…. تناولت سوسن الورقة من يد أيهم وفتحتها بيد مرتعشة لتقرأ ما طُبع فيها:
” إتق الله أيها الفاسق الضال الغافل.. إنك وأمثالك حطب جهنم وبئس المصير.. إنك تتحمل وزرك ووزر خطيبيتك التي تقف عثرة في طريق هدايتها.. فإن لم ترغب في التوبة فابتعد عنها لــ…..”
سقطت الورقة من يد سوسن وهي تطلق صرخة مكتومة:
– ما هذا!!!! من الذي أعطاك اياها!!
فأجابها أيهم بتساؤل مثله:
– هذا ما أود معرفته منك!! لقد عثرت عليها تحت مسّاحات سيارتي وأنا أهم بركوبها بعد أن حادثتك..فمن برأيك يهمه كتابة رسالة كهذه!!
قال جملته الأخيرة بنظرة ذات مغزى، لم يخف على سوسن مرماها، فأسرعت تدافع عن نور بقولها:
– كلا لا أظنها تكتب رسالة منفّرة كهذه، إن نور لطيفة جدا وبالتأكيد هي بريئة من شيء كهذا، صدقني يا أيهم..
فرماها بنظرة ملؤها الشك:
– ومن غيرها يفعلها يا سوسن! لا تكوني واثقة هكذا، فقد بدأ تأثير هذه الفتاة يظهر جليا عليك، ولم تعودي سوسن التي أعرفها!
والتقط نفسا قبل أن يتابع:
– هل نسيت الحديث الذي حدثتني به من قبل! لقد نجحت تلك الفتاة بإدخال أفكار غريبة لرأسك، ولا أدري ما الذي تريده في النهاية..
لم تستطع سوسن احتمال ذلك، فبذلت جهدها لتقول بصعوبة:
– أيهم أرجوك، كف عن التفكير بهذا الشكل.. فلا علاقة لنور أبدا بما أخبرتك به، ثم إنه لم يمض على مجيئها أكثر من أربعة أيام فهل…
فقاطعها أيهم بنوع من العصبية:
– إنني أعرف تماما هذا النوع من المعقدين.. لا يتورعون عن ترك تأثيرهم من اليوم الأول، فهذه هي مخططاتهم من البداية.. أم أنك نسيتِ ما أخبرتِني به من أنها أصبحت صديقتك خلال تلك المدة الوجيزة!!
ورغم عدم اقتناع سوسن التام بكلام أيهم، إلا أنها بدت من الضعف بحيث تعجز عن الرد عليه..
– أيعقل أن تفعلها نور!! مستحيل.. ليست من هذا الصنف بالتأكيد… ولكن ماذا لو كانت هي…!! كلا .. لا يمكن.. إنني واثقة..
كلا لن تسمح لاختلافٍ بالرأي أن يفرق بينها وبينه، حاولت أن تتكلم .. أن تقول شيئا دون أن تخونها قواها التعبيرية، لكن دون جدوى.. وأخيرا نطقت وهي تغالب دموعها بصوت متهدج:
– أرجوك ثق بي.. لا علاقة لنور بما حدث فقد كانت تلك خواطري قبل مجيئها..صدقني.. لم أقل لك ما قلته سابقا إلا لأني أحبك وكنت أريد التأكد من اهتمامك بي.. لماذا..لماذا لا تفهمني يا أيهم…لا بد أن هناك من يحاول التفريق بيننا….
وبدا أن الأمر قد تجاوز حد احتمال سوسن فانفجرت باكية بنشيج يقطع أنياط القلوب..
حتى رق قلب أيهم لها، فاقترب منها وأمسك يدها قائلا:
– إن كنتِ لا توافقين على أمر كهذا يا حبيبتي؛ فثقي بأن رسالة كهذه لا تهمني أبدا، فلشد ما أكره التعقيد والمعقدون في هذه الحياة، ولكنني أحذرك من صُحبة كهذه إن أردتِ لحياتنا أن تستمر معا..
لم يدرك أيهم حجم الألم الذي وخزت به جملته الأخيرة قلب سوسن، فتابع بمرح وهو يمزق الورقة إلى قطعٍ صغيرة بعثرها في سلة المهملات:
– هيا يا حبيبتي ابتهجي ولننس ما حدث، فغدا سأحيي حفلا كبيرا وأريد أن أراك أجمل الحاضرين فيه..
ورغم أن الأمور قد سُويت في الظاهر بينها وبين أيهم إلا أن الشكوك لم تفارقها، أيعقل أن تُقدم نور على أمر كهذا، لأجد نفسي في مفترق طريقين!! صحيح أنها بدأت تميل لأسلوب الحياة الذي تحياه نور وزوجها، فقد بدا مستقرا هادئا تحيط به روحانية و سكينة، تتوق سوسن لحياة مثلها، غير أن فكرة الابتعاد عن أيهم وأسلوب ذلك الخطاب القاسي لا يمكنها قبوله بأي حال من الأحوال، ورفض عقلها الفكرة بشدة.. لا يمكن لنور فعلها أبدا، إنها حتى لم تفاتحني في هذه المواضيع أبدا..
و تنهدت بألم:
– كيف يمكنني بعد هذه الرسالة؛ مفاتحة أيهم بخواطري المستقبلية!!
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
إضافة تعليق