Please or التسجيل to create posts and topics.

البرق الخاطف! (عندما اختلط الخيال بالواقع!)

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

البرق الخاطف!
 
 
  في ذلك العالم البهي العجيب، حيث يحلق الخيال على رؤوس الجبال، وتتراقص الأحلام على أعذب الأنغام؛ ترددت ضحكات مرحة في الارجاء، ترافقها حماسة مشتعلة، مع كلمات الفتى الأكبر، الذي قال لأخيه الذي يصغره بثلاثة أعوام:
- اسمع يا أحمد.. من الآن فصاعدا سنكون...
فبادره أخيه بهتافه الحماسي، قائلا:
- البرق الخاطف وهزيم الرعد!!!
وقبل أن يترك لأخيه فرصة؛ انطلق أحمد ينشد بحماسة:
ابرقي ارعدي ابطالا وعدوك انبل وعد هزيم الرعد
جاؤوك بصوت الحق الهادر كهزيم الرعد هزيم الرعد
فشاركه اخوه الانشاد بحماسة مشابهة، ليتابعا معا:
بسيوف اقوى من نار عرفت كيف الرد هزيم الرعد
ماهنت ولن تهني بل من اجلك ثار اشتد هزيم الرعد
غير أن أحمد صمت فجأة، قائلا:
- هل سمعت صوتا غريبا يا وسيم؟
فأرخى وسيم سمعه جيدا، لكنه هز رأسه نفيا:
- لم اسمع غير صدى اصواتنا نحن!! لا شك أنك تتخيل!
وضحك بمرح معلقا:
- هذا طبيعي فنحن في عالم الخيال بحد ذاته كما ترى، لذا كل شيء وارد يا أخي!
ورغم أن أحمد لم يبد عليه الاقتناع بكلام أخيه الاكبر وسيم؛ لكنه اكتفى بتجاهل الأمر، حتى يتمكن من اغتنام كل ثانية في هذا العالم الجميل، قبل أن يكون عليهم العودة للبيت مجددا!
فقال احمد بابتسامة جميلة:
- نسيت أن اخبرك بأنني اخترت اسما مميزا لي في هذا العالم، سأكون "ضياء"!
فرد عليه وسيم وقد تهلل وجهه بسعادة:
- هذا رائع حقا! وهو يناسبك تماما يا أخي، فلطالما كنت ضياء لي في هذه الحياة، خاصة مع مشكلتي في الرؤية! انت بالفعل ضياء حقيقي، ولن انسى فضلك أبدا..
لم يستطع ضياء تحمل سماع تلك الكلمات المؤثرة من أخيه- والذي كان يعاني من رقرقة بؤبؤ العين، مما جعله يرافقه كظله خلال تحركاته- فحاول جاهدا إخفاء دموعه حتى لا يلاحظه، لكن هذا لم يخف على وسيم، الذي سارع لتغيير الجو قائلا بمرح:
- إذا كنت أنت "ضياء" فأنا "برق"!!
وتابع بحماسة:
- ونحن معا
cometstar
البرق الخاطف وهزيم الرعد
فابتسم أحمد (ضياء) :
- سيكون هذا رائع حقا!
في تلك اللحظة، سمع الاثنان صوتا انثويا، يقول:
- وسيكون اسمي نيلوفر، هل هذا جيد؟
فسألها وسيم (برق) باهتمام:
- من انت؟ وكيف جئت إلى هنا؟؟
فأجابته الفتاة بخجل:
- آنا اسفة حقا.. ولكن لا يوجد لدي اصدقاء.. إنني مصابة بالسرطان واتعب كثيرا بسبب ذلك، لذا لا استطيع تكوين صداقات حقيقية مثل البقية.. لكن هذا العالم مختلف.. إنه جميل جدا واشعرني بالدفء، حتى انني لا اعرف كيف اصبحت اتحدث هكذا بطلاقة فجأة ودون خوف!
كانت الفتاة تتحدث بسرعة واندفاع، وكأنها على وشك البكاء، فطمأنها ضياء بسرعة:
- ستكونين اختنا من الان فصاعدا في هذا العالم، اسمي أحمد ولقبي هنا هو "ضياء"، وهذا اخي الاكبر وسيم واسمه هنا "برق"، وارى أن اسم نيلوفر جميل، ولكن ما اسمك الحقيقي؟
وقبل أن تفتح الفتاة فمها بالاجابة، ترددت حولهم نغمات مرحة، جعلتهم يرقصون طربا، وهم يرددون معها:
- هيا يا حنين سابقي الايام
بالعيش السليم في دنيا كالاحلام..
ثم قال وسيم بابتسامة مرحبة:
- اسمك حنين إذن! مرحبا بك في عالمنا، الذي نناقش فيه كل ما نحبه..
فشكرته حنين بأدب:
- حقا ممتنة لقبولكم لي بينكم، ولكن هل تعيشون هنا باستمرار؟
فأجابها ضياء:
- بالتأكيد لا.. ولكننا نأتي كلما شعرنا بحاجة للراحة، ومؤخرا بدأت مع أخي العمل في مجال البرمجة، وهذا المكان هو بمثابة الالهام لنا، وقد صنعنا وبعنا أول برنامج من مدة قصيرة، كما صمم أخي (سيرفر) يقوم بتخديم تطبيق مشاهدة انميات
فهتفت حنين بانبهار:
- انتم مدهشون حقا ما شاء الله!! سعيدة حقا بمعرفتكم..
فأجابها برق وضياء بصوت واحد:
- ونحن الأسعد بمعرفتك بلا شك!
ولكن فجأة، وقبل أن يغادر أي واحد منهم مكانه؛ خيم الظلام الدامس على ذلك العالم الجميل، وأطبق صمت مرعب؛ أشعر ضياء برجفة تسري في كل خلايا جسده!
أخذ يتلفت حوله بفزع دون أن يرى شيئا، فصرخ بأعلى صوته:
- وسيم.. حنين.. أين انتما؟؟ هل تسمعاني؟؟
لكنه لم يسمع أدنى همس!!
اغمض عينيه وفتحهما مرارا، لا يزال الظلام ملتفا حوله، بصمت رهيب!!
لقد اختفى كل شيء في لحظة!
بذل ضياء جهدا كبيرا للمقاومة، وانسابت الدموع غزيرة من عينيه، كان على وشك الاستسلام..
هل هذه النهاية؟؟ هل حقا.. هذه هي نهاية الاشياء الجميلة في حياته؟؟!!
يارب.. ما العمل!! هل ساعود وحيدا إلى المنزل الآن!!
(رب لا تذرني فردا وانت خير الوارثين)
تذكر والدته الحنونة.. تذكر والده الحنون.. واخته الصغرى.. هل سيعود لهم وحيدا الآن!! إنهم جميعا يعلقون الآمال عليه! يجب ان يكون قويا لأجلهم على الأقل! فمنذ ان شردتهم الحرب عن مدينتهم، وهو يبذل جهده لمساعدة العائلة بعمله،.. ولكن.. ماذا عن وسيم.. ألن يكون معه مجددا؟؟!! ألن يشاركه ذلك الطموح والآمال العظيمة؟؟ ألن يحدثه عن علم الفلك مجددا؟؟ ألن يتناقشا عن ايتاتشي ودوافعه؟؟ لقد أحب وسيم شخصية ايتاتشي المضحية، واتخذه شعارا لصورته الرمزية، فهل كان عليه أن يكون ضحية هذا العالم مثله في النهاية؟!!
بكى ضياء بشدة كما لم يبك في حياته!
غير ان وميض برق خاطف؛ نبّهه مما هو فيه؛ فجفف دموعه بسرعة، ملتفتا حوله من جديد.. ولكن لا شيء!! لا يزال الظلام كما هو.. والصمت كما هو!! ولا أحد حوله!
وفي اللحظة التي كان على وشك أن يغرق فيها، في دوامة همومه وأحزانه من جديد؛ إذ لمع البرق الخاطف مرة أخرى، ولكن بوضوح أكبر هذه المرة!
نهض ضياء من فوره على قدميه، متلفتا حوله بتعجب:
- من أين ظهر البرق ولا أرى أي سماء هنا؟؟
عندها سمع صوت وسيم، الذي رافق البرق الخاطف مجددا:
- ما الذي دهاك يا ضياء؟؟ ايعقل أن يغرق العالم حولك في كل هذا الظلام وانت "ضياء"؟؟
لم يصدق ضياء أذنيه بداية، فأرخى سمعه أكثر ليصله صوت اخيه مجددا مع كل وميض برق خاطف:
- ماذا اصابك يا أخي؟؟ أنا برق.. والبرق خاطف وسريع كما تعلم، كل ما في الأمر أنني سبقتك للعالم الآخر! ولكنك "ضياء"، ومهمتك في هذا العالم لم تنتهي بعد، وعاجلا أم آجلا ستلحق بي بلا شك، فلا تقلق! أما الآن.. فقد عهدت إليك بإكمال ما بدأناه معا! الم تبدأ تصميم الشعارات كما اخبرتك؟؟ لقد كنت رائعا بالفعل وانا فخور بك!
خيم الصمت للحظة، قبل ان يسطع البرق الخاطف مرة أخرى:
- بإذن الله ستكمل ما بدأناه معا، وسأنتظر منك الهدايا في العالم الآخر، فهي تصلنا هنا باستمرار، بأسرع مما تتوقع.. دعاء.. صدقة.. عمل صالح.. كلها نستقبلها بسعادة هنا، فلا تضيع الوقت يا أخي، وطمئن والداي أنني بخير..
أخبر أمي أن بكاءها يحزنني، ودعواتها الطيبة تصلني وتسعدني.. وأخبر أبي أن ذلك الخطأ الطبي مجرد سبب، فلا داعي لأن يشعر بالندم، لأنه أرسلني إلى ذلك المشفى! هم مخطئون بلا شك وهذا امر مفروغ منه، ويجب أن يحاسبوا عليه، ولكن خطؤهم هذا لا علاقة له بانتهاء أجلي.. لقد وافق ذلك موعد انتقالي للعالم الآخر بالدقيقية والثانية، دون زيادة ولا نقصان! هذا كل ما في الأمر!
لو لم يكن هناك خطأ طبي.. لكان هناك سبب آخر، لذلك طمئن أبي رجاء!!
وانت يا أخي.. سترى من الخير أضعاف ما فعلته من أجلي، لن تذهب تضحيتك سدى، ولن يضيعك الله ابدا، وسيعوضك خيرا كثيرا، لذلك كن مستعدا لا ستقبال أعظم الفتوحات السعيدة في حياتك بإذن الله.. ولا تنس (كل في فلك يسبحون)!
ثم سمع ضياء صوت وسيم وهو يردد ضاحكا:
- والآن.. أرجو أن لا تنس أيضا من نحن أيها الضياء..
فردد ضياء بعفوية:
- البرق الخاطف وهزيم الرعد!
في تلك اللحظة، انطلق صوت حنين بضحكة مرحة:
- لن انس قصصك المشجعة يا ضياء، وقد جعلتني البطلة التي انتصرت على الشر! لقد اسعدتني حقا وقتها..
ثم سمع صوتها مستدركا:
- هل تذكر عندما أريتك رسوم ريحانة في انكتوبر؟؟ لقد تشجعتَ وقتها للانضمام لمجموعة  تضم المانجاكا العرب.. إنني سعيدة حقا لما وصلتم إليه حتى الآن، وأتوقع لكم المزيد من الانجازات مستقبلا بإذن الله.. يكفي أنني نجحت في وضع بصمتي في هذا العالم الجميل والحمد لله..
أجل يا ضياء.. لقد كنتَ انت البصمة التي وضعتُها في المجموعة!
فهل لك ان تتخيل هذا؟؟
لقد حققتُ حلمي أخيرا- بفضل الله- وبأفضل مما أتخيل، فكل شيء فعلته انت يا ضياء للمجموعة؛ يأتي في ميزان حسناتي بإذن الله، وهذا يسعدني حقا.. حتى كلماتي الأخيرة في رمضان، والتي ابقيتم المنتدى القديم (ستارتون) لأجلها.. هناك من قراها والحمد لله! وقتها كان كل مااتمناه ان تكونوا جميعا بخير.. فشكرا لك يا اخي.. شكرا لك يا ضياء..
وهنا لمع البرق الخاطف من جديد، ليسمع صوت وسيم:
- وليس هذا وحسب؛ بل لقد وجدتُ نفسي في مجموعتكم، كما كنت تريد مني سابقا!! لم اتخيل أنني سانضم لكم بعد أن انتقل للعالم الآخر!! هذا شيء مثير للاهتمام حقا!!
فابتسم ضياء:
- بالفعل يا أخي.. إنها الدنيا عجائب، حتى ما عاد فيها عجائب.. والحمد لله على كل حال، دائما وأبدا..
عندها سمع صوت وسيم مستدركا بسرعة:
- نسيت أن أشكرك على هديتك الجميلة التي كنت ستعطيها لي في يوم ميلادي، لقد وصلتني بشكل اجمل بكثير مما خططت له يا اخي.. جزاك الله خيرا
ارتسمت الدهشة على وجه ضياء بوضوح، وقد تذكر انه كان يدخر مالا ليشتري لأخيه جوال بشاشة اكبر
في عيد ميلاده الشهر القادم، ولكن.. من اين لأخيه أن يعرف بهذا الآن!!
فسأله بتعجب:
- أي هدية تقصد؟
فترددت ضحكات وسيم في الارجاء، وهو يقول:
- ألم اقل لك أنني في العالم الآخر الآن!! القوانين هنا مختلفة، والله يجزيك خيرا على نيتك.. نيتك الطيبة وصلت بفضل الله.. وانا الآن أرى بشكل رائع، كما لم أر من قبل!
واستدرك وسيم فجأة:
- بالمناسبة.. زقزقة العصافير جميلة جدا، إنها تذكر الله وتسبحه باستمرار.. استمتع بنغماتها المترنمة ولا تنس التغريد معها ايضا..
قال جملته الأخيرة بضحكة مرحة، ثم اختفى..
انهمرت الدموع من عيني ضياء تأثرا بما سمعه، فلهج لسانه بالحمد شاكرا، ثم قبض على يده بعزيمة قوية:
- "وسيم".. أخي الحبيب.. أيها البرق الخاطف.. أعدك أن أكون عند حسن ظنك دائما بإذن الله..
وهكذا.. سطع الضياء على ذلك العالم من جديد، ليسمع ضياء أصواتا عديدة تهتف باسمه في كل مكان:
- ضياء.. أين انت، لقد افتقدناك حقا!!
فجفف ضياء دموعه بسرعة، واستقبلهم بابتسامة هادئة:
- انا هنا يا أصدقائي.. أنا هنا أيها المانجاكا العرب..
ومع التفاف الجميع حوله، لم يتمالك ضياء نفسه، فقال بتأثر شديد:
- أشكركم جميعا
عائلتي الثانية التي فعلا اشعر معها بدفئ الاخوة والدعم والصداقة
يشهد الله أن لدعمكم هذا
وكلامكم معي على المسنجر
ووقفتكم بجانبي
أثر طيب كبير على نفسي
يضمد جرح روحي هذا
اشكركم من كل قلبي اخوتي واخواتي هنا
واشكر جدا الاخت الاستاذة زينب والاخ اسامة
ربي يرحمك اخي وصديقي وسيم
او كما كنت القبك برق
كما قالت الاخت زينب
"هاقد اصبحت عضوا معنا الان"
كما كنت اطلب منك سابقا ان تفعل ولكن سبقنا القدر..
رحمة الله عليك يااخي
واشكركم من كل قلبي
وليجازيكم الله خيرا باضعاف مضاعفة
لا ادري مااقول
الا ان دموعي تمنعني من كتابة ما اود قوله
اشكركم جدا
ربي يحفظكم
وارجوكم..كونوا بخير
*****
تمت
*****
 
هذه القصة التي اختلط فيها الخيال بالواقع، كتبتها ونشرتها اول مرة يوم 28 نوفمبر 2020م  لتكون اهداء للأخ ضياء (احمد صقر) بعد وفاة أخيه رحمه الله- وقد نقلتها لكم هنا بتصرف بسيط-  ولعلها تكون صدقة جارية له يصله ثوابها بإذن الله..
سائلة الله سبحانه وتعالى أن يجعل فيها الخير والسلوان، كما اشكر الاخ ضياء بشدة، لإجابته عن أسئلتي، وإعطائي الإذن لنشر قصتي (قبل ان يقرأها او يعرف محتواها!!)
أما الأخت حنين، التي وردت في هذه القصة، فلم يعلم أحد عنها شيئا منذ ان انقطعت اخبارها عن الأخين.. ولكن سأكتفي بما قاله الأخ ضياء:
الله يرحمها ويتولاها، سواء كانت حية ام متوفية..
 
وسأرفق  صورة لآخر كلماتها في منتدى الأخين (ضياء وبرق) القديم (ستارتون)
 
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا حسن الختام، ويوفقنا لعمل صالح يرضيه عنا، ويرحم امواتنا واموات المسلمين، يجمعنا جميعا في الفردوس الأعلى بصحبة الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم