Please or التسجيل to create posts and topics.

قلبٌ مضئ

 

 "قلبٌ مضئ"

 

في طريق عودتي اليومية من الجامعة بعد يومٍ طويلٍ شاق كانت فيه الأفكار تتصارع في رأسي .. قررت المرور بالبقالة القريبة من المنزل لشراء بعض المثلجات علَّها تساعدني في التخفيف من ذلك التعب 

وأثناء وقوفي أمام الثلاجة محاولةً الإختيار والبحث بين أسماء الشركات عمَّا يصلح لشرائه 

لاح أمامي شريط ذكرياتٍ بمواقفِ اليوم .. مواقفٌ لا تنسى .. مرت أمام ناظريَّ كالبرق 

فتذكرت رد فعل إحدى زميلاتي في الصف عندما رأت حقيبتي التي قمت بتطريزها بالشعار الخاص بأراضينا الم..ح..تلة 

حينما قالت لي بتهكم وهي تشير على حقيبتي :  

وبهذا ستت..حرر أراضينا أليس كذلك ؟!

شعرت بالإرتباك وقتها وتلعثمت ولم أستطع الإجابة حتى تدخلت صديقتي سلوى وأجابتها بثقة قائلة : 

ربما ليس اليوم .. ربما غدا .. ربما بعد أسبوع .. بعد شهر .. ربما بعد عامٍ أو أكثر المهم ألَّا ننسى ونبقى على الطريق يذكر بعضنا بعضًا وقتها حتمًا سيأتي ذلك اليوم.  

وتذكرت محادثتي مع سلوى بعد ذلك حين علمنا بانقطاع الإتصال عن إخوتنا و بُحت لها بيأس عما يدور في بالي :  

-نحن بعيدون .. نحن عاجزون

نظرت إليَّ بقوة وعيناها تملؤها الدموع 

=بل نحن معهم.. نحن نقاتل معهم .. كلنا في معركة واحدة.. وإن اختلفت أشكالها فلكل منا دور 

ربما تكون أجسادنا بعيدة لكن أرواحنا تقاتل معهم هناك 

إياك وأن تخذليهم يا مرام .. إياك وأن تيأسي وتلقي سلاحك . 

ثم همَّت بالنهوض ومدَّت إليَّ بيدها قائلةً:  

هيا لنتوضأ معًا ونَهُّم بالصلاة والدعاء فنحن مقاتلون .. نقاتل بما نملك و ما يتاح بأيدينا حتى ونحن بعيدون . 

جاء صوت قطع حبل أفكاري تلك قائلًا : 

هل تبحثين عن شئ معين يا أنسة؟ 

فأجبته منتبهة بعد شرود طويل : 

أجل أبحث عن نوع مَحلِّي من المثلجات .. كل ما أراه أمامي أُقاطعه .  

نظر إليَّ العامل بذهول ثم أجاب وهو يناولني علبة التقطها من أعماق الثلاجة قائلًا:

 إن كنت تريدين نوعا مَحلِّيا فهذه هي أخر علبة.

أخذتها منه مبتهجة أنني سأحصل على المثلجات أخيرًا وشكرته 

وأنا أَهُمُّ بالرحيل بعد دفع ثمنها 

فاستوقفني صوته متسائلًا: 

يا أنسة .. هل ما تفعلينه له جدوى ؟ 

هل تظنين أن هذا حقا يساعد "عدم شرائك لنوعٍ من المثلجات " ؟ 

أعني كل الشركات تقريبًا متشابهة مهما اختلفت المسميات قد يذهب المال بطريقةٍ أو بأخرى إليهم .

فأجبته بثقة وبهجة قبل أن أذهب : 

-ربما .. قد يكون كلامك صحيحًا .. ولكن نحن نقاتل بما في أيدينا 

حتى وإن لم يكن كافيًا أو مثاليًا كما نريد ..إنه أضعف الإيمان 

وهي صفعة قويةٌ لهم نقول فيها أننا من نختار ونحن من يقرر 

حتى وإن لم يستفد إخوتنا منها شيئًا لكن على الأقل أبقتني أنا يقظة.

 

كي لا ننسى 

 

#على_ثغرة