعة عمله لها؛ حتى لا يثير لديها الغيرة بأي شكل من الأشكال! كانت متفهمة جدا أكثر مما توقع، ولم يجد منها تصرف امتعاض واحد تجاه ذلك!! بل إنه لا يذكر أنها قامت بمهاتفته خلال فترة عمله أبدا، لقد تقبلت طبيعة عمله بسرعة، ولم تكن من النوع المتشكي بأي شكل، رغم انه لم يتمكن من قضاء شهر العسل معها كما يُتوقع من عروسين!!
إما انها صبورة جدا ومتفهمة لأبعد الحدود، أو أنها تثق به تماما وتقدر موقفه، أو انها لا تبالي به مطلقا!!
وكان ذلك الاحتمال كفيل بتعكير مزاجه!(يتبع)
27-03-2014, 12:13#132تابع الجزء التاسع عشر..
قد تكون ثلاثة أشهر مدة قصيرة ليصدر أحكامه هكذا، لكنها كانت كفيلة بما يكفي لتعزيز مكانتها في قلبه.. كانت تساعده في ادخال البيانات الخاصة ببحثه، عوضا عن قيامها بطباعة التقارير له، لا سيما وأنها سريعة في ذلك اضافة الى لغتها الممتازة، بل انها أصبحت مُلمّة بشكل كبير بطبيعة تخصصه من كثرة حديثه عنه، ومع ذلك لم يذكر انها شاركته هما واحدا من همومها، حتى مجال الرسم الذي عرف من والدته عن موهبتها فيه، لم تخبره عنه مطلقا ولا عن هدفها بشأنه؛ إلا بعد أن أثار الموضوع معها.. يومها لحظ تعكر مزاجها لأول مرة، أو ربما خُيّل اليه ذلك، إذ سرعان ما أخبرته عن هدفها؛ لينسجما معا في حديث آخر عن نهضة الأمة وأهدافهما المشتركة بانشاء جيل صالح، كانت أقرب ما يكون للصديق منها للزوجة الحبيبة، وهذا أسعده كثيرا بداية، لكن الآن... أصبح يؤرقه ذلك إلى حد كبير!!
حتى أنه عندما اقترح عليها معاودة الرسم مرة أخرى في تلك المدينة، لم تكن لتبالي بإحضار لوحاتها للمنزل، هل تظنه حقا لا يهتم بها إلى هذه الدرجة!! ربما قد أدركت عدم اهتمامه بالفن، لكن هذا لا يعني انه لا يهتم برسمها هي شخصيا!!
ربما عليه توضيح هذه النقطة لها أكثر!
الهذه الدرجة يحبها! حتى مجال الرسم الذي لا باع له فيه ولا ذراع، ولا يذكر يوما انه فكر بتأمل لوحة عوضا عن رسمها، أصبح مهتما بمعرفة كل شيء عنه من أجلها!!
لقد علم بأنها توقفت عن الرسم لفترة لا بأس بها، أتراها عانت من أمر ما!!
لماذا راوده شعور بأن شرودها ذاك له علاقة بالفن!! إنها من النوع الكتوم جدا كما استنتج مؤخرا، فهل هي بحاجة لفنان مثلها ليفهمها؟؟
شعر بوخزة في صدره إثر تلك الخاطرة!! فصرفها عن رأسه بسرعة، مستعيذا بالله من شرها، فيكفيه أنه لم يستطع فعل أي شيء من قلقه عليها وتفكيره بها، عندما لم تُجِب على اتصاله بداية، بل وقد ازداد الطين بلة عندما اجابته بتلك اللهجة المصطنعة بعد ذلك، لقد شغلت عقله تماما ولم يستطع التفكير بأي شيء سواها في ذلك الوقت، وهو الذي ظن بأنه لا شيء يمكن أن يلهيهه عن عمله وبحثه، كان شغوفا بالقراءة وبالكاد يجد وقتا ليلتهم المزيد من المعلومات التي قد تساعده في بلورة فكرته البحثية، ومع ذلك لم يستطع التركيز في صفحة واحدة من انشغال عقله بها!!
لقد صدقت امه:
- لا تكن واثقا بنفسك كثيرا، فربما تجد نفسك مغرما بها أكثر من بحثك الذي تعشقه!
- اذا كان هذا ما ترينه فلا بأس! رغم انني لا أرغب بالاقدام على شيء يلهيني عن بحثي، فهدفي هو نهضة الأمة قبل أي شيء!
فما كان من امه إلا أن علقت بقولها:
- ما من إفراط إلا وسيعقبه تفريط، والقلوب بيد الله يقلبها كيفما يشاء..
وهاهو الآن يثبت ذلك عمليا!! وإلا.. فما هو التفسير المنطقي لتصرفه ذاك!!
صحيح أنها بجواره الآن، لكنه لم يستطع احتمال فكرة لامبالاتها به في ذلك الوقت، ما هو الشيء الذي يشغل تفكيرها! هل كان غضبه منها بسبب قلقه عليها، أم لأنه شعر بأنها لا تبادله ذلك الاهتمام أبدا!!
أحس برجفة خفيفة في جسده، فهو لا يريد أن ينقلب ذلك وبالا عليه، وهو الذي كان يعيب على المحبين تضييع مصالحهم! صحيح أنها زوجته، لكنها تشغل تفكيره بشكل كبير، أكبر مما يُفترض برأيه، الا يكفي في البيوت الاحترام والتفاهم، وهي لا تقصر في ذلك بشيء!! فما باله الآن يفكر في أمور كهذه لا تسمن ولا تغني من جوع! بالطبع لن يسألها ما إن كانت تحبه أم لا؛ فجوابها سيكون نعم بالتأكيد، يعرف طبيعتها جيدا، لكنه يود لو يشعر بذلك فقط!!
يارب سامحني لم أقصد أن أأذيها!!
وأخذ قلبه يدعو بخشوع وتضرع وانكسار شديد:
- يارب سامحني واغفرلي قسوتي معها، يارب لا تؤاخذني إن أخطأت وأعني على ضبط مشاعري بما يرضيك عني.. فأنت من مكّنت حبها من قلبي، وإني أسألك أن تجعله طريقا لرضاك عنا، وأعوذ بعظمتك من أن ينقلب وبالا علينا، اللهم أنت وحدك تعلم مقدار حبي لها، فلا تريني فيها مكروها أبدا، وارزقني منها ذرية صالحة تقر أعيننا، يارب احفظها لي في الدنيا واجمعني بها في الفردوس الأعلى، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، ويا مصرف القلوب اصرفها إلى طاعتك، يارب احفظ قلوبنا بتقواك وخشيتك، وأعنا على العمل معا لنهضة أمة حبيبك صلى الله عليه وسلم.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..
كان عامر يجلس بهدوء وسكينة على كرسيه، وهو يضع رأسه بين ذراعيه المرتكزتين على الطاولة أمامه، عندما أحس بقدوم نور، فرفع رأسه لتقع عيناه عليها وهي تقف أمامه حاملة صحنا مجوفا، بابتسامة مرحة:
- هذه هي مفاجأتي الصغيرة لك..
فنظر إليها بتأمل، فيما تابعت هي بحماسة:
- الحلوى المثلجة بنكهة الليمون التي تحبها، لقد وجدتُ وصفتها أخيرا، وقمتُ بإعدادها لك بنفسي..
غير أن عامر استمر بالتحديق بها بنظرات أربكتها قليلا، فقالت له:
- هيا.. ألن تجربها؟
وبابتسامة هادئة نهض عامر من مكانه أخيرا، غير أنه بدلا من أن يتناول الصحن من يد نور كما توقعت، وضع يده على خدها الأيمن، مما جعلها تجفل لتلك الحركة غير المتوقعة، فأرخت رأسها، ليفاجئها بعد ذلك بتطويق خاصرتها بذراعه اليسرى، جاذبا إياها نحوه..
لم تعد نور ترى شيئا، فقد كان رأسها مستندا على صدره، فيما تسارعت نبضات قلبها وهي تستمع لحديث نبضاته، وتشعر بأنفاسه الدافئة على شعرها:
- قد أصبر على ابتعادك عني من أجل والديك، ففضلهما لا يمكنني إنكاره أو تجاهله، لكنني لن أحتمل أكثر من ذلك! لذا أرجوك.. لا تشعريني مرة أخرى بأن هناك ما هو أهم مني بالنسبة لك..
لم تصدق نور أن ما سمعته للتو كان صوت عامر، هل هي في حلم أم ماذا!! أهذا عامر حقا!! لم تتوقع أن تسمع منه ما سمعته وبتلك اللهجة المفعمة بعاطفة جياشة، قد تعجز هي نفسها عن امتلاكها!!
ماذا عليها أن تفعل في موقف كهذا!!
غير أنها انتبهت أخيرا للصحن الذي مال بين كفيها، لقد ذاب ما فيه من حرارة تلك المشاعر بلا شك..
- عامر.. لقد سُكِبَت الحلوى!!
فانتبه عامر وهو يبتعد عنها معتذرا:
- ناوليني الملعقة لو سمحت..
فنظرت اليه نور بتساؤل وهو ينحني على الأرض:
- ما الذي ستفعله؟ سأحضر لك صحن آخـر...
فقاطعها وهو يمسكها من يدها ليمنعها من الذهاب:
- سآكل هذه أولا، فقد صنعتِيها من أجلي ولن أترك منها شيئا للشيطان..
فاعترضت نور بقولها:
- ولكنها أصبحت شبه سائلة، وليست من الطعام الذي يمكنك النفخ عليه عندما يقع؟؟
غير أن عامر الذي هم بالفعل بتناول الحلوى من الأرض، فقد قال لها بثقة:
- ألم تنظفي البيت اليوم يا عزيزتي؟؟ ثم إنني لا أقوم بفعل ذلك نزولا عند حكم شرعي كما تظنين، فللمشاعر أحكام أيضا..
لم تجد نور ما ترد به عليه، وهي تتابعه بنظراتها وهو يسمى بالله شارعا بالأكل باستمتاع واضح، حتى رفع رأسه نحوها باسما:
- لذيذ جدا.. ألذ طبق حلوى آكله حتى هذه اللحظة.. جزاك الله خيرا وسلمت يداك..
فابتسمت نور بسعادة:
- الحمد لله أنه أعجبك، رغم أنني كنت أرغب بأن تأكله بشكل أفضل!!
فعلق عامر وهو يتابع الأكل بتلذذ:
- يكفيني أنك صنعتيه بيديك ومن أجلي..
فقالت نور:
- هذا من ذوقك بالطبع..
لكن عامر توقف فجأة، ورفع رأسه نحوها من جديد قبل أن يضيف:
- بل من حبي لك.. وما هذا إلا جزء يسير مما يكنه قلبي.. ولكن يبدو أن رجلا مثلي؛ عليه أن ينتظر طويلا حتى يحظى بجزء من هذه المشاعر منك!
لم تجد نور ما ترد به، وقد ألجمتها المفاجأة من طريقة تفكيره تلك، فتابع عامر كلامه بلهجة مرحة:
- لا أظن أن هناك أحد يمكن أن يتعرفك عن قرب؛ ثم لا تنفجر عواطفه بهذا الشكل!!
فلم تملك نور نفسها من إطلاق ضحكة لتلك الدعابة التي سمعتها:
- هذا ما يُخيّل إليك أنت فقط..
فرد عامر عليها بقوله :
- أرجو ذلك، فلا أظنني سأكون سعيدا لو حصل هذا مع أحد غيري..
وقبل أن يستطرد أكثر، خرجت نور من الصالة مستدركة:
- لم أشعل سخّان الماء للاستحمام بعد..
أخذ عامر يدق بالمعلقة على الأرض مفكرا، بعد أن أتقن أكل الحلوى بامتياز:
- أرجو أن لا تكون قد انزعجت من كلامي!!
إلا أنها عادت بسرعة، وهي تحمل منشفة صغيرة مبللة بالماء لتمسح الأرض، قائلة:
- هل أنت من أشعل السخّان؟ الماء ساخن، يمكنك أخذ حمام الآن فلا شك أنك متعب..
غير أن عامر أسرع بتناول المنشفة منها قائلا:
- لقد تعبتِ اليوم بالتنظيف يا نور، وجاء دوري الآن، خاصة وأنه كان خطئي..
فتظاهرت نور بالغضب وهي ترد عليه:
- وهل تعبيرك عن مشاعرك لي بتلك الطريقة يُعد خطئا!!
لم يبد على عامر أنه قد فهم ما قالته نور، فالتفت إليها متسائلا:
- هلا أعدتِ ما قلتيه رجاء؟
فاستغلت نور تلك الفرصة وشرعت بمسح الأرض قائلة:
- لقد قلت بأن ما فعلتَه لم يكن خطئا..
انتبه عامر لها بعد أن أنهت التنظيف، فأمسكها من يدها قبل أن تذهب:
- لقد ضحكتِ علي اذن، حسنا سأقوم أنا بإزالة البقع عن الملابس!!
فضحكت نور وهي تخلص يدها منه:
- لا تقلق بهذا الشأن، فأدوات التنظيف والغسّالة سيقومون بذلك على أكمل وجه، من الأفضل الآن أن تأخذ حماما ساخنا..
قالت جملتها وهي تهم بالخروج، غير أنه استوقفها بلهجة جادة:
- نور..
فالتفتت إليه بتساؤل، ليتابع قائلا:
- هل لي أن أطلب منك شيئا؟
فهزت نور رأسها إيجابا:
- بالطبع.. سأحاول فعل أي شيء على قدر استطاعتي إن شاء الله ، ماذا هناك؟
فتنهد عامر قبل أن يقول:
- هل يمكنك أن ترسمي لي لوحة؟؟
فنظرت اليه باستغراب، مما جعله يستدرك قائلا:
- لا أقصد لوحة شخصية، وانما لوحة..
وصمت قليلا قبل أن يتابع:
- ...تصفين بها مشاعرك نحوي!!
حملقت فيه نور لوهلة غير مصدقة أذنيها، فسألها عامر:
- هل أزعجك طلبي؟
فهزت نور رأسها نفيا:
- لم أقصد ذلك.. ولكنني لم أكن أعلم أنك مهتم بالرسم وشاعري إلى هذه الدرجة!!
فنظر اليها بتأمل عميق:
- وهل يسوؤك هذا!!
ارتبكت نور لتلك الملاحظة واحمرت وجنتيها:
- لم أقصد هذا، كنت متفاجئة فقط!!
فما كان منه إلا أن اقترب منها، وضمها اليه بشدة:
- نور.. لا أعرف ما الذي فعلتيه حتى يضع الله لك كل هذا الحب في قلبي! قد لا تأخذين كلامي على محمل الجد، لكنني صدقا.. أحبك أكثر مما تتخيلين، حتى أنني لا أعرف أحيانا كيف أتصرف بهذا الحب!!***
فتحت سوسن عينيها لتجد نفسها مستلقية على سريرها بملابس الخروج! كيف حدث هذا!! ما الذي فعلته آخر شيء؟ لقد أوصلها أيهم إلى المنزل بعد العشاء، ثم..
تنهدت سوسن وهي تسرترجع ذلك الموقف الذي تمنت لو أنه مجرد حلم لا أكثر، إلا أنه تمثل أمامها بوضوح، بما لا يدع مجالا للشك بكونه حقيقة لا مراء فيها..
كان سامر ينظر إليها بنظرات لا تجد لها سوى تفسير واحد، خاصة وهو يقدم لها تلك اللوحة بابتسامة لم تدع مجالا لشك في قلبها الذي تسارعت نبضاته:
- لقد أسميتها " ملاك القلب ومالكته"..
لم تكد عيناها تقعان عليها، حتى شعرت بدوار حقيقي، وهي تجاهد لتكذيب ما تراه، ومن ثم لإنكار ما قد يُفهم من ذلك!!
- شكرا لأنكِ أريتني كيف يُرسم الجمال الحقيقي!!
كان الأمر أكثر من طاقتها فتصلّبت دون أدنى حركة من يدها، التي يفترض بها أن تتناول تلك اللوحة المقدّمة لها من سامر، حتى شفتيها انتقلت لهما عدوى التصلب المفاجئ.. لقد أصبحت أشبه ما تكون بمومياء شاحبة، لم تلبث أن فقدت توازنها!! غير أن أيهم الذي أسندها إلى صدره وهو يحيط خاصرتها بذراعه، أنقذها من السقوط المحتم في اللحظة المناسبة!!
ما الذي كانت ستفعله لو لم يأتِ أيهم!!
لقد تمكن بعدها من مداراة الموقف بدهاء، وهو يبتسم لسامر مبديا إعجابه الشديد برسمه:
- شكرا لك أستاذ سامر، بالتأكيد لن نجد أجمل من هذه اللوحة لنزين بها منزلنا أنا وسوسن!!
شعرت سوسن وقتها أنها في حلم، فقد كانت شبه غائبة عن الوعي من هول الصدمة، لم تتخيل أن ترى رسما لها بتلك الطريقة..
وردة حمراء قانية كبيرة، ألوانها أشبه بالدماء السائلة من قلب نابض، يخرج منها رسم تفصيلي يُظهر رأسها ورقبتها إلى منطقة الكتفين قريبا من الصدر بشكل عاري، فيما تطايرت خصلات من شعرها بشكل ساحر حول تاج برّاق زيّن شعرها، وكأنها حورية حسناء آية في الجمال خرجت من وردة لتتربع على عرش القلب!!
هل يُعقل أنه ظن بأنها ستسعد لذلك!! من الجيد أن أيهم أخذ اللوحة معه..
يجب أن تتخذ خطوة أكثر جرأة، لم يعد هناك مجال للتردد أكثر.. لقد بلغت الذروة في (التأذّي النفسي) ولا يمكنها احتمال المزيد، ومن دون أن تشعر؛ انهمرت الدموع غزيرة من عينيها رثاء لحالها البائس.. وأخذت تلك الكلمة ترن في أذنيها كدقات الساعة..
فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين..
غير أنها هبّت واقفة وقد تذكرت أنها نامت قبل أن تصلي العشاء، فأسرعت تنظر في ساعتها، لتتنفس الصعداء محدثة نفسها:
- الحمد لله لم يطلع الفجر بعد، ما زال أمامي ساعة ونصف على الأقل، يبدو أنني كنت متعبة جدا لأنام هكذا!! حتى أنني لم أغيّر ملابسي!!
وقبل أن تفكر بأي شيء آخر اغتسلت وصلت، وابتهلت الى الله أن يعينها على تحقيق ما تخطط له، لقد اتخذت قرارها أخيرا ولا مجال للتراجع الآن..***
أخذت نور تمسد على شعر عامر بلطف وهي توقظه:
- السلام عليكم، سيرفع أذان الفجر بعد ربع ساعة، ألا تريد أن تصلي بي ركعتيـ...؟؟
لم تكد تتم جملتها حتى فتح عامر عينيه مرددا:
- الحمد لله الذي أحيانا بعد أن أماتنا وإليه النشور..
ثم نظر إلى المنشفة التي لفت بها شعرها المبلل متسائلا:
- ألم تنامي بعد؟؟
فأجابته نور بابتسامة رقيقة:
- لقد استيقظت قبلك بقليل فقط، فأخذتُ حماما سريعا أجدد به نشاطي، وتركت لك ماء ساخنا..
فابتسم عامر وهو يمط ذراعيه ليطرد عنه النعاس:
- جزاك الله خيرا..
وبسرعة تناول منشفته ودخل ليستحم، فيما أخذت نور تجفف شعرها، وكلمات عامر ليلة أمس ترن في أذنيها:
- لوحة تصفين بها مشاعرك نحوي...!
لم تفكر بهذا من قبل، لقد فاجأها جدا كلامه، ما هي مشاعرها تجاهه؟؟ لم تفكر بذلك من قبل بهذا الشكل! أخذت الأمور ببساطة، الزواج مودة وحب ورحمة وتفاهم وانسجام، وهما كذلك كما ترى بفضل الله، فهل يقصد عامر شيء آخر!! عندها عادت بذاكرتها لذلك اليوم الذي أخبرتها والدتها فيه عن الخطبة، عامر ضياء، لقد سمعت باسمه من قبل رغم انها لم ترى صورته، فهو معروف لكل مهتم بعالم الكاراتيه، بعد أن حاز على البطولة الوطنية، لم تتخيل أنه قريب منها لهذه الدرجة، كان هذا أكثر ما أثار حماستها نحو الخاطب الجديد بعد أن أخبرتها أمها عن خُلُقه ودينه، ورغم ذلك.. كان عليها أن تصارح نفسها بصدق، إذ كان طيف سامر يراودها بين الحين والآخر، رغم أنها تركت عالم الفن لأجله، حتى نسيت هدفها تماما بشأنه!! لم ترسم لوحة واحدة بعدها، فقد كان كل شيء يذكرها به وهي تريد أن تنسى، غير أن قدوم هذا الخاطب ذكرها به مرة أخرى، لا يمكنها قبول حياة جديدة وفي قلبها ذكرى قديمة، كان ذلك أقسى موقف مر عليها، فلم تجد سوى اللجوء إلى غرفتها، لتبكي فيها بحرقة وهي تسأل الله أن يعينها على تخطي تلك المرحلة.. الحب ليس كل شيء!
لم يكن هناك أدنى سبب لرفض عامر، وهكذا تم زواجهما وهي تشعر بأنها ارتبطت بصديقٍ متفهم، أكثر من كونه زوج، مما أشعرها بالكثير من الراحة! اهتماماتهما المشتركة في نهضة الأمة، وأبحاثه الطبية التي يسعى لانجازها؛ أثارت لديها حماسة كبيرة، فشاركته همه بكل اهتمام، خاصة وان ذلك تقاطع مع هدفها من دخولها قسم اللغة الانجليزية، لغة العلم والعصر، فرغم انها كانت من الفرع العلمي ولديها ميول لعلم الأحياء خاصة، إلا أنها بعد الاستخارة شعرت بتفضيلها لقسم اللغة الانجليزية، فبهذه الطريقة يمكنها تحقيق أهدافها الدعوية وحتى العلمية والبحثية بشكل أفضل، وها هي الأيام تزيدها قناعة بأن الله قد اختار لها الطريق الانسب لتحقيق هدفها، غير أنها لم تتوقع أن ارتباطها بعامر سيكون سببا أيضا بتخطي تلك الأزمة المهمة في حياتها..
كان ذلك عندما سألها لأول مرة عن اهتماماتها الفنية، لقد عرف عن موهبتها من أمه أوأمها بلا شك، فقد كان الفن كل اهتمامها قبل سنة ونصف من زواجهما، ورغم التوتر الذي أصابها من ذكر ذلك، إلا أنها حاولت تفادي الاشارة الى المعاناة التي تعرضت لها بسبب الفن، ومن لطف الله بها أنها نجحت في تدارك الموقف، بل وكان ذلك سببا في عودتها لعالم الفن من حيث لا تحتسب، لتنفض الغبار عن هدفها القديم..
ودمعت عيناها تأثّرا، يارب سبحانك ما أكرمك، أعطيتني أكثر مما سألت، ورزقتني أكثر مما تمنيت، فلك الحمد حتى ترضى ولك الحمد اذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا..
فيارب لا تحرمني بذنوبي فضلك، واحفظ زوجي عامر من كل مكروه وارزقنا الذرية الطيبة الصالحة، واجعلنا جميعا سببا في نهضة هذه الأمة ابتغاءً لمرضاتك، وقرة عين لحبيبك صلى الله عليه وسلم..
وإذ ذاك تذكرت صديقتها سوسن في دعائها:
- يارب اسعد قلبها وتول أمرها واكفها ما أهمها، يارب اصرف عنها شر كل ذي شر واحفظها بحفظك، واهدها لما فيه خير دينها ودنياها..
حتى انتبهت على صوت عامر، الذي ألقى عليها التحية بعد أن ارتدى ملابسه وجفف شعره ومشطه بسرعة:
- لم يبق سوى بضع دقائق لصلاة الفجر، هل أنت جاهزة؟
فنهضت نور وهي تربط شعرها إلى الخلف:
- أجل..
وارتدت ملابس الصلاة لتقف خلفه باتجاه القبلة، فيما كبر هو آمّا بها لصلاة ركعتي القيام..
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يقومان فيها الليل جماعة، لكن وقعها على قلبها كان مختلفا.. خاصة وهي تستمع لترتيله لآيات من سورة الفرقان بصوته الرخيم:
- (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما)..***
أرجع أيهم رأسه للخلف وهو يرتكز على مسند المقعد الخشبي الذي جلس عليه في الحديقة، لم يعد يطيق الانتظار أكثر، ستوشك الشمس على المغيب..
- ترى ما هي المفاجأة التي أعدتها لي سوسن!!
وترائى أمامه مشهد سامر وهو يتناول اللوحة منه، لا شك أنه متيّم.....
لكن حبل أفكاره قُطع فجأة، إثر شعوره بيدين ناعمتين، تُغمضان عينيه من الخلف، فأمسك بهما وضمهما إليه؛ قبل أن ينهض مستديرا نحوها بسرعة ليطبع قبلة على وجهها، غير أنه تراجع عدة خطوات إلى الوراء، حتى كاد أن يتعثر على الأرض:
- ما هذا!!!!!!!!!!!!!!!***
اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 27-03-2014 عند الساعة » 18:00
27-03-2014, 12:21#133وأخيرا بفضل الله أنزلت الجزء..
سامحك الله يا أختي..
لم أكد أرى اجابتك قبل يومين حتى كاد أن يُغمى عليإذ كنت مشغولة بأمور أخرى ولم أكن مستعدة ذهنيا لاستئناف طباعة الجزء الجديد.. ولكن الوعد وعد
وهكذا بذلت أقصى ما بوسعي وطاقتي لانجازه بسرعة، بعد أن أجلت العديد من الأعمال، ناهيك عن العناء في إعادة البرمجة الذهنية!! والحمد لله وبفضله هاهو الجزء بين أيديكم ، فاعذروني إن لم يرقى إلى مستوى توقعاتكم، ولا تنسوني من دعواتكم..
على كل حال لك الفضل بعد الله في طباعة هذا الجزء^^ فجزاك الله خيرا
وبالطبع لن يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين..لذا لا مزيد من (الاسئلة المشروطة) بعد اليوم
في أمان الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 27-03-2014 عند الساعة » 18:02
27-03-2014, 14:36#134ما شاء الله
أختي العزيزة.. قصتكِ مذهلة!
ما شاء اللهكلما وضعتِ جزءاً جديداً أرى بأن القصة أكثر عمقاً مما تصورتُ بكثير
الشخصيات واقعية بأفكارها ومشاعرها
الأحداث مميزة ومثيرةأتمنى أن اكتب رداً أطول مستقبلاً
أنا مضطرة للذهاب مِن أجل الدراسة..في حفظ الله
اللهم صلِّ على محمدٍ وآل محمدأسباب في غاية القصر والبساطة للكتابة للمؤلف أحمد مشرف:
https://drive.google.com/file/d/0B-LfJc_YRsHobjVQcTh1UHl3dkE/view 28-03-2014, 11:59#135مقالات المدونة2
وأخيرا بفضل الله أنزلت الجزء..
سامحك الله يا أختي..
لم أكد أرى اجابتك قبل يومين حتى كاد أن يُغمى علي![]()
إذ كنت مشغولة بأمور أخرى ولم أكن مستعدة ذهنيا لاستئناف طباعة الجزء الجديد.. ولكن الوعد وعد
وهكذا بذلت أقصى ما بوسعي وطاقتي لانجازه بسرعة، بعد أن أجلت العديد من الأعمال، ناهيك عن العناء في إعادة البرمجة الذهنية!! والحمد لله وبفضله هاهو الجزء بين أيديكم ، فاعذروني إن لم يرقى إلى مستوى توقعاتكم، ولا تنسوني من دعواتكم..
على كل حال لك الفضل بعد الله في طباعة هذا الجزء^^ فجزاك الله خيرا
وبالطبع لن يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين..لذا لا مزيد من (الاسئلة المشروطة) بعد اليوم
في أمان الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أوه لم أتوقع أن يوقعكِ ذلك في مأزق لكن ما كان عليكِ أن ترهقي نفسكِ فالمؤمن يعذر أخاه
جزاكِ الله خيراً على ما تبذلينه من جهد خصوصاً و أنني كنتُ أتحرق شوقاً لمعرفة نوع العلاقة التي تربط بين نور و عامر كزوجينحسناً... كان جزءاً مثيراً...
عامر: شخصية حساسة و بدت لي لوهلة أنها من النوع الكتوم أيضاً
لم أتوقع أن يعبّر عن غضبه أو إنزعاجه بتلك الطريقة<< لقد أربكني
ظننتُ أن نور قد أخطأت خطأ ذريعا عندما تحدثت إليه في الهاتف << اعتقدتُ أنها مع زحمة الذكرى التي ذكرتها بسامر قد أخطأت فنادت عامر مثلا بسامر
لكن كل ذلك الغضب لمجرد انشغال بالها عنه يبدو أنه مفرط الحساسية فيما يتعلق بنور و يكن لها عاطفة جياشة
لكن لعل اللوحة التي سترسمها له نور توصل له شعورها بما يتمنىأخيراً أقدمت سوسن على الخطوة التي أنتظرها...
أتوقع أنها فاجأت أيهم بارتدائها للحجاب أخيرا و يبدو أن رد فعله لن تكون كما تظنتوقفت عند مشهد يثير فيناالحماس و التشويق أكثر
سنكون بانتظار القادم بإذن اللهشكراً لكِ أمة القادر و وفقكِ الله و أعانكِ
28-03-2014, 22:06#136السلام عليكم، سأخبركِ بشيء![]()
هذا الشيء لو فلعه أحد معي، بدقّ عنقه، وأقطع رأسه، وأعلّقها على باب غرفتي
هذا الشيء أتمنى أن تأخذي في الاعتبار عند الانتقام مني، كوني فوضوي، مهملخمنتي ولا أصابك الشلل؟
![]()
قرأت الجزء الأخير، فحسب، ولم أقرأ أي شيءٍ آخر تقريباً
أنتِ فنانة أختي العزيزة، مبدعة، تبارك الرحمن !
للأسف لن أستطيع إعطائك نقداً وافياً كوني قد قرأت مقطعاً عابراً فحسب.
لكن مع ذلك ما أردتُ السفر عن الموضوع دون تحيّة قلمك !!
نجسيد الشخصيات !! شيء (خرافي) !!
القصة تنضح بالواقعية !!
وأهم شيء (إســلاااام) > ساعات بحسّ الكتاب نسيوا أنهم مسلمين
عامر !! أحببته هذا الرجل المسكين وأحببت عاطفته جداااااااا !!
أريد قتل نوورحقاً، لا أعتقد أنني وجدتُ هنا شيئاً مماثلاً لما تكتبين، (على قدر دائرة اطّلاعي هنا ... المتواضعة... جدااااااا
)
مأخذي الوحيد هو العنوان الغير جاذب جداً
(لم أقرأ سوى العنوان وآخر فصل لذا الكلام ناقص، حقاً تمنيتُ لو أعطيكي نقداً أفضل وأطول)طريقتك السردية، .... ممتازة.
لغتك، ... قوية
تجسيدك الواقعي الإسلامي للشخصيات، .... مُبهر !
لا أعتقد أنه سبق وتأثرت بشخصية ذكوريةٍ هنا مثلما تأثرتُ بعامر (لم اقرأ الكثير هنا حتى لا نظلم البقية)
لكن فعلاً .... أحســــنــتــــي !!!كل التوفيق أختي العزيزة، استمرّي، نفع الله بكِ أمة القادر !
Sweet dreams are made of this
?Who am I to disagree 30-03-2014, 07:34#137قصتك أكثر من رائعة فلقد أحببت عامر كثيراً 😍😍😍😍😍😍😍
حجز للبارت القادم 03-04-2014, 10:37#138أسعدك الله عزيزتي على مرورك وتركك لهذا الأثر الطيب^^، ولا تقلقي حول رد مطول فجميعنا يمر بانشغالات تمنعه من الكتابة كما يريد
حتى أنني ومنذ قراءتي للتعليقات أرغب بالرد عليها غير أن أمور أخرى تشغلني دائما، حتى حانت هذه الفرصة بفضل الله، ومع ذلك لا أظنني أمتلك الوقت الذي أريده في ذلك!!e40fلذا جزاك الله خيرا على هذه الاطلالة الرائعة^^
أوه لم أتوقع أن يوقعكِ ذلك في مأزق لكن ما كان عليكِ أن ترهقي نفسكِ فالمؤمن يعذر أخاه
جزاكِ الله خيراً على ما تبذلينه من جهد خصوصاً و أنني كنتُ أتحرق شوقاً لمعرفة نوع العلاقة التي تربط بين نور و عامر كزوجينحسناً... كان جزءاً مثيراً...
عامر: شخصية حساسة و بدت لي لوهلة أنها من النوع الكتوم أيضاً
لم أتوقع أن يعبّر عن غضبه أو إنزعاجه بتلك الطريقة<< لقد أربكني
ظننتُ أن نور قد أخطأت خطأ ذريعا عندما تحدثت إليه في الهاتف << اعتقدتُ أنها مع زحمة الذكرى التي ذكرتها بسامر قد أخطأت فنادت عامر مثلا بسامر
لكن كل ذلك الغضب لمجرد انشغال بالها عنه يبدو أنه مفرط الحساسية فيما يتعلق بنور و يكن لها عاطفة جياشة
لكن لعل اللوحة التي سترسمها له نور توصل له شعورها بما يتمنىأخيراً أقدمت سوسن على الخطوة التي أنتظرها...
أتوقع أنها فاجأت أيهم بارتدائها للحجاب أخيرا و يبدو أن رد فعله لن تكون كما تظنتوقفت عند مشهد يثير فيناالحماس و التشويق أكثر
سنكون بانتظار القادم بإذن اللهشكراً لكِ أمة القادر و وفقكِ الله و أعانكِ
لا بأس أختي العزيزة، فلولا أن سخر الله لي ذلك المأزق لما نزل الجزء حتى الآن
فجزاك الله خيرا لتشجيعك الدائم، ومؤازرتك القوية(؛
والحمد لله أن الجزء جاء بإجابة وافية عن نوع العلاقة بين نور وعامر، وحاز على اعجابك بفضل الله^^
وبما أنك ذكرتِ موضوع اللوحة، فكيف تتوقعينها أن تكون؟؟
بالطبع هذا مجرد سؤال لا يترتب عليه أي شيء
،
وقد كان بودي طرحه في المرة الماضية، ولكنني أجلته لأرى إن كان هناك من سيأخذ اللوحة في رده بعين الاعتبار أم لا، وقد كنتٍ أنت من فعل ذلك(؛بالنسبة لرأيك حول حساسية عامر المفرطة، فهو قد لا يكون كذلك بالفعل، ولكن ما حدث كان له الاثر في اظهاره بذلك المظهر، خذي بعين الاعتبار أن باله شُغل عليها جدا ليفاجأ بعد ذلك برد لم يتوقعه.. ربما هذا هو السبب^^
رأيك حول سوسن قد يكون في محله، وقد........!!!
على كل حال اسأل الله سبحانه وتعالى أن يسهل لي إنزال الاجزاء القادمة، فتقريبا منها ستبدأ القصة الحقيقية بإذن الله، وما كُتب سابقا كان أشبه بالمقدمات!!!
لا تنسوني من دعائكم(:
السلام عليكم، سأخبركِ بشيء![]()
هذا الشيء لو فلعه أحد معي، بدقّ عنقه، وأقطع رأسه، وأعلّقها على باب غرفتي
هذا الشيء أتمنى أن تأخذي في الاعتبار عند الانتقام مني، كوني فوضوي، مهملخمنتي ولا أصابك الشلل؟
![]()
قرأت الجزء الأخير، فحسب، ولم أقرأ أي شيءٍ آخر تقريباً
أنتِ فنانة أختي العزيزة، مبدعة، تبارك الرحمن !
للأسف لن أستطيع إعطائك نقداً وافياً كوني قد قرأت مقطعاً عابراً فحسب.
لكن مع ذلك ما أردتُ السفر عن الموضوع دون تحيّة قلمك !!
نجسيد الشخصيات !! شيء (خرافي) !!
القصة تنضح بالواقعية !!
وأهم شيء (إســلاااام) > ساعات بحسّ الكتاب نسيوا أنهم مسلمين
عامر !! أحببته هذا الرجل المسكين وأحببت عاطفته جداااااااا !!
أريد قتل نوورحقاً، لا أعتقد أنني وجدتُ هنا شيئاً مماثلاً لما تكتبين، (على قدر دائرة اطّلاعي هنا ... المتواضعة... جدااااااا
)
مأخذي الوحيد هو العنوان الغير جاذب جداً
(لم أقرأ سوى العنوان وآخر فصل لذا الكلام ناقص، حقاً تمنيتُ لو أعطيكي نقداً أفضل وأطول)طريقتك السردية، .... ممتازة.
لغتك، ... قوية
تجسيدك الواقعي الإسلامي للشخصيات، .... مُبهر !
لا أعتقد أنه سبق وتأثرت بشخصية ذكوريةٍ هنا مثلما تأثرتُ بعامر (لم اقرأ الكثير هنا حتى لا نظلم البقية)
لكن فعلاً .... أحســــنــتــــي !!!كل التوفيق أختي العزيزة، استمرّي، نفع الله بكِ أمة القادر !
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحبا بك أخي الكريم في هذا الموضوع الذي يستقبل لأول مرة زوارا من (كوكب المريخ)^^كان ذلك أولا، أما ثانيا فكلامك أشعرني برغبة في البحث عن قصصك لأعاملك فيها بالمثل،
فالعين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم، وهيهات أن تحصل على رأسي بعد ذلك!!
لكن بما أن هذا لا يفرق معي خاصة وأنك أتيت في توقيت مناسب، عند أول جزء يسلط الضوء على عامر، ومن ثم تكرمت علينا برد مشجع، فقد تراجعتُ عن فكرتي (الانتقامية) فاطمئن(؛
وجزاك الله خيرا لما أفردته لنا من وقتك(:
بالنسبة للعنوان، قد يبدو للبعض غير جاذب، لكنني لم أكن أراه كذلك عندما اخترته أول مرة، بل إنني ما زلتُ أراه ملائما بشدة، ولا أظنني سأجد عنوانا يلائم هذا القصة أكثر منه، وقد يتبين ذلك لكم في الأجزاء اللاحقة إن شاء الله^^
يبقى تعليقك بشأن (نور) لقد فاجأني!!
ما الذي فعلته هذه المسكينة لتستحق القتل!!
وبالمقارنة بين تعليقك وتعليق أختنا (الصوت الحالم) في الأعلى، أظن أن كلامك يثبت فعلا أنك من (كوكب آخر) (؛
ختاما.. جزاك الله خيرا مرة أخرى لمشاركتنا بافكارك وملاحظاتك ودعواتك الطيبة، وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، وجعلنا جميعا ممن ينفع الله بهم الأمة، وسببا في نهضتها بإذن الله
جزاك الله خيرا أختي لحرصك على إثبات وجودك دائما^^ كلامك يشجعني فعلا وبإذن الله يأتيكم الجزء القادم والجميع بخير وعافية(:
***
وأخيرا قبل أن أختم هذا الرد، لدي ملاحظة، أرغب في طرحها على الجميع..
لم يسألني أحدكم عن نظرية (البوصلة)* أم أنها لم تلفت انتباهكم؟؟؟
مجرد سؤال عابر(؛
أراكم مجددا إن شاء الله في الأجزاء القادمة، وحتى ذلك الحين لا تنسونا من صالح دعائكم
وجزاكم الله خيرا ووفقكم جميعا لما يحب ويرضىفي أمان الله^^
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 03-04-2014 عند الساعة » 10:39
04-04-2014, 22:03#139مقالات المدونة2
سأعود بإذن الله ^^
05-04-2014, 09:20#140متحمسسسسسسسسسة
مرة مرة مرة مرة مرة
تكملة ارجوك و الى رح انفجر
وابغى اعرف ايش صار مع ايهم
و سامر و وين اختفى مهند و جدته
و كمان سورا ايش صار معها
ما اقدر استنى من جد رح انفجر
وانشاء الله كل التوفيق معك .« الموضوع السابق | الموضوع التالي »بيانات عن الموضوع
عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)
المفضلات
قوانين المشاركة
- غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
- غير مصرّح بالرد على المواضيع
- غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
- غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
- وسوم المنتدى مسموح
- الابتسامات مسموح
- كود [IMG]مسموح
- [VIDEO] code is مسموح
- كود الـ HTML غير مسموح
الوقت المعتمد في المنتدى بتوقيت جرينتش .
الوقت الان » 18:09.Powered by: vBulletin Version 4.2.3
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltdللاسف لم يتم حفظ الصفحات التالية في الارشيف وقدر الله وما شاء فعل ولعله خير والحمد لله رب العالمينوصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الصفحة السابعة من الارشيف:
- المنتدى
- التعليمات
- التقويم
- المنتدى
- تطبيقات عامة
- خيارات سريعة
- الإنضمام الى فريق عمل مكسات
- الدروس
- مواقع مكسات
- مدونة مكسات
- النشاط الأخير
- المنتدى
- المنتديات الأدبية
- منتدى القصص والروايات
- منتدى قصص الأعضاء
- تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
- اذا كانت هذه زيارتك الأولى لنا ننصحك بالدخول الى التعليمات . و للمشاركة في المنتدى يجب عليك الإنضمام الينا و التسجيل من هنا [ التسجيل ] .
المواضيع: تركته لأجلــــــــــــــــك...!!
-
-
08-03-2014, 14:25#121
تابع الجزء الثامن عشر..
لا تذكر تماما ما الذي حدث بعد ذلك، فقد كانت شبه غائبة عن الوعي وكأنها في حلم، كل ما تذكره أنها انطلقت بسرعة كمن تفر من الجحيم!! حتى إذا ما وجدت نفسها خارج المبنى دون أن يلحظها أحد ترقرقت عيناها بالدموع شكرا لله، وما لبثت أن شعرت بتهالك شديد!! تهالك أشعرها بألم لا يطاق، ليس في جسمها.. بل في قلبها!! كيف آلت الأمور إلى هذا الحال!! كانت على وشك تقديم رسالتها في تلك اللوحة!! لكنها لوحة لم يقدّر الله لها الاكتمال!!
لم تعد إلى البيت مباشرة.. فلم تكن قدماها تقويان على الرجوع.. بل اتجهتا بتلقائية نحو حديقة عامة؛ وجدت لأحزانها مكان فيها تحت ظل شجرة..
وترقرقت عينا نوربالدموع وهي تذكر تلك الكلمات التي خرجت مع آهات قلبها بعد ذلك، فقد اتخذت قرارها، قرارا لا رجعة فيه ولا هوادة، قرارا تطرح من خلاله عاطفتها جانبا، حتى ولو اضطرت لسحق مشاعرها سحقا!!
لم تكن شاعرة، ولم تكن خواطرها المتناثرة مما يصح اطلاق اسم الشعر عليه، غير أن ما جادت به مشاعرها المحطمة آنذاك؛ كان أشبه ما يكون بترانيم حزينة لقلب مكلوم!
إلهي لا تعذبني فقلبي لن يطق صبرا
ظننتُ بداية أني محنّكة وبي الفخرا
فإذ بي ربي مخلوقٌ أصاب غروره الكبرا
فأعمته الغشاوة عن حقيقة نفسه المُرّا
وها أنا يا إله الكون أشهد أنني صفرا
وأشهد أنك الرحمن رب الأرض والشعرى
فهل لي يا رجاء الخلق بعد جنايتي عذرا
فإني في معاناة تفجر أدمعي نهرا
وضاق الصدر بالالام والاحزان وانفطرا
وصار الهم يجري في عروق النفس مستعرا
أحيي الصحب باسمة ولا يدرون بي قهرا
ولكني أرى يأسي من الغفران كالكفرا
فلولا أن لي ربا له يسرٌ يلي عسرا
وأنه سامع النجوى وسري عنده جهرا
وأنه كاشف البلوى مجيب دعاء مضطرا
لما طابت لنفسي العيش في دنيا بها كدرا
ولا صاحبت إخوانا ولا حادثتهم خبرا
ولا سمعت لي الآذان شدو بلابل السحرا
ولا ذقتُ الطعام ولا نعمتُ بأنعمٍ تترى
.
.- نور.. نور ألا تسمعينني!!
انتبهت نور على صوت والدتها أخيرا، فنهضت من مكانها بسرعة وهي تشعر بالذنب، إذ كان من النادر أن لا تلبي نداء والدتها من المرة الأولى:
- آسفة يا أمي لم انتبه لندائك، هل تريدين شيئا؟؟
فرمقتها أمها بقلق وهي تلاحظ شرودها الغريب:
- ما الذي أصابك يا ابنتي، هل حدث شيء؟؟ عامر يحاول الاتصال بك؛ لكنك لا تردين على هاتفك، فاتصلَ بي، سوف يعود الليلة إن شاء الله..
فهتفت نور بدهشة:
- حقا!! علي أن أعود إلى منزلي وأقوم بنفضه فورا!!
وقبل أن تهم بمعاودة الاتصال بعامر بعد أن رأت ثلاث مكالمات منه، رن هاتفها فردت عليه فورا بلهجة مرتبكة:
- اعذرني يا عامر، فلم انتبه لاتصالك.. لقد أخبرتني أمي الآن وسأنتظرك في المنزل إن شاء الله..
غير أن صوته بدا قلقا بعض الشيء وهو يسألها باهتمام:
- هل أنت بخير يا عزيزتي؟؟
كان سؤاله مباغتا بالنسبة لحالتها فلم تعرف كيف تصيغ إجابة مناسبة، فاصطنعت ابتسامة مرحة بسرعة:
- لا شيء مهم، كنت شاردة فقط، فلا تقلق!!***
انتبهت سوسن لنداء سيدة أخذت تهتف باسمها من وسط الجمع المحيط بها أمام لوحاتها في المعرض العالمي، فالتفتت نحوها لتجد العجوز التي التقتها في غرفة المصلى سابقا تلوح لها بابتسامة عريضة، فأسرعت نحوها لتحييها بابتسامة مماثلة:
- مرحبا بك يا خالة، لقد افتقدتك أمس وظننتك لن تأتي!
فاعتذرت لها العجوز بضحكة مرحة:
- ها أنت ترينني أمامك الآن يا ابنتي، لقد أخذنا الوقت البارحة ولم نتمكن من العودة لرؤية زاويتك، لذا ألححتُ على حفيدي أن يحضرني اليوم خصيصا لرؤيتها قبل أن يغلق المعرض أبوابه..
فابتسمت سوسن برقة:
- هذا لطف كبير منك يا خالتي، ويسعدني سماع رأيك عنها..
غير أن العجوز بدت قلقة وهي تلتفت يمنة ويسرة فسألتها سوسن بتوجس:
- هل تبحثين عن شيء؟
فتمتمت العجوز بصوت خفيض بالكاد سمعته سوسن:
- غريب.. أين اختفى ذلك الولد! لقد كان يقف إلى جانبي قبل لحظات..
وبتلقائية انتقلت عدوى القلق لسوسن، وكأنها تستمع لحادثة ضياع طفل صغير لم يبلغ سن التمييز بعد! لكن وجه العجوز سرعان ما تهلل بشرا وهي تشير بعينيها إلى شاب ملتح وقف يتأمل اللوحات بعيدا عنهما، فنادته العجوز بعفوية:
- مهند.. ما الذي تفعله عندك؟ لقد قلقتُ عليك يا ولد!
فرد عليها الشاب بأدب، متحاشيا النظر إلى سوسن:
- لا تقلقي يا جدتي إنني أنتظرك..
فضحكت العجوز وهي تخاطب سوسن:
- لا عليك.. لقد أقلقتك معي دون مبرر، فحفيدي خجول بعض الشيء وأخشى عليه الضياع أحيانا..
ورغم احمرار وجنتي سوسن من مفاجأتها برؤية ذلك الشاب الناضج الذي يظهر عليه سيماء التدين والالتزام، والذي ذكرها لوهلة بعامر زوج نور، إلا أنها شعرت برغبة عارمة باطلاق ضحكة كادت أن تفلت منها، وهي تحدث نفسها:
- أهذا هو الطفل الذي تخشى عليه الجدة من الضياع!!!
لكن العجوز لم تتركها لأفكارها كثيرا إذ سرعان ما انخرطت بالسؤال عن أدق التفاصيل في كل لوحة، فيما أخذت سوسن تشرح لها بحماسة منقطعة النظير، أما أيهم الذي عاد للتو من دورة المياه، فلم يخفى عليه ملاحظة ذلك الشاب الواقف بهدوء إلى جانب لوحات سوسن..
أخذ يراقبه بتمعن وقد شعر بأنه رآه من قبل دون أن يذكر أين!! لسبب ما شعر برغبة قوية في مراقبته بتفحص أكثر، وملاحظة نظراته دون أن يشعر، غير أن النتيجة التي حصل عليها كانت واحدة..
لم يره ينظر ولا مرة واحدة نحو سوسن!!
كان هذا هو أكثر ما شغل بال أيهم في تلك اللحظات!! بينما أخذت يده توقع بحركة آلية على دفاتر المعجبات اللاتي اجتمعن حوله، غير أنه انتبه لصوت سيدة عجوز تخاطبه:
- أنت أيهم خطيب سوسن إذن! أنت محظوظ حقا بها يا بني..
فابتسم لها أيهم مجاملة وقد سره ظهورها الذي أراح يده قليلا من كثرة التواقيع؛ بعد أن تحوّلت الانظار نحوها باستفهام غريب، وقبل أن يهم بالرد عليها ولو بكلمة، كانت قد نادت حفيدها قائلة:
- هذا هو أيهم خطيب سوسن، تعال وسلم عليه يا مهند قبل أن نذهب..
وبمنتهى البساطة قامت الجدة بمهمة التعارف بين الشابين، دون أن تبدو أدنى غضاضة على وجه مهند الذي أخذت الجدة تتحدث نيابة عنه كالطفل الصغير، فيما قام هو بمصافحة أيهم بابتسامة بشوشة:
- سررتُ بمعرفتك، أرجو أن لا يكون هذا قد أزعجك؛ فجدتي تعد الجميع إما ابناءها أو أحفادها..
فيما تابعت الجدة كلامها بابتهاج:
- مهند طبيب حاذق جدا ما شاء الله يمكنك استشارته في أي أمر تشاء..
والتفتت نحو مهند قائلة:
- ربما لو أعطيته بطاقتك فسيكون هذا أفضل يا بني..
وبانصياع تام أخرج مهند محفظته وتناول منها بطاقة ناولها لأيهم بابتسامة ودودة:
- يسعدني اتصالك في أي وقت..
وبمجاملة تامة تناول أيهم البطاقة وهو يبتسم باقتضاب:
- شكرا لك..
فيما بقيت نظراته معلقة بذلك الشاب الذي لم يرق له مظهره، حتى توارى عن ناظريه وسط الجموع، فتنهد ملتفتا لسوسن التي أخذت تبلل حلقها من قارورة ماء:
- شاب غريب حقا!! ألا يذكّرك بشخصٍ ما!
همت سوسن أن تجيبه؛ لكنها تداركت نفسها فأمسكت عن الإجابة، فيما تابع أيهم طرح أسئلته بتفحص:
- ما رأيك فيه؟
فوجئت سوسن بسؤاله، هل هو فخ ما، ويُفترض بإجابتها أن تكون على نسق معين!!
فصمتت قليلا قبل أن تقول بعد إلحاحه الشديد:
- إنه شاب مهذب!!
فرمقها أيهم بنظرات ذات معنى:
- أهذا كل ما لديك؟؟
فنظرت اليه سوسن بتعجب، مما جعله يتوجه لسؤاله التالي:
- وكيف استنتجت ذلك؟
فأجابته بعفوية:
- لم يكن ينظر نحوي مطلقا على عكس غيره من الرجال!
فسألها بسرعة كمن يوجه الضربة القاضية:
- وكيف عرفت ذلك؟؟
بوغتت سوسن من ذلك السؤال ولم تجد ما ترد به عليه، فتابع أيهم كلامه:
- يبدو أنك أنتِ من كان ينظر إليه يا سوسن!! أظن أنه النوع الذي بات يستهويك من الرجال!!
فاحمرت وجنتاها بنوعٍ من الغضب، وهي ترد بحدة:
- ما الذي تعنيه بكلامك؟؟ أيهم.. لم أعد أفهمك!!!!
فتدارك أيهم نفسه بسرعة:
- لا تسيئي فهمي يا عزيزتي، كان مجرد تعليق عابر..
وتناول يدها بحركة خاطفة ليقربها من شفتيه هامسا:
- آسف لتعكير مزاجك يا حبيبتي في آخر يوم لك في هذا المعرض..
ولأول مرة لم تفلح تلك الطريقة في امتصاص غضبها، بل زادت من امتعاضها لا سيما وقد أصبحت مركزا لأهداف العيون المحدقة بهما من كل جانب، فسحبت يدها قائلة:
- لا بأس.. كما قلت؛ فاليوم هو آخر أيام المعرض..
وأخذت تنظر في ساعتها قبل أن تتابع:
- لم يبق أمامنا سوى أقل من ساعة...
غير أن أيهم قاطعها وهو يقف أمامها مباشرة معترضا حركتها:
- لا تزالين غاضبة مني أليس كذلك؟؟
فحملقت فيه سوسن لوهلة فيما تابع كلامه بنبرة ودودة:
- حقا إنني أعتذر يا سوسن، لم أقصد ذلك..
والتقط نفسا عميقا قبل أن يقول:
- لا أعرف كيف أبرر ما قلته لك سابقا، لكنني..
وصمت قبل أن يتابع بتردد أكبر:
- لقد شعرتُ بالغيرة فعلا!
خفق قلب سوسن على حين غرة بمجرد سماعها تلك الكلمة وبتلك النبرة!! كان جادا تماما وهو يقولها هذه المرة، فنظرت إليه بابتسامة مطمئنة:
- أيهم.. أنت أكثر من يعلم بأنه من المستحيل على قلبي أن يهتم برجل آخر غيرك..
غير أنها سرعان ما انتبهت للجماهير التي تحلّقت حولهما كالجراد، وكأنهم بصدد مشاهدة عرض مسرحي على الهواء مباشرة، ولم يخف عليها ملاحظة الأيادي التي أخذت تلتقط الصور بحماسة، فالتفتت نحو لوحاتها محاولة تجاهل ما يجري، بينما كان الدم يغلي في عروقها لأقصى درجة، لا شك أن الصور ومقاطع الفيديو ستنتشر عبر جميع الوسائل الاعلامية كانتشار النار في الهشيم بلمح البصر، وعضّت على شفتيها بضيق محدثة نفسها بألم:
- أهذا يعجبك يا أيهم!! ستزيد شعبيتك بالتأكيد!!
كانت تشعر بأنها واقعة تحت ضغط كفيل بسحق أقسى أنواع الصخور المعروفة على وجه الأرض! اختناق كبير لحد الموت، تمنت معه لو أن الأرض تنشق وتنهيها من الوجود! كم تمقت هذا النمط من الحياة...
وقبل أن تغرق في المزيد من تلك الأفكار المظلمة؛ انتبهت على صوتٍ يهتف بإسمها بلطف شديد، فالتفتت نحوه لتفاجأ بسامر وهو يناولها منديلا معطّرا مع ابتسامة رقيقة:
- تبدين منهكة جدا يا سوسن..
وبدلا من أن تجيبه بأي شيء أو تتناول المنديل منه ببساطة، شعرت بارتباك مفاجئ أفقدها توازنها؛ فالتفتت بسرعة تبحث بعينيها عن أيهم، لتجده غارقا وسط معجبيه حتى النخاع!!!
-
...
-
08-03-2014, 14:45#122
أرجو أن أكون قد وُفّقتُ في تقديم هذا الجزء والذي يعد أطول جزء أقدمه حتى هذه اللحظة (بفضل الله) (: ..
ولأول مرة أشعر بأن لدي سؤال يلح عليّ بشدة لأطرحه عليكم:
ما رأيكم بفكرة عرض المشهد نفسه من وجهتي نظر مختلفة؟ (كما حدث في بداية الجزء حيث عُرض حادث اغلاق الباب في المعهد أول مرة من وجهة نظر سامر، ثم عُرض من وجهة نظر نور)
هل يحسب هذا الاسلوب كنقطة قوة لصالح الرواية أم نقطة ضعف لما يتضمنه من بعض التكرار؟؟؟
(الاجابة يجب أن تكون صريحة بعد اذنكم لتتحقق الفائدة(؛ )
سؤال آخر: من هي الشخصية التي سيتمحور حولها الحديث برأيكم في الجزء القادم إن شاء الله؟
(إذا حزرتم الاجابة فسأعد هذا دافعا لي لانزال الجزء التالي بسرعة إن شاء الله^^ نوع من التشجيع )وبالطبع أرحب بشدة بكافة تعليقاتكم وملاحظاتكم وانطباعاتكم على هذا الجزء وجزاكم الله خيرا عليها سلفا^^
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-
09-03-2014, 04:21#123
شكرا لك كتييييييييييييييييييييييييييييييير
استمتعت كثيييرا بقراءة البارت هذاهل يحسب هذا الاسلوب كنقطة قوة لصالح الرواية أم نقطة ضعف لما يتضمنه من بعض التكرار؟؟؟اعتقد هذي الحركة جميلة جدا الصراحة
سؤال آخر: من هي الشخصية التي سيتمحور حولها الحديث برأيكم في الجزء القادم إن شاء الله؟اعتقد (مهند)
اتمنى اني اجبت صحيح لاني ما اقدر استنى لحد ما تنزلي البارت الجديد
و بالتوفيق. -
09-03-2014, 22:38#124
مقالات المدونة2
أهلاً بعودتكِ التي كنا نرتقبها و شكر الله لكِ جهودكِ و جزاكِ خير الجزاء
ولأول مرة أشعر بأن لدي سؤال يلح عليّ بشدة لأطرحه عليكم:
ما رأيكم بفكرة عرض المشهد نفسه من وجهتي نظر مختلفة؟ (كما حدث في بداية الجزء حيث عُرض حادث اغلاق الباب في المعهد أول مرة من وجهة نظر سامر، ثم عُرض من وجهة نظر نور)
هل يحسب هذا الاسلوب كنقطة قوة لصالح الرواية أم نقطة ضعف لما يتضمنه من بعض التكرار؟؟
(الاجابة يجب أن تكون صريحة بعد اذنكم لتتحقق الفائدة(؛ )؟هذه الطريقة جداً ممتازة عندما تُستغل بشكل صحيح
فالتخاطب الذاتي (على نفس الحدث) لكل شخصية ما كان ليظهر إلا عن طريق محاكاة الحدث من وجهة نظر الشخصيتين
لكن على الكاتب أن يكون حذراً و يتجنب التكرار قدر الإمكان فمثلاً عليه أن لا يستخدم نفس الألفاظ بنفس الترتيب بل يستخدم المرادفات و يقرأ الحدث من زاويتين مختلفتين
فبقدر ما تكون هذه الطريقة نقطة قوة يمكن أن تصبح نقطة ضعف
و قد تذكرتُ الآن عضوة في مكسات بارعة جداً - ما شاء الله - في استخدام هذا الأسلوب في قصصها
و هي الأميرة الناعسة Sleepy princessكما فعلتِ أنتِ تماماً في حكايتكِ لهذا الموقف من وجهة نظرسامر و نور معاً
من ناحية نور: كانت كل لحظة تمر عليه كأنها سنة من الأفكار المروّعة، حتى عندما انشغل باللوحة أمامه، خُيّل إليها أنه يخطط لأمر ما، ماذا لو أن معه مخدّر!! ربما يكمّم فمه وأنفه قبل أن يفتح عبوة منوّمة لتستنشقها هي!! كانت حريصة على مراقبة تحركات يديه خصيصا، إضافة لحرصها على الابتعاد عن مجال رؤيته وهي في أشد حالات التأهب!! ولكنها قد تكون واهمة فقط، فربما كان منشغلا فعلا بلوحته، أعطاها ذلك شعور بالطمأنينة لبعض الوقت؛ فجلست تستعرض الأفكار المحتملةفي حين أن ما كان يفكر فيه سامر شيء آخر : اتجه نحو أدواته ومرسمه الخاص، ليعطيها ظهره، فيما بقيت واقفة بسكون على حالها، حتى لم يعد يشعر بوجودها مع مرور الوقت، بل شك فيما إن كانت لا تزال موجودة معه في القاعة نفسها!! هل تبخرت مثلا!!! كان يحاول استراق النظر إليها بين الفينة والأخرى، لكنها كانت دائما خارج نطاق رؤيته، لا شك أنها اختارت الوقوف خلفه تماما، ربما كانت نظراتها مركزة عليه الآن، تراقبه فيما يفعل، ربما قد أُعجبت به أخيرا! ألم يكن شهما معها ولم يمسها بسوء!! لقد شعر بأنها أمنت جانبه تماما..
!!!لقد أحسنتِ
سؤال آخر: من هي الشخصية التي سيتمحور حولها الحديث برأيكم في الجزء القادم إن شاء الله؟
(إذا حزرتم الاجابة فسأعد هذا دافعا لي لانزال الجزء التالي بسرعة إن شاء الله^^ نوع من التشجيع )إذن يجب أن نحزر
أظن مهند ... هذه الشخصية الجديدة ...هل سيكون بطريقة ما بديلاً عن أيهم إذ أن الأخير قد شعر ببوادر الغيرة أخيراًوبالطبع أرحب بشدة بكافة تعليقاتكم وملاحظاتكم وانطباعاتكم على هذا الجزء وجزاكم الله خيرا عليها سلفا^^
أشفقتُ كثيراً على نور فقد كانت في موقف لا تحسد عليه لكن سرني أنها قد نجت
أثار هذا الجزء بضع تساؤلات عندي
هل من الممكن أن يتم كسر الباب بتلك الطريقة السريعة دون أن يسترعي ذلك انتباه سامر حتى أنه لم يحظَ ببضع دقائق ليوقفها؟
شيء آخر لن يخفى على من يتعامل مع سوسن أنها تشبه نور إلى حد كبير (إذا تحدثنا عن الأرواح هنا)
لكن ظاهرياً لا مجال للتشابه حتى الآن...فكيف توصل سامر إلى ذلك التشابه بينهما بل و يصر هذه المرة على أن يحظى بسوسن...
ما الذي جعله شديد الثقة هكذا؟هذا ما لدي حتى اللحظة و قد أعود بشيء آخر
وفقكِ الله أختاه و سدد خطاكِ
اخر تعديل كان بواسطة » الصوت الحالم في يوم » 09-03-2014 عند الساعة » 23:47
أول إصدار لي في جرير وفيرجن -
13-03-2014, 17:22#125
العفو وشكرا لك أيضا^^
بالنسبة للاجابة لم تكن صحيحة مع الأسف!! ):
أي أنني سأكون معذورة لو تأخرت
ومع ذلك حاولت الاجتهاد في طباعة الجزء الجديد وأرجو أن أتمكن من انجازه بسرعة إن شاء الله(:
لا تنسينا من صالح الدعاء^^أهلاً بعودتكِ التي كنا نرتقبها و شكر الله لكِ جهودكِ و جزاكِ خير الجزاءإذن يجب أن نحزر
أظن مهند ... هذه الشخصية الجديدة ...هل سيكون بطريقة ما بديلاً عن أيهم إذ أن الأخير قد شعر ببوادر الغيرة أخيراًأشفقتُ كثيراً على نور فقد كانت في موقف لا تحسد عليه لكن سرني أنها قد نجت
أثار هذا الجزء بضع تساؤلات عندي
هل من الممكن أن يتم كسر الباب بتلك الطريقة السريعة دون أن يسترعي ذلك انتباه سامر حتى أنه لم يحظَ ببضع دقائق ليوقفها؟
شيء آخر لن يخفى على من يتعامل مع سوسن أنها تشبه نور إلى حد كبير (إذا تحدثنا عن الأرواح هنا)
لكن ظاهرياً لا مجال للتشابه حتى الآن...فكيف توصل سامر إلى ذلك التشابه بينهما بل و يصر هذه المرة على أن يحظى بسوسن...
ما الذي جعله شديد الثقة هكذا؟هذا ما لدي حتى اللحظة و قد أعود بشيء آخر
وفقكِ الله أختاه و سدد خطاكِ
جزاك الله خيرا على هذا المرور الثري جدا ^^
والحمد لله أنني (أحسنتُ) برأيك وأسأل الله دوام التوفيق لنا ولك وللجميع(:بالنسبة لمهند، فبالرغم انه الشخصية الجديدة التي ظهرت حتى هذه اللحظة، لكن ما زال من المبكر الحديث عنه(؛
ويبدو أن الشخصية التي ستكون محور الحديث تقريبا للجزء القادم - ان شاء الله- لم تحظى باقبال جماهيري كافي ليتوقع أحد أن يتم تخصيص جزء لها!
(كم اشفق على هذه الشخصية
)
بالنسبة لسؤالك حول حركة نور في كسر الباب، فهي ليست مستحيلة إذا تم تنفيذها بالشكل الصحيح، تحتاج تركيز كبير وتجميع القوة على الهدف الصحيح وهذا ما فعلته نور، كانت تدرس افضل الطرق لكسر الباب من قبل، اضافة الى أن الباب لم يكن من النوع المخصص للحماية الخارجية كما وضحت، ثم لا تنسي انها لم تعتمد على قوتها وحدها، لقد كانت معتمدة على توفيق الله بشكل كبير(؛
اما بالنسبة لشعور سامر بالتشابه بين نور وسوسن رغم اختلافهما الظاهري، فهذا يحدث أحيانا وقد حدث معي عن تجربة شخصية
التقيت احدى الفتيات ذات مرة وشعرت بأنني اعرفها من زمن طويل لدرجة اننا تصادقنا بسرعة ومن اللقاء الاول، وقد ذكرتني بصديقة قديمةكانت عزيزة جدا علي لكنها سافرت وانقطعت سبل التواصل بيننا (رغم ان مظهرهما الخارجي مختلف كليا بشكل لا يصدق!) ، العجيب في الامر انني بعد فترة اكتشفت انهما كانتا صديقتين!!
وهذا ما حدث مع سامر وهو يحاول تفسير ما حدث:
كان ذلك هو احساسه دون أن يجد دليلا واحدا يثبت كلامه!! لسبب ما شعر بأنها نسخة من (نور) في حلة جديدة تناسبه تماما، وكأن ما تفرّق من (نور) قد اجتمع فيها، فغدت مثالا كاملا لما كان يفتقده!! ليكتشف فيما بعد أنها صديقتها! أفيعقل أن يكون هذا هو سبب حبه لسوسن من النظرة الأولى!! هل أدركت روحه ذلك قبل أن يدركه عقله وتبصره عينه!!
التوافق الروحي بين الاشخاص يؤثر على المظهر بشكل كبير، قد لا املك دليلا علميا قاطعا على ذلك ولكن الشواهد الحياتية كثيرة^^
ارجو أن أكون قد أجبت على تساؤلاتك(؛
وجزاك الله خيرا مرة أخرى، فاذكرينا بدعائك
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
-
14-03-2014, 23:50#126
مقالات المدونة2
بالنسبة لمهند، فبالرغم انه الشخصية الجديدة التي ظهرت حتى هذه اللحظة، لكن ما زال من المبكر الحديث عنه(؛ويبدو أن الشخصية التي ستكون محور الحديث تقريبا للجزء القادم - ان شاء الله- لم تحظى باقبال جماهيري كافي ليتوقع أحد أن يتم تخصيص جزء لها!
(كم اشفق على هذه الشخصية
)
آهـ بتُّ أشفق عليها أنا أيضاً... و ينتابني الفضول لأعرف من هي
بالنسبة لسؤالك حول حركة نور في كسر الباب، فهي ليست مستحيلة إذا تم تنفيذها بالشكل الصحيح، تحتاج تركيز كبير وتجميع القوة على الهدف الصحيح وهذا ما فعلته نور، كانت تدرس افضل الطرق لكسر الباب من قبل، اضافة الى أن الباب لم يكن من النوع المخصص للحماية الخارجية كما وضحت، ثم لا تنسي انها لم تعتمد على قوتها وحدها، لقد كانت معتمدة على توفيق الله بشكل كبير(؛
أتفهم ذلك الآن...شكراً جزيلاً للتوضيح و عذراً لثقل ملاحظاتي
اما بالنسبة لشعور سامر بالتشابه بين نور وسوسن رغم اختلافهما الظاهري، فهذا يحدث أحيانا وقد حدث معي عن تجربة شخصية
التقيت احدى الفتيات ذات مرة وشعرت بأنني اعرفها من زمن طويل لدرجة اننا تصادقنا بسرعة ومن اللقاء الاول، وقد ذكرتني بصديقة قديمةكانت عزيزة جدا علي لكنها سافرت وانقطعت سبل التواصل بيننا (رغم ان مظهرهما الخارجي مختلف كليا بشكل لا يصدق!) ، العجيب في الامر انني بعد فترة اكتشفت انهما كانتا صديقتين!!
وهذا ما حدث مع سامر وهو يحاول تفسير ما حدث:
التوافق الروحي بين الاشخاص يؤثر على المظهر بشكل كبير، قد لا املك دليلا علميا قاطعا على ذلك ولكن الشواهد الحياتية كثيرة^^
ارجو أن أكون قد أجبت على تساؤلاتك(؛
اوه فاتني هذا فعلاً... غاب عن ذاكرتي تآلف الأرواح و كيف يحدث بين الناس
لقد ذكرتني بما حدث مع صديقة لي أيضاً ... كلامكِ في محلها تماما ^^وجزاك الله خيرا مرة أخرى، فاذكرينا بدعائك
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
و إياكِ إن شاء الله...
حفظكِ الله و رعاكِ و وفقكِ إلى كل خير -
22-03-2014, 14:50#127
أرجو أن أكون قد وُفّقتُ في تقديم هذا الجزء والذي يعد أطول جزء أقدمه حتى هذه اللحظة (بفضل الله) (: ..
نعم ، لقد كان جزءاً رائعاً و طوله مناسب << القراء لا يكتفون دائماً >>>
ولأول مرة أشعر بأن لدي سؤال يلح عليّ بشدة لأطرحه عليكم:
ما رأيكم بفكرة عرض المشهد نفسه من وجهتي نظر مختلفة؟ (كما حدث في بداية الجزء حيث عُرض حادث اغلاق الباب في المعهد أول مرة من وجهة نظر سامر، ثم عُرض من وجهة نظر نور)نعم ، فكرة جميلة ، و هذا ما أعجبني في هذا الجزء و بين لي مشاعر كلا الطرفين ، ووضح الأمور آكثر
هل يحسب هذا الاسلوب كنقطة قوة لصالح الرواية أم نقطة ضعف لما يتضمنه من بعض التكرار؟؟؟
لا ، إن استخدمت بشكل صحيح فهي نقطة قوة و لفت انتباه و قد تكون نقطة ضعف في حال عدم إتقانها ، و لكنكي أبدعتي فيها.
(الاجابة يجب أن تكون صريحة بعد اذنكم لتتحقق الفائدة(؛ )
لا تقلقي أنا صريحة دائماً و خصوصاً فيما يتعلق بما يعجبني.
سؤال آخر: من هي الشخصية التي سيتمحور حولها الحديث برأيكم في الجزء القادم إن شاء الله؟
(إذا حزرتم الاجابة فسأعد هذا دافعا لي لانزال الجزء التالي بسرعة إن شاء الله^^ نوع من التشجيع )أتوقع أيهم ،،
وبالطبع أرحب بشدة بكافة تعليقاتكم وملاحظاتكم وانطباعاتكم على هذا الجزء وجزاكم الله خيرا عليها سلفا^^
الجزء كان إبداع ، كنت معجبة بسامر و لازلت لكن بدرجة اقل بعد ان عرفت انه كان جبانا ليتقدم لنور ، و بالمختصر هذا الجزء فاجأني بقدر ما أعجبني ، فأحسنت صنعاً و أتمنى أن يكون تخميني صحيح لكي ينزل البارت القادم بأقرب وقت .
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم[/quote]
Life continues ~_~ moving on
even if you stopped moving on -
23-03-2014, 18:33#128
يبدو أن الشفقة لن تتوقف على هذه الشخصية(؛
أسأل الله أن يعينني على ابرازها بالشكل المطلوب(:
وجزاك الله خيرا لتفاعلك معي ودعواتك لي(:
أرجو أن أكون قد وُفّقتُ في تقديم هذا الجزء والذي يعد أطول جزء أقدمه حتى هذه اللحظة (بفضل الله) (: ..نعم ، لقد كان جزءاً رائعاً و طوله مناسب << القراء لا يكتفون دائماً >>>
ولأول مرة أشعر بأن لدي سؤال يلح عليّ بشدة لأطرحه عليكم:
ما رأيكم بفكرة عرض المشهد نفسه من وجهتي نظر مختلفة؟ (كما حدث في بداية الجزء حيث عُرض حادث اغلاق الباب في المعهد أول مرة من وجهة نظر سامر، ثم عُرض من وجهة نظر نور)نعم ، فكرة جميلة ، و هذا ما أعجبني في هذا الجزء و بين لي مشاعر كلا الطرفين ، ووضح الأمور آكثر
هل يحسب هذا الاسلوب كنقطة قوة لصالح الرواية أم نقطة ضعف لما يتضمنه من بعض التكرار؟؟؟
لا ، إن استخدمت بشكل صحيح فهي نقطة قوة و لفت انتباه و قد تكون نقطة ضعف في حال عدم إتقانها ، و لكنكي أبدعتي فيها.
(الاجابة يجب أن تكون صريحة بعد اذنكم لتتحقق الفائدة(؛ )
لا تقلقي أنا صريحة دائماً و خصوصاً فيما يتعلق بما يعجبني.
سؤال آخر: من هي الشخصية التي سيتمحور حولها الحديث برأيكم في الجزء القادم إن شاء الله؟
(إذا حزرتم الاجابة فسأعد هذا دافعا لي لانزال الجزء التالي بسرعة إن شاء الله^^ نوع من التشجيع )أتوقع أيهم ،،
وبالطبع أرحب بشدة بكافة تعليقاتكم وملاحظاتكم وانطباعاتكم على هذا الجزء وجزاكم الله خيرا عليها سلفا^^
الجزء كان إبداع ، كنت معجبة بسامر و لازلت لكن بدرجة اقل بعد ان عرفت انه كان جبانا ليتقدم لنور ، و بالمختصر هذا الجزء فاجأني بقدر ما أعجبني ، فأحسنت صنعاً و أتمنى أن يكون تخميني صحيح لكي ينزل البارت القادم بأقرب وقت .
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
[/QUOTE]
جزاك الله خيرا أختي لاجابتك على الأسئلة ومرورك المشجع^^
شكرا جزيلا لك(:للأسف لم تحزري الشخصية): وفي الحقيقة كنت أخشى أن يحزرها أحد قبل أن أنهي طباعة الجزء الجديد
على كل حال لا تنسوني من صالح دعائكم بأن يسهل الله لي متابعة طباعة الأجزاء القادمة بالخير والعافية، لا سيما وأنها أصبحت مسؤولية كبيرة بالنسبة لي
أراكم على خير إن شاء الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 23-03-2014 عند الساعة » 18:36
-
25-03-2014, 00:51#129
مقالات المدونة2
-
27-03-2014, 12:05#130
الجزء التاسع عشر..
نزلت نور من السيارة بعد أن أوقفها عامر أمام العمارة التي تقع بها شقتهم، وما أن همّت بمساعدته في حمل الحقائب، حتى أشار اليها بنبرة صارمة:
- دعيها لو سمحتِ واسبقيني الى الداخل..
نظرت اليه نور لوهلة بتعجب، مالذي أصابه! غير أنها اتجهت بهدوء نحو شقتها في الطابق الأرضي من العمارة، ومئات الأفكار تعتمل في رأسها؛ وهي تحاول ايجاد تفسير واحد لتصرفاته الغريبة تلك! آخر مرة حدثها فيها كان يبدو طبيعيا جدا، رغم انها لا تذكر تماما ما الذي دار بينهما من حديث، فقد كان فكرها مشغولا وقتها، بعد ذلك هرعت لمنزلها وشرعت بتنظيفه ونفض الغبار المتكوّم بشكل طبيعي في أي منزل هجره أصحابه لمدة شهر! فمنذ أن عادت لرؤية أمها لم تأتِ ولا مرة واحدة لمنزلها، والذي كانت قد تركته قبل ذلك عندما سافرت مع زوجها للمدينة الأخرى (مدينة سوسن كما يحلو لها أن تسميها أحيانا!!).. حاولت انجاز العمل بسرعة قبل أن تستحم وتذهب لمنزل والديّ عامر، حيث أنه من الطبيعي أن يأتي لزيارتهم أولا فور عودته للمدينة.. ساعدت والدته في اعداد مائدة الطعام، رغم أنها كانت ترغب باستقباله في المطار لا سيما وأن أخاها عرض عليها فكرة التوصيل بسيارته، إلا أن عامر أصر على المجيء بنفسه، خاصة وأنه يرغب باستئجار سيارة من هناك لتبقى معه خلال الفترة الحالية..
لا بأس هو حر فيما يفعله..
تنهدت نور وهي تسترسل بأفكارها حول ما حدث بعد ذلك..
بدت الأمور طبيعية جدا منذ وصوله منزل والديه بعد المغرب، حيث تناول الطعام وتبادل معهم أطراف الحديث بمرح كالعادة، لم يكن هناك أي شيء يثير الريبة أبدا!! غير أنه بمجرد ركوبهما السيارة، تغيّر فجأة وبشكل غريب!! بدا وجهه متجهما وهو يدخل كهف الصمت المخيف، متجاهلا وجودها تماما!! حتى عندما حاولت سؤاله؛ لم يُجِبها ولو بحرفٍ واحدة!!
استعاذت نور بالله من الشيطان الرجيم من تلك الوساوس التي بدأت تراودها، ورددت دعاء دخول المنزل، محاولة طمأنة نفسها..
حسنا ما تزال هناك أمور لا تعرفها عن شخصيته، فلم يمض على زواجهما سوى ثلاثة أشهر، وقد يكون هذا أمرا طبيعيا بالنسبة له.. لا شك أنه متعب ويحتاج للراحة، خاصة وأنه تولى مهمة إخلاء شقتهما المستأجرة في تلك المدينة وحده، إذ لن يعودوا إليها مجددا..
وأخذت تحدث نفسها بثقة:
- ربما هذا كل ما في الأمر ثم تعود الأمور إلى مجاريها بالتأكيد.. كل شيء سيكون على ما يرام.. إهدئي فقط يا نور واستعيني بالله..
وابتسمت لنفسها برضا، وهي تستنشق الرائحة المنعشة التي عطّرت بها المنزل، كل شيء يبدو لامعا وبراقا، ولا شك أن هذا الجو المريح سيعدّل مزاج عامر بالتأكيد..
غير أن نبرة صوته وهو يلقي عليها السلام عندما دخل المنزل، أثارت مخاوفها من جديد، رمقته بقلق وهو يُدخل الحقائب بصمت، فحاولت كسر ذلك الحاجز المفاجئ بينهما:
- جزاك الله خيرا، لقد أنرتَ البيت بعودتك..
ولدهشتها الشديدة أجابها بلهجة جافة، دون أن يكلّف نفسه عناء النظر اليها:
- شكرا..
لم يعد مجالا للشك، هناك خطب ما بالتأكيد!
وقبل أن تجد طريقة مناسبة لمعرفة ما يحدث، خاصة وهو يصر على تجاهلها بهذا الشكل المريب؛ اختفى في غرفة النوم ليتركها شاردة في صالة المعيشة، تؤنس الحقائب بأفكارها المتلاحقة..!
هل حدث معه شيء في رحلته! هل قابل أحدا!! هل سمع شيئا؟؟ هل....!!
وبدأت نبضات قلبها تتسارع، هل يُعقل أنه....
وقبل أن تكتمل الفكرة في ذهنها، فوجئت بسماع صوته:
- اذهبي وارتدي زيك الخاص بسرعة، سأنتظرك في صالة الاستقبال.. لا تتأخرى!
فحملقت فيه بدهشة وهي تتأمله برداء الكاراتيه خاصته، وقد ربط حزامه الاسود من الدرجة التاسعة (دان 9)، حول خاصرته بإحكام! وأمام تصلّبها؛ كرر كلامه بلهجة حادة وهو يعطيها ظهره متجها نحو الصالة:
- قلت لك اسرعي!!
عندها شعرت نور ببعض الغيظ من تصرفه، من يظن نفسه ليملي عليها الأوامر بهذه الطريقة الفوقية الفظّة! أهذا هو خُلق الرجل المسلم!!!
لكنها أقنعت نفسها أخيرا بأنه يمر بحالة طارئة، ولا داعي لإثارة المزيد من المشاكل بسبب ذلك، فاتجهت نحو خزانتها باستسلام وارتدت زيها هي الأخرى، ثم ربطت شعرها على شكل ذيل حصان، دون أن تمنع نفسها من التفكير بدافع عامر هذه المرة، والذي يبدو مختلفا تماما عن أول مباراة دارت بينهما..
كان ذلك في الأسبوع الثالث من زواجهما، بعد أن أخبرها عن رغبته في رؤية مهاراتها القتالية! لا زالت ابتسامته منطبعة في ذاكرتها عندما قال لها:
- أريد التأكد بنفسي من كفاءة فتاة حاصلة على الحزام الأسود!
عندها أخذتها الحمية، وشعرت بمسؤولية كبيرة تجاه ما هي مقدمة عليه، فأجابته بتحد واضح:
- إياك والاستخفاف بنا، سأنازلك بقوة من أجل (فتيات الكاراتيه) قاطبة، فلا تتهاون معي أبدا!
فما كان منه إلا أن أطلق ضحكة مرحة:
- حسنا هيا أريني ما لديك، ابدئي أنت الهجوم، وإن تمكنتِ من لمس رقبتي فسأعترف بك رسميا!
يومها بذلت جهدا كبيرا، لم ترضى بالهزيمة او الاستسلام، فرغم أنه الحائز على المركز الأول في البطولة الوطنية للكاراتيه، إلا أن لمس رقبته لا شيء يُذكر أمام مهاراتها الخاصة! هذا ما كانت تظنه!! وبإصرار شديد تابعت هجماتها، خاصة وأن شعورها بقلقه عليها، وخوفه من أذيتها قد أعطاها فُرُصا أكبر للفوز! صحيح أنها كانت ترغب باختبار مقدرتها الحقيقية، إلا أنها لم تستطع إنكار سعادتها باهتمامه.. أما اليوم.. فالوضع يبدو مختلفا بشكل كبير!!
لكنها طمأنت نفسها، على الأقل ما دام قد طلب منها ارتداء الزي، فهذا يعني أنهما سيخوضان مباراة ودية لا أكثر! فلو أنه ينوي ايذاءها لفعل ذلك مباشرة!!
أم أنه يحاول التغطية على أذيته لها مثلا!!
أرعبتها هذه الفكرة قليلا، لكنها سرعان ما طردتها من رأسها، فهو رجل يخاف الله قبل كل شيء!!
هذا ما أقنعت نفسها به أخيرا وهي تدخل إلى صالة الاستقبال، حيث وجدته بانتظارها بعد أن أخرج كل ما من شأنه أن يعيق نزالهما من الغرفة، مما أشعرها برهبة حقيقية، وكأنها تدلف إلى حلبة ملاكمة لتواجه مصارع غامض لا تعرف عنه شيئا!!
- تأخرتِ كثيرا..
قال جملته باقتضاب ووقف في مواجهتها علامة الاستعداد!
لأول مرة شعرت برعب حقيقي من نظراته، حتى أنها شكّت بكونه زوجها عامر الذي تعرفه، فاتخذت وضعية الاستعداد بسرعة؛ ليعاجلها بهجمته الأولى المفاجئة، والتي تمكنت من تفاديها في اللحظة الأخيرة!! لقد بدأ النزال بالفعل، وبجدية تامة!!!***
شعرت سوسن بصداع في رأسها فاستأذنت من والديها على مائدة العشاء لتعود الى غرفتها، فيما نظرت اليها امها بقلق:
- تحتاجين لراحة حقيقية بعد هذا المعرض، لقد أجهدتِ نفسك كثيرا يا ابنتي..
وعقّب والدها:
- سمعت ان أداءك كان رائعا، كان بودي الحضور، لكنك تعرفين؛ فهذه الأيام حاسمة بالنسبة لي، أنت تقدرين ذلك بلا شك!
فابتسمت سوسن:
- بالتأكيد يا أبي، أتمنى لك التوفيق في حملتك الانتخابية المقبلة..
فاستدركت أمها قائلة:
- من الجيد أنك ذكّرتني، إذ لم أجد الوقت لاخبارك من قبل، غدا سأرافق والدك في رحلة خارج المدينة من أجل المؤتمر الصحفي، اعتني بنفسك جيدا في غيابي، لقد أوصيتُ بهجة بك، فأظنها أكثر من يفهمك في هذا المنزل..
لم يخف على سوسن نبرة اللوم في كلام والدتها، فأرخت عينيها، وهي تتمنى أن لا تكون العلاقة التي توطدت بينها وبين بهجة مؤخرا، قد أثارت حفيظة والديها، واكتفت بقولها:
- اطمئني يا أمي سأكون بخير..
وبصعوبة استطاعت الصعود إلى غرفتها، وهي تحاول أن لا تبدي لوالديها مدى انهاكها، شعرت بأنها ستستقط على الدرج لكنها تماسكت، حتى اذا ما وصلت غرفتها، رمت بجسدها على السرير بإعياء شديد..
كان يوما عصيبا!!
هذا ما استقر في ذهن سوسن كأفضل وصفٍ لهذا اليوم!! لم تستطع تصديق ما سمعته، ولا ما شاهدته! لقد كانت مزحة بالتأكيد!! أهذا ما عنته نور بتحذيرها يا ترى؟؟
حاولت أن تمد يدها نحو هاتفها لتحادث نور، لكن الارهاق سبقها وقد أخذ منها كل مأخذ، فلم تنتبه لنفسها وهي تغط بنوم عميق..***
(يتبع) -
27-03-2014, 12:11#131
تابع الجزء التاسع عشر..
أخذت نور تلتقط أنفاسها بصعوبة، بعد عدة مناورات استطاعت فيها تلافي هجمات عامر المسددة نحوها بقوة، لقد كاد أن يصيبها في مقتل!! ماذا لو لم تتمكن من تفادي الضربة في اللحظة المناسبة، هل كان سيؤذيها حقا!!
مهما يكن دافعه ونواياه هذه المرة؛ لم يعد أمامها بدا من الدفاع عن نفسها باستماتة، فلا ضمان للعواقب أبدا على ما يبدو!!
هذا ما شعرت به، وهي تستجمع قواها من جديد، أمام نظراته الحادة المتأهبة!!
ولم تكد تستقر في وقفتها حتى عاجلها بهجوم آخر، استطاعت صده بمهارة فائقة، لتتوالى عليها بعد ذلك ضرباته الهجومية بلا هوادة، فيما استمرت هي بأخذ دور الدفاع فقط! ورغم الانهاك الذي شعرت به، إلا أن الموقف الذي وجدت نفسها فيه زادها اصرارا وعزيمة على التصدي له مهما كلفها الأمر، مما زوّدها بطاقة إضافية مكنتها من الصمود لفترة أطول..
أخذت تحاول جاهدة الحفاظ على طاقتها كي لا تُهدر عبثا، وهي ترى بوضوح وجه عامر الذي لم يَبدُ عليه أدنى أثرٍ للتعب بعد!!
أهذه هي شخصيته التي حذرها منها أيام الخطبة!! لقد قال لها وقتها:
- سأكون صادقا معك يا نور، إنني صعب المراس أحيانا خاصة عند الغضب، رغم انني أحاول جاهدا السيطرة على نقاط ضعفي هذه؛ إلا أنني قد لا أنجح في ذلك أحيانا، وقد تجدين مني شدة في بعض المواقف، فإن استطعتِ أن تعذريني فسأكون شاكرا لك..
يومها أجابته بصراحة:
- من الجيد أنك أخبرتني، فأظن أن أمرا كهذا لا يمكن السكوت عليه! فإنني لا أستطيع ضمان قدرتي على التحمل في ذلك الوقت!
فنظر اليها بتساؤل:
- ما الذي تعنيه!! أنا لم أقصد انني لن أحاول السيطرة على نفسي، من أجل أن يرضى الله عني على الأقل!!
- لقد كنتَ صادقا معي وأحببتُ أن أكون صادقة معك أيضا! لا يمكنني ضمان شيء!!
فما كان منه إلا أن ابتسم برضا:
- هذا يعني أننا متفِقَين! يسعدني أن تكوني قوية، فهذا أفضل بالنسبة لي من زوجة ضعيفة..
يومها فاجأها كلامه، غير أنه دخل قلبها بسرعة لم تتوقعها أبدا، وقد استطاعت بعد ذلك أن تكوّن له صورة واضحة في ذهنها، شخص له مساوءه كغيره من البشر، ويحاول تهذيب نفسه بتقوى الله! رغم أنها لم تر منه أي شيء مناف لحسن الخلق خلال الشهور الثلاثة التي قضتها معه، حتى كادت أن تنسى ما أخبرها به عن نفسه، أما اليوم وبلا أدنى شك؛ هاهي نفسه قد بدأت تتكشف أمامها بوضوح، ولكن.. ما الذي أغضبه تحديدا!!
كان هذا أكثر سؤال يلح على نور في تلك اللحظة، وهي تضع ذراعيها بوضع متعاكس أمام صدرها لصد ضربات عامر الشرسة، متراجعة للخلف في حركات تحاول من خلالها تجنب هجماته، حتى كاد التعب أن يقتلها، فيما بدا عامر مستعد للاستمرار في هجومه إلى ما لا نهاية!
وإذ ذاك تعثرت قدمها فكادت أن تسقط على ظهرها، لولا أنها تداركت ذلك بالإرتكاز على يديها، لتُفاجأ بعامر وهو يسارعها بضربة من قدمه كادت أن تصيبها في خاصرتها، لولا التفافها حول نفسها متفادية ذلك في اللحظة الأخيرة، لتسمع بعدها صوت ارتطام كعب قدمه بالأرض بقوة!! لقد راعها ذاك وأرعبها بشدة.. كاد أن يقتلها بالفعل! لكنها سرعان ما هبّت واقفة لتواجهه من جديد، وهي تستجمع ما تبقى لها من طاقة.. مقنعة نفسه بانها لم تكن لتنتظر شفقته عليها، فهذه فرصتها لتختبر قدراتها الحقيقية!! وهكذا.. لم تعد تراه أبدا الزوج الودود عامر، بل رجلٌ غريب عليها التصدي له بكل ما اوتيت من قوة، حتى لو اضطرت لأذيته!!
الهجوم خير وسيلة للدفاع.. هذه هي القاعدة التي يعرفها الجميع، ولا تحتاج لبديهة خاصة لاستنتاجها، غير أنها لم تخطر ببال نور إلا في وقت متأخر..
من يبدأ أولا سيفوز غالبا.. وهكذا تمكنت أخيرا من تسديد أولى ضرباتها نحوه في حركة مفاجئة، بدلا من أن تقف لالتقاط انفاسها كما كانت تفعل بعد كل جولة التحامية حامية بينهما، غير أن عامر تفادى ضربتها ببراعة، لتعاجله هي بضربات أخرى متوالية، تارة من يدها وتارة بقدمها، دون أن تُلقي بالا لحالة الاجهاد التي تمر بها، فلا وقت للتفكير في ذلك..
ورغم المهارة المذهلة التي أبدتها نور مع قوة التحمل طوال تلك الجولة، إلا أنها لم تتمكن من لمس عامر أبدا عوضا عن إصابته، حتى استنزفت قوتها بالكامل، فوقفت للحظة تحاول اعادة شحن طاقتها، إلا أن عامر عاجلها بهجمة لم تجد أمامها بدا من العودة إلى الدفاع لتلافي ضرباته من جديد، حتى وجدت نفسها محصورة في زاوية بين جدارين، وقد وصل الاجهاد بها إلى الحد الأقصى، فارتكزت على الجدار خشية السقوط وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة شديدة، فيما أخذ عامر يتقدم نحوها بخطوات ثابتة، أشبه ما تكون بخطوات تهديدية!
تلاقت عيناهما.. مازالت نظراته حادة.. ومرعبة!! شعرت بأن دقات قلبها تكاد تخترق صدرها كالخناجر، هل يُعقل أن يكون هذا رجلا آخر بالفعل!! ربما رجل متنكر بزي عامر.. ولم تلبث أن أوغلت بها تلك الأفكار المرعبة إلى حد لم تجد معه بد من تسليم أمرها لله بالكامل، فأغمضت عينيها لتفتحهما بذعر؛ بعد أن سمعت صوت دوي ارتطام قبضته القوية بالجدار إلى جانب أذنها اليمنى، كان الصوت أشبه ما يكون بدوي انفجار مزلزل هائل!!
الحمد لله أنها لم تكن موجهة الى وجهها وإلا لهشمته بالكامل!! هذا أول ما خطر ببالها.. فتمتمت في سرها:
- يارب الطف بي..
غير أنها ما أن فتحت عينيها حتى كادت أن تفلت منها صرخة فَزِعة، وهي تصطدم بنظرات عامر المثبتتة عليها على بعد أُنملة!! فأغمضت عينيها مجددا لتفاجأ بنقرة قوية من إصبعه على جبهتها، تأوهت إثرها تلقائيا، فيما سمعت صوته الذي تعرفه:
- أظن أن هذا يكفي!!
لم تصدق نور أذنيها، أبعد أن وصلت إلى مرحلة جزمت من خلالها أنه شخص آخر؛ يتبين لها أنه عامر!!
أخذت نور تحدق بعامر لتستوثق مما سمعته، فابتسم معلقا:
- هل ترغبين بالمتابعة أم ماذا!!
فتنفست نور الصعداء وجلست على الأرض أخيرا مُركزة ظهرها للجدار، وهي تتحسس جبهتها:
- هذا مؤلم جدا!! لقد أخفتني حقا!
فأجابها عامر- بعد أن أحضر كرسيا وجلس عليه قبالتها:
- تستحقين أكثر من ذلك..
وبما أن جلسته تلك لم تعجبها، فقد حاولت النهوض لتحضر كرسيا آخر مثله، إلا أنها لم تجد في نفسها القوة لفعل ذلك، فاكتفت برفع رأسها نحوه بتساؤل، وقد شعرت بأنها كالتلميذ المخطئ الذي يجلس بين قدمي أستاذه طالبا لعفوه!! ورغم أن تلك الفكرة أزعجتها؛ لكنها لم تجد مفرا من الاستماع لوجهة نظره! وأمام صمته، بادرته السؤال بنوعٍ من الحدة:
- ما الذي تعنيه بقولك يا حضرة الاستاذ عامر!
فتأملها عامر للحظة قبل أن يقول مبتسما:
- مهما حاولتِ التعبير عن غضبك بتلك النبرة، إلا أن هذا لن يجعلني أسامحك بسهولة..
شهقت نور بدهشة:
- ماهذا الذي تقوله!! ما الذي فعلته لك؟؟ هل أنت جاد!!!!
فأومأ عامر برأسه مؤكدا:
- وهل تظنينني أمزح!! إنني جاد بالطبع!
حاولت نور تذكر ما قد يكون صدر عنها دون أن تدري، فلا يعقل أن يعاملها عامر بتلك الطريقة دون مبرر! لكنها أخفقت بالعثور على إجابة شافية، فنظرت نحوه مرة أخرى قائلة:
- لا أذكر أنني أخطأتُ بحقك أبدا، بل على العكس تماما، لقد أعددتُ كل شيء على أكمل وجه من أجل استقبالك، أم أنك لم تلاحظ ذلك؟؟
فعقّب عامر على كلامها بلهجة جادة:
- وعقلك في مكان آخر!!
عندها شعرت نور ببعض القلق، مالذي يقصده بقوله! لكنها أسرعت تقول:
- إنني لا أفهمك! ما الذي تقصده؟؟
فتنهد عامر:
- أشك بأنك لم تفهمي ما أعنيه، إلا إن كنت تعتقدين أن انشغالك عن زوجك الغائب ونسيانك له؛ يُعدّ أمرا طبيعيا!!
ارتبكت نور قليلا وقد فهمت ما يقصده، لكنها ردت عليه بقولها:
- لم أتعمّد تجاهل مكالماتك وقد أخبرتك...
فتابع عامر:
- كنتِ شاردة قليلا!! أليس هذا ما قلتيه!!! إن هذا ما يُطلق عليه العذر الأقبح من ذنب..
لم تستطع نور مجاراته أكثر، فقالت بحزم:
- عامر.. لا يحق لك أن تحاسبني بهذه الطريقة، فأنا بشر وقد شردتُ بالفعل، حتى أنني لم أسمع نداء أمي!!
أطبق صمت ثقيل بينهما للحظات، قبل أن يقطعه عامر بسؤاله:
- وما هو ذلك الشيء الذي أشغلك عنا جميعا؟؟
كان هذا هو أسوأ شيء تتوقع نور سماعه، وتمنت لو أن الأرض تنشق وتبتلعها قبل أن تضطر للإجابة، ما الذي ستجيبه به!! حاولت أن تفكر بأي شيء تقوله دون جدوى، حتى راعها عامر بقوله:
- أهو شيء يتعلق بالفن؟
شعرت نور بأنها تلقت الضربة القاضية أخيرا، إلى أي مدى تصل معلوماته عنها!! لقد افتُضح أمرها بلا شك!!
يارب.. هذا أمر لا أحب أن يتطلع عليه أحد!!
وكأن الله استجاب لدعائها، فقد شعر عامر بنوع من التفهم وهو يتفحص معالم وجهها بتمعن:
- لن أطلب منك أكثر من ذلك، فربما من الأفضل أن لا تخبريني..
والتقط نفسا قبل أن يتابع:
- حتى لو كان أمرا من الماضي، فإنني لا أحتمل أن يستحوذ أي شيء على تفكيرك ويشغلك عني يا نور!
اكتفت نور بالصمت دون أن تنبس ببنت شفة، فأطلق عامر تنهيدة طويلة:
- على كل حال جزاك الله خيرا لحسن استقبالك، رغم أنني لا أريد منك أن تقومي بشيء من أجلي، وكأنك تؤدين واجبا لا أكثر!
ورغم أن تغيير الموضوع أراحها قليلا، إلا أنها شعرت بغصة حقيقية لسماع ذلك منه، فردت عليه بقولها:
- لكنني كنت سعيدة...
ولم تستطع إكمال جملتها إثر تلك النظرة المثبتتة على عينيها، فأرختهما بسرعة وقد شعرت بخفقان في قلبها، واحمرار شديد في خديها لم تشعر بمثله من قبل، فما كان من عامر إلا أن نهض من كرسيه، واقترب منها ليجلس قبالتها على الأرض، متناولا يديها ليضمهما إلى صدره بحنان:
- أرجو المعذرة منك يا نور..
لم تستطع نور احتمال الموقف أكثر من ذلك، فتظاهرت بالغضب ورمته بنظرات عاتبة:
- ماذا لو لقيت حتفي بسببك!!
فابتسم عامر بمودة:
- لكنني كنت حريصا أن لا يصيبك مكروه!!
ففتحت نور عينيها عن آخرهما وهي تقول باستنكار:
- لا تقل لي أنك كنتَ متساهلا معي طوال الوقت!!
فلم يملك عامر نفسه من اطلاق ضحكة صغيرة:
- وهل كنتِ تظنين أنني نازلتك بجدية!!
كان كلامه صدمة حقيقية لها، فقد قدّمت أقصى ما لديها من مهارات، إلا أن عامر أسرع يطييب خاطرها بقوله:
- أنت قوية بالفعل يا نور، لا أظن أن هناك فتاة أخرى ستصمد مثلك..
فابتسمت نور أخيرا باستسلام:
- حسنا لا بأس.. عليّ أن أرضى بالواقع، فمن الحماقة أن أقارن نفسي بالحائز على المركز الأول في الكاراتيه على مستوى الوطن...
لم تكد نور تتفوه بكلماتها تلك، حتى على التجهم وجه عامر، فأفلت يديها قائلا:
- لقد قلت لك سابقا.. لستُ الأول...
فقالت نور بتفهم:
- حسنا حسنا فهمت.. لا زلتَ تصر على تواضعك الغريب هذا، رغم أن المحكّمين...
فما كان من عامر إلا أن قاطعها بلهجة لا تخلو من ضيق:
- أرجوك يا نور.. أخشى أن أكون من الذين يحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا...
عندها وضعت نور يدها فوق يده وضغطت عليها برقة:
- أتفهّم موقفك يا عامر، ولكن رفض ذلك الشخص من الظهور في الواجهة، هو الذي جعل المحكمين يقلدونك وسام المركز الأول، أي أنك تستحقه بنظرهم..
فتنهد عامر ولم يقل شيئا، فيما سرحت به أفكاره بعيدا كما بدا لنور، فقالت له:
- أرجوك يا عامر لا تجعل هذه الوساوس تسيطر عليك، استعذ بالله من الشيطان الرجيم، وبإذن الله لن تكون أبدا من اولئك القوم..
فنظر اليها عامر بصمت، قبل أن يطرق رأسه مرددا:
- أرجو ذلك..
همت نور بأن تضيف شيئا، لكنها أمسكت عن ذلك بسرعة، وقد لاحظت أن لدى عامر ما يقوله:
- كلما تذكرتُ ذلك الشاب، راودني شعور غريب، كان غامضا جدا ولطالما شعرتُ بأنه يخفي أمرا في غاية الخطورة! كان قويا ومتمرسا بما يكفي لسحق عشر رجال أشداء بنزال واحد! ورغم أنني كنت أقرب الموجودين إليه إلا أنني لم استطع فهمه ولا مرة واحدة، لكنني لم أتوقع أن يصل به الحد إلى إعلان انسحابه أمامي بتلك الطريقة.....
أخذت نور تُنصت له باهتمام، وهي تتمنى أن تعثر على طريقة تساعده فيها للتخلص من نقطة ضعفه تلك، شخص يظن الجميع أنه الأول على مستوى البلاد؛ بينما يعلم هو يقينا بأنه في المركز الثاني بسبب شخص غامض.. قد لا يكون موضوعا كهذا ذو أهمية، لكنه يعني الكثير لعامر.. إذ لم يكن يمقت شيئا أكثر من مقته لحصوله على شيء لا يستحقه!!
كانت نور تجلس على ركبتيها قبالته وهي تمسك بيده غارقة في تفكير عميق، عندما فاجأها بقبلة خاطفة على جبينها، أخرجتها من أفكارها عنوة، فأرجعت رأسها للخلف بعفوية، فيما ابتسم عامر قائلا:
- لا داعي لأن تشغلي نفسك بالتفكير في هذا الأمر، سأكون بخير ما دمتِ مهتمة بي هكذا! فهذا ليس أشد ايلاما عليّ من ذلك الشرود الذي يُشغلك عني!!
فخفق قلب نور بقلق، وقد عادت مخاوفها لتحدثها:
- لا.. !! ليس مرة أخرى.. أما زال يذكر ذلك..
فضحك عامر لمشهدها وقد خمّن أين وصلت بتفكيرها:
- لا تقلقي يا عزيزتي، فلن أسألك عن ذلك مرة أخرى..
وصمت قليلا قبل أن يتابع:
- حتى وإن أردتِ إخباري فسأوقفك بنفسي..
فنظرت إليه نور بتساؤل وجِل:
- هل تعني أنك غاضب مني؟
فابتسم عامر بلطف:
- كلا لست غاضبا، ولكن بالتفكير الجاد في الأمر، من الأفضل أن لا أعرف بذلك أبدا، فإني طبيب يلِج عليه الكثير من المرضى، ومسلم قبل ذلك، وأخشى أن يكون وراء شرودك شخص ما، فلا أستطيع مسامحته أبدا، بل ربما أفقد سيطرتي على نفسي إن التقيته يوما ما، فالدنيا صغيرة كما تعلمين..
غاص قلب نور إلى أسفل قدميها، إذن.. هو يتوقع أن وراء ذلك شخصٌ ما أيضا!!!!
غير أنها استدركت بسرعة:
- لقد نسيتُ شيئا مهما..
وابتسمت بحبور وهي تنهض بحماسة قائلة:
- انتظر قليلا لو سمحت..
فأومأ عامر برأسه وهو يتأملها بابتسامة مماثلة:
- حسنا..
وما أن غابت عن ناظريه، حتى أعاد ترتيب الصالة إلى ما كانت عليه، وهو يشعر بنوع من الندم على ما فعله بها عند عودته:
- من الجيد أنني لم أتسبب ببكائها مع تلك القسوة، أو ربما كانت تكابر..
وزفر بألم.. لماذا فعلتُ ذلك معها!!
وعادت به ذاكرته إلى ذلك الحوار مع والدته، قبل أربعة أشهر فقط! سبحان مقلب القلوب ومغير الأحوال!!! يومها كان يتوسل إليها بالعدول عن رأيها في تعجيل زواجه:
- ارجوك يا أمي، انني لا أفكر بالزواج الان، لدي الكثير من الابحاث التي أرغب بالقيام بها، ولن أكون متفرغا لحقوق الزوجية!!
- لكنها فتاة لا تعوّض، انها تناسبك تماما..
- لا أظنني امتلك من الرفق ما يكفي لأعامل زوجة، أفضل البقاء عازبا على الاخلال بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم في الرفق بالقوارير، أنت تعرفين الفتيات يبكين لأدنى سبب..
- قلت لك انها مختلفة وذات شخصية قوية جدا، لا أظنك ستجد صعوبة في تعاملك معها، ثم انك ان لم تكن تمتلك مقدارا جيدا من الرفق فمن باب أولى أن تبتعد عن مجال الطب!! فلا تدّعي التورع! هذه طبيعة الحياة فلا تكن عنيدا يا عامر!!
- حسنا استسلمت، إذا كانت كما تصفينها فلا بأس، رغم انني أفضل الارتباط بطبيبة أو ممرضة لتساعدني في الأبحاث..
لولا أن أمه حدجته بنظرات ذات معنى:
- لقد قلت لك، لن تجد فتاة تناسبك أكثر من هذه الفتاة! ثم ان لديها الحزام الاسود في الكاراتيه، لذا لن تجدها ضعيفة أبدا.. أقول هذا لطمأنة ورعك الزائد، رغم انني لست مقتنعة بما تقول أبدا..
فاستسلم عامر لها بابتسامة ودودة:
- حسنا ما دمتِ ترينها كذلك وقد أحببتيها بهذا الشكل، فلا شك أنها ستعجبني..
من الجيد أنه كان يؤمن تماما بنظرية (البوصلة)*، التي تساعده كثيرا في بر أمه، فما دامت أمه تراها مناسبة له فلا شك أنها كذلك، وهذا ما تأكد منه بنفسه في فترة الخطوبة، لقد دخلت قلبه منذ الجلسة الأولى معها، رغم أنها كانت صريحة جدا في التعبير عن رأيها:
- انت الرجل وأنت من بيده القوامة، فلا تتوقع مني احتمال أشياء لا يمكنك احتمالها بنفسك!!
كما قالت أمه، انها قوية بما يكفي ليطمئن على نفسه معها، فقد كان أكثر ما يخشاه الارتباط بفتاة ضعيفة مستكينة، قد يُسيء اليها دون أن يدري! لم يكن مستعدا ليتحمل اثمها امام الله..
لذا كان أكثر ما أعجبه في نور أنها لم تكن من النوع الذي يصنف ضمن الفتيات الحسّاسات كأخته، والتي ما أن يرتطم بها ولو بطريق الخطأ حتى تصرخ متأوهة!! لقد سببت له عقدة حقيقية من الارتباط بأي فتاة؛ حتى خُيّل إليه أنه لو وكز أي فتاة لقضى عليها!! ربما كان متأثرا جدا بقصة سيدنا موسى عليه السلام، وربما كان شيئا آخر.. لكن النتيجة النهائية كانت واحدة..
ورغم أنه لم يشكّ لحظة واحدة بأن نور ستعجبه كما قالت أمه، إلا أن آخر ما كان يخطر بباله هو أن يهيم بها حبا، وهو الذي يعدّ نفسه رجلا عمليا بدرجة كبيرة! كل ما يهمه هو ابحاثه وكتبه، بعد أن سيطر عليه ولعه الشديد بالعلم والأبحاث الطبية الجديدة!!
حتى بعد الزواج، لم يتوقع أن تتطور مشاعره نحوها بذلك الشكل، وهو الذي كان حريصا على توضيح كل الامور المتعلقة بطبيعة عمله لها؛ حتى لا يثير لديها الغيرة بأي شكل من الأشكال! كانت متفهمة جدا أكثر مما توقع، ولم يجد منها تصرف امتعاض واحد تجاه ذلك!! بل إنه لا يذكر أنها قامت بمهاتفته خلال فترة عمله أبدا، لقد تقبلت طبيعة عمله بسرعة، ولم تكن من النوع المتشكي بأي شكل، رغم انه لم يتمكن من قضاء شهر العسل معها كما يُتوقع من عروسين!!
إما انها صبورة جدا ومتفهمة لأبعد الحدود، أو أنها تثق به تماما وتقدر موقفه، أو انها لا تبالي به مطلقا!!
وكان ذلك الاحتمال كفيل بتعكير مزاجه!(يتبع)
-
27-03-2014, 12:13#132
تابع الجزء التاسع عشر..
قد تكون ثلاثة أشهر مدة قصيرة ليصدر أحكامه هكذا، لكنها كانت كفيلة بما يكفي لتعزيز مكانتها في قلبه.. كانت تساعده في ادخال البيانات الخاصة ببحثه، عوضا عن قيامها بطباعة التقارير له، لا سيما وأنها سريعة في ذلك اضافة الى لغتها الممتازة، بل انها أصبحت مُلمّة بشكل كبير بطبيعة تخصصه من كثرة حديثه عنه، ومع ذلك لم يذكر انها شاركته هما واحدا من همومها، حتى مجال الرسم الذي عرف من والدته عن موهبتها فيه، لم تخبره عنه مطلقا ولا عن هدفها بشأنه؛ إلا بعد أن أثار الموضوع معها.. يومها لحظ تعكر مزاجها لأول مرة، أو ربما خُيّل اليه ذلك، إذ سرعان ما أخبرته عن هدفها؛ لينسجما معا في حديث آخر عن نهضة الأمة وأهدافهما المشتركة بانشاء جيل صالح، كانت أقرب ما يكون للصديق منها للزوجة الحبيبة، وهذا أسعده كثيرا بداية، لكن الآن... أصبح يؤرقه ذلك إلى حد كبير!!
حتى أنه عندما اقترح عليها معاودة الرسم مرة أخرى في تلك المدينة، لم تكن لتبالي بإحضار لوحاتها للمنزل، هل تظنه حقا لا يهتم بها إلى هذه الدرجة!! ربما قد أدركت عدم اهتمامه بالفن، لكن هذا لا يعني انه لا يهتم برسمها هي شخصيا!!
ربما عليه توضيح هذه النقطة لها أكثر!
الهذه الدرجة يحبها! حتى مجال الرسم الذي لا باع له فيه ولا ذراع، ولا يذكر يوما انه فكر بتأمل لوحة عوضا عن رسمها، أصبح مهتما بمعرفة كل شيء عنه من أجلها!!
لقد علم بأنها توقفت عن الرسم لفترة لا بأس بها، أتراها عانت من أمر ما!!
لماذا راوده شعور بأن شرودها ذاك له علاقة بالفن!! إنها من النوع الكتوم جدا كما استنتج مؤخرا، فهل هي بحاجة لفنان مثلها ليفهمها؟؟
شعر بوخزة في صدره إثر تلك الخاطرة!! فصرفها عن رأسه بسرعة، مستعيذا بالله من شرها، فيكفيه أنه لم يستطع فعل أي شيء من قلقه عليها وتفكيره بها، عندما لم تُجِب على اتصاله بداية، بل وقد ازداد الطين بلة عندما اجابته بتلك اللهجة المصطنعة بعد ذلك، لقد شغلت عقله تماما ولم يستطع التفكير بأي شيء سواها في ذلك الوقت، وهو الذي ظن بأنه لا شيء يمكن أن يلهيهه عن عمله وبحثه، كان شغوفا بالقراءة وبالكاد يجد وقتا ليلتهم المزيد من المعلومات التي قد تساعده في بلورة فكرته البحثية، ومع ذلك لم يستطع التركيز في صفحة واحدة من انشغال عقله بها!!
لقد صدقت امه:
- لا تكن واثقا بنفسك كثيرا، فربما تجد نفسك مغرما بها أكثر من بحثك الذي تعشقه!
- اذا كان هذا ما ترينه فلا بأس! رغم انني لا أرغب بالاقدام على شيء يلهيني عن بحثي، فهدفي هو نهضة الأمة قبل أي شيء!
فما كان من امه إلا أن علقت بقولها:
- ما من إفراط إلا وسيعقبه تفريط، والقلوب بيد الله يقلبها كيفما يشاء..
وهاهو الآن يثبت ذلك عمليا!! وإلا.. فما هو التفسير المنطقي لتصرفه ذاك!!
صحيح أنها بجواره الآن، لكنه لم يستطع احتمال فكرة لامبالاتها به في ذلك الوقت، ما هو الشيء الذي يشغل تفكيرها! هل كان غضبه منها بسبب قلقه عليها، أم لأنه شعر بأنها لا تبادله ذلك الاهتمام أبدا!!
أحس برجفة خفيفة في جسده، فهو لا يريد أن ينقلب ذلك وبالا عليه، وهو الذي كان يعيب على المحبين تضييع مصالحهم! صحيح أنها زوجته، لكنها تشغل تفكيره بشكل كبير، أكبر مما يُفترض برأيه، الا يكفي في البيوت الاحترام والتفاهم، وهي لا تقصر في ذلك بشيء!! فما باله الآن يفكر في أمور كهذه لا تسمن ولا تغني من جوع! بالطبع لن يسألها ما إن كانت تحبه أم لا؛ فجوابها سيكون نعم بالتأكيد، يعرف طبيعتها جيدا، لكنه يود لو يشعر بذلك فقط!!
يارب سامحني لم أقصد أن أأذيها!!
وأخذ قلبه يدعو بخشوع وتضرع وانكسار شديد:
- يارب سامحني واغفرلي قسوتي معها، يارب لا تؤاخذني إن أخطأت وأعني على ضبط مشاعري بما يرضيك عني.. فأنت من مكّنت حبها من قلبي، وإني أسألك أن تجعله طريقا لرضاك عنا، وأعوذ بعظمتك من أن ينقلب وبالا علينا، اللهم أنت وحدك تعلم مقدار حبي لها، فلا تريني فيها مكروها أبدا، وارزقني منها ذرية صالحة تقر أعيننا، يارب احفظها لي في الدنيا واجمعني بها في الفردوس الأعلى، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، ويا مصرف القلوب اصرفها إلى طاعتك، يارب احفظ قلوبنا بتقواك وخشيتك، وأعنا على العمل معا لنهضة أمة حبيبك صلى الله عليه وسلم.. لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين..
كان عامر يجلس بهدوء وسكينة على كرسيه، وهو يضع رأسه بين ذراعيه المرتكزتين على الطاولة أمامه، عندما أحس بقدوم نور، فرفع رأسه لتقع عيناه عليها وهي تقف أمامه حاملة صحنا مجوفا، بابتسامة مرحة:
- هذه هي مفاجأتي الصغيرة لك..
فنظر إليها بتأمل، فيما تابعت هي بحماسة:
- الحلوى المثلجة بنكهة الليمون التي تحبها، لقد وجدتُ وصفتها أخيرا، وقمتُ بإعدادها لك بنفسي..
غير أن عامر استمر بالتحديق بها بنظرات أربكتها قليلا، فقالت له:
- هيا.. ألن تجربها؟
وبابتسامة هادئة نهض عامر من مكانه أخيرا، غير أنه بدلا من أن يتناول الصحن من يد نور كما توقعت، وضع يده على خدها الأيمن، مما جعلها تجفل لتلك الحركة غير المتوقعة، فأرخت رأسها، ليفاجئها بعد ذلك بتطويق خاصرتها بذراعه اليسرى، جاذبا إياها نحوه..
لم تعد نور ترى شيئا، فقد كان رأسها مستندا على صدره، فيما تسارعت نبضات قلبها وهي تستمع لحديث نبضاته، وتشعر بأنفاسه الدافئة على شعرها:
- قد أصبر على ابتعادك عني من أجل والديك، ففضلهما لا يمكنني إنكاره أو تجاهله، لكنني لن أحتمل أكثر من ذلك! لذا أرجوك.. لا تشعريني مرة أخرى بأن هناك ما هو أهم مني بالنسبة لك..
لم تصدق نور أن ما سمعته للتو كان صوت عامر، هل هي في حلم أم ماذا!! أهذا عامر حقا!! لم تتوقع أن تسمع منه ما سمعته وبتلك اللهجة المفعمة بعاطفة جياشة، قد تعجز هي نفسها عن امتلاكها!!
ماذا عليها أن تفعل في موقف كهذا!!
غير أنها انتبهت أخيرا للصحن الذي مال بين كفيها، لقد ذاب ما فيه من حرارة تلك المشاعر بلا شك..
- عامر.. لقد سُكِبَت الحلوى!!
فانتبه عامر وهو يبتعد عنها معتذرا:
- ناوليني الملعقة لو سمحت..
فنظرت اليه نور بتساؤل وهو ينحني على الأرض:
- ما الذي ستفعله؟ سأحضر لك صحن آخـر...
فقاطعها وهو يمسكها من يدها ليمنعها من الذهاب:
- سآكل هذه أولا، فقد صنعتِيها من أجلي ولن أترك منها شيئا للشيطان..
فاعترضت نور بقولها:
- ولكنها أصبحت شبه سائلة، وليست من الطعام الذي يمكنك النفخ عليه عندما يقع؟؟
غير أن عامر الذي هم بالفعل بتناول الحلوى من الأرض، فقد قال لها بثقة:
- ألم تنظفي البيت اليوم يا عزيزتي؟؟ ثم إنني لا أقوم بفعل ذلك نزولا عند حكم شرعي كما تظنين، فللمشاعر أحكام أيضا..
لم تجد نور ما ترد به عليه، وهي تتابعه بنظراتها وهو يسمى بالله شارعا بالأكل باستمتاع واضح، حتى رفع رأسه نحوها باسما:
- لذيذ جدا.. ألذ طبق حلوى آكله حتى هذه اللحظة.. جزاك الله خيرا وسلمت يداك..
فابتسمت نور بسعادة:
- الحمد لله أنه أعجبك، رغم أنني كنت أرغب بأن تأكله بشكل أفضل!!
فعلق عامر وهو يتابع الأكل بتلذذ:
- يكفيني أنك صنعتيه بيديك ومن أجلي..
فقالت نور:
- هذا من ذوقك بالطبع..
لكن عامر توقف فجأة، ورفع رأسه نحوها من جديد قبل أن يضيف:
- بل من حبي لك.. وما هذا إلا جزء يسير مما يكنه قلبي.. ولكن يبدو أن رجلا مثلي؛ عليه أن ينتظر طويلا حتى يحظى بجزء من هذه المشاعر منك!
لم تجد نور ما ترد به، وقد ألجمتها المفاجأة من طريقة تفكيره تلك، فتابع عامر كلامه بلهجة مرحة:
- لا أظن أن هناك أحد يمكن أن يتعرفك عن قرب؛ ثم لا تنفجر عواطفه بهذا الشكل!!
فلم تملك نور نفسها من إطلاق ضحكة لتلك الدعابة التي سمعتها:
- هذا ما يُخيّل إليك أنت فقط..
فرد عامر عليها بقوله :
- أرجو ذلك، فلا أظنني سأكون سعيدا لو حصل هذا مع أحد غيري..
وقبل أن يستطرد أكثر، خرجت نور من الصالة مستدركة:
- لم أشعل سخّان الماء للاستحمام بعد..
أخذ عامر يدق بالمعلقة على الأرض مفكرا، بعد أن أتقن أكل الحلوى بامتياز:
- أرجو أن لا تكون قد انزعجت من كلامي!!
إلا أنها عادت بسرعة، وهي تحمل منشفة صغيرة مبللة بالماء لتمسح الأرض، قائلة:
- هل أنت من أشعل السخّان؟ الماء ساخن، يمكنك أخذ حمام الآن فلا شك أنك متعب..
غير أن عامر أسرع بتناول المنشفة منها قائلا:
- لقد تعبتِ اليوم بالتنظيف يا نور، وجاء دوري الآن، خاصة وأنه كان خطئي..
فتظاهرت نور بالغضب وهي ترد عليه:
- وهل تعبيرك عن مشاعرك لي بتلك الطريقة يُعد خطئا!!
لم يبد على عامر أنه قد فهم ما قالته نور، فالتفت إليها متسائلا:
- هلا أعدتِ ما قلتيه رجاء؟
فاستغلت نور تلك الفرصة وشرعت بمسح الأرض قائلة:
- لقد قلت بأن ما فعلتَه لم يكن خطئا..
انتبه عامر لها بعد أن أنهت التنظيف، فأمسكها من يدها قبل أن تذهب:
- لقد ضحكتِ علي اذن، حسنا سأقوم أنا بإزالة البقع عن الملابس!!
فضحكت نور وهي تخلص يدها منه:
- لا تقلق بهذا الشأن، فأدوات التنظيف والغسّالة سيقومون بذلك على أكمل وجه، من الأفضل الآن أن تأخذ حماما ساخنا..
قالت جملتها وهي تهم بالخروج، غير أنه استوقفها بلهجة جادة:
- نور..
فالتفتت إليه بتساؤل، ليتابع قائلا:
- هل لي أن أطلب منك شيئا؟
فهزت نور رأسها إيجابا:
- بالطبع.. سأحاول فعل أي شيء على قدر استطاعتي إن شاء الله ، ماذا هناك؟
فتنهد عامر قبل أن يقول:
- هل يمكنك أن ترسمي لي لوحة؟؟
فنظرت اليه باستغراب، مما جعله يستدرك قائلا:
- لا أقصد لوحة شخصية، وانما لوحة..
وصمت قليلا قبل أن يتابع:
- ...تصفين بها مشاعرك نحوي!!
حملقت فيه نور لوهلة غير مصدقة أذنيها، فسألها عامر:
- هل أزعجك طلبي؟
فهزت نور رأسها نفيا:
- لم أقصد ذلك.. ولكنني لم أكن أعلم أنك مهتم بالرسم وشاعري إلى هذه الدرجة!!
فنظر اليها بتأمل عميق:
- وهل يسوؤك هذا!!
ارتبكت نور لتلك الملاحظة واحمرت وجنتيها:
- لم أقصد هذا، كنت متفاجئة فقط!!
فما كان منه إلا أن اقترب منها، وضمها اليه بشدة:
- نور.. لا أعرف ما الذي فعلتيه حتى يضع الله لك كل هذا الحب في قلبي! قد لا تأخذين كلامي على محمل الجد، لكنني صدقا.. أحبك أكثر مما تتخيلين، حتى أنني لا أعرف أحيانا كيف أتصرف بهذا الحب!!***
فتحت سوسن عينيها لتجد نفسها مستلقية على سريرها بملابس الخروج! كيف حدث هذا!! ما الذي فعلته آخر شيء؟ لقد أوصلها أيهم إلى المنزل بعد العشاء، ثم..
تنهدت سوسن وهي تسرترجع ذلك الموقف الذي تمنت لو أنه مجرد حلم لا أكثر، إلا أنه تمثل أمامها بوضوح، بما لا يدع مجالا للشك بكونه حقيقة لا مراء فيها..
كان سامر ينظر إليها بنظرات لا تجد لها سوى تفسير واحد، خاصة وهو يقدم لها تلك اللوحة بابتسامة لم تدع مجالا لشك في قلبها الذي تسارعت نبضاته:
- لقد أسميتها " ملاك القلب ومالكته"..
لم تكد عيناها تقعان عليها، حتى شعرت بدوار حقيقي، وهي تجاهد لتكذيب ما تراه، ومن ثم لإنكار ما قد يُفهم من ذلك!!
- شكرا لأنكِ أريتني كيف يُرسم الجمال الحقيقي!!
كان الأمر أكثر من طاقتها فتصلّبت دون أدنى حركة من يدها، التي يفترض بها أن تتناول تلك اللوحة المقدّمة لها من سامر، حتى شفتيها انتقلت لهما عدوى التصلب المفاجئ.. لقد أصبحت أشبه ما تكون بمومياء شاحبة، لم تلبث أن فقدت توازنها!! غير أن أيهم الذي أسندها إلى صدره وهو يحيط خاصرتها بذراعه، أنقذها من السقوط المحتم في اللحظة المناسبة!!
ما الذي كانت ستفعله لو لم يأتِ أيهم!!
لقد تمكن بعدها من مداراة الموقف بدهاء، وهو يبتسم لسامر مبديا إعجابه الشديد برسمه:
- شكرا لك أستاذ سامر، بالتأكيد لن نجد أجمل من هذه اللوحة لنزين بها منزلنا أنا وسوسن!!
شعرت سوسن وقتها أنها في حلم، فقد كانت شبه غائبة عن الوعي من هول الصدمة، لم تتخيل أن ترى رسما لها بتلك الطريقة..
وردة حمراء قانية كبيرة، ألوانها أشبه بالدماء السائلة من قلب نابض، يخرج منها رسم تفصيلي يُظهر رأسها ورقبتها إلى منطقة الكتفين قريبا من الصدر بشكل عاري، فيما تطايرت خصلات من شعرها بشكل ساحر حول تاج برّاق زيّن شعرها، وكأنها حورية حسناء آية في الجمال خرجت من وردة لتتربع على عرش القلب!!
هل يُعقل أنه ظن بأنها ستسعد لذلك!! من الجيد أن أيهم أخذ اللوحة معه..
يجب أن تتخذ خطوة أكثر جرأة، لم يعد هناك مجال للتردد أكثر.. لقد بلغت الذروة في (التأذّي النفسي) ولا يمكنها احتمال المزيد، ومن دون أن تشعر؛ انهمرت الدموع غزيرة من عينيها رثاء لحالها البائس.. وأخذت تلك الكلمة ترن في أذنيها كدقات الساعة..
فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين.. فلا يؤذًين..
غير أنها هبّت واقفة وقد تذكرت أنها نامت قبل أن تصلي العشاء، فأسرعت تنظر في ساعتها، لتتنفس الصعداء محدثة نفسها:
- الحمد لله لم يطلع الفجر بعد، ما زال أمامي ساعة ونصف على الأقل، يبدو أنني كنت متعبة جدا لأنام هكذا!! حتى أنني لم أغيّر ملابسي!!
وقبل أن تفكر بأي شيء آخر اغتسلت وصلت، وابتهلت الى الله أن يعينها على تحقيق ما تخطط له، لقد اتخذت قرارها أخيرا ولا مجال للتراجع الآن..***
أخذت نور تمسد على شعر عامر بلطف وهي توقظه:
- السلام عليكم، سيرفع أذان الفجر بعد ربع ساعة، ألا تريد أن تصلي بي ركعتيـ...؟؟
لم تكد تتم جملتها حتى فتح عامر عينيه مرددا:
- الحمد لله الذي أحيانا بعد أن أماتنا وإليه النشور..
ثم نظر إلى المنشفة التي لفت بها شعرها المبلل متسائلا:
- ألم تنامي بعد؟؟
فأجابته نور بابتسامة رقيقة:
- لقد استيقظت قبلك بقليل فقط، فأخذتُ حماما سريعا أجدد به نشاطي، وتركت لك ماء ساخنا..
فابتسم عامر وهو يمط ذراعيه ليطرد عنه النعاس:
- جزاك الله خيرا..
وبسرعة تناول منشفته ودخل ليستحم، فيما أخذت نور تجفف شعرها، وكلمات عامر ليلة أمس ترن في أذنيها:
- لوحة تصفين بها مشاعرك نحوي...!
لم تفكر بهذا من قبل، لقد فاجأها جدا كلامه، ما هي مشاعرها تجاهه؟؟ لم تفكر بذلك من قبل بهذا الشكل! أخذت الأمور ببساطة، الزواج مودة وحب ورحمة وتفاهم وانسجام، وهما كذلك كما ترى بفضل الله، فهل يقصد عامر شيء آخر!! عندها عادت بذاكرتها لذلك اليوم الذي أخبرتها والدتها فيه عن الخطبة، عامر ضياء، لقد سمعت باسمه من قبل رغم انها لم ترى صورته، فهو معروف لكل مهتم بعالم الكاراتيه، بعد أن حاز على البطولة الوطنية، لم تتخيل أنه قريب منها لهذه الدرجة، كان هذا أكثر ما أثار حماستها نحو الخاطب الجديد بعد أن أخبرتها أمها عن خُلُقه ودينه، ورغم ذلك.. كان عليها أن تصارح نفسها بصدق، إذ كان طيف سامر يراودها بين الحين والآخر، رغم أنها تركت عالم الفن لأجله، حتى نسيت هدفها تماما بشأنه!! لم ترسم لوحة واحدة بعدها، فقد كان كل شيء يذكرها به وهي تريد أن تنسى، غير أن قدوم هذا الخاطب ذكرها به مرة أخرى، لا يمكنها قبول حياة جديدة وفي قلبها ذكرى قديمة، كان ذلك أقسى موقف مر عليها، فلم تجد سوى اللجوء إلى غرفتها، لتبكي فيها بحرقة وهي تسأل الله أن يعينها على تخطي تلك المرحلة.. الحب ليس كل شيء!
لم يكن هناك أدنى سبب لرفض عامر، وهكذا تم زواجهما وهي تشعر بأنها ارتبطت بصديقٍ متفهم، أكثر من كونه زوج، مما أشعرها بالكثير من الراحة! اهتماماتهما المشتركة في نهضة الأمة، وأبحاثه الطبية التي يسعى لانجازها؛ أثارت لديها حماسة كبيرة، فشاركته همه بكل اهتمام، خاصة وان ذلك تقاطع مع هدفها من دخولها قسم اللغة الانجليزية، لغة العلم والعصر، فرغم انها كانت من الفرع العلمي ولديها ميول لعلم الأحياء خاصة، إلا أنها بعد الاستخارة شعرت بتفضيلها لقسم اللغة الانجليزية، فبهذه الطريقة يمكنها تحقيق أهدافها الدعوية وحتى العلمية والبحثية بشكل أفضل، وها هي الأيام تزيدها قناعة بأن الله قد اختار لها الطريق الانسب لتحقيق هدفها، غير أنها لم تتوقع أن ارتباطها بعامر سيكون سببا أيضا بتخطي تلك الأزمة المهمة في حياتها..
كان ذلك عندما سألها لأول مرة عن اهتماماتها الفنية، لقد عرف عن موهبتها من أمه أوأمها بلا شك، فقد كان الفن كل اهتمامها قبل سنة ونصف من زواجهما، ورغم التوتر الذي أصابها من ذكر ذلك، إلا أنها حاولت تفادي الاشارة الى المعاناة التي تعرضت لها بسبب الفن، ومن لطف الله بها أنها نجحت في تدارك الموقف، بل وكان ذلك سببا في عودتها لعالم الفن من حيث لا تحتسب، لتنفض الغبار عن هدفها القديم..
ودمعت عيناها تأثّرا، يارب سبحانك ما أكرمك، أعطيتني أكثر مما سألت، ورزقتني أكثر مما تمنيت، فلك الحمد حتى ترضى ولك الحمد اذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا..
فيارب لا تحرمني بذنوبي فضلك، واحفظ زوجي عامر من كل مكروه وارزقنا الذرية الطيبة الصالحة، واجعلنا جميعا سببا في نهضة هذه الأمة ابتغاءً لمرضاتك، وقرة عين لحبيبك صلى الله عليه وسلم..
وإذ ذاك تذكرت صديقتها سوسن في دعائها:
- يارب اسعد قلبها وتول أمرها واكفها ما أهمها، يارب اصرف عنها شر كل ذي شر واحفظها بحفظك، واهدها لما فيه خير دينها ودنياها..
حتى انتبهت على صوت عامر، الذي ألقى عليها التحية بعد أن ارتدى ملابسه وجفف شعره ومشطه بسرعة:
- لم يبق سوى بضع دقائق لصلاة الفجر، هل أنت جاهزة؟
فنهضت نور وهي تربط شعرها إلى الخلف:
- أجل..
وارتدت ملابس الصلاة لتقف خلفه باتجاه القبلة، فيما كبر هو آمّا بها لصلاة ركعتي القيام..
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يقومان فيها الليل جماعة، لكن وقعها على قلبها كان مختلفا.. خاصة وهي تستمع لترتيله لآيات من سورة الفرقان بصوته الرخيم:
- (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما)..***
أرجع أيهم رأسه للخلف وهو يرتكز على مسند المقعد الخشبي الذي جلس عليه في الحديقة، لم يعد يطيق الانتظار أكثر، ستوشك الشمس على المغيب..
- ترى ما هي المفاجأة التي أعدتها لي سوسن!!
وترائى أمامه مشهد سامر وهو يتناول اللوحة منه، لا شك أنه متيّم.....
لكن حبل أفكاره قُطع فجأة، إثر شعوره بيدين ناعمتين، تُغمضان عينيه من الخلف، فأمسك بهما وضمهما إليه؛ قبل أن ينهض مستديرا نحوها بسرعة ليطبع قبلة على وجهها، غير أنه تراجع عدة خطوات إلى الوراء، حتى كاد أن يتعثر على الأرض:
- ما هذا!!!!!!!!!!!!!!!***
اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 27-03-2014 عند الساعة » 18:00
-
27-03-2014, 12:21#133
وأخيرا بفضل الله أنزلت الجزء..
سامحك الله يا أختي..
لم أكد أرى اجابتك قبل يومين حتى كاد أن يُغمى عليإذ كنت مشغولة بأمور أخرى ولم أكن مستعدة ذهنيا لاستئناف طباعة الجزء الجديد.. ولكن الوعد وعد
وهكذا بذلت أقصى ما بوسعي وطاقتي لانجازه بسرعة، بعد أن أجلت العديد من الأعمال، ناهيك عن العناء في إعادة البرمجة الذهنية!! والحمد لله وبفضله هاهو الجزء بين أيديكم ، فاعذروني إن لم يرقى إلى مستوى توقعاتكم، ولا تنسوني من دعواتكم..
على كل حال لك الفضل بعد الله في طباعة هذا الجزء^^ فجزاك الله خيرا
وبالطبع لن يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين..لذا لا مزيد من (الاسئلة المشروطة) بعد اليوم
في أمان الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 27-03-2014 عند الساعة » 18:02
-
27-03-2014, 14:36#134
ما شاء الله
أختي العزيزة.. قصتكِ مذهلة!
ما شاء اللهكلما وضعتِ جزءاً جديداً أرى بأن القصة أكثر عمقاً مما تصورتُ بكثير
الشخصيات واقعية بأفكارها ومشاعرها
الأحداث مميزة ومثيرةأتمنى أن اكتب رداً أطول مستقبلاً
أنا مضطرة للذهاب مِن أجل الدراسة..في حفظ الله
-
28-03-2014, 11:59#135
مقالات المدونة2
وأخيرا بفضل الله أنزلت الجزء..
سامحك الله يا أختي..
لم أكد أرى اجابتك قبل يومين حتى كاد أن يُغمى عليإذ كنت مشغولة بأمور أخرى ولم أكن مستعدة ذهنيا لاستئناف طباعة الجزء الجديد.. ولكن الوعد وعد
وهكذا بذلت أقصى ما بوسعي وطاقتي لانجازه بسرعة، بعد أن أجلت العديد من الأعمال، ناهيك عن العناء في إعادة البرمجة الذهنية!! والحمد لله وبفضله هاهو الجزء بين أيديكم ، فاعذروني إن لم يرقى إلى مستوى توقعاتكم، ولا تنسوني من دعواتكم..
على كل حال لك الفضل بعد الله في طباعة هذا الجزء^^ فجزاك الله خيرا
وبالطبع لن يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين..لذا لا مزيد من (الاسئلة المشروطة) بعد اليوم
في أمان الله(:
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
أوه لم أتوقع أن يوقعكِ ذلك في مأزق لكن ما كان عليكِ أن ترهقي نفسكِ فالمؤمن يعذر أخاه
جزاكِ الله خيراً على ما تبذلينه من جهد خصوصاً و أنني كنتُ أتحرق شوقاً لمعرفة نوع العلاقة التي تربط بين نور و عامر كزوجينحسناً... كان جزءاً مثيراً...
عامر: شخصية حساسة و بدت لي لوهلة أنها من النوع الكتوم أيضاً
لم أتوقع أن يعبّر عن غضبه أو إنزعاجه بتلك الطريقة<< لقد أربكني
ظننتُ أن نور قد أخطأت خطأ ذريعا عندما تحدثت إليه في الهاتف << اعتقدتُ أنها مع زحمة الذكرى التي ذكرتها بسامر قد أخطأت فنادت عامر مثلا بسامر
لكن كل ذلك الغضب لمجرد انشغال بالها عنه يبدو أنه مفرط الحساسية فيما يتعلق بنور و يكن لها عاطفة جياشة
لكن لعل اللوحة التي سترسمها له نور توصل له شعورها بما يتمنىأخيراً أقدمت سوسن على الخطوة التي أنتظرها...
أتوقع أنها فاجأت أيهم بارتدائها للحجاب أخيرا و يبدو أن رد فعله لن تكون كما تظنتوقفت عند مشهد يثير فيناالحماس و التشويق أكثر
سنكون بانتظار القادم بإذن اللهشكراً لكِ أمة القادر و وفقكِ الله و أعانكِ
-
28-03-2014, 22:06#136السلام عليكم، سأخبركِ بشيء
هذا الشيء لو فلعه أحد معي، بدقّ عنقه، وأقطع رأسه، وأعلّقها على باب غرفتي
هذا الشيء أتمنى أن تأخذي في الاعتبار عند الانتقام مني، كوني فوضوي، مهملخمنتي ولا أصابك الشلل؟
قرأت الجزء الأخير، فحسب، ولم أقرأ أي شيءٍ آخر تقريباً
أنتِ فنانة أختي العزيزة، مبدعة، تبارك الرحمن !
للأسف لن أستطيع إعطائك نقداً وافياً كوني قد قرأت مقطعاً عابراً فحسب.
لكن مع ذلك ما أردتُ السفر عن الموضوع دون تحيّة قلمك !!
نجسيد الشخصيات !! شيء (خرافي) !!
القصة تنضح بالواقعية !!
وأهم شيء (إســلاااام) > ساعات بحسّ الكتاب نسيوا أنهم مسلمين
عامر !! أحببته هذا الرجل المسكين وأحببت عاطفته جداااااااا !!
أريد قتل نوورحقاً، لا أعتقد أنني وجدتُ هنا شيئاً مماثلاً لما تكتبين، (على قدر دائرة اطّلاعي هنا ... المتواضعة... جدااااااا
)
مأخذي الوحيد هو العنوان الغير جاذب جداً
(لم أقرأ سوى العنوان وآخر فصل لذا الكلام ناقص، حقاً تمنيتُ لو أعطيكي نقداً أفضل وأطول)طريقتك السردية، .... ممتازة.
لغتك، ... قوية
تجسيدك الواقعي الإسلامي للشخصيات، .... مُبهر !
لا أعتقد أنه سبق وتأثرت بشخصية ذكوريةٍ هنا مثلما تأثرتُ بعامر (لم اقرأ الكثير هنا حتى لا نظلم البقية)
لكن فعلاً .... أحســــنــتــــي !!!كل التوفيق أختي العزيزة، استمرّي، نفع الله بكِ أمة القادر !
Sweet dreams are made of this
?Who am I to disagree -
30-03-2014, 07:34#137
قصتك أكثر من رائعة فلقد أحببت عامر كثيراً 😍😍😍😍😍😍😍
حجز للبارت القادم -
03-04-2014, 10:37#138
أسعدك الله عزيزتي على مرورك وتركك لهذا الأثر الطيب^^، ولا تقلقي حول رد مطول فجميعنا يمر بانشغالات تمنعه من الكتابة كما يريد
حتى أنني ومنذ قراءتي للتعليقات أرغب بالرد عليها غير أن أمور أخرى تشغلني دائما، حتى حانت هذه الفرصة بفضل الله، ومع ذلك لا أظنني أمتلك الوقت الذي أريده في ذلك!!e40fلذا جزاك الله خيرا على هذه الاطلالة الرائعة^^
أوه لم أتوقع أن يوقعكِ ذلك في مأزق لكن ما كان عليكِ أن ترهقي نفسكِ فالمؤمن يعذر أخاه
جزاكِ الله خيراً على ما تبذلينه من جهد خصوصاً و أنني كنتُ أتحرق شوقاً لمعرفة نوع العلاقة التي تربط بين نور و عامر كزوجينحسناً... كان جزءاً مثيراً...
عامر: شخصية حساسة و بدت لي لوهلة أنها من النوع الكتوم أيضاً
لم أتوقع أن يعبّر عن غضبه أو إنزعاجه بتلك الطريقة<< لقد أربكني
ظننتُ أن نور قد أخطأت خطأ ذريعا عندما تحدثت إليه في الهاتف << اعتقدتُ أنها مع زحمة الذكرى التي ذكرتها بسامر قد أخطأت فنادت عامر مثلا بسامر
لكن كل ذلك الغضب لمجرد انشغال بالها عنه يبدو أنه مفرط الحساسية فيما يتعلق بنور و يكن لها عاطفة جياشة
لكن لعل اللوحة التي سترسمها له نور توصل له شعورها بما يتمنىأخيراً أقدمت سوسن على الخطوة التي أنتظرها...
أتوقع أنها فاجأت أيهم بارتدائها للحجاب أخيرا و يبدو أن رد فعله لن تكون كما تظنتوقفت عند مشهد يثير فيناالحماس و التشويق أكثر
سنكون بانتظار القادم بإذن اللهشكراً لكِ أمة القادر و وفقكِ الله و أعانكِ
لا بأس أختي العزيزة، فلولا أن سخر الله لي ذلك المأزق لما نزل الجزء حتى الآن
فجزاك الله خيرا لتشجيعك الدائم، ومؤازرتك القوية(؛
والحمد لله أن الجزء جاء بإجابة وافية عن نوع العلاقة بين نور وعامر، وحاز على اعجابك بفضل الله^^
وبما أنك ذكرتِ موضوع اللوحة، فكيف تتوقعينها أن تكون؟؟
بالطبع هذا مجرد سؤال لا يترتب عليه أي شيء
،
وقد كان بودي طرحه في المرة الماضية، ولكنني أجلته لأرى إن كان هناك من سيأخذ اللوحة في رده بعين الاعتبار أم لا، وقد كنتٍ أنت من فعل ذلك(؛بالنسبة لرأيك حول حساسية عامر المفرطة، فهو قد لا يكون كذلك بالفعل، ولكن ما حدث كان له الاثر في اظهاره بذلك المظهر، خذي بعين الاعتبار أن باله شُغل عليها جدا ليفاجأ بعد ذلك برد لم يتوقعه.. ربما هذا هو السبب^^
رأيك حول سوسن قد يكون في محله، وقد........!!!
على كل حال اسأل الله سبحانه وتعالى أن يسهل لي إنزال الاجزاء القادمة، فتقريبا منها ستبدأ القصة الحقيقية بإذن الله، وما كُتب سابقا كان أشبه بالمقدمات!!!
لا تنسوني من دعائكم(:
السلام عليكم، سأخبركِ بشيءهذا الشيء لو فلعه أحد معي، بدقّ عنقه، وأقطع رأسه، وأعلّقها على باب غرفتي
هذا الشيء أتمنى أن تأخذي في الاعتبار عند الانتقام مني، كوني فوضوي، مهملخمنتي ولا أصابك الشلل؟
قرأت الجزء الأخير، فحسب، ولم أقرأ أي شيءٍ آخر تقريباً
أنتِ فنانة أختي العزيزة، مبدعة، تبارك الرحمن !
للأسف لن أستطيع إعطائك نقداً وافياً كوني قد قرأت مقطعاً عابراً فحسب.
لكن مع ذلك ما أردتُ السفر عن الموضوع دون تحيّة قلمك !!
نجسيد الشخصيات !! شيء (خرافي) !!
القصة تنضح بالواقعية !!
وأهم شيء (إســلاااام) > ساعات بحسّ الكتاب نسيوا أنهم مسلمين
عامر !! أحببته هذا الرجل المسكين وأحببت عاطفته جداااااااا !!
أريد قتل نوورحقاً، لا أعتقد أنني وجدتُ هنا شيئاً مماثلاً لما تكتبين، (على قدر دائرة اطّلاعي هنا ... المتواضعة... جدااااااا
)
مأخذي الوحيد هو العنوان الغير جاذب جداً
(لم أقرأ سوى العنوان وآخر فصل لذا الكلام ناقص، حقاً تمنيتُ لو أعطيكي نقداً أفضل وأطول)طريقتك السردية، .... ممتازة.
لغتك، ... قوية
تجسيدك الواقعي الإسلامي للشخصيات، .... مُبهر !
لا أعتقد أنه سبق وتأثرت بشخصية ذكوريةٍ هنا مثلما تأثرتُ بعامر (لم اقرأ الكثير هنا حتى لا نظلم البقية)
لكن فعلاً .... أحســــنــتــــي !!!كل التوفيق أختي العزيزة، استمرّي، نفع الله بكِ أمة القادر !
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحبا بك أخي الكريم في هذا الموضوع الذي يستقبل لأول مرة زوارا من (كوكب المريخ)^^كان ذلك أولا، أما ثانيا فكلامك أشعرني برغبة في البحث عن قصصك لأعاملك فيها بالمثل،
فالعين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم، وهيهات أن تحصل على رأسي بعد ذلك!!
لكن بما أن هذا لا يفرق معي خاصة وأنك أتيت في توقيت مناسب، عند أول جزء يسلط الضوء على عامر، ومن ثم تكرمت علينا برد مشجع، فقد تراجعتُ عن فكرتي (الانتقامية) فاطمئن(؛
وجزاك الله خيرا لما أفردته لنا من وقتك(:
بالنسبة للعنوان، قد يبدو للبعض غير جاذب، لكنني لم أكن أراه كذلك عندما اخترته أول مرة، بل إنني ما زلتُ أراه ملائما بشدة، ولا أظنني سأجد عنوانا يلائم هذا القصة أكثر منه، وقد يتبين ذلك لكم في الأجزاء اللاحقة إن شاء الله^^
يبقى تعليقك بشأن (نور) لقد فاجأني!!
ما الذي فعلته هذه المسكينة لتستحق القتل!!
وبالمقارنة بين تعليقك وتعليق أختنا (الصوت الحالم) في الأعلى، أظن أن كلامك يثبت فعلا أنك من (كوكب آخر) (؛
ختاما.. جزاك الله خيرا مرة أخرى لمشاركتنا بافكارك وملاحظاتك ودعواتك الطيبة، وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، وجعلنا جميعا ممن ينفع الله بهم الأمة، وسببا في نهضتها بإذن الله
جزاك الله خيرا أختي لحرصك على إثبات وجودك دائما^^ كلامك يشجعني فعلا وبإذن الله يأتيكم الجزء القادم والجميع بخير وعافية(:
***
وأخيرا قبل أن أختم هذا الرد، لدي ملاحظة، أرغب في طرحها على الجميع..
لم يسألني أحدكم عن نظرية (البوصلة)* أم أنها لم تلفت انتباهكم؟؟؟
مجرد سؤال عابر(؛
أراكم مجددا إن شاء الله في الأجزاء القادمة، وحتى ذلك الحين لا تنسونا من صالح دعائكم
وجزاكم الله خيرا ووفقكم جميعا لما يحب ويرضىفي أمان الله^^
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اخر تعديل كان بواسطة » امة القادر في يوم » 03-04-2014 عند الساعة » 10:39
-
04-04-2014, 22:03#139
مقالات المدونة2
سأعود بإذن الله ^^
-
05-04-2014, 09:20#140
متحمسسسسسسسسسة
مرة مرة مرة مرة مرة
تكملة ارجوك و الى رح انفجر
وابغى اعرف ايش صار مع ايهم
و سامر و وين اختفى مهند و جدته
و كمان سورا ايش صار معها
ما اقدر استنى من جد رح انفجر
وانشاء الله كل التوفيق معك .
بيانات عن الموضوع
عدد زوار الموضوع الآن 1 . (0 عضو و 1 ضيف)
المفضلات
قوانين المشاركة
- غير مصرّح لك بنشر موضوع جديد
- غير مصرّح بالرد على المواضيع
- غير مصرّح لك بإرفاق ملفات
- غير مصرّح لك بتعديل مشاركاتك
- وسوم المنتدى مسموح
- الابتسامات مسموح
- كود [IMG]مسموح
- [VIDEO] code is مسموح
- كود الـ HTML غير مسموح
الوقت الان » 18:09.
Copyright ©2000 - 2023, Jelsoft Enterprises Ltd
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم