تركته لأجلك! – الحلقة 34

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

تنهد سامر وهو يصحو من سيل ذكرياته تلك ليجد نفسه واقفا كما هو أمام لوحات نور في المعرض العالمي، غريب أمر القدر!! لماذا يصر على تذكيره بها كلما ظن أنها خرجت من حياته للأبد!! لوحة الوردة الحمراء تحديدا.. انها الوردة نفسها بلا شك.. تلك التي وقف يتأملها طويلا قبل عامين بعد تلك الحادثة، آخر لوحاتها في معهده.. لوحة لم تكتمل، كانت تلك هي آخر رسائلها إليه!!
ما زال يذكر تفاصيلها وكأنها أمامه..
وردة حمراء يحيط بها جدار منيع له باب وحيد، وأيادي تحاول الوصول إليها عبر النوافذ الضيقة لكنها تنزف وتتقطع قبل أن تتمكن من لمسها…
الرسمة لم تكتمل ولن تكتمل، فقد غادرت نور معهده بلا رجعة!! لكنه فهم مغزاها!! لم يعد يشك بأنها موجهة له شخصيا!! يومها أخذ يتأملها كمن يراها للمرة الأولى، بدت لوحة يتيمة على (مسندها الخشبي)، بعد أن فقدت أمّها قبل الفطام!! منذ متى بدأت برسمها!! هل كانت تحاول منذ البداية ايصال تلك الفكرة اليه! لم يكن متأكدا من هذه النقطة بالذات! لو كانت كذلك فعلا، فهذا يعني انه احتل جزءا من تفكيرها وهو لا يدري!
لقد أوشك على انهاء عقده الثالث دون أن يعثر على فتاة يرضاها شريكة له، كان ذوقه صعب الارضاء، فلم تفلح أي واحدة من قريباته بترشيح من ترضاها روحه!!
أما نور فقد كانت الوحيدة التي تمكنت من التربع على عرش قلبه، وكأنها الفتاة المنشودة التي طالما انتظر ظهورها في عالمه، لولا ذلك الاختلاف بينهما!! أسلوبها المتحفظ الذي لا يناسب أسلوب حياته! ومع ذلك.. كان يرغب في ردم تلك الفجوة بينهما.. لولا ذلك الحادث!! لقد أصبح الوصول إليها مستحيلا! حاول أن ينساها ولكن دون جدوى، لا سيما وأن لوحاتها لم تزل صامدة في معهده! وحتى أن فكّر في إزالتها، فهي محفورة على جدران قلبه!! كانت هذه هي المشكلة الحقيقية، لقد ارتبطت نور بأوثق عالم يخصه.. عالم الفن الذي لا حياة له من دونه! نسيان نور، يعني نسيان عالم الفن، وهذا هو المستحيل بعينه!!
كان يحاول معرفة أخبارها، وتتبع آثارها بين الحين والآخر، حتى جاء اليوم الذي سمع فيه اسوأ خبر يتوقعه، يومها غامت الدنيا في وجهه، وشعر بحزن فاجأه!! لم يكن يتوقع أن تكون ردة فعله ازاء خبر زواجها مؤلما إلى هذه الدرجة!! لم يكن يراها، كما لم تكن بينه وبينها أي وسيلة اتصال خلال سنة ونصف تلت آخر يوم رآها فيه، فما باله يكترث لخبر زواجها بهذا الشكل!! هل كان يحبها حقا!! لو كان كذلك، فلماذا لم يتقدم لخطبتها مباشرة! لماذا لم يبذل أي جهد للمحاولة من أجلها!! ما الذي كان ينتظره!! لقد عرف وقتها معنى الندم لأول مرة في حياته!!
عجيب أمر هذه الحياة.. وعجيب أمر هذا القلب!!
هل كتب عليه أن يعيش مأساة جديدة في أقل من ثلاثة أشهر!!
لقد نجح في تخطي تلك الأزمة، (خبر زواج نور!) بعد أن أقنع نفسه بأنها لم تكن الفتاة التي تناسبه، واكتفى باعتبارها مجرد ذكرى جميلة تركت أثرا حسنا في معهده، وانخرط في عالمه الفني من جديد، مستعيدا حماسته وحيويته، خاصة وقد أصبح مشغولا بالاعداد والتنظيم للمعرض العالمي، حيث تم تعيينه مسؤولا مباشرا عن تقييم اللوحات المشاركة..
حتى ذلك الحين.. لم يكن يؤمن بنظرية الحب من النظرة الأولى!!
لكن رؤية سوسن كان كفيلا بتغيير تلك العقيدة..
لقد دخلت قلبه بلا استئذان ومن النظرة الأولى!! حتى إذا ما كذّب ظنه، جاءت المتواليات بعد ذلك تثبت له أنها هي الفتاة المنشودة هذه المرة، كان ذلك هو احساسه دون أن يجد دليلا واحدا يثبت كلامه!! لسبب ما شعر بأنها نسخة من (نور) في حلة جديدة تناسبه تماما، وكأن ما تفرّق من (نور) قد اجتمع فيها، فغدت مثالا كاملا لما كان يفتقده!! ليكتشف فيما بعد أنها صديقتها! أفيعقل أن يكون هذا هو سبب حبه لسوسن من النظرة الأولى!! هل أدركت روحه ذلك قبل أن يدركه عقله وتبصره عينه!!
لكن الحياة أبت إلا أن تسخر منه مجددا..
فلئن كانت الفتاة الأولى محافظة يصعب التفاهم معها، فالثانية مخطوبة يستحيل الوصول إليها!!
انها مرتبطة بشاب.. تهيم في حبه!!
حاول تجاهل ذلك بداية، حتى إذا ما رأى تلك اللوحة التي أبدعتها أنامل نور، كاد أن يغشى عليه من وابل الذكريات التي انبثقت في وجهه فجأة!! أما زال طيف نور يصر على ملاحقته أينما ذهب!! لقد فهم الرسالة للمرة الثانية.. فلم يستطع البقاء أكثر وقتها!!
تنهد سامر وهو يتأمل اللوحة التي حوت الوردتين مرة أخرى، كالواقفين على الأطلال! اليوم هو اليوم الأخير في المعرض العالمي، وسينتهي كل شيء!!
ما باله يذكر خيبة أمله مع نور في هذه اللحظات بالذات!! هل سيكرر التاريخ نفسه!! لقد حوت اللوحة تحذيرا مبطّنا لسوسن، فهل أقنعتها!!
وأخذ ينفض الفكرة من رأسه خشية أن تؤثر على قلبه فيؤمن بها، وهو يقنع نفسه باستماتة:
– كلا.. سوسن مختلفة.. إنها تشبهني أكثر، ولن يتكرر الموقف مرتين.. فلئن خسرتُ نور إلى الأبد، فهذا لأنها لم تكن (النصف الذي يكملني)، ولا المثال الذي أرجوه! لن أتراجع هذه المرة، سأصارح سوسن بحبي مهما كلفني الثمن، قد لا أرتبط بها ولكن يكفيني إزاحة هذا العبء عن كاهلي، فلن أندم مرتين!!

***

لم تكن نور في حالة جيدة صباح ذلك اليوم، فقد تركت مكالمة سوسن ليلة أمس أثرا أكبر مما تخيلته على نفسها، الاستاذ سامر!! لقد مر على ذلك وقت طويل..
هل كانت تتخيل أن تمر بتجربة كتلك التجربة من قبل!! كان جل تركيزها منصبا على هدف واحد.. فكيف حادت الأمور عن هذا المسار فيما بعد!!
نور.. الفتاة المشهورة بالتزامها الشديد، والتي ما غامرت بدخول معهد الفن الحديث إلا بعد أن علمت بانتساب العديد من الفتيات إليه مما طمأنها لاستحالة وجود أي خلوة محتملة.. فقد كان هدفها ابتغاء رضى الله فيما تسعى لتحقيقه، ومحال أن تسلك طريق لا يرضاه الله لتحقيق ذلك الهدف!
“الدعوة عن طريق الفن”.. حلم راودها لزمن طويل، غير أنه كان ينقصها الخبرة لتتقن لوحاتها بشكل يليق بذلك الهدف السامي، كانت بحاجة ماسة لمرشد يأخذ بيدها، وقد كان الاستاذ سامر ذلك المرشد!! لقد كان بارعا.. فنانا محترفا، شغوفا بعمله ومهتما به، وفوق ذلك كله، كان مثالا لحسن الخلق والذوق في التعامل والاحترام، رغم عدم التزامه الشرعي الواضح..
كان هذا هو انطباعها عنه بداية، ولا زالت تذكر اليوم الذي تمكنت فيه من إنجاز أول لوحة بإتقان، يومها دعت له من أعماق قلبها وهي تشعر بامتنان شديد نحوه.. ومع ذلك؛ كانت حريصة أشد الحرص أن لا يتطور الحديث بينهما إلى أي موضوع جانبي، لا سيما وأنه لم يكن ملتزما من الناحية الشرعية، متحررا بطبعه، ولا يجد أدنى حرج في مصافحة الفتيات وحتى مصادقتهن!
كانت جادة جدا في تعاملها معه، ولم يخطر ببالها أن تأخذ اهتمامه بها على محمل الجد، فقد كانت تلك طبيعته برأيها ولا شيء خاص!! لكن ملاحظة إحدى الفتيات جعلتها تنتبه قليلا:
– الاستاذ سامر مهتم بك يا نور، بل أظنه معحب بك أيضا..
وقتها تمكنت من اخفاء ارتباكها بصعوبة، وهي تحاول اصطناع ابتسامة لا مبالية:
– أي أستاذ يعجب بتلاميذه المجتهدين، هذا كل ما في الأمر!
لكن الفتاة أصرت على رأيها:
– لا أظن ذلك، فدائما ما يسترق النظر إليك خلسة وباهتمام واضح، بل إنه يحرص أن يكون في المكان الذي تجلسين فيه، من الغريب أنك لم تلاحظي ذلك!!
لم تستطع أن تحدد وقتها طبيعة المشاعر التي غلبت عليها إثر تلك الملاحظة، أهو الضيق والخوف أم السرور والفرح!! هل شعرت بسعادة لأنها حازت على ذلك الاهتمام من جانبه!! هل رأى فيها شيئا مميزا يجذبه اليها! هل من الممكن أن يتغير بسببها!! العديد من الاسئلة راودتها، لتكتشف بوضوح أنها تكن له مزيجا من المشاعر، أكثر مما يكنه التلميذ لمعلمه!! غير أن التزامها وخُلُقها كانا يقفان حاجزا أمامها دائما، لا يمكنها التساهل بأي تجاوز مهما كان!!
فأقنعت نفسها بأن ذلك لم يكن إلا وهما، وحاولت ألا تأخذ تلك الملاحظة على محمل الجد، غير أن ما حدث بعد ذلك جعل لتلك الملاحظات أكبر الأثر في قلبها، خاصة وقد بدأت تربط الأحداث ببعضها.. يوم أن لمس يدها أول مرة ليتناول الريشة، هل هي مصادفة حقا!! يومها كادت القشعريرة التي سرت في جسدها أن تلقي بها مترين إلى الوراء!! فهل هذا المكان آمن!!
عندها.. كان عليها أن تواجه نفسها بوضوح.. هل أصبح ذهابها للمعهد من أجل هدفها أم من أجله هو!! لقد اختلطت عليها الأمور بعد أن لم تعد تنكر في نفسها ميلها الشديد إليه!!
لقد أحبته ولكن ما من وسيلة تدعوها للتعبير عن ذلك، فهي ملتزمة وتعرف حدودها جيدا!! يومها شعرت بمعاناة كل فتاة تقع في الحب!! إنه ليس بالأمر الهيّن أبدا!!
إنه ليس من نوعها ولا هي من نوعه، فلماذا استحوذ على تفكيرها!! لماذا أصبحت مهتمة به إلى هذا الحد!! كان قلبها يؤلمها بشدة.. ماذا لو تقدّم لخطبتها رسميا، هل سترضى به!! هل يصلح لأن يكون شريكا لبناء أسرة صالحة!! إنه معلمها ومرشدها لتحقيق حلمها، فإن كان معجبا بها حقا، فلم لا تكون سببا في هدايته!! لمِ لا يتشاركان الحلم سويا، ويعملان معا في نهضة الأمة!! لو تحقق هذا فقط؛ فستكون أسعد فتاة على وجه الأرض..
كان قلبها متشبثا بهذه الفكرة وبشدة.. لو أنه تقدّم رسميا فقط، لربما أعادت التفكير في ارتباطها بشاب لم تكن لِتوافق عليه من قبل مطلقا!!
غير أن شيئا من ذلك لم يحدث، إنه لا يزال يحوم حولها دون أن يطرق الباب، فيما أصبحت سيطرتها على مشاعرها أشد صعوبة من ترويض فرسٍ هائج!!
كان هذا هو أصعب محك وجدت نفسها فيه!! عليها أن تجيب السؤال بوضوح وصدق؛ أين أنتِ من دينك يا نور؟؟ هل أنت حقا تسيرين في طريقٍ يرضي الله!! أم أنه الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء!!
أصبح بكاؤها كل ليلة أمرا حتميا، وما زالت تذكر دعواتها في قيام تلك الليالي:
– ” يارب اغفرلي وارحمني.. يارب لا تحملني ما لا طاقة لي به، فإن كان فيه خير فقرّبه مني، وإن كان غير ذلك فأخرجه من قلبي..”
لا تدري كيف خطر لها بعدها تنفيذ تلك اللوحة..
سيفهمها بالتأكيد.. لو أراد ذلك!!
(وادخلوا البيوت من أبوابها..)
أخذت تعمل في تلك اللوحة بكامل أحاسيسها ومشاعرها، بل هي من أشعلت فيها جذوة حماستها القصوى للفن من جديد، فهي أملها الأخير..
حتى جاء ذلك اليوم الرهيب..
هل يُعقل أنه كان صادقا معها فيما حدثها به من أمر إغلاق الباب!! هل يعقل أن تحدث جميع تلك الأمور بلا قصد منه، وبمحض الصدفة البحتة!!! لا يوجد صدفة في هذه الحياة، فهل هي قدر أزلي لا دخل له به!! يومها كادت أن تدفع بها تلك الأفكار إلى الجنون! ماذا لو كان قد رتّب لحدوث ذلك فعلا!! ما الذي سترجوه بعدها من رجل فقدت الثقة به تماما!!!
إنه أسوأ يوم في حياتها بلا شك!!
قاعة كبيرة مغلقة تجد فيها نفسها وحيدة مع شاب تكن له من مشاعر الحب ما الله به عليم!! أي ترتيب شيطاني دفعهما إلى هذا الحال!! تخيّلت وقتها شياطين الكون مجتمعة في تلك القاعة تمرح وتضحك وتبارك لبعضها ذلك الجمع المأفون!!
كانت تحاول تهدئة نفسها بصعوبة وهي تردد ما تحفظه من آيات وأدعية، إلا أن توترها بات واضحا رغم حرصها الشديد على إخفائه أمامه.. إنه محترم ولن يخطر بباله أي شيء سيء بلا شك، هذا ما كانت تقنع نفسها به، غير أن الأجواء كانت تفرض سيطرتها رغما عن الجميع! الخلوة هي الخلوة!! هل كانت تتخيل أن نظراته لها لم تكن طبيعية! هل كان يحاول التعبير لها عن مشاعره في ذلك الجو المخيف!! ماذا لو أنه فكّر في…!! أولو هم بـ….!!
يا إلهي .. ما هذه المصيبة…!!
بل وماذا لو رآهما أحد على تلك الحال!!!
حتى السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها لم تنجو من حديث الافك!! فبرأها الله من فوق سبع سماوات، فماذا عنها هي!!
كان ذلك جزء بسيط مما خطر ببالها في تلك اللحظات العصيبة، وهي تحاول إعمال فكرها جاهدة للخروج من تلك الورطة، يومها خانتها كل الوسائل المتاحة؛ حتى بطارية هاتفها، كانت فارغة!! أيعقل أنه هو أيضا وراء ذلك!!! ولكن.. حتى لو تمكنت من استعمال هاتفها في ذلك الوقت، ما الذي كانت ستقوله!!!
كانت دقات قلبها تردد وبلا توقف:
– “يارب احفظني واسترني واغفرلي الذنب الذي أدى بي إلى هذا الحال..”
فيما كانت الأفكار المرعبة تتوالى عليها بشدة، حتى لو استطاعت الدفاع عن نفسها في أسوأ الاحتمالات، فكيف سيكون موقفها أمام من سيفتح لهما الباب!!
كانت كل لحظة تمر عليه كأنها سنة من الأفكار المروّعة، حتى عندما انشغل باللوحة أمامه، خُيّل إليها أنه يخطط لأمر ما، ماذا لو أن معه مخدّر!! ربما يكمّم فمه وأنفه قبل أن يفتح عبوة منوّمة لتستنشقها هي!! كانت حريصة على مراقبة تحركات يديه خصيصا، إضافة لحرصها على الابتعاد عن مجال رؤيته وهي في أشد حالات التأهب!! ولكنها قد تكون واهمة فقط، فربما كان منشغلا فعلا بلوحته، أعطاها ذلك شعور بالطمأنينة لبعض الوقت؛ فجلست تستعرض الأفكار المحتملة.. كل شيء كان سيئا!! لو جاء أحدهم لفتح الباب ورآهما على ذلك الحال فهذا سيء، ولو لم يأتِ أحد فهذا أسوأ!!! وتسارعت نبضات قلبها مع تلك الفكرة!! هل يمكن أن لا يقوم الحارس العام بتفقد الطابق الرابع قبل إغلاق البوابة الرئيسية للمبنى!! ستكون تلك الكارثة الكبرى!! أخذت تدرس المنافذ المحتملة، النوافذ مغلقة فهي لا تستخدم للتهوية، وهي من الزجاج القاسي، ولو حطمتها فربما تأذّت بالشظايا لتجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، وتزيد الطين بلة! حتى لو نجحت في ذلك فهي على ارتفاع أربعة أدوار، ولا يمكنها المجازفة بالخروج عن طريقها والسير على حافتها للانتقال من طابق إلى طابق، إضافة إلى أن منظرها سيكون مريبا وملفتا للانظار بشكل كبير! وربما تصبح موضوعا للصفحات الاولى في صحف الغد ولمدة شهر كامل!!
ماذا عن الباب!! إنه من الخشب المتين وذو دفتين، تُفتح الأولى فقط في العادة، في حين تثبّت الأخرى على غرار أبواب المراكز والمعاهد.. ولكن هل يمكنها كسره من الضربة الأولى!! فهي لم تكن ترغب ببذل جهد يستنفذ طاقتها دون نتيجة تُذكر، وربما تسبب حركتها تلك بإثارته فيقوم بتصرفات غير مبررة!!
لم تكن واثقة من قدرتها على كسر الباب، رغم أنها حطّمت ألواحا من الخشب أثناء تدريباتها المتقدمة في الكاراتيه!! كان عليها تفحّص الباب جيدا، ومن لطف الله بها أنه لم يكن من الأبواب التي تُصنع لتزويد المكان بحماية رئيسية، فقد كان المعهد في مركز مزوّد بحماية خارجية..
كانت مشغولة تماما بالتفكير في أمر الباب عندما فاجأها بسؤاله الغريب على حين غرة، لحظتها شعرت بالخطر الحقيقي!! هل هذا هو الوقت المناسب لسؤال كهذا!!!
لم تذكر ما الذي أجابته به في ذلك الوقت، فقد أصبح جلّ تركيزها منصبا على طريقةٍ للخروج، وبقرارٍ سريع وجدت نفسها تدق الباب لعل أحدهم يسمعها بعد أن لم يعد أمر الفضيحة يهمها في شيء!! غير أن شعورها به خلفها، كاد أن يفقدها صوابها!! ما الذي يخطط له!! وبلا وعي منها قفزت بسرعة خاطفة على طريقة اللاعبين المحترفين، ومن ثم استخدمت أسلوب التمويه الذي تتقنه، فقد وقفت خلفه تماما دون أن يشعر، لم تكن تتوقع أنها ستستفيد مما تعلمته من تلك الأساليب يوما ما للحفاظ على نفسها، حتى إذا ابتعد مسافة كافية عن الباب لم يكن أمامها سوى خيار واحد!! أغمضت عينيها وهي تستشعر افتقارها الشديد لعون الله لها في تلك اللحظة، وبسرعة اتخذت الوضعية المناسبة وحددت مكان الهدف، قفل الباب الذي يفصل بين الدفتين!! استجمعت طاقتها وبكل ما أوتيت من قوة ركلته بقدمها ركلة اهتز لها الباب بل والمكان كله، وقبل أن يكون هناك مجال لأي ردة فعل؛ أتبعتها بركلة أخرى كانت كفيلة بفتح الباب على مصراعيه!!

………
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

Tags: No tags

إضافة تعليق

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني *الحقول المشار لها بنجمة هي حقول إلزامية