الحقيقة المغيّبة!! (على ضوء هجوم العمالقة)
اقتبس من زينب جلال في 2024-06-02, 9:59 م
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الحقيقة المغيّبة!!
(على ضوء هجوم العمالقة)
إذا كنتم قد شاهدتم الحلقة الأخيرة من الأنمي الرهيب "هجوم العمالقة"، فهل ركزتم في المقطع الذي يتحدث فيه ليفاي عن الحياة الزائفة التي ظهرت على خلاف ما تخيلوها سابقا؟!
وانهم لو كانوا كرسوا قلوبهم لاجل ذلك فقد كان كل ذلك عبثا؟!!
(كان ذلك في الدقيقة 23:50 تقريبا!)في هذا المشهد تكمن فكرة هاااامة جدا- يغفل عنها الكثيرون- ونحن نحمد الله على نعمة الاسلام الذي حلّ لنا هذه المعضلة بتوازن تام!من الواضح ان "ايسيياما"- المانجاكا الذي صنع مانجا هجوم العمالقة- قد ادرك بشكل معمق ان الحياة (الدنيا) مختلفة عما كنا نتخيله، وأنه لا يوجد فيها شيء اسمه سلام دائم، وأننا كلما خرجنا من معضلة سنجد امامنا معضلة أخرى مختلفة، فمن كرس نفسه لشيء فيها فهو يضيع جهده سدى وهباء، وسيكتشف أن كل ما يفعله سيعود بعواقب اسوأ مما تخيل عليه وعلى غيره، كما قال ليفاي وهو يسترجع مسيرة حياته مع رفاقه في فيلق الاستطلاع:"هل كرستم قلوبكم يا رفاق؟
هل كرستم قلوبكم حتى تداس ارواح الناس؟"يمكنني أن اقول بأن ايسياما هو افضل من فهم حقيقة الحياة الفعلية وعبر عنها بعمل ابداعي دقيق حتى الان ما شاء الله! (هذا من وجهة نظري) كيشيموتو ايضا نجح في تصوير جوانب كثيرة من الحياة بشكل ممتاز، خاصة عندما ارانا كيف ان فترات السلام لا يمكن ان تطول إذ سرعان ما ينقلب كل شيء كما في بوروتو!الحياة فعليا ليست دار سلام حقيقية، وكل من لم يفهم هذه الحقيقة فسيجري خلف السراب والاوهام ليصدم في النهاية بحقيقة مرة لم تخطر على باله! (وهذا ما عبر عنه ليفاي بدقة!)ومن هنا نفهم ما ورد في الحديث:
(ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم)هذه هي الحقيقة المغيبة! ولأن الجهل هو أحد اسباب التغييب، كان الاجر الكبير لكل عالم ومتعلم:
(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا )لحظات الهدوء والسلم هي مجرد فترات بسيطة عابرة، يمكن اعتبارها بحد ذاتها كنوز عظيمة، ولو اننا استمتعنا بها (بالطريقة الصحيحة وشكرنا الله عليها) لشعرنا بالرضا ولشعرنا أن حياتنا تستحق ان نحياها من اجل هذه اللحظات..!(وهذا ما توصل له زيك في النهاية وهو يتذكر لعبة البيسبول، فشكر والده، بعد أن كان يرى انه ارتكب اثما بانجابه!)
وقد اشرت لذلك في هذا الموضوع:
https://nebrasmangaka.com/forum/topic/249/بالطبع لان "ايسياما" قد لا يعرف شيئا عن الدار الاخرة والجنة، فهو اكتفى بأن يعتبر أن هذه اللحظات الجميلة في حياة الانسان تستحق ان نحيا من اجلها ونناضل، فكيف لو عرف أن هذه اللحظات الجميلة الثمينة ما هي إلا جزء بسيط ما ينتظر المؤمن في الجنة دار الخلود؟!هذه الفكرة يمكنني أن اطلق عليها اسم "التذوق"!
كأننا في الدنيا نتذوق عينات من الاشياء الجميلة جدا (لكنها تزول بسرعة في الدنيا) وكأنها فقط جاءت لتشجعنا للعمل الصالح الذي يجعلنا نذهب لتلك الدار التي تمتلئ بهذه اللحظات الجميلة والغالية!!الفكرة تقريبا تشبه ما قاله ارمين وهو يتذكر تلك اللحظات التي كان يجري فيها هو وميكاسا وارين معا، وأنه لاجل هذه اللحظات الجميلة فحياته تستحق ان توجد!فكيف لو عرف أن هذا قد يكون دائما ابديا سرمديا في مكان ما في الدار الاخرة؟!!!وهنا نعود لكلام ليفاي حول الحياة الزائفة، وأنه لو كان الامر هكذا فعلا لكان تكريس قلوبنا كله بلا معنى (وهذا صحيح تماما!) لكن مع ذلك هم (اي اليابانيين بشكل عام - وايسيياما الذي يحاول اسقاط الفكرة في هذا العمل) يحاولون ان يجدوا سببا يدفعهم للاستمرار![spoiler title="فاصل"]فاصل:وهذا يذكرنا بكلمة اوروشيمارو:
"لا معنى للحياة إذا لم تكن خالدة!"
وقد اشرت لها في موضوع "فلسفة الموت والحياة على ضوء أنمي ناروتو":
https://nebrasmangaka.com/forum/topic/106/عدنا[/spoiler]نحن (المسلمون) نعرف ان الدنيا فعلا زائفة ودار غرور وليست هي الحياة الحقيقية التي تستحق ان نكرس قلوبنا لأجلها، فكل ما فيها زائل، وأن طبيعتها هي دار اختبار وابتلاء، لذلك ننتقل فيها من مشكلة إلى أخرى (اي من اختبار الى اختبار آخر وهكذا) والمطلوب منا في كل مرحلة هو ان نعرف كيف نتعامل وكيف نتصرف في ذلك الاختبار، حتى نصل الفوز والفلاح، وهذا هو الدافع الذي يدفعنا للاستمرار، حيث أننا نعرف أن السلام الحقيقي في الاخرة فقط، ولذلك سميت الجنة: "دار السلام"!(وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)يعني باختصار لا يوجد شيء اسمه سلام دائم في الدنيا! هي مجرد فترات بسيطة تشبه "التذوق"، والتي نحمد الله عليها بلا شك لأنها ستكون اشبه بالسبب الذي يشحن طاقتنا ويحفزنا لدار السلام الخالدة!يمكن تبسيط هذه الفكرة بمثال لمطعم كبير فاخر تتوفر لديه الاطعمة الشهية وكل ما لذ وطاب، فهو يرسل عينات بسيطة للعامة والفقراء لأجل ان يتذوقوا من الاصناف الموجودة في مطعمه، وطبعا التذوق سينتهي بسرعة لان الكمية قليلة (مجرد عينة)، وعندها سيبدأ الناس بالاجتهاد وجمع المال لأجل الذهاب لذلك المطعم وتناول وجبة تشبعهم!
هذا مثال بسيط جدا يوضح فكرة الدنيا والجنة (الاخرة)!
حتى الالام والاحزان والامراض والمصائب التي تصيبنا في الدنيا، هي ايضا تذوّق ولا تدوم، وكأنها تذكرنا فقط عن طبيعة الجحيم الموجود في الاخرة حتى نتجنبه!
لذلك لا شيء في الدنيا يستحق ان تكرس حياتك لاجله إلا ما كان موصولا بالله ليقودك لدار الخلد..
ومن هنا ندرك معنى الدعاء النبوي الجامع:
(اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا)والله سبحانه وتعالى يقول:
(وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)هذه هي اكبر حقيقة يغفل عنها الناس وكأنه تم تغييبها، حتى انتشر الوهم وعم الجهل فبالغ الناس في افراحهم واحزانهم في الدنيا وكأنها النهاية!
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ)وهنا يأتي واجب الدعاة والمصلحون!
وقد اشرت لهذه الحقيقة في نقاش فكري جاد بعنوان:
"من يتحمل المسؤولية":
https://nebrasmangaka.com/forum/topic/248/لو أدركنا ابعاد هذه الحقيقة المغيبة، لحلت معظم مشاكلنا، ولفهمنا الكثير من الامور التي تجري حولنا، بإذن الله..لذلك نحن نمر في الحياة كرحلة.. فإذا اردناها ان تكون حياة طيبة، استمتعنا ورضينا بكل جزئية فيها بالشكر والعمل الصالح الذي يرضي الله عنا، وكما ذكر ارمين واقنع زيك بذلك.. يجب ان نتعلم تقدير اللحظات الجميلة في حياتنا ونشكر الله عليها، ونعيش حياتنا بهذه العقلية الراضية، وهنا سندرك معنى الآية ( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)، وعندها تتحقق لنا النفس المطمئنة بإذن الله التي قال الله فيها: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)..وليس كأننا ننتظر حدوث شيء كبير جميل نلاحقه فيها وكأننا سنصل لمحطة سلام سعيدة في الدنيا ليعيش الجميع بأمان وسلام!! هذه اكبر فكرة خاطئة وهمية تم ترسيخها في العقول من خلال القصص الخيالية! لذلك جاء هجوم العمالقة لينسف هذه الاحلام الوردية، ويوضح لنا أنه مستحيل ان يوجد سلام دائم حقيقي في هذه الحياة وهذا صحيح، لأننا نؤمن انها دار اختبار وابتلاء، أما الراحة فلن نجدها إلا في الجنة، ولذلك نحن ننتقل في هذه الحياة من اختبار الى اختبار مع وجود فترات راحة نلتقط فيها انفاسنا.. بالضبط كما حدث في هجوم العمالقة.. ظنوا في البداية ان المشكلة الوحيدة مع العمالقة وبعدها سيعيشون في امان وسلام، لكن ما ان انتهوا من العمالقة حتى ظهرت مشكلة اخرى.. ثم مشكلة ثالثة ادت لانقسامهم هم انفسهم فيما بينهم! وهكذا... وسبحان الله هذا بالضبط يحدث في كل زمان ومكان وكأنها دورة طبيعية.، تتبع سنة كونية وضعها الله في هذا الكون!من هنا يمكننا أن نفهم ما حدث في زمن الصحابة رضي الله عنهم.. بداية كان امامهم محاربة الطاغوت الاكبر الذين يقفون عائقا امام الدعوة.. كانوا ضعافا.. رويدا رويدا بدأت تزداد قوتهم مع ترسخ العقيدة وايمانهم بالهدف الذي يسعون اليه وطبعا لم يكن ليتم ذلك لولا وجود قائد يثقون به ويأتمرون بأمره مهما كانت القرارات تخالف اهواءهم! بعد تثبيت العقيدة وبناء الدولة ودخول الناس في دين الله افواجا وتحطيم الاصنام (يمكن القول ان هذا يشبه تحطيم جميع العمالقة في الجزيرة)، اصبحت امامهم مهمة أكبر!
الخروج لخارج الجزيرة العربية حيث بدأت اكبر امبراطوريتان تهديدهما (الفرس والروم)، والهدف الاسمى صد العدوان ومن ثم اخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، لتمنح لهم حريتهم، فلا اكراه في الدين..وبهذا ساختم هذا الموضوع مع هذه الايات:
(لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )نسأل الله سبحانه وتعالى أن يخرجنا من الظلمات إلى النور ويهدينا ويهدي بنا ويجعلنا سببا لمن اهتدى
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا انت أستغفرك وأتوب إليكوصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الحقيقة المغيّبة!!
(على ضوء هجوم العمالقة)
وانهم لو كانوا كرسوا قلوبهم لاجل ذلك فقد كان كل ذلك عبثا؟!!
(كان ذلك في الدقيقة 23:50 تقريبا!)
هل كرستم قلوبكم حتى تداس ارواح الناس؟"
(ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم)
(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا )
وقد اشرت لذلك في هذا الموضوع:
https://nebrasmangaka.com/forum/topic/249/
كأننا في الدنيا نتذوق عينات من الاشياء الجميلة جدا (لكنها تزول بسرعة في الدنيا) وكأنها فقط جاءت لتشجعنا للعمل الصالح الذي يجعلنا نذهب لتلك الدار التي تمتلئ بهذه اللحظات الجميلة والغالية!!
"لا معنى للحياة إذا لم تكن خالدة!"
وقد اشرت لها في موضوع "فلسفة الموت والحياة على ضوء أنمي ناروتو":
https://nebrasmangaka.com/forum/topic/106/
هذا مثال بسيط جدا يوضح فكرة الدنيا والجنة (الاخرة)!
حتى الالام والاحزان والامراض والمصائب التي تصيبنا في الدنيا، هي ايضا تذوّق ولا تدوم، وكأنها تذكرنا فقط عن طبيعة الجحيم الموجود في الاخرة حتى نتجنبه!
لذلك لا شيء في الدنيا يستحق ان تكرس حياتك لاجله إلا ما كان موصولا بالله ليقودك لدار الخلد..
ومن هنا ندرك معنى الدعاء النبوي الجامع:
(اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا)
(وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)
(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ)
وقد اشرت لهذه الحقيقة في نقاش فكري جاد بعنوان:
"من يتحمل المسؤولية":
https://nebrasmangaka.com/forum/topic/248/
من هنا يمكننا أن نفهم ما حدث في زمن الصحابة رضي الله عنهم.. بداية كان امامهم محاربة الطاغوت الاكبر الذين يقفون عائقا امام الدعوة.. كانوا ضعافا.. رويدا رويدا بدأت تزداد قوتهم مع ترسخ العقيدة وايمانهم بالهدف الذي يسعون اليه وطبعا لم يكن ليتم ذلك لولا وجود قائد يثقون به ويأتمرون بأمره مهما كانت القرارات تخالف اهواءهم! بعد تثبيت العقيدة وبناء الدولة ودخول الناس في دين الله افواجا وتحطيم الاصنام (يمكن القول ان هذا يشبه تحطيم جميع العمالقة في الجزيرة)، اصبحت امامهم مهمة أكبر!
الخروج لخارج الجزيرة العربية حيث بدأت اكبر امبراطوريتان تهديدهما (الفرس والروم)، والهدف الاسمى صد العدوان ومن ثم اخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، لتمنح لهم حريتهم، فلا اكراه في الدين..
وبهذا ساختم هذا الموضوع مع هذه الايات:
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا انت أستغفرك وأتوب إليك
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم