
على سلالم العدالة

اقتبس من رضا أمجاد في 2023-05-31, 8:10 م
سيارات وعدد كبير من الناس والصحافة تجتمع أمام مبنى محكمة منتظرين
حتى تصل سيارة شرطة محملة بسجين ما ذو لحية بنية وشعر قصير يبدو عليه الانزعاج من التزاحم الذي حصل خارج السيارة
نزل الشرطة و ابعدوا الصحفيين وادخلوا السجين ذو الزي البرتقالي المحكمة. التي كانت كل مقاعدها مليئة وعند فتح الباب وسير السجين عبر الممر حدق الجميع فيه وفيهم من برمقه بتعاطف واخرين بحقد بادلهم جميعا النظرات بصمت. ولكن عندما وصل الى الصف ما قبل الأخير كانت تلك السيدة العجوز تحاول عدم النظر له وهي الوحيدة التي حولت ملامح القاسية الى ملامح قانطة خائفة وحزينة مع انها لم تنظر له أصلا و أشاحت ببصرها بعيدا بشموخ
وصل عند مكان جلوس الدفاع محاميته الشابة وابتسمت ابتسامة سريعة محاولات تهدأته
ثم جلس الى اليسار من مقعدها
طرق القاضي بمطرقته وأعلن عن بداية المحاكمة واول جلسة
وبدأ محامي الادعاء الكلام واختصر انه يريد استدعاء والدة الضحية حسب رغبتها
استدعى القاضي السيدة العجوز. التي تجلس في ثاني صف وحولها أقربائها
نهضت وأخذت تسير بهدوء وعبرت القاعة حتى مكان جلوس الشهود أمام هيئة المحلفين
وعندما استقرت
سألها محامي الادعاء عن ما أرادت قوله اليوم
رفعت المرأة رأسها
ومسحة من على وجهه دمعة
وبدأت الكلام بثبات
" انا وزوجي حسن كنا ننتظر عودة سناء الى المنزل بعد ان سافرت مع اصدقائها لانها ارادة الاحتفال بانهائها الكلية جلسنا تلك الليلة نشاهد التلفاز حتى وقت متاخر لاننا لم نستطع النوم قبل ان نراها ، في الحقيقة هي لم تغب من قبل اسبوع كامل عني وعن والدها حتى في الكلية غيرنا مكان السكن من اجلها فقط " عادة الدموع الى عين السيدة وخلخل ثبات صوتها " في تلك الليلة توقعنا جرس الباب لكن جرس الهاتف هو ما رن لقد اجاب زوجي وكل ما سمعته هو صوته وهو يسأل اذا كانت بخير هرعت له وعلمنا أنها دخلت المستشفى جراء اطلاق نار ، عندما وصلنا المشفى ودخلنا غرفتها كانت فاقدة للوعي جلسنا في غرفتها حتى الصباح ندعو ونستمر في استدعاء الأطباء كل نصف ساعة " لم تعد الأم قادرة على حبس او مقاومة أي دموع وتحولت نبرت صوتها إلى نبرة حزينة ضعيفة "ولكن في ظهيرة اليوم التالي بدأت بالاختناق وهي نائمة أخرجنا الأطباء من الغرفة ثم ابلغونا انها ماتت ابنتنا الوحيدة قد رحلت عن هذا العالم ولن تعود ابدا ، اخبرونا ان القاتل في الحجز ، وبعد اسبوعين بدأت المحاكمة لم استطع حضور أول جلسة لكن زوجي اصر ان يحضر مع انه كان محطما من الداخل لكن عندما رأيته حين عودت لقد كان مفتتا وجلس يبكي ، طلبت منه ان لا يحضر اي جلسة اخرى لكنه اصر على الذهاب وحضور كل جلسة لذا لم املك خيار غير مرافقته " تصاعد الغضب في صوتها والحقد "وحضرنا كل جلسة حيث جلسنا نشاهد محامين ماجورين يدافعون عن المجرم الذي سرق ابنتنا الصغيرة ، لكن زوجي لم يتوقف عن الحضور حتى بعد عدة جلسات تم الحكم بالاعدام عليه. الذي أعطاني بعض الراحة المؤقتة شعرت بامان بسيط لكن في كل مرة أغمض عيني ارى وجهه الحقير يضحك فوق جثة ابنتي ، زوجي حتى مع حكم الاعدام اكله الأسى عليها وبعد اقل من شهر توفي بسكتة قلبية ،
الناس يعتقدون اني عجوز من شكلي. من لون شعري من تجاعيدي"
بدأت السيدة برفع حتى الصراخ بحرقة " انا ابكي عليها في كل ليلة عليها وعلى زوجي على حياتي من دونهم افكر في الانتحار في كل مرة أضع رأسي على الوسادة ولكن أعزي نفسي بأن القاتل سوف يدفع الثمن. بان العالم فيه عدالة لم اعلم متى سوف يعدم "
ضربة الطاولة وسيطر الغضب على صوتها " لكن لم اتخيل ان يتم الاتصال بي وإخباري ان احدا ما يريد تخليص من دنر عائلتي من الموت " نظرة بشكل مباشر الى محامية المتهم " انتي يا فتاة تخيلي لون قتلك كيف سوف يستقبل اهلك الخبر هل سوف تكون والدتك سعيدة بان يتحرر قاتل ابنتها " كانت المحامية الشابة مصدومة بينما المتهم قد حنى رأسه واستمرت السيدة في الكلام " انا لن أحضر اي جلسة بعد الان لكني اثق بالقضاء بانه سوف ينهي هذه المهزلة ويرسل هذا الوحش الى ما يستحق من عقاب ، اما انا لا استطيع العودة وسماع من يدافع عنه مجددا لا استطيع الحضور هنا وحيدة وان اسمع ان عائلتي لا تساوي شيء " نهضت السيدة بلا اذن من احد وسارت مغادرة المحكمة بالكامل وسط تعاطف من كل الحضور وخاصة المحلفين
وقف محامي الادعاء وقال بكل ثقة ان لا اضافة لديهم
لذا نادى القاضي على محامية الدفاع التي لم تسمعه بسبب حالة التوتر التي كانت فيها والتشتت
لكن ايقضتها طرقات القاضي وتكرار النداء
لم تعرف ما العمل كان كل خطتها قد اختفت
نظرت حولها وكل ما كانت تراه هو وجوه مشمئزة حتى نظرت الى المتهم الذي بلل لحيته بدموعه وحنا راسه كي لا يراها احد
وذلك المشهد ذكرها لم هي هنا اليوم لذا نهضت بكل ثقة وافتتحت مقالتها بالتالي " الجريمة يقابلها العقاب ، بالحقيقة العقاب الشديد جدا حيث اننا نركز على كيفية معاقبة الآخرين على جرائمهم واخطائهم ونبتكر طرق العقاب طوال الوقت لكن عندما نصل الخير والصواب نكتفي بالابتسام نكتفي بالتصفيق نكتفي بالمديح كأنهما ليس طرفا الميزان الذي يحرك المجتمع ثم نتسائل لما اغل المجتمع على حافة الجريمة ولا احد يريد ان يكون افضل على حساب نفسه ، انها المنظومة العمياء التي تغالي بالعقاب وتتناسى الثواب ، نعم السيد إدوارد قد عن طريق الخطأ شابة عندما كان مغيبا ولكن حتى في حالة الخوف التي كان هو فيها اتصل بالإسعاف. وقبل ان يصلوا حتى حاول إسعافها هذه ليست افعال قاتل " تقدمت المحامية ووقفت أمام المحلفين " أنه رحل ارتكب خطأ ليس بالخطأ الصغير ولا الذي يغتفر لذا تم ارساله الى الاعدام حيث بقي عامين ينتظر يوم تنفيذ الحكم ، وكل ضباط السجن يشهدون بأنه سجين جيد وهذا كان سبب في تعرضه لعدة هجمات داخل السجن ولكنه لم يتغير وفي الرابع من الشهر الماضي أنقذ خمس حراس وثمان سجناء من الموت المحتم
حيث كان يستطيع الهرب لكنه عاد وخاطر بحياته لانقاذهم
ماذا سوف يكون تعريف العدالة عندما يتم إعدامه هل العدالة هي مجرد تطبيق العقاب ، إذا وقع احدهم في نفس الموقف لن ينقذ اي احد وسوف يكتفي بالهرب لاننا اعدمنا هذا الرجل ، إذا كانت الدولة تؤمن بالخوف اذن الخوف هو ما سوف يقود هذا المجتمع
علينا أن نعطي للسيد إدوارد فرصة كي يحصل هذا المجتمع على فرصة .
عادة الى مكانها بهدوء ويبدو انها استطاعة ان تغير القليل من الغضب والحقد الذي نشرته ام الضحية
هذه كانت افتتاحية الطرفين وبعدها بدأت المحاكمة الحقيقية
حيث استمع الجميع لكل شيء واشتد الصراع حتى انتهت الجلسة
وتم اخذ المتهم الى السجن مجددا
حيث أقام في زنزانة فردية مؤقتة
أخذ يحدق بالسقف طوال الليل غارق في التفكير لا يستطيع النوم
قبل سنتين …
بار مزدحم جلس ادوارد يشرب مع اصدقائه
ويتحدثون عن العمل حيث اخبره احدهم انهم قريبا سوف يسرحون مثله تماما
انزعج ادوارد من ذكرهم موضوع التسريح
وصرخ غاضبا " لا تتباكو لديكم عمل اما انا من انتظر طفل في الطريق ، لا استطيع حتى إعالة أمه "
واساه الباقين ودفعوا ثمن المشروبات فاسرف في الشرب كثيرا
فخرج في تلك الليلة يحاول العودة إلى المنزل وكانت ليلة هادئة جدا حيث كان يسير وحيدا في الشارع ، ثم لفت انتباهه صوت غريب وعندما تبعه وجد نفسه في زقاق وفتاة امامه تتعرض للسرقة لذا اخرج مسدسه مسرعا ولكن اللص بادر بمهاجمته لذا أطلق طلقتين وعندها هرب السارق مسرعا
صرخ به ادوارد معتقدا انه انتصر حتى ألتفت الى الفتاة التي سقطت على الأرض فإذا هي غارقة في دمائها
حاول الاقتراب واسعافها لكنه فشل لذا اتصل بالإسعاف
ومعها وصلت الشرطة وبدأ التحقيق حيث اخبرهم ادوارد بقصته
لكن توجهت كل الأنظار نحوه على انه القاتل ولانه كان مغيبا لم يعرف شكل او دليل يدله على السارق الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يؤكد القصة أشعر بذنب كبير عندما علم أن الفتاة ماتت
حاولت زوجته زيارته لكنها شعرت بخيبة امل شديدة. منعتها
ووسط غضب إعلامي بدأت محاكمته
التي لم تدم أكثر من جلستين وحسم فيها بأنه قتلها محاولا سرقتها وحكم عليه بالاعدام وخلال تلك الجلسات اقتنع ادوارد بنفسه بهذه التهم واخذ على عاتقه الجريمة
لكن بمجرد الحكم عليه طلبت زوجته الطلاق وحرمته من رؤية ابنته واخبرته انها لن تدعه يراها لانه سوف يموت على اي حال
ولا تريد اي علاقة به
لم يستطع تقبل الأمر في البداية لكن حياة السجن الروتينية جعلته هادئ جدا لكنه ظل يرسل لها رسالة أسبوعيا يطلب منها ان يرى ابنته
تمت مهاجمته مرة لذا نقلوه إلى سجن آخر
وتعرض لهجوم آخر لذا نقلوه مجددا ولكن في عملية النقل انحرف مسار الباص وسقط من على جسر في الماء وفقد اغلب وعيهم لذا ساعدهم على الخروج الى السطح واحد بعد الآخر
حتى وصلت الشرطة والإسعاف
وتم حجزه واكمال عملية نقله
سمعة اخت أحد الحراس بالأمر التي تعمل كمحامية ولم تستطع تقبل انه سوف يعدم هكذا بسهولة لذا بدأت محاولة كي تلغي حكم الإعدام الصادرة
في الوقت الحالي ..
تبدأ الجلسات واحدة بعد الاخرى ويبدأ الدفاع بمحاولة جلب تشريعات و قرائن تدعم إلغاء الحكم
ويستمر الادعاء على التأكيد على موقفه باستحضار القضية نفسها والضغط بها
تستمر لثلاث جلسات
ويحدد القضاء موعد أخير يكون في الجلسة الرابعة
قبل الجلسة بيوم تزوره زوجته السابقة
وتخبره ان الحكم اذا سقط سوف تدعه يرى ابنته
وهذا ما يرفع رغبة إدوارد بالحياة أكثر ويجعله شديد الحرص على الفوز
ويأتي يوم الجلسة الأخير التي تضج الصحافة
حيث لا يوجد مكان وقوف قدم أمام المحكمة
يدخل ادوارد كان شخصية سياسية حيث يحاول الجميع سؤال اي شيء لكن الشرطة تدخله بسرعة
داخل المحكمة يطرق القاضي مسكتا الجميع كي تبدأ اخر جلسة .
وتبدأ المرافعات الختامية
حيث يبدأ الادعاء
" ايها السادة علينا جميعا أن نعترف انها ليست قضية عادية ، حيث ان القاتل يطالب بالعفو ، لكن وقبل أن يخلط الدفاع الاوراق نحن لا نرسل ادوارد الى المشنقة لانه انسان سيء او متوحش لكن لانه ارتكب جريمة القتل بحق شابة وهذه الشابة ما تزال ميتة مهما حدث بعد موتها لن يغير هذه الحقيقة ان ادوارد دوربن أطلق عليها النار وارسلها الى الرب ، ونحن كبشر لا نستطيع تقرير اذا كان انسان طيب او شرير نحن فقط نطبق العدالة على الأرض ونرسله كي يلتقي بربه وهناك هذه الأمور تتقرر ، اما نحن كبشر لا نملك غير العدالة ، العين بالعين والسن بالسن ، يمكن لعوائل من انقذهم ان يدعوا له لكن لا يمكن لعائلة الضحية ان تعود حيث لم يبقى منها سوى تلك الام التي لم تسالكم اكثر من العدالة العدالة التي نعرفها جميعا "
وجلس محامي الادعاء مكانه
وجدت محامية الدفاع نفسها في مشكلة حيث مرافعتها الختامية قد لا تترك الانطباع الذي يجب
وفي وسط حيرتها نظر لها ادوارد وطلب ان يتحدث
استغربت طلبه لكن الوضع جعلها توافق
وسمح له القاضي بالكلام
لذا وقف على قدميه امام الجميع حيث حدقت فيه كل الاعين
منها المليء بالحقد ومنها المتعاطف
لكنه استجمع. نفسه وبدأ الكلام بملامحه الحزينة
" لا يحق لي إخبار أحد ما يجب عليه أن يفعل بشاني ولا كيف ينظر لي ولا اتوقع اي شيء لكن شيء واحد يمكنني طلبه وانا اقف هنا المغفرة والرحمة حيث لا شيء آخر في يدي
أعلم أني ارتكبت جريمة اعلم اني قاتل لكني سوف اطلب
هذا اعلم اني اناني اعلم ان ما أطلبه صعب ، لكني اسف انا اسف
لا امتلك غير الاسف كي اعطي ولا غير المغفرة كي اطلب ، لو ارسلتموني الى الموت لن يتأثر العالم ولو عشت سوف نرى ماذا سوف يحصل اعدكم اني لن اكون نفس الشخص الذي ارتكب الخطأ وهذا كل ما اقدر عليه ، لكني لو خرجت اليوم قد التقي ابنتي اول مرة وربما احصل على الفرصة كي اصلح أخطائي ، اعلم ان كلامي يبدو عديم القيمة وبلا فائدة لكن شخص مثلي فعلا لا يملك غير هذا الكلام كي يقدمه ، شكرا لكم ويعود كي يجلس
وسط الصمت يدخل المحلفين كي يعقدوا القرار وينتظر ادوارد في غرفة مع محاميته
وعند صدور القرار يعودون الى القاعة
ويجلس الجميع منتبها على القرار
حيث يقف احد أعضاء المحلفين ويبدأ بالحديث " القرار الذي توصلنا له لم يكن سهلا ، لان القضية التي بين ايدينا ما هي شيء بسيط او لعبة ، لكننا واثقون انه القرار الصحيح ، لقد تقرر بالاجماع اسقاط الحكم السابق
امتلأت القاعة بالفوضى من أصوات الناس يتحدثون
لقد قفزت المحامية من مكانه
لكن ادوارد ظل جالسا متكدر على نفسه يبكي
حتى اخرجوه خارج المحكمة وهناك كانت الفوضى الحقيقة انقض عليه الصحفيين من كل جهة
لكنه بحث عن طليقته في كل مكان حتى لاحظها. تقترب منه وفي يدها طفلة لم يلمح شكلها بعد من شدة الزحام
الشرطة أبعدت الصحفيين وجعلت طليقته تقترب
كانت دموعه في اوجها
لكن صرخة عالية جذبت نظره نحو الحشد الذي انبثق منه مسدس تحمله ام الفتاة
و أطلقت ثلاث طلقات قبل ان تعترضها الشرطة
حفل ادوارد في مكانه ولم يستطع التفكير او الحركة تفقد كتفه فشاهد الدماء لكنه بمجرد استعادة اتصاله بالعالم الخارجي
لاحظ طليقته على الأرض
اقترب منها مصدوم
لكنها أصيبت في رأسها والطفلة الصغيرة تلقت طلقة
جلس إدوارد يصرخ جازعا فوق الجثتين وحوله الصحافة و اضواء الكاميرات
سيارات وعدد كبير من الناس والصحافة تجتمع أمام مبنى محكمة منتظرين
حتى تصل سيارة شرطة محملة بسجين ما ذو لحية بنية وشعر قصير يبدو عليه الانزعاج من التزاحم الذي حصل خارج السيارة
نزل الشرطة و ابعدوا الصحفيين وادخلوا السجين ذو الزي البرتقالي المحكمة. التي كانت كل مقاعدها مليئة وعند فتح الباب وسير السجين عبر الممر حدق الجميع فيه وفيهم من برمقه بتعاطف واخرين بحقد بادلهم جميعا النظرات بصمت. ولكن عندما وصل الى الصف ما قبل الأخير كانت تلك السيدة العجوز تحاول عدم النظر له وهي الوحيدة التي حولت ملامح القاسية الى ملامح قانطة خائفة وحزينة مع انها لم تنظر له أصلا و أشاحت ببصرها بعيدا بشموخ
وصل عند مكان جلوس الدفاع محاميته الشابة وابتسمت ابتسامة سريعة محاولات تهدأته
ثم جلس الى اليسار من مقعدها
طرق القاضي بمطرقته وأعلن عن بداية المحاكمة واول جلسة
وبدأ محامي الادعاء الكلام واختصر انه يريد استدعاء والدة الضحية حسب رغبتها
استدعى القاضي السيدة العجوز. التي تجلس في ثاني صف وحولها أقربائها
نهضت وأخذت تسير بهدوء وعبرت القاعة حتى مكان جلوس الشهود أمام هيئة المحلفين
وعندما استقرت
سألها محامي الادعاء عن ما أرادت قوله اليوم
رفعت المرأة رأسها
ومسحة من على وجهه دمعة
وبدأت الكلام بثبات
" انا وزوجي حسن كنا ننتظر عودة سناء الى المنزل بعد ان سافرت مع اصدقائها لانها ارادة الاحتفال بانهائها الكلية جلسنا تلك الليلة نشاهد التلفاز حتى وقت متاخر لاننا لم نستطع النوم قبل ان نراها ، في الحقيقة هي لم تغب من قبل اسبوع كامل عني وعن والدها حتى في الكلية غيرنا مكان السكن من اجلها فقط " عادة الدموع الى عين السيدة وخلخل ثبات صوتها " في تلك الليلة توقعنا جرس الباب لكن جرس الهاتف هو ما رن لقد اجاب زوجي وكل ما سمعته هو صوته وهو يسأل اذا كانت بخير هرعت له وعلمنا أنها دخلت المستشفى جراء اطلاق نار ، عندما وصلنا المشفى ودخلنا غرفتها كانت فاقدة للوعي جلسنا في غرفتها حتى الصباح ندعو ونستمر في استدعاء الأطباء كل نصف ساعة " لم تعد الأم قادرة على حبس او مقاومة أي دموع وتحولت نبرت صوتها إلى نبرة حزينة ضعيفة "ولكن في ظهيرة اليوم التالي بدأت بالاختناق وهي نائمة أخرجنا الأطباء من الغرفة ثم ابلغونا انها ماتت ابنتنا الوحيدة قد رحلت عن هذا العالم ولن تعود ابدا ، اخبرونا ان القاتل في الحجز ، وبعد اسبوعين بدأت المحاكمة لم استطع حضور أول جلسة لكن زوجي اصر ان يحضر مع انه كان محطما من الداخل لكن عندما رأيته حين عودت لقد كان مفتتا وجلس يبكي ، طلبت منه ان لا يحضر اي جلسة اخرى لكنه اصر على الذهاب وحضور كل جلسة لذا لم املك خيار غير مرافقته " تصاعد الغضب في صوتها والحقد "وحضرنا كل جلسة حيث جلسنا نشاهد محامين ماجورين يدافعون عن المجرم الذي سرق ابنتنا الصغيرة ، لكن زوجي لم يتوقف عن الحضور حتى بعد عدة جلسات تم الحكم بالاعدام عليه. الذي أعطاني بعض الراحة المؤقتة شعرت بامان بسيط لكن في كل مرة أغمض عيني ارى وجهه الحقير يضحك فوق جثة ابنتي ، زوجي حتى مع حكم الاعدام اكله الأسى عليها وبعد اقل من شهر توفي بسكتة قلبية ،
الناس يعتقدون اني عجوز من شكلي. من لون شعري من تجاعيدي"
بدأت السيدة برفع حتى الصراخ بحرقة " انا ابكي عليها في كل ليلة عليها وعلى زوجي على حياتي من دونهم افكر في الانتحار في كل مرة أضع رأسي على الوسادة ولكن أعزي نفسي بأن القاتل سوف يدفع الثمن. بان العالم فيه عدالة لم اعلم متى سوف يعدم "
ضربة الطاولة وسيطر الغضب على صوتها " لكن لم اتخيل ان يتم الاتصال بي وإخباري ان احدا ما يريد تخليص من دنر عائلتي من الموت " نظرة بشكل مباشر الى محامية المتهم " انتي يا فتاة تخيلي لون قتلك كيف سوف يستقبل اهلك الخبر هل سوف تكون والدتك سعيدة بان يتحرر قاتل ابنتها " كانت المحامية الشابة مصدومة بينما المتهم قد حنى رأسه واستمرت السيدة في الكلام " انا لن أحضر اي جلسة بعد الان لكني اثق بالقضاء بانه سوف ينهي هذه المهزلة ويرسل هذا الوحش الى ما يستحق من عقاب ، اما انا لا استطيع العودة وسماع من يدافع عنه مجددا لا استطيع الحضور هنا وحيدة وان اسمع ان عائلتي لا تساوي شيء " نهضت السيدة بلا اذن من احد وسارت مغادرة المحكمة بالكامل وسط تعاطف من كل الحضور وخاصة المحلفين
وقف محامي الادعاء وقال بكل ثقة ان لا اضافة لديهم
لذا نادى القاضي على محامية الدفاع التي لم تسمعه بسبب حالة التوتر التي كانت فيها والتشتت
لكن ايقضتها طرقات القاضي وتكرار النداء
لم تعرف ما العمل كان كل خطتها قد اختفت
نظرت حولها وكل ما كانت تراه هو وجوه مشمئزة حتى نظرت الى المتهم الذي بلل لحيته بدموعه وحنا راسه كي لا يراها احد
وذلك المشهد ذكرها لم هي هنا اليوم لذا نهضت بكل ثقة وافتتحت مقالتها بالتالي " الجريمة يقابلها العقاب ، بالحقيقة العقاب الشديد جدا حيث اننا نركز على كيفية معاقبة الآخرين على جرائمهم واخطائهم ونبتكر طرق العقاب طوال الوقت لكن عندما نصل الخير والصواب نكتفي بالابتسام نكتفي بالتصفيق نكتفي بالمديح كأنهما ليس طرفا الميزان الذي يحرك المجتمع ثم نتسائل لما اغل المجتمع على حافة الجريمة ولا احد يريد ان يكون افضل على حساب نفسه ، انها المنظومة العمياء التي تغالي بالعقاب وتتناسى الثواب ، نعم السيد إدوارد قد عن طريق الخطأ شابة عندما كان مغيبا ولكن حتى في حالة الخوف التي كان هو فيها اتصل بالإسعاف. وقبل ان يصلوا حتى حاول إسعافها هذه ليست افعال قاتل " تقدمت المحامية ووقفت أمام المحلفين " أنه رحل ارتكب خطأ ليس بالخطأ الصغير ولا الذي يغتفر لذا تم ارساله الى الاعدام حيث بقي عامين ينتظر يوم تنفيذ الحكم ، وكل ضباط السجن يشهدون بأنه سجين جيد وهذا كان سبب في تعرضه لعدة هجمات داخل السجن ولكنه لم يتغير وفي الرابع من الشهر الماضي أنقذ خمس حراس وثمان سجناء من الموت المحتم
حيث كان يستطيع الهرب لكنه عاد وخاطر بحياته لانقاذهم
ماذا سوف يكون تعريف العدالة عندما يتم إعدامه هل العدالة هي مجرد تطبيق العقاب ، إذا وقع احدهم في نفس الموقف لن ينقذ اي احد وسوف يكتفي بالهرب لاننا اعدمنا هذا الرجل ، إذا كانت الدولة تؤمن بالخوف اذن الخوف هو ما سوف يقود هذا المجتمع
علينا أن نعطي للسيد إدوارد فرصة كي يحصل هذا المجتمع على فرصة .
عادة الى مكانها بهدوء ويبدو انها استطاعة ان تغير القليل من الغضب والحقد الذي نشرته ام الضحية
هذه كانت افتتاحية الطرفين وبعدها بدأت المحاكمة الحقيقية
حيث استمع الجميع لكل شيء واشتد الصراع حتى انتهت الجلسة
وتم اخذ المتهم الى السجن مجددا
حيث أقام في زنزانة فردية مؤقتة
أخذ يحدق بالسقف طوال الليل غارق في التفكير لا يستطيع النوم
قبل سنتين …
بار مزدحم جلس ادوارد يشرب مع اصدقائه
ويتحدثون عن العمل حيث اخبره احدهم انهم قريبا سوف يسرحون مثله تماما
انزعج ادوارد من ذكرهم موضوع التسريح
وصرخ غاضبا " لا تتباكو لديكم عمل اما انا من انتظر طفل في الطريق ، لا استطيع حتى إعالة أمه "
واساه الباقين ودفعوا ثمن المشروبات فاسرف في الشرب كثيرا
فخرج في تلك الليلة يحاول العودة إلى المنزل وكانت ليلة هادئة جدا حيث كان يسير وحيدا في الشارع ، ثم لفت انتباهه صوت غريب وعندما تبعه وجد نفسه في زقاق وفتاة امامه تتعرض للسرقة لذا اخرج مسدسه مسرعا ولكن اللص بادر بمهاجمته لذا أطلق طلقتين وعندها هرب السارق مسرعا
صرخ به ادوارد معتقدا انه انتصر حتى ألتفت الى الفتاة التي سقطت على الأرض فإذا هي غارقة في دمائها
حاول الاقتراب واسعافها لكنه فشل لذا اتصل بالإسعاف
ومعها وصلت الشرطة وبدأ التحقيق حيث اخبرهم ادوارد بقصته
لكن توجهت كل الأنظار نحوه على انه القاتل ولانه كان مغيبا لم يعرف شكل او دليل يدله على السارق الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يؤكد القصة أشعر بذنب كبير عندما علم أن الفتاة ماتت
حاولت زوجته زيارته لكنها شعرت بخيبة امل شديدة. منعتها
ووسط غضب إعلامي بدأت محاكمته
التي لم تدم أكثر من جلستين وحسم فيها بأنه قتلها محاولا سرقتها وحكم عليه بالاعدام وخلال تلك الجلسات اقتنع ادوارد بنفسه بهذه التهم واخذ على عاتقه الجريمة
لكن بمجرد الحكم عليه طلبت زوجته الطلاق وحرمته من رؤية ابنته واخبرته انها لن تدعه يراها لانه سوف يموت على اي حال
ولا تريد اي علاقة به
لم يستطع تقبل الأمر في البداية لكن حياة السجن الروتينية جعلته هادئ جدا لكنه ظل يرسل لها رسالة أسبوعيا يطلب منها ان يرى ابنته
تمت مهاجمته مرة لذا نقلوه إلى سجن آخر
وتعرض لهجوم آخر لذا نقلوه مجددا ولكن في عملية النقل انحرف مسار الباص وسقط من على جسر في الماء وفقد اغلب وعيهم لذا ساعدهم على الخروج الى السطح واحد بعد الآخر
حتى وصلت الشرطة والإسعاف
وتم حجزه واكمال عملية نقله
سمعة اخت أحد الحراس بالأمر التي تعمل كمحامية ولم تستطع تقبل انه سوف يعدم هكذا بسهولة لذا بدأت محاولة كي تلغي حكم الإعدام الصادرة
في الوقت الحالي ..
تبدأ الجلسات واحدة بعد الاخرى ويبدأ الدفاع بمحاولة جلب تشريعات و قرائن تدعم إلغاء الحكم
ويستمر الادعاء على التأكيد على موقفه باستحضار القضية نفسها والضغط بها
تستمر لثلاث جلسات
ويحدد القضاء موعد أخير يكون في الجلسة الرابعة
قبل الجلسة بيوم تزوره زوجته السابقة
وتخبره ان الحكم اذا سقط سوف تدعه يرى ابنته
وهذا ما يرفع رغبة إدوارد بالحياة أكثر ويجعله شديد الحرص على الفوز
ويأتي يوم الجلسة الأخير التي تضج الصحافة
حيث لا يوجد مكان وقوف قدم أمام المحكمة
يدخل ادوارد كان شخصية سياسية حيث يحاول الجميع سؤال اي شيء لكن الشرطة تدخله بسرعة
داخل المحكمة يطرق القاضي مسكتا الجميع كي تبدأ اخر جلسة .
وتبدأ المرافعات الختامية
حيث يبدأ الادعاء
" ايها السادة علينا جميعا أن نعترف انها ليست قضية عادية ، حيث ان القاتل يطالب بالعفو ، لكن وقبل أن يخلط الدفاع الاوراق نحن لا نرسل ادوارد الى المشنقة لانه انسان سيء او متوحش لكن لانه ارتكب جريمة القتل بحق شابة وهذه الشابة ما تزال ميتة مهما حدث بعد موتها لن يغير هذه الحقيقة ان ادوارد دوربن أطلق عليها النار وارسلها الى الرب ، ونحن كبشر لا نستطيع تقرير اذا كان انسان طيب او شرير نحن فقط نطبق العدالة على الأرض ونرسله كي يلتقي بربه وهناك هذه الأمور تتقرر ، اما نحن كبشر لا نملك غير العدالة ، العين بالعين والسن بالسن ، يمكن لعوائل من انقذهم ان يدعوا له لكن لا يمكن لعائلة الضحية ان تعود حيث لم يبقى منها سوى تلك الام التي لم تسالكم اكثر من العدالة العدالة التي نعرفها جميعا "
وجلس محامي الادعاء مكانه
وجدت محامية الدفاع نفسها في مشكلة حيث مرافعتها الختامية قد لا تترك الانطباع الذي يجب
وفي وسط حيرتها نظر لها ادوارد وطلب ان يتحدث
استغربت طلبه لكن الوضع جعلها توافق
وسمح له القاضي بالكلام
لذا وقف على قدميه امام الجميع حيث حدقت فيه كل الاعين
منها المليء بالحقد ومنها المتعاطف
لكنه استجمع. نفسه وبدأ الكلام بملامحه الحزينة
" لا يحق لي إخبار أحد ما يجب عليه أن يفعل بشاني ولا كيف ينظر لي ولا اتوقع اي شيء لكن شيء واحد يمكنني طلبه وانا اقف هنا المغفرة والرحمة حيث لا شيء آخر في يدي
أعلم أني ارتكبت جريمة اعلم اني قاتل لكني سوف اطلب
هذا اعلم اني اناني اعلم ان ما أطلبه صعب ، لكني اسف انا اسف
لا امتلك غير الاسف كي اعطي ولا غير المغفرة كي اطلب ، لو ارسلتموني الى الموت لن يتأثر العالم ولو عشت سوف نرى ماذا سوف يحصل اعدكم اني لن اكون نفس الشخص الذي ارتكب الخطأ وهذا كل ما اقدر عليه ، لكني لو خرجت اليوم قد التقي ابنتي اول مرة وربما احصل على الفرصة كي اصلح أخطائي ، اعلم ان كلامي يبدو عديم القيمة وبلا فائدة لكن شخص مثلي فعلا لا يملك غير هذا الكلام كي يقدمه ، شكرا لكم ويعود كي يجلس
وسط الصمت يدخل المحلفين كي يعقدوا القرار وينتظر ادوارد في غرفة مع محاميته
وعند صدور القرار يعودون الى القاعة
ويجلس الجميع منتبها على القرار
حيث يقف احد أعضاء المحلفين ويبدأ بالحديث " القرار الذي توصلنا له لم يكن سهلا ، لان القضية التي بين ايدينا ما هي شيء بسيط او لعبة ، لكننا واثقون انه القرار الصحيح ، لقد تقرر بالاجماع اسقاط الحكم السابق
امتلأت القاعة بالفوضى من أصوات الناس يتحدثون
لقد قفزت المحامية من مكانه
لكن ادوارد ظل جالسا متكدر على نفسه يبكي
حتى اخرجوه خارج المحكمة وهناك كانت الفوضى الحقيقة انقض عليه الصحفيين من كل جهة
لكنه بحث عن طليقته في كل مكان حتى لاحظها. تقترب منه وفي يدها طفلة لم يلمح شكلها بعد من شدة الزحام
الشرطة أبعدت الصحفيين وجعلت طليقته تقترب
كانت دموعه في اوجها
لكن صرخة عالية جذبت نظره نحو الحشد الذي انبثق منه مسدس تحمله ام الفتاة
و أطلقت ثلاث طلقات قبل ان تعترضها الشرطة
حفل ادوارد في مكانه ولم يستطع التفكير او الحركة تفقد كتفه فشاهد الدماء لكنه بمجرد استعادة اتصاله بالعالم الخارجي
لاحظ طليقته على الأرض
اقترب منها مصدوم
لكنها أصيبت في رأسها والطفلة الصغيرة تلقت طلقة
جلس إدوارد يصرخ جازعا فوق الجثتين وحوله الصحافة و اضواء الكاميرات