Please or التسجيل to create posts and topics.

(فثبتوا الذين آمنوا..)!!

بسم الله الرحمن الرحميم
والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

(فثبتوا الذين آمنوا..)!!

 

(وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ...)

  نحن نؤمن وندرك تماما أن النصر من عند الله وحده، ومع ذلك فطبيعة النفس البشرية تحتاج لمن يطمئنها ويثبتها ويبشرها أيضا بما يقوي عزيمتها وارادتها للمضي قدما، بعون الله! ولو تأملنا في تلك الايات بتفكر؛ لوجدنا أن تثبيت المؤمنين كان أحد ادوار الملائكة كما ورد في الايات السابقة من سورة آل عمران، وهذا يجعلنا نشعر وكأن كل من يقوم بتثبيت المؤمنين في الشدائد وكأنه يقوم بأحد ادوار الملائكة إن صح التعبير!!
استشعار نعمة الثبات والقوة، هذا بحذ ذاته يحتاج لشكر، ومن هنا ساقتبس جملة من منشور ورد على لسان أحد المؤثرين في غزة (صالح الجعفراوي- حفظه الله)، حيث قال:

"...حتى نحن في كثير من الاوقات نستغرب القوة التي لدينا !!
نستغرب العزيمة وصلابة قلوبنا بالرغم من كل ما عشناه ل73 يوماً !!
نحمد الله على هذه القوة ونسأله ان لا تغيب عنا 
We are surprised by the determination and hardness of our hearts despite everything we lived through for 73 days!!
We thank God for this strength and ask Him not to leave us "

***

التثبيت والتفاؤل وسط الصعاب هي سنة نبوية ومنهج نبوي، كما جاء في غزوة الاحزاب، في حين أن هذا الامر سيصعب فهمه وتقبله على المنافـقين او ضعاف الايمان كما جاء في سورة الاحزاب:
(هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا)

***
قد تستثقل النفس تأخر الفرج، وطول الشدة، ولكنها سنة كونية لها حكم كبيرة، قد يظهر لنا بعضها- كما نجهل الكثير منها- وقد يكون من أهم ذلك هو كشف حقائق الامور، ومعادن النفوس لتظهر كل شخص على حقيقته، بل حتى نكتشف نحن انفسنا ايضا!! فأحيانا يظن الانسان بنفسه خيرا، ويظن أنه مستعد جيدا، ليتفاجأ بأنه بحاجة لإعادة تأهيل واعداد!!

 
هذه المواقف والشدائد نعرفنا على الاشخاص بشكل افضل؛ فنرى من يثبت ومن يضعف او يستسلم، وعندها سندرك من هم القادة الحقيقيون الذين يمكن الوثوق بهم في المشاريع العظيمة، وقد تكون سببا في نجاتنا من التورط مع اشخاص كنا نظن بهم خيرا!

(مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ )

***
قد يكون أهم ما نحتاجه وقت الشدة؛ هو "الصبر" والتعاون على الصبر  (واكيد هذا يسهل باليقين والثقة التامة بالله، فوعد الله حق)، ولو تأملنا في سورة العصر لوجدنا الاية:

(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) )

سنجد أن التواصي بالصبر هو منهج رباني، وينبغي أن نعين بعضنا البعض عليه، فالصبر مطلوب في جميع مناحي حياتنا، وكلنا على ثغرة، ونسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى فلا حول ولا قوة لنا إلا بالله..
وبإذن الله كل الشدائد ستزول وسيصلح الله الاحوال، أهم شيء نأخذ بالاسباب الكاملة ولا نياس او نستسلم، فالصبر مفتاح الفرج وإن مع العسر يسرا، وما النصر إلا صبر ساعة، ولا حول ولا قوة لنا إلا بالله..

***

وفي خضم حديثنا عن الصبر؛ هنا بعض المشاهد والاقتباسات من رواية "مدرسة الفروسية" :

المشهد الأول: 

"كانت الحماسة مشتعلة على أوجها في قاعة الدراسة الخاصة بالمستوى السادس يخالطها التفاعل والتحليل والنقاش في جو من المرح - الذي امتازت به دروس المعلم أمين- والكل يحاول الإدلاء بدلوه في التقاط الأمثلة من هنا وهناك عن ما سمعوه أو مر بهم من حوادث وقصص عن الصبر، حتى قال المعلم أمين:

- كل هذه الأمثلة تندرج تحت أقسام الصبر الثلاثة فمن يذكرنا بها مرة أخرى؟

فأجاب علاء:

- الصبر على المصيبة (أقدار الله المؤلمة)، الصبر على الطاعة، الصبر عن المعصية..

فعقب المعلم أمين- بعد أن أثنى على علاء- قائلا:

- ستبدؤون من هذا الأسبوع- إن شاء الله- إعداد التقارير عن أكثر المواقف التي تمر بكم وتحتاجون معها الصبر بشكل رئيس في حياتكم، والكيفية التي ستطورون بها أنفسكم لتعتاد الصبر، فكما تعلمنا: إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم ومن يتصبر يصبره الله.. خاصة وأننا مقبلون على شهر رمضان إن شاء الله شهر الصبر والقرآن، وسأستلم منكم التقارير بعد العيد إن شاء الله.. وتذكروا أن هذه الدروس تطبيقية، فلا معنى لأي كلمة تكتبونها؛ إن لم تكن قد طبقت فعلا.. "

 

 

المشهد الثاني:

 

"تساءلت لينا:

- وهل هناك حل لفتاة لا يمكنها الزواج من الشخص الذي تحبه بشدة!!

فأجابتها جويرية بثقة:

- بالتأكيد فما من داء إلا وأنزل الله له دواء، ولكن الدواء لا يكون حلواً دائما، أليس كذلك؟

أومأت الفتيات برؤوسهن علامة الموافقة والترقب لما ستقوله جويرية:

- عليها بالصبر ومجاهدة نفسها وإشغال قلبها بحب الخير لجميع من حولها، أهلها والديها وإخوتها وأقاربها وجيرانها ومعلماتها وصديقاتها، وتحتسب الأجر من الله فإن المؤمن لا يشاك شوكة إلا وكتب الله له بها أجر، كما ورد عن الحبيب صلى الله عليه وسلم، فكيف إن كان الشوك في القلب!! ولتثق بالله وتلتجئ إليه وهي تعلم علم اليقين بأن الله سيعوضها خيرا كثيرا، فإما أن يسهل الله لها الزواج بمن تحب بالوجه الذي يرضيه؛ إن علم فيه خيرا لها، وإما أن يبدلها خيراً منه ويسعدها بحبٍ أروع وأنقى وأطهر، ولكن عليها بالصبر وعدم الاستعجال واللجوء إلى الله بالدعاء والاسترجاع كما علمنا الحبيب صلى الله عليه وسلم بقول (اللهم اجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها)، ولتعلم بأنها ما دامت حريصة على رضا الله في أفعالها فلن يضيعها الله أبدا، (ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه)،.."

 

 

وهنا بعد الاقتباسات المتعلقة بالصبر، على لسان عدد من شخصيات الرواية:

"الصبر جميل وعواقبه محمودة بإذن الله.. وتأكد أن جدك سعيد سيكون إلى جانبك وعند حسن ظنك دوما إن شاء الله.."
الجد سعيد

"فابذل جهدك واعلم أن الصدق والصبر، والحلم والأناة والتواضع والإخلاص بالإضافة إلى الشعور بالمسؤولية إلى جانب الشجاعة والقوة في الجسم وفي الإرادة ؛ أمور هامة، على الفارس الناجح التحلي بها.."
المدير شامل شاهين

"كل ما تحتاجه الصبر والمثابرة ومتابعة تعليمات المدرب مع التوكل على الله.."
حسام عبد اللطيف سلمان

" الصبر مفتاح الفرج.. وسأبذل جهدي بإذن الله لمساعدتك على أن تشد من همتك وتقوي عزيمتك، فما ينتظرك أهم وأعظم.."
طلال كامل عبد الصبور

 

"من أكبر الأمثلة على أهمية الصبر في إحراز النصر؛ هو ما لحق بالمسلمين من هزيمة في (معركة أحد) بعد أن خالف الرماة أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم واستعجلوا جمع الغنائم بدلا من أن يصبروا، وكما قيل: "إنما النصر صبر ساعة".. "
زيد عبد الرحيم اديب

"الصبر ضروري جدا لمن يريد تحقيق النصر، بغض النظر عن دينه ومعتقده، فهذه من سنن الله في الكون.."
المعلم رائد

"سأكتب عن الصبر في بر أمي فهذا ما ينقصني فعلا!! وسأحاول أن أصل إلى المرحلة التي أشعر فيها بحلاوة برها إن شاء الله ولكن لا تتوقع مني أن أتغير فجأة! لا بد من الصبر على التغيير.."
معاذ يحيى داوود

 

"سأحاول الصبر على ما أسمعه قدر استطاعتي وسأبذل جهدي في ذلك، إن شاء الله.."
زيد عبد الرحيم اديب

"وإنني أرجو من الله أن يتقبلها شهيدة وأن يثبتني بالصبر الجميل.."

جدة الأمير

 وأخيرا.. نختم بهذا المشهد من خواطر علاء بطل "مدرسة الفروسية" :

" أجل.. لكم كان الصبر هاما لتحقيق النجاح.. ودوى بيت الشعر الذي درسه في أذنه: "فإن أخفقت لا تيأس.. وصبرا كي تشاهدها"، أما الصلاة وصية والده التي لم يزل يضعها نصب عينيه، فقد كانت عونه في الشدائد والصعاب، فلطالما ردد والده على مسامعه مرارا " وجعلت قرة عيني في الصلاة"، ولم تفتأ أمه توصيه بصنع المعروف والدعاء، الذي كان سلاحه الفعال.."

***

 

نسأل الله أن يثبتنا على الحق، ويفرغ علينا الصبر حتى نلقاه وهو راض عنا..

(رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم