اقتبس من زينب جلال في 2023-08-08, 6:30 م

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وقفة مع رواية "السرو الحزين" لـ "أجاثا كريستي"..

نشرت هذا الموضوع أول مرة على مجموعة نبراس المانجاكا يوم 13 يناير 2023م، تحت عنوان:

السرو الحزين!
(رحلة نحو قلب سليم!!)

 

 

_____________________

 

 

ما زلنا ضمن مواضيع #تحدي_الافكار_الجبار ، وقد تحدثت في موضوع سابق عن مانسفيلد بارك، مع سؤال مطروح:
ماذا لو احببت شخصا احسن اليك بشدة، لكنه يحب شخصا آخر؟

(رابط الموضوع: https://nebrasmangaka.com/forum/topic/120/#postid-220 )

وإذا كنت قد القيت الضوء على ذلك السؤال من خلال (علاقة فاني وادوارد)؛ فهنا ساتحدث عن بطلة فريدة من نوعها، وجدت نفسها في خضم مشهد مشابه:
ماذا لو اكتشفت الفتاة أن الشخص الوحيد الذي أحبته بشدة من اعماق قلبها، ثم ارتبطت به بخطوبة عائلية؛ لم يكن يحبها بل يحب فتاة أخرى؟!
رواية "السر الحزين" سلطت الضوء على كل المشاعر الانسانية والصراعات الداخلية التي تختلج في قلب البطلة "الينور"!
كان خطيبها (الرجل الوحيد الذي احبته بشدة) شخصا طيبا، وكان يعاملها بشكل جيد، لكنه يحب فتاة اخرى بشدة! الفتاة الاخرى طيبة جدا ولا يمكن ان يتم تصنيفها على انها انسانة شريرة، بل كانت صديقة طفولة لبطلة القصة "الينور"!!
كبرياء الينور جعلها تقترح فسخ تلك الخطوبة- بعد موت كبيرة العائلة- لتعطي خطيبها فرصة للتفكير بشكل حر، ومن ثم إذا قرر أن يرتبط بها مجددا يكون ذلك عن قناعة، وليس بسبب ضغوط عائلية!
ورغم أن خطيبها في البداية يظهر استيائه من ذلك الفسخ بلباقة، لكن حقيقة يجدها فرصة ليتقرب من الفتاة التي احبها فعلا!
وهنا تظهر المشاعر الطبيعية لالينور بكره غريمتها بشدة، لدرجة انها تتمنى اختفائها من هذه الحياة!
شعرت لوهلة أنه لولا وجود تلك الفتاة؛ لعاد خطيبها (الشخص الذي تحبه) لها ليعيشا معا بامان وسلام! وبدأت الينور تتخيل لو كان بامكانها قتل تلك الفتاة والتخلص منها نهائيا!
ولكن..
هل كان ذلك سيشعر الينور بالسعادة حقا؟
"الينور".. شابة عملية جادة ذات شخصية قوية، تتميز بصفاتها الجيدة، فكيف لها أن تتقبل أن تصل لذلك المستوى الذي تكره فيه فتاة أخرى- لا ذنب لها- لأجل من تحبه؟

***
لا اريد حرق القصة، فهي بحق من اروع ما قرأت، بل ومن أكثر الاعمال التي اثرت بي بشدة!! ربما بكيت وقتها كثيرا من شدة التأثر، فهي اكثر رواية محزنة من روايات اجاثا كريستي، وتستحق بجدارة اسمها "السرو الحزين"؛ ولكنها رغم ذلك كله سترشدك للطريق القويم في النهاية، وكأنها تقودك لتفهم معنى هذه الاية:
"يوم لا ينفع مال ولا بنون* إلا من أتى الله بقلب سليم"
****
أن تحصل على "قلب سليم"، بغض النظر عن وضعك وظروفك، ورغم كل شيء؛ هو أعظم كنز يمكن أن يحصل عليه الانسان في هذه الحياة!
هذه كانت اهم الرسائل التي استشعرتها من تلك الرواية المذهلة بحق، والتي تجعلني اصنف اجاثا كريستي كأعظم كاتبة نجحت في وصف الطبائع البشرية، والتعامل معها بابداع، من خلال رسائل مبطنة تحمل في طياتها الخير والحكمة، رغم ان رواياتها تعتبر روايات بوليسية، وقد يراها البعض أنها مجرد اعمال تتحدث عن الجريمة والتحقيق؛ لكنها أعمق من ذلك بكثير!
__
*انصح كل شخص بالقراءة لاجاثا كريستي من ترجمة دار الاجيال تحديدا، فهي كنز حقيقي على كافة الاصعدة، بل قد اراها كواحدة من أفضل الهدايا التي يمكن اهدائها لمن تحبون!!
والحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها ^^
وبهذا سأختم المنشور..
(اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ويا مصرف القلوب اصرف قلوبنا إلى طاعتك)
(رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم