تركته لأجلك! – الحلقة 25

عن القصة:

رواية عاطفية متسلسلة من نوع خاص، تتحدث عن شابة حسناء ثرية وماهرة بالرسم، ترتبط بنجم مشهور بعد أن وقع في حبها من النظرة الأولى، لتبدأ بعدها حياة جديدة لم تتوقع أن تواجهها يوما ما..”

شباب وشابات تختلط مشاعرهم في هذه الرواية وتتشعب، فهل “الحب” هو السبب؟!!

التصنيف: رومانسي، دراما، غموض، سينين

عادت الى سورا أمواج الذكريات لتتلاطم في مخيلتها من جديد..
لم يكن لديها الكثير من الحاجيات لتصطحبها معها في ذلك الوقت، بل انه ما كان من داع لتحمل شيئا من أسمالها البالية.. فلم تأخذ سوى سلسلة نحاسية قديمة هي الذكرى الوحيدة من والدتها المتوفاة.. سارت إلى جانب السيدة رافعة رأسها بشموخ، وكأنها هي من تقود السيدة إلى وجهتها لا العكس، بعد أن أبى عليها كبرياؤها الظهور بمظهرٍ خاضعٍ ذليل كـ (سعيدة)! وبنظرات جامدة؛ ودعت رفاق الطفولة الذين وجدوا أنفسهم فجأة دون (الزعيمة)..!
قصر كبير.. غرفة مريحة وفراش وثير.. طعام وفير.. وشراب كثير.. ثياب جميلة وحقائب فاخرة وأحذية جديدة.. خدم وحشم وحرس، ودنيا مقبلة.. أمور كثيرة كانت كفيلة بأن تُنسي سليمة ست سنوات مرّت من حياتها، فسرعان ما تكيّفت مع جوّها الجديد، لا سيما وأنها قد اعتادت على أخذ دور الملكات والأميرات مع أطفال حيها الذين حاولت مسحهم تماما من ذاكرتها فيما بعد، فما هم إلا مجرد أشقياء لا فائدة تُرجى منهم! بل إنها لم تمانع أبدا بعرض السيدة التي تبنتها:
– من اليوم سيكون اسمك (سورا) فهو يليق بك أكثر..
لقد بدأت حياة جديدة بالكامل، انصهرت فيها محاولة تجاهل الحقيقة المرة بكونها دخيلة على هذا المجتمع الفاره، وليست أصيلة فيه، وكم كانت سعادتها كبيرة عندما انتقلت مع من تبنتها إلى مدينة أخرى بعيدة عن الزقاق الذي نشأت فيه، ولا يعرف فيها أحد أصولها الحقيقية..
حاولت إشباع رغباتها متجنبة كل ما قد يُذكرها بماضيها، بعد أن أدركت بذكائها الحاذق حيثيات المجتمع الراقي، فتطبعت بطباعه كأي سيدة راقية وُلدت فيه..
لم تفسح المجال لمشاعرها بالظهور ولو لمرة واحدة، خشية أن تحن لبيئتها التي قضت فيها طفولتها، فلا أحد هناك يستحق منها اهتمامها أبدا بعد أن تخلوا عنها بسهولة..! لم تذكر أنها أحبت أحد بصدق بعد ذلك ولو لمرة واحدة! حتى السيدة التي تبنتها وعاملتها كإبنة حقيقية، لم تكن علاقتها بها أكثر من علاقة (المنفعة المتبادلة) إن صح التعبير.. هذا ما كانت تراه سورا، فقد وفرت لها تلك السيدة الحياة الكريمة، كما قدمت هي لها فرصة تبني طفلة جميلة ذكية يمكنها التباهي بها أمام الآخرين، وتؤنس وحدتها وهي الأرملة الخمسينية التي لم تُنجب قط ولا يوجد لديها أقارب يُعتمد عليهم..
مغرورة ومتكبرة.. صفتان طالما سمعتهما سورا ممن حولها، وكم كان يسرها ذلك!! كان بالنسبة لها دليل نجاحها كسيدة راقية حقيقية، حتى أبناء الأثرياء أنفسهم طالما حسدوها على أمور كثيرة!
وحدها سوسن كانت غريمتها، رغم أنها لم تأبه لها كثيرا في البداية، فقد كانت مجرد زميلة التقتها في معهد الفنون الراقي..
تسارعت نبضات سورا وهي تعود بذاكرتها لذلك اليوم..
لم يكن لديها من العواطف وقتها ما يفجر مشاعرها الكامنة في أعماق قلبها، لم تذكر أنها بكت يوما لذكرى مرت بها، أو حادث آلمها.. بل لم يكن هناك ما يستحق التألم من أجله برأيها!! وحده هو.. استطاع فعل ذلك بها وأكثر!!
لقد فعل بها فعل السحر أو يزيد، لم تكن تتخيل أن تؤثر بها اسطوانته الاولى كل ذلك التأثير الرهيب.. أيُعقل أن تكون مجرد اسطوانة عادية!! لقد قلب كيانها تماما.. أحالها إلى فتاة أخرى بمشاعر جياشة، لم تكن تعرف أنها تمتلكها أبدا.. بل لم يخطر ذلك ببالها أصلا.. ولأول مرة بعد عشرين عاما مضت من عمرها؛ يخفق قلبها بالحب!!
حتى أنها لم تعد تعيش إلا على أمل اللقاء به، ولم يعد في غرفتها مساحة فارغة إلا وأثر منه عليه، صورة أو اسطوانة أو خاطرة.. هل كانت تتصور أنها ستكتب خواطر في يوما من الأيام!! لكنها كتبتها من أجله هو.. أهكذا يفعل الحب بأهله!!
لقد وجدت فيه فتى أحلامها الذي آن لها أن تتحرر من قيود جمودها لتعيش معه بشفافية وسعادة، ستفعل أي شيء من أجله.. أي شيء.. فهو كل حياتها التي ما عادت تعرف غيرها..
ألحانه.. صوته.. صورته.. كلماته.. كل شيء فيه، وأي شيء ينتمي إليه يعني لها (حياتها)..
لا تذكر كم من الليالي بكت شوقا إليه، ورغبة في القرب منه، وهي التي ما ذرفت دمعة واحدة في أحلك ظروف طفولتها القاسية!!
تنام على ألحان معزوفاته، وتحلم بصورته، وتصحو على طيفه..
تكاد تجزم يقينا أنه ما من فتاة أحبته كحبها له، وكم كانت سعادتها كبيرة عندما أعلن عن حفلته الأولى في المدينة، فبادرت بشراء أول تذكرة في المقعد الأول، ولو تُرك الأمر لاختيارها، لاشترت تذاكر القاعة كلها!!
ذهبت بصحبة زميلاتها في المعهد، إذ كانت الحفلة بعد دوامهم فيه، سارت معهم بجسدها، أما روحها.. فقد سبقتها إلى هناك منذ زمن..
يومها عرضت إحدى الفتيات على سوسن مرافقتهن، إذ لم تكن ترغب بالحضور بداية، غير أن الفتاة أصرت عليها بقولها:
– إنها الفرصة الوحيدة التي قد نخرج فيها نحن الفتيات معا، سنقضي وقتا ممتعا ومسليا بلا شك.. هيا يا سوسن لا تترددي..
لم يخطر ببال سورا وقتها أن هذه الدعوة ستقلب أحلامها رأسا على عقب..
وانهمرت الدموع غزيرة من عيني سورا وهي تسترجع أحداث ذلك اليوم الأليم..
لماذا سوسن!! لماذا تختارها يا أيهم وأنا التي أحببتك من كل قلبي!! لماذا التفتَّ اليها وأنا التي كنت مستعدة لفعل أي شيء من أجلك..
لماذا؟؟.. لمــــــاذا؟؟؟
لماذا هذا الظلم!!!!!!!!!!
لماذا يوجد من يأخذ كل شيء دون عناء أو تعب، في حين أن هناك من لا يستطيع الحصول على مايريد إلا بشق الأنفس ثم هو لا يكاد يحصل عليه!!!
ألا يكفي سوسن أن لها أسرة حقيقية ثرية تحيطها بحبها ورعايتها، ألا يكفيها حنان والدتها المتدفق وحبها الكبير لها؛ حتى جاءت لتسلبني حبي الوحيد!!!
آه يا سوسن كم أكرهك.. أكرهك بشدة يامن حطمتِ وجداني.. وزلزلتِ كياني!! أجل.. يؤسفني الاعتراف بذلك حتى أمام نفسي!!
ألا تعرف ما الذي فعلته بي يا أيهم!! لقد قتلتني، ودست على كبريائي، ومع ذلك.. لا زلت أحبك.. أي جنون هذا!!!
وانهمرت الدموع من عينيها مجددا ولكن بقهر أشد..
……
يتبع ان شاء الله…
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
Tags: No tags

إضافة تعليق

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني *الحقول المشار لها بنجمة هي حقول إلزامية