كلمات

كلمات

عن القصة:

كانت مهيبة تحاول مقاومة المرض بصعوبة وهي تتشبث بدفترها البلوري، مرددة:
– يجب أن أفعل شيئا قبل أن تبتلعه الهاوية!
فيما تطايرت الفراشات حولها بقلق!!
فما هي قصة هذا الدفتر وما علاقته بالفراشات؟

التصنيف: خيال, رمزي

في إحدى قلاع العالم الأسطوري المهيبة؛ تراقصت فراشات مضيئة لامعة فوق أحد الرفوف المكتظة بالأوراق القديمة..
قالت إحداها بقلق:
– أخشى أن تكون حالة سيدة القلعة أسوأ مما نتصور، فهي لم تحرك قلمها منذ اسبوع!
فعلقت أخرى بحزن:
– نحن نبذل جهدنا من أجلها، ولكن ما باليد حيلة! فلا زالت تهذي باسم “الأمين” منذ ذلك الحين، إلى أن فقدت وعيها وهي تكتب في دفترها الخاص! يبدو أن غيابه أثّر عليها كثيرا!
عضّت الفراشة السوداء على أسنانها بغيظ:
– يا له من فتى عديم المسؤولية…
فأسرعت الفراشة الحمراء لتسكتها:
– إياك أن ترفعي صوتك بهذا، فهذا سيؤلم السيدة مهيبة أكثر! أنت تعرفين مكانته لديها، وأجزم أنها تعتبره كابنها!
– بل أتحدى أنه لو كان لديها ابن، لما اظنها أحبته واهتمت به أكثر منه! أخشى أن تعلقها به أثر على صحتها!

**

وفي إحدى الغرف؛ كانت مهيبة مستلقية على مكتبها، فوق دفترها البلوري الخاص، عندما فتحت عينيها فجأة وهي تشعر بحرارة شديدة، فتلفتت حولها محاولة تذكّر ما الذي كانت تفعله! وما أن وقعت عيناها على السطر الأخير، الذي كتبته في دفترها؛ حتى ارتجف قلبها، وبصعوبة حاولت امساك القلم، غير أن أصابعها لم تسعفها، فتهاوت على المنضدة بإنهاك تام، فيما نفرت الدموع من عينيها، وهي تتمتم:
– يجب أن أفعل شيئا قبل أن تبتلعه الهاوية.. يجب أن أقاوم المرض.. يجب أن انتهي من هذا كله قبل فوات الأوان…
غير أن فراشة زرقاء زاهية، قالت لها:
– هوّني عليك يا سيدتي! لا داعي لأن تضغطي على نفسك من أجل شخص مثله، إنه حتى لم يكلف نفسه عناء السؤال عنك…
غير أن مهيبة رمقتها بنظرات كادت أن تحرقها:
– كم مرة عليّ أن أكرر كلامي؟ انا لا يهمني أي شيء من ذلك! ولطالما كررتها.. حتى إن لم أعد أعني أي شيء للأمين، فهو لا يزال يعني لي كل شيء، وأريد منكم جميعا أن تدركوا هذا جيدا، إذا كنتم تهتمون لأجلي حقا؛ فأرجو منكم مساعدته والوقوف إلى جانبه..
وتهدج صوتها بانكسار يغلفه حزن شديد:
– إنني أرجوكم.. إذا كان هناك أي شيء يمكن فعله لأجل الأمين، فلا تترددوا في ذلك..
– ارجوك كوني واقعية! انه ليس ابنك من لحمك ودمك!! لذا توقفي عن معاملته وكأنه كذلك، لأنك عاجلا أو آجلا ستندمين!!
بوغتت مهيبة بتلك الحقيقة، لكنها سرعان ما قالت:
– قد لا يكون ابنا من لحم ودم، ولكنه ابن الروح والقلب، ولن أتوانى عن تقديم كل ما أملك لأجله..
وتنهدت:
– أنا لا اعرف إلى متى ستظل مشاعري نحوه بهذه الطريقة، ولا يهمني أن أعرف، ولكن طالما أنه يعني لي كل هذا، ويحتل كل هذه المكانة لديّ؛ فأنا لا أريد الشعور بالندم لتقصيري نحوه!
لم تحتمل الفراشة السوداء سماع المزيد، فهمست بغيظ:
– ليتني أفهم عقلية مهيبة وكيف تفكر! أشعر أنني لم أعد أطيق الأمين بسببها! فتى عديم المسؤولية، يتلقى كل هذا الاهتمام منها، ونحن بالكاد تلتفت إلينا؟ أشعر وكأنه سحرها…
– أجل.. هذا صحيح.. لقد سحرها حقا وما أنتم سوى جزء من هذا السحر!
تلفتت الفراشات بحثا عن مصدر الصوت بتعجب:
– من يتحدث؟
– لا أظنكم تعرفون الحقيقة، ولا حتى تدركونها.. مهيبة كانت على شفير الهاوية، وكادت أن تفقد آخر معنى لها في الحياة، إلى أن ظهر “الأمين”، فكان سببا لإعادة الحياة لروحها اليائسة!
فقالت الفراشات بصوت واحد:
– هراء! لا نذكر أي شيء من هذا!! نحن صديقات مهيبة… نحن من يلازم مهيبة دوما ويؤنسها.. ونحن الأقرب إلى قلبها.. نحن…..
– وهنا مربط الفرس! ما أنتم سوى كلمات الأمين التي امتزجت بمشاعر مهيبة.

***

أطبق صمت مهيب لم تستطع أي فراشة الافلات منه بسهولة، فيما أخذت فراشات ذهبية جديدة بالتكاثر من مداد كلمات مهيبة، المنسكبة على أوراق دفترها البلوري!
تنهدت الفراشة الزرقاء، وهي ترى سيل الفراشات الذهبية الجديدة المندفعة باتجاه النافذة، والتي لم يشك أحد بأنها تتجه صوب الأمين، بحثا عنه، وإنقاذا له:
– أظنني بدأت افهم ما يجري هنا! فإذا كنا نحن “كلمات الأمين” التي رفرفت حول مهيبة ردحا من الزمن، فهذا يفسر كل شيء!!
غير أن الفراشة السوداء قالت بامتعاض:
– لا أريد أن أصدق بأنني جزء من ذلك الفتى، رغم أنها تبدو الحقيقية! فلا أذكر أي وجود لي قبله!
ثم ابتسمت بسخرية:
– يبدو أنني أمثل الجانب المظلم من كلماته!
– بل أنت الجانب الأكثر اهتماما وصراحة!
لم تنتظر الفراشة الزرقاء ردا على جملتها تلك؛ بل رفرفت عاليا في السماء، لتتبع سيل الفراشات الذهبية، قائلة:
– إذا كانت “كلمات” الأمين سببا في وجودنا هنا؛ فحريٌّ بنا أن نكون أولى من يهب لإنقاذه! وهذا أكثر ما تريده منا “مهيبة” الآن!

*****
تمت
*****

همسة:
قد لا نتصور احيانا مدى تأثير “الكلمات” على النفس، حتى نجرب ذلك بأنفسنا!!!
كلمة واحد قد تصنع فارقا كبيرا، أكثر مما يتصوره العقل والمنطق!
ولذلك ضرب الله بها مثلا!
(مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها)
وقد روي في الحديث:
(إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم)
وإذا كان تأثير الكلمات كبير جدا على الآخرين بشكل عام، فهو ذو تأثير مضاعف بلا شك، على الاشخاص الذين يهتمون لأمرك كثيرا!!!
كلمة واحدة من شخص يهمك أمره، قد تصنع حياتك؛ أو تقلبها رأسا على عقب!
ولأن أكثر من يهتم لأمرنا هم “والدينا”، بل ولن تجد أحد في العالم يحبك ويهتم لأمرك أكثر من والديك؛ فقد كانت لطريقة “الكلمات” معهما أهمية خاصة جدا، لدرجة أن نزلت بذلك آيات عظيمة!
(ولا “تقل” لهما أف)
(و”قل” لهما قولا كرما)
(واخفض لهما جناح الذل من الرحمة و”قل” رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)

***

نسأل الله ان يهدينا لافضل الاقوال والاعمال والنيات، ويوفقنا جميعا لما يحب ويرضى
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ملكة-النجوم-السعيدة

ملكة النجوم السعيدة

عن القصة:

لم تكن النجمة الزرقاء نجمة عادية، إذ سرعان ما احتلت مكانة خاصة استثنائية لدى “ملكة النجوم السعيدة”
وفي اليوم الذي كانت تخطط فيه الملكة لاطلاعها على سر خطير؛ حدث ما لم يكن بالحسبان!
فهل ستتمكن ملكة النجوم السعيدة من تجاوز ذلك؟!

التصنيف: خيال, نفسي

يُحكى أنه في أحد الكواكب البعيدة، كانت تعيش فتاة وحيدة، تُعرف بملكة النجوم السعيدة..

كانت سماء الكوكب مزدانة بالنجوم الملونة بجميع الألوان والأحجام، وكانت الملكة تحرص أشد الحرص على أن تنعم جميعها بالسعادة، وتبذل جهدها لأجل ذلك..

وذات يوم، لمعت نجمة زرقاء فريدة في سمائها على غير العادة، لتلقي عليها التحية بابتسامة تشع سعادة، قبل أن تقول:

– لم أرَ سماء مليئة بالنجوم كهذه السماء من قبل! تبدو مميزة جدا بشكل خاص، ألهذا سر يا ترى؟

أطرقت الملكة برأسها قليلا، في محاولة للتذكر، ثم أجابت:

– ربما كان لذلك سببا لكنني لا أذكره، المهم أن منظرها يبعث على السعادة وهذا يكفي..

قالت الملكة كلمتها الأخيرة، وهي ترفع ذراعيها عاليا وتفتح كفيها بابتهاج شديد، وكأنها تحتضن السماء، فعلقت النجمة الزرقاء:

– يعجبني تفاؤلك ونشاطك الدائم أيتها الملكة، فمنذ أن رأيتك وأنا معجبة بهمتك، أتمنى أن تظلي سعيدة هكذا دائما، ويشرفني أن أكون بصحبتك..

تأثرت الملكة بكلمات النجمة الزرقاء بشكل غريب، حتى ان دمعة نفرت من عينها، بل إنها لم تستطع الكلام لوهلة؛ فآثرت الصمت، فيما تابعت النجمة الزرقاء كلامها بمرح، وهي تلاحظ توهّج جواهر تاج الملكة:

– أنت حقا محظوظة بامتلاكك هذا التاج الجميل، فجواهره تبدو بهية، خاصة تلك الجوهرة الوردية!

فابتسمت الملكة:

– اعتبريه هدية لك إذا أحببت..

وهمّت الملكة برفع التاج عن رأسها، غير أن النجمة الزرقاء بادرتها بسرعة:

– لا يمكنني أخذ شيء كهذا أيتها الملكة، إنه كنزك الثمين، وما أنا إلا نجمة عادية!

غير أن الملكة أكدت بشدة:

– لستِ عادية أبدا! منذ فترة طويلة لم تظهر في سمائي نجمة مثلك! ولن أمانع أن أعطيك تاجي متى رغبتِ!

شعرت النجمة الزرقاء بالخجل الشديد، فأسرعت تغيّر دفة الحديث بقولها:

– يبدو أنك لم تغادري هذا الكوكب منذ فترة طويلة أيتها الملكة، فما رأيك أن تأتي معي في رحلة ترين فيها سماوات كواكب مختلفة؟

غير أن الملكة ردت بحزم:

– هذا مستحيل! فأنا ملكة هذا الكوكب، ويجب أن اضمن سعادة نجومي السعيدة دائما!

ثم استدركت بسرعة:

– ولكن بالطبع سيسعدني أن تخبريني عن تلك الكواكب وكأنني أراها، فما رأيك؟

وبالفعل انطلقت النجمة الزرقاء تحدث الملكة بكل شيء رأته خلال تجوالها في الفضاء الشاسع، وكانت الملكة تسعد بحديثها، وتأنس بقربها، حتى أنها بدأت ولأول مرة تتحدث عن نفسها، بدل الحديث عن نجومها فقط! ومع مرور الأيام؛ تأكدت الملكة أكثر وأكثر ان الشيء الذي كانت تفتقده طوال الوقت؛ قد وجدته أخيرا في النجمة الزرقاء، مما جعلها تحتل مكانة مميزة لديها، وكأنها جزء من روحها! فبدأت تطلعها على أخبار مملكتها، وأدق أسرارها، وتشاركها اتخاذ قراراتها وتهتم برأيها، ولم تكن النجمة الزرقاء لتبخل عليها بأي نصيحة أو مساعدة، مما ساعد في ازدهار الكوكب أكثر وأكثر..

وذات صباح، وبينما كانت الملكة تستعد لاطلاع النجمة الزرقاء على آخر أسرارها، لعلها تزيح حملا ثقيلا عن رأسها؛ تفاجأت باختفائها من سمائها!

في البداية لم تكترث للأمر كثيرا، فلا شك أن النجمة الزرقاء اشتاقت للتجول في الفضاء كسابق عهدها، وقد تعود لها بقصص جديدة كعادتها! غير أن انتظار الملكة طال كثيرا، وبدأ القلق ينتابها تدريجيا مع مرور الأيام، حتى انطفأت البهجة من عينيها، ولم تعد قادرة على أداء واجباتها، بل شعرت بالمرض يتسلل إلى جسدها، وهي تترقب ظهور النجمة الزرقاء في كل لحظة دون فائدة!

لو أنها فقط تعرف إلى أين ذهت؛ لربما غادرت مملكتها بحثا عنها، ولكن هيهات لها ذلك!!

كان الألم والحزن يعتصران فؤادها عصرا، ولم يكن هناك أحد يمكنه إدراك ما يحل بها، خاصة مع حرصها على الظهور بمظهر الملكة الواثقة أمام نجماتها السعيدة مهما كلفها الأمر، ومع ذلك.. لم يعد باستطاعتها رؤية سعادة النجوم حولها، فتنهدت:

– لماذا أشعر أن السماء أظلمت، وكأن النجمة الزرقاء وحدها من كانت تنيرها؟ ألهذه الدرجة خطفت بصري فلم أعد أرى غيرها، أم أن تلك هي الحقيقة فعلا؟ ليتني أذكر كيف كنت أعيش قبلها! بل هل كنت أعيش أصلا قبلها؟ لم أعد أدري!!

وإذ ذاك سمعت صوتا يصدر من قلبها:

– يبدو أنك نسيت النجمة الزهراء!

اقشعر جسد الملكة لوهلة، وهي تتلفت حولها بتوجس:

– من أنت؟

فجاءها الجواب بنبرة تنبعث من الأعماق:

– أنا ذكرياتك التي قمتِ بدفنها في أعماق نفسك السحيقة..

صمتت الملكة لبرهة من الزمن، لتتنهد بعدها بعمق قائلة:

– فهمت.. أنا لم انس النجمة الزهراء، فقد كانت صديقتي المقربة..

– هل هذا يعني أنها لم تعد كذلك؟

– ليس الأمر هكذا.. فأنا أسعد برؤيتها بين الحين والآخر بلا شك..

– وماذا إن غابت عنك لفترة طويلة؟

– أنا أقدر انشغالها بلا شك، فأنا أيضا قد لا أكون متفرغة لها دائما..

– ولماذا لا تفترضين الشيء نفسه مع النجمة الزرقاء؟

بوغتت الملكة بسماع هذا، فاستدركت بسرعة:

– النجمة الزرقاء مختلفة.. إنني اعتبرها جزء مني. لا يمكن مقارنة غيابها بنجمة أخرى!

– أليس هذا ما كنت تقولينه عن النجمة الزهراء في الماضي؟ يبدو أنك نسيت الأمر حقا!

صمتت الملكة مرة أخرى، وقد بدأت تشعر بصداع خفيف:

– لست متأكدة.. النجمة الزهراء لا زلت اعتبرها صديقتي، ولكن اهتماماتنا أصبحت مختلفة..

– ألا يمكن أن ينطبق الكلام نفسه على النجمة الزرقاء أيضا؟

– مستحيل! أنا والنجمة الزرقاء متشابهتان تماما، وهي أكثر من تشاركني الاهتمامات نفسها، إنها الوحيدة التي يمكنني أن ابوح لها بأفكاري الخاصة، التي بالكاد أواجه نفسي بها! لذلك لا يمكن مقارنتها بأحد!!

– يبدو أنك نسيت كلامك السابق عن النجمة الزهراء!

– لا أدري لم تحاولين اقحام النجمة الزهراء في الموضوع الآن!!

– الدهر كالدهر والايام واحدة…..

فأسرعت الملكة تقطع ذلك الحديث:

– لا.. لا يمكن للنجمة الزرقاء أن تكون مثلها، إنها مختلفة!!

– ألم تكن النجمة الزهراء مختلفة أيضا؟

– ربما كانت كذلك فعلا! لكن.. بالطبع ليست كالنجمة الزرقاء المتفردة..

– أنت حقا بدأت تنسين الماضي بسرعة! هل نسيت ماذا حدث مع النجمة الزهراء؟

– كان سوء فهم بسيط..

– ومع ذلك.. هل نسيت كم استغرقك الأمر حتى تعافيت منه؟ هل تريدين تكرار التجربة؟

– ولكن اليس من المبكر افتراض ذلك؟ لم يحدث أي سوء فهم بيني وبين النجمة الزرقاء، بل كنا متفاهمتين تماما..

– إذن لم أنت حزينة؟

– إنني قلقة عليها وحسب.. فلا أدري ما هو سبب اختفائها بعد، ولا أصدق أنها قد تختفي هكذا دون سبب.. أخشى أن يكون أصابها مكروها!

– وهل لو عرفت أنها بخير ستكونين سعيدة؟

– أجل بالطبع..

– حتى ولو لم تعد لسمائك مجددا؟

خيّم الصمت على الملكة كجبل ثقيل يكاد يقصم ظهرها، إلى أن تساءلت بصعوبة:

– ولم قد تفعل ذلك؟ السنا أصدقاء؟

– هذا ما تفترضينه أنت، ولكن ماذا عنها هي؟؟ قد لا تكوني أكثر من محطة عابرة في طريق رحلتها، فأنت بالنسبة لها ملكة هذا الكوكب، ولك شعبك الخاص! ربما لا تعلم بأهمية وجودها لك..

– هذا مستحيل.. فقد أخبرتها بذلك مرارا وتكرارا، إنها تدرك تماما مكانتها عندي، وتعرف إلى أي درجة قد افتقدها!

– حسنا.. لنفترض أنها تعلم، ومع ذلك لا تهتم.. فماذا ستفعلين؟

تحشرجت الحروف والكلمات في حلق الملكة، حتى شعرت بالاختناق، فيما تابعت تلك النبرة العميقة كلامها بحزم:

– هي ليست مجبرة أصلا أن تكوني محل اهتمامها، فهل ستقتلين نفسك من الهم؟

وبصعوبة خرجت الحروف ببطء شديد من جوف الملكة:

– ربما لو كنت قد أخبرتها بأنـ….

– بدون “لو”!! يجب أن تحذفي هذه القنبلة الموقوتة من قاموسك، فهي أخطر من السم الزعاف..

– وماذا بعد؟

– إن كنت تحبين النجمة الزرقاء حقا؛ فيفترض أن ذكراها الجميلة ستبقى في قلبك، فلا تجعليها عقبة في دربك! تابعي بكل تفاؤل حياتك، وتذكري أن النجوم السعيدة بانتظارك..

بدأت الغمامة تنقشع تدريجيا عن ذكريات الملكة، فهتفت بدهشة وهي ترى تلك اللوحة القديمة بوضوح:

– أجل تذكرت.. لقد اتخذت وقتها قرارا، وكان لا بد من تنفيذه.. السعادة قرار، وها أنا سأقرر مجددا.. مهما حدث.. يجب أن أكون سعيدة!

وأخيرا.. ابتسمت الملكة برضا، فيما انهمرت دموعها كسيل جارف، استحالت قطراته نجوم لامعة، رصعت سماءها بسعادة! وإذ ذاك سطعت من رأسها جوهرة كبيرة، بلون زرقة السماء الصافية، لم ير أحد أكبر منها ولا أروع؛ توسطت جواهر تاجها، طاغية على وجود بقية الجواهر بوهجها، وكأن التاج لا يحمل غيرها..

*********

تمت..

ملاحظة:
خطرت هذه الفكرة ببالي على غرار قصة الامير الصغير على الاغلب! وأيا ما كان السبب، فأرجو أن تحمل في طياتها بلسما شافيا، وسعادة لكل قلب.. ^^
فإذا رايتم النجوم في السماء، فاذكرونا بصالح الدعاء، ونسأل الله أن يرزقنا جميعا عيش السعداء..
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم