هل سمعتم عن الليدي اوسكار؟
أجل.. أنه أنمي الشوجو الشهير، الذي اعتبره البعض من أفضل الأعمال ضمن تصنيفه، رغم أنه من الأعمال القديمة!
كان له تأثير كبير، وحقق شهرة واسعة، وربما لا يزال البعض من الجيل القديم يذكره؛ بصفته من أكثر الأعمال التي علقت بأذهانهم، وأثرت في نفوسهم!
لن استفيض هنا بالحديث عن قصة هذا الأنمي، فهذا ليس محور حديثنا الآن، ولكن ما يهمنا هو ما وراء هذا العمل!

المانجاكا القديرة “ريوكو اكيدا”، صاحبة مانجا “ليدي اوسكار، أو “زهرة فيرساي”!
يٌقال أن هذه المانجاكا من شدة إعجابها بالثقافة الفرنسية، وانبهارها بحياة النبلاء في قصر فرساي، والقصص الشائكة حول حياة ماري انطوانيت (الملكة الحاكمة، زوجة لويس السادس عشر)؛ قررت صناعة مانجا تتحدث عن حياتها بالتفصيل! لكن المحررين اعترضوا لكون هذه القصة لا تناسب الجمهور الياباني، ولن تحوز على رضاهم! كان التحدي كبيرا امام ريوكو!! فهي مصرة على الكتابة عن ماري انطوانيت (زهرة فرساي) – هذا هو سبب التسمية، فزهرة فرساي صفة اقرب لماري انطوانيت منه لليدي اوسكار- ولكن حتى يتم حلّ الاشكالية؛ تم ابتكار شخصية أخرى، تثير اهتمام اليابانيين، ألا وهي شخصية “ليدي اوسكار”!
وطبعا.. يجب ابتكار قصة كاملة لهذه الشخصية، حتى تكون إضافتها منطقية ومقنعة، فتم ابتكار شخصية “اندريه جراندير” ليكون رفيق طفولتها!!
مع إضافة هاتين الشخصيتين (ليدي اوسكار وآندريه جراندير)، أصبح للمانجا طعم آخر تماما!!
وهكذا.. ربحت السيدة ريوكو التحدي، وصمدت سلسلتها في المجلة حتى النهاية، بل واصبح لها أنمي بلغت شهرته الآفاق!

العبرة:
قد يجد البعض أنه من الصعب تقديم القصص التاريخية بقالب ماتع وشيق، أو أننا سنكون محصورين ضمن نطاق ضيق وحسب، ولكن المؤلف أو المانجاكا الذكي سيكون بإمكانه توظيف إمكانياته وإضافة نكهاته الخاصة بما يضمن نجاح عمله بإذن الله!
وقد صدّر الاديب الكبير “نجيب الكيلاني”- رحمه الله- إحدى أشهر أعماله الادبية “الرايات السوداء” بعبارة شهيرة لأحد الأدباء الغربيين:
“ما التاريخ إلا مشجب أعلق عليه لوحاتي”

الكتابة الادبية والفنية عن التاريخ؛ تختلف عن توثيقه المجرد!
فالاديب والفنان أو المانجاكا؛ سيهدف بشكل اساسي لتقديم عمل شيق وجذاب للجمهور؛ في حال أحب أن ينتشر عمله بينهم!
وهنا تكون الموزانة بين قيمه ومبادئه ورسائله التي يرغب في تقديمها أو تعريف الناس بها، وبين الاضافات الذكية التي يستقطب من خلالها الجمهور فيؤثر فيه!
وهنا اشير لشيخ الادباء الملقب بأديب الفقهاء وفقيه الادباء، الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، والذي تجلت تلك الموازنة بشكل واضح في كتابه الرائع الماتع المؤثر:
“قصص من التاريخ”!
كان يعرض قصصا تاريخية، باسلوب سلس شيق، يضمنها الكثير من الاضافات الذكية المؤثرة، كما في قصة “قضية سمرقند”، والتي أوردها في عدة صفحات في حين أن الحقائق المتعلقة بتلك الحادثة التاريخية لا تتجاوز ثمانية أسطر، كما ذكر الشيخ رحمه الله!
(انصح بقراءة كتاب “قصص من التاريخ” للشيخ علي الطنطاوي بشدة، فقد تطرق لكافة التصنيفات إن صح التعبير، العاطفية والدرامية والماساة وحتى الاكشن والخيال؛ وكل ذلك في قوالب تاريخية حقيقية!)
_

هناك العديد من الافكار والاقتراحات في هذا الصدد، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
عند الحديث عن الصحابة او التابعين او سير الانبياء؛ قد لا يشترط جعلهم شخصيات في عالم القصة؛ وإنما قد يقوم المؤلف بابتكار شخصيات خيالية، يجعلها تقتدي بالصحابة أو الرسل؛ فيأتي ذكرهم على لسان الشخصية بطرق ابداعية!

*يمكنكم ملاحظة ذلك في الفصل الثالث من مانجا مدرسة الفروسية، حيث تمت الاشارة للصحابية الجليلة السيدة اسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وهنا رابط الفصل:
https://nebrasmangaka.com/2023/7/madrasset-alfurussiah-chapter-03/



ونسأل الله التوفيق للجميع..

وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

قائمة مواضيع سلسلة “الوعي قبل السعي للمانجاكا”

  1. بين الثقافة العربية والمانجا اليابانية

  2. الهدف القوي

  3. الإضافات الذكية، للقصص التاريخية

  4. بين التركيز على الهدف والاستمتاع بالرحلة (ملعقة الزيت 🥄)

  5. الشخصية الآسِرة

  6. لكل مؤلف يبحث عن رسام

  7. قاعدة الزئبق الذهبية في تكوين فريق العمل

إضافة تعليق

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني *الحقول المشار لها بنجمة هي حقول إلزامية