Cart is empty 
علام يقتل أحدكم أخاه؟!!
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
(ملاحظة: هذا الموضوع كتب لمجموعة نبراس المانجاكا في الفيسبوك، غير ان سياسة الفيس قامت بحذفه فتم نسخه هنا ^^)
"علام يقتل أحدكم أخاه"؟!!
____________________
هذا موضوع ارغب بكتابته منذ وقت طوييييل ولا أجد له وقتا ولا حتى أعرف من اين ابدأه بالضبط، والحمد لله أنني على الأقل وجدت أخيرا عنوانا مناسبا له، لذلك اسمحوا لي بهذا التمهيد كنوع من التحمية 😁💪
حسنا..
ممممم .. من اين أبدا!! اتمنى لو فقط امسك بطرف الخيط لأن اطراف الموضوع كثيرة، وشجونه مثيرة!
ولكن دعوني ابدأ بهذه الحادثة:
قبل فترة طويلة حدثتني إحدى الرسامات الموهوبات، عن حادثة غريبة وقعت معها.. حيث إنها كانت قد انتهت من إعداد رسمة ثم عرضتها على أحدهم (عبر السوشيال ميديا) فقال لها كلمة بمعنى أنك ترسمين بسرعة مذهلة (او شيء من هذا القبيل..) وإذا بها تقع عن الكرسي وتصاب يدها اصابة بليغة، ذهبت إثرها عند الطبيب والذي اخبرها انها لن تستطيع الرسم بها قبل اشهر!
حادثة أخرى حدثتني بها رسامة أخرى:
كانت قد انتهت من اعداد صفحات مانجا بشكل مذهل (ما شاء الله) ثم رآها أحدهم، فقال لها كلاما وإذا بها تفقد بعدها قدرتها على الرسم لأكثر من عام!
رسام آخر كان يرسم على جهازه بأمان الله فإذا بأحدهم يقول كلاما بمعنى أنه يرسم كثيرا فإذا بجهاز الرسام يتعطل فجأة بدون سبب!!
***
تلك حوادث سمعتها بنفسي من اصحابها أو كنت شاهدة عليها في مجال الرسم والمانجا، ويوجد مثلها الكثير في مجالات أخرى وواقع حياتنا وربما تكونوا أنتم أيضا سمعتم عن حوادث كهذه!
وربما مر عليكم كيف أن اثنان متحابان (سواء كانا صديقان- صديقتان- زوجان- أخوَان- اختان- شريكان...) تحدث الناس عنهم كثيرا وعن علاقتهم المميزة ثم فجأة انقلب بينهم الحال!
وربما سمعتم عن اطفال انتشرت لهم صورا جميلة ومبهجة في السوشيال ميديا ثم دخلوا بأمراض خطيرة أو اعاقات كبيرة..
ومؤخرا قرأت خبرا عن عائلة كانت قد خرجت لقضاء الاجازة في مصيف ونشروا صورهم وهم يستمتعون بوقتهم، فقالت إحدى من رأت تلك الصور كلاما بمعنى أنهم هؤلاء هم من يعيشون الحياة.. ثم خلال عودة تلك العائلة لديارهم تعرضوا لحادث مريع قضوا فيها نحبهم عن بكرة ابيهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون..
هناك الكثير من الاحداث المشابهة، وربما تكونوا سمعتم عنها أو ربما حتى مررتم بها.. ويبقى السؤال :
هل هناك تفسير لما يحدث؟
وهل يمكننا تجنب حدوث ذلك؟
وإذا حدث.. فهل يوجد علاج له؟
____
كما هو معروف فإن فهم المسألة يساعد على حلها، والوقاية خير من العلاج..
وبلا شك فكلكم غالبا سمعتم عن تاثير العين والحسد والنفس، وربما يبالغ البعض بالوسوسة حتى يلجأ للدجالين، في حين يعتبر البعض أن كل ذلك مجرد خرافات، ومن هنا كان لا بد لنا من هذه الوقفة الهامة لنفهم ما يجري بالضبط، من خلال حادثة وصلتنا عبر السيرة النبوية على صاحبها افضل الصلاة واتم التسليم، وهنا سانسخ لكم النص:
"مرَّ عامرُ بنُ ربيعةَ بسَهلِ بنِ حنيفٍ وَهوَ يغتسلُ فقالَ لم أرَ كاليومِ ولا جِلدَ مُخبَّأةٍ فما لبثَ أن لُبِطَ بِهِ فأتيَ بِهِ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقيلَ لَهُ أدرِك سَهلًا صريعًا قالَ من تتَّهمونَ بِهِ قالوا عامرَ بنَ ربيعةَ قالَ علامَ يقتلُ أحدُكم أخاهُ إذا رأى أحدُكم من أخيهِ ما يعجبُهُ فليدعُ لَهُ بالبرَكةِ ثمَّ دعا بماءٍ فأمرَ عامرًا أن يتوضَّأَ فيغسلَ وجْهَهُ ويديْهِ إلى المرفقينِ ورُكبتيْهِ وداخلةَ إزارِهِ وأمرَهُ أن يصبَّ عليْهِ
الراوي : أبو أمامة بن سهل بن حنيف | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 2844 | خلاصة حكم المحدث : صحيح"
في ذاك النص نلاحظ كيف ان "عامر"- بدون قصد- اصاب "سهل" بعينه عندما اندهش من رؤية جلده، فإذا بسهل يخر صريعا فجاة، فذهب من كان معه للنبي صل الله عليه وسلم ليخبروه عما حدث لسهل، فكان أول سؤال النبي صلى الله عليه وسلم إذا ما كان هناك شخص يتوقعون أنه السبب فيما جرى لسهل، وعندما أخبروه عما بدر من عامر، أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضا بماء (كما هو مذكور بالنص) ثم صبه على سهل..
وبالطبع أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا النص كيف نتصرف حتى لا نكون سببا في قتل او ايذاء أحدهم من حيث لا ندري، ولذلك كان من الواجب الدعاء بالبركة لكل من او ما تقع أعيننا عليه، حتى لا نتحمّل إثم اصابتهم بمكروه لا قدر الله!
ولأن الوقاية خير من العلاج، فهنا وقفات هامة جدا، أرجو أن تفيد الجميع:
اولا: ارشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم لأذكار يومية (أذكار الصباح والمساء) هي أشبه بالحصن للمسلم بإذن الله، ولذلك يجب المحافظة عليها قدر المستطاع ففيها حماية ووقاية بإذن الله..
حتى أنه ورد عن ابن القيم قوله: "لولا أذكار الصباح والمساء لهلكت"
وقد شبه ذلك بالدرع كلما زادت سماكته لم يتأثر صاحبه بإذن الله..
ومن شدة اهتمام الناس بكتاب الاذكار قديما والذي أعدّه الامام النووي رحمه الله، تداولوا مقولة شهيرة:
"بع الدار واشتر الاذكار"
أي انك إذا لم تكن تملك ثمن كتاب الاذكار- والكتب في الماضي كانت باهظة الثمن لأنها تكتب باليد- فبع الدار لتشتريه!!!
أما هذه الايام فالحمد لله اصبحت الامور سهلة ميسرة وكل شخص يمكنه الحصول على الاذكار من هاتفه، وساضع لكم رابط "حصن المسلم":
___
ثانيا: من سمات الانسان المؤمن أن يكون مراعيا لمشاعر الآخرين، فلا يتباهى بما أنعم الله عليه من نعم أمام من يفتقدها، فإذا كان صاحب مال واقتدار فلا داعي لأن يستعرض مشترياته وأطعمته ومشروباته أمام الآخرين وهناك من لا يجد اللقمة! هو بهذه الطريقة يثير ضغائن النفوس نحوه وعندها لا يلومن إلا نفسه..
(بالطبع هذا ليس مبررا لعدم الدعاء بالبركة لمن يرى ذلك، فالانسان المؤمن ايضا مهما كانت حاله، يأبى على نفسه أن يكون سببا في ايذاء أحد..)
والامثلة في هذا السياق كثيرة على كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية ..
___
ثالثا: هناك فرق بين العين والحسد، فالعين قد تصيب الانسان من احبائه بل ومن نفسه هو بدون قصد، حتى قيل "عين الحبيب بتصيب"، وكما ورد "العين حق"، لذلك حتى ينتبه الانسان لنفسه فعليه أن يتذكر الدعاء من القرآن كلما رأى نعم الله عليه، كما جاء في سورة الكهف التي نتلوها كل جمعة في قصة صاحب الجنة:
"فلولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله"
***
واخيرا.. إذا أخذ الانسان بالاسباب متوكلا على الله حق توكله، فعليه أن ينتبه من الغرق في دائرة الوسوسة والمبالغة في الخوف من الحسد والعين، حتى لا يجعلهما وكأنهما الشماعة التي يعلق عليها كل اخطائه وفشله، وكل انسان مسؤول عن نفسه!
وفي هذه الساعة الاخيرة من يوم الجمعة، اسأل الله سبحانه وتعالى أن يكفينا جميعا كل شر وأذى، ويرزقنا قلوبا سليمة صالحة نقية طيبة، لا تغل ولا تحقد ولا تحسد، راضية بما أتاها الله من فضله فلا تنكر نعمه، وتكثر من شكره وحمده وتتمنى الخير للجميع..
ونستودع الله امورنا كلها، فاستعينوا بالله ولا تعجزوا..
ودعواتكم.. جمعة مباركة ^_^
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم