محتوى المقالة

مقالة

تركته لأجلك! – الحلقة 7

2023-04-11 - ضياء

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

كانت ساحة المتحف الوطني تعج بالحاضرين، عندما دوى صوت طلقات نارية إيذانا ببدء الافتتاح، فتقدم نائب الحاكم العام على المدينة لقص الشريط، بعد أن تناول المقص الذهبي من فوق الوسادة المخملية التي يحملها مدير المتحف و الذي بدى في أبهى حلله كعجوز قرر الاحتفال بالذكرى الخامسة والخمسين ليوم زفافه..
وعلى مسافة غير بعيدة من نائب الحاكم، وقفت سوسن إلى جوار خطيبها متأبطة ذراعه بصفتهما ضمن ضيوف الشرف المدعوين لحضور هذا الحدث المهم، مما أتاح لها رؤية النائب عن قرب رغم فريق الحراسة الشخصية المحيطة به، ولدهشتها الشديدة بدى وجهه مألوفا جدا، ليس لأنها شاهدته في التلفاز مثلا أو أنها رأت صورته في مكان ما، بل لسبب آخر تماما، وما أن تعرّفته حتى همست لخطيبها قائلة:
– أليس هذا صديق والدي السيد وائل ؟
فأومأ أيهم برأسه ايجابا:
– بالتأكيد إنه هو، فقد حضر حفل خطوبتنا قبل أن يتقلد منصب نائب الحاكم العام على هذه المدينة!
فأطلقت سوسن صرخة مكتومة:
– حقا!! ومتى حدث هذا!!
فابتسم أيهم معلقا:
– لقد مر على ذلك أكثر من ثلاثة أشهر يا فتاتي، أنت تنسين نفسك تماما في عالم الفن.. ولا أدري في ماذا مؤخرا..
فوكزته سوسن ثم قلبت بصرها بين الحاضرين قبل أن تتساءل:
– غريب !! ألم يصل والداي بعد! كان يفترض أن يكونا في صفوف أوائل المدعوين..
فطمأنها أيهم بقوله:
– لا تقلقي فربما عرضت لوالدك إحدى المشاغل المعتادة، دعينا نستمتع بوقتنا الان..
سارت سوسن إلى جانب أيهم وهي تدلف عبر بوابة المتحف المهيبة مع الفوج الأول للمدعوين..
بدت القاعات في غاية التنظيم والفخامة حيث تنوعت أقسامها، وتعددت محاورها لتشمل جوانب كثيرة قل أن تجتمع في مكان واحد، وكان من أبرز ما لفت نظر سوسن فيه هي قاعة المجوهرات الأثرية، وما أن وقعت عيناها على مجموعة غريبة الأشكال من خواتم بدت في غاية القدم، حتى علقت بقولها:
– يا لهذه الأذواق الغريبة!!
قالتها سوسن وهي تتحسس خاتم الألماس في أصبع يدها اليمنى، والذي أهداه لها أيهم يوم خطوبتهما، فأمسك أيهم يدها بحب وهو يشير إلى إحدى تلك الخواتم معلقا:
– لو رأت ملكات ذلك الزمان رقة أصابعك يا جميلتي، لخجلن من عرض حُليّهن أمامك..
فاحمرت وجنتا سوسن:
– أنت تبالغ كثيرا يا أيهم..
فتناول أيهم يدها وطبع قبلة عليها بعذوبة:
– بل هذه هي الحقيقة يا فاتنتي!
و قبل أن تجد سوسن شيئا تداري به خجلها، فزعت كغيرها لصوت جلبة وصراخ انطلق فجأة من جوارها:
– هل من طبيب هنا؟؟
وهرعت سوسن مع خطيبها نحو الفتاة الممددة على الأرض، في حين أحاط بها بعض الحرس، ليمنعوا اقتراب الناس منها حيث احتشدت أعداد غفيرة على باب القاعة اثر تلك الجلبة، وقد بدأت الشائعات بالانتشار لوصف ما حدث، مع زيادة ونقصان قد لا تمت للواقع بصلة كالعادة بحيث لا يستطيع أحد معرفة الحقيقة أبدا:
– لقد أغمي على ابنة وزير العمل..
– أيعقل أن تكون قد سقطت فجأة هكذا!!
– قد تكون حادثة اغتيال..
– انظر اليها اليست جميلة، وملابسها لا اظنها تخفي أكثر مما تبدي، ما رأيك؟
– سمعت أن هناك شاب يحبها لكنها رفضته فربما حاول الانتقام
– قد تكون مدمنة!! سمعت أن المدمنين يصابون بنوبات مفاجأة!
– يا للعار ابنة وزير ومدمنة!!
………………………………
……………………………….
ولم تكن الأحاديث للتوقف في أي حال من الأحوال، في حين أسرع من بين الجميع شاب ملتحي، أخذ يعدو بسرعة تجاه الحدث وهو يحث الناس على افساح الطريق أمامه:
– بعد اذنكم.. دعوني أمر فأنا طبيب..
حتى وصل نحو الشابة الممدة على الأرض، وللاحتياطات الأمنية المعتادة أبرز الشاب بسرعة بطاقته الطبية و رخصة مزاولة المهنة للحرس المحيطين بها، قبل أن ينحني على الأرض قرب الفتاة هاتفا:
– هل أنت بخير؟
ولما لم تستجب لندائه فتح فمها بهدوء ليتأكد من سلامة وضعية لسانها، ثم وضع أذنه على فمها في حين اتجه بصره ناحية صدرها، غير أنه لم يجد أثرا لتنفسها فبدأ يجري لها تنفسا اصطناعيا، واضعا فمه على فمها لينفخ فيه نفختين من الهواء، ثم أرجع رأسها برفق للخلف واضعا يده اليمنى على جبهتها في حين ضغط باصبعين من اصابع يده اليسرى على رقبتها ليتأكد من سلامة النبض، ومن ثم بدأ يضغط على صدرها ما يقارب الثلاثين ضغطة قبل أن يضع فمه على فمها من جديد لينفخ فيه الهواء مكررا تلك العملية عدة مرات..
أخذت سوسن التي وقفت على مقربة منه تتابعه بفضول وهي تحاول أن تتذكر أين رأته من قبل، ولم يطل تساؤلها كثيرا إذ سرعان ما طرق سمعها صوتٌ مألوفٌ:
– بعد اذنكم.. لقد أحضرتُ شنطة الطبيب بناء على طلبه..
وما هي إلا لحظات حتى برزت نور أمامها وهي تتجه نحو الطبيب، قائلة:
– هاهي الحقيبة يا عامر، هل أُعدّ الحقنة!
عندها أدركت سوسن أن ذلك الطبيب الشاب لم يكن سوى زوج نور الذي رأته معها ذات يوم..
وقبل وصول سيارة الاسعاف تحركت الشابة أخيرا وفتحت عينيها، إثر حقن عامر لها بالدواء، فهلل الحاضرون فرحا، وبادر الوزير عامرا بالشكر الحار لانقاذه ابنته، فما كان من عامر إلا أن رد بتواضع:
– هذا واجب الطبيب وأمانة في عنقه..
ثم استدرك قائلا:
– لقد قمت بعمل الاسعافات الأولية اللازمة في حالتها لا أكثر، فقلبها مجهد و من الأفضل نقلها بسرعة لأقرب مشفى..
وتابع كلامه وهو يناول الوزير ورقة انتزعها من مفكرة في جيبه بعد أن خط عليها بضعة جمل:
– لقد دونت هنا تشخيصي الأولي عن حالتها والعلاج الذي أعطيته لها، أرجو أن تعطيها للطبيب الذي سيشرف على حالتها في المشفى وستكون بخير إن شاء الله..
ثم ناوله بطاقة وهو يقول متابعا:
– و هذا هو رقمي إن كنتم بحاجة لأي استفسار آخر..
شد الوزير على يد عامر بقوة:
– لا أعرف كيف سأشكرك، إنك شهم حقا أيها الطبيب ولن انسى لك معروفك هذا أبدا..
وبينما كانت نظرات الاعجاب تثني على الطبيب الشهم الواقف إلى جوار زوجته وهو يحادثها، استأذنت سوسن خطيبها الذي بدا شاردا فيما رآه:
– انها نور.. سأذهب للسلام عليها..
غير أن أيهم جذبها من يدها ليستوقفها متسائلا:
– أذلك الطبيب.. كان زوجها؟؟
فأومأت سوسن برأسها إيجابا راجية أن تكون هذه اشارة لاستلطافه لهم، فلشد ما آلمها موقف أيهم السلبي تجاه نور من قبل:
– أجل، أرأيت كم كان بارعا!
لم يرد أيهم ببنت شفة، بل استدار قائلا:
– إذا رغبت بالذهاب للسلام على صديقتك فسأنتظرك هنا..
لم تستطع سوسن أن تحدد تماما على ماذا يدل ذلك، وترددت بالذهاب، حتى كفاها ابتعاد نور مع زوجها عناء التفكير فعادت إلى جانب أيهم متسائلة:
– هل هناك ما يزعجك؟
وقبل أن يجيبها بشيء انتبهت لمجيء والديها اللذان هرعا باتجاهها بلهفة، فيما أسرعت أمها لتحضنها قائلة:
– لقد قلقنا عليك يا ابنتي، خفت عليك كثيرا وخشيت أن تكوني أنت الفتاة المصابة!
فابتسمت نور مطمئنة:
– اطمئني يا أمي فأنا بخير
فقالت أمها وهي تخاطبهم جميعا:
– دعونا نبتعد من هذا المكان المشؤوم، لقد كرهت البقاء فيه، فجوه غير مريح أبدا!
فعلق زوجها:
– كفي عن ذلك يا عزيزتي.. سيدة راقية مثلك وتؤمن بالشؤم!
فردت عليه بحدة:
– لا علاقة للرقي بهذا الأمر.. المكان لم يعد يعجبني وحسب! ثم إنك أنت من طلب مني أولا أن لا نتأخر في العودة للمنزل، أنسيت ذلك!
والتفتت باتجاه سوسن لتمسك يدها قائلة:
– هيا يا ابنتي..
فنظرت سوسن نحو أيهم متسائلة:
– ألن تذهب ؟
فأجابها بابتسامة مقتضبة:
– لا بأس عودي مع والديك، فسأتجول قليلا هنا لأرى بقية الأقسام قبل أن أعود، فقد لا تتاح لي فرصة أخرى لفعل ذلك..
فهمت الأم ما يدور بخلد ابنتها من رغبتها بالبقاء إلى جوار خطيبها، غير أن قلقها عليها في تلك الاثناء بدا هاجسا يسيطر عليها، فحاولت اقناعها للتراجع عن ذلك بقولها:
– لقد تأخر الوقت يا حبيبتي وأنت لم تنامي جيدا ليلة الأمس والارهاق باد عليك، وما زالت الأيام أمامكم أنت وأيهم وبإمكانك الذهاب معه فيما بعد، فهيا بنا الآن..
وهمت سوسن بالامتثال لطلب والدتها غير أنها لمحت سورا فجأة، وخيل إليها أنها كانت تراقبهم من بعيد لتقتنص الفرصة المناسبة للاختلاء بأيهم، وشعرت بمكيدة تحاك في الخفاء ومن الغباء أن لا تأخذ موقفا تجاه ذلك، فجذبت يدها من يد والدتها قائلة:
– أرجوك يا أمي إنني ناضجة بما يكفي لأقرر ما أريد فعله، فلا تقلقي علي، سأتجول مع أيهم ولن نتأخر ثم سيوصلني هو للمنزل..
وأكد والدها كلامها معاتبا زوجته:
– كفاك تدخلا في حياة الفتاة، دعيها تعيش حياتها فخطيبها معها..
ورغم نظرة القلق التي لمعت في عيني الأم إلا أنها لم تجد ما تفعله أمام إصرار ابنتها وتأييد والدها لها، فاستسلمت للأمر الواقع وقلبها غير مطمئن، موجهة حديثها لأيهم:
– اعتني بسوسن جيدا، وحاولا أن لا تتأخرا كثيرا، فيكفيكما سهر ليلة الأمس
لم تكن سوسن راضية تماما عما فعلته بحق أمها، لكن لم يكن بيدها حيلة أخرى، وتنهدت بألم.. إلى متى ستستمر في حماية حبها بهذه الاستماتة!! ألا يمكنها الاطمئنان والركون إلى الراحة قليلا!! إنها تأخذ دور الحارس الشخصي، بل المرابط على الثغور الذي كتب عليه أن يقضي حياته منتبها خشية تسلل الأعداء إلى مملكته فيخسر المعركة!
وتأوهت في أعماق نفسها تأويها؛ ما لو أنه لو ترجم لأصواتٍ لصم الآذان من شدته..
آه يا أيهم.. كم يعذبني حبك!!
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

لترك تعليق، يرجى تسجيل الدخول.