تركته لأجلك! – الحلقة 31

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

لم تشعر سوسن برغبة جامحة للاستزادة من علوم الدين كما شعرت ذلك اليوم، بل وكانت حماستها لمحادثة نور في أوجها خاصة بعد تلك المحاضرة، فما أن وصلت المنزل حتى أسرعت لغرفتها، وبدون تردد تناولت هاتفها لتحادثها، كانت سعيدة بسماع صوتها المبتهج مما يبشر بأن صحة والديها بخير، فدخلت معها بالحديث الذي اتصلت من أجله بسرعة..
– لقد كانت لوحاتك محل اهتمام معظم الجماهير اليوم، بعد أن ألقى الأستاذ سامر محاضرة عن الفن السريالي متخذا منها نموذجا له، وقام بإبداء آرائه الخاصة عليها، حتى أنه طلب مني- بصفتي صديقتك- مشاركته في تقديم العرض لأجيب عن تساؤلات الجمهور، كانت فرصة رائعة لنشر أفكارك النبيلة يا عزيزتي، فقد أخبرتهم بكل ما حدثتيني به، عن النية والايات القرآنية والأجواء الروحانية التي تستلهمين منها مواضيع اللوحات….
انتبهت سوسن إلى أنها تحدثت لفترة طويلة بحماسة دون أن تسمع شيئا من نور، فظنت أن الاتصال قطع بينهما بعد أن اختفى صوتها فجأة على ما يبدو، فنادتها لتتأكد:
– نور.. هل تسمعينني؟؟
أعادت جملتها مرتين قبل أن يأتيها صوت نور:
– أجل أسمعك يا عزيزتي.. جزاك الله خيرا على ما فعلتيه وجعل ذلك في موازين حسناتك..
فأشرق وجه سوسن من جديد:
– الحمد لله، في الحقيقة الشكر كله للاستاذ سامر فقد كان هذا لطف كبير منه فعلا..
وساد صمت من جديد حتى أن سوسن شكّت بوجود مشكلة في خطوط الهاتف، فنادت مرة أخرى:
– نور.. الا زلت تسمعينني؟؟
فجاءهه رد نور واهن هذه المرة:
– أجل..
عندها شعر سوسن ببعض القلق:
– هل أصابك شيء يا عزيزتي؟ هل أنت بخير؟؟
وأخيرا قالت نور:
– سوسن يا حبيبتي انتبهي لنفسك، فقد يكون الرجل اللطيف أحيانا أخطر على الفتاة من الوحش المخيف!
شعرت سوسن برعشة سرت في جسدها كتيار من الكهرباء، فسألتها بتوجس:
– تقصدين الأستاذ سامر؟؟ هل تعرفينه من قبل؟!!
غير أن نور أسرعت توضح كلامها:
– انني أتحدث بشكل عام يا سوسن ولا أقصد أحدا بعينه!
إلا أن كلامها ذلك لم يطمئن سوسن أبدا، فسألتها بقلق:
– أرجوك يا نور كوني صريحة معي، هل شعرت بشيء مما أخبرتك به يثير الشكوك؟؟
فأجابتها نور بوضوح:
– أرجو أن لا تسيئي فهمي يا سوسن، ولكن من الواضح أن هذا الاستاذ يحاول التقرب منك على ما يبدو!! لا أستطيع الجزم بذلك طبعا، ولا يوجد لدي دليل أيضا، تستطيعين أن تعتبرينه مجرد احساس لا أكثر، وبالطبع لا اتهمه بشيء استغفر الله، فقد يكون بريئا من ذلك كله، كل ما طلبته منك هو أن تنتبهي لنفسك يا عزيزتي لا أكثر!
أسقط في يد سوسن وانقبض قلبها وقد بدأت ذاكرتها تسترجع تعليقات أيهم بداية، وكلام الزوار بعد فراغ العرض نهاية:
– شكرا لكما، لقد تعلمنا الكثير عن الفن السريالي
– الشرح كان واضحا
– أبدعتما بشكل مذهل
– هل يمكنكما إعادة العرض في أوقات أخرى
– كنتما ثنائيا رائعا
-………………
فيما تابعت نور كلامها في محاولة لتلطيف الجو:
– كما قلت لك عزيزتي، كلامي كان عاما فهذا قد يحدث بين أي رجل وامرأة مهما كانت ظروفهما، انها الطبيعة البشرية التي جاءت الشريعة متوافقة معها ويحاول البعض انكارها للأسف.. بينما تجدين المنصفين حتى من غير المسلمين لا يعارضونها!! أجاثا كريستي مثلا.. كثيرا ما تجدينها تشير للطبيعة البشرية في رواياتها..
كانت ملاحظتها تلك كفيلة بلفت نظر سوسن التي سألتها باهتمام:
– هل تقرئين لها أنت أيضا!!
فابتسمت نور:
– أجل.. في الحقيقة تعجبني طريقة تفكيرها كثير، بغض النظر عن بعض الأمور التي تأتي بناء على طبيعة مجتمعها.. ورغم ذلك فهي من أكثر الكتاب الذين قرأت لهم انصافا للفطرة السوية والواقعية، ثم انها سيدة محافظة بشكل كبير.. هل تصدقين.. لقد أشارت في احدى رواياتها لضرورة تواجد الام لرعاية بناتها المراهقات اكثر من الاطفال.. مؤكدة على خطر ترك الفتيات من دون توجيه ورعاية!! ولديها افكار أشعر أحيانا أنها تستقيها استقاء مباشرا من الدين الحنيف.. خاصة فيما يتعلق بالعلاقات بين الرجال والنساء! انها الفطرة السوية، ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله)..
عندها قالت سوسن:
– رغم انني قرأت لها كثيرا، إلا أنني لم ألاحظ أي شيء مما ذكرتيه في السابق، ما شاء الله؛ لديك قدرة على ربط الأمور ببعضها بطريقة عجيبة يا نور.. ليتني أتعلمها!!
فردت نور:
– هذا بفضل الله أولا وأخيرا، ثم إن أي شخص يزيد من ثقافته الدينية، تزيد قدرته على الملاحظة والتحليل بإذن الله، فالعلوم الدينية بوابة لفهم هذه الحياة وقراءة ما بين سطورها، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين..
وأطلقت ضحكة مرحة:
– انني أتحدث وكأنني عالمة العصر أستغفر الله، بالطبع ما زلت في البداية وأسأل الله أن يزيدني علما..
فابتسمت سوسن لملاحظتها تلك:
– على الأقل بالنسبة لي يا نور؛ أنت عالمة العصر فعلا..
فجاءها رد نور بلهجة جادة:
– وما أدراك يا عزيزتي.. سأكررها مرارا، ليست العبرة بمن سبق، إنما العبرة بمن صدق، وأنت صادقة في مبتغاك يا سوسن بإذن الله..
فتنهدت سوسن:
– أرجو ذلك..
والتقطت نفسا قبل أن تقول:
– ليتني أتعلم كل شيء وأعرف كل شيء بسرعة لأعوّض عن تقصيري، أفلا يوجد كتاب جامع يعلمني كل شيء مرة واحدة يا نور؟؟ بالطبع بدأت أقرأ القرآن وأحاول قراءة التفسير أيضا، ولكنني..
وبترت جملتها بعد أن احتارت في اختيار التعبير المناسب، فابتسمت نور:
– أفهمك يا سوسن، ولكن لا تستعجلي، فبالتدريج تنالين كل شيء بإذن الله فالعلم والمعرفة حصيلة تراكمية، ومن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم..
ثم استدركت فجأة:
– هل قرأت كتاب (تعريف عام بدين الاسلام) للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله؟؟ أظنه كتابا مناسبا..
فأطلقت سوسن ضحكة صغيرة:
– يكفي أن عنوانه مناسبا، فانا كحديثي العهد بالاسلام لا أعرف عنه شيئا!
فقالت نور:
– لا تستغربي إن ما قلت لك بأنني شعرت بالشيء نفسه عندما قرأت الكتاب أول مرة، لقد شعرت وقتها أنني أول مرة أعرف ما هو الاسلام حقيقة!
واستطردت متابعة:
– للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله أسلوب فريد في عرض الأفكار، كتاباته تبهرني دائما، إنها من النوع السهل الممتنع الذي يأسر الألباب، ثم إنني أعده من أكثر العلماء الذين ساهموا في بناء تصوري عن هذه الحياة، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته..
فرددت سوسن بتأثر:
– رحمه الله، للأسف لم أسمع عنه من قبل وسأحاول قراءة الكتاب في أقرب فرصة إن شاء الله..
***
اليوم هو آخر أيام المعرض العالمي..
ترددت تلك الكلمات في أذنيه كوخزات إبر على غشائي طبلتيه، حتى كادتا أن تتمزقا من شدة الألم!! .. لن يراها مرة أخرى.. هذا مؤكد.. وأسوأ ما في الأمر أن هذا لن يعني لها شيئا!!
هذا ما كان يعتمل في ذهنه وهو يجر قدميه جرا لينتقل بين أرجاء المعرض كمن يودع الأطلال التي جمعته بــ سوسن..
تنهد سامر بألم:
– ما الذي أعنيه لها؟؟ مجرد أستاذ لا أكثر!!!
كان قلبه يتمزق:
– لماذا يحدث هذا لي!!! لماذا علي أن أكبت مشاعري!! فقط لو أن الظروف مختلفة.. عندها..
وجد نفسه أمام لوحات نور مرة أخرى، لماذا تصر قدميه على توجيه مسيرته إلى هناك؟؟
“كنتما ثنائيا رائعا”
وعادت به ذاكرته لعامين كاملين، يوم أن التقى نور أول مرة في معهد الفن الحديث..
 
………
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
Tags: No tags

إضافة تعليق

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني *الحقول المشار لها بنجمة هي حقول إلزامية