شعار نبراس

تركته لأجلك! – الحلقة 14

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

كانت سوسن سارحة بتأملاتها في الطريق كالعادة عندما رن هاتفها باتصالٍ مفاجئ من الآنسة ناديا:
– سوسن أين أنت؟ ستحضر لجنة التقييم بعد ساعة!! فهل لوحاتك جاهزة؟؟
فوجئت سوسن بهذا الخبر فتساءلت بدهشة:
– ولكن موعدنا معهم بعد يومين.. أليس كذلك!
فجاءها صوت ناديا بنفاد صبر:
– لا يهمني مناقشة ما استجد في أمرهم الآن، ما يهمني هو أن تحضري بأقصى سرعة..
فطمأنتها سوسن:
– لا تقلقي يا آنسة فأنا بالطريق؛ دقائق وأكون عندك..
لم تكد سوسن تنهي الاتصال حتى رُوّعت بميلان حاد أفقدها توازنها لترتطم بالجانب الآخر من السيارة، إثر حادثٍ مروع في الطريق استطاع سائقها تفادي الاصطدام به في اللحظة الأخيرة.. لم يكن ارتطامها قاسيا، وإن كان مؤلما بعض الشيء، فعدّلت جلستها بسرعة قبل أن يوقف مرزوق السيارة على بعد عشرة أمتار من ذلك الحادث.. التفت إليها:
– هل أنت بخير؟
فطمأنته قائلة:
– أجل.. لماذا أوقفت السيارة!! فأمامي موعد مهم في المعهد!
غير أن مرزوق أجابها وهو ينزل من السيارة::
– سأتأكد من سلامة العجل أولا؛ فأظنه تعرض لبعض التلف ولا يمكنني المغامرة..
عندها عرفت سوسن لم نُظمت أشعارٌ على غرار: تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، ولم يكن خيار أمامها، فنزلت من السيارة هي الأخرى متجهة نحو مرزوق الذي أخذ يتفحص العجل، قائلة:
– أظن أن علي تدبر أمري، سأستقل سيارة أجرة فلا يمكنني التأخر أكثر..
غير أن مرزوق هب مذعورا:
– لا يمكنك ذلك.. سيغضب سيدي.. انتظري لحظة يا آنسة، سأتدبر الأمر بسرعة..فعودي إلى السيارة أرجوك..
فتنهدت سوسن:
– سأهاتف أيهم إذن..
وما أن رفعت ناظريها حتى فوجئت بعدد السيارات التي تجمعت حولها فيما هرع عدد من الشبان – وحتى الكهول – نحوها يعرضون المساعدة!
وكان أسرعهم شاب بدا من النوع المستهتر تماما، اقترب منها قائلا:
– سيارتي في الخدمة..
في حين تبعه ثانٍ:
– أين تريدين يا آنسة، فربما كان مقصدك في طريقي..
فيما تطوع آخر بتقديم المساعدة في إصلاح العجل، وهو يرد على الآخرين:
– لا مشكلة سيتم اصلاح العجل بسرعة فلدي خبرة في ذلك، هل أنت مستعجلة كثيرا يا آنسة!
واقترب رجل بدا في الأربعين من عمره:
– ما هذا الازدحام يا شباب لقد أزعجتم الآنسة..
والتفت نحوها باسما:
– يمكنك المجيء معي إن أردت!
غير أن رجلا آخر غامزه بقوله:
– إلى أين ستهرب بالغزال يا رجل!
شعرت سوسن بالغثيان، بل وبرغبة شديدة في التقيؤ أيضا..وهي تقف مصدومة بما تراه.. ليس لأنها المرة الأولى التي تطالعها بها العيون بهذا الشكل، بل لشيء آخر لم تستطع تفسيره، خاصة مع بساطة مظهرها في هذا اليوم تحديدا.. فرغم أنها كانت تعرف تماما مقدار الجمال الباهر الذي تتمتع به و مدى جاذبية طلتها وقوامها الممشوق الذي ما فتئ أيهم يثني على فتنته.. إلا أنها لم تتيقن من ذلك إلا هذه اللحظة بالذات، صحيح أن بعض نظرات الإعجاب كانت تزيدها ثقة في نفسها أحيانا، لكن أن تصل الأمور إلى هذا الحد، فهذا ما لا يعجبها إطلاقا!!
حتى راعها منظر شاب بدا وكأنه قد أنهى للتو محكوميته في سجون اعتى المجرمين خطورة، وهو يوقف سيارته لينزل منها محدقا فيها بنظرات أرعبتها:
– تأمرين بشيء؟
فاكتفت بابتسامة مقتضبة – حاولت أن تخفي خلفها خوفها – شاكرة الجميع بكلمة واحدة، وقد آثرت الانتظار داخل السيارة حتى تنصلح الأمور فلن يعيق وزنها سير عملية الإصلاح تلك.. تهاوت على مقعدها بعد أن أغلقت أمّان الباب، وتناولت هاتفها وقد تذكرت ما كانت تعزم القيام به، وبسرعة جاءها صوت أيهم:
– صباح الخير يا جميلتي، لقد ظننتك لاتزالين نائمة بناء على نصيحة الطبيب، ألم نطلب منك أخذ قسطا كافيا من الراحة!
فأجابته:
– لا بأس فقد شعرت بتحسن كبير..
وهمت بأن تقول له بأن بقاءه إلى جانبها ليلة أمس وتفهمه لها أثّر بشكل كبير في تحسن حالتها، غير أنها عدلت عن ذلك بقولها:
– لقد أخبرتني ناديا بأن لجنة التقييم ستحضر اليوم وعلي الحضور بسرعة.. غير أنني في ورطة الآن، فقد تعطل عجل السيارة..
فجاءها صوت أيهم بلهفة:
– وكيف حالك أنت؟ هل أصبت بأذى؟ هل أنت بخير يا حبيبتي؟
فردت عليه بنبرة تعبر عن سعادتها باهتمامه:
– لا تقلق فقد تفادينا الاصطدام بسيارتين قلبت إحداهما، و من حسن الحظ لم تكن هناك إصابات شديدة على ما يبدو.. ها هي سيارات الشرطة قد حضرت ..
فشهق أيهم:
– وأين أنت الآن!
فأجابته:
– كما قلت لك انتظر إصلاح عجل السيارة، قرب الميدان الرئيسي..
فجاءها صوته متنهدا:
– لو كان بإمكاني الحضور بسرعة لأتيت إليك، لكن للأسف سيأتي المخرج الآن للإشراف على إخراج اسطوانتي الجديدة..
فردت عليه سوسن بتفهم رغم أنها كانت تتمنى حضوره فورا:
– أقدر لك ذلك، لا مشكلة فأظن الأمور ستسير على ما يرام..
فقال لها برقة:
– إذن انتبهي لنفسك جيدا يا ملاكي فلا شك أن وقوف سيارتك أثار اهتمام العديدين..
كانت هذه الجملة بالذات هي ما تنتظره سوسن بفارغ الصبر..وبدأت نفسها تعبر عن مشاعرها باسترسال.. أنت تعرف ذلك يا أيهم إذن ولا يخفى عليك المأزق الذي أجد نفسي فيه الآن؛ فهل تدرك مدى خطورته علي!! ألن يأت اليوم الذي تقترح علي فيه حلا لهذه المشكلة تعبيرا عن اهتمامك بي وخوفك علي…! ألا ترغب بإبعادي عن هذه العيون المتوحشة ! ألا تسوؤك تلك النظرات الـ…!!…… ألا تغـــ….
لكن تساؤلاتها تلك تلاشت أدراج الرياح، لتبقى حبيسة في نفسها إلى أجل غير معلوم.. وقد تذكرت العهد الذي أخذته على نفسها هذا الصباح.. فلن تعكر مزاجها بالمزيد من هذه الأفكار ولن تتطرق لأي موضوع يفسد الود بينها وبين من تحب..


……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

شعار نبراس

تركته لأجلك! – الحلقة 13

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

استيقظت سوسن بنشاط وحيوية لم تعهدها في نفسها من مدة، لقد اتخذت قرارها وستحاول تنفيذه، فقد وعدها أيهم وأقسم لها بحبه ولن تجعل أي شيء يهز هذه الثقة في نفسها، ستنسى أمر سورا والأخريات ولن تعيرهن اهتماما يُذكر؛ فهذا أفضل.. وما أن تصبّحت بلوحة نور أمامها حتى تذكرت أنها لم تعد الاتصال معها منذ أن سقط الهاتف من يدها ليلة الأمس، فبحثت عن هاتفها في حقيبة يدها إذ أخبرها أيهم أنه وضعه هناك بعد أن عثر عليه ملقى على الأرض، وكم كانت سعادتها كبيرة عندما وجدت رسالة من نور تطمئن بها عليها وتخبرها فيها أن أمها أجرت العملية بنجاح، فأسرعت ضاغطة زر الاتصال بها دون أن تأخذ موضوع الوقت بعين الاعتبار، حتى جاءها صوتها بعد فترة وجيزة:
– الحمد لله أنني سمعت صوتك، لقد قلقت عليك ليلة أمس.. لا أدري ما الذي حدث بعد أن قطع الاتصال فجأة!! فقد حاولت الاتصال بك بعد ذلك دون جدوى..!!
فطمأنتها سوسن معتذرة:
– آسفة لازعاجك يا عزيزتي، لقد كنت متعبة قليلا فوقع الهاتف من يدي وقد أصبحت بخير الآن فلا تقلقي..
فجاءها صوت نور:
– الحمد لله، يبدو هذا واضحا من صوتك الآن يا سوسن ما شاء الله، و أرجو من الله أن يكون قد استجاب لدعائي فقد دعوت لك كثيرا..
فابتسمت سوسن:
– شكرا لك يا صديقتي العزيزة.. و.. الحمد لله على سلامة أمك لقد أسعدتيني برسالتك كثيرا..
فرددت نور:
– الحمد لله.. لا زالت تحتاج إلى رعاية لكن وضعها أفضل بكثير ولله الحمد والمنة، فقد خلدت إلى النوم بعد الفجر ..
ثم استدركت متسائلة:
– ألن تذهبي للمعهد يا سوسن؟
فأجابتها سوسن:
– ليس الآن.. فما زال الوقت باكرا جدا وقد أتأخر قليلا هذا اليوم كما أخبرت سائقي بذلك أمس، فلم يبق لي إلا الرتوش الأخيرة للوحتي العاشرة التي سأشارك بها في المعرض العالمي..
فرددت نور:
– إن شاء الله.. أتمنى لك التوفيق فيه يا عزيزتي..
ولا تدري سوسن كيف وجدت الجرأة في نفسها لتسال نور دون مناسبة تذكر:
– نور.. أرجو أن لا أكون فضولية.. ولكن هل لي بسؤال؟
فجاءها جوابها:
– بالتأكيد يا عزيزتي، تفضلي..
فقالت سوسن أخيرا:
– لقد رأيت زوجك وهو ينقذ ابنة الوزير في المتحف..لا أظنك انتبهتِ لوجودي فقد كنتُ أود السلام عليك وقتها لكن لم تتح لي فرصة لذلك..
فقالت نور:
– لقد حضرتِ الافتتاح إذن.. كان متحفا رائعا بحق ولم نرغب بتفويت فرصة الاطلاع على أقسامه، فقد حوى العديد من الأقسام التي تثير اهتمام زوجي..
ثم استدركت قائلة:
– أهذا هو سؤالك يا سوسن؟؟
فأجابتها سوسن:
– حسنا..ولكن إن وجدتِ سؤالي فضوليا فلست مضطرة لـ..
فقاطعتها نور بمودة:
– لا داعي لكل هذه التكلفة يا عزيزتي.. اسألي ما بدا لك، فلا شيء لدي ذا بال لأخفيه عنك!
فالتقطت سوسن نفسا عميقا، قبل أن تصيغ سؤالها بتنميق:
– ألا تزعجك طبيعة مهنة زوجك؟
لم تستطع نور كتم ضحكة خفيفة أطلقتها وهي تجيبها بعفوية:
– تقصدين انقاذه لحياة فتاة شابة مثلا! حسنا .. لقد سُئلت هذا السؤال من قبل..
و صمتت قليلا قبل أن تتابع:
– لا أخفي عليك يا سوسن أن الغيرة كانت تتملكني أحيانا، لكنني سرعان ما أستعين بالله مستعيذة به من الشيطان الرجيم، فهذه مهنة شريفة وأجرها عظيم، خاصة وأنا أذكر خُلق عامر وخشيته لله، فهو كما أحسبه شاب متدين يخاف الله ويتقيه وهذا ما يجعلني أشعر بالأمان معه أكثر، وقد قالها لي ذات مرة، إنه إن دخل يوما بصفته طبيبا على امرأة، فإنه ينسى تماما أنه رجل وهي امرأة، ولا تعدو العلاقة بينهما عن علاقة رسمية بين طبيب ومريضه، لقد قالها لي بالحرف الواحد: “إنها أمانة ومسؤولية أمام الله يا نور وأسأل الله أن يعينني عليها”..وأنا بدوري أدعو الله له دائما أن يثبته ويثبتني على الحق ويحفظنا من كل سوء، فالقلوب بيد الله يقلبها كيفما شاء لذلك كان أكثر دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك)..
والتقطت نور نفسا قبل أن تقول بابتسامة لا تخفى على سامعها:
– يبدو أنني استطردت أكثر من اللازم.. فهل أجبتُ على سؤالك يا سوسن؟
و بعد لحظة جاءها صوت سوسن التي كانت مبهورة بما تسمعه:
– أجل يا عزيزتي لقد أجبت..
ثم استدركت متسائلة:
– بالمناسبة يا نور.. كيف التقيت بعامر؟
فأجابتها نور:
– ربما لا تجدين في قصتي ما يثير الاهتمام، فقد كان زواجنا تقليديا بحتا.. إذ كانت أمه تعرف أمي عن طريق حلقات القرآن في المسجد، وبعد أن رُشّحنا لبعضنا البعض وجدنا أننا متكافئين ومتوافقين في أمور كثيرة، خاصة في الأهداف والأفكار وتمت الموافقة من الطرفين بعد الاستخارة والحمد لله..
لم يخف على نور ملاحظة الدهشة في نبرة سوسن وهي تسألها بتعجب:
– ألم تكوني على معرفة سابقة به!!
فأجابتها بمرح:
– أبدا.. لذلك قلت لك أنه كان زواجا تقليديا بحتا ولن تجدي فيها ما يثير الاهتمام!
وهمت سوسن بأن تعلق بشيء غير أنها انتبهت للساعة أمامها بعد أن سمعت طرقا على باب غرفتها، فاستأذنت من نور:
– لقد أثقلت عليك بما يكفي هذا الصباح، وأظنه آن أوان ذهابي للمعهد.. شكرا لك يا نور..
فجاءها صوت نور باسما:
– بالتوفيق يا عزيزتي ، لقد سعدت بسماع صوتك ولا تترددي في أي اتصال آخر..
وما أن ضغطت سوسن زر انهاء الاتصال، حتى كانت الخادمة قد مثلت أمامها:
– لقد خفتُ أن تكوني لا زلتِ نائمة يا آنسة، فمرزوق ينتظرك في السيارة كما طلبتِ منه..
فقالت لها سوسن:
– حسنا أخبريه بأنني لن أتأخر أكثر من عشر دقائق..

وبعد أن خرجت الخادمة، هرعت سوسن لملحق غرفتها حيث خزائن أثوابها وأحذيتها وحقائبها.. ومدت يدها نحو خزانة الثياب الصيفية للتتناول أحد أثوابها المعتادة بتلقائية، غير أنها تراجعت قليلا لتفكر أول مرة وهي تقلب بصرها بين الثياب؛ محاولة البحث عن أكثرها حشمة.. وبصعوبة عثرت على فستان ذو ياقة تظهر نصف جيدها وحسب و بالكاد يستر ركبتيها مع أكمام تصل إلى مرفقيها، فارتدته مع إحدى صنادلها ذات الكعب المنخفض نسبيا، واختارت حقيبة خفيفة تلائم ملبسها، وبعد أن أحكمت شد حزام فستانها على وسطها وقفت على عجالة أمام مرآتها لتسرح شعرها المنسدل على كتفيها بتلقائية جذابة، ثم ارتدت قرطي اللؤلؤ المرصعين بالألماس مع العقد الذي تفضله عادة واكتفت برشة واحدة من زجاجة عطرها المميز، دون أن تلتفت إلى بقية أدوات الزينة الفاخرة التي تعج بها طاولة الزينة أمامها، إذ لم يكن من عادتها إخفاء وجهها خلف مساحيق التجميل..


……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

شعار نبراس

تركته لأجلك! – الحلقة 12

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

ظــــــــلام في ظــــلام في ظلام يحاصرها في كل مكان.. قلبها المعذب لم يعد يرى شيئا غير الظلام، حتى لوحتها الوردية المصطبغة بألوان القرمز الأحمر والخيول البيضاء الناصعة، لم تعد ترى فيها إلا الظلام..
وحدها تلك اللوحة ذات النور المبهر بدأت ترسل أشعتها لتخترق نسيج الظلام المتين، ففتحت عينيها لتقرأ من بين خطوطها المنيرة:
الله
فاقشعر جسدها ورددت بلسانها وقلبها:
– يا الله..
وانتبهت لنفسها أخيرا، فقد كانت ممددة على سريرها حيث علّقت لوحة نور على الجدار أمامها، فيما جلست أمها عن يمينها والتي ما أن رأتها قد استيقظت حتى هتفت:
– سوسن حبيبتي، كيف أصبحت الآن؟؟
فنهضت سوسن من فراشها متسائلة:
– ماذا حدث يا أمي؟ من الذي أحضرني هنا!! هل كان ذلك حلما!
فجاءها صوت أيهم الجالس عن يسارها والذي لم تنتبه لوجود إلا حينها:
– لقد فقدتِ الوعي على ما يبدو، ومن حسن الحظ أنني رأيتك وقتها يا عزيزتي، حتى صديقتك سورا وقفت إلى جانبك..
فتنهدت سوسن بخيبة ألم:
– إذن لم يكن ذلك حلما!
فيما تابع أيهم طمأنته لها بقوله:
– ارتاحي الآن يا عزيزتي فقد قال الطبيب بأن ما أصابك كان نتيجة للإرهاق والتعب، ويبدو أن الزحام والضوضاء قد أثرا فيك.. أنت بحاجة للراحة لا أكثر فلا تجهدي نفسك يا حبيبتي..
بدت أمها مرتاحة نوعا، فنهضت قائلة بتفهم:
– كما قال لك ايهم يا حبيبتي ارتاحي ولا تجهدي نفسك..
وابتسمت غامزة لهما بعينها:
– عن إذنكما..
وبعد أن خرجت من الغرفة، جلست سوسن مسندة ظهرها لوسادةٍ أسرع أيهم بتهيأتها لها قبل أن يتناول يديها قائلا:
– سوسن.. أخبريني ما الذي يزعجك هذه الأيام!
ورغم امتنان سوسن لموقفه ذاك إلا انها احتارت في تفسيره، ألم تخبره من قبل بما يزعجها فغضب! أتراه جادا هذه المرة في معرفة ما يزعجها بحق!!
و أخيرا حزمت أمرها قائلة دون سابق انذار:
– أيهم.. دعنا نعجل في عقد زفافنا و نغادر هذه المدينة!!
بوغت أيهم بذلك القرار المفاجيء، فنظر اليها بشك:
– هل أنت على ما يرام!
وتابع بامتعاض وهو يفلت يديها:
– أكل هذا من أجل تلك المعقدة!!
فهزت رأسها بشدة:
– وما دخلها الآن!! إنـ..
وبترت عبارة كانت على وشك الدفاع بها عن موقفها أمام حقيقة بدت صادمة.. أعرف أيهم برحيل نور!! وكيف له ذلك وأنا لم أخبره… أتراها تلك الـ..
وأسقط في يدها وقد شعرت بقلبها يغوص في أعمق ما قد يصل إليه.. أيعقل أن تكون الأمور قد وصلت إلى…! إلى ماذا!! و إلى أين ستصل أكثر…!!
غير أن أيهم سرعان ما استدرك الأمر وهو ينهض من مكانه ليجلس على حافة سريرها مقتربا منها أكثر، وهو يقول لها برقة شديدة مخبئا يدها في يده:
– سوسن.. ماذا هناك يا مالكة قلبي؟
فخفضت رأسها حرجا و قد احمرت وجنتيها بعد أن خفق قلبها بشدة كادت تخلعه من مكانه.. وتبعثرت كلماتها فلاذت بالصمت قليلا إلى أن تمكنت من إعادة تجميعها، فقالت بتنهيدة مؤثرة:
– إنني جادة تماما فيما أقوله يا أيهم، لقد تعبت من هذا المكان كثيرا..
و تابعت تقول باندفاع متوتر والدموع تملأ عينيها:
– إنني أحبك يا أيهم ولا أريد أن أخسرك لأي سبب.. أريد أن أحيا حياة هادئة مستقرة معك.. لم أعد أحتمل تلك الأجواء المزعجة هنا.. أرجوك.. ألا تفهمني..!!
بدا أيهم أكثر تفهما لحالتها من قبل، فرد عليها بلهجة حانية:
– وماذا عن حلمك يا عزيزتي، أنسيت رغبتك في إقامة معرض خاص بك!! أنت تعلمين بأنك لن تجدي أفضل من هذا المكان لتحقيق ذلك..
لم تجد سوسن ما ترد به على أيهم، إذ لم يعد أمامها هدف سوى الاحتفاظ بحبها الوحيد، فيما تابع ايهم كلامه وقد بدأ يدرك تماما ما الذي أثار حفيظة خطيبته:
– كوني شجاعة يا عزيزتي ولا تتخلي عن أحلامك من أجل ما رأيتيه من تصرف أولئك الفتيات السخيفات، أنت تعرفين من قبل طبيعة حياة النجوم، هذا هو عملي…
وتابع بنبرة ذات مغزى:
– على الأقل لن تجديني مضطرا لوضع فمي على فم إحداهن، كما فعل زوج صديقتك المعقدة..
وأكمل بنبرة لا تخلو من مرح:
– كلانا يؤدي عمله.. أليس كذلك!
صعقت سوسن بذلك الكلام، وانتفضت كل خلية في جسدها.. ما هذا الكلام الـ…! ماذا تسميه..! كيف يجرؤ على قول هذا..!! أيقارن أيهم نفسه، بطبيب ينقذ حياة مريض!!
غير أن أيهم سرعان ما قال:
– المهم يا عزيزتي أن تثقي تماما بأنك وحدك في قلبي ولن أحب غيرك أبدا..
و طبع قبلة طويلة على يدها بعذوبة:
– أقسم لك على ذلك
خفق قلب سوسن من جديد فيما تدفقت الدماء في جسدها بغزارة لتترك أثرها على وجنتيها بلون الورود القرمزية الحمراء، وقد شعرت بطاقة حياة لا تنتهي نسيت معها كل شيء آخر..
لو تعرف كم أحبك يا أيهم..
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
شعار نبراس

تركته لأجلك! – الحلقة 11

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

ارتدت سوسن فستانها وانتهت من إعداد زينتها لتبدو بأجمل حلة كما طلب منها أيهم استعدادا للذهاب لتلك الحفلة التي سيحييها الليلة، كان الحضور كبيرا بعد أن نفدت التذاكر التي بيع منها ما لو أنه صرف على فقراء البلد لكفاهم سنة كاملة!
اتجهت لمقعدها في المقدمة بثقة، ودخل النجم الشاب الآسر الذي ما أن لاحت طلته حتى علا التصفيق والتصفير، ليبدأ بممارسة سحره على قلوب المعجبات، ورغم جو الاثارة الذي انتشى به الحضور في أضخم قاعات المدينة، إلا أن سوسن شعرت بضيق لم تعرف سببه، لم تكن مرتاحة إطلاقا وشعرت بنوع من الاختناق الغريب وهي تقلب بصرها بين الحاضرين، حتى وقع بصرها على سورا التي بدت في أقصى درجات الانفعال وهي تتمايل بغنج مع أنغام الموسيقى مبدية أقصى ما تستطيعه من مفاتنها، كمن أقسمت أن لا تبرح هذا المكان حتى تفوز بضالتها.. فشعرت بغيظ شديد وحنق عليها كاد أن يفقدها صوابها.. ما بها هذه الفتاة لا تدعهما وشأنهما!! غير أنها حاولت أن تكون أكثر واقعية.. أليست هذه الحفلة عامة للجميع!!. أليست شهرة خطيبها ومكانته تستقي وقودها من أمثال هؤلاء الفتيات!! بل أليست هذه الحفلات وأمثالها ما أقيمت إلا خصيصا لأمثالهن!! فما بالها تغضب الآن!!!!!
جميع النجوم والمشاهير يحظون بشعبية جماهيرية كبيرة خاصة من قبل الشباب والشابات، وأيهم ليس مختلفا عنهم.. لذا عليها أن ترضى بهذا الواقع وإلا أحالت حياتها جحيما.. من الطبيعي جدا أن يكون له معجبات يتغنين بذكره ويهتفن باسمه و…
وأوقفت سوسن تفكيرها عند هذا الحد، وهي تحاول الاستمتاع بوقتها، فما دامت هي خطيبته ومالكة لبه فما الذي يهمها من أمر الأخريات..!! ولا تدري لم شعرت بنوع من الشفقة عليهن، سرعان ما تبخرت امام مشهد راعها في نهاية الحفل، حيث قاومت إحدى الفتيات لتصل المنصة متجهة نحو أيهم باستماتة لتطبع قبلة على خده! لم تكن تلك المرة الأولى التي يتعرض لها أحد النجوم لموقف شبيه لكنها كانت من المرات النادرة تقريبا.. وتمنت سوسن لو كان بإمكانها أن تصب جام غضبها عليها، ولكن ما باليد حيلة فآثرت أن تصرف نظرها عن ذلك، متمنية أن لا تتعدى الأمور هذا الحد، فما دامت هذه هي رغبة فتاة طائشة لا يقيم لها أيهم وزنا فلا بأس!! غير أنه سرعان ما أحاطت ثلة من الفتيات بأيهم لعلهن يفزن بابتسامة او حتى نظرة منه.. والمحظوظة منهن من تحظى بتوقيعه، وكان لا بد له من مجاملتهن، مما أعاد لذاكرة سوسن أول مشهد جمعها بأيهم، وحاولت أن تُقنع نفسها بأن أفعالهن تلك لن تؤثر على أيهم بأي شكل من الأشكال، حتى راعها مشهد سورا وهي تتجه نحوه بخيلاء كالواثقة من اهتمامه بها، فلم تستطع سوسن الاحتمال أكثر ونهضت من مقعدها.. فلن تقف مكتوفة اليدين.. غير أنها توقفت فجأة!! وماذا عساها أن تفعل!! أتتشاجر معها أمام الآخرين لتمنعها من الاقتراب! ما الذي سيقوله الناس عنها!! ماذا عليها أن تفعل الآن..! وشعرت بدوار أفقدها توازنها..لماذا يحدث هذا لي!!
ولم تشعر إلا بيد تسندها قبل أن تقع:
– هل أنت بخير يا آنسة!!
رفعت سوسن رأسها بصعوبة لتراع بشاب يرمقها بنظرات لم تعجبها أبدا، وهو يحاول اسنادها إلى صدره، فانتزعت نفسها من بين يديه بكل ما أوتيت من قوة قائلة بحزم:
– شكرا لك أنا بخير..
وابتعدت بسرعة وقلبها يتقطع ألما دون أن تدري إلى أين تذهب… أين أنت يا أيهم لتخرجني من هذا المكان البغيض.. أيرضيك ما حل بي قبل قليل!!
كل ما يحيط بي هنا هو الظلام.. فأين أنت يا نور!!!
وتذكرت سوسن أنها وعدتها بالاتصال للاطمئنان على والدتها ولم تفعل حتى الآن، فأخرجت هاتفها وهي تتجه نحو الممر الخارجي للقاعة علها تجد مكانا هادئا تتحدث فيه، وبعد عدة رنات جاءها صوت نور هادئا رفم نبرة من القلق غشيته:
– السلام عليكم.. سوسن، كيف حالك، لقد أُدخلت أمي قبل قليل لغرفة العمليات، دعواتك لها الآن أرجوك..
فطمأنتها سوسن:
– ستكون بخير اطمئني يا نور.. هل زوجك هو من سيجري لها العملية؟
– كلا فهذه ليست من اختصاصه، ثم إنه لم يستطع السفر معي فعليه بعض الالتزامات، ولديه مسؤولية نحو مريضة عليه متابعتها هناك بعد ان شارك في إجراء عملية لها..
وتذكرت سوسن الخبر الذي ورد في الصحيفة، وما أثارته الفتيات من تعليقات حوله، لا شك أنها عملية ابنة الوزير ..و خطر ببالها أن تسألها، ألستِ قلقة على زوجك يا نور! غير أن الموقف الذي بدت فيه نور كان أكبر من أن تفكر بمثل هذه الأمور.. لقد كانت قلقة تماما على أمها، حتى أن سوسن لم تعد تشعر بقيمة ما كانت تفكر فيه من قبل؛ إلى أن صدمت بمشهد سورا وهي تسير إلى جانب أيهم أثناء خروجه مع فريقه عبر الممر.. فسقط الهاتف من يدها، وكاد أن يغمى عليها حقا.. لقد رأت تعاليم وجهه بوضوح.. لا شك في ذلك.. كان أيهم مهتما بها وهي تحادثه..لقد فعلتها تلك اللئيمة….!
لم تعرف سوسن ما الذي أصابها بعد ذلك، هل كانت تحلم!! هل أصابها دوار !! هل أغمي عليها جراء أمر ما..!! فكل ما تراه الآن هو وجه أيهم الذي أخذ يحملق بها بلهفة:
– سوسن.. ماذا أصابك؟؟ هل أنت بخير!!
ولم تمر بضع لحظات حتى تذكرت ما حدث، لقد فقدت وعيها بلا شك بل وكادت أن تفقده للمرة الثانية وهي ترى سورا أمامها تسأل أيهم عنها بلهفة مصطنعة:
– هل هي بخير؟ ربما كانت بحاجة للذهاب إلى المشفى!
فيطمئنها أيهم بقوله:
– لا تقلقي ستكون بخير.. أظنها مرهقة قليلا..شكرا لك لقد أتعبناك معنا..
فترد عليه سورا:
– كلا هذا واجبي فسوسن صديقتي في المعهد كما أخبرتك من قبل..
وتابعت وهي تناوله رقم هاتفها:
– للأسف علي الذهاب، أرجو منك أن تطمئنني عنها إن لم يكن لديك مانع..
ومدت يدها لمصافحة أيهم قائلة:
– شكرا لدعوتك اللطيفة.. لقد كنت رائعا ومتألقا كعادتك يا…
وتابعت جملتها هامسة بصوت لا تعرف سوسن كيف سمعته:
– حبيبي..
فيما رد عليها أيهم بقوله متجاهلا كلمتها الأخيرة:
– و شكرا لذوقك ولطفك، سأطمئنك عن سوسن بالتأكيد فلا تقلقي يا.. عفوا ما اسمك؟..
فأجابته بدلال بالغ:
– يمكنك مناداتي بـ سورا..
تمنت سوسن لو أنها بقيت في إغماءتها ولم تسمع ذلك الحوار الذي لا يبشر بخير أبدا، كانت تشعر بإعياء شديد فيما انهمرت الدموع من عينيها المغمضتين لتنساب على خديها، لقد باءت جميع محاولاتها لتحول بين سورا وأيهم بالفشل، فها هي سورا تقتنص الفرصة وأمام عينيها، بل والتي ساهمت هي شخصيا بتقديمها لها على طبق من ذهب!
لم تكن سوسن بكامل وعيها وهي ترى ذلك كله.. مما عجل بدخولها في دوامة الظلام من جديد…
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
شعار نبراس

تركته لأجلك! – الحلقة 10

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

وصلت سوسن مبكرا للمعهد وهي في لهفة شديدة لرؤية نور، فقد قاومت نفسها بصعوبة يوم أمس حتى لا تزعجها باتصالها بعد أن سبب لها موضوع تلك الرسالة أزمة شديدة، صحيح أنها تثق بنور ولكن لا بد لقلبها أن يطمئن ويقطع أي احتمال للشك باليقين، ولخيبة أملها لم تجد نور هناك.. بل وجدت لوحة كبيرة مكانها، بهرت سوسن بالنور الساطع منها، حتى شعرت برغبة في إغماض عينيها:
– يا الهي.. كيف تستطيع نور فعل ذلك!! كأنه نور حقيقي!!
ورويدا رويدا بدأت عيناها تعتاد على رؤية اللوحة لتنبهر من دقة تفاصيلها، هناك في الأفق.. بين السماء والأرض؛ انتصب جذع شجرة مهيبة لا يكاد يُرى من شدة النور الصادر منها مضرب جذورها في الأرض، وقد تفرعت أغصانها، وتشابكت أوراقها الابرية، المثقلة بثمار الزيتون المصطبغة بلون الزيت النقي الصافي فبدت لامعة مضيئة بزيتها كقناديل صغيرة، في حين لامست قمتها المنيرة كوكبا زجاجيا عظيما حوى مصباحا جميلا يشع نورا، استطاعت بصعوبة تبين حروفٌ خُطت داخله بلون نوراني، حتى تمكنت من رؤية الكلمة بوضوحٍ اقشعر لها جسدها فارتعشت بقوة وهي تقرأ :
الله
نور السماوات والأرض
قدرت سوسن بأنها أمضت وقتا ليس بالقصير وهي تتأمل تلك اللوحة المبهرة، إذ انتبهت لأصوات الفتيات اللاتي بدأن يملأن المكان بأصواتهن، غير أن نور لم تأت بعد على غير عادتها، وبعد أن تبادلت التحيات الصباحية مع الفتيات اللاتي أتين للإطمئنان عليها، حاولت الدخول في جو لوحتها الأخيرة لتتابعها، غير أن حديثا دار بين اثنتين أثار انتباهها، وقد أمسكت الأولى صحيفة أرتها لزميلتها قائلة:
– إنها صحيفة الأمس لقد لفت نظري ما كُتب هنا، انظري أليست هذه صورة مألوفة لديك؟
حاولت الفتاة الثانية التذكر، لكنها قالت:
– ربما.. ولكن لا أذكر أين!
فقالت الأولى:
– دققي جيدا.. أليست هذه صورةٌ لزوج نور!!
فتحت الفتاة الثانية عينيها بتمعن ودهشة في آن واحد وهي تقرأ عنوان المقالة ” طبيب شاب ينقذ حياة ابنة وزير العمل، ويشرف على إجراء عملية قلب لها”، وهتفت بذهول:
– انظري ماذا كتب عنه أيضا! إنه اصغر طبيب جراح أجرى خمس عمليات قلب بنجاح حتى الآن!! ويُقال أن له سمعة ذائعة الصيت في الأوساط الطبية!!
فتدخلت فتاة أخرى:
– ولكن نور لم تذكر شيئا كهذا أبدا!! حتى أننا لم نكن نعرف أن زوجها طبيب!
فردت عليها الفتاة الأولى:
– ولمَ تفعل ذلك! أنتن لم تسألنها أصلا، ثم إنها ليست من ذلك النوع المتفاخر أبدا!
فردت الثانية:
– فعلا غريب!! ظننته إمام جامع وحسب!
فيما تناولت فتاة ثالثة الصحيفة من بين أيديهن متأملة في الصورة:
– إنه وسيم.. أليس كذلك؟
وتابعت بصوت حالم:
– شاب وسيم ينقذ حياة ابنة وزير شابة!! إنها تصلح لقصة رومانسية مثيرة..
فوكزتها صديقتها:
– انتبهي لنفسك، ماذا لو سمعتك نور الآن! لا تنسي انه زوجها!!
فالتفتت الفتاة حولها، قبل أن تقول:
– اطمئني فلم تأت نور بعد..
ثم أطلقت ضحكة خافتة:
– ستزداد الحبكة تعقيدا في هذه الحالة، لتصبح أكثر اثارة..
أما سوسن التي سمعت ما يدور بينهن، فقد ارتجفت لتلك الكلمات الأخيرة:
– حتى نور لم تسلم من مكائد كهذه!! ترى ماالذي كانت ستفعله في موقف كهذا!!
وتذكرت مشهد انقاذ زوج نور للفتاة، لقد كان يؤدي واجبه بجدية، حتى نور وقفت لتساعده باهتمام، أتراها اعتادت أمورا كهذه، ألا تشعر بالــ…..!
وتنهدت سوسن:
– أم أنني أنا الوحيدة التي تشعر بالقلق حيال هذه الأمور!! هل يا ترى لو كان أيهم مكان الطبيب، وكانت سورا هي تلك الفتاة المصابة وكان….
وهزت رأسها بشدة كمن تحاول طرد الفكرة من رأسها:
– لماذا أزعج نفسي بأفكار كهذه مع الصباح!!
و أمسكت ريشتها بعد أن غمستها باللون الأحمر لتتابع تزيين لوحتها بالورود الحمراء القرمزية، لتحيط بقلعة عظيمة لم ير الناس شبيها لها في الواقع، إلا ما قد تجود به مخيلاتهم الحالمة، لا سيما وقد اصطفت على جانبيها أربعة خيول بيضاء أصيلة أبدعت سوسن في رسم تفاصيلها بدقة متناهية .. لكَم تحب هذا النوع الحالم من الخيال!!
قضت سوسن أوقاتا سعيدة مع لوحتها، كانت كفيلة بإخراجها تماما من تلك الأجواء المتوترة التي لفتها مؤخرا، فلم تنتبه إلا على صوت الآنسة ناديا التي بدت في غاية الانزعاج وهي تقول بعصبية:
– وماذا عن المعرض العالمي!! ألن تشاركي فيه!! لقد قطعتِ شوطا كبيرا ولم يبق أمامك إلا القليل، فهل ستفوتي فرصة كهذه بسهولة!!!
بدت نور في أقصى درجات التفهم لحالة ناديا وهي ترد عليها موضحة بهدوء، رغم مسحة الحزن المرتسمة على وجهها:
– أرجو أن تتفهمي وضعي يا آنسة، فهذا أمر خارج عن ارادتي ولم أعمل له حسابا من قبل، عليّ أن أذهب للإطمئنان على أمي والوقوف إلى جانبها أثناء اجرائها العملية، ولم يعد هناك مجال للتراجع؛ فقد أنهيت إجراء ترتيبات السفر اللازمة، ورحلتي بعد ثلاث ساعات .. إن زوجي بانتظاري.. وقد أتيت لأعتذر عن عدم قدرتي على الاستمرار معكم أو المشاركة في المعرض، فأرجو أن تتقبلي اعتذاري..
لم تستطع سوسن تصديق ما سمعته، فوقعت الريشة من يدها مبعثرة اللون الأحمر حولها كقطرات دم نزفت فجأة دون سابق انذار..لتصف تماما حال سوسن في تلك اللحظة.. هل ستذهب نور بهذه السرعة!! لم أسألها بعد…. أمور كثيرة أود محادثتها بها…. ما زلت حائرة.. تائهة.. أضيع في الظلام.. فلماذا ستذهبين يا نــــــــور!!!!!!!!!
وكان آخر شيء يخطر ببال سوسن في تلك الاثناء هو سؤال نور عن تلك الرسالة الغريبة، إذ لم تعد ذات أهمية في موقف كهذا..
وبدلا من أن تذهب للسلام على نور كما فعلت بعض الفتيات وهن يتمنين شفاء عاجلا لأمها، وقفت سوسن مكانها متسمرة من هول الصدمة حتى أتت نور نحوها لتبادرها بالسلام:
– سعدت بمعرفتك يا سوسن….
ولم تدعها سوسن تتم جملتها إذ لم تملك أن ارتمت بثقلها نحوها وهي تحضنها باكية:
– هل حقا ستذهبين يا نور!! قولي بأنك لن تتأخري.. أرجوك..
فربتت نور على كتفها بتأثر وهي تحاول الوقوف باتزان:
– لم أكن أنوي البقاء هنا أكثر من شهر على اي حال، فإهدئي يا عزيزتي، سنتواصل بالهاتف إن شاء الله فاطمئني..
وبصعوبة هدأت سوسن:
– هل هذا يعني أنك لن تعودي إلى هنا ثانية؟
فأجابتها نور بحنان:
– كنت أنوي البقاء مع زوجي هنا ريثما ينهي أعماله التي جئنا من أجلها قبل أن نسافر خارج البلاد ليكمل أبحاثه، لكن قدر الله وما شاء فعل، فقد عرفت ليلة أمس أمر مرض أمي، ولا بد لي من البقاء إلى جانبها راجية من الله أن يتم شفاءها بسرعة قبل موعد سفرنا إلى الخارج..
وتابعت بابتسامة متفائلة:
– ومن يدري.. فربما آتي لزيارتك يوما ما يا أختي العزيزة..
فأطرقت سوسن برأسها:
– أرجو ذلك يا نور، وسأنتظرك بفارغ الصبر..
وبتردد سألتها:
– وماذا عن هدفك؟ ألم تكن فرصتك الذهبية لعرض لوحاتك في معرضٍ عالمي يا نور؟
فأجابتها نور بثقة:
– إنها أمي ولن أتخلى عنها في موقف كهذا، وسيعوضني الله خيرا عن تلك المشاركة إن شاء الله..
و شدت على يد سوسن:
– استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه..
ثم قالت برجاء:
– اعتني بنفسك جيدا ياسوسن.. أنت طيبة جدا ما شاء الله، واتمنى أن لا تنسي أمي من صالح دعواتك، وادعي لي أيضا فأنا بحاجة لدعائك..
لم تستوعب سوسن كلمات نور الأخيرة جيدا، فمن هي لتدعو لنور وأمها!! وهل تحتاج نور لدعوات أمثالها!! إنها حتى لا تذكر أنها جربت الدعاء من قبل!!
غير أنها وجدت نفسها تردد لا شعوريا:
– إن شاء الله سأفعل..
وقبل أن تذهب نور استدركت قائلة بابتسامة محببة:
– هل أعجبتك لوحتي الأخيرة! إنها هدية لك يا سوسن فاذكريني بها..
فتهلل وجه سوسن:
– شكرا لك يا عزيزتي .. ولكنها لوحتك…
فابتسمت نور:
– إنها هدية متواضعة لا أكثر؛ فأرجو أن تقبليها مني..
فقالت سوسن:
– بل هي هدية رائعة جدا، شكرا لك.. شكرا يا نور..
ثم وجهت نور كلامها للآنسة ناديا:
– سأترك بقية لوحاتي هدية للمعهد إن لم تمانعي يا آنسة..
فابتسمت ناديا وقد بدأت ترضخ للأمر الواقع:
– ستكون ذكرى جميلة منك يا نور، و مرحبا بك في أي وقت تفكرين فيه بالعودة إلى هنا..
همت سوسن بسؤال نور عن شيء ما، غير أنها انتبهت لضيق الوقت فستقلع طائرتها بعد أقل من ثلاث ساعات وإن لم تسرع فستفوتها الرحلة، فعانقتها قبل أن تغادر قائلة:
– سأتصل بك يا نور لأطمئن على والدتك الليلة..
فشكرتها نور وهي تغادر مسلمة على الجميع بما فيهم سورا، التي لم يتمكن أحد من معرفة تفسير واحد لملامح وجهها الغريبة في تلك اللحظة..
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
شعار نبراس

تركته لأجلك! – الحلقة 9

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

…. تناولت سوسن الورقة من يد أيهم وفتحتها بيد مرتعشة لتقرأ ما طُبع فيها:
” إتق الله أيها الفاسق الضال الغافل.. إنك وأمثالك حطب جهنم وبئس المصير.. إنك تتحمل وزرك ووزر خطيبيتك التي تقف عثرة في طريق هدايتها.. فإن لم ترغب في التوبة فابتعد عنها لــ…..”
سقطت الورقة من يد سوسن وهي تطلق صرخة مكتومة:
– ما هذا!!!! من الذي أعطاك اياها!!
فأجابها أيهم بتساؤل مثله:
– هذا ما أود معرفته منك!! لقد عثرت عليها تحت مسّاحات سيارتي وأنا أهم بركوبها بعد أن حادثتك..فمن برأيك يهمه كتابة رسالة كهذه!!
قال جملته الأخيرة بنظرة ذات مغزى، لم يخف على سوسن مرماها، فأسرعت تدافع عن نور بقولها:
– كلا لا أظنها تكتب رسالة منفّرة كهذه، إن نور لطيفة جدا وبالتأكيد هي بريئة من شيء كهذا، صدقني يا أيهم..
فرماها بنظرة ملؤها الشك:
– ومن غيرها يفعلها يا سوسن! لا تكوني واثقة هكذا، فقد بدأ تأثير هذه الفتاة يظهر جليا عليك، ولم تعودي سوسن التي أعرفها!
والتقط نفسا قبل أن يتابع:
– هل نسيت الحديث الذي حدثتني به من قبل! لقد نجحت تلك الفتاة بإدخال أفكار غريبة لرأسك، ولا أدري ما الذي تريده في النهاية..
لم تستطع سوسن احتمال ذلك، فبذلت جهدها لتقول بصعوبة:
– أيهم أرجوك، كف عن التفكير بهذا الشكل.. فلا علاقة لنور أبدا بما أخبرتك به، ثم إنه لم يمض على مجيئها أكثر من أربعة أيام فهل…
فقاطعها أيهم بنوع من العصبية:
– إنني أعرف تماما هذا النوع من المعقدين.. لا يتورعون عن ترك تأثيرهم من اليوم الأول، فهذه هي مخططاتهم من البداية.. أم أنك نسيتِ ما أخبرتِني به من أنها أصبحت صديقتك خلال تلك المدة الوجيزة!!
ورغم عدم اقتناع سوسن التام بكلام أيهم، إلا أنها بدت من الضعف بحيث تعجز عن الرد عليه..
– أيعقل أن تفعلها نور!! مستحيل.. ليست من هذا الصنف بالتأكيد… ولكن ماذا لو كانت هي…!! كلا .. لا يمكن.. إنني واثقة..
كلا لن تسمح لاختلافٍ بالرأي أن يفرق بينها وبينه، حاولت أن تتكلم .. أن تقول شيئا دون أن تخونها قواها التعبيرية، لكن دون جدوى.. وأخيرا نطقت وهي تغالب دموعها بصوت متهدج:
– أرجوك ثق بي.. لا علاقة لنور بما حدث فقد كانت تلك خواطري قبل مجيئها..صدقني.. لم أقل لك ما قلته سابقا إلا لأني أحبك وكنت أريد التأكد من اهتمامك بي.. لماذا..لماذا لا تفهمني يا أيهم…لا بد أن هناك من يحاول التفريق بيننا….
وبدا أن الأمر قد تجاوز حد احتمال سوسن فانفجرت باكية بنشيج يقطع أنياط القلوب..
حتى رق قلب أيهم لها، فاقترب منها وأمسك يدها قائلا:
– إن كنتِ لا توافقين على أمر كهذا يا حبيبتي؛ فثقي بأن رسالة كهذه لا تهمني أبدا، فلشد ما أكره التعقيد والمعقدون في هذه الحياة، ولكنني أحذرك من صُحبة كهذه إن أردتِ لحياتنا أن تستمر معا..
لم يدرك أيهم حجم الألم الذي وخزت به جملته الأخيرة قلب سوسن، فتابع بمرح وهو يمزق الورقة إلى قطعٍ صغيرة بعثرها في سلة المهملات:
– هيا يا حبيبتي ابتهجي ولننس ما حدث، فغدا سأحيي حفلا كبيرا وأريد أن أراك أجمل الحاضرين فيه..
ورغم أن الأمور قد سُويت في الظاهر بينها وبين أيهم إلا أن الشكوك لم تفارقها، أيعقل أن تُقدم نور على أمر كهذا، لأجد نفسي في مفترق طريقين!! صحيح أنها بدأت تميل لأسلوب الحياة الذي تحياه نور وزوجها، فقد بدا مستقرا هادئا تحيط به روحانية و سكينة، تتوق سوسن لحياة مثلها، غير أن فكرة الابتعاد عن أيهم وأسلوب ذلك الخطاب القاسي لا يمكنها قبوله بأي حال من الأحوال، ورفض عقلها الفكرة بشدة.. لا يمكن لنور فعلها أبدا، إنها حتى لم تفاتحني في هذه المواضيع أبدا..
و تنهدت بألم:
– كيف يمكنني بعد هذه الرسالة؛ مفاتحة أيهم بخواطري المستقبلية!!
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
شعار نبراس

تركته لأجلك! – الحلقة 8

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

لم تصدق سوسن عيناها في البداية وهما تطالعان الساعة بعد أن استيقظت فجأة!! مستحيل!! لقد فاتني دوام المعهد بأكمله هذا اليوم..
وقفزت من فراشها منادية الخادمة التي هرعت نحوها بسرعة:
– لماذا تركتني نائمة حتى هذا الوقت؟؟
فأجابتها بهدوء:
– لقد حاولت ايقاظك لكنك كنت مرهقة جدا فلم تسمعيني…
و تابعث بثقة أكثر:
– ثم إن سيدتي طلبت مني أن لا أزعجك أكثر!
لم تجد سوسن بدا من الرضى بالواقع الذي وجدت نفسها فيه، فتناولت هاتفها لعلها تجد اتصالا من أيهم، ولخيبة أملها الكبيرة.. لم تجد شيئا!! وحدها نور اتصلت.. ومن ثم أرسلت رسالة لتطمئن عليها..
فاستلقت سوسن على سريرها إذ كانت لا تزال متعبة.. لقد سهرت أكثر مما توقعت ليلة أمس، فقد كان من المفترض أن لا تتأخر بجولتها مع أيهم، إلا أنه بدا متحمسا كثيرا ولم تواتيها الجرأة لتطلب منه العودة بعد أن أصرت على مصاحبته.. ترى أما زال نائما هو الآخر، أم…
وخفق قلبها خشية أن يكون قد ذهب للمعهد لرؤيتها، فتكون فرصة مواتية لسورا للحديث معه والايقاع به.. ولا تدري ماذا أيضا، عندها ستكون كمن أضاعت جهدها ليلة الأمس سدى..
يا إلهي.. لماذا يحدث كل هذا لي!! ألا يمكنني الاطمئنان قليلا!!
وبعد تردد تناولت هاتفها ضاغطة زر الاتصال على رقم أيهم، وقبل أن تسمع رنين الهاتف قطعت الاتصال..محادثة نفسها:
– يفترض به أن يكون هو من يحادثني و يطمئن علي أولا!!.. أم أنه لم ينتبه لغيابي حتى هذه اللحظة! … أم أنه انشغل مع تلك الفتاة الـ..!! فنسي وجودي… ما الذي يفعله الآن!!
وشعرت بصداع رهيب وأبشع الاحتمالات مأساوية ترتسم في خاطرها حتى استسلمت لها تماما، ولم تستطع الانتظار أكثر، فعزمت أمرها وضغظت زر الهاتف منتظرة رده بنفاد صبر، حتى جاءها صوته أخيرا:
– سوسن حبيبتي، لقد كنت على وشك الاتصال بك الآن!! هل أنت بخير؟؟
شعرت سوسن ببعض الغيظ، وتمنت لو أنها انتظرت قليلا.. ربما.. أو من يدري..هل كان صادقا حقا في كلامه!! وأمام صمتها جاءها صوته مجددا:
– ألو.. سوسن.. هل تسمعينني؟؟
فردت بصوت واهن أرهقه عناء التفكير:
– أجل أسمعك.. أنا بخير.. ماذا عنك أنت؟
فرد قائلا:
– كنت مشغولا من الصباح للإعداد لحفة الغد التي سنحييها في قاعة المدينة ، ولم أعرف إلا للتو من زميلاتك أنك لم تحضري هذا اليوم..
شعرت سوسن بغصة، لقد ذهب إلى المعهد إذن!! ما الذي يفعله حتى هذه اللحظة هناك!! لا شك انها فرصة سورا ….
غير أن صوته قطع عليها الاسترسال في أفكارها مجددا:
– سوسن.. أما زلت على خط الهاتف معي؟؟
فأجابته باقتضاب:
– أجل..
فتابع كلامه وهو يهم بإنهاء المكالمة:
– لا تبدين على ما يرام، سأمر للإطمئنان عليك بنفسي فهذا أفضل..
تنهدت سوسن وهي تضع الهاتف من يدها مسندة رأسها إلى وسادتها:
– قد أكون واهمة فقط.. ولكن لماذا يحدث كل هذا لي!! ألأنني أحبه فقط!! أهذا حال المحبين كلهم؟؟ أهذه هي طبيعة الحب أم ماذا!! أهي الغيرة !!!!!
وأمام ذلك السؤال الصريح لم تجد سوسن بدا من الاعتراف أمام نفسها، بأنها كانت غيورة فعلا، غير أن ذلك مهّد لسؤال جديد حول طبيعة غيرتها، أهي غيرة طبيعية بين المحبين!! أم أنه القلق من خسران من تحب!! لو كانت غيرة الحب الطبيعية فما بالها لا تراها عند أيهم!!
وعند تلك النقطة تحديدا لاحت لها علامة خطر تحذرها من الاقتراب أكثر نحو تساؤل كهذا.. فصرفت تفكيرها عن ذلك المنعطف حالا، ليطرق اسم نور ذهنها فجأة، لقد رأتها بالأمس مع زوجها، بدا ودودا معها وهو يحادثها، أكان يشكرها فقط لمساعدته في أداء مهمته، أم كان حديثا عابرا.. أم…..
لكنها سرعان ما أنّبت نفسها على ذلك الخوض في أمرهما :
– فليكن من أمرهما ما يكون، فما شأني أنا!
ولمعت في ذهنها فكرة، قد تلقي نور بعد الضوء على أسئلتها المحيرة، فتناولت هاتفها ضاغطة على رقم نور بثقة، لا سيما وأنها قد وجدت اتصالا سابقا منها، وبذلك لن تكون متطفلة عليها بعد نهاية الدوام..
وبلهفة جاءها صوت نور:
– كيف حالك يا سوسن لقد قلقنا عليك اليوم، خاصة وأنك لم تنوهي لغيابك مسبقا!
فابتسمت سوسن:
– كنت مرهقة قليلا فلم اصحو من نومي إلا قبل قليل!
فردت نور:
– الحمد لله ، كنت أود الاطمئنان عليك فقط، فقد كنتِ مهتمة بإنهاء لوحتك قبل نهاية الاسبوع، وإن شاء الله تتمكني من انجازها غدا..
فشكرتها سوسن بامتنان:
– شكرا لاهتمامك يا نور..
وهمت بأن تسألها عن مجيء أيهم هذا اليوم، غير أنها تراجعت، ما عساها تقول لها!!
وأمام ترددها انتبهت نور، فبادرتها بالسؤال:
– هل هناك شيء يمكنني مساعدتك به يا سوسن ؟ إنني بالخدمة يا عزيزتي فلا تترددي..
فأجابتها سوسن إجابة لم تتجاوز حدود حنجرتها:
– لو تعلمين يا نور ما الذي أريده!! انني أريد مساعدتك في كل شيء، ولكن كيف لي أن أعبر عن هذا!! إنني تائهة.. محتارة.. قلقة.. غارقة في الظلام حتى النخاع..
غير أنها اكتفت بقولها:
– شكرا لك يا عزيزتي..
واستدركت متسائلة:
– بالمناسبة.. ما هي لوحتك الجديدة يا ترى؟
فأجابتها نور بابتسامة استطاعت سوسن رؤية اشراقتها عبر الخطوط بمخيلتها:
– سترينها غدا إن شاء الله، لقد رسمتها هذه المرة أكثر إشراقا من السابق وأتمنى أن تعجبك، فاهتمي بنفسك جيدا، ولا تشغليها بما يقلقها ويعكر مزاجها..
كان لتلك الكلمات وقعا غريبا على نفس سوسن:
– أتراها تعرف ما بي من قلق وحيرة!
فرددت سوسن بدهشة:
– نور..!!؟؟
ثم صمتت باترة جملتها بعد أن كان بودها أن تطرح عليها ولو سؤالا واحدا، ما الذي يعنيه الحب لها؟؟ بدا سؤالا صعبا.. أو ربما بدون مناسبة، فحثتها نور على الكلام:
– إنني أسمعك يا سوسن، هل هناك ما يشغل بالك؟؟..
وكمن يحاول اصطياد حوت عنيد، يرفض الانصياع لجذب صياده له، أفلتت سوسن صنارتها بعد أن ضاعت الكلمات منها، فتراجعت عن كلامها، قائلة:
– لا شيء يا نور، أراك غدا..
لم تعرف سوسن كم من الوقت قضت سارحة في فراشها، وهي تصول وتجول مع أفكارها، ما الذي يحدث لي.. إلى متى سأظل عديمة الفائدة هكذا!!
وتذكرت نفسها قبل سنوات قليلة، فتاة واثقة بنفسها قوية الشخصية جذابة ومحبوبة من الجميع، بل والأهم من ذلك.. كانت حرة.. لا شيء يقلقها ولا هم يشغل بالها! فما الذي تغير بعد ذلك!! لقد أحبت أيهم من أول لقاء جمعهما، رغم أنها لم تكن من أشد معجبيه من قبل… ويبدو أنها أسرته فورا بجاذبيتها وجمالها قبل أن تشعر بتعلقها به، كان ذلك يوم حضورها إحدى حفلاته مع صديقاتها كنوع من التغيير لا أكثر، حتى إذا ما ذهبن لمحاولة الحصول على توقيعه رافقتهن دون ان يخطر ببالها انها ستكون لحظة حاسمة في حياتها، فما أن وقعت عينا أيهم عليها ذلك اليوم حتى شعرت بمعنى الحب أول مرة، ورغم أنها كذبت نفسها بداية إلا أن اهتمامه بها دون غيرها ترك أثره الكبير في نفسها، وكيف لها أن تتجاهل ذلك وهو النجم المشهور الذي تتحطم على أعتابه كرامة آلاف المعجبات! فلم تملك إلا أن تحبه، ثم مرت الأحداث بسرعة بعدها، وكم كانت سعادتها كبيرة يوم أن تقدم لخطبتها، لقد شعرت بأنها امتلكت الدنيا وما فيها وهي تنعم بحب من أحبت وبقربه واهتمامه.. حتى أنها لم تنتبه للمكائد المحيطة بها.. و رويدا رويدا بدأ حب أيهم لها يأخذ منحى روتينيا، فيما بدأت هي تزداد قلقا من الأجواء المحيطة بهما.. حتى عالم الفن الذي تحبه.. عالمها الخاص الذي تنسى فيه نفسها، بدأت تفقد اهتمامها به مؤخرا من أجل التفكير في… أيهـــــــم..
ولم تعد تحتمل أكثر، فنظرت إلى عقارب الساعة بتوتر :
– مرت قرابة الساعتين على هذه الحال ولم يأت أيهم بعد! لقد وعدني بأنه سيمر علي..
انتظرت وانتظرت دون أن تفعل شيئا.. حتى مل الانتظار منها، وأخيرا نهضت من فراشها لتبدل ثيابها، فلم يعد أمامها مجال للإنتظار أكثر، إذ كانت تود لو يرى أيهم مقدار الحيرة التي تشعر بها وهي لا تزال على فراشها منذ أن حادثته ، لعله يساعدها على الخروج منها..
ودق جرس الباب معلنا وصول الضيف الموعود بعد أن فقدت سوسن حماستها لاستقباله، فنزلت الدرج بهدوء باتجاه صالة الاستقبال، حيث جلس أيهم بانتظارها..
بدا لقاؤهما غريبا جدا، باهتا وباردا على غير ما خططت سوسن له، واستطاعت أن تلاحظ بصعوبة أن أيهم كان يحاول اصطناع ابتسامة ترحيبية ليلقاها بها، جلست قبالته و خيم الصمت عليهما.. وكأن كل واحد منهما كان محتارا في كيفية البوح بما يخفيه عن صاحبه، ولم تجد سوسن بدا من المبادرة بعد أن طال الصمت أكثر مما ينبغي:
– أيهم.. هل هناك شيء؟ تبدو على غير الصورة التي حادثتني بها ظهر هذا اليوم!
فنظر إليها أيهم مغيرا دفة الحديث:
– يبدو وجهك شاحبا يا سوسن، هل أنت مريضة أم أن هناك ما يضايقك؟
لم تجد سوسن ما تجيبه به وهي تستعرض ما حدث في المرة السابقة، ليس من الحكمة مصارحته بما تشعر به تماما، ولم يتركها أيهم لتفكر بانتقاء جوابها كثيرا؛ بل أخرج من جيبه ورقة مطوية ناولها لها بوجه متجهم قائلا:
– إذن أنت توافقين على هذا الكلام!!
فتناولت الورقة من يده وفتحتها بيد مرتعشة لتقرأ ما طُبع فيها:
” إتق الله أيها الفاسق الضال الغافل.. إنك وأمثالك حطب جهنم وبئس المصير.. إنك تتحمل وزرك ووزر خطيبيتك التي تقف عثرة في طريق هدايتها.. فإن لم ترغب في التوبة فابتعد عنها لــ…..”
سقطت الورقة من يد سوسن وهي تطلق صرخة مكتومة:
– ما هذا!!!! من الذي أعطاك اياها!!
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
شعار نبراس

تركته لأجلك! – الحلقة 7

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

كانت ساحة المتحف الوطني تعج بالحاضرين، عندما دوى صوت طلقات نارية إيذانا ببدء الافتتاح، فتقدم نائب الحاكم العام على المدينة لقص الشريط، بعد أن تناول المقص الذهبي من فوق الوسادة المخملية التي يحملها مدير المتحف و الذي بدى في أبهى حلله كعجوز قرر الاحتفال بالذكرى الخامسة والخمسين ليوم زفافه..
وعلى مسافة غير بعيدة من نائب الحاكم، وقفت سوسن إلى جوار خطيبها متأبطة ذراعه بصفتهما ضمن ضيوف الشرف المدعوين لحضور هذا الحدث المهم، مما أتاح لها رؤية النائب عن قرب رغم فريق الحراسة الشخصية المحيطة به، ولدهشتها الشديدة بدى وجهه مألوفا جدا، ليس لأنها شاهدته في التلفاز مثلا أو أنها رأت صورته في مكان ما، بل لسبب آخر تماما، وما أن تعرّفته حتى همست لخطيبها قائلة:
– أليس هذا صديق والدي السيد وائل ؟
فأومأ أيهم برأسه ايجابا:
– بالتأكيد إنه هو، فقد حضر حفل خطوبتنا قبل أن يتقلد منصب نائب الحاكم العام على هذه المدينة!
فأطلقت سوسن صرخة مكتومة:
– حقا!! ومتى حدث هذا!!
فابتسم أيهم معلقا:
– لقد مر على ذلك أكثر من ثلاثة أشهر يا فتاتي، أنت تنسين نفسك تماما في عالم الفن.. ولا أدري في ماذا مؤخرا..
فوكزته سوسن ثم قلبت بصرها بين الحاضرين قبل أن تتساءل:
– غريب !! ألم يصل والداي بعد! كان يفترض أن يكونا في صفوف أوائل المدعوين..
فطمأنها أيهم بقوله:
– لا تقلقي فربما عرضت لوالدك إحدى المشاغل المعتادة، دعينا نستمتع بوقتنا الان..
سارت سوسن إلى جانب أيهم وهي تدلف عبر بوابة المتحف المهيبة مع الفوج الأول للمدعوين..
بدت القاعات في غاية التنظيم والفخامة حيث تنوعت أقسامها، وتعددت محاورها لتشمل جوانب كثيرة قل أن تجتمع في مكان واحد، وكان من أبرز ما لفت نظر سوسن فيه هي قاعة المجوهرات الأثرية، وما أن وقعت عيناها على مجموعة غريبة الأشكال من خواتم بدت في غاية القدم، حتى علقت بقولها:
– يا لهذه الأذواق الغريبة!!
قالتها سوسن وهي تتحسس خاتم الألماس في أصبع يدها اليمنى، والذي أهداه لها أيهم يوم خطوبتهما، فأمسك أيهم يدها بحب وهو يشير إلى إحدى تلك الخواتم معلقا:
– لو رأت ملكات ذلك الزمان رقة أصابعك يا جميلتي، لخجلن من عرض حُليّهن أمامك..
فاحمرت وجنتا سوسن:
– أنت تبالغ كثيرا يا أيهم..
فتناول أيهم يدها وطبع قبلة عليها بعذوبة:
– بل هذه هي الحقيقة يا فاتنتي!
و قبل أن تجد سوسن شيئا تداري به خجلها، فزعت كغيرها لصوت جلبة وصراخ انطلق فجأة من جوارها:
– هل من طبيب هنا؟؟
وهرعت سوسن مع خطيبها نحو الفتاة الممددة على الأرض، في حين أحاط بها بعض الحرس، ليمنعوا اقتراب الناس منها حيث احتشدت أعداد غفيرة على باب القاعة اثر تلك الجلبة، وقد بدأت الشائعات بالانتشار لوصف ما حدث، مع زيادة ونقصان قد لا تمت للواقع بصلة كالعادة بحيث لا يستطيع أحد معرفة الحقيقة أبدا:
– لقد أغمي على ابنة وزير العمل..
– أيعقل أن تكون قد سقطت فجأة هكذا!!
– قد تكون حادثة اغتيال..
– انظر اليها اليست جميلة، وملابسها لا اظنها تخفي أكثر مما تبدي، ما رأيك؟
– سمعت أن هناك شاب يحبها لكنها رفضته فربما حاول الانتقام
– قد تكون مدمنة!! سمعت أن المدمنين يصابون بنوبات مفاجأة!
– يا للعار ابنة وزير ومدمنة!!
………………………………
……………………………….
ولم تكن الأحاديث للتوقف في أي حال من الأحوال، في حين أسرع من بين الجميع شاب ملتحي، أخذ يعدو بسرعة تجاه الحدث وهو يحث الناس على افساح الطريق أمامه:
– بعد اذنكم.. دعوني أمر فأنا طبيب..
حتى وصل نحو الشابة الممدة على الأرض، وللاحتياطات الأمنية المعتادة أبرز الشاب بسرعة بطاقته الطبية و رخصة مزاولة المهنة للحرس المحيطين بها، قبل أن ينحني على الأرض قرب الفتاة هاتفا:
– هل أنت بخير؟
ولما لم تستجب لندائه فتح فمها بهدوء ليتأكد من سلامة وضعية لسانها، ثم وضع أذنه على فمها في حين اتجه بصره ناحية صدرها، غير أنه لم يجد أثرا لتنفسها فبدأ يجري لها تنفسا اصطناعيا، واضعا فمه على فمها لينفخ فيه نفختين من الهواء، ثم أرجع رأسها برفق للخلف واضعا يده اليمنى على جبهتها في حين ضغط باصبعين من اصابع يده اليسرى على رقبتها ليتأكد من سلامة النبض، ومن ثم بدأ يضغط على صدرها ما يقارب الثلاثين ضغطة قبل أن يضع فمه على فمها من جديد لينفخ فيه الهواء مكررا تلك العملية عدة مرات..
أخذت سوسن التي وقفت على مقربة منه تتابعه بفضول وهي تحاول أن تتذكر أين رأته من قبل، ولم يطل تساؤلها كثيرا إذ سرعان ما طرق سمعها صوتٌ مألوفٌ:
– بعد اذنكم.. لقد أحضرتُ شنطة الطبيب بناء على طلبه..
وما هي إلا لحظات حتى برزت نور أمامها وهي تتجه نحو الطبيب، قائلة:
– هاهي الحقيبة يا عامر، هل أُعدّ الحقنة!
عندها أدركت سوسن أن ذلك الطبيب الشاب لم يكن سوى زوج نور الذي رأته معها ذات يوم..
وقبل وصول سيارة الاسعاف تحركت الشابة أخيرا وفتحت عينيها، إثر حقن عامر لها بالدواء، فهلل الحاضرون فرحا، وبادر الوزير عامرا بالشكر الحار لانقاذه ابنته، فما كان من عامر إلا أن رد بتواضع:
– هذا واجب الطبيب وأمانة في عنقه..
ثم استدرك قائلا:
– لقد قمت بعمل الاسعافات الأولية اللازمة في حالتها لا أكثر، فقلبها مجهد و من الأفضل نقلها بسرعة لأقرب مشفى..
وتابع كلامه وهو يناول الوزير ورقة انتزعها من مفكرة في جيبه بعد أن خط عليها بضعة جمل:
– لقد دونت هنا تشخيصي الأولي عن حالتها والعلاج الذي أعطيته لها، أرجو أن تعطيها للطبيب الذي سيشرف على حالتها في المشفى وستكون بخير إن شاء الله..
ثم ناوله بطاقة وهو يقول متابعا:
– و هذا هو رقمي إن كنتم بحاجة لأي استفسار آخر..
شد الوزير على يد عامر بقوة:
– لا أعرف كيف سأشكرك، إنك شهم حقا أيها الطبيب ولن انسى لك معروفك هذا أبدا..
وبينما كانت نظرات الاعجاب تثني على الطبيب الشهم الواقف إلى جوار زوجته وهو يحادثها، استأذنت سوسن خطيبها الذي بدا شاردا فيما رآه:
– انها نور.. سأذهب للسلام عليها..
غير أن أيهم جذبها من يدها ليستوقفها متسائلا:
– أذلك الطبيب.. كان زوجها؟؟
فأومأت سوسن برأسها إيجابا راجية أن تكون هذه اشارة لاستلطافه لهم، فلشد ما آلمها موقف أيهم السلبي تجاه نور من قبل:
– أجل، أرأيت كم كان بارعا!
لم يرد أيهم ببنت شفة، بل استدار قائلا:
– إذا رغبت بالذهاب للسلام على صديقتك فسأنتظرك هنا..
لم تستطع سوسن أن تحدد تماما على ماذا يدل ذلك، وترددت بالذهاب، حتى كفاها ابتعاد نور مع زوجها عناء التفكير فعادت إلى جانب أيهم متسائلة:
– هل هناك ما يزعجك؟
وقبل أن يجيبها بشيء انتبهت لمجيء والديها اللذان هرعا باتجاهها بلهفة، فيما أسرعت أمها لتحضنها قائلة:
– لقد قلقنا عليك يا ابنتي، خفت عليك كثيرا وخشيت أن تكوني أنت الفتاة المصابة!
فابتسمت نور مطمئنة:
– اطمئني يا أمي فأنا بخير
فقالت أمها وهي تخاطبهم جميعا:
– دعونا نبتعد من هذا المكان المشؤوم، لقد كرهت البقاء فيه، فجوه غير مريح أبدا!
فعلق زوجها:
– كفي عن ذلك يا عزيزتي.. سيدة راقية مثلك وتؤمن بالشؤم!
فردت عليه بحدة:
– لا علاقة للرقي بهذا الأمر.. المكان لم يعد يعجبني وحسب! ثم إنك أنت من طلب مني أولا أن لا نتأخر في العودة للمنزل، أنسيت ذلك!
والتفتت باتجاه سوسن لتمسك يدها قائلة:
– هيا يا ابنتي..
فنظرت سوسن نحو أيهم متسائلة:
– ألن تذهب ؟
فأجابها بابتسامة مقتضبة:
– لا بأس عودي مع والديك، فسأتجول قليلا هنا لأرى بقية الأقسام قبل أن أعود، فقد لا تتاح لي فرصة أخرى لفعل ذلك..
فهمت الأم ما يدور بخلد ابنتها من رغبتها بالبقاء إلى جوار خطيبها، غير أن قلقها عليها في تلك الاثناء بدا هاجسا يسيطر عليها، فحاولت اقناعها للتراجع عن ذلك بقولها:
– لقد تأخر الوقت يا حبيبتي وأنت لم تنامي جيدا ليلة الأمس والارهاق باد عليك، وما زالت الأيام أمامكم أنت وأيهم وبإمكانك الذهاب معه فيما بعد، فهيا بنا الآن..
وهمت سوسن بالامتثال لطلب والدتها غير أنها لمحت سورا فجأة، وخيل إليها أنها كانت تراقبهم من بعيد لتقتنص الفرصة المناسبة للاختلاء بأيهم، وشعرت بمكيدة تحاك في الخفاء ومن الغباء أن لا تأخذ موقفا تجاه ذلك، فجذبت يدها من يد والدتها قائلة:
– أرجوك يا أمي إنني ناضجة بما يكفي لأقرر ما أريد فعله، فلا تقلقي علي، سأتجول مع أيهم ولن نتأخر ثم سيوصلني هو للمنزل..
وأكد والدها كلامها معاتبا زوجته:
– كفاك تدخلا في حياة الفتاة، دعيها تعيش حياتها فخطيبها معها..
ورغم نظرة القلق التي لمعت في عيني الأم إلا أنها لم تجد ما تفعله أمام إصرار ابنتها وتأييد والدها لها، فاستسلمت للأمر الواقع وقلبها غير مطمئن، موجهة حديثها لأيهم:
– اعتني بسوسن جيدا، وحاولا أن لا تتأخرا كثيرا، فيكفيكما سهر ليلة الأمس
لم تكن سوسن راضية تماما عما فعلته بحق أمها، لكن لم يكن بيدها حيلة أخرى، وتنهدت بألم.. إلى متى ستستمر في حماية حبها بهذه الاستماتة!! ألا يمكنها الاطمئنان والركون إلى الراحة قليلا!! إنها تأخذ دور الحارس الشخصي، بل المرابط على الثغور الذي كتب عليه أن يقضي حياته منتبها خشية تسلل الأعداء إلى مملكته فيخسر المعركة!
وتأوهت في أعماق نفسها تأويها؛ ما لو أنه لو ترجم لأصواتٍ لصم الآذان من شدته..
آه يا أيهم.. كم يعذبني حبك!!
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
شعار نبراس

تركته لأجلك! – الحلقة 6

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

لم تستطع ناديا السيطرة على انفعالها أمام لوحة نور الثانية والتي كانت على وشك الانتهاء منها مع نهاية دوام ذلك اليوم، وبدا أن اهتمام ناديا قد تحول فجأة لينصب على نور وحدها وكأنها لم تعد ترى غيرها في ذلك المعهد:
– رائع .. مدهش، لقد امسكت زمام الفن السريالي باحتراف يا نور، لا شك أن لديك خيال خصب جدا!! ثم أنه لا يوجد سوى قلة ممن يستطيعون اظهار تفاصيل دقيقة كهذه في الظلام!
أما سوسن فقد جفلت و شعرت بدوامة تكاد تفقدها الوعي للمرة الثالثة في هذا اليوم، وقد هزها مشهد اليد التي رسمتها نور وهي تنازع للخروج من بين ظلمة الأمواج المتلاطمة وسط ليل حالك تلفه الغيوم..
– ما هذا يا إلهي!! أتراها قد اطلعت على كابوس نومي فأتت لتجسده أمامي في كل لحظة!!
ظلام في ظــــلام في ظـــــــــــــلام
ولم يخف على نور ذلك الاثر الذي انطبع على وجه سوسن الجالسة قربها وقد بدأت تدرك جانبا مما يدور بخلدها، فربتت على كتفها هامسة:
– لم انتهي من لوحتي بعد يا عزيزتي، اطمئني فستكون أكثر تفاؤلا بعد قليل إن شاء الله
فنظرت اليها سوسن متسائلة:
– أهذه تجسيد لآية أخرى يا نور؟؟
فأومأت نور برأسها ايجابا:
– ” ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها!”
و كأروع لمسة ريشة من يد أعظم فنان، بزغ نور باهر من وسط تلك الظلمات، ليحيل جو اللوحة إلى معنى آخر وضحته نور بقولها:
– ” ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور!”
ولأول مرة تلاحظ سوسن وجود أيهم قبل أن يفاجئها كعادته وقد تسمرت عيناه على لوحة نور باهتمام خاص، غير أنه سرعان ما تجاهل ذلك كمن يقاوم الاستسلام لأجواء تلك اللوحة خشية أن تفسد عليه أجواءه الخاصة، فطبع قبلة على رأس سوسن هاتفا بمرح:
– هيا يا ملاكي لقد مللت الانتظار..
فما كان من نور إلا أن انسحبت من قربهما بهدوء وأدب خاصة وأن وقت الدوام قد انتهى، ولم يبق في المعهد سواها هي وفتاتين على الأكثر إضافة لسوسن وخطيبها، غير أن ايهم انتبه لها فرمقها بنظرات غريبة وهو يخاطب سوسن بصوت خفيض:
– من هذه الفتاة الغريبة؟؟ لم أتوقع أن معهدكم يستقبل أمثال هذه الأشكال!!
لم يرق لسوسن تلك اللهجة التي تحدث بها أيهم عن نور، فبدا ذلك جليا على وجهها وهي ترد عليه بقولها:
– إنها من أفضل الموجودين هنا بل وقد أصبحت أعز صديقاتي أيضا..
فحملق فيها أيهم بدهشة:
– سوسن ماذا أصابك!! هل حقا ما تقولينه!! هل هذه .. صديقتك!!
فأجابته سوسن بحدة:
– ولم لا!!
فابتسم أيهم محاولا تدارك خطأه الذي أحرجه مع خطيبته، قائلا:
– حسنا يا حبيبتي لا داعي لكل ذلك الانفعال، كنت أمزح فقط فلا تفسدي لحظات لقاءنا هذه..
وأخرج من جيبه بطاقتي دعوة قائلا:
– لقد دعينا لحضور افتتاح المتحف الوطني عصر هذا اليوم..
فنظرت اليه سوسن متسائلة؛ وقد بدأ التعب يلوح أمامها مذكرا فيما إن فكرت ببذل مجهود اضافي هذا اليوم:
– هل يتوجب علينا الحضور؟
فأجابها أيهم:
– انها فرصة لا تفوت يا عزيزتي فسيحضر كبار الشخصيات وحتى الوجهاء و الوزراء، وكما تعلمين فإدارة المتحف يهمها استقطاب كافة المشاهير والنجوم في حدث كهذا، فهذا مما يشجع الجميع على ارتياده، لا سيما وأنهم تكلفوا مبالغ باهظة من أجل انجازه..
فتنهدت سوسن موافقة:
– حسنا، ولكن ألن نذهب لتناول الغداء أولا؟؟ لقد أعدت لك بهجة طبقك المفضل.. كما أن والداي بانتظارك ..
وبحركة مفاجأة، ثبت أيهم يديه حول خاصرتيها و حملها وهو يدور بها بمرح:
– طبعا يا ملاكي..
في حين أخذت تتوسل إليه:
– كفى يا أيهم انزلني أرجوك
ولم تستطع سوسن رفع عينيها عن الأرض من شدة الحرج في حين تأبط أيهم ذراعها باسما:
– هيا بنا يا حبيبتي للمنزل، فما زال أمامنا متسع من الوقت حتى موعد الافتاح..
كانت اللحظات التي تقضيها سوسن مع خطيبها عندما يزورها في منزلها من أجمل لحظات حياتها، فلا أحد هناك ينغص عليهما جلستهما بنظرات حادة أو متلصصة، وكان أيهم يدرك ذلك جيدا غير أن طبيعة نجوميته وشهرته جعلته يعتاد البقاء تحت الأضواء دائما، مما جعله يستوحش البعد عنها..
وعلى أريكة مريحة استرخى أيهم مغمضا عينيه نصف إغماضة بعد وجبة شهية تناولها مع عائلة سوسن، فيما جلست هي قبالته تتأمل قسمات وجهه بمحبة، حتى إذا ما فتح عينيه فجأة صرفت بصرها للجانب الآخر، مما جعله يبتسم قائلا:
– أنت تحبينني يا سوسن، أليس كذلك؟؟
فاحمرت وجنتيها قبل أن تقول بلا مبالاة مصطنعة:
– وما الغريب في ذلك فأنت خطيبي!
وهمت بأن تقول شيئا بدت مترددة فيه ثم آثرت الصمت إذ لم يبد لها الجو مناسبا لذلك، فشجعها أيهم على البوح بما لديها وهو يتناول يديها ويخبؤهما بين كفيه قائلا:
– أخبريني يا سوسن، ما الذي كنت تريدين قوله.. اظنه الشيء الذي كان يزعجك في الصباح، أليس كذلك يا حبيبتي؟
تسارعت نبضات قلب سوسن بشدة، وزاد احمرار وجنتيها، فلأيهم سحر لم تستطع الفكاك من أسره حتى هذه اللحظات، لذا كلما ظنت بأنها تمتلك من القوة ما يمكنها من مواجته بما يزعجها منه، خابت ظنونها أمام سحره الآسر فتخونها الكلمات بل ولا تعد تشعر بأن لها معنى.. إنها تحبه.. بل وتعشقه بجنون.. وتتمنى لو.. لو أنها فقط.. لا تدري كيف تقولها أو تواجهه بها.. فهي لا تريد أن تفكر باقل احتمال قد يجني عليها خسارتها له..
وكم كان يسعد أيهم ذلك منها، فيقينه من حبها له وهيامها وتعلقها الشديد به كان يشعره بنشوة لا حدود لها، كيف لا وقد امتلك قلبا يتمنى الجميع أن يحظى بعطف منه!
مرت لحظات صمت قبل أن يقول أيهم وهو يحاول فك رموز الصراع المرتسم على صفحة وجهها:
– أكل ذلك يا سوسن من أجل ما أعبر به عن حبي لك أمام الآخرين؟؟ أمن أجل تلك الفتاة التي أصبحت صديقتك مؤخرا تجهمت اليوم وأنا أحملك يا حبيبتي؟
فهزت سوسن رأسها نفيا:
– لا علاقة لصديقتي تلك بالأمر، فقد قلت لك مرارا قبلها أنه لا داعي لذلك الاستعراض أمام الجميع!!
فرمقها أيهم معاتبا:
– ذلك ليس استعراضا!! أنه حبي الكبير لك وأريد من العالم كله أن يعرف ذلك..
فاستدركت سوسن معتذرة عن كلمتها قائلة:
– لم اقصد ذلك يا أيهم.. ثم إن ذلك لم يعد يهمني الآن.. انني..
وصمتت قبل أن تقول بتنهيدة بثتها آهاتها كمن يحاول ازاحة جبل ثقيل عجز عن مجرد زحزحته:
– أنت تدرك تماما مقدار حبي لك..انني يا ايهم .. انني أتعذب بحبك.. وأريد التأكد فقط..
و لم تستطع اكمال جملتها وقد أخذت تجهش بالبكاء، فنهض أيهم من مكانه وجلس إلى جانبها وهو يحيطها بذراعه:
– سوسن أخبريني.. مم تريدين التأكد يا حبيبتي، اقسم لك أنني أحبك ولن أحب أحدا سواك وسأظل أحبك حتى آخر رمق في حياتي.. فهل صدر مني ما يجعلك تشكين في ذلك؟؟
ورويد رويدا بدأت سوسن تهدأ وهي تحاول التقاط انفاسها المتلاحقة، وصورة ذلك الحفل تلوح في مخيلتها، كيف لها أن تخبره!! لقد كانت نظرات الرجال تلتهم كل جزء من جسدها دون حياء.. بل وأمام ناظري خطيبها دون أن يبدي امتعاضه من ذلك.. بل انها.. قد هيئ لها أنه مسرور بذلك أيضا فما باله لم يعترض عندما طلب أحدهم مراقصتها، لولا أنها رفضت ذلك يشدة!! كانت تريد التأكد فقط من أنها كانت واهمة وأنه ما كان ليرضى بأن يشاركه أحد في حبيبته.. ألا يغار عليها من تلك العيون النهمة!! ألا يسوؤه نظراتهم الجشعة اليها!! أليس هذا هو الحب الذي تعرفه!! لقد كانت تود التأكد فقط.. لو أنه يحبها حقا لذاتها هي، وليس لكونها مجرد دمية جميلة يتباهى بامتلاكها أمام الآخرين.. لكن.. كيف تصارحه بهذا الكلام!! وكيف تعبر له عن ما تشعر به من أسى جراء ذلك دون أن يسئ فهمها!!
وأمام الحاحه الشديد عليها نطقت أخيرا وهي تنتقي كلماتها انتقاء لتعد جملة حاولت جاهدة اخراجها بشكل طبيعي:
– لقد ساءتني نظرات الرجال كثيرا في تلك الحفلة..
وصمتت فنظر اليها ايهم متسائلا بتعجب:
– أهذا كل ما في الأمر!! إن هذا أمر طبيعي فقد كنت الأجمل والأروع بل و ملكة الحفلة كلها دون منازع!!
فقالت سوسن وهي تحاول وصف مشاعرها:
– لكنها لم تكن نظرات عادية.. شعرت بأنهم يلتهمونني التهاما رغم أن منهم من كان في عمر والدي.. وهذا لا يحتمل!!
فرد عليها ببرود:
– إن الموضوع لا يستحق كل هذا الانزعاج منك، تجاهليهم فقط و لا تلقي لهم بالا..
ورغم خيبة رجاء سوسن بذلك الرد الباهت، إلا أنها قالت بتردد:
– ألا يزعجك هذا يا أيهم!! ألا.. ألا تغار علي!!!
بوغت أيهم بذلك الكلام، فرمقها بنظرة حادة قائلا:
– لا شك أن لتلك الفتاة المعقدة يد فيما أصابك، لقد أثرت على تفكيرك بشكل لا يصدق، وإن يقيت على علاقة معها فلا أدري إلى ما ستؤول إليه الأمور بيننا!!
ونهض من مكانه تعبيرا عن احتجاجه، فأسرعت سوسن تتشبث به بتوسل:
– أيهم أرجوك لا تسئ فهمي، فلا دخل لنور بما حدثتك عنه، إنها مشاعري أنا ولا دخل لأحد بها، فلا تجعل هذا الكلام يؤثر على علاقتنا، ألست أنت من أصر على معرفة ما يضايقني؟؟
فالتفت إليها أيهم ونظر اليها بنظرة عميقة نفذت إلى مجامع قلبها لتترك أثرها المعهود فيه، ثم ضمها إلى صدره قائلا:
– دعك من هذه السخافات يا حبيبتي.. فأنا أحبك وكفى..
لم تدري سوسن كيف مرت اللحظات بعدها غير أنها ازدادت اقتناعا بصعوبة فتح موضوع كهذا مع أيهم، وآثرت التحاشي عن كل ما قد يزعجه منها، خاصة و أن هناك ألف فتاة غيرها مستعدة للتضحية بنفسها من أجله!
 
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
شعار نبراس

تركته لأجلك! – الحلقة 5

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

… ما أن وقعت عينا سوسن على لوحة نور؛ حتى اقشعر جسدها ودارت بها الدنيا وكأنها تدخل عوالم غريبة تراها للمرة الأولى، فبحثت عن شيء تستند اليه خشية السقوط حتى ارتكزت على نور الواقفة إلى جوارها مرددة:
– مستحيل.. أهذه مجرد لوحة طبيعية عادية!! هذا سحر بلا شك!!!
واغرورقت عيناها بالدموع دون أن تعرف السبب الحقيقي لذلك:
– بالله عليك ما هذا يا نور!!
فربتت نور على كتفها:
– و ما الذي ترينه أنت يا سوسن؟
فاعتدلت سوسن في وقفتها وهي تحاول الحفاظ على توازنها قائلة:
– أشجار عارية متحطبة ومحطمة تلفها أمواج وبحور أو ربما.. ضباب وغيوم ومطر بل إنني أكاد أسمع صوت الرعود.. وهناك نور تنقشع من حوله ركام الغيوم و بقعة مضيئة تزهو بأشجار باسقة مورقة وألوان زاهية…..
وصمتت سوسن متنهدة تحاول التأكد من أن هذا هو ما تراه حقا، أم أنه ما استطاعت النطق به فقط! فعلقت نور:
– كأنك شاعرة!! إن لك روحا شفافة ونفسا مرهفة الاحساس جدا يا سوسن ما شاء الله..
فابتسمت سوسن:
– ليس إلى هذه الدرجة ولكن يبدو أن لوحتك تفجر القرائح!
فضحكت نور:
– تعادلنا إذن..
ثم سألتها بجدية أكبر:
– ما هو الشعور الذي راودك وأنت تنظرين إلى اللوحة؟
فصمتت سوسن قليلا قبل أن تقول:
– لا أعرف.. لا استطيع تحديد ما أشعر به تماما.. فقد لا يكون كذلك.. انه الفرق بين الظلمات والنور.. الموت والحياة.. اليأس والأمل..
وبدا أن سوسن اندمجت تماما في جو اللوحة وهي تقول بتأثر شديد:
– يا إلهي انني أشعر برغبة شديدة بالبكاء…
يـــــــــارب..
فهتفت نور برضا:
– الحمد لله لقد وصلت الرسالة اذن..
فالتفتت اليها سوسن بعيون متسائلة:
– ما الذي تقصدينه يا نور انني لا أفهم شيئا!!
فأشارت إليها نور أن تجلس ، وهي تسترخي على مقعدها قائلة:
– سأخبرك يا سوسن ولكن استريحي أولا فإنني أخشى على قدميك من التورم إن بقيت واقفة هكذا..
وبعد أن جلست الاثنتان قالت نور:
– إنها رسالتي يا سوسن وهدفي في هذه الحياة..
ثم ابتسمت نور وهي تتابع نظرات سوسن قائلة:
– لن أطيل عليك الحديث فأمامك عمل عليك انجازه..
فقاطعتها سوسن بلهفة:
– لا بأس يمكنني فعل ذلك لاحقا لا تقلقي، المهم أكملي بعد اذنك، أود أن أعرف كل شيء عن هذه اللوحة، فقد لمست أوتارا حساسة في نفسي..
فابتسمت نور:
– حسنا.. هل سمعت عن قوة النية التي بدأ الناس يتحدثون بها مؤخرا؟
فأومأت سوسن برأسها:
– أظن أنني سمعت شيئا عن هذا القبيل وإن كنت لا أدري ما هو تحديدا، فليست هذه المواضيع من اهتماماتي..
فتابعت نور:
– المهم انك سمعت عن ذلك، وهذا هو بيت القصيد، لقد بدأ العلماء في كل مكان يتحدثون عن النية كعلم بحد ذاته كما كثر الحديث في الاونة الأخيرة عن مواضيع تنمية الذات كطريق للنجاح و ما إلى ذلك، ورغم انني مثلك لم اتابع كل ما يقولونه بهذا الصدد ولكنني ازددت يقينا بأهمية تمسكنا بديننا لنضمن النجاح والسعادة في الدنيا قبل الآخرة، و لكفانا هذا مؤنة متابعة ما يكتشفه العلماء في الخارج لنأخذ التطبيق عنهم، فمثلا في موضوع النية؛ بين لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم أن الأعمال بالنيات وأن لكل امرء ما نوى، وهذا ينعكس فعلا في أعمالنا، افلا تلاحظين الفرق مثلا بين معلم يوبخ تلاميذه وهو يتمنى لهم الخير من أعماق قلبه وبين معلم يوبخهم ليثبت ذاته أمامهم!! النية هي الأساس دوما ولها أثرها على ثمرات الأعمال وان بدت متشابهة في الظاهر..
ولسبب ما شعرت سوسن بمثال آخر يتراقص امام ذهنها ” الفرق بين رجل يعامل خطيبته بلطف وهويحبها بصدق وآخر…”، لكنها أوقفت تفكيرها عند هذا الحد بسرعة، في حين التقطت نور نفسا عميقا قبل أن تتابع:
– لطالما كنت أتمنى تقديم شيء أخدم به أمتي بل والانسانية جمعاء، ثم وجدت نفسي اتأثر كثيرا لحال من أضاع الدرب وغرق في الظلمات فعاش حياته في بؤس وشقاء، ولطالما تمنيت أن يستعملني الله و أكون سببا لنشر النور في هذا العالم و إخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولأنني كنت أهوى الرسم ولي موهبة خاصة فيها فقد علمت أن هذه هي ثغرتي التي اختارني الله لها، فقرأت كثيرا عن اثر الفن في الناس حتى استطعت تكوين نظرياتي الخاصة بهذا الصدد.. انني احب الطبيعة وأشعر انها تناديني لتزيدني قربا من خالقي، فلا تمر علي آية في كتاب الله ورد فيها دعوة للتفكر والتدبر او تشبيها مقتبسا من ايات الله في كونه إلا وهتف قلبي ” ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك..” وأنا اراها لوحة مجسدة أمامي، ثم خطر لي أن أنقل مشاعري هذه لجميع الخلق لعلها تترك أثرا حسنا في قلب أحدهم فأساهم في إنارة دربه بإذن الله، وترسم البسمة والأمل على شفاهه من جديد..
وصمتت نور في حين أخذت سوسن تعيد النظر بتأمل أعمق في اللوحة الغريبة، قبل أن تسألها:
– ولكن كيف تفعلين ذلك! ما زلت لا أفهم!!
فأجابتها نور:
– انها “قوة النية”، كلما كانت نياتنا أصدق كلما أعطت تأثيرا أقوى بعون الله، ما عليك إلا أن تجعلي الفكرة في رأسك ومن ثم أخرجيها على الواقع مستعينة بالله..
وأشارك إلى لوحتها متابعة:
– ما هذه اللوحة مثلا الا انعكاسا لما شعرت به تجاه الاية (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)! فبعد أن تركت تأثيرا قويا في نفسي، وددت لو أتمكن من نقل هذا التأثير عبر لوحة معبرة، وأرجو أنني نجحت في ذلك..
بدت سوسن مأخوذة تماما بما تسمعه للمرة الأولى، فمرت لحظات صمت حاولت فيها أن تستوعب ما قيل قبل أن تطلب من نور إعادة تلاوة الاية على مسامعها، متفكرة فيها كما لم تتفكر في آية من قبل!!
(أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها)
وأخذت مشاهد ذلك الكابوس تتجسد أمامها مجددا.. ظلام في ظــــلام في ظـــــــــــلام..
فرددت نفسها التي شعرت بقسوة الظلام الذي يلفها كما لم تشعر به من قبل:
– يارب أخرجني من الظلمات إلى النور..
امتلأ المعهد بالفتيات اللاتي أبدين انطباعات مختلفة أمام لوحة نور، ما بين متأملات منبهرات، إلى مسترقات للنظر إليها خشية أن تظن بأنهن مهتمات بها!! ولم تستطع الآنسة ناديا إخفاء إعجابها الشديد بما تراه، غير أنها علقت بقولها:
– لا تستطيعين تصنيف هذه اللوحة ضمن المناظر الطبيعية، انها أقرب للفن السريالي!
فأومأت نور برأسها موافقة:
– ربما، فأنا لم أدرس الفن من قبل ولا أعرف كثيرا بالمسميات.. كل ما امتلكه هو الموهبة وحب التأمل في الطبيعة ثم تصويرها كما أراها والحمد لله، لذا اتيت هنا لأصقل موهبتي بالرسم..
فابتسمت ناديا لأول مرة:
– يسرنا أن نكون عونا لك في هذا الأمر، فسيكون لك شأن في مجال الفن مستقبلا بلا شك..
فبادلتها نور ابتسامتها مرددة:
– إن شاء الله..
ثم استدركت ناديا فجأة:
– أهذه هي اللوحة التي بدأتها بالأمس فقط!!
فهزت نور رأسها بالايجاب موضحة:
– أجل ولكن تصوري عنها كان منطبعا في ذهني سابقا..
فتمتمت ناديا:
– أنت موهوبة بالفعل!!!
وبصورة مفاجئة أخرى ودون سابق انذار قالت:
– أتستطيعين انجاز تسع لوحات أخرى خلال هذا الأسبوع يا نور؟
فنظرت اليها نور بدهشة:
– تسع لوحات!! هذا كثيرا!!
لكن ناديا شجعتها بقولها:
– لو أخذنا بعين الاعتبار معدل انجازك لهذه اللوحة الرائعة، لما كان ذلك مستحيلا بحق تسع لوحات أخرى خلال أسبوع..
وبتردد سألتها نور:
– ولكن لماذا خلال أسبوع فقط!!
فأجابتها ناديا باسمة:
– لتشاركي في المعرض العالمي بالطبع!!
كانت هذه فرصة ذهبية أمام نور، تستطيع من خلالها تحقيق أهدافها التي تسعى إليها، فرواد ذلك المعرض سيفوق عددهم الآلاف، وهي فرصة نادرة بلا شك، لعل الله أن يكتب لها أجر كل من شاهد لوحاتها لتترك أثرا ايجابيا في نفسه..
فقالت أخيرا:
– سأحاول فعل ذلك وسأبذل جهدي إن شاء الله..
فشجعتها سوسن بقولها:
– ستنجحين بلا شك يا نور..
وغمزتها باسمة:
– انها فرصتك لتحقيق هدفك..
و أكدت ناديا كلامها بحماسة:
– انني واثقة من هذا النجاح يا نور كما تقول سوسن، فابذلي جهدك يا عزيزتي وسأكون إلى جانبك حتما..
ولم يخف على أحد من الحاضرين معرفة سر حماسة ناديا لمشاركة نور، فكلما زادت مشاركات المعهد ارتفعت مكانته وذاع صيته بشكل أكبر، وبالتأكيد لن تفوت ناديا فرصة كهذه بكل ما اوتيت من قوة، فحسها الفني أخبرها بأن للوحات نور مستقبل ناحج ولا بد أن يكون للمعهد نصيبا منه!
ورغم بعض النظرات الحاسدة التي سُددت نحو نور بحدة، اثر ذلك الاطراء الذي انهمر عليها بعد اقل من يومين من التحاقها بالمعهد، إلا أن الكثيرات بدأن ينظرن إليها باكبار شديد، حتى أن بعضهن أخذن يحاولن التقرب منها، بعد أن كسرن ذلك الحاجز الذي بنينه بأوهامهن بينهن وبينها، وقد تأكدن من أن مظهر نور الخارجي، ليس بذلك السوء الذي تصورنه في البداية، أما سورا التي لم يعرف أحد سر تجهم وجهها الشديد هذا اليوم بالذات، فقد آثرت الصمت متجنبة خوض أي حديث مع كائنا من كان، وهي غارقة تماما مع نفسها بعد أن نسجت شرنقة محكمة حولها ليتسنى لها دراسة أفضل الوسائل والطرق الممكنة لحياكة خطتها الجديدة التي عزمت على تنفيذها، بعد أن كادت تموت حنقا وكمدا وهي تشاهد أيهم يحتضن سوسن أمام المعهد ويحادثها بحب أعماه عن رؤية من سواها، لقد تحملت الكثير من تجاهله لها ولا بد أن تتدارك الأمر قبل فوات الأوان..
 
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم