عن القصة:
قد يكون “الآرت بلوك” art block هو اسوأ عدو للفنان، حيث يصاب بالاحباط وفقدان الشغف، ويميل للخمول والكسل..
ولكن.. هل هذه الحالة -والتي قد تُعرف بـ “الفتور”- هي امر سلبي دائما؟!!
تابعوا قصة “المنقذ بلوك سما”
التصنيف: خيال، رمزي
– الرحمة الرحمة.. لم أعد استطيع الاحتمال أكثر.. سأموت..
كانت تلك صرخة الاستجداء الأخيرة، التي اطلقتها إحدى خلايا العضلات المرهقة، وهي في حالة احتضار دامية!
غير أن أوامر “النفس” الصارمة، لم تكن تحمل في ثناياها أدنى مقدار من الشفقة، بل تابعت باصرار قائلة:
– لا يزال أمامنا الكثير من الأعمال لانجازها، هيا تابعوا العمل حتى النهاية! لا مجال للكسل ولا للتراجع.. إلى الأمام سر..
لم يكن أمام بقية “الخلايا” سوى الانصياع للأوامر الصارمة، فهم في النهاية مجرد عبيد تحت إمرة سيد قاسي القلب، لا يعرف غير “الانجاز”، والانجاز المستمر فقط!!
كانت الخلايا المتنوعة، على اختلاف قدراتها وأدوارها؛ تتهاوى الواحدة تلو الأخرى، اما “النفس” فلم تكن تبالي بكل ذلك نهائيا!
كانت كلمة “الانجاز” تبدو كالسحر، الذي سرق منها أي شعور آخر تجاه تلك الخلايا المسكينة!
كانت تعاملها بكل جفاء، كالادوات الصماء، لدرجة أنها لم تعد تسمع أي أنين يصدر عنها! ومع زيادة الضغط؛ فقدت تلك الخلايا القدرة على متابعة العمل بالكفاءة المطلوبة؛ مما أغضب النفس عليها بشدة، فأخذت تهددها بسوط الجلاد الذي لا يرحم عبده!
أخذت الخلايا تستغيث بصوت يقطع أقسى القلوب المتحجرة؛ غير أن النفس لم تعد تمتلك قلبا من أي نوع! فلم يؤثر فيها مشهد خلايا العيون المتورمة، ولا خلايا العضلات المتصلبة، ولا خلايا العظام المتيبسة!
وفي اللحظة التي همت فيها النفس باستخدام سوطها القاسي، لاستنزاف ما تبقى من طاقة تلك الخلايا المتهالكة، لتقودهم نحو الموت والهلاك المحقق؛ ظهر “بلوك سما” في الأرجاء، ملوّحا بتهديده الذي لا يُقهر!
وبطرفة عين؛ أمسك بيد “النفس” المسعورة، وجمدها تماما، ليسقط ذلك السوط من يدها!
– لقد تماديت كثيرا ايتها النفس هذه المرة! هل جننتِ؟؟ اتريدين قتل خلاياك الوفية بدم بارد؟؟؟
نطق بلوك سما تلك الكلمات بقوة مجلجلة؛ جعلت النفس ترتعد من شدة الخوف، لتنتبه لأول مرة لخلاياها البائسة! فاعتذرت قائلة:
– لم أكن أقصد ذلك بالتأكيد، كنت أريدهم أن يشعروا بالفخر بذلك الانجاز الذي سـ..
فقاطعها بلوك سما بحدة:
– أي إنجاز هذا الذي تتحدثين عنه؟؟ هل اصابك العمى ام الصمم؟؟ أي انجاز هذا الذي سيفتخرون به، وهم في المقبرة!
كان كلامه صريحا واضحا بدون ذرة مجاملة، مما جعل النفس تنتبه لتلك الحقيقة المرة لأول مرة! غير أنها حاولت التبرير بقولها:
– يكفي أنهم سيموتون بشرف لأجل ذلك “الانجاز”..
عندها لم يستطع بلوك سما الاحتمال أكثر، فألقى عليها تعويذته السحرية قائلا:
– يبدو أن محاولة افهامك خطورة ما تقدمين عليه هو ضرب من الخيال! لذا فلتنعمي أيتها النفس بما تستحقينه!
وبينما كان التجمد يسري في أوصال النفس، كان لسانها يستغيث بمرارة:
– لحظة لحظة من فضلك.. بلوك سما ارجوك، اعطني فرصة أخيرة.. ليس الآن! لا تحبسني في تعويذة “الارت بلوك” مجددا، فما زال هناك الكثير لإنجازه..
وبالطبع لم تحرك كلماتها تلك ساكنا في جسد بلوك سما، فقد بدا راضيا تماما عما يفعله معها، فلم تجد النفس بدا من الاستجداء بتوسل، قبل أن تجمّد التعويذة لسانها أيضا:
– بلوك سمااااااا.. اسمعني ارجوووووك.. فرصة واحدة فقط.. على الأقل أخبرني إلى متى سأبقى حبيسة التعويذة.. ارجوك لا تجعلها تطول.. بلوك سمااااااااااااااا
غير أن بلوك سما تجاهل نداءاتها، وهو يتأمل حال الخلايا المزري، فيما بدأت تلك الخلايا تستعيد أنفاسها تدريجيا، وهي تشعر بامتنان كبير لمنقذها الدائم: “بلوك سما”
****
تمت
على هامش القصة:
هذه القصة هي محاولة لتسليط الضوء على ايجابيات “بلوك سما” العظيمة^^
فنحن لا بد من أن نكون منصفين في كل شيء، حتى مع الاعداء!
ومن باب الانصاف، رأيت أنه من الواجب التحدث عن ايجابيات الارت بلوك^^
فكما قال الشاعر:
وإذا كانت النفوس عظاما
تعبت في مرادها الاجساد!
_
لذلك.. حالة “الفتور” أو “الارت بلوك” التي تصيب الانسان، هي ليست نقمة دائما، بل قد يكون في طياتها نعمة كبيرة، ولولا أن الله سخرها لنا، لربما هلكت أجسادنا منذ وقت طويل ????
فالحمد لله الذي له في كل شيء حكمة ورحمة..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
إضافة تعليق