Please or التسجيل to create posts and topics.

قنطورة! (تنفيذ طلب قصة رومانسية لشخصية خيالية!)

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قنطورة!
(تنفيذ طلب قصة رومانسية لشخصية خيالية!)
 
 
قبل ثلاث سنوات تقريبا قمت بفتح عرض لتنفيذ طلبات إعداد قصص ونصوص للرسامين، وهنا تقدم الاخ الرسام امجد برسمته وطلبه:
"أريد قصة رومنسية و البطلة في الاسفل!"
لا يتوفر وصف للصورة.
 
هذا كان طلبه ببساطة، مع رسمته في الأعلى!!
فكيف تتخيلون النتيجة؟!!^^
الحمد لله قمت بتنفيذ طلبه على مرحلتين، وسارفق لكم أولا النتيجة النهائية التي اعجبته بفضل الله، وساضع انطباع الاخ امجد عن ذلك إن شاء الله، كما سأتبع ذلك بالمرحلة الأولى من تنفيذ الطلب، في الرد التالي، بإذن الله.. ^^
 
والان اترككم مع النص القصصي الذي نفذته بناء على طلب الاخ امجد:
 
******
 
يقال أنه في غابر الأزمان، وسالف العصر والأوان، عاشت كائنات أسطورية، تمتلك جسد حصان وجذع ورأس إنسان، في الغابات وعلى رؤوس الجبال.. عُرفت بـ "القناطير"..
في ذلك العالم الغريب، وعلى قمة جبال ثيساليا؛ عاشت بطلة قصتنا "سانتوريا"..
لم تكن سانتوريا قنطورة عادية، فرغم صغر سنها، وقلة خبرتها؛ إلا انها كانت محبة للعلم والمعرفة، على خلاف غيرها من القنطورات المدللات الحالمات، اللاتي لم يكن يشغل تفكيرهن شيء أكثر من الحب والرومانسية، مما جعلها تميل للوحدة أكثر، لتقضي وقتها في التأمل والتفكّر ومراقبة نجوم السماء..
غير أن صديقتها الوحيدة "ارامينتا" كانت تصرّ عليها بين الحين والآخر، لتشارك القنطورات المراهقات جلساتهن:
- اسمعيني يا سانتوريا، الجميع يصفك بالمغرورة والمتكبرة، وأنا لا أحب سماع هذا عنك..
- ولكن يا ارامينتا أنت تعرفين كم تبعث أحاديثهن على الملل! إنهن مملات بشكل لا يوصف! وسخيفات أيضا!
- لا يجوز أن تتحدثي عن الآخرين بهذا الشكل! إنك حقا متكبرة!
- آسفة يا صديقتي لم أقصد هذا.. ولكن...
- بدون ولكن.. أنت تعلمين أن على كل قنطورة أن تبحث عن حب حياتها، حتى تكمل عيشها بسلام، وإلا أصبحت مصدر سخرية للجميع..
- ولكنني عثرت على حب حياتي بالفعل إنـ...
- أرجوك لا تعيدي على مسامعي ذلك الكلام السخيف، نحن جميعنا نحب السماء والجبال والأشجار والزهور والنجوم...
لكن سانتوريا قاطعتها بابتسامة منتصرة:
- أنت تصفين كلامي بالسخيف أيضا، إذن أنت متكبرة مثلي.. وهكذا أصبحنا متساويتين..
فتنهدت ارامينتا باستسلام:
- إنني أعتذر.. ولكن أرجوك يا صديقتي العزيزة، يجب أن تكوني واقعية قليلا.. يجب أن تفكري بقنطور يكمل...
فقاطعتها سانتوريا مرة أخرى، ولكن بحدة أكبر:
- أرجوك لا تعيدي على مسامعي ذكر أولئك الحمقى الهمج، الذين لا يحسنون شيئا أكثر من القتال فيما بينهم، والافراط في شرب النبيذ!
فهمّت ارامينتا بتذكيرها بصديق طفولتها "سيفالوس"، لكنها تراجعت عن ذلك، واكتفت بالتربيت على كتفها بتفهم:
- إنني مثلك يا عزيزتي أمقت هذه الصفات، ولكن هذا قدرنا وعلينا التنازل أحيانا، لأجل استمرار الحياة..
فنفرت الدموع من عيني سانتوريا، وهي تقول بصوت متهدج:
- إذا كان هذا قدرنا الذي أملاه علينا أجدادنا؛ فسأصنع قدرا جديدا للأجيال القادمة.. ولن اساهم في إنجاب المزيد من القناطير الغبية السخيفة، التي تكرر ذلك القدر المحتوم بكل بلاهة واستسلام، حتى وإن كلفني ذلك حياتي..
ولم تستطع سانتوريا الاحتمال أكثر، فأخذت تجري باكية والقهر يكاد يفتت كبدها..
- لماذا عليّ الوقوع في حب قنطور جاهل احمق سخيف! لماذا؟!!!
غير أن أرامينتا ما كانت لتتركها وشانها، فقد لحقت بها هاتفة:
- سانتوريا.. انتظري لحظة ارجوك.. اليوم وعدتنا آريسا بإخبارنا عن مغامرة جديدة لم تخطر ببالنا، تقول أن هناك مخلوقات أخرى جذّابة جدا، ومثيرة للاهتمام أيضا.. وتختلف عنا نحن معشر القناطير.. يسمون انفسهم "البشر"..
ولأن فضول سانتوريا، ورغبتها في تعلم كل شيء جديد، يفوقان الوصف؛ فقد قررت حضور تلك الجلسة أخيرا..
كانت آريسا قنطورة مدللة جدا، فعائلتها من سلالة ابولو، ووالدها الوحيد الذي استطاع رؤية الكبش الطائر، والحصول على صوفه الذهبي، ليتقلّد بذلك وسام شرف سامي ضمن طبقة القناطير النبيلة المتحضرة، وهم قلة قليلة بين القناطير، إذ كان يغلب عليهم طابع البربرية بشكل اكبر..
وهذا أكسب اريسا مكانة اجتماعية كبيرة، جعلها تتفوق على غيرها من القنطورات، لا سيّما وأنها ذات جمال باهر، لا يمكن لأي قنطور مقاومته!
وكعادة اريسا، بدأت حكايتها بالتفاخر عن قدرتها الرهيبة في جذب اهتمام القناطير الذكور، مما جعل سانتوريا تشعر بالملل الشديد، حتى بدأت بالتثاؤب، لكن كلام اريسا بعد ذلك أثار اهتمامها بشدة، وهي تقول:
- لقد بدأتُ أفق اهتمامي حقا بهؤلاء القناطير في مملكتنا، لذلك فكرت بزيارة جبال اركاديا، فربما يكون عندهم أنواع اكثر جاذبية..
فشهقت إحدى القنطورات سائلة:
- هل توجد قناطير تعيش خارج جبال ثيساليا؟
فأومأت اريسا رأسها إيجابا، مؤكدة بغرور:
- بالطبع يا عزيزتي.. إنني أعرف هذا منذ أن كنت طفلة، جبال ثيساليا وجبال اركاديا هما أكبر موطنين للقناطير، ولكن التواصل انقطع بينهما منذ زمن بعيد.. ويقال أن هناك قناطير تعيش أيضا في الغابات البعيدة..
فسألتها قنطورة أخرى باهتمام:
- وهل تمكنت من الوصول إلى هناك حقا؟
فضحكت اريسا، وهي ترفع قائمتها الأمامية اليمنى بثقة:
- وهل يستعصي شيء على قوائمي الأربعة الرشيقة؟
وقبل أن يتحول الحديث إلى وصف مميزات اريسا، اسرعت ارامينتا بالتدخل، قبل أن تفقد سانتوريا اهتمامها بالجلسة، قائلة:
- لقد قلت أنك ستحدثيننا عن مخلوقات تدعى البشر!
فهزت اريسا رأسها:
- وهذا ما سأخبركم به الآن، ولكن عليكم أن تعرفوا أولاً كيف تمكنت من الالتقاء بهم..
فبينما كنتُ في طريقي لزيارة جبال اركاديا، لفتني صوت غريب، كأنه صوت اصطكاك الحجارة ببعضها، عند وقوعها، ولكنه أكثر حدة.. فتتبعتُ مصدر الصوت حتى راعني رؤية مجموعتين من المخلوقات الشبيهة بنا، إلا أنها لم تكن تمتلك سوى قائمتين فقط للمشي، ويمسكون بأيديهم اشياء طويلة، سمعتهم يسمّونها بالسيوف، ويبدو أنها تُستخدم للقتال، فقد كانت المجموعتين تتحارب فيما بينها!
وصمتت اريسا بتفكّر، قبل أن تتابع:
- لا أدري هل كانوا جادين في القتال، من أجل التزاوج ربما، أم كانوا يلعبون فقط! لم استطع تحديد ذلك!
وصمتت اريسا مرة أخرى، وهي سعيدة برؤية العيون المتلهفة لسماع حكايتها، ثم تابعت قائلة:
- لقد كانوا جذّابين حقا، وحراكتهم رشيقة، ووجوههم جميلة جدا، أجمل من قناطيرنا المملين في ثيساليا، وهذا جعلني افكر بالعدول عن زيارة جبال اركاديا، والتي بلا شك لن تحتوي على أكثر من نسخ قناطير جديدة!
فشهقت القنطورات بفزع:
- هل هذا يعني انك غامرت بالتعرف إليهم والاختلاط بهم؟!! ماذا لو كانوا أشراراً، وانت لا تعرفين شيئا عن طبيعتهم؟!!
فانفجرت اريسا بضحكة مجلجلة هازئة:
- هل تظنونني بهذه الحماقة والتهور! لقد كان الأمر ابسط من ذلك بكثير..
وهزت اريسا رأسها، لتزيح غرّتها المتدلية على وجهها بدلال، قائلة:
- بينما كنت أنظر إليهم من بعيد، إذ فاجأني رؤية أحدهم يمر من قربي، يبدو أنه كان يخطط للالتحاق برفاقه، ولكن عيناه لم تكادا تقعان عليّ؛ حتى نسي نفسه، وكاد أن يفقد عقله.. لقد كان إغراؤه أسهل من إغراء أسخف قنطور تعرفونه! لقد وقع في حبي مباشرة، واصبح مستعدا لفعل أي شيء لإرضائي!
كان هذا القدر أكثر من كاف لسنتوريا، لتجعلها تفقد اهتمامها بهذه المخلوقات البشرية إلى الأبد! يبدو أن جميع ذكور الكائنات- مهما كانت نوعية هذه الكائنات- حمقى بلا استثناء! هذا ما كانت تفكر فيه!!
ولم تعد تشعر برغبة في الاستماع لبقية حديث اريسا؛ فقررت الانصراف معتذرة:
- تذكرت شيئا هاما عليّ إنجازه، بعد إذنكم..
ولم يخف على ارامينتا معرفة السبب!
**
لم تستطع سانتوريا النوم تلك الليلة، حتى وجدت نفسها تتساءل لأول مرة منذ زمن طويل:
- ترى.. ما الذي يفعله "سيفالوس" الآن؟ لقد قال بأنه سيذهب لاكتشاف العالم مع والده، وها قد مرت على ذلك أكثر من عشرة اعوام.. هل هو بخير؟ هل تراه تغيّر؟ وهل اصبح مثل بقية ذكور القناطير؟؟
ولم تستطع سانتوريا احتمال التفكير بهذا الأمر أكثر، فأجبرت نفسها على النوم إجباراً..
لكن الكابوس الذي رأته في منامها، جعلها تندم على اللحظة التي قررت فيها النوم!
كان حلما مريعا بمعنى الكلمة! رأت أنها أصبحت بشرية، ووقعت بالحب فعلاً مع أحد البشر، بعد أن بادرها بكلماته الرقيقة الولهانة، حتى ارتبطت به، ولكنه لم يعد يعتبرها أكثر من زينة لمنزله، ليشرع بعدها بملاحقة زينة أخرى تُرضي نزواته! مما جعلها تفقد صوابها وتبدأ انتقامها عن طريق الغواية، حتى حلّت عليها لعنة الإثم!
ورغم أن نهاية الكابوس لم تكن بذلك السوء؛ لكن سانتوريا لم تستطع احتمال تلك التجربة القاسية، والتي بدت وكأنها واقع حقيقي! فأخذ جسدها يرتجف بشدة وخوف، وما أن دخلت عليها أمها، حتى اجهشت باكية..
فطمأنتها أمها بابتسامتها الحانية:
- لا تقلقي يا حبيبتي.. إنه مجرد حلم عابر..
- ولكنه كان حقيقيا جدا.. لقد بت أخشى أن يتحقق..
- لا تكوني متشائمة هكذا.. أين تفاؤلك المعهود؟
حاولت سانتوريا استعادة رباطة جأشها، لكنها لم تقاوم التعبير عن مشاعرها، فرددت باكية:
- لا أريد أن اقع في الحب أبدا.. أنا أكره الحب..
فأحاطتها أمها بذراعيها الحانيتين، وضمتها إلى صدرها:
- لا تقولي هذا.. فالحب زهرة هذه الحياة، وهو المعين على تجاوز أزماتها الصعبة، ولكنه لا يكفي وحده بالطبع، لذا كوني حكيمة كما عهدتك دائما، وأنا واثقة من انك ستجدين القنطور الذي يستحق حبك..
في تلك اللحظة.. دخل والدها عليهما، وقد بدى مستعجلا جدا، وهو يعلن ذلك النبأ الهام، مخاطبا والدتها بشكل خاص:
- لقد عاد جاسون من رحلته الاستكشافية، وجميع القناطير سيجتمعون في الساحة العامة، لأجل إعداد حفل خاص بهذه المناسبة، سأذهب للمشاركة في الإعدادات، وأنتِ عليك المساهمة في تجهيز أطباق الحلويات..
فابتهجت الأم، والتفتت نحو ابنتها وغمزتها قائلة:
- هيا يا حبيبتي.. ستساعدينني في ذلك، فسيكون يوما مميزا بلا شك..
ومع خروج والديها، لم تستطع سانتوريا مقاومة التفكير في سيفالوس من جديد:
- لا شك أنه عاد مع والده وسيكون ضمن الحفلة.. سأرى سيفالوس مجددا بعد تلك السنوات!!
ورغم الانقباض الذي اعترى صدرها، خشية أن يكون سيفالوس قد أصبح كمن هم في مثل سنه من القناطير الحمقاء؛ لكنها طردت تلك الفكرة، وأسرعت لمساعدة أمها، على أمل أن الأحوال ستتغير للأفضل..
**
كان الاحتفال صاخبا أكثر من المعتاد، وكأن القناطير لم يكن ينقصهم إلا هذا السبب، ليبالغوا بشرب النبيذ زيادة على افراطهم المعتاد!
وتسابقت القنطورات في ابراز قدراتهن الفذة على الإغراء، واستمالة اكبر عدد من القناطير نحوهن، وبالطبع لم يكن أحد منهن ليتفوق على أريسا في ذلك، مما جعل ارامينتا تهرع نحو سانتوريا، التي كانت لا تزال بعيدة عن الجميع، قائلة:
- لقد عاد سيفالوس أخيرا يا سانتوريا.. إن جميع القنطورات يقلن أنه أصبح أكثر جاذبية ووسامة، بل لقد تفوّق على جميع القناطير بذلك، ويبدو أن اريسا تخطط لإحكام قبضتها عليه.. أرجوك لا تسمحي لها بذلك، فهو صديق طفولتك، وأكثر من كان يشاركك أفكارك وطموحاتك.. أنت أحق بسيفالوس من أي قنطورة أخرى.. هيا اذهبي وقابليه بسرعة.. إنها فرصتك..
ولم تكن ارامينتا- مع انفعالها ذاك- تدرك أنها تغرز أشواكا من الألم والحسرة في قلب صديقتها العزيزة، فما كان من سانتوريا إلا أن حبست دمعة كادت تفلت منها، لتقول بثقة:
- إذا كان سيفالوس من ذلك النوع، فلست بحاجة لقنطور مثله.. ولا يهمني إن كان صديق طفولتي أم لا.. فأيام الطفولة البريئة لا تجبر البالغين على اتخاذ قرارات؛ قد يندمون عليها لاحقا..
واصطنعت الابتسامة، قائلة:
- لا تتعبي نفسك معي رجاء يا ارامينتا بعد اليوم، اذهبي وشاركيهم الاحتفال، أما أنا.. فلديّ مشاغل أخرى، أكثر أهمية من ذلك..
وطبعت قبلة امتنان على جبين صديقتها:
- لا تقلقي عليّ رجاء بعد اليوم، وشكرا لكل ما فعلتيه من أجلي..
ترقرقت عينا ارامينتا بالدموع:
- لن أضغط عليك أكثر يا صديقتي، ولكنني سأكون دائما إلى جانبك دائما إذا احتجت لشيء..
فضحكت سانتوريا بسعادة:
- أعرف ذلك بالطبع.. والآن بعد إذنك، فأمامي طريق طويل نحو اسطورتي الشخصية..
قالت جملتها تلك، وأطلقت قوائمها للريح، جارية نحو أعلى قمة في جبال ثيساليا، حيث مكانها المفضل الذي كانت تلجأ إليه كلما ضاقت بها الحال، لعلها تهرب من شوائب ذلك القدر المزعوم، مشجعة نفسها بحزم:
- لا يهمني كم سأنتظر، فلستُ مستعجلة إطلاقا.. لن امنح حبي إلا لمن يستحقه فعلا، ولن أخيّب ثقة أمي بذلك.. اقسم على هذا..
غير أنها لم تكد تصل القمة، حتى راعها رؤية قنطور يقف وحيدا هناك، رافعا رأسه نحو السماء!
ويبدو أنه انتبه لقدومها، فالتفت نحوها قائلا:
- سعيد بقدومك ورؤيتك مرة أخرى سانتوريا..
لم تصدق سانتوريا عينيها، وكادت أن تكذب أذنيها أيضا، إنه سيفالوس بلا شك.. صحيح أنه اصبح بالغا الآن، ولكن ملامحه لم تتغير كثيرا.. فتراجعت خطوتين إلى الوراء، متسائلة بدهشة:
- أهذا انت سيفالوس؟!! الستَ معهم في الاحتفال؟!
فأطرق سيفالوس برأسه، قائلا بأسف:
- يبدو أن شعبنا لم يتغير طوال تلك السنين، بل ازداد سوءا.. لم استطع احتمال البقاء هناك أكثر، وقد خشيت ان تكوني قد تغيرتِ أيضاً، واصبحت مثل بقية القنطورات..
فتهلل وجه سانتوريا بسعادة، وقد اطمأن قلبها، وانشرح صدرها، فيما تابع سيفالوس كلامه وهو ينظر نحو الافق البعيد:
- هل تذكرين عندما كنا نأتي إلى هنا في طفولتنا لرؤية العالم؟ لقد اكتشفتُ أن العالم واسع جدا يا سانتوريا.. أكثر بكثير مما تخيلنا.. فيه الخير والشر.. والحسن والقبيح.. جميع الخيارات متاحة.. وكل شيء موجود بوفرة.. والأهم من ذلك... اكتشفت أن كل واحد منا؛ قد مُنح الخيار والقدرة لصناعة قدره الخاص، قد يكون الأمر صعبا.. ولكنه ليس مستحيلا..
فهزت سانتوريا برأسها موافقة:
- كنت اشعر بهذا دائما.. لا يوجد قدر محتوم لا يمكن تجاوزه.. نحتاج العزيمة والمحاولة والصبر فقط..
فابتسم سيفالوس وقد شعر برعشة في جسده، فأسرع يبحث في حقيبة كانت معه، ليداري عنها ارتباكه، قائلاً:
- أجل صحيح.. لقد أحضرتُ لك هدية، أرجو أن تعجبك، فهي ثياب خاصة، تحمل لون السماء التي طالما أحببناها، طلبتُ من أحد أمهر الخياطين الذين قابلتهم إعدادها..
ولم تكد عينا سانتوريا تقعان على تلك الثياب، حتى شهقت بدهشة:
- مستحيل! إنه الثوب نفسه!!
فسألها سيفالوس بتعجب:
- هل رأيت ثوبا مشابها لهذا من قبل؟
غير أن سانتوريا، سرعان ما غيّرت الموضوع، قائلة:
- أقصد انه مناسب تماما لمقاسي.. كيف عرفت ذلك؟
فاحمرّ وجه سيفالوس، وتلعثم في الكلام، موضحاً:
- في الحقيقة.. إنه اقتراح أمي..
فضحكت سانتوريا بابتهاج:
- لا عليك.. كنت أمزح فقط، فأجساد القناطير متشابهة في النهاية..
فتنهد سيفالوس بارتياح، ثم استجمع شجاعته أخيرا، ليقول بنبرة جادة:
- سانتوريا.. هل تساعدينني في صنع قدر جديد، لشعب القناطير البائس؟!
عندها.. خفق قلب سنتوريا بالحب لأول مرة..
لا شك أنه هو ذلك الحصان الأصيل، الذي أنقذها في نهاية الكابوس من لعنة الإثم، وأهداها ذلك الثوب المزين بالرقم (1)!
إنه سيفالوس بلا شك!
القنطور الوحيد الذي استحق حب سنتوريا الصادق البريئ، وبكل جدارة!
 
***تمت***
انطباع الاخ امجد (صاحب الرسمة والطلب) :
"كان لدي هدف معين من طلب قصة رومنسية منك شخصيا بعدما اخترت رسمتي وهو ان الكثير من الاشخاص يعتقدون ان الحب و الرومنسية يجب ان يكون ذو شكل شهواني مقرف و محرم و ان المشاعر العذرية يجب ان تتطور لامر قبيح في حين ان الحب العفيف حقيقي موجود و مختلف تماما عن اي غريزة حيوانية كما يمكن ان يكون بعدة اشكال و طرق لذا نجد في مجتمعنا صنفين من البشر اما عاشق ولهان او مكبوت متشدد بينما الصحيح هو الاعتدال و مناشدة ما هو حلال و الابتعاد عما هو محرم و هنا يكمن دور الكاتب فنحن كمسلمين نضطر احيانا لتجنب اعمال ممتازة فقط لانها تحتوي في بعض جزئياتها على ما يمكنني وصفه بالرومنسية المريضة لذا فمن واجبكم ككتاب عامة توفير هذا تصنيف على شكل كتابات تصلح فكرة ان الحب يجب ان يكون شهوانيا او ضمن اطار محرم فهناك عدة قصص حب عفيف في الاسلام و صراحة مثلما قلت حين اخترت انت شخصيا رسمتي شعرت انه يمكنني الاعتماد عليك في ايصال هاته الفكرة فمن خلالي ملاحظتي لكتاباتك و طرق تعاملك قلت في نفسي انك ربما توافقنين الراي بهذا الموضوع لذا تركتك تعالجينه من خلال هاته الفرصة ... و اخيرا نرجع للقصة صراحة لم استمتع هكذا منذ مدة طويلة انا حتما راض تماما"
***
 
فما رأيكم؟ ^^
وكما ذكرت في بداية الموضوع، سأرفق في الرد التالي- إن شاء الله- المرحلة الأولى من تنفيذ هذا الطلب..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
 
 
كما ذكرت سابقا، هنا سارفق المرحلة الاولى من تنفيذ الطلب، (والذي تم توضيح انه كان حلم في الجزء السابق الذي نشرته أولا، ارضاء للسيد الرسام امجد ^^)
____
 
حدث هذا منذ زمن بعيد.. وقتها كنت فتاة بريئة، أعشق الربيع بألوانه، وأحب التأمل والجلوس وسط أحضانه..
وذات مرة.. وبينما كنت أراقب الزهور البرية، فاجأني شاب بكلامه الغريب:
- أنت حقا جميلة!
بالطبع لم يغضبني كلامه ذاك، فأنا احب أن أكون جميلة بنظر الآخرين، ولكن هذه ليست أشهر صفاتي!!
فعائلتي ينادونني بالفيلسوفة، واصدقائي يصفوني بالشاعرة، واساتذتي يروني ذكية ولكن.. جميلة.. هذه جديدة فعلا!
ومع ذلك أحببت تلك الصفة كثيرا، فشكرت الشاب بأدب شديد، وهممت بالعودة إلى منزلي، فقد حان وقت الغروب..
غير أنه استوقفني، راجيا:
- ارجوك.. لا تذهبي قبل أن تعديني باللقاء مجددا، فقد تعلق قلبي بك..
كدت أموت من الصدمة!
هل هذا ما يسمونه الحب من أول نظرة!!
لكن الفكرة راقتني كثيرا، فهي تجربة فريدة بلا شك..
ولم أكن أدرك وقتها عواقب ذلك.. لقد كنت مجرد فتاة بريئة كما أخبرتكم، ألم أقل ذلك في البداية؟!!
مرت الأيام واحببته كما لم أحب أحدا من قبل، حتى نسيت نفسي.. ونسيت اهتماماتي.. بل نسيت من أكون وكيف كنت!
فلم يعد الربيع يسعدني، ولا النسائم تنعشني، ولم أعد أفكر بشيء سواه..
كنت أظن أننا سنكمل حياتنا بسعادة وهناء، وننجب البنين والبنات، ونعيش بسبات ونبات، ولكن.. هيهات!
لا تستعجلوا الأحداث رجاء.. فقد ارتبطنا بالفعل، ولكنني لم أعد سعيدة!!
كنت أظن أنني جميلته الفريدة، فإذا بي مجرد آنية خزفية أحضرها للزينة!
وليته توقف عند هذا الحد؛ بل بات يلاحق بنظراته كل زينة مسكينة!
لكن صدمتي تضاعفت؛ بعدما عرفت أنه ليس الشخص الوحيد على هذه الشاكلة!!
عندها.. واتتني فكرة غريبة! أظنني فقدت عقلي وقتها.. فتلك لم أكن أنا بأي حال من الأحوال..
لقد قررت فجأة الانتقام منهم جميعا!
لقد انزلقت إلى ذلك الطريق الآثم.. ورضيت بإهانة نفسي؛ لأجل احتقارهم!
أجل.. كنت احتقرهم بشدة، وأمعن في احتقارهم وأنا ارى انوفهم تتمرغ بالتراب أمام إغوائي، الذي بت اتفنن فيه!
فأصبحوا يلهثون خلف صوري، التي أتعمد إخراجها بشكل آثم مقزز، وأنا اقهقه في سري لدناءة رغباتهم!
إنهم فعلا حثالة!
ولم أكتف بذلك وحسب.. فقد راقني هذا الانتقام بشدة، وكان لا بد لي من ابتكار الوسائل المتنوعة، كي أحكم سيطرتي عليهم أكثر.. ولا افقد التسلية!
غير أن ما حدث بعد ذلك لم يكن بالحسبان!
هل سمعتم عن لعنة الإثم؟
لم أكن أعرف طبيعتها إلا بعد أن واجهتني في تلك اللحظة!
كانت مرعبة، متوحشة.. شيء لا يمكنني وصفه!
حاولتُ المقاومة في البداية، لكنها أحكمت قبضتها على عنقي، حتى ما عاد بإمكاني التنفس! وهي تقهقه ساخرة:
- أنت لستِ بأكثر من مسخ بشري أيتها الغاوية! لا تستحقين أن تكوني انسانا، ولا نصف انسان ولا حتى ربعه! أمثالك لا يستحقون شرف الحياة!
يومها.. فاضت عيناي بالدموع لأول مرة منذ ان كنت بريئة!
ما الذي أوصلني إلى هذه الهاوية؟
هل هذا خطئي أم أنني مجرد ضحية؟!!
هم الذين ساقوني إلى هذا الطريق.. حتى أعماني الانتقام..
يبدو أنها النهاية..
غير أن حصانا عربيا أصيلا، أسرع نحوي بصهيله، وكأنه الأمل الذي انبثق فجأة من قاع الظلام!
لا أذكر ما الذي جرى بعدها تحديدا، فقد تعارك ذلك الحصان الوفيّ- الذي لم يخن صحبتي أيام الربيع- مع تلك اللعنة الآثمة، حتى أرغمها على تخفيف عقوبتها..
ولم يكن أمامي سوى القبول بأحد خياراتها الأخرى!
سأتخلى عن حياة البشر الكاملة؛ مقابل أن أُمنح حياة جديدة..
وها أنا كما ترون يا أصدقائي.. بهيأتي الجديدة، وبملابسي الساترة الفريدة، بعد أن عادت إليّ تلك الروح البريئة، التي افتقدتها منذ زمن طويل..
لا تقلقوا.. لست نادمة على هذا الخيار.. بل إنني سعيدة حقا الآن مع "أصيل"..
أجل.. إنه ذلك الحصان الشهم الوفي، الذي يعتبرني رقم (1) في حياته دائما، حتى ألبسني ذلك الشعار..
فأن تكون بصحبة حصان انساني، أفضل من أن تعيش مع انسان بهيمي!
هذه هي قصتي.. بكل بساطة!
_____
تمت
***
(بالطبع يأتي بعد ذلك الجزء في بداية الموضوع)
فما رايكم؟ ^^
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
 
ضياء has reacted to this post.
ضياء