Please or التسجيل to create posts and topics.

الادوار الفردية والطبائع البشرية! (انثربولوجيا)

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
 
 
 الادوار الفردية والطبائع البشرية!
(انثربولوجيا)
(عملية الاستبطان)
هام جدا للمانجاكا العرب عامة، وللمؤلفين خاصة!
(تم نشر الموضوع على المجموعة يوم 9 اغسطس 2022م)
 
__________________________________________
 
استكمالا لحديثنا عن الـ #انثربولوجيا، وبعد أن نشرت ملخص اسرار اليابان؛ كان لا بد من نقل هذا الموضوع القديم المتجدد لكم أيضا، والذي نشرت عنه أول مرة عام 2017! ^^
بسم الله...
تحدثنا سابقا عن الفروقات الثقافية بين الشعوب المختلفة، والتي تؤثر على واقعية القصة و(منطقيتها)، (بما في ذلك ملخص اسرار اليابان)، وهنا
راوبط المواضيع:
*مدخل إلى الانثربولوجيا (ابو هتان القبيلي X جيمس بلاك)
https://nebrasmangaka.com/forum/topic/122/
*ملخص اسرار اليابان:
https://nebrasmangaka.com/forum/topic/117/
 
* الفرق بين القصة الدينية والواقعية:
https://nebrasmangaka.com/forum/topic/118/
 
 
وفي هذا الموضوع، سيتم التركيز (بإذن الله) على الفروقات المتعلقة، بطبيعة الأفراد (اباء، امهات، أطفال، مراهقينن، شباب، ذكور، إناث)
ذكرت نانسي كريس في كتابها (تقنيات كتابة الرواية) معلومة هامة جدا مفادها بالمعنى:
إذا كنت رجلا في الخمسين من عمرك مثلا، وكانت إحدى بطلات قصتك شابة في العشرين، فعليك أن تراقب الفتيات في هذا السن، وتتعرف إلى طبائعهن جيدا، وإلا ستكون روايتك سخيفة! وإذا كتبتَ عن طفل صغير، فراقب الأطفال جيدا، وحاول أن تفكر بعقليتهم، ومن ثم قم بعرض ما كتبته على طفل صغير، واسأله عن رأيه فيما كتبت!! فليس من المقول أن تكتب عن الأطفال، ثم تسأل الكبار عن رأيهم فيما كتبت!!!
يصراحة أعجبتني جدا هذه اللفتة، رغم أنني أطبقها في كثير من الأحيان، بفضل الله، لكنها أكدت على أهميتها أكثر عندي ^^
مثلا في مدرسة الفروسية، يهمني رأي (الاوتاكو) بشكل خاص، والشباب والمراهقين، بشكل عام أكثر من غيرهم، ليس المهم أن يكون من ينقد قصتي شخص أكثر خبرة مني في مجال الكتابة، وليس من الضرورة أن يكون أستاذا أديبا ضليعا في الأدب، فما دمت استهدف بروايتي المراهقين والشباب فهم الأقدر على تحكيم القصة (هذا طبعا من وجهة نظري)، وبالطبع للنقاد الكبار والادباء العظام دورهم الذي لا يستهان به، ولكنني أتحدث من ناحية الفكرة والاسلوب والعرض...
ومع ذلك.. لا أنكر أنني وقعت ببعض الاخطاء في الرواية، هناك مثلا من نبهني إلى أن ردة فعل (نور الدين منصور) في الفصل التمهيدي من الرواية عندما كادت زوجته أن تتعرض للاعتداء غير منطقي (الرجل العربي لا يتصرف بهذا الحذر إذا كان الأمر يتعلق بعرضه وشرفه!!)، بالطبع حتى الان لا أدري كيف يمكنني معالجة هذه القضية، فلم التقي حتى الآن برجل تنطبق عليه أوصاف نور الدين لأسأله كيف سيتصرف!!!
لكن الحمد لله استفدت من هذه الملاحظة طبعا، لعلي أكون أكثر حرصا في المرات القادمة بإذن الله، والحمد لله أن هذا المشهد لم يتكرر في الرواية حتى الآن، ولم يظهر بذلك الوضوح تقريبا!
(سبحان الله كنت أنوي توضيح المشهد أكثر، لكن بسبب ظرف عاجل، لم أتمكن من ذلك، وقتها تضايقت، لكنني عرفت الحكمة في النهاية فالحمد لله)
لذلك أرجو أن تنتبهوا لشخصياتكم جيدا، قبل أن تتورطوا في رواية طويلة يصعب إصلاحها لا قدر الله..
****
هناك كتاب شهير بعنوان "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة"، هذا الكتاب ليس ضروريا في التعاملات الاجتماعية والاسرية بين الافراد وحسب، بل هو هام جدا لكل كاتب ومانجاكا يريد بناء شخصيات متنوعة بردود فعل واقعية..
مثلا إن كنتَ شابا، وي قصتك عدد من القتيات، فلابد لك أن تفهم طريقة تفكير الفتيات جيدا، قبل أن تجعل البطلة في قصتك تتصرف بعقلية ذكورية!! أو أن تحاول اكسابها صفات انثوية مبتذلة لا تتناسب مع شخصيتها، راقب أخواتك، امك، خالاتك عماتك، الخ
كما قال كيشيموتو عن شخصية كوشينا، (والامهات بشكل عام في عمله) اقتبسها من شخصية زوجته وهو يراقب تعاملها مع الأولاد واهتمامها بهم!!
سبحان الله، شخصية كوشينا الأم هي من أكثر الشخصيات التي جذبتني في عالم الانمي، لدرجة أني كتبت عنها منشورا كاملا!
(لقد أحسن كيشيموتو عمله فعلا ما شاء الله ^^)
والكلام نفسه بالنسبة للإناث، إن كنتِ ستكتبين رواية أبطالها ذكور، لا بد أن تفعلي الشيء نفسه... راقبي (والدك، أعمامك اخوالك، اخوانك....)
وأظن أن وجودنا في مجموعة تضم ذكورا واناثا وكبارا وصغارا من مختلف الجنسيات العربية، وعرضنا لآرائنا وانطباعاتنا وتعليقاتنا على المواضيع المختلفة؛ يتيح لنا فرصة ممتازة بفضل الله للتعرف على العقليات المختلفة، مما يسهل عملية ابتكار شخصيات القصص بطرق واقعية ومنطقية أكثر بإذن الله ^^
****
هناك مصطلح هام يطلق عليه:
"عملية الاستبطان"
وهو "اصطلاح سيكلوجي يقصد به ملاحظة الانسان للعمليات العقلية والنفسية التي تدور داخل نفسه" (من كتاب الرومانتيكية والواقعية ص 22)
هذه العملية تساهم بشكل كبير في بناء شخصيات عميقة، ومؤثرة في القصص (بإذن الله)..
*****
المراقبة وقوة الملاحظة من أهم صفات الكاتب، أظن أن سبب شهرة روايات أجاثا كريستي هو تحليها بهذه الصفة أكثر من غيرها، كما تقول الانسة ماربل (إحدى بطلات قصصها) وأسوق عبارتها بالمعنى، عندما سألها أحدهم، كيف تعرفين هذه الاشياء وأنت مجرد عجوز قضت معظم حياتها في القرية، فأجابته:
- مراقبة الطبيعة البشرية في القرية أشبه بمراقبة قطرة ماء تحت المجهر، فهذا يساعدك على فهم طبيعة الماء بشكل عام، وذاك يساعدك على فهم طبائع البشر!
***
في إحدى قصص الانسة ماربل، تحدث جريمة قتل ضحيتها الزوجة، ويتم الاشتباه بالزوج فورا، والذي كان هاديء الأعصاب ولم تذرف له دمعة واحدة!!
بالطبع الانسة ماربل (وبسبب فهمها لطبيعة هذا الرجل) أدركت أنه ليس هو، فهذا الرجل مهتم جدا بالثقافة الصينية ويستشهد دائما بالحكم الصينية، وكان المسكين يظن نفسه محل احترام الجميع، لأنهم في الصين يعتبرون الرجل الذي يضبط نفسه عند وفاة زوجته رجلا عظيما جدا!
وهنا تقول له الانسة ماربل:
اسمعني يا هذا، أنت الان في إحدى قرى انجلترا، والناس هنا لايهتمون بالصين ولا يعرفون حكمتها!!
كانت لفتة رائعة بمعنى الكلمة ^^
أظن أن هذه الامور تفيدنا أيضا في حياتنا..
قرأت ذات مرة قصة واقعية، لصديقين تم ابتعاثهما للدراسة في الخارج، كانت عندهم استاذة خاصة لتقوية اللغة، وكانت تهتم بهم جدا كعادتها، فتفاجأ أحد الصديقين بصديقه يقول له:
- هذه الاستاذة معجبة بي، أظنها تحبني!!
فقال له صديقه:
- ما هذه السخافة، أنت بالنسبة لها مجرد طالب وهي تهتم بطلابها جميعا!
لكن الصديق أصر على موقفه، فما دامت الاستاذة تبتسم له، وتهتم به فهي بلا شك (تحبه بشكل خاص)، وعندما عادوا إلى بلادهم أرسلت له الاستاذة وردة حمراء مع بطاقة معطرة، فأسرع يهاتف صديقه ليثبت له أن كلامها صحيح وأن الاستاذة تحبه فعلا، لكنه تفاجأة بأن صدبقه حصل على الهدية نفسها (وردة حمراء وبطاقة معطرة! ) ^^
****
هناك الكثير من القصص المتشابهة التي قد يغلب عليها طابع سوء الفهم بسبب تعامل أشخاص مع بعضهم من ثقافات مختلفة، من دول مختلفة، من أعمار مختلفة، من أجناس مختلفة، دون أن يلاحظوا الفروقات (الانثربولوجية) بينهم إن صح التعبير!!!
لدي الكثير من القصص من هذا النوع، بعضها حصل معي، وبعضها كنت شاهدة عليها، وبعضها سمعتها من أصحابها مباشرة، وكان بودي لو أقص عليكم بعضها، لكن الموضوع أصبح طويلا بما فيه الكفاية!!!
ولا شك أنكم مررتم بمواقف مشابهة أيضا،ولا تنسوا ملاحظة ذلك مستقبلا إن شاء الله..
____
أخيرا سأختم الحديث بما يتعلق بهذه الصورة:

 
 
إنها رواية لكاتبة مرموقة، تتحدث عن الكهوف الحمراء والملونة، تدور أحداثها في عصر ما قبل التاريخ، وهي بالطبع رواية خيالية..
لماذا أرفقت صورتها إذن؟؟؟
تخيلوا أن هذه الكاتبة حتى تكتب روايتها هذه (وهي موجهة للمراهقين والشباب وربما الاطفال!!) قامت بالسفر لجميع المناطق التي تحتوي كهوف قديمة في العالم، وطلبت الإذن من الحكومات والمسؤولين للسماح لها بزيارة كهوف ممنوع الدخول إليها من قبل العامة!! كل هذا من أحل كتابة روايتها الخيالية، حتى تعيش الأجواء وتستشعرها...
هذا هو الاتقان فعلا!!!
طبعا سأذكر كيشيموتو أيضا، كان يقول بأنه كان يزور المتاحف اليابانية باستمرار من أجل استلهام أفكار مانجته...
أرجو أن يكون في هذا درسا مفيدا لنا أيضا ^^
ملاحظة أخيرة:
إياك أن تكتب كلاما تعممه على الجميع في قصتك وأنت لم تشاهد الجميع، مثلا إذا أردت أن تتحدث عن مشكلة يعاني منها العالم العربي، فتأكد أن جميع العالم العربي يعاني فعلا من هذه المشكلة، وليست دولتك فحسب! (هناك بالفعل مشاكل مشتركة، ولكن هناك مشاكل تخص دول معينة ولا يصح تعميمها أبدا، بل إن المشكلة والعيب الذي تعاني منه دولة ما، قد يكون عملا محمودا جدا في دولة أخرى!!)
ويمكنكم القياس على مثل هذا الكلام!^^
***
(حقيقة.. اكتشفت مؤخرا أن العمل في فريق من مختلف الدول العربية لصناعة مانجا، سييجعلك أكثر دراية ووعيا بالفروقات والاختلافات الثقافية، وسيجعلك تعيد النظر في بعض المسلمات التي كنت تظنها بديهية!)
***
أرجو أن تكون سلسلة هذه المواضوع عن الـ #انثربولوجيا مفيدة جدا لكل من يقرؤها، فإن كانت كذلك، فلا تنسوني من دعائكم، فإنني بحاجة ماسة لها، وجزاكم الله خيرا^^
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك واتوب إليك
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وليد امعوش has reacted to this post.
وليد امعوش